ثقة المؤمن مقابل ثقة الملحد

[عصبون]

مرحباً أحبتي مؤمنين ولادينيين وملحدين

مساؤكم جمالٌ وثقة
وأنوارٌ من حرية الفكر متدفقة

أحد المواضيع التي تشغلني وربما تشغل بعضكم:

على ماذا تقوم الثقة العالية التي ينطلق منها كلٌ من المؤمن والملحد في قناعاته، بغض النظر عن دوغمائية أحدهما وشكوكية الآخر؟

لست أتحدث عن قناعة المؤمن السلبية المبنية على الخوف من العذاب الأبدي كعقاب على الكفر فثمة ديانات لا تعترف بالجحيم أو بالعذاب الأبدي. بل أتحدث ببساطة عن القناعة الأساس التي تدفع الإنسان إلى الارتياح لأحد نقيضين: يوجد إله، لا يوجد إله.

بالأصالة عن نفسي، كملحد انتقل من كونه مؤمناً دوغمائياً بليداً، إلى مؤمن شكوكي مضطرب، إلى لاديني مندهش من وجهة نظره الجديدة للكون، لم يلبث أن وجد الوجاهة في ترجيح "إنكار الإله" فأصبح ملحداً متزناً واثقاً هادئاً مستعداً للانتقال إلى الإيمان مع أول دليل محترم؛ فإني أجد صعوبة في إيجاد ملامح واضحة ومحترمة لقناعة المؤمنين رغم أني كنت منهم، فلا أستطيع حتى تذكر أنني كنت مقتنعاً بالفعل بقدر ما كنت مصدقاً تصديقاً جاهلاً تسليمياً.

الذي حدث ببساطة هو أنني حاولت أن أعرف أكثر لأزيد "ثقتي المتخيلة" بإيماني كي أكون قادراً على فهم الملحدين ومواجهتهم بخطأهم العظيم! فلما عرفت أكثر، تقلص جهلي، وللمفاجأة، تقلص معه الله. حدث هذا بسرعة غريبة لم تكن مفهومة لي وقتها.

مشدوهاً وقفت أشاهد الأفول العظيم للإله، متعجباً من هشاشة عرشه في عقلي، حزيناً على تفاهة صنمه في وجداني وأنا الذي كنت أظن قوتي كإنسان تنبع من هذا الصنم، غير آسف - إلى حد ما - على سنين الضياع التي عشتها بحثاً عن وجهته، سعيداً - أخيراً - أنني وجدتُ نفسي ماثلة أمامي في صفاء مذهل لم أختبره من قبل.



:: ثقة المؤمن مقابل ثقة الملحد ::


هنا حاولت وضع مقارنة بسيطة لكيفية انتقاد كلٍّ منهما الآخر، فجاءت بهذا الشكل:

يقول المؤمن:
مشكلة الملحد أنه يقيس الأمور وفق مبادئ الطبيعة التي يعيشها ولا يتجاوز أبعد من ذلك. لذلك مهما كان جاداً ومخلصاً في البحث عن الله فلن يتقدم في بحثه خطوة واحدة.
فالملحد، بالتزامه عدم الخروج عن مبادئ الطبيعة، يحرم نفسه إلى الأبد من نعمة الإيمان.

ويقول الملحد:
مشكلة المؤمن أنه يقيس الأمور بمقاييس "ما وراء طبيعية" ويرى أنه (يمكن إحداث تغيير في قوانين الطبيعة - كالمعجزات - لأن الكائن الخارق للطبيعة يستطيع فعل أي شيء) وهذا تقرير خاطئ، متناقض وغير منطقي، لا يمكن تحقيقه ولا التحقق منه أبداً. هذه الطريقة في القياس تشبه محاولة التأكد من صلاحية محرك السيارة للعمل: بالنظر إلى ورقة رسمت عليها صورة المحرك بشرط تركيز النظر مع رغبة داخلية قوية في أن يعمل، عوضاً عن قيادة السيارة للتأكد من عمل المحرك. فالإيمان يعوّد الإنسان على عدم تناول جوهر المسألة بشكل مباشر بل يجعله يحوم في دوائر ليست فارغة بل مليئة ولكن بالخرافة.
بينما في الحقيقة ليس لدى الإنسان ميدان آخر غير الطبيعة لممارسة عملية "فهم الطبيعة" نفسها. ولا حاجة للطبيعة - كما تخبرنا هي بنفسها - بوجود إله يرعاها أو يتحكم بها أو يساعد الإنسان على فهمها.

وينسى المؤمن أن "خارق الطبيعة" برغم كتبه ورسله وكل ما قيل كذباً باسمه لا يشرح ولا يفسر أي شيء إطلاقاً. بينما "الطبيعة" تشرح وتفسر نفسها، دون حاجة إلى أنبياء وكتب مقدسة، بقدر ما هي بحاجة إلى علماء وخبراء، يدققون ويجربون ويخطؤون، ويؤسسون لكل شفرة من شفراتها علوماً قابلة للتعديل والتحسين، قبل أن يبدؤوا في ترجمة لغتها لنا.



هذا رأيي وأحب أن أسمع آراء أخرى بالذات من المؤمنين لعلنا نصل إلى فهم واضح "لماذا هم واثقون أنهم على حق"؟ *ملاحظة للمؤمنين: لا تقبل النصوص الدينية كأدلة لشرح وجهة نظركم، فالرجاء التحدث للعقل بالعقل وإلا فلا وشكراً

أتوقع هروب المؤمنين كعادتهم عند مواجهتهم بهشاشة المسألة الإيمانية.. أرجو أن أجد من يخيب توقعاتي