اللذة كمطلب جماعي ....

من منا لا يطلب اللذة ؟
القانت العابد يطلب اللذة في صلواته و طقوسه
الفيلسوف يطلب اللذة في تأملاته الصامتة العميقة
الفنان يطلب اللذة في المعزوفة التي يعزفها أو الموسيقى التي يستمع اليها
المخلص في عمله المحب له يطلب اللذة في مزاولته لذلك العمل (التدريس , الطب , الهندسة , الجيش , الفضاء...)
العالم يطلب اللذة في بحوثه الفيزيائية أو الرياضية وفي اكتشافاته واختراعاته
المدمن على المخدرات أو على المشروبات الكحولية يطلب اللذة في تعاطيه لتلك المواد
المدمن على المشاهد الاباحية أو الفيتيشية كذلك يطلب اللذة في مشاهدته لتلك المشاهد
المجرم الذي يقطع ضحاياه تقطيعا ممثلا بجثثهم لا يطلب من وراء سلوكه سوى اللذة
الفاعل للخير يطلب اللذة من وراء عمله الخيري

اننا كائنات تطلب اللذة . ان همنا الأول والأخير هو تحصيل اللذة . بل ان اللذة هي مضمون حياتنا , فاذا اختفت صارت الحياة ساعات و أيام خاوية جوفاء.

لكن ما اللذة ؟ ما هو التلذذ ؟ ما هي لحظة اللذة ؟
ان جميع الأشخاص المذكورين سابقا , حين يتلذذون بالنشاط الذي هم في خضمه , جميعهم وبدون استثناء , حينما يكونون في لحظة لذة , يغمضون أعينهم و تعتلي ابتسامة خفيفة وجهوههم التي ترتفع نحو السماء , ابتسامة عنوانها السلام , وينخفض ايقاع تنفسهم تدريجيا الى أن يشرف على التوقف . أما أجسادهم فتترنح في مكانها وكأن الرياح تتمايل بها ذات اليمين وذات الشمال . انهم يعيشون لحظة نشوة , لحظة سعادة .

انهم أشبه بكائنات مقبلة على تسليم روحها , وكأنهم في سكرات الموت .
كل مؤشرات اللذة توحي بأنها لحظة النهاية , أو لحظة اقتربت فيها النهاية : الموت . لا أستطيع تجاهل ايحاءات الموت في كل لحظة نشوة وتلذذ.
شبح الموت الحامل لمنجله يحوم حول المتلذذ.

أتراها غرائز الموت فينا التي تحدث عنها فرويد ؟ الثاناتوس ؟ تلك الغرائز الدفينة التي تحبب لنا الموت وتجعلنا راغبين فيه ؟ تلك الغرائز التي تتواجد في كل مادة حية كشوق وحنين الى الماضي ؟ الماضي الذي كانت فيه مادة غير حية ؟