شبكة الإلحاد العربيُ  

العودة   شبكة الإلحاد العربيُ > ملتقيات في نقد الإيمان و الأديان > مقالات من مُختلف الُغات ☈

إضافة رد
 
أدوات الموضوع اسلوب عرض الموضوع
قديم 06-10-2014, 11:27 AM ترنيمه غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [1]
ترنيمه
عضو برونزي
الصورة الرمزية ترنيمه
 

ترنيمه is on a distinguished road
5523355 تناقضات فى الكتابات المقدسة– تناقضات قرآنية


سامى لبيب



تناقضات فى الكتابات المقدسة – تناقضات قرآنية – جزء أول - الأديان بشرية الهوى والهوية .(9)

عندما نقول ان الأديان إنتاج فكر بشرى فلا يكون قولنا هذا متعسفاً أو إدعاء بل حقيقة يمكن تلمسها بدون عناء بداية من دراسة الأساطير والقصص التى تدعى وتروج لوجود كائنات ميتافزيقية خرافية كإله وشيطان وجن وعفاريت وملائكة دون أن تقدم أى إثبات على وجودها بالرغم من عظم القصص المروية وذيوعها من خلال ميديا هائلة روجت لها .. كما لا تكتفى بشرية الأديان على حجم القصص الخرافية بل تقذف لنا بحجم لا بأس به من المغالطات العلمية التى يفضحها العلم الحديث كالشمس التى تشرق وتغرب فى عين حمئة وتدور حول الأرض المسطحة , وتلك السماء التى بمثابة سقف مرفوع على أعمدة فى بعض الميثولوجيات وبدون فى ميثولوجيا أخرى لتلتصق فيها النجوم كإسبوتات إضاءة وإن كان هذا يعنى شئ فهو أننا أمام تصورات ورؤى إنسان قديم عن الوجود هكذا كانت حدود معرفته وتصوراته , كما يضاف إلى ذلك أن الأديان تقدم منظومة تشريعية وسلوكية وفكرية تتعاطى مع واقعها وتؤطر لمجتمعها لم تعد تتناسب مع أنساقنا الإجتماعية العصرية.

فى ظل هذه التضاريس الواضحة الملامح نستطيع أن نؤكد أن الأديان نتاج فكر بشرى له رؤيته وخيالاته وتصوراته وعلاقاته الخاصة لم تفلت من تحقيق رؤية سياسية إجتماعية غلفت نفسها بالمقدس فيكون الإله والطقس رمز الهوية لتحقيق مصالح سياسية ونخبوية وقومية تظهر بجلاء فى بعض المعتقدات كما فى التراث العبرانى والإسلامى ليهيأ لك أن المشروع السياسى هو حجر الزاوية الذى تم البناء عليه ليؤسس ما يُعرف بالدين .

سنضيف فى هذا البحث ملمح أخر يثبت أن الأديان نتاج فكر بشرى لم يستطع لبساطة مسطريه وواضعى نصه ونهجه الإفلات من التناقض لنجد الإختلاف كامن بين نصوصه حيث الشئ وضده حاضر , وسيكون إعتنائنا فى هذا الجزء بالتراث الإسلامى كونه النص الأقوى والأكثر تماسكا أو بمعنى أدق النص الذى وضع صورة شديدة الوضوح والجلاء والتنزيه والتعظيم للإله ليبتعد كثيرا عن سذاجة فكرة الإله فى الكتاب المقدس الذى يغضب ويتنسم الرضا بذبيحة مشوية ويندم ويتعهد أن لن يعود لطيشه ثانية ليكون لنا شأن مع المغالطات فى الكتاب المقدس فى جزء آخر بالرغم أنه لا يغرى الإعتناء به مثل التعاطى مع القرآن كون المغالطات فى التراث اليهودى المسيحى فجة شديدة السذاجه وأصحابها لا يتوقفون أمامها كثيراً كونهم يعترفون بأن النص ذو لغة بشرية ليست إلهية ولا علاقة لها بوحى .

آية " أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ القُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافاً كَثِيراً -سورة النساء 4: 81-82 تكون بمثابة تأسيس مفهوم ومقياس لتقييم الكتابات المقدسة فوجود إختلاف بالنصوص يعنى أن هذه الكتابات ليست من عند الله لذا فالآية تقر بأن القرآن منزه عن الخطأ والتناقض والإختلاف وبالفعل يجب أن يكون هكذا أى نص مقدس لينسجم مع كونه من الإله , فالتناقض والتباين بين الآيات يعنى أن هذه الكتابات ليست إلهية بل بشرية , فمن المُفترض أن الله لا يصيبه التناقض والتباين فى كتابه وإلا أصبح كتاباً بشرياً يحتمل الخطأ والتناقض وعدم التماسك – لذا سنعرض فى بحثنا هذا بعض التناقضات الشديدة والحادة بين الآيات القرآنية .

*يبدل فى كلامه أم لا يبدل .
"لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللهِ " (سورة يونس 10: 46) - "لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ "(سورة الكهف 18: 27).- هاتان الآيتان شديدتا الوضوح والحسم لتنفى تبديل كلام الله وهذا يعتبر موقف واضح بل ما يجب أن يكون عليه النص المقدس فالله بعظمته وجلاله وحكمته لا يُبدل كلامه , فإذا كان الإنسان السوى لا يُبدل كلامه ومواقفه المبدئية والأساسية فحرى بالإله أن يكون أكثر ثباتاً على مواقفه يضاف لذلك أن معرفة الله الكلية بما كان وما سيكون يحول دون أن يقع فى خطأ تبديل كلماته , كما من المفترض أن الله لا يعتريه التغيير والتأثر بالمواقف ليبنى عليها مواقف جديدة وكلمات أخرى .
ولكن آية سورة البقرة تبدد وتناقض هذه الفرضية تماما ( مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)- فهنا الله يمكن أن ينسخ آياته أو ينسها وهذا يتناقض بشدة مع " لا مبدل لكلمات الله " فبالرغم أنها تصف الله بالقدرة على التغيير إلا أنها تصيبه بعدم الثبات على أمره وموقفه المبدئى علاوة على النيل من معرفته وحكمته المطلقة فهو ينسخ ويُبدل وينسى ويكتشف أن هناك آيات أفضل مما قدمه مما يعنى عدم معرفته المسبقة علاوة على تأثره بالأحداث لينسخ آيات ويأتى بغيرها .. الغريب أن الآية تذكر أن الله سيأتى بآية مثلها فما الداعى للنسخ هنا !! .. ولكن ما يعنينا أن هناك تناقض تام بين " لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللهِ" و" مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" .
يمكن تفسير هذا التناقض أن آية لا تبديل لكلمات الله جاءت فى سياق فهم متماسك للاهوت لله فهكذا يجب أن تكون الآلهة لا تتبدل كلماتهم لتتكلل الذات الإلهية بالعظمة والجلال والحكمة والكياسة , بينما جاءت آية النسخ للخروج من أزمة تناقض الآيات مع بعضها مع بعض وهو ما أثاره جدالات الكفار واليهود فجاءت آية النسخ لتقول أن هذا التناقض هو رغبة الله أو كما نقول باللهجة العامية " هوا كده " بالرغم أن " هوا كده " تنال من عظمة وحكمة ومعرفة الله المطلقة .!

- تناقضات فى حدث وتاريخ .
قد يحاول البعض الإلتفاف حول أى شبهة بطرح أن النص تعاطى مع واقعه ولحادثة معينة بالرغم أن هذا التبرير واهى وساذج بل ينال من الذات الإلهية بتفصيلها للرسالة وفق جموع محددة من الحاضرين مما يسقط الإيمان بأن النص صالح لكل زمان ومكان وليؤكد أننا أمام نصوص بشرية لحماً ودماً , ولكن عندما نجد نصوص تتعامل مع حدث تاريخى مادى واضح الملامح فتتباين وتتناقض فى إخباره فهنا لا يوجد أى معنى لمحاولة تبرير التناقض فالحدث له وجه واحد .

* تناقض فى قصة الخلق - خلق الأرض قبل السماء أم السماء قبل الأرض !!
(قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالذِي خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَاداً ذَلِكَ رَبُّ العَالَمِينَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ فَقَضَاهُّنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي اُلِّسَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ العَزِيزِ العَلِيمِ )سورة فصلت 41: 9-12 - وفى آية أخرى (هو الذى خلق لكم ما فى الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شئ عليم) سورة البقرة /29.
واضح من هذه الآيات أن خلق الأرض جاء أولا ( هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات) و(فَقَضَاهُّنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي اُلِّسَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ) كما نلاحظ إستهلال الآية بخلق الأرض فى يومين ويأتى تقدير الأقوات قبل خلق السماء ولكن فى موضع آخر جاء خلق السماء قبل الأرض ( أَأَنْتُمْ أَشَّدُ خَلْقاً أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهاَ أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا وَالجِبَالَ أَرْسَاهَا ) سورة النازعات 79: 27-32 - فما معنى ذلك ؟ وأيهما خلق أولا الأرض أم السماء .؟!!

