![]() |
|
|
|
رقم الموضوع : [1] |
|
زائر
|
هل سمعت عزيزي القارئ عن الفراشة التي رفرفت في باريس العام 1789م ثم أحدثت سلسلة أعاصير على مدى القرنين التاليين، حتى يومنا هذا.
طبعا الإيحاء هنا مجازي مقتبس من نظرية الفوضى الفيزيائية، ومثال الفراشة التي ترفرف بجناحيها في المكسيك وتحدث إعصار في فلوريدا أو كاليفورنيا. لكن هنا يكون توالي وتسلسل التأثيرات الفيزيائية والمناخية بالنسبة لمثال النظرية ممتدا في الزمن وليس في المادة. ممتد في التاريخ البشري لما بعد لحظة رفرفت الفراشة، وأيضا ممتد في لحظة الحاضر الانساني بكل تفاعلاته. ونظريتي كقارئ هي أن مثال نظرية الفوضى العلمية يصلح كمثال أيضا لنظرية سياسية تفسر حركة التاريخ خلال القرنين الاخيرين مع الاخذ بالاعتبار أن الثورة الفرنسية هي نقطة الانطلاق والبداية للقرنين المعنيين. وتفسر أيضا حالة وحركة السياسة في عالم اللحظة الراهنة. بمعنى أن كل ما يحدث في العالم متصل ببعضه بتأثير تسلسلي له نقطة انطلاق محددة، تاريخيا بالثورة الفرنسية وآنيا بالقوة المهيمنة التي تملك أكبر " كمية" نفوذ في العالم. وبعكس الفوضى في النظرية العلمية التي تحدث بشكل عشوائي مبدئيا. فإن الفوضى في النظرية السياسية تعني العكس تماما، وتعني شيئا أساسيا ومركزيا هو نقطة البداية والتي تصبح بالضرورة هي المركز المحرك لكل التأثيرات والعوامل. والحقيقة هي أنني غير ملم بالجانب العلمي لنظرية الفوضى. ولا يعنيني هنا بقدر ما يعني مثال النظرية. وهو المثال الأشهر وربما الوحيد الشائع عالميا عن النظرية. ولهذا يعنيني فقط هنا أسقاط مثال النظرية ومفهومها بالطبع على حركة التاريخ للقرنين الاخيرين والسياسة العالمية حاليا. لأبرهن نظريتي بأن كل ما يحدث في العالم باستثناء الاحداث الطبيعية تحركه جهة محددة واحدة تماما كالفراشة الواحدة. والتي هي نفسها امتداد للفراشة الاصل والتي يمتد تأثيرها في التاريخ. أي أن الفراشة هنا في النظرية السياسية تكون دائما بشكلين فراشة التاريخ والتي أصبحت تاريخا، وفراشة الحاضر. وأن كل ما حدث في خلال القرنين الاخيرين وسنركز على الأحداث التاريخية الكبرى من نابوليون الى هتلر. يدخل ضمن نفس الإطار إطار التأثيرات المنطلقة من أصل واحد وجهة واحدة كما قلنا. وفي البداية سأقدم نبذة عن كل حدث تاريخي ثم تحديد صلة الربط والتأثير التي يمكن أن تكون له بما سبقه أو لحقه. وبالأساس بالطبع البداية ستكون بتقديم قراءة شاملة وتاريخية وسياسية للثورة الفرنسية، باعتبارها لحظة رفرفت الفراشة التاريخية. مع الأخذ بالاعتبار أن هذه مقدمة تعرف وتحدد نظرية المؤامرة العالمية باعتبارها حقيقة وتحدد لحظة ولادتها. كما وأن الموضوع سيكون سياسي يتناول المؤامرة تاريخيا فسيتم التطرق لجوانب متعددة أخرى علمية واجتماعية واقتصادية وفنية. وصولا إلى نظرية الفوضى العلمية، حدث ظهورها ومعناها العلمي وقراءتها بمجهر النظرية السياسية. وأشير هنا إلى أن نظرية المؤامرة لا تعني بالضرورة أن المؤامرة سلبية في ذاتها بشكل مطلق. وسأتطرق للإنجازات العلمية التي يمكن نسبها إلى الفراشة الأصل بشكل أو بأخر. وقراءة في مفهوم التنوير الحديث واتصاله بنفس الأصل. وسأحاول أن أغني الموضوع بكل ما يفيد الفكرة النظرية من أشرطة فيديو وصور وروابط. وأرحب بأي رد أو تعليق أو إضافة. وسأعود للموضوع حسب ما تسمح الظروف. وبداية أدعو القارئ لمشاهدة هذا الفيلم السينمائي الرائع عن الثورة الفرنسية بجزءيه وقراءته بعين المؤرخ الذي يقوم بتشريح التاريخ. رابط الفيلم: https://m.youtube.com/watch?v=iq_eeHO9Cng |
|
|
|
رقم الموضوع : [2] |
|
عضو عامل
![]() |
النظريّة مثيرة للاهتمام، و قد بدأت في حقل الأرصاد الجويّة، على يد عالم الأرصاد إدوارد لورنز، في أطروحة شهيرة Deterministic Non-periodic flow.
إدوارد كان يحاول صناعة برنامج حاسوبيّ يتنبّأ بالأعصاير و حالة الجوّ بنسبة 100%، و كان دائما يكتشف وجود متغيّرات على أرض الواقع لا توجد لها مقابلات رياضيّة في برامجه، و هذا لأنّ تغيّرات طفيفة جدّا في الشروط البدئيّة لحالة الطقس، تتراكم مثل تدحرج كرة الثلج، فتؤثّر على مجموع الطقس. هذه كانت بداية ظهور نظريّة الفراشة. |
|
|
|
|
|
|
رقم الموضوع : [3] | |
|
زائر
|
اقتباس:
|
|
|
|
|
رقم الموضوع : [4] |
|
زائر
|
حقيقة لا أدري ما علاقة الموضوع بالمادة والطبيعة حتى يتم نقله الى هذه الساحة. فما نظرية الفوضى هنا سوى إسقاط على موضوع سياسي وتاريخي بشكل واضح لا يحتمل أي لبس. لكنني سأتجاهل هذا وأستمر بطرحي.
