خاطرة ...

فجأة ساد صمت غريب في الأرجاء , هدأت الأمواج وانسحبت طيور النورس ...هل توقف الزمن ؟ ثقة كبيرة في النفس , سعادة تداعب بشكل غريب , طمأنينة قلب لا مثيل لها وسط ركام متزايد من المسؤوليات والفتن... يوجد داخلي شخص يقهقه ... ما سر هذا الهدوء ؟ كل المؤشرات تدل على أنني سأتلقى رسالة من السماء , رسالة مقدسة , أمرا الهيا ينبغي تنفيذه . سينزل الوحي عما قريب .
أصغوا جيدا ...انها ماكينة المشي في الحياة تبطئ حركتها رويدا رويدا , وكلما انخفض ايقاعها زاد إيقاع رقصتي ...هناك تناسب عكسي .
في النهاية ...لا بد أن ننتبه الى اللعبة التي نلعبها هنا . أقصد في الحضانة الكوسمولوجية المسماة بالكون . من وضعنا هنا ذهب ... أو هو يراقب من بعيد. فجأة يصعد منا فيلسوف , أديب , بطل , فنان , قائد ,...كلهم أطفال يلعبون ...أنا أضحك : "أحقا تأخذونهم على محمل الجد ؟ "
لقد كنا دائما جديين أكثر من اللازم.
انهم أصحاب العلوم قادمون ... انفجرت من الضحك . سمعتهم يقولون : "اننا نبحث عن الحقيقة بطريقة جديدة : التجربة " ...أرجوكم , أبعدوني من هنا قبل أن أنهار من الضحك . انهم آخر من يمكن أن يدلي بدلوه بخصوص هذه الحياة .
ثم انظروا الى المناطقة , مثلهم كمثل القطارات التي تسير في سكك ضيقة مرسومة مسبقا. اختنقت , وخرجت من سككهم ولأتنفس الحرية من جديد . يحبون أن ينعتوا أعمالهم بالدقة والصرامة ...دوغمائيون , وسيبقون كذلك , الى أن يرث الله الأرض ومن عليها .
رجال الدين , الذين تسبقهم عطورهم من على بعد أميال , لكم مني كل الاحترام شيوخ مساجدنا وآباء وأمهات الدير . هؤلاء نصبتهم الإدارة ليسيروا الحضانة الكوسمولوجية .
"الكل باطل" , كما جاء في سفر الجامعة . المسألة هي مسألة وقت لكي يفهم الجميع ذلك . وأمام هذه الحقيقة , فعل واحد يبقى له معنى : فعل القهقهة . ونمط العيش الوحيد المشروع يبقى هو العيش كمجنون .

[طارق]

نعم ، العيش كمجنون .
ـ قبل قرن او قرنين من الزمان لا اعرف بالضبط ، كنت العب بخشيبات اشترتها لي الوالدة رحمة الكون عليها ، وفجأة شعرت بالملل كما ان يدا خفية اخذت لذة لعبي ، نظرت الى ما حولي وبدى لي كل شيء بلا روح ولا معنى ، تمنيت عودة الامس وما قبله ، وانا دائما في الانتظار . عندما يطرد العقل الجنون تموت الاحلام ويحا محلها الكوابس .
ــ

[القط ذو الجزمة]

أعرف مجنونا في الحي الذي اسكنه لا يتوقف عن الضحك طيلة اليوم يضحك و طوال العام يضحك ينظر إلى نفسه في واجهة المحلات ويضحك ينظر إلينا و نحن نركب الحافلة فيضحك يقابل الناس في المقاهي يتفرجون على كرة القدم فيتمرغ في الأرض من شدة الضحك يراقب جموع المصلين وهم يدخلون المسجد بكل وقار فينفجر مقهقها يكاد يموت من الضحك.. يزجرونه يضحك يضربونه يضحك يبصقون عليه يضحك يركلونه يقهقه و لكنني لا أستغرب سلوكه بالقدر ما أستغرب إنزعاج الناس منه بدل الإشفاق عليه لما كل هذا الإنزعاج من ضحكه هل هوالحسد ... لاأدري...