*هل المسيح رفع إلى السماء أم مات .
يذكرالقرآن أن المسيح رفع للسماء ( وقولهم إنا قــتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله ومـا قتلوه ومـا صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين إختلفوا فيه لفى شك منه ما لهم به من علم إلا إتباع الظن وما قتلوه يقينا بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيم ) سورة النساء / 156- 157- وفى آية أخرى يؤكد الرفع (إذ قال الله يا عيسى إنى متوفيك ورافعك إلى ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين أتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ثم إلى مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تخلتفون) سورة آل عمران/ 3: 54.
هاتان الآيتان إعلان صريح وواضح عن أن الله رفع المسيح إليه ولكن هذا الحدث ما يلبث أن يتناقض مع آيات أخرى تعلن عن موت المسيح وبعثه (والسلام على يوم ولدت ويوم " أموت "ويوم أبعث حيا ) سورة مريم / 19: 32 - وآية (وسلام عليه يوم ولد ويوم "يموت" ويوم يبعث حيا) سورة مريم / 19: 14 – وآية (ما قلت لهم إلا ما أمرتنى به أن إعبدوا الله ربى وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما "توفيتنى "كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شئ شهيد) سورة المائدة / 5 : 116
بالطبع لا يعنينا أن المسيح قتل على الصليب حسب إعتقاد المسيحية أو شبه لهم ولكن يعنينا حدث نهاية المسيح فهل تم رفعه أم مات وتوفى وسيبعث حيا – فنحن هنا أمام روايتين مختلفتين فى سرد حدث تاريخى واحد ولسنا امام آيتان تعنيا بالتدرج فى التشريع كما يعتقد البعض عندما يواجه التناقض .

* يتساءلون أم لا يتساءلون .!
يقول القرآن في وصفه ليوم القيامة (فلا أنساب بينهم يومئذٍ ولا يتساءلون) كما يأتى فى سرد المشهد الرهيب ليوم القيامة بقوله ( يوم يفر المرء من أخيه، وأمه وأبيه، وصاحبته وبنيه) ليتضح أن الموقف المهول لن يسمح لإلتفات المرء فيه لأخيه ولا لأمه وأبيه فضلاً عن أن ينشغل بباقي الناس مما يؤكد " لا يتساءلون "..ولكننا نجد القرآن في آية أخرى يقول ( وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون)!! ويقول أيضاً ( فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون ) مما يدل على أن الكفار يتساءلون ويتلاومون فهل يتساءل الكفار يوم القيامة أم لا؟!

* هل طرد إبليس من الجنّة أم لا .
الله طرد إبليس من الجنه (فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ) وقال لآدم: (وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ.) ثم نجد فى موضع آخر أن إبليس عاد إلى الجنّة بعد طرده منها وأغوى آدم:[فأزلَّهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه]- فهل تم طُرد إبليس من الجنه وإذا كان طرد فكيف رجع وأغوى .؟!

* التناقض والإختلاف فى حضور المسلمين واليهود والنصارى فى الجنه
نجد حضور أهل الكتاب فى الجنه أكبر من عدد المسلمين ( ثُلَّةٌ مِن الأوَّلين وقليلٌ مِن الآخِرين) سورة الواقعة 56: 13 و14.- الثلة هى الجماعة - الأولين هم اليهود والنصارى أما الآخرين فهم المسلمون
بينما فى نفس السورة (ثُلَّةٌ مِنَ الأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الآخِريِنَ) سورة الواقعة 56: 39 و40-ولتتناقض الآيتان مع ( مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِين ) سورة آل عمران 3: 85.
فهل حضور المسلمين فى الجنه أقل من الآخرين أم متساوى الحضور .. هل إحصاء الله خاطئ وماموقف هذا من قوله "من يبتغ غير الإسلام دينا فهو من الخاسرين " وأين ذهبت تلك الثلة.

- تناقضات عقائدية
* الموقف من إيمان اليهود والنصارى
( إِنَّ الذِينَ آمَنُوا وَالذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُون )-سورة المائدة 5: 69.- هنا وضع الله اليهود والنصارى والصابئة مع المسلمين فى مرتبة واحدة من حيث المصير فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون طالما آمنوا بالله واليوم الآخر وعملوا صالحا ولكن هذه الآية تتناقض مع سورة آل عمران " مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِين (سورة آل عمران 3: 85).
فهل هم خاسرون أم لا وهل الإسلام يعتمد أى رسالة سابقة بعد مجيئه كونه خاتم الرسالات وناسخ ما قبله ليكونوا من الخاسرين أم لا خوف عليهم ولا هم يحزنون .؟!!

*الصفح والغفران أم الجهاد وإغلظ عليهم
فى سورة الحِجر 15: 85 آية جميلة ( إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الجَمِيلَ ) فهى دعوة طيبة للصفح والتسامح ولكن ما تلبث أن تبددها وتناقضها آية سورة التوبة 9: 73 ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الكُفَّارَ وَالمُنَافِقِينَ وَا غْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ المَصِيرُ) ..فهل التعاطى مع الكفار والمشركين يكون بالصفح أم بالجهاد والإغلاظ عليهم .!
أتصور سبب التناقض أن الآية الأولى جاءت فى مرحلة تكوين الإسلام الذى لم يطلب التصادم أما الآية الثانية فجاءت فى مرحلة التمكين والقوة والسيادة للحضور المحمدي ولكن وفقا للمنطق الإلهى فمن المفترض إن الله يرسل رسالة محددة غير ملتبسة للعالم أجمع فى كل زمان ومكان , فهل يريد الصفح الجميل أم الجهاد والإغلاظ عليهم .

* موقف متناقض من الكفار
(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ المُؤْمِنِينَ عَلَى القِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مَائَتَيْن )سورة الأنفال 8: 65- ليناقضها "وَلاَ تُطِعِ الكَافِرِينَ وَالمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَّكَلْ عَلَى اللهِ وَكَفَى بِاللهِ وَكِيلاً(سورة الأحزاب 33: 48)
فى الآية الأولى دعوة صريحة للنبى على تحريض المؤمنين على القتال وفى الآية الثانية دعوة إلى عدم طاعة الكافرين و الإنصراف عن أذاهم بسلام وليتوكل المؤمنين على الله ويكفيهم هذا فالله وكيلهم .!

*هل هناك إكراه فى الدين أم لا .؟!
آية سورة البقرة2: 256 (َلا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالعُرْوَةِ الوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )من الآيات الجميلة فى القرآن والتى أرى ان الكثيرين من المسلمين الطيبين يتعاطون معها وكذلك آية " وَلَوْ شَاءَ اللهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (سورة الأنعام 6: 107) فهاتان الآيتان تدعوان لعدم الإكراه فى الدين ولتتحقق حرية الإيمان فلست عليهم بوكيل ولكن ما يلبث أن يتبدد كل هذا أمام آية سورة البقرة 2: 193 (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلهِ ) .

وفى موضع آخر (قُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ البَلَاغُ وَاللهُ بَصِيرٌ بِالعِبَادِ )سورة آل عمران 20. لتناقضها آية أخرى (قَاتِلُوا الذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلاَ بِاليَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الحَقِّ مِنَ الذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) سورة التوبة29

آية أخرى لا تدعو لإكراه الناس على الإيمان (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الذِينَ لاَ يَعْقِلُون )سورة يونس 10: 99 و100 -وكذلك آية ( لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ) سورة البقرة 2: 272.
هاتان آيتان طيبتان أيضا لكنهما يتناقضا وينهارا أمام آية سورة محمد ( إذا لقِيتُمُ الذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الوَثَاقَ ) وكذلك آية سورة التوبة 29:9" قَاتِلُوا الذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلاَ بِاليَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الحَقِّ مِنَ الذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ" -وكذلك آية سورة التوبة 9: 73 (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الكُفَّارَ وَالمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ المَصِيرُ )

بعد هذا العرض نتلمس التناقض بشكل ملموس واضح المعالم فلا يوجد أى مبرر يمكن أن يسعف هذه التناقضات التى لن يجدى معها مرواغات التأويل فنحن إما أمام أحداث حدثت فى الأرض أو فى السماء بمعرفة إلهية فهل خلقت الأرض قبل السماء أم العكس وهل مات المسيح أم تم رفعه وهل تم طرد الشيطان من الجنه ام ظل متواجدا حتى اللحظة الأخيرة ... هل أهل الكتاب لهم نصيب فى الجنه يعادل نصيب المسلمين أم لا أم هم من الخاسرين .. وهل الكفار يتسائلون أم لا .

نحن أمام تناقضات واضحة تخص لاهوت الله وناموسه لا علاقة لها بموائمات حتى يحاول المبررون ان يجدوا طريقاً .. فهل الله يبدل فى كلماته وينسخ أم لا , نحن أمام تناقض فى التعاطى مع الكفار والمشركين وأهل الكتاب فهل هناك إكراه فى الدين أم لا , هل يتم التعاطى معهم بالغلظة والإجبار والقتال أم جادلهم بالتى هى أحسن . وماالموقف من ايمان اليهود والنصارى هل هو مقبول ولهم نسبة فى الجنه بالرغم أنه تناقض فى طرح النسب فى موضعين أم هم من الخاسرين – هل التعاطى مع الكفار واهل الكتاب بالموعظة الحسنة وحسن الجدال ودعهم لحالهم أم بإكراههم على الإيمان وقتالهم .

هذه بعض النقاط ويبقى المزيد فى أجزاء قادمة تتناول تناقضات فى القرآن والكتاب المقدس لنؤكد بشرية النص , فالنصوص تم تسطيرها وفق رؤية إنسانية كان هكذا درجة وعيها ورؤيتها وسهوها و قدرتها على التعاطى مع الأحداث بمنهجية سياسية مرنة ففى الوقت الذى احتاج إلى الرفق والتسامح صدرت نصوص بهذا الشأن وفى الوقت الذى طلب المواجهة إعتنى بذلك ولكن يجب أن نفطن أن هذه النصوص من المفترض أنها إلهية أى تحدد حدث وتاريخ وموقف نهائى مبدئى لا يقبل المساومة ليتبدد هذا الفرض الوهم أمام إنسان يسطر نصوصه وفقا لرؤيته ورغباته ومصالحه وإخفاقاته فلا وجود لفكرة إله يلقى بالنصوص من السماء .