_______________________________ في سياق مقدمة الموضوع أقول إنني سأثق بذكاء القارئ واطلاعه وقدرته على الاستنتاج وإتمام الافكار وترقيع التعبيرات غير الموفقة لهذا العرض السريع والعفوي. ولهذا سيكون تناولي لبعض النقاط التاريخية مختصرا دون سرد تفصيلي ودون حاجة لمصادر أو مراجع بالنسبة للأحداث التاريخية المعروفة حيثياتها. وستكون فكرتي وقراءتي لها بالنهاية مجرد وجهة نظر شخصية أقول إنها تقع في إطار الإرتياب قبل الشك. وهو ارتياب سيفرض نفسه كجزء من الموضوع ذاته باعتبار أن القراءة الشائعة والمجمع عليها لطرح نظرية المؤامرة هي الاتهام بالارتياب الذي يعتبر حالة سيكولوجية لعلم النفس فيها شروحات ومعالجات. ولعلم النفس ذاته ذات الصلة بفكرة الموضوع. كما أرى ان إضافة الزميل منشق بشرح فكرة نظرية الفوضى أساسية لمقدمة الموضوع وهو ما فاتني، وأظن أن الفكرة الآن جلية مع فارق أن كرة الثلج هنا مقولبة يدويا والعوامل المجهولة معدومة. ولهذا سأعود للنظرية فقط من حيث حيثيات ظهورها وفي الإطار "الإرتيابي" لفكرة الموضوع. وهذه إطلالة على الأحداث التاريخية أو الدول أو الشخصيات التي سأدرجها من خلال هذا المنظور. مع الإشارة الى إمكانية إغفال بعض الأحداث التاريخية المهمة لنفس السياق مع إمكانية تفرع كل عنوان الى جوانب ومجالات مختلفة. وأيضا أشير إلى محدودية اطلاعي ككل حيث لا أدعي الإلمام التام والعلمي بكل ما سأعرضه من أحداث التاريخ الحديث. أدرجها لأنها تقدم صورة شافية للفكرة ولو كانت كعنوان أو عرض مختصر. وهو ما سيكون غالبا تجنبا للإطالة. مع التذكير ان مجرد الأشارة لأي حدث في هذا السياق تعني بالضرورة الإشارة الى جانب المؤامرة فيه. ثم عرض ما قد يكون دليلا على ذلك، مادي أو معنوي. كذلك ستتناول الفكرة دولا وشخصيات كما سنرى. ثم بعد العرض التاريخي سيكون هناك عرض وقراءة لعالم اليوم واللحظة في نفس السياق. ______________ - الثورة الفرنسية- المؤامرة العالمية الأولى بريطانيا وفرنسا - الصراع واسقلال أمريكا - الماسونية والايلوميناتي - نابوليون وبداية عصر الامبراطوريات الاوروبية في اوروبا. - الحرب الأهلية الأمريكية - نيتشه - الصهيونية - الحرب العالمية الاولى - الثورة البلشفية - الحرب العالمية الثانية - اغتيال كينيدي - روسيا بعد سقوط الجدار العلاقة الامريكية الروسية الحديثة - 11 سبتمبر - البريكست ويكيليكس الرأسمالية الأمريكية والعالم اليوم العلاقة الامريكية البريطانية. الاستعمار وأمريكا - بين الخير والشر. المعنى الحقيقي للصهيونية. |
|
|
|
رقم الموضوع : [5] |
|
زائر
|
وقبل البدء في تناول عناوين النظرية أظن لابد من فكرة عامة
بداية يجب القول أن الفكرة هي وجود تنظيم سري غربي يحكم العالم من خلف الستار. وبالطبع كون هذا التنظيم سريا يجعل من الصعب تحديد شخوصه وتكوينه وعناصره الهيكلية، لكننا بافتراض وجوده سنسميه - الدولة الغربية السرية - وهي بالتحديد هنا كيان يضم عدة قوى غربية سلطوية واقتصادية ولا أقول سياسية لأن وجود مثل هذا الكيان يقتل معنى السياسة. لكن أساس هذه الدولة السرية هو أمريكا حيث هي بالضرورة القلب والواجهة. بحكم تاريخها وبحكم الواقع فهي القوة رقم واحد عالميا. ثم نأتي الى العلاقة بين هذه الدولة السرية المهيمنة والعالم وأقصد هنا الشعوب وليس السلطة، أو لنقل العالم المدني. وهنا أود الاشارة إلى نوعية من الاتصال لا تلغي سرية هذه الدولة السرية. وهذا أمر معروف وملاحظ، على سبيل المثال رموز الماسونية الممثلة في عدة نواح في امريكا المضلع الخماسي لمبنى البنتاغون الذي يرمز للنجمة الخماسية أحد رموز الماسونية وهرم الدولار وغيره. وسنعتبر وجود هذه الرموز هو شكل من أشكال " الاتصال" الذي تقوم به هذه الدولة السرية مع العالم المدني وحتى غير المدني بشكل واع تماما (وأدرج نظرية الفوضى نفسها في نفس السياق). وأشير الى هذه النقطة لأؤكد أن فكرة المؤامرة كفكر ارتيابي يجب أن تنتفي بوجود هذا الشكل من الاعلان. وهو مؤخرا يتم بشكل فاضح. يتحدى كل المعايير الاخلاقية والمنطقية. وبالمناسبة سأقوم بفتح موضوع في ساحة الفكر والفلسفة فرع علم النفس بعنوان ( سيكولوجية المهيمن البشري - التنظيم السري الأعلى) بناء على انه ما دامت للشعوب والمجتمعات سيكولوجية جمعية فبالتأكيد ستكون للتنظيمات الراسخة من هذه النوعية أيضا سيكولوجية جمعية، وبرأيي هذا شديد الوضوح في هذه الدولة السرية ويعكس ردود الفعل التي أظنها واعية لحالة السرية التي تميزها. وسأحاول في هذا الموضوع المستقبلي تشريح سيكولوجية هذا التنظيم، كيف يرى نفسه ويفكر وماذا يريد وما المحفزات التي تحركه نفسيا.. ثم أخيرا يكون علينا الاستنتاج بافتراض صحة النظرية أن كل ما في العالم من أحداث وشخصيات مزيف وغير حقيقي بالنسبة لما حدث تاريخيا في القرنين الاخيرين. وما يحدث آنيا وفي كل المجالات. وأدعو القارئ لمتابعة هذا الحوار -على سبيل الاستئناس-حول كيف تركزت الثروة في يد مجموعة محددة من الأفراد والقوى. وأصل أي نفوذ بالطبع هو الثروة. ودون حاجة مني لتقديم نبذة عن مراحل هذه التطورات من اكتشاف أمريكا الى الاسواق المفتوحة استعماريا ورسملة الاقتصادات الاوروبيةوغيرها من التطورات التي أدت بالنهاية الى تركز الثروة العالمية في اوروبا وامريكا. وأشير هنا الى عائلة روتشيلد بحسب التاريخ ولكن ليس الى يهودية الاسرة، رغم محوريتها لفكرة الموضوع الكلية. لكن سأتناولها في تعريف ومحاولة فهم حقيقة الصهيونية والثروة اليهودية. مع التأكيد أن السياق هنا لا يقبل ولا يحتمل فكرة هيمنة عائلة أو شخص وهذه قاعدة أساسية لفكر هذا التنظيم/الدولة السرية وما العائلة هنا سوى واجهة تمويهية من حيث القول أن الثروة فقط أسرية وهي ليست كذلك في حقيقتها العميقة. وبقراءة سريعة تتضح علاقات ال روتشيلد بمراحل مهمة من التاريخ الاوروبي الغربي. على ان لا يعني هذا أيضا أنها العائلة والواجهة الوحيدة في الاطار. رابط الحوار:https://m.youtube.com/watch?list=PL-...&v=yP5Ayh2rnqg |
|
|
|
رقم الموضوع : [6] |
|
زائر
|
الثورة الفرنسية
