![]() |
|
|
|
رقم الموضوع : [1] |
|
عضو بلاتيني
![]() |
العلاقة المُـلتبسة بين الرب العبرى والأنبياء والإنسان
طلعت رضوان كتاب العهد القديم (ومُـجمل التراث فى الديانة العبرية) يُـثير مشكلة التناقضات العديدة ، سواء فى أساطير الخلق ، أو فى الأحداث التى تــُـروى على أنها حقائق تاريخية.. إلخ ، ولكن العلاقة بين الرب العبرى والإنسان تبدو شديدة الالتباس ، فالإنسان لا يعلم والرب هو (العالم) والإنسان أحمق والرب هو الحكيم ، والإنسان عاجز والرب هو القدير.. إلخ بل إنّ الإنسان فى العهد القديم أقل من البهيمة حيث ورد به ((فليس للإنسان مزية على البهيمة.. لأنّ كليهما باطل)) (سـِـفر جامعة : الإصحاح 3) ثم يأتى التناقض فى نشيد من أناشيد سليمان قال فيه لربه ((ليـُـقبـّـلنى بقبلات فمه لأنّ حبك أطيب من الخمر.. بالحق يُـحبونك)) (نشيد الأنشاد : الإصحاح1) فكيف يكون للإله (فم) ؟ ولو قال أحد أنه ورد على سبيل المجاز، فهل المجاز يمتد ليشمل القبلات ؟ وأنّ حب الإله أطيب من الخمر؟ بل إنّ سليمان أضاف ما يؤكد المعنى (المادى) وليس المجازى عندما قال للإله إنّ ((رائحة أدهانك طيبة.. دهن مهراق)) ولعلّ تلك العلاقة المُـلتبسة بين الرب العبرى والإله هى ما جعلتْ كاتب سـِـفر (جامعة) يقول فى الإصحاح الأول ((باطل الأباطيل.. الكل باطل)) وبعد أنْ وصف الإنسان بالبهيمة ، أكــّـد على التوجه الأيديولوجى ، الذى جمع بين تقديس الملوك وتقديس الأثرياء فقال يُـخاطب الإنسان ((لا تسب الملك ولا فى فكرك.. ولا تسب الغنى فى مضجعك)) (جامعة : الإصحاح 10) إلى تلك الدرجة يمتنع على الإنسان أنْ يسب (ناهيك عن النقد) الملك ولو فى سره أى بينه وبين نفسه عندما قال ((ولا فى فكرك)) ونفس الشيىء مع الفقير إزاء الغنى عندما خاطب الأول قائلا ((لا تسب الغنى فى مضجعك)) أى وهو على الفراش . ولأنّ الأنبياء فى الديانة العبرية تحوّلوا إلى ملوك ، لذلك كان من الطبيعى تكريس الانحياز للأثرياء ضد الفقراء ، ولذلك قال الكاتب العبرى ((الملك سليمان عمل لنفسه يختــًـا من خشب لبنان . عمل أعمدته فضة. وروافده ذهبـًـا ومقعده أرجوانــًـا)) ولأنّ الرمز الصهيونى مُـقـدّس فى العهد القديم وتردّ كثيرًا لذلك أضاف الكاتب ((أخرجنَ يا بنات صهيون وانظرنَ الملك سليمان بالتاج)) (نشيد الإنشاد : الإصحاح3) ويقول سليمان ((شربتُ خمرى مع لبنى)) فهل يستسيغ العقل الحر تقبل هذا المشروب ، الذى هو خليط من اللبن والخمر؟ ومـَـنْ الذى فعل ذلك؟ إنه سليمان (الملك) والذى سيحظى بالتقديس فى الديانة العبرية بشعبها الثلاث (اليهودية/ المسيحية/ الإسلامية) ووصل التقديس فى القرآن لدرجة أنْ نقرأ ((ولسليمان الريح عاصفة تجرى بأمره)) (الأنبياء/81) ووهبه الرب ((منطق الطير)) وعلمه لغة النمل (سورة النمل/من 15- 30) ((ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه)) (سبأ /12) وتسخير الريح لسليمان تكرّر فى سورة (ص/36) وهذا التكريم والتقديس لشخصية سليمان ، اختلف تمامـًـا فى العهد القديم ، حيث أظهره الكاتب العبرى مثل أى إنسان سكير، بل إنه تجاوز السكير العادى عندما خلط اللبن بالخمر. وأكثر من ذلك تشجيع