دمتم بخير .
- "من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته " حلم الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع .



:: توقيعي ::: ( ذهبت إلى الغار .. غار حراء .. غار محمد وإلهه وملاكه .. إلى الغار العابس اليابس البائس اليائس ، ذهبت إليه استجابة للأوامر .
دخلت الغار ، دخلته .. صدمت .. ذهلت .. فجعت .. خجلت ، خجلت من نفسي وقومي وديني وتاريخي وإلهي ونبيي ومن قراءاتي ومحفوظاتي ..!
أهذ هو الغار.. غار حراء .. هو الذي لجأ واختبأ فيه الإله كل التاريخ !
  رد مع اقتباس
قديم 06-11-2014, 03:32 PM ترنيمه غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [2]
ترنيمه
عضو برونزي
الصورة الرمزية ترنيمه
 

ترنيمه is on a distinguished road
افتراضي


الأديان بشرية الفكر والهوى والهوية (16).

عندما نقول أن الأديان نتاج فكر بشرى فلا يكون قولنا هذا تعسفاً أو إدعاء بل حقيقة يمكن تلمسها بدون عناء من دراسة الأساطير والقصص التى تروج لوجود كائنات ميتافزيقية خرافية كإله وشيطان وجن وعفاريت وملائكة دون أن تقدم فى مقابل ذلك أى إثبات على وجودها بالرغم من عظم تلك الإدعاءات والقصص المروية عنها وذيوعها , كما لا تكتفى بشرية الأديان بحجم القصص الخرافية بل تقذف لنا بحجم لا بأس به من المغالطات العلمية التى يفضحها العلم كالشمس التى تشرق وتغرب وتدور حول الأرض المسطحة, وتلك السماء التى بمثابة سقف مرفوع على أعمدة فى بعض الميثولوجيات وبدون أعمدة مرئية فى ميثولوجيا أخرى لتلتصق بها النجوم كمصابيح إضاءة,كما يضاف لبشرية الأديان طرحها لمنظومات تشريعية وسلوكية وفكرية تتعاطى مع واقعها وتؤطر لمجتمعاتها لم تعد تتناسب مع أنساقنا العصرية ,وإذا كان هذا يعنى شئ فهو أننا أمام تصورات ورؤية إنسان قديم عن الوجود, هكذا كانت حدود معرفته وتصوراته وتعاطيه مع واقعه لينسج قصص وخيالات وشرائع لا تخرج عن طبيعة فكره ومستوى معارفه فلا يغيب هذا عن أى عقل مطلع على النص التراثى والباحث بموضوعية لم يصيبها التخدير والإنبطاح أمام المقدس ,,أى عقلية حيادية متزنه وضعت الحصان أمام العربة ولم تتبع العكس .

دعونا فى هذا البحث نعرض مشاهد من الكتب المقدسة تثبت بجلاء بشرية النص ولن نطالب هنا أن يتحلى أحد بعقلية حيادية نزيهة ولا أن يتخلص من نظرته المقدسة , فالمشهد بما يحمله من جلاء ووضوح كفيل ان يثقب العيون الغافلة ويصفع العقول المخدرة بسكرة المقدس بمشاهده الفجة ذات التناقض الحاد والتى لن يجدى معها أى مرواغات وإلتفافات باحثة عن تبرير وتلفيق فهى لن تترك سوى الحرج الذى سيُلجم ويجعل العقل يتحرر قليلا من شرنقته متحسساً رؤيتنا عن بشرية الأديان .
هذا الجزء الثالث سيسير على نهج الجزأين السابقين فى إبراز التناقض فى الكتابات المقدسة ولن يكون سبيلنا الإتكاء على حالة غموض أو إلتباس فى فهم النص تستنتج التناقض , فالتناقض من الفجاجة والوضوح تجعله لا يقبل أى تأويل أو مرواغة فهى تصريحات إلهية تتعلق بالحدث لتصرح بشئ فى موضع وتذكر خلافه فى موضع آخر ,أى أننا سنتناول تضارب الحدث والمشهد الإخبارى الذى يدل على بشرية كاتب إعتراه السهو والغفلة وعدم التركيز .

- أيهما أولا العجل أم الصاعقة.؟!
لدينا تناقض غريب لن يجد من يبرره فهو يضع سيناريو لحدث فى آية ثم يغيره فيما بعد فى آية أخرى ففى سورة البقرة نقرأ (وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم" باتخاذكم العجل" فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة "فأخذتكم الصاعقة "وأنتم تنظرون) لنجد مشهد اتخاذ العجل للعبادة قد سبق مشهد أخذ الصاعقة لبني اسرائيل ثم نقارن هذا بما ورد في الآية 153(يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم" ثم اتخذوا العجل" من بعد ما جاءتهم البينات فعفونا عن ذلك وآتينا موسى سلطانا مبينا.) أى أن الصاعقة أخذتهم ثم اتخذوا العجل فى قول لا يحتمل اللبس بقوله (ثم اتخذوا العجل ) .
نحن أمام مشهد متناقض شديد الغرابة لا يترك أى مساحة للتفسير والتبرير فهو لا يعتنى بنسخ حكم مثلا بل مشهد تاريخى ذو سيناريوهين متضاربين.!

-التناقض والإختلاف فى حضور المسلمين واليهود والنصارى فى الجنه.
على نفس شاكلة العجل والصاعقة نجد إخباريات متضاربة فى نسبة حضور أهل الكتاب والمسلمين فى الجنه لنجد قوله فى سورة الواقعة ( ثُلَّةٌ مِن الأوَّلين وقليلٌ مِن الآخِرين) سورة الواقعة 56: 13 والثلة هى الجماعة والأولين هم اليهود والنصارى أما الآخرين فهم المسلمون بينما فى نفس السورة ( ثُلَّةٌ مِنَ الأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الآخِريِنَ) سورة الواقعة 56: 39 -وبالرغم من تناقض الآيتان فى تحديد نسبة الحاضرين من المسلمين وأهل الكتاب فى الجنه إلا هناك تناقض ثالث ( مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِين ) سورة آل عمران 3: 85.
فهل حضور المسلمين فى الجنه أقل من الآخرين أم متساوى الحضور أم أن الآخرون معدومى الوجود .؟!!
هذه الآيات واضحة المعنى والتحديد تختص بيوم القيامة كحدث مستقبلى يدركه الله بإعتباره كلى المعرفة ليخبر المؤمنين به أى أن الأمور لا تقبل ولا تسمح بالمراوغة لهذا الخلل لأننا أمام مشهد إخبارى يذكر فيه الله حضور المسلمين واليهود والنصارى فى الجنه .
يمكن تفسير هذا التناقض باننا أمام كتابات بشرية وصل بها الحال أن تتغير وتتبدل وتتناقض بناء على تأثير الجمهور المتابع فنقرأ من كتب التراث تناول لهذا المشهد برواية الإمام أبو محمد بن أبي حاتم: حدثنا أبي ، حدثنا محمد بن عيسى بن الطباع ، حدثنا شريك ، عن محمد بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال : لما نزلت ثلة من الأولين وقليل من الآخرين شق ذلك على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت ثلة من الأولين وثلة من الآخرين فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة ، ثلث أهل الجنة ، بل أنتم نصف أهل الجنة - أو شطر أهل الجنة وتقاسمونهم النصف الثاني " .!

- هل ينطقون أم لا ينطقون .؟!
فى مشهد إخبارى أيضا عما سيدور فى يوم القيامة للكافرين نجد مشهد متناقض فالله يقول ( يوم نختم على أفواههم ) و أيضاً (هذا يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون) وكذلك (ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون) مما يدل على أن الكفار فى يوم القيامة ممنوعون من الكلام حتى للدفاع عن أنفسهم ..ولكننا نجد في آية أخرى أنهم ينطقون ويتكلمون بحرية (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلانَا مِنَ الْجِنِّ وَالإنسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الأَسْفَلِينَ - فصلت)وفى آية أخرى (ثُمَّ لَمْ تَكُن فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ وَاللّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ - الأنعام) وفي آية ثالثة (وَلَوْ تَرَىَ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النَّارِ فَقَالُواْ يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ - الأنعام).
إذن لدينا آية تقول بإخراس الكفار عن النطق فى يوم القيامة ( يوم نختم على أفواههم ) وآيات أخرى نجدهم ينطقون ويتكلمون فما معنى هذا سوى اننا أمام تناقض وتضارب شديد لن تجد من يسعفه أو يبرره فهو يتناول مشهد إخباري من علم الله لذا لن تخرج الامور عن وصف بشري لمشهد متخيل، تأثر هذا الوصف بما يعتمل في نفس هذا الشخص من مشاعر وانفعالات لحظة التأليف .

- يتساءلون أم لا يتساءلون .!
فى نفس مشهد يوم القيامة نجد القرآن يخبرنا عن حال البشر (فلا أنساب بينهم يومئذٍ ولا يتساءلون) كما يسترسل فى سرد المشهد الرهيب ليوم القيامة بقوله ( يوم يفر المرء من أخيه، وأمه وأبيه، وصاحبته وبنيه) ليتضح أن هول الموقف لن يسمح لإلتفات المرء فيه لأخيه أو أمه وأبيه فضلاً عن أن إنشغاله بباقي الناس مما يؤكد قوله " لا يتساءلون ".ولكننا نجد القرآن في آية أخرى يقول( وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون)ويقول أيضاً ( فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون ) مما يدل على أن الكفار يتساءلون ويتلاومون ..فهل يتساءل الكفار يوم القيامة أم لا؟!