حفلة احتلال الباستيل وشرارة الثورة الباريسية لا يخفى على أحد أهمية ومكانة الثورة الفرنسية في التاريخ الانساني الحديث. تلك الثورة التي غيرت وجه أوروبا والعالم من عدة نواح. وكانت كما ينسب لها شرارة للتغيير وإبادة الإقطاع وسيادة مفاهيم حقوق الانسان والعدالة السياسية والاجتماعية والاقتصادية في مختلف بقاع العالم ومنه أوروبا. ولكونها حدثا تاريخيا تمثل بحركة سياسية وشعبية سعت لتغيير واقع فرنسا حينها، فسيكون من الصعب أو المستحيل إثبات نظرية المؤامرة في حدوثها. لأن أطرافها الفاعلة كانت متعددة ومتنوعة، وعموما تبقى المؤامرة بحكم طبيعتها دائما مجرد نظرية. ولهذا سيكون طرحي هنا عبارة عن استفسارات وتحديد لأحداث معينة تدخل ضمن تفاصيل وجزئيات الحدث الكلي. وخصوصية هذه الاحداث في كونها مثيرة للشك أو غير واضحة الأسباب والدوافع أو لوجود عوامل مجهولة فيها. وبداية أعتقد أنه لابد من الإشارة الى حدث تاريخي مهم سبق الثورة الفرنسية بسنوات قليلة وهو الثورة الامريكية وإعلان الاستقلال 1776م. وهو برأيي أكثر أهمية من الثورة الفرنسية بحكم الأسبقية والمبادئ التي قامت عليها هذه الثورة. وسيبقى دائما ويجب طرح السؤال حول هل كانت لتحدث الثورة الفرنسية دون حدوث الثورة الأمريكية وإعلان الاستقلال الامريكي عن انجلترا.؟ وهنا أظن تجب قراءة التاريخ الفرنسي لفترة ماقبل الثورة الأمريكية، والبحث عن إرهاصات الثورة التي ستحدث، وجودها من عدمه. والحال أن ما يوجد منها لا يتجاوز صفحات مؤلفات مفكرين فرنسيين كبار من أمثال فولتير وروسو وغيرهما صاغوا ثورتهم بشكل أفكار تنويرية تحررية في مجتمع تتفشى فيه الأمية على الأقل بالنسبة للقطاع العريض من الشعب. وغير ذلك لم يكن في المجتمع الفرنسي بجميع فئاته ما يشير الى الانقلاب على بنية وشكل نظام الحكم الملكي. ولهذا بغير المقارنة والبناء على حدث الثورة الأمريكية ستكون الثورة الفرنسية أشبه بحدث ولد من العدم. ومن جهة أخرى وبمراجعة بسيطة سنرى أن الثورة الحقيقية في فرنسا لم تكن أكثر من فوضى غوغائية كاسحة - الفيلم الثورة الفرنسية يعبر بشكل بليغ عن هذا الجانب- وفي حالة الغوغاء فإن المؤامرة السياسية تكتسب الزخم والاداة الطيعة والفاعلة بشكل تام. وعليه فإن أهم أحداث الثورة الفرنسية على الاطلاق وهو احتلال حصن الحصن السجن الباستيل 14 يوليو 1789م. قامت به جموع من الغوغاء دون أي صلة بالجمعية الوطنية وروادها، ودون أي قيادة ميدانية تحدد الأهداف، والباستيل كهدف. وعلى ما يبدو أن كل ما جعل الحصن كذلك هو "أشاعات" تتحدث عن أن الباستيل هو رمز القمع للنظام الفرنسي الملكي، وعن جرائم تعذيب وقتل لمعارضين ثوريين. وهذا ما سيثبت أنه غير حقيقي بتاتا. وأن السجن لم يكن به سوى ستة أو سبعة أشخاص بشكل أكيد ولا علاقة لهم بالسياسة أو الثورة. طبعا لا يمكن تحديد من قام بتوجيه الجموع نحو الباستيل ولا من أطلق إشاعات التعذيب والقتل - مع الانتباه الى عامل الاشاعة كجزء مفصلي مفترض من أي نظرية مؤامرة، وستتكرر كثيرا في هذا الطرح وفي عدة أحداث تاريخية وكانت واضحة جدا في حالة الملكة ماري أنطوانيت. وربما يحتاج عامل الإشاعة الى فصل خاص به- ولكن حتى بافتراض وجود طرف محرك خفي من المستحيل إثبات وجوده سيكون من السهل القول بأن الأطراف المعروفة التي حركت الثورة هي نفسا قادرة على استغلال الاشاعة وجموع الغوغاء. ولكن سيبقى لنا ولو ان نسمي الأشياء بمسمياتها، فنشير الى هذه الجوانب قبل أن نختزل الثورة فقط في الحراك الفكري ثم السياسي المعلن وهو المنهج الذي يتبعه كل المؤرخين. وكما نرى فإن الثورة بدأت بحدث أقرب الى العشوائي ولكنه كان حاسما فيها وهو احتلال الباستيل الذي يعتبر كإسقاط لجزء مادي من الدولة دون أي تخطيط او إرادة من قادة الجمعية الوطنية ومثقفي الحراك الشعبي. قبل الانتقال لإسقاط الجزء المعنوي من الدولة وهو الملك والأسرة الملكية. في انقلاب كلي على مفاهيم حركة الجمعية الوطنية التي لم تكن تسعى لاسقاط الملكية. وانقلاب كلي ومفاجئ على شرعية الملك. قام أساسا على إشاعات طالت العائلة الملكية وكانت أقرب الى الحكايات الفكاهية التي تدل على براعة مؤلفها، وطالت غالبا شخص ماري أنطوانيت ومعروفة قصة البسكويت او الكعك الذي قالت للفرنسيين أن يعوضوا به الخبز المفقود. وهنا برأيي لا يجب الاستهانة بهذا العامل الذي استخدم الملكة كمطية للنيل من الملك لويس 16. على اعتبار ان العامل الحاسم في الثورة احتلال الباستيل قامت به الحشود وهي أكثر طرف تأثر بتلك الاشاعات التي طالت الملكة. فتكون بهذا الاشاعة هي القائد والمحرك الحقيقي للثورة الفرنسية. إضافة لذلك الحشود نفسها هي ما صنع الارتداد على الملكية، فهي من أطلق شرارة المواجهة المباشرة مع الملك. وتمثل ذلك في محاصرة القصور الملكية بالحشود المسلحة بالسواطير والسكاكين والحراب، ثم احتلال القصور الملكية وإهانة الملك والتعريض به - حادثة قبعة المهرج الشهيرة التي أرغمت فيها حشود الغوغاء الملك على ارتداء قبعة أحد الافراد من الحشود كدليل على وطنيته. وهي الحادثة التي عبر عنها نابليون في بعد بالاشمئزاز من فعل الغوغاء- وكان هذا العامل أساسيا في إسقاط الملكية وقيمتها المعنوية الرمزية للدولة والمجتمع الفرنسي. وهنا من الغريب تصور الملك لويس ملك فرنسا الامبراطورية دون حرس لحمايته في تلك الفترة شديدة الحساسية وهو أمر يثير كم هائل من الشك والريبة. وهنا بالطبع أشير الى جانب تآمري هو أيضا غير قابل للاثبات لكنه على كل حال يعني أن افتراض وجود المؤامرة من هذا الجانب سيعني أن طيف هذه المؤامرة شاسع جدا وممتد على كافة مستويات وفئات الدولة والمجتمع، وهذه أساسا أحد أسس هذه النظرية. وبهذه القراءة السطحية جدا والمختزلة ولكنها نظرة من فوق، سنرى أن محرك الثورة بالشكل الذي انتهت به لم يكن من ضمن الحراك الثوري الرسمي في فرنسا أبدا. وأن الثورة كانت أشبه في الشكل بالصدفة أو الناتج العشوائي. وهما عاملان يسمحان لأي طرف خفي أن يتخفا خلفهما ويقنع بانتفاء وجوده. بعد هذا يمكن الانتقال الى جانب أخر يتعلق بأحداث محددة تبدو خارج سياق الثورة لكنها حقيقة تكون ضمنه وفي القلب منه. وتشير الى جوانب ظلت مبهمة في تاريخ الثورة. وهنا أشير الى ظاهرة وحدث. الظاهرة هي ظهور الأندية الفكرية والسياسية مثل نادي اليعاقبة، والحدث هو اغتيال جون بول مارا رئيس نفس النادي وأحد الفاعلين الرئيسيين في الثورة وما تلاها. بالنسبة لي لاشئ يدل على "المؤامرة العظمى" أكثر من هذه الأندية والتي تكون بطبيعتها تآمرية ليس في ذاتها وحسب بل من حيث فكرة وجودها وتشكيلها كجمع مخطط ومحدد لأهداف معينة تستدعي العمل جماعة لبلوغها بغض النظر عن خيرية وشر هذه الاهداف- وهنا يجب القول إنها فكرة مركزية في قيام وظهور هذه "الجهة الأعلى" في حكم وإدارة العالم لقيامها كتنظيم وناد سري وهذا سيكون في سياق الحديث عن الناد الماسوني ومنظمة الايلوميناتي-. كذلك يجب الاشارة هنا إلى الإمكانيات التي يتيحها تكوين هذه التنظيمات من القدرة على توجيه منظومة عملها باتجاه محدد تحدده جهة ما. بناء على مبدأ الديموقراطية والانتخاب - وهذا واضح اليوم في كل جمعيات وبرلمانات دول العالم حيث هي بامتياز أوكار للفساد قائمة على التحزب السري لكتل ولوبيات متنوعة ومتاحة للابتزاز والاغراء. وهذه الديموقراطية هي أنجح طرق "الشيطان" في تملك عالم الانسان-. ولن يكون صدفة أن الارهاصات الاولى للثورة ظهرت في الجمعية الوطنية الفرنسية المنتخبة بعد حوالي قرنين من الجمعيات الوطنية المعينة من طرف الملك آخر جمعية وطنية كانت منتخبة قبلها كانت العام 1614م. وبالمناسبة هي الجمعية التي انتخبت بناء على الانتخابات التي دعى اليها الملك لويس 16 نفسه. ولابد أن نتساءل عمن أشار على الملك بالدعوة لانتخاب الجمعية الوطنية التي ستطلق شرارة إسقاط نظام حكمه.وعلى حد وصف دائرة المعارف البريطانية فإنّ "الجمعية التشريعية فشلت تمامًا، وتركت ورائها خزينة فارغة، وجيش وبحرية غير منضبطان، والناس في حالة من الخلاعة والشغب". من جهة أخرى يبقى الحدث، ودون الدخول في تفاصيل فكر وسياسة جون بول مارا ونادي اليعاقبة. يكفي هنا الاشارة الى حادث الاغتيال، أولا باعتباره الاغتيال السياسي الوحيد الذي حدث إبان الثورة، وهذا يجب أن يكون ملفتا للنظر. ويسلط الضوء على شخص جون بول مارا، ليس كراديكالي دموي لانه لم يكن الوحيد إلا في تعرضه للاغتيال. بل كاستثناء في كل خضم الثورة الفرنسية. وبالطبع مفتاح الاغتيال كان تاريخيا يفسر بملاك الاغتيال باعتبار أنه عمل فردي لشارلوت كورديه ذات 24 سنة. رغم أن نادي اليعاقبة وكتلتهم السياسية تحدثوا عن المؤامرة وأطراف أخرى غير القاتلة. وثانيا وهو الأهم باعتبار أن عمل الاغتيال ذاته بطبيعته بشكل عام يكون تعبيرا عن مؤامرة تخرج الى الواقع المعلن. وفي نفس السياق يمكن قراءة أحداث أخرى كتحول الملك كما سبق بين ليلة وضحاها من أقوى شخص في فرنسا الى ملك بدون جيش وحرس. أو الاجراء الذي قام به وزير المالية نيكير وهو غير فرنسي وهذا أيضا ملفت، بالسماح بنشر وثائق مالية تدين الدولة والملك وتستفز جموع المواطنين بما تعرضه من فساد وتبذير مالي. وهنا بالنسبة لي وتعليقا على الفيلم الثورة الفرنسية الذي أدرجته ضمن الموضوع والذي لا أعرف إن كان من إنتاج فرنسي أم لا وهذه إشارة مهمة. وهنا أبدي إعحابي بدقة تناول الفيلم للاحداث تاريخيا وفنيا. لفت انتباهي في الدقيقة 2:24 من الجزء الأول، مشهد تطرق الى حدث ظهور النشيد. والمعروف أن النشيد من كتابة وتلحين كلود روحي جوزيف دي ليزلي، لكن مشهد الفيلم هذا يظهر أن النشيد ظهر "صدفة" حيث الطفل الذي اعترض موكب الجنود وأسمعه لهم قال إنه سمعه وتعلمه من نجار بلجيكي. وحقيقة يصعب التعليق على اختيار مخرج وكاتب الفيلم لهذه "النظرية" عن النشيد الوليد للثورة الفرنسية. وهنا لابد لي من الاشارة الى فكرة الاتصال التي تطبع أسلوب ما أسميه التنظيم السري الاعلى، لأقول إن مثل هذه الأفلام والمشاهد تكون حزءا من منظومة الاتصال او الاعلان التي ينتهجها هذا التنظيم. وهذا ما لن نجده مثلا في الثورة البلشفية بعدها بأكثر من قرن إذ كانت الثورة ذات قيادة واضحة ومعلنة -جاءت من الغرب- وكانت محرك الاحداث بشكل مباشر أيديولوجي وميداني حتى اسقاط الملكية القيصرية. وبالطبع كانت الثورة الفرنسية هي حدث الافتتاح لاسقاط الملكيات الاوربية القوية والفاعلة في أوروبا. وأعتقد بعيدا عن نظرية المؤامرة التي تبقى مجرد نظرية. يجب أن يثير هذا التعبير الذي تناوله وشخصه الفيلم المذكور عن ظهور نشيد الثورة عميق الشك والارتياب. وهو بالنسبة لي وبتحليلي واضح وضوح من يلوح بيديه ويصرخ قائلا أنا هنا. وسيكون هناك فصل يتناول هذا الجانب من نظرية المؤامرة يتعلق باستخدام الفن والسينما وهوليوود تحديدا كجسر تعبير ضمني لهذه المنظومة السرية. أخيرا سيبقى ربما واجب تناول الطابع الإلحادي الغوغائي في سياق النظرية والذي ساد الثورة والجموع و تمثل بحرب معلنة ووحشية ضد الدين ورجاله وكذلك عصر الارهاب بدمويته ووحشيته التي فاقت كل تصورات الشر. وهذا جانب برأيي يتناول من منظور قراءة الفكر العقدي الحقيقي لهذا التنظيم السري المفترض طبعا وهو جانب معقد سيكون الحديث عنه في سياق قراءة حركة الماسونية والايلوميناتي. لكن قبله لا يبقى سوى أن نطرح سؤال يقول ما هو سبب الثورة الفرنسية؟ أو لنقل ما هو السبب الحقيقي للثورة الفرنسية؟ وهذا في سياق النظرية والتاريخ سيأخذنا الى الثورة الامريكية واعلان الاستقلال الامريكي وهو موضوع العنوان القادم عن الصراع الفرنسي الانجليزي واستقلال امريكا. على أن هذا لا يعني أبدا اشارة مباشرة لسبب الثورة الحقيقي أو الفاعل السري المفترض. بل فقط إشارة لعوامل تاريخية لا يمكن فصلها عن الثورة. للوصول أخيرا الى الفاعل الأول والرئيسي والمحرك. وأخيرا بالنسبة لهذا الفصل الذي تناول الثورة الفرنسية سيكون من الصعب طرح خلاصة واستنتاج قائمين على نظرية وافتراض بشكل مباشر لكن بهذه القراءة اقول ان الثورة الفرنسية كما تبدو لم تكن أبدا نتيجة صيرورة تاريخية طبيعية بمعنى "عفوية التاريخ" بقدر ما تبدو قفزة من العدم الى الواقع. وهذا لا يحدث بشكل طبيعي وعشوائي بحكم عوامل اجتماعية واقتصادية وسياسية تاريخية، بل يدل على فاعل منظم ومتمكن ومؤثر. رابط مشهد لامارسييز في فيلم الثورة الفرنسية: https://m.youtube.com/watch?v=H9UIIlutkxg |
|
|
|
رقم الموضوع : [7] |
|
زائر
|
تجدر الاشارة بخصوص نشيد الثورة الى مدى أهميته في صناعة نصر الثورة الفرنسية ونجاحها في الداخل وفي الجبهات العسكرية التي تحققت فيها انتصارات مدورية وحاسمة للثورة ونظام حكمها على مناهضيها من دول وملكيات الجوار. وواضح كيف أن النشيد كتب بلغة حماسية وقدم بلحن مؤثر للغاية وكان عملا متقنا وفي الزمن المناسب. وهنا تعود لتبرز أهمية شكل ومضمون الإشارة التي تمت لنشيد الثورة في الفيلم السينمائي- وهذا "فن" سنرى أنه سيتكرر في أحداث تاريخية درامية أخرى على مدى القرنين التاليين. ويمكن تسميته بفن صناعة الدراما التاريخية بأدوات بسيطة لكنها مدروسة ومتقنة وشديدة الفعالية.
|
|
|
|
رقم الموضوع : [8] |
|
زائر
|
تتمة للمداخلة الأخيرة..