الآخرين على شرب الخمر، حيث قال سليمان لأصدقائه ((كلوا أيها الأصحاب . اشربوا واسكروا أيها الأحبـّـاء)) ثم ينتقل الكاتب – فجأة – إلى حديث ورد على لسان إحدى الفتيات التى قالت ((أنا نائمة وقلبى مُـستيقظ . صوت حبيبى قارعـًـا)) وفجأة – للمرة الثانية يتغيــر ضمير الراوى فنقرأ ((افتحى لى يا أختى . يا حبيبتى . يا حمامتى)) وللمرة الثالثة يتغيـّـر ضمير المُــتكلــّـم فنقرأ ((قد خلعتُ ثوبى فكيف ألبسه.. حبيبى مـَـدّ يده من الكوة.. فأنــّـتْ عليه أحشائى....)) وبعد أنْ هجرها حبيبها قالت ((حفظة الأسوار رفعوا إزارى عنى.. أحلفنَ يا بنات أورشليم إنْ وجدتنّ حبيبى أنْ تــُـخبرنه بأنى مريضة حبـًـا... هذا حبيبى وهذا خليلى يا بنات أورشليم)) فمن هم حفظة الأسوار؟ ولماذا رفعوا إزراها أى عروها ؟ ثـمّ يأتى اللبس اللغوى فى الوصف حيث قالت ((حبيبى أبيض وأحمر)) (نشيد الإنشاد : الإصحاح 5) فماذا تقصد بالأبيض والأحمر؟ وما مغزاه ؟ تجاهل الكاتب العبرى هذينْ السؤاليْن مُـعلقيْن وترك التخمين للقارىء . وبإستثناء عـُـسر القراءة بسبب الأسلوب المُـربك خاصة فى مسألة ضمير المُـتكلــّـم ، فإنّ لغة الأناشيد تقترب من لغة الشعر فى بعض المقاطع ، ولكن لماذا تناقضتْ صورة سليمان فى العهد القديم ، مع صورته فى القرآن لدرجة قدرته على تسخير الريح بينما فى العهد القديم جاءتْ صورته كعاشق ولهان (وهذا ليس عيبـًـا فى حد ذاته) وإنما السؤال هو: لماذا تلك المُـفارقة بين كتابيْن مُـقـدّسيْن فى الديانة العبرية ؟ وإذا كان نشيد الإنشاد منسوب لسليمان كما جاء فى السـِـفر الأول – الإصحاح الأول – أى أنّ الأناشيد جاءتْ على لسان سليمان نفسه ، فلماذا التركيز على صفة العاشق ؟ حيث سأل كما يسأل الشعراء : أين ذهب حبيبك أيتها الجميلة ؟ ثم يتغيـّـر ضمير المُـتكلم فنقرأ ((أنا لحبيبى وحبيبى لى)) ثم يقول على لسانه ((أنت جميلة يا حبيبتى.. حسنة كأورشليم.. شعرك كقطيع المـَـعـْـز الرابض فى جلعاد)) ثم بدأ التغزل فى أسنانها وخدها (رغم أنها منتفبة) (الإصحاح 6) وفى الإصحاح التالى يقول ((ما أجمل رجليكِ.. دوائر فخذيكِ مثل الحـُـلى.. سـُـرتكِ كأس مُـدوّرة لا يعزها شراب ممزوج.. بطنك صـُـبـّـرة حنطة مُـسيـّـجة بالسوسن..ثدياكِ كحشفتين توأمىْ ظبية.. قامتكِ شبيهة بالنخلة وثدياكِ بالعناقيد.. إنى أصعد إلى النخلة وأمسك بعذوقها.. ويكون ثدياكِ كعناقيد الكرم.. وحنكِك (= الفم) كأجود الخمر.. إلخ (الإصحاح 7) هنا صورة عاشق وليستْ صورة (نبى) ورغم ذلك يأتى اللبس اللغوى فى الوصف فنقرأ ((لنا أخت صغيرة ليس لها ثديان.. فماذا نصنع لأختنا يوم تــُـخطب ؟ إنْ تكن سورًا فتنبى عليها برج فضة. وإنْ كانت بابـًـا فنحصرها بألواح أرز)) ثم يتغيـّـر ضمير المتكلم فنقرأ ((أنا سور. وثدياى كبرجيْن)) (الإصحاح 8) فلماذا انشغل سليمان (الملك / النبى) بهذا الوصف الحسى ؟ ثم يأتى التناقض فى قول سليمان ((المعتزل يطلب شهوته.. وبكل مشورة يغتاط)) (ســفر أمثال – الإصحاح 18) وبالتالى يكون على القارىْ أنْ يسأل : أيهما نــُـصـدّق : سليمان فى الأناشيد ؟ أم سليمان فى الأمثال ؟ حيث أنه فى الأمثال أدان الإنسانى الشهوانى ، والذى لا يتقبـّـل أى نصيحة ، بينما فى الأناشيد يتغزل فى جسد المرأة ؟ وبينما كان فى الأناشيد يُـغنى للخمر، ويحب شربها بعد خلطها باللبن ، إذا به فى الأمثال يمقتها وينفــّـر مُـتعاطيها فقال ((الخمر مُـستهزئة.. والمُـسكرُ عجــّـاج.. ومن يترنــّـح بهما فليس بحكيم)) (أمثال : الإصحاح 20) وقال أيضـًـا ((لا تنظر إلى الخمر إذا احمرّتْ حين تــُـظهر حبابها فى الكأس وساغتْ مُـرقرقة)) (أمثال : الإصحاح 23) فأيهما يُـصـدّق القارىء ؟ ولماذا جاء التناقض فى شخصية الأنبياء ، مثل إبراهيم الذى طلب من زوجته سارة أنْ تقول إنها أخته ، مرة أمام ملك مصر (تكوين : الإصحاح 12) ومرة ثانية مع أبيمالك (ملك فلسطين) عندما ادّعى إبراهيم (رغم أنه نبى فى الديانة العبرية) أنّ امرأته أخته وليست زوجته (تكوين : الإصحاح 26) ولماذا جاءتْ ولادة (النبى) موسى من علاقة مُـحرّمة ، حيث نقرأ ((وأخذ عمرام (عمران فى القرآن) عمته زوجة له ، فولدتْ له هارون وموسى)) (خروج : الإصحاح 6) وتكرّر نفس المعنى مرة ثانية بعد إضافة اسم مريم (عدد : الإصحاح 36) فلماذا تم تشويه صورة موسى وهارون ومريم ، على أنهم جاءوا من علاقة مُـحرّمة وغير مشروعة ، وفق الديانة العبرية نفسها ؟ بل ووفق كل الأعراف الإنسانية ؟ وفى هذا السياق فإنّ الثقافة السائدة تتجاهل ذلك الخطأ التاريخى الذى وقعتْ فيه الديانة العبرية ، عن شخصية السيدة مريم – التى هى أم السيد المسيح – وفى نفس الوقت تكون شقيقة لكل من موسى وهارون ، رغم الفارق الزمنى الذى بزيد عن ألف سنة ؟ بل إنّ بعض مؤرخى التراث العربى/ الإسلامى ذكروا أنّ بين موسى وعيسى ألف نبى)) (السيرة الحلبية- تأليف على بن برهان الدين الحلبى – المكتبة الإسلامية بيروت – لبنان – ص24) ناهيك عن شخصية (النبى) داود الذى اغتصب زوجة الضابط أوريا (صموئيل الثانى / الإصحاح 11) وهذا بخلاف موقفه العدائى ضد الشعب الفلسطينى ، فلماذا هذا التشويه وما هدفه ؟ ولماذا تلك العلاقة المُـلتبسة بين الأنبياء و(ربهم) ثم بينهم وبين الإنسان ؟ - See more at: http://www.ssrcaw.org/ar/show.art.as....AHiTjOyO.dpuf |
|
![]() |
| مواقع النشر (المفضلة) |
| الكلمات الدليلية (Tags) |
| الملتبسة, الرب, العلاقة, العبرى, بين, والأنبياء, والإنسان |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه
|
||||
| الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
| إشكاليّة العلاقة بين الدولة والإلحاد | فينيق | حول الإيمان والفكر الحُر ☮ | 13 | 08-03-2024 02:19 PM |
| العلاقة بين النازية واليهودية | سامي عوض الذيب | العقيدة الاسلامية ☪ | 0 | 06-17-2018 01:49 AM |
| العلاقة بين بصر الانسان و الحديد - وتعليق دارويني تطوّري | الأسطورة0 | الجدال حول الأعجاز العلمي فى القرآن | 0 | 03-18-2017 01:25 PM |
| ما هي العلاقة بين dna و المورثة؟ | أنا لُغَـتِي | في التطور و الحياة ☼ | 0 | 06-28-2014 03:48 PM |
| العلاقة بين تجارة و نبوة محمد | العقيدة الاسلامية ☪ | 0 | 09-01-2013 07:22 PM | |
Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd
diamond