- إساءة تقدير أم ماذا ؟!! .
عندما نفتش فى التراث الدينى سنصل إلى توقفات مدهشة ,فمن ضمن هذه المواقف التى تعنينا فى بحثنا أن هناك تصريح بأن يوم القيامة سيكون قريباً معاصراً لأهل الأسطورة ..!
دعونا نقرأ بعض النصوص الدينية فى المسيحية والأسلام
فى المسيحية
" الحق اقول لكم لا يمضي هذا الجيل حتى يكون هذا كله " - وفى الاصحاح 16 من نفس انجيل متى يقول يسوع لتلاميذه ان بعض منهم لن يذوق الموت حتى يرى بعينيه هذه الامور ليروا مجئ يسوع مع ملائكته فى اللحظات الاخيرة التى تسبق نهاية العالم :( فان ابن الانسان سوف ياتي في مجد ابيه مع ملائكته و حينئذ يجازي كل واحد حسب عمله الحق اقول لكم " ان من القيام ههنا قوما لا يذوقون الموت حتى يروا ابن الانسان اتيا في ملكوته")
هكذا قال يسوع المسيح فلا يوجد أى مجال للألتباس والأستنتاج .
وماذا عن الأسلام .
ينذر محمد الكافرين فى زمنه عذابا "قريبا" إنا أنذرناكم عذابا قريبا يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا " النبأ4 وفى آية أخرى "فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم " محمد 18
ومن الأحاديث التى تعطيك دلالات قوية على قرب يوم القيامة فى زمن النبى .جاء فى صحيح البخارى – الادب –"حدثنا ‏ ‏عمرو بن عاصم ‏ ‏حدثنا ‏ همام ‏عن ‏ ‏قتادة ‏‏عن ‏‏أنس ‏أن رجلا من أهل البادية أتى النبي ‏ صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فقال يا رسول الله متى الساعة قائمة قال ويلك وما أعددت لها قال ما أعددت لها إلا أني أحب الله ورسوله قال ‏‏إنك مع من أحببت فقلنا ونحن كذلك قال نعم ففرحنا يومئذ فرحاً شديداً فمر غلام ‏‏للمغيرة ‏‏وكان من أقراني فقال إن أخر هذا فلن يدركه الهرم حتى تقوم الساعة ."
أذن ماذا نسمى هذه التصريحات على لسان المسيح ومحمد ..هل نقول أنهم أخطأوا التقدير والحساب أم ماذا ؟! .
أتصور أن إدعاء الأنبياء بقرب يوم القيامة هى عملية ترهيب بكل معنى الكلمة بخلق جو من الرعب والفزع فى جموع البشر بغية إنسحاقهم وإنبطاحهم تحت نعال المشروع الدينى الأجتماعى ولا يخلو الأمر من إستحضار روح ثقافة باسكال بمعنى إننا لن نخسر شيئا إذا صدقنا هذا النبي وتجاوبنا مع إطروحاته فلعل كلامه يكون صحيحاً ونواجه أهوال يوم القيامة حينئذ نكون جاهزين لمواجهة ويلات هذا اليوم ولكننا سنخسر كثيرا إذا ضربنا بكلامه عرض الحائط وكان هناك مثل هذا اليوم .
أتلمس كل العذر لأجدادنا الذين إنسحقوا وراء هذه الخرافة ..فمازال أحفادهم ينسحقون وراء هذا الكلام القديم ويجددوا روح باسكال على الدوام .

- هل الإيمان إطمئنان أم وجل .؟!
يقول القرآن في وصف المؤمنين (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله، ألا بذكر الله تطمئن القلوب - الرعد) وهذا وصف جميل يجد صداه لدى أهل الإيمان وكثيراً ما يتم ترديده بأن القرآن وذكر الله يمنح الطمأنينة والأمان ونرى هذه الدعاية والتوصيف تجد سبيلها أيضا عند كل أصحاب الإيمان فالمسيحى واليهودى يجد طمأنينة وسلام عند تعاطيه مع الكتاب المقدس فالانسان رهين أوهامه يستطيع أن يطوع عقله وعواطفه ليتقبل ما يريد أن يتقبله , ولكن القرآن لا يحافظ على هذه البشارة التى قدمها بأن القرآن وذكر الله يجلب الطمأنينة لنجده فى آية أخرى في سورة الأنفال تقول (انما المؤمنون الذين اذا ذكر الله وَجلت قلوبهم) فنحن هنا أمام معضلة, فالفعل هو ذات الفعل وهو ذكر الله، والفاعل هو نفس الفاعل وهو المؤمن، ولكن الله يقرر في الآية الأولى أن ذكر الله يطمئن القلوب ثم يذكر في الثانية أنه يصيب القلوب بالوجل وهو الخوف والاضطراب.

-هل ملاك واحد أم عدة ملائكة بشروا مريم ؟!
فى سورة آل عمران-( إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ) لتشير الآية هنا إلى عدة ملائكة تقوم بالبشارة , بينما فى سورة مريم:( فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا 17قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا18قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا 19قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا 20 قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا ) لتشير إلى ان حامل البشارة ملاك واحد .
فهل ملاك واحد قدم البشارة أم ثلة من الملائكة . ؟!

- هل عذب الله عاد يوماً واحداً أم عدة ايام ؟!
فى سورة فصلت نجد أن الله عذب فى عدة أيام ( فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنصَرُونَ ) بينما فى سورة القمر إكتفى بيوم واحد ( كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ 18إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ 19)

* تناقضات الكتاب المقدس .
طالما إحترنا مع القرآن فى مشهد الملاك المبشر كونه ملاكا واحدا أو عدة ملائكة فالكتاب المقدس أكثر ثراء من القرآن فى تلك التناقضات الفجة التى تتناقض فى سرد الحدث التاريخى الذى من البديهى أن لا يقبل إلا حالة واحدة فلسنا بصدد قراءة تفسيرية لنص يقبل اللغط بل حدث إخبارى تاريخى لا يقبل الا وجه واحد من الحقيقة ولكن مع الكتاب المقدس يوجد دائما أقوال أخرى.!
- قصة الطوفان .
فى التجهيز للطوفان يأمر الله نوح أن يصحب معه زوجين من الحيوانات والطيور (ومن كل حيّ من كل ذي جسد اثنين من كلّ تدخل الى الفلك لاستبقائها معك.تكون ذكرا وانثى) سفر التكوين – اصحاح 6 - 19
ولكنه يغير رأيه فى الإصحاح الذى يليه مباشرة بطلب إصطحاب سبعة سبعة من الحيوانات ذكر وانثى ( من جميع البهائم الطاهرة تأخذ معك سبعة سبعة ذكرا وانثى )سفر التكوين – اصحاح 7. فهل المطلوب اثنين أم سبعة ؟!.. عالعموم يبدو أن نوح كبر دماغه كما نقول مع هذا الإله المتردد فإصطحب معه زوجاً من كل نوع مع تحفظنا على هذا الهراء فى إصطحاب المملكة الحيوانية التى تتعدى الربع مليون نوع ليبقى إعتنائنا هنا بالإله الذى يطلب مرة زوج ومرة سبعة .

- تحريض دواد على محاربة اسرائيل بأمر من الله أم الشيطان .؟
فى صموئيل الثاني اصحاح 24 نجد الرب يأمر بالمحاربة وإحصاء اسرائيل ( وعاد فحمي غضب الرب على اسرائيل فأهاج عليهم داود قائلا امض واحص اسرائيل ويهوذا) بينما فى سفر أخبار الأيام اصحاح 21 (ووقف الشيطان ضد اسرائيل واغوى داود ليحصي اسرائيل) – حاجة غريبة .

- ثلاثة سنين جوع أم سبع سنين .؟
فى سفر صموئيل الثاني 13:24نجد نصا إخباريا بحلول سبع سنين جوع ( فَأَتَى جَادُ إِلَى دَاوُدَ وَقَالَ لَهُ: «أَتَأْتِي عَلَيْكَ سَبْعُ سِنِي جُوعٍ فِي أَرْضِكَ، أَمْ تَهْرُبُ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ أَمَامَ أَعْدَائِكَ وَهُمْ يَتْبَعُونَكَ، أَمْ يَكُونُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَبَأٌ فِي أَرْضِكَ؟ فَالآنَ اعْرِفْ وَانْظُرْ مَاذَا أَرُدُّ جَوَاباً عَلَى مُرْسِلِي».)
أما فى سفر أخبار الأيام الأول 21: 11( فَجَاءَ جَادُ إِلَى دَاوُدَ وَقَالَ لَهُ: «هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ: اقْبَلْ لِنَفْسِكَ إِمَّا ثَلاَثَ سِنِينَ جُوعٌ, أَوْ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ هَلاَكٌ أَمَامَ مُضَايِقِيكَ وَسَيْفُ أَعْدَائِكَ يُدْرِكُكَ, أَوْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ يَكُونُ فِيهَا سَيْفُ الرَّبِّ وَوَبَأٌ فِي الأَرْضِ, وَمَلاَكُ الرَّبِّ يَعْثُو فِي كُلِّ تُخُومِ إِسْرَائِيلَ. فَانْظُرِ الآنَ مَاذَا أَرُدُّ جَوَاباً لِمُرْسِلِي».)