تتمثل برأيي ذروة استخدام هذا "الفن" في الحرب الأكثر درامية في التاريخ وهي الحرب العالمية 2. لنرى أن هتلر والنازية يبدوان كلوحة مبهرجة بالألوان رسمها رسام، من ألوان العلم النازي -العلم كان من تصميم هتلر وهو أصلا رسام - إلى الزي العسكري النازي وشبية هتلر والذي قام بتصميمه المصمم الألماني ومالك العلامة التجارية للملابس boss. وحسب نفس القراءة فكلا الجزئيتين تنمان عن تصميم مسبق وهندسة تمت من خارج إطار الحدث والفاعلين الميدانيين. ودائما في إطار غاية في البساطة هو الاشارة الى اختيار سرد قصة النشيد بالشكل المجسد في المشهد المذكور. وهو بحسب زاوية القراءة هذه غير عفوي بتاتا. ______________________________ بالنسبة لعنوان الصراع الفرنسي الانجليزي كأصل ومحرك لحدوث الثورة الفرنسية، وهذا أمر لا يمكن إنكاره حتى خارج سياق نظرية المؤامرة. فلا حاجة لسرد تفصيلي لأحداث يمكن للجميع الاطلاع عليها واستعراضها. بقدر الحاجة فقط للإشارة الى أن هذا الصراع الذي تضمن أطول حرب في التاريخ -حرب المائة عام- كان الأساس والمحرك لقيام الثورة الفرنسية. وشخصيا بقيت لسنوات أقرأ الثورة الفرنسية "ببساطة" على أنها انتقام* بريطانيا من فرنسا ومن الملكية الفرنسية على دعم الثورة الأمريكية وإعلان الاستقلال الأمريكي عن بريطانيا والملكية الأنجليزية. وأعتقد أنه من الصعب حتى بافتراض النظر من خارج زاوية المؤامرة قراءة حدث الثورة الفرنسية بعيدا عن هذا العامل. ومبدأ الأنتقام هذا بين الدول حقيقة تاريخية لاتزال مؤكدة ومعلنة حتى يومنا هذا خاصة من طرف أمريكا. لكن في الحقيقة كانت وستكون هذه قراءة مبتورة. على الاقل بحسب سياق نظرية المؤامرة في هذا الطرح. حيث بالضرورة* ستكون الثورة نفسها مجرد جزئية من حدث أكبر وأشمل. وهو الذي يتمثل بالطبع في وجود تنظيم سري غربي قام بشكل مسبق بتخطيط وتصميم هذه الأحداث التاريخية وتنفيذها على أرض الواقع باتجاه أهداف محددة وغاية كلية،*وصولا الى عالم اليوم وهذه اللحظة. وهذا هو قلب قلب الموضوع والنظرية. والذي حقيقة دون الانطلاق منه كأساس معرف لقراءة ما تلاه وتحرك به من تاريخ، ستكون قراءة عمياء أو مجرد استعراض انشائي وطفولي للتاريخ. وستكون قراءة مبتورة من أنه حيث يمكن القول إن بريطانيا نفسها واقعة ضمن نفس السياق وخاضعة لهذه المؤامرة. قبل افتراض أنها كدولة في إطار الصراع مع فرنسا هي محرك الثورة الفرنسية. باعتبار أن حدث الثورة الفرنسية -بافتراض المؤامرة- آتى من خارج سياق الصراع بين الدولتين وسابق على الحدث وأبعد من غاية من غاية الصراع نفسه. باختصار هو حدث ضمن إطار مصمم ومسبق شمل الثورة الامريكية وإعلان الاستقلال وحتى الحراك الثوري البريطاني في داخل بريطانيا ما قبل الحدثين الأخيرين. - وبالطبع يمكن قراءة الثورة الفرنسية في السياق التاريخي العلمي والغوص في التحليل والقراءة والربط وصولا الى ما قبل الثورة الأمريكية الى الثورة المجيدة في بريطانيا او حتى ما قبل. وهذه ستكون قراءة هامة بالضرورة. ولكن لأن السياق هنا ينطلق من نظرية المؤامرة فهو بالتالي "غير علمي" ويكفي فقط تناول ما هو واجب للوصول الى لحظة ولادة هذا التنظيم السري الغربي مطلق الهيمنة-. وهنا مربط الفرس، والحجر الأساس لعالم اليوم كما نراه. من هو هذا التنظيم؟ وكيف تشكل؟ وماذا يريد؟ وهذا هو العنوان التالي، الذي يتناول حركة الماسونية والتنويريين أو الإيلوميناتي. وبالطبع المراد هنا قبل تناول العنوان هو إشارة واضحة الى أن هاتين الحركتين هما اساس ومنبع ومحور هذا التنظيم السري. ولكن وحين نتحدث عن المؤامرة، والتي بطبيعتها كعمل سري ينطوي على تزوير وتظليل وجريمة. له عدة أشكال وتمظهرات في الواقع. وهنا لابد من الإشارة إلى ما يمثل خصوصية في نظرية هذه المؤامرة بكونها بحق الأعلى مستوى ونظامية وخصوصية وإبداعية. ويمكن تسميتها "المتفردة". ولكن عموما وجود هذه المؤامرة الفائقة لا يعني بالضرورة أن كل الأطراف الفاعلة فيها تكون على اطلاع وبينة بالاهداف المركزية للنواة المركزية الفاعلة - وهنا توجد خصوصية عميقة جدا في هذا الفكر والتنظيم وهي أنه لا وجود ل "نحن" إلا في إطار ضيق الى أبعد حد وكل من يتصور أنه ضمن تلك ال "نحن" خاصة خارج الغرب يكون واهما ومجرد أداة، وهذا جانب يتعلق بالاطار العقدي و حتى السيكولوجي للتنظيم-.. والتي بالضرورة والطبيعة تكون محدودة في عدد أفرادها. فيما الامر بالنسبة لباقي الطيف لا يتعدى تأدية أدوار محددة دون معرفة بالخطوط العريضة، أو استخدام أطراف دون دراية منها. في إطار استغلال كل الطاقات والامكانات المتاحة على مسرح الاحداث. وكل هذا بالطبع يتأتى فقط من الهيمنة الكلية -والأصل كان وانطلق بالنفوذ المالي الفاائق-. مركز الحكم الأعلى والتكنولوجيا اليوم تضيف لتلك الهيمنة قوى بمسافات فلكية. ورغم أن هذه الورقة لم تزل في بدايتها، مجرد تحديد لنقاط معينة وأحداث بعينها للإشارة إلى فكرة النظرية قبل التدليل والبرهنة عليها. إلا أنه بتقدم القراءة ستكون هناك أدلة مادية ملموسة وواضحة يمكنها البرهنة على حقيقية النظرية. الأهم من ذلك هو أنه ستكون هناك إشارات لأحداث معينة من التاريخ في سياق لا يخطر على بال مطلقا. وتحليل وقراءة وأفكار ستكون صادمة بحجم كوارث العصور الجيولوجية - وهذه ليست إضافة تشويقية على طريقة الروايات الأدبية بقدر ما هي إشارة الى أننا هنا بصدد فكر وتنظيم متفرد بكل ما تحمله الكلمة من معنى- وطبعا دائما في سياق نظرية وجود تنظيم سري تاريخي راسخ غربي يحكم العالم حرفيا. وتجب الاشارة هنا* ولو بعجالة قبل الشروع في قراءة كواليس ظهور هذا التنظيم إلى أنه مادام غربيا فهو يعتبر أن العالم من صنعه " هو " العالم بكل إمكانياته التكنولوجية والاقتصادية. ولهذا يملك الإحساس بأنه ملك" له " فيما يشبه تقمص دور "الإلاه". وهذا جانب سيتم تناوله تفصيلا في تحليل وقراءة سيكولوجية هذا التنظيم " الدولة الغربية السرية". |
|
|
|
رقم الموضوع : [9] |
|
زائر
|
نقطة إضافية مهمة فاتني الإشارة لها وهي أن الظاهر من التاريخ يبين أن كلا الملكيتين الفرنسية والانجليزية كان رافضا للتدخل بهدف القضاء على الآخر بطبيعة النظامين. فقد رفض لويس 16 بداية دعم الثورة الأمريكية باعتبار أنها ثورة ضد الملكية في بريطانيا قبل يقنعه مستشاروه بتقديم هذا الدعم. كما كانت المعارضة البريطانية للثورة الفرنسية معلنة بشكل رسمي. ولكن مع ذلك سارت الأحداث بعكس إرادة كلا الملكيتين، قامت فرنسا الملكية بدعم ثورة ضد ملك بريطانيا. وفشلت الملكية البريطانية في معارضة وإسقاط الثورة ضد الملكية الفرنسية.