- المقاتلون مع وضد يهوذا ؟
فى صموئيل الثاني اصحاح 24 يذكر الكتاب المقدس ان خمسمائة ألف من رجال يهوذا فى مواجهة ثمانمائة ألف من رجال إسرائيل ( فدفع يوآب جملة عدد الشعب الى الملك فكان اسرائيل ثمان مئة الف رجل ذي بأس مستل السيف ورجال يهوذا خمس مئة الف رجل) أما فى سفر أخبار الأيام الأول اصحاح 21 – 5 فتتغير الأعداد إلى أربعمائة وسبعين ألف ( فدفع يوآب جملة عدد الشعب الى داود فكان كل اسرائيل الف الف ومئة الف رجل مستلّي السيف ويهوذا اربع مئة وسبعين الف رجل مستلّي السيوف

-كم شخص قُتل بالرمح السحرى ليوشيب .؟!
فى سفر صموئيل الثاني اصحاح 23 - 8 نجد مشهد من الفنتازيا السحرية للخيال الدينى عندما يتوهج ويشط حيث قتل يشبعام ثمانمائة بضرب رمح واحدة ( هذه اسماء الابطال الذين لداود.يوشيب بشبث التحكموني رئيس الثلاثة.هو هزّ رمحه على ثمان مئة قتلهم دفعة واحدة ) ولكن فى سفر أخبار الأيام الأول اصحاح 11- 11 يكتفى الرمح بقتل ثلاثمائة ( وهذا هو عدد الابطال الذين لداود.يشبعام بن حكموني رئيس الثوالث.هو هزّ رمحه على ثلاث مئة قتلهم دفعة واحدة) -فهل لنا معرفة قتلى هذا الرمح السحرى .!

- إختلاف فى تحديد حدث لا يقبل السهو .
المسيح صعد إلى الجبل مصطحباً معه بطرس ويعقوب ويوحنا ليختلف واضعى الاناجيل فى ميقات الصعود ففى انجيل مرقس في [ 9 : 2 ] : (وبعد ستة أيام أخذ يسوع بطرس ويعقوب ويوحنا وصعد إلي جبل عال منفردين )إلا أن لوقا في [ 9 : 28 ] له تقدير آخر ( وبعد هذا الكلام بنحو ثمانية أيام أخذ يسوع بطرس ويوحنا ويعقوب وصعد إلي الجبل )
فى الحقيقة أن الكتاب المقدس ثرى بالتناقضات التى تتناول تباين الحدث الواحد لذا سنكتفى بما أوردناه .

. ماذا يعنى هذا الكم من التناقضات الفجة ؟!
هذا الجزء من تناقضات الكتابات المقدسة هو إمتداد للجزأين السابقين الذى يعتنى بالتناقض والتضارب البشع عند التعامل مع الحدث فلسنا بصدد آيات تتناول منهجية سلوك ونهج إلهى متردد حتى يأتى النصابون ليقولوا أن الله بدل من قراره ومنهجه أو أنه تحت تأثير الظرف القاهر تجاوب معه ورضخ له بل نحن أمام مغالطة فى تسجيل المشاهد والأحداث التاريخية التى لا تقبل اى وجه آخر إلا التحديد وهذا يعطينا دلالة قوية على بشرية النص التى لم يكتفى صاحبها فى رسم الاله كما يريد بل من فرط سذاجته وغفلته وسهوه وقع فى أخطاء لا يقع فيها أى كاتب مبتدأ لديه قليل من الفطنه والتركيز.

دمتم بخير وعام سعيد عليكم .
-"من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته " حلم الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع .



:: توقيعي ::: ( ذهبت إلى الغار .. غار حراء .. غار محمد وإلهه وملاكه .. إلى الغار العابس اليابس البائس اليائس ، ذهبت إليه استجابة للأوامر .
دخلت الغار ، دخلته .. صدمت .. ذهلت .. فجعت .. خجلت ، خجلت من نفسي وقومي وديني وتاريخي وإلهي ونبيي ومن قراءاتي ومحفوظاتي ..!
أهذ هو الغار.. غار حراء .. هو الذي لجأ واختبأ فيه الإله كل التاريخ !
  رد مع اقتباس
قديم 06-11-2014, 03:36 PM ترنيمه غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [3]
ترنيمه
عضو برونزي
الصورة الرمزية ترنيمه
 

ترنيمه is on a distinguished road
افتراضي

الأديان بشرية الفكر والهوى والهوية (15).

عندما نقول أن الأديان نتاج فكر بشرى فلا يكون قولنا هذا تعسفاً أو إدعاء بل حقيقة يمكن تلمسها بدون عناء من دراسة الأساطير والقصص التى تروج لوجود كائنات ميتافزيقية خرافية كإله وشيطان وجن وعفاريت وملائكة دون أن تقدم أى إثبات على وجودها بالرغم من عظم تلك الإدعاءات والقصص المروية عنها وذيوعها .. كما لا تكتفى بشرية الأديان بحجم القصص الخرافية بل تقذف لنا بحجم لا بأس به من المغالطات العلمية التى يفضحها العلم كالشمس التى تشرق وتغرب وتدور حول الأرض المسطحة,وتلك السماء التى بمثابة سقف مرفوع على أعمدة فى بعض الميثولوجيات وبدون أعمدة مرئية فى ميثولوجيا أخرى لتلتصق فيها النجوم كمصابيح إضاءة وغيرها من الخروقات العلمية ,كما يضاف لبشرية الأديان طرحها لمنظومة تشريعية وسلوكية وفكرية تتعاطى مع واقعها وتؤطر لمجتمعها لم تعد تتناسب مع أنساقنا العصرية .وإذا كان هذا يعنى شئ فهو أننا أمام تصورات ورؤى إنسان قديم عن الوجود, هكذا كانت حدود معرفته وتصوراته وتعاطيه مع واقعه . لينسج قصص وخيالات وشرائع لا تخرج عن طبيعة فكره ومستوى معارفه فلا يغيب هذا عن أى عقل مطلع على النص التراثى باحث بموضوعية لم يصيبها التخدير والإنبطاح أمام المقدس ,,أى عقلية حيادية متزنه وضعت الحصان أمام العربة ولم تتبع العكس .

دعونا فى هذا المقال نعرض مشاهد شائعه فى الكتب الدينية تثبت بجلاء بشرية النص ولن نطالب أحد أن يتحلى بعقلية حيادية نزيهة ولا أن يتخلص من نظرته المقدسة , فالمشهد بما يحمله من جلاء ووضوح وفجاجة كفيل ان يثقب العيون الغافلة ويصفع العقول المخدرة بسكرة المقدس بمشاهد فجة ذات تناقض حاد لن يجدى معها أى مرواغات وإلتفافات باحثة عن تبرير وتلفيق فهى لن تترك سوى الحرج الذى سيلجم الكلام ويجعل العقل يتحرر قليلا من شرنقته متحسساً رؤيتنا عن بشرية الأديان .
سنتناول النص الدينى فى الكتب المقدسة لنبرز التناقض فى كتاباته ولن يكون سبيلنا الإتكاء على الغموض أو حالة إلتباس تستنتج التناقض , فالتناقض من الفجاجة والوضوح تجعله لا يقبل أى تأويل أو مرواغة فهو فى تصريحات إلهية تصرح بشئ فى موضع وتنفيه فى موضع آخر ليعترى التناقض طبيعة الله وسماته وصفاته ... سأعرض فى هذا الجزء مجموعة من هذه التناقضات والتضاربات ولن أسترسل كثيرا فى التعقيب حيث الآيات تعبر عما أريد إثارته بجلاء .

- الله يقسم ومرة لا يقسم .!
من المفترض أن الله لا يُقسم فهذا إمتهان لألوهيته كون القسم يعنى أن هناك شئ أعظم منه أو يماثله ليتخذه وسيلة لإثبات مدى مصداقيته أمام سامعيه وهذا يعنى أنه يتوسم من سامعيه الثقة فى كلامه بقسمه ,علاوة على أن قسم الله بمخلوقاته لا يجوز له كإله هو خالقها لتأتى آية ( لاَ أُقْسِمُ بِهَذَا البَلَدِ ) سورة البلد 90: 1- محققة لهذا الإدراك بالذات الإلهية ,ولكن سرعان ما نجد الله يُقسم لتتبدد ألوهيته والغريب أنه يقسم بذات البلد "مكه " الذى تعهد بعدم القسم بها(وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ . وَطُورِ سِينِينَ . وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ . لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ . ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ . إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ . فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ) التين:1-8- فالله فى الآية السابقة يقسم بثلاثة التين والزيتون ,وطور سنين ,وهذا البلد الأمين فماذا نقول عن الذى نفى عن نفسه القسم ثم نجده يُقسم فهل نقول غفوة إله أم غفوة إنسان أم وضع سياسى طلب القسم .