|
|
|
|
رقم الموضوع : [10] |
|
زائر
|
2- الماسونية والإيلوميناتي
بداية يمكن لمن يشاء أن يطلع على تاريخ حركة الماسونية، ان يجد هذا التاريخ مكتوبا وموثقا ومتوفرا. ما بين التاريخ الرسمي للحركة وكذا التاريخ السري، أو بالأحرى ما ينسب للحركة على أنه نظام ونشاط سري. وهذا ليس خافيا على أحد. ومن أشهر هذه القراءات المعتمدة على زاوية نظرية المؤامرة، تلك الرموز الماسونية التي تشتهر بها أمريكا. من المضلع الخماسي لمبنى البنتاغون الى رمز العين والهرم على الدولار الأمريكي. لكن الأمر يختلف مع حركة الإيلوميناتي أو "التنويريين". لأنها عكس الماسونية المعلنة كمنظمة عالمية، هي حركة سرية تماما ولا وجود رسمي ومعلن لها على أرض الواقع. ومن خلال قراءة في ما هو متوفر عن هذه الحركة السرية، يمكن القول أنها كانت توأم الماسونية، بالنسبة لزمن التكوين والظهور. والحقيقة هي أن كلا الحركتين هما وجهان لعملة واحدة. بل الأصح هو ان حركة الماسونية هي الوجه الرسمي واللطيف المعلن للوجه السري لحركة التنويريين. فحيث أن هناك تزامن تقريبا في وقت ظهور الحركتبين، هناك أيضا نشاط متبادل ومتداخل جمع كلا الحركتين. ولابد من وقفة لقراءة كل حركة على حدى لتمييز الخصوصيات وأوجه التشابه والإلتقاء. فبالنسبة لحركة الماسونية أو البنائين الأحرار، فقد كانت البداية في القرن 17 بأكثر من قرن قبل الثورة الفرنسية. وصولا الى ما يشبه الاعلان الرسمي العام 1717م عقودا معدودو قبل الثورة الفرنسية. دون الحديث عن التاريخ القديم الذي يبقى مجرد أقوال ظنية تعود بالحرمة الى ما قبل الميلاد والى هيكل سليمان. لكن حقيقة رغم كل الهالة التي تضفى على هذه الحركة، فهي كما يقول تاريخها لم تكن أكثر من تجمع نخبوي برجوازي ثقافي أقرب إلى جمعية مدنية ثقافية. أو ناد ريفي ضم إليه نخبا فكرية وعلمية واقتصادية أوروبية. هذا النادي كما أعلن عن نفسه، كان غايته هي تكوين نواة فكرية وثقافية تسعى الى نشر العلوم والثقافة في أوساط المجتمع. ولكن وهذه نقطة هامة كان هذا في إطار ما كان ولا يزال يشاع* من نوع من طقوس خاصة وسرية كما قيل متصلة بروحانيات ماورائية. وهو ما يفرض تناول وقراءة الحركة هذه أيضا من زاوية عقائدية. -وهذا على عكس الوجه الآخر وهو التنويريين حيث لا وجود لهذا الجانب الماورائي، أو أنه سري بشكل تام- ومعروف فكر هذه الحركة وهو حقيقة مبهم وغامض، ينحصر في فكرة وواجهة "الكائن الأسمى" دون تحديد لهذا الكائن. وهذا موضوع عقائدي بحت بغض النظر عن نوعية هذه العقيدة، والتي فتحت شهية الكثير للتأويل. ما بين عبادة الله أو عبادة الشيطان أو أي كائن كان. وهناك قراءات وتأويلات غاية في الغرابة والسخف طالت تعريف المعتقد المفترض لهذه الحركة. وأي قراءة بسيطة ستظهر أن كل تلك الأفكار عن الكائن الأسمى ونظريات العبادات والطقوس الشاذة ليست أكثر من مظاهر مسرحية أمام حقيقة المصالح الإقتصادية والسياسية. ولكن هنا في هذه القراءة سأدع هذا الجانب لأنه لا يهمني في هذه القراءة تحديدا. حيث الهدف هو قراءة فقط في تاريخ الحركة وصولا الى مكانها اليوم ومدى قيمتها وأهميتها، بالنسبة لعالم اليوم بافتراض منتشر يقول أن الحركة هي أصل وقاعدة المؤامرة. https://ar.m.wikipedia.org/wiki/%D9%...86%D9%8A%D8%A9 وتاريخ هذه الحركة يبين أنها لم تكن دائما بهذه الهالة التي تسبغ عليها. حيث أنه خارج الإطار الثقافي والعلمي التنويري، كان عامل الجذب للأعضاء منذ البدايات هو الجانب الماورائي وتحديدا ما سمي بالطقوس السرية. وأن أغلب المنضمين فعلوا ذلك فقط لاطلاع على هذه الطقوس، وأن العديد من الأفراد كانوا يعلنون انضمامهم للحركة وبعد إقامة وحضور الطقوس لا يعودون أبدا. أي أن الحركة لم تكن في بدايتها كما هو واضح بجلاء سوى موضة برجوازية منتشرة في الأوساط البرجوازية الاوروبية الفكرية. في إطار ناد ريفي نخبوي أقرب الى الترفيهي. وهذا بالطبع شكل بعيد جدا عن حركة توصف بأنها أصل المؤامرة وحكم العالم من خلالها.. وهنا تظهر مفارقة صارخة، لا تتلاشى إلا بربط الماسونية بتنظيم التنويريين وهو ما ستراه فيما تلا. نقطة أخرى هامة من زاوية النظر هذه، في سياق تاريخ حركة الماسونية وهي انتقال الحركة الى بريطانيا. والذي مثل برأي المؤرخين نقلة نوعية في تاريخ ومسيرة الحركة. وهي مهمة جدا لزاوية النظر هذه لأن بريطانيا ستكون أحد أهم العناوين لهذه القراءة بالموازاة بالطبع مع أمريكا. ومن خلال أغلبية القراءات المتوفرة عن الحركة المحفلية، يمكن القول إن الامر كما كان في بداية الحركة مجرد فضول لما يغلف الحركة وطقوسها السرية تحديدا من غرائبية ماورائية. وأن كل الإضافات المعلنة والسرية الحقيقية والمفترضة، لا تنبئ سوى عن حركة كوميدية أقرب الى المزحة واللعب منها الى الفكر . وأن بهرجة مبادئ التنوير ونشر الثقافة العلمية ضد الثقافة الرجعية بهذه البهارات من الرموز وما يلي من تأويل عقائدي لها، هو مجرد ضحك على الذقون. وتلاعب بالحقائق اقرب الى فنون السحر المسرحي. ومثلما أن هناك كتابات للعديد من الباحثين والمفكرين تتناول الجانب السياسي والإقتصادي للحركة الماسونية كأساس لوجودها وتشكيلها. إلا أن زاوية النظر هذه حيث يرتبط تاريخ الماسونية بتاريخ المتنورين، تفرض أعتبار الحركة الماسونية في حقيقتها خلف الكواليس كمجرد عرض مسرحي ثقافي غرائبي لا يمتلك أي صلة أو تأثير في مفاصل حكم العالم. وأن النتظيم السري المعني بهذا الجانب موجود في جهة أخرى - بالطبع هناك كتابات تتناول منظمات سرية مفترضة عديدة، لكن هذه القراءة يمكن اعتبار حركتي الموضوع هما الأساس الظاهر والعلم في المشهد - وإن حدث من خلال عضو منتسب فيكون مجرد تقاطع في حركية المصالح. وهذه نقطة لا يمكن افتراضها إلا بقراءة تاريخ كلا الحركتين الماسونية والتنويريين بشكل متواز. وهو بالمناسبة تاريخ بالفعل كان متوازيا على أرض الواقع، باعتبار ان نشأة كلا الحركتين كانت تقريبا متزامنة مابين بداية وأواسط القرن 18. هذا التنظيم السري الذي بالفعل يتحكم بمفاصل العالم هو تنظيم الإيلوميناتي، وهو تنظيم كما نرى سري بالمطلق عكس الماسونية المعلنة. وهو الوجه الآخر والحقيقي للماسونية التي يمكن القول أنها ليست أكثر من قناع وتمويه وتظليل لهذا التنظيم السري. وتبين ضعفها وخواؤها