- الله يندم ولكن عفواً هو يندم كثيرا ً.!
من المُفترض أن الله لا يندم لأن معنى ندمه أن ألوهيته تتبدد وتصبح هراء أمام الضعف والتردد وإنتفاء الحكمة لذا يقول الكتاب المقدس " ليْسَ اللهُ إِنْسَاناً فَيَكْذِبَ وَلا ابْنَ إِنْسَانٍ فَيَنْدَمَ. هَل يَقُولُ وَلا يَفْعَلُ؟ أَوْ يَتَكَلمُ وَلا يَفِي؟) عدد 23: 19 - ولكن نفس هذا الرب يندم (فَحَزِنَ الرَّبُّ أَنَّهُ عَمِلَ الإِنْسَانَ فِي الأَرْضِ وَتَأَسَّفَ فِي قَلْبِهِ. فَقَالَ الرَّبُّ: «أَمْحُو عَنْ وَجْهِ الأَرْضِ الإِنْسَانَ الَّذِي خَلَقْتُهُ: الإِنْسَانَ مَعَ بَهَائِمَ وَدَبَّابَاتٍ وَطُيُورِ السَّمَاءِ. لأَنِّي حَزِنْتُ أَنِّي عَمِلْتُهُمْ».) تكوين 6: 6-7 - كذلك (فَنَدِمَ الرَّبُّ عَلَى الشَّرِّ الَّذِي قَالَ إِنَّهُ يَفْعَلُهُ بِشَعْبِهِ.) خروج 32: 14 - و(وَلَمْ يَعُدْ صَمُوئِيلُ لِرُؤْيَةِ شَاوُلَ إِلَى يَوْمِ مَوْتِهِ, لأَنَّ صَمُوئِيلَ نَاحَ عَلَى شَاوُلَ, وَالرَّبُّ نَدِمَ لأَنَّهُ مَلَّكَ شَاوُلَ عَلَى إِسْرَائِيلَ.) صموئيل الأول 15: 35 - (وكان كلام الرب إلى صموئيل قائلا : ندمت على أني قد جعلت شاول ملكا ,لأنه لأنه رجع من ورائي ولم يقم كلامي فاغتاظ صموئيل وصرخ إلى الرب الليل كله)صموئيل الأول 15 - 11- (وحينما اقام الرب لهم قضاة كان الرب مع القاضي وخلّصهم من يد اعدائهم كل ايام القاضي.لان الرب ندم من اجل انينهم بسبب مضايقيهم وزاحميهم) .قضاة 2: 18- يبدو أن الله غارقاً فى ندمه فأين قوله ليس إنساناً يكذب ولا ابن إنسان فيندم .!

- الله لا يضره شئ لكن يضره أيضا.!
الله لا يضره شئ فهو إله عظيم لن يناله الضرر من عبيده لذا جاءت سورة التوبة فى هذا السياق " إِلا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )التوبة -ولكن نفس الإله يتعرض للضرر والأذى من عبيده ليغضب من هذا الأذى ويلعنهم فى الدنيا والآخرة " إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا) الأحزاب 57
ماذا عن الله هل لا يضار فى شئ أم يضار ويتأذى لدرجة أنه يفقد أعصابه ويلعن .؟!

- الله إله سلام وإله ضلال أيضاً.!
لن نتطرق هنا للإله الإسلامى هل هو إله سلام أم إله ضلال فقد حامت عليه شبهات كثيرة كونه يضل من يشاء ليكون تطرقنا إلى إله الكتاب المقدس الذى غار بتفرد الإله الإسلامى بالضلال بالرغم أنه أقر فى مواضع أنه إله سلام كما جاء في الرسالة الأولى إلى أهل كورنثوس [ 14 : 33 ] ( أن الله ليس إله تشويش بل إله سلام ) - و جاء في رسالة بولس الأولى إلى تيموثاوس [ 2 : 4 ] قوله (الذي يريد أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون ) ولكنه ناقض هذا الكلام كما جاء في الرسالة الثانية إلى أهل تسالونيكي [ 2 : 11] ( ولأجل هذا سيرسل اليهم الله عمل الضلال حتى يصدقوا الكذب ) علاوة على قصته الشهيرة مع فرعون مصر "فقال الرب لموسى أنظر أنا جعلتك إلها لفرعون , وهارون أخوك يكون نبيك انت تتكلم بكل ما آمرك . وهارون أخوك يكلم فرعون ليطلق بني إسرائيل من أرضه " ولكني أقسي قلب فرعون " وأكثر آياتي وعجائبي في أرض مصر "
فهل الله إله سلام أم إله ضلال وما هو سر عشق الآلهة تضليل البشر .؟!

- الله ينهى عن الفتنه ولكنه يصنع الفتنه .!
الله ينهى عن الفتنة فى مواضع عدة بالقرآن (يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْـزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ )الأعراف 27- (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوَانَ إِلا عَلَى الظَّالِمِينَ)البقرة 193 - (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ)البقرة 191
ولكن نفس الله الذى يحذر من الفتنه وينهى عنها يعمل الفتنه (وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلا لِمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ "هِيَ إِلا فِتْنَتُكَ " تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ) الأعراف 155- (وَلَقَد " فَتَنَّا" الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ )العنكبوت 3 - ( وَكَذَلِك "فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ " لِيَقُولُوا أَهَؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ)الأنعام 53 – ( وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا) الفرقان 20
هنا الله يقول " فتنا "وجعلنا بعضهم لبعض فتنة الآخر ولاحظ أنه لم يقل أن الناس هم الفتنة بل هو من يُفتن بينما قال سابقا "الفتنة أشد من القتل" و"قاتلوهم حتى لا تكون فتنة "كما حذر من فتنة الشيطان .!

- الله يعلم ولكنه ايضا لا يعلم .!
من المفترض ان الله يعلم فهذه من صفات الله التى يتغنون بها دوما بأنه عالم الغيب وكلى المعرفة (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ) الحشر -وهناك العديد من الآيات التى تؤكد علم الله للغيب ولكن توجد آيات لا يعلم فيها
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ) 94:المائدة - (وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ )11:العنكبوت- (وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) 3:العنكبوت- (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ) 140: آل عمران.
فلنتأمل " لِيَعْلَمَ اللَّهُ "ولتؤكد سورة الحجر هذا فى أن الله لا يعلم الغيب " ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين " فالله فى هذه الآية غير متأكد والأمور لديه فى موضع الإحتمالية بالقول " ربـــــما "فلو كان الله متأكد لحذفها ..فهل الله يعلم أم لا يعلم.؟!

*بالطبع الله لا يتغير ولكنه يتغير .
من المُفترض أن صفات الله ثابتة لا تتغير وهو ما أشار إليه الكتاب المقدس (أنا الرب لا أتغير) ملاخى 3: 6 -ولكن فى نفس الكتاب صفات الله غير ثابتة وتتغير فى مواضع أخرى (وَبَعْدَ سِتَّةِ أَيَّامٍ أَخَذَ يَسُوعُ بُطْرُسَ وَيَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا أَخَاهُ وَصَعِدَ بِهِمْ إِلَى جَبَلٍ عَالٍ مُنْفَرِدِينَ. وَتَغَيَّرَتْ هَيْئَتُهُ قُدَّامَهُمْ وَأَضَاءَ وَجْهُهُ كَالشَّمْسِ وَصَارَتْ ثِيَابُهُ بَيْضَاءَ كَالنُّورِ.) متى 17: 1-2 ومرقس 9: 2 و لوقا 9: 29- كما ظهر كتنين ضخم فى صموئيل الثانى ( فَارْتَجَّتِ الأَرْضُ وَارْتَعَشَتْ. أُسُسُ السَّمَوَاتِ ارْتَعَدَتْ وَارْتَجَّتْ، لأَنَّهُ غَضِبَ. صَعِدَ دُخَانٌ مِنْ أَنْفِهِ، وَنَارٌ مِنْ فَمِهِ أَكَلَتْ. جَمْرٌ اشْتَعَلَتْ مِنْهُ. طَأْطَأَ السَّمَاوَاتِ وَنَزَلَ وَضَبَابٌ تَحْتَ رِجْلَيْهِ. رَكِبَ عَلَى كَرُوبٍ وَطَارَ، وَرُئِيَ عَلَى أَجْنِحَةِ الرِّيحِ.جَعَلَ الظُّلْمَةَ حَوْلَهُ مَظَلاَّتٍ، مِيَاهاً مُتَجَمِّعَةً وَظَلاَمَ الْغَمَامِ. مِنَ الشُّعَاعِ قُدَّامَهُ اشْتَعَلَتْ جَمْرُ نَارٍ. أَرْعَدَ الرَّبُّ مِنَ السَّمَاوَاتِ، وَالْعَلِيُّ أَعْطَى صَوْتَهُ. أَرْسَلَ سِهَاماً فَشَتَّتَهُمْ، بَرْقاً فَأَزْعَجَهُمْ. فَظَهَرَتْ أَعْمَاقُ الْبَحْرِ، وَانْكَشَفَتْ أُسُسُ الْمَسْكُونَةِ مِنْ زَجْرِ الرَّبِّ، مِنْ نَسْمَةِ رِيحِ أَنْفِهِ.) صموئيل الثانى 22: 7-16.