حين تمكن المتنورون من ابتلاعها كلية. وكل الكتابات التي تناولت تاريخ الحركتين تشير إلى أن تنظيم المتنورين استولى كلية على الحركة الماسونية بانظمام أعضائه الى حركة الماسونية وأنه بنهاية القرن 18 كانت الحركة الماسونية وهياكلها قد اختفت على الحقيقة. وأن الأعضاء القياديين للماسونية العالمية كانوا متنورين. بمعنى أن تنظيم المتنورين قد اندمج كلية في حركة الماسونية بشكل سري مع إبقاء ظاهر الحركة على ما هو عليه من حيث الشكل. وهنا تصبح الماسونية كحركة ليست أكثر من واجهة صورية للتنظيم السري. "كان وايسهاوبت في البداية يعتبر*الماسونية*مجرد نادي يمارس فيه القليل من*الطقوس*الفكرية. بالإضافة إلى ذلك، أن الأعضاء في كثير من الأحيان لم يكن بينهم أشخاص سياسيين وكانت بعيدة عن السياسة. بدأ وايسهاوبت في نهاية المطاف بتغيير آرائه بعد اقتناعه باقتراحات "فرانز زواك" الذي بدوره اقترح تحالف منظمة المتنورين والماسونية.وقد اقنع فرانز وايسهاوبت بأن المحافل الماسونية تعتبر مكانًا جيدًا لتجنيد أعضاء جدد، ومن ثم جعل (المتنورين) أصحاب الدرجات العالية. يقصد فرانز (السيطرة على قيادات الماسونية ليكون المتنورين هم قيادات الماسونية العليا وبالتالي يكون الملتحقون الجدد بالنوادي الماسونية قد التحقوا بالمتنورين تحت اسم الماسونية، لكن تبقى درجات المتنورين هي الأعلى وهي المتحكمة في كامل*النظام, دون أن يعلم الجدد أي شيء عن درجات المتنورين حتي يصل إلى درجة عالية في الماسونية, وقد يتأهل بعدها ليكون من المتنورين بحسب مكانته واخلاص." الإيلوميناتي أو المتنورون. كما يرد على ويكيبيديا: " تأثرت هذه المنظمة الراديكالية بفلسفة التنوير والعقل وناضلت من أجل حرية التعبير ضد التسلط والتحيز. " هذه المنظمة كما يظهر من خلال ما كتب عنها اولا سرية ثم علمانية خالصة ثم عملية تماما. على العكس من الوجه الآخر الماسوني. حيث لا طقوس ولا غرائبية ماورائية. بعيدا عن الأفكار الخاصة للمؤسس المعلن رسميا وايسهاوبت. فقط العقل والعالم ومسرح الأحداث. حيث تقوم على مبادئ العقلانية والتنوير ومواجهة الفكر الديني والسياسي الرجعي والمتحجر - وليس صدفة أن الثورة الفرنسية أسقطت الملكية الفرنسية بالتوازي مع إسقاط السلطة الدينية الكاثوليكية في فرنسا التي كانت توصف بأنها الإبنة البكر للكنيسة الكاثوليكية - وتاريخ نشاة حركة التنويريين يبدأ في ستينيات او سبعينيات القرن 18 في بافاريا الألمانية. ويمكن افتراض تاريخ أبكر من ذلك، باعتبار أن الحركة والفكر لم يأتيا من فراغ. وتاريخ الإفتتاح الرسمي 1 ماي 1776 هو تاريخ يتعلق فقط بالإعلان الرسمي وليس النشأة الأصل. وتاريخيا المؤسس ألماني وايسهاوبت من ولاية بافاريا. والذي هو نفسه كان رجل دين. وبمجرد ظهوره كتنظيم اصطدم بالسلطة الرسمية والدينية لولاية بافاريا: https://ar.m.wikipedia.org/wiki/%D9%...B1%D9%88%D9%86 ويمكن القول إن أهم المبادئ التي قامت عليها أيديولوجية هذا التنظيم هي إعلان العداء للدين والملكيات. بعيدا عن القراءة التفصيلية لفكر التنظيم. العداء للدين والملكيات باعتبار أنها السد العائق لنشر الفكر العلماني في أوساط المجتمع والفكر التحرري من سلطة وسيادة الدولة الديكتاتورية في شكل ملكيات الحق الإلاهي. وهو نفس الفكر الراديكالي الذي تتسم به التوجهات السياسية للقوى الكبرى في العالم الغربي الى اليوم. ويمكن القول إن هذا التنظيم السري قد أخذ على عاتقه لأجل نشر العقلانية والتقدم العلمي والثقافي المتحرر من أي سلطة سيادية او دينية مواجهة كلا وجهي السلطة المتمثلة في الملكية والسلطة الكنسية في أوروبا الغربية وإسقاطهما. وهو ما تجمع عليه كل الكتابات التاريخية التي تناولت هذا التنظيم وتتهمه بالوقوف مباشرة خلف الثورة الفرنسية. "وعلى وجه التحديد كانت فترة يوهان كريستوف هي الأساس لكثير من*نظريات المؤامرة*التي تحيط بمنظمة المتنورين. في عام*1787*قام يوهان وعضو آخر يدعى البارون*وليام فون ديم باش بزيارة للمحفل الماسوني الفرنسي الراديكالي والمعروف بـمحفل "فيلالتين"* في*باريس.وهذا المحفل كان متأثراً بمنظمة تعرف باسم*"جمعية*الصليب*الذهبي الوردي" وهي جمعية أخوية ألمانية تأسست في عام*1750*من قبل الماسوني*والخيميائي هيرمان فيكتلد. وفي هذه الجمعية يتم تعليم*الخيمياء والتنجيم*للأعضاء. وكان يوهان منافساً قوياً داخل الماسونية. لم يتم التعرف على الكثير من مواضيع الاجتماع الذي تم في*باريس.*ولكن من الناحية النظرية أن منظمة المتنورين كانت وراء قيام*الثورة الفرنسية، وهذه هي النقطة الأساسية." " عندما أصبحت الثورة الفرنسية حقيقة واقعة, ومع صدور كتاب لـ(كريستيان لودفيغ أدولف) بعنوان " أحدث أعمال سبارتاكوس وفيلو في منظمة المتنورين", ("سبارتاكوس" هو الاسم المستعار لـ وايسهاوبت, و"فيلو" هو الاسم المستعار لـفرانز ). تم الاشتباه في المنظمة أنها كانت القوة الدافعة للثورة.*" والنقطة الأكثر أهمية في هذا الجانب هي هذه الجزئية التي يمكن تحديدها بكونها الدستور الوحيد في العالم الذي يحتوي فقط على بندين. ولكن في مستوى أعمق* سيكون من الأهمية بمكان الإشارة الى مدى عمق وتشعب الفكرة التي سيوحي بها هذا الفهم، من أن عالم اليوم كما نراه، قد تم تخطيطه وتصميمه عند تلك اللحظات التي تحدد فيها فكر ومبادئ هذا التنظيم السري. وبالطبع دون أن نغفل عن التكلفة التي ستوجد بفعل ذلك. وهي بشرية بالأساس. فيما سيعرفه العالم فيما بعد من كوارث درامية تاريخية، وفي الثورة الفرنسية التي عرفت كما هائلا من الجرائم والوحشية. ليكون لازما العودة الى فكرة "التنوير" و العقلانية" وطرح السؤال عنهما أمام حجم تلك الجرائم والدراما التاريخية. والتي ستوحي بأن التنظيم لا يعطي أي قيمة أو معنى للخسائر البشرية في مقابل تحقيق أهدافه وغايته الكلية. والتساؤل عن العقل ذاته أمام ما يحدث في العالم من أكل للحوم الدول والشعوب، سوريا وأوكرانيا كمثال. لنتساءل عن حقيقة تلك المبادى التنويرية التي صبغت البداية والانطلاق، وإن كانت قد تلاشت ولم يبق منها سوى التشكيل الهيكلي للمنظومة بشكل يجعلها لا تختلف عن أي تنظيم إجرامي. وتجدر الإشارة الى أن ما يروج عن عن هذا التنظيم السري على عكس الماسونية ليس مجرد أقاويل وافتراضات. بل هو أمر