- الله مرة لا يُرى و مرة يُرى
الله لا يُرى ، فلا يقدر أحد أن يراه كما جاء فى تثنية (فكلمكم الرب من وسط النار ، وأنتم سامعون صوت كلام ، ولكن لم تروا صورة بل صوتاً فاحتفظوا جداً لأنفسكم. فإنكم لم تروا صورة ما، يوم كلمكم الرب فى حوريب من وسط النار) تثنية 4: 12 ، 15 كذلك عندما طلب موسى من الله أن يراه قال:( لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَرَى وَجْهِي لأَنَّ الْإِنْسَانَ لاَ يَرَانِي وَيَعِيشُ) خروج 33: 20 ،ويؤكد هذا سفر إشعياء قائلاً: (حقاً أن إله محتجب يا إله إسرائيل) إشعياء 45: 15 ، ويدعمه يوحنا قائلاً: (اللهُ لم يره أحد قط) يوحنا 1: 18
إلا أن يعقوب رأى الله وصارعه وانتصر عليه: (30فَدَعَا يَعْقُوبُ اسْمَ الْمَكَانِ «فَنِيئِيلَ» قَائِلاً: «لأَنِّي نَظَرْتُ اللهَ وَجْهاً لِوَجْهٍ وَنُجِّيَتْ نَفْسِي») تكوين 32 (، ( فَأَتَى اللهُ إِلى بَلعَامَ وَقَال: «مَنْ هُمْ هَؤُلاءِ الرِّجَالُ الذِينَ عِنْدَكَ؟» فَأَتَى اللهُ إِلى بَلعَامَ ليْلاً وَقَال لهُ: «إِنْ أَتَى الرِّجَالُ لِيَدْعُوكَ فَقُمِ اذْهَبْ مَعَهُمْ. إِنَّمَا تَعْمَلُ الأَمْرَ الذِي أُكَلِّمُكَ بِهِ فَقَطْ».) عدد 9 ، 20.!

- الله لا يأمر بالفحشاء ولكن يأمر بالفسق .!
الله لا يأمر بالفحشاء ولا يهلك القرى بظلم وأهلها غافلون كما جاء فى الأعراف 7: 28 ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ ) وقال في سورة الأنعام ( ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ ) 6: 131 - ولكنه يهلك القرى ويأمر بالفسق فيقول في سورة الإسراء: ( وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً ) 17: 16- فالأمر بالفسق هو أمر بالفحشاء، وإهلاك أهل القرية من أجل أن مُترَفيها ..لنسأل أليس الله آمر بالفسق ,وهل القرية فاسدة لتنال عقابه وما معنى قوله لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ . وإذا كانت فاسدة فهل الله يحتاج مبرر وذريعة وحجة وهذا السيناريو .!!

- الله سيسأل البشر يوم القيامة أم لا ؟!
بالطبع سيُسأل البشر يوم القيامة وإلا ما معنى كل هذه الجلبه والضوضاء التى أتحفتنا بها الأديان فعندما يأتى الحديث عن يوم القيامة يقول الله في القرآن (فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون - الحجر) كما يقول في آية أخرى (ولتُسئلن عما كنتم تعملون) ويقول في آية ثالثة (فقفوهم إنهم مسئولون) وفي رابعة يقول (فلنسئلن الذين أرسل إليهم ولنسئلن المرسلين) ولا نجد حاجة لشرح هذه الآيات فمعناها واضح ولا أحسب أن مسلماً لا يعرف أن الناس مسلميهم وكافرهم سيسئلون عن أعمالهم يوم القيامة.. ولكننا نجد آية أخرى تقول (ولا يُسْئَلُ عن ذنوبهم المجرمون - القصص) !! كما يقول (فيومئذ لا يُسئل عن ذنبه إنس ولا جان - الرحمن)!
فهل سيُسأل الناس يوم القيامة أم لا؟ أم أن الله لم يستقر على رأي في هذا الشأن - يحاول أهل التأويل المراوغة بتفسير عدم سؤال المجرمين بأن الملائكة لا تسأل عنهم, لأنهم يعرفونهم بسيماهم فهكذا الأمور فى يد الملائكة تعرفهم وكأن الأشرار ذو وجوه قبيحة ولكن نسى أهل المرواغة أن السؤال لا يخص الملائكة بل الله حصراً لا شريك له فسيسأل الناس أجمعين " فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون " فالكلام واضح ولم يقل سيسأل الأخيار ناهيك عن إختلال قصة العدل والمحكمة الإلهية حينما لا يُسأل الناس أجمعين .

- الله كلى الصلاح ولكن مُفسد وخالق الشر ايضاً.!
الله كلى الصلاح فى الكتاب المقدس لتجد إشارات لذلك ( احمدوا الرب لأنه صالح) أخبار الأيام الأولى 16:34- (الجميع زاغوا وفسدوا معاً ليس من يعمل الصلاح ليس ولا واحد )رو 3 : 12-ولكن يقول الرب فى أشعياء45:7 عن نفسه ( مصور النور وخالق الظلمة صانع السلام و"خالق الشر" انا الرب صانع كل هذه ) – كما نجده يُفسد عن عمد ( وَأَعْطَيْتُهُمْ أَيْضاً فَرَائِضَ غَيْرَ صَالِحَةٍ وَأَحْكَـاماً لاَ يَحْيُونَ بِهَا) حزقيال 20 : 25- ويطل علينا ثانية مشهد تقسية الله لقلب فرعون في سفر الخروج 7 : 1-3(فقال الرب لموسى أنظر أنا جعلتك إلها لفرعون وهارون أخوك يكون نبيك انت تتكلم بكل ما آمرك . وهارون أخوك يكلم فرعون ليطلق بني إسرائيل من أرضه " ولكني أقسي قلب فرعون " وأكثر آياتي وعجائبي في أرض مصر .)

- مرة لايتعب و مرة أخرى يتعب
الرب لا يكل ولا يتعب: ( أَمَا عَرَفْتَ أَمْ لَمْ تَسْمَعْ؟ إِلَهُ الدَّهْرِ الرَّبُّ خَالِقُ أَطْرَافِ الأَرْضِ لاَ يَكِلُّ وَلاَ يَعْيَا.) إشعياء 40: 28 -ولكن نفس هذا الرب يكل ويتعب: ( وَبَارَكَ اللهُ الْيَوْمَ السَّابِعَ وَقَدَّسَهُ لأَنَّهُ فِيهِ " اسْتَرَاحَ مِنْ جَمِيعِ "عَمَلِهِ الَّذِي عَمِلَ اللهُ خَالِقاً.) التكوين 2: 3

نثرنا بعض التناقضات التى تثقب العيون ويتبقى فى جعبتنا المزيد لإثبات بشرية الأديان كنتاج لفكر بشرى ذو هوى ليقع فى التخبط الفج مما ينزع عن كتابيه أى حكمة ورجاحة عقل ليحق أن ننعتهم بعدم التركيز والغفلة التى تتضائل أمام إبداعات بشرية أخرى لم تقع فى مثل هذا التخبط والتناقض .!
نحن أمام تناقضات واضحة تخص لاهوت الله وناموسه لا علاقة لها بموائمات وإلتوائات حتى يحاول المُبررون أن يجدوا سبيلاً يخرجهم من هذا الحرج ,فهذه النصوص من المُفترض أنها إلهية أى تعلن عن موقف نهائى وكأقوال من ذات إلهية لا تقبل المساومة ليتبدد بهذا فكرة الأقوال المقدسة وتضعنا أمام إنسان يسطر نصوصه بيده وفقاً لرؤيته ورغباته ومصالحه وإخفاقاته فلا وجود لفكرة إله يلقى بالنصوص من السماء .

هذه بعض النقاط ويبقى المزيد فى أجزاء قادمة تتناول تناقضات فى القرآن والكتاب المقدس لنؤكد بشرية النص , فالنصوص تم تسطيرها وفق رؤية إنسانية هكذا كانت درجة وعيها ورؤيتها وسهوها وقدرتها على التعاطى مع الأحداث والمشاهد , فهى أبدعت فكرة الإله كأيدلوجية فكرية لترفعه فى برج عاجى منزه عن البشر ولكن سرعان ما تهاوت عندما تفاعلت فكرة الإله فى الواقع لترتدى بشريتها صراحة ,فما يراد من رغبات وغايات تطلب التحقيق فلا يهم حينئذ التناقض والغفوة والسهو ففكرة الإله جاءت بفكر إنسان ومن أجل الإنسان .

دمتم بخير .
-"من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته " حلم الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع .



:: توقيعي ::: ( ذهبت إلى الغار .. غار حراء .. غار محمد وإلهه وملاكه .. إلى الغار العابس اليابس البائس اليائس ، ذهبت إليه استجابة للأوامر .
دخلت الغار ، دخلته .. صدمت .. ذهلت .. فجعت .. خجلت ، خجلت من نفسي وقومي وديني وتاريخي وإلهي ونبيي ومن قراءاتي ومحفوظاتي ..!
أهذ هو الغار.. غار حراء .. هو الذي لجأ واختبأ فيه الإله كل التاريخ !
  رد مع اقتباس
قديم 07-01-2014, 06:18 AM ترنيمه غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [4]
ترنيمه
عضو برونزي
الصورة الرمزية ترنيمه
 

ترنيمه is on a distinguished road
افتراضي

تناقضات فى الكتابات المقدسة-جزء خامس .


- الأديان بشرية الفكر والهوى والهوية (27) .

الأديان كتابات بشرية فكراً ورؤية بل يعتريها الخيال والهوى فى جموحها لذا حملت كم لا بأس به من المغالطات والتناقضات والخرافات بل التهافت وسذاجة المعنى والطرح ونحن لانعتب أو نلوم هذا التخبط بل نترفق به كونه نتاج زمانه فهكذا كان الإنسان القديم أسير معارفه ومداركه الضيقة وخوفه وصراعاته ومصالحه لينتج رؤى تعبر عن معارفه الضيقة المشوشة ومجمل الظروف الموضوعية التى أحاطت به لينتج هكذا نصوص ولكن لن يدهونا هذا للترفق بمن مازال يحمل هذا التراث على أكتافه ويراه رائعاً ومناسباً .
إذا كان المؤمنين يرفضون هذا التحليل الواقعى الموضوعى عن بشرية النص ليعتبروا الكتب المقدسة من إله قدير فعليه أن يبرروا منطقيا بل وفقاً لمفرداتهم الإيمانية هذا التناقض والإختلاف التى تعترى النصوص فهم لا يرون أى خطأ فى آية أو حرف أو كلمة وفقا لقول القرأن (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا) بالرغم أن كلمة " إختلافا كثيرا" هذه تستدعى التوقف فهل الإختلاف القليل فى القرآن جائز!! فالمفترض أن لا يوجد أى إختلاف على الإطلاق !!..عالعموم هاهو الجزء الخامس من تناقضات الكتابات المقدسة التى نقدم فيه بعض من الإختلافات كثيرة ولن نقترب من حمولة الخرافات والتناقضات العلمية فهذه لها بحثها الخاص.