موثق بوثائق التنظيم نفسه عندما صادرتها حكومة بافاريا وقامت بنشرها للعموم لتبيان الفكر التآمري التنظيمي للمنظمة. " وفي عام 1785 كان الحظر صريحًا ضد منظمة المتنورين بالذات. وقد ضبطت السلطات البافارية كميات كبيرة من وثائق المنظمة وتم نشرها لاحقًا بمثابة تحذير. عندما تم حظر المتنورين في بافاريا هرب وايسهاوبت من البلاد، وقاد المنظمة بعد فراره يوهان كريستوف الذي توفي في عام1793". "وتتميز الوثائق انها تظهر*حقيقة*أن المنظمة متطورة ومتقدمة أكثر من أي وقت سابق، وليست مجرد عرض منهجي*للفكر." وأخيرا يمكن القول من باب محاولة استخلاص قراءة شاملة لهذه المنظمة، إن فكرة المؤامرة كحقيقة وواقع لا يخلو منه مجتمع أو مركز سلطة عبر التاريخ قديمه وحديثه. وأنه بافتراض حقيقة هذه المؤامرة الفوقية شبه المطلقة، لا يعني أنها الطرف الوحيد المتآمر في حين بدايتها خصوصا. بل وجدت أطراف ومصالح مادية ومعنوية وأيديولوجيات أخرى، لكنها جميعا كما يبدو تقاطعت بالنهاية عند نقطة واحدة تمثلت في هذه المنظمة الإيلوميناتي. لعدة اعتبارات فكرية ومادية بالأساس. المهم أنه بوجود هذه الغاية الكلية الأممية التي وضعها هذا التنظيم السري قد حتم بالضرورة والواقع أن يكون مركز وملتقى أو "كعبة" كل العصابات التآميرية المحلية والمحدودة. وحقيقة واقع العالم اليوم من ناحية التقدم العلمي والحضاري خاصة في الغرب، سيظهر أن هذه المنظمة بناء على مبدئها التنويري الأساسي قد صنعت بالفعل معجزة. إذا افترضنا أنه كانت هناك إمكانية لإستمرار وبقاء العالم بنفس مستواه الفكري والحضاري القرسطوي وبالتالي عدم تحقق هذا التقدم العلمي والثورة التكنولوجية والفكرية. والتي يفترض أنها لم تكن لتتحقق بدون تنوير و ( تآمر) هذه المنظمة. ومن هنا تنبع فكرة التقمص الربوبي التي يتسم بهذا هذا التنظيم. كل هذا بالطبع دون الحديث عن التكلفة البشرية الهائلة. حيث أنه فقط حتى حين يكون مجرد افتراض ان دراما كالحرب العالمية 2 هي نتيجة عمل تآميري ستكون هذه كارثة بما توحي به من قيمة للإنسان. مع أن الأمر يتعلق هنا بالانسان الأبيض الأوروبي. وهذا جانب يتعلق بالفكر التنظيمي لهذه المنظمة وبالجانب العقدي. رغم أنه هنا مادي وإداري مجرد من أي معاني ماورائية. المتنورون بين ألمانيا وفرنسا وأمريكا وبريطانيا. أغلبية إن لم تكن كل الكتابات الغربية التي كتبت عن المنظمة السرية للمتنورين تتهمهم بمباشرة بالوقوف خلف الثورة الفرنسية. بما فيها المؤلفات التي نشرت في أمريكا. لكن لا شئ من تلك الكتابات يتطرق الى علاقة المنورين بالثورة الأمريكية وإعلان الاستقلال. هذا بغض النظر على أن أغلب نفس الكتابات تتطرق الى حركية وأنشطة المنظمة في ألمانيا وفرنسا دونا عن بريطانيا.. ولكن من زاوية النظر في هذه القراءة أقول أن قراءة الثورة الأمريكية وإعلان الاستقلال بعيدا عن هذه المنظمة السرية، سيجعل قراءة كلا الموضوعين الثورة الامريكية والمنظمة السرية، قراءة مبتورة تقود الى استنتاجات مبتورة. باعتبار أن حدث الثورة الامريكية وإعلان الاستقلال سابق على الثورة الفرنسية وعامل أساسي محرك لها. وكون أن اتهام المنظمة السرية بالوقوف وراء الثورة الفرنسية دونا عن الثورة الأمريكية، سيكون قراءة بمعيارين متضادين. وتقصيرا في حق القراءة المتجردة للتاريخ. وبرأيي لهذا يتكرر الحظيد عن التاريخ الرسمي الافتتاحي لمنظمة المتنورين وهو 1 ماي 1776. وهو نفسه تاريخ إعلان الاستقلال الأمريكي. وكأنه يراد القول إن المتنورين يقفون خلف الثورة الفرنسية لكن لا علاقة لهم بالثورة والاستقلال الامريكي. وهذا بحد ذاته منطق وجزء من المؤامرة ذاتها. هذا السعي لفصل المنظمة السرية للمتنورين عن الثورة الأمريكية وقيام الولايات المتحدة الامريكية. لأنه من خلال زاوية النظر هذه الثورة الأمريكية وإعلان الاستقلال هو المؤامرة رقم 1 ونقطة الانطلاق الاصلية للمنظمة السرية للمتنورين. وتتوافق حرفيا مبادئ وقيم تلك الثورة التي أعلنت مع مبادئ وغاية المتنورين. بل وتعتبر النموذج المثالي لمفهوم الدولة والامة والحضارة عند المتنورين والفرصة الذهبية المثالية لخلق هذا الكيان المثالي من الصفر. وكل هذه العوامل توفرت في أمريكا حتى يومنا هذا. حيث إن امريكا هي الدولة الاستثنائية في العالم على كافة المستويات. وبالنسبة للثورة الفرنسية فلم تكن سوى الخطوة التالية في المنطقة الجغرافية المتصلة بباقي العالم أوروبا وباقي العالم وهو ما ليس متوفرا في أمريكا. وهذه نقطة أساسية جدا. بحيث أنه واجب وضروري لفهم تاريخ التنظيم. القناعة بأن أمريكا هي وجوده المادي وأنها القلب والواجهة حتى اليوم. ومن الخطأ اعتبار الثورة الفرنسية هي المؤامرة العالمية الأولى بل هي الثانية بعد "مؤامرة" الثورة الأمريكية. ووجه الاختلاف بينهما هو أن الاولى اقامت دولة بمبادئ استثنائية من الصفر. فيما الثانية هدمت دولة كلية وبشكل كامل. وهذا ما سيعطي للمنظمة دفعة ثقة قوية في أنه يمكن "صناعة" التاريخ كما تراه وبدقة مشرط الجراح. وهنا سيبدأ التاريخ الحديث كما نعرفه. وتبقى الزاوية البريطانية في الصورة يلفها الغموض وشح المعلومات. وهذه جزئية لها ما لها. ولكنها في هذه القراءة أساسية وسيتم تناولها في إطار عنوان يتناول أمريكا من النشأة الى اليوم وحقيقة العلاقة البريطانية الأمريكية. ومن خلاله سنرى نوع الصلة بين بريطانيا وهذه المنظمة السرية. |
|
![]() |
| مواقع النشر (المفضلة) |
| الكلمات الدليلية (Tags) |
| المؤامرة, التاريخ, العظمى, صناعة |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه
|
||||
| الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
| الاجابات العظمى للأسئلة الكبرى | freethinking | ساحة النقد الساخر ☺ | 0 | 09-08-2017 06:08 PM |
| بين الالحاد والمآمرة العظمى | ملحد اردني | ساحـة الاعضاء الـعامة ☄ | 0 | 06-20-2016 01:57 AM |
| صناعة اليأس | soufyan2015 | ساحة التجارب الشخصـيـة ♟ | 0 | 04-02-2015 10:30 PM |
| د حض نظرية المؤامرة | أنا لُغَـتِي | ســاحـــة السـيـاســة ▩ | 5 | 02-04-2015 02:18 PM |
| الحيرة العظمى. | ابن الرثاء | في التطور و الحياة ☼ | 6 | 05-11-2014 11:14 AM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd
diamond