دعونا فى هذا البحث نعرض مشاهد من القرآن تثبت بجلاء بشرية النص ولن نطالب أحد أن يتحلى بعقل نزيه وموضوعي وحيادي قوى , فالمشاهد بما تحمله من جلاء ووضوح كفيل أن تثقب العيون الغافلة وتصفع العقول المُخدرة بسكرة المقدس من تناقضاتها الفجة فلن يجدى معها أى مرواغات وإلتفافات باحثة عن تبرير وتلفيق فهى لن تترك سوى الحرج الذى سيُلجم التهافت ويدفع العقل للتحرر من شرنقته ليدرك بشرية الأديان وهذا عندما نتحلى بقليل القليل من الموضوعية .
سيسير هذا الجزء على نهج الأجزاء الأربعة السابقة فى إبراز التناقض بالكتابات المقدسة ولن يكون سبيلنا الإتكاء على حالة غموض أو إلتباس فى فهم النص لنستنتج التناقض ,فالتناقض من فجاجته ووضوحه لن يسمح بأى تلفيق ومرواغة فنحن أمام تصريحات إلهية تتعلق بحُكم وحدث ومشهد وتوصيف ليتم التصريح بحُكم فى موضع وذكر خلافه فى موضع آخر ,أى أننا سنتناول تضارب تناول الحكم والحدث والتوصيف والسرد الذى يدل على بشرية كاتب إعتراه التأثر برأى الجمهور كما لا تخلو الأمور أيضاً من السهو والغفلة وعدم التركيز .

- التضارب فى عدة المتوفى زوجها .
لن نثير فكرة إلتزام المرأة بعدة زوجها المتوفى بينما الرجل لا يلتزم ,فيمكنه ان يتزوج يوم وفاتها بعد تأبينها هذا إذا كان سيعتنى بالإنفاق على دفنها وحضور التأبين ! .. ليقول قائل إن إعتداد المرأة يرجع لإحتمالية أن تحمل فى أحشائها جنين من زوجها المتوفى فيجب الإمتناع لفترة عن الزواج وهذا كلام منطقى ولكن ليكن هذا شهراً فإذا أتاها الحيض فيعنى هذا أنها لم تحمل فى بطنها جنين من زوجها المتوفى ..عالعموم نجد القرآن خاض فى هذه النقطة بالرغم أنها لا تحتاج الخوض ولكن عندما خاض قدم تناقض وإختلاف وتضارب فى هذا الموضوع البسيط فمرة جعل العدة عاماً كاملاًً وفى موضع آخر جعل العدة أربعة أشهر وعشرة أيام ففى سورة البقرة 2: 240جعل العدة عاماً كاملا ( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ ) لتأتى آية أخرى من نفس سورة البقرة لتعلن أن العدة أربعة أشهر وعشرة أيام ( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً ) البقرة (2: 234). فبماذا نستطيع أن نُفسر هذا التخبط ,فإستحضار مقولة النسخ هنا بالرغم ورودها لتسعف التناقض لن تكون إلا مقولة شديدة التهافت والسذاجة تنال من الله وتضعه فى موقف حرج لا يليق بألوهيته كونه يعتريه السهو والغفلة والتردد وعدم المعرفة فمن المُفترض أنه قرر منذ البدء قبل خلق الإنسان ووفقا لقصة اللوح المحفوظ أن مدة العدة المناسبة هى عام كامل مثلاًً ,فلا مساومة فى هذا فهكذا هى إرادته وناموسه ورؤيته وحكمه فلا يصح التخبط والتردد ليغير المدة , فهل الله لم يعلم أن الافضل أن تكون العدة أربعة أشهر وعشر أم أننا أمام نصوص بشرية غارقة فى الهوى لم تجد إستحساناً من الجمهور بأن تكون العدة عاماً كاملاً فغيرها دون أن يغمض له جفن .

- مدة الحمل والفطام .
تدخل القرآن فى تحديد مدة الحمل والفطام ,ولا تعلم ما هى الأهمية أن يخوض فى هذا الشئ كون الأمور تخضع للأوضاع الطبيعية للمرأة بالنسبة لمدة الحمل وكذلك بالنسبة للفطام اللذان يتوقفا على حالة المرأة الطبيعية والصحية . عالعموم نجد القرآن خاض فيهما ونرى أنه حدد مدتين مختلفتين فمرة يقول أن الحمل والفطام 33 شهر ومرة ينبه أنها 30 شهر . ففى سورة لقمان 14 ( ووصينا الانسان بوالدية حملتة امة وهنا على وهن وفصالة فى عامين ) وكذلك فى البقرة ( والوالدات يرضعن اولادهن حولين كاملين لمن اراد ان يتم الرضاعة وهذا يعنى أن الفطام لمدة عامين كاملين أى 24 شهر ليضاف لها مدة الحمل التى هى 9 أشهر لتكون مدة الحمل و الفطام 33 شهر ولكن هذا يتناقض مع ما جاء فى سورة الأحقاف ( ووصينا الانسان بوالدية احساناً حملتة امة كرهاً ووضعتة كرهاً وحملة وفصالة ثلاثون شهرا) إذن نحن أمام مدتين أحدهما 30 شهر وأخرى 33 شهر فما معنى هذا سوى الغفلة فإذا كان يعتنى بمدة الفطام كعامين فيكفي هذا فلا يضم لها لمدة الحمل ,والغريب انه لم يصر على الرضاعة بعامين بقوله ( لمن اراد ان يتم الرضاعة) فما معنى هذا الإختلاف وبماذا نفسره سوى أننا أمام كتابات بشرية إعتراها السهو والغفلة .

- الحساب على النيات أم لا داعى .
المُفترض عقلاً ومنطقاً أن الله عندما يضع حُكم فهو حكم يراه ناموس وإلتزام على كل المؤمنين به فهكذا أمره وحكمته وتقديره ومشيئته وترتيبه التى هى منذ البدء .. فأمره وحكمه لا يجب أن يُتنازع عليها ولا محل للمساوة علاوة على أن معرفته المطلقة ستُدرك وقع أى أمر على البشر لتجنبه إصدار أمر ثم يلغيه بعدها بأيام فهذا ينال من ألوهيته وحكمته فلا تُبقى منها شيئاً ولكننا نجد التناقض والتخبط يطل علينا فى آيتان بسورة البقرة ففى الأولى يقول ( وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ ) البقرة 284:2 وهذا يعنى أن الله قرر أن يحاسب البشر على نياتهم وما يخفونه فى صدورهم ولكن تطل علينا آية تالية فى نفس سورة البقرة تُلغى هذا الكلام وتنفيه لتأتى بعكسه (لا يكلّف الله نفساً إلا وسعها ) البقرة 2:286 فلا معنى هنا للحساب على النيات وما تخفيه الصدور .لنسأل هل الله سيحاسب حسب النيات وما فى الصدور أم لا !.
من البؤس والتهافت الفكرى الساذج القول بأن الله نسخ الآية الأولى فهل الله الذى قرر أن يُحاسب البشر على ما تخفيه صدورهم لم يكن يُدرك أن هذا الأمر سيُرهق المؤمنين ولن ينال إستحسانهم ليتراجع عنه فهو هنا يفتقد لمعرفة الغيب علاوة على خضوعه لأهواء ومزاج البشر علاوة أن الآية الثانية جاءت بعد الأية الأولى مباشرةً.!
هذا تناقض وتخبط بَين ولكن يمكن أن ندرك سببه كونه رؤية بشرية تُنتج النصوص وفق أهواء الجمهور فتحدثنا كتب التراث أن آية ( وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ ) سردها محمد فى إطلالة فكرية منه وحين احتج الصحابة للرسول عند سماعهم تلك الآية جثوا على ركبهم وبكا منهم البعض ليقروا بعدم مقدرتهم على ذلك المطلب بأن يوقفوا حديث النفس فقال لهم الرسول بعد ان طلب منهم ان يقولوا سمعنا واطعنا قال :(إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم) لتنزل آية (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا.) تبطل سابقتها فماذا نقول عن هذا السيناريو ألسنا أمام تعاطى بشرى ينتج نصوصه وفق مزاج ورد فعل الجمهور فلا هى أوامر إلهية ولا يحزنون.

- حتى توصيف حال المؤمن يعتريه التخبط .
ذكرنا فى الأمثلة السابقة وضعية أحكام يعتريها التناقض والتخبط لنجد أن هذه سمة عامة فى النصوص المقدسة لتطال توصيف القرآن لحال المؤمنين بأن الطمأنينة تغمر قلوبهم ( الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله، ألا بذكر الله تطمئن القلوب – الرعد ) وهذا توصيف جميل يدعى أن الطمأنينة والأمان تغمر نفوس المؤمنين عندما يقرأون القرآن فهكذا يُصرحون بل يُصرح كل المؤمنين بالكتب المقدسة ,فالمسيحى يُعرب لك عن حالة السلام التى تغمره وهو يقرأ الكتاب المقدس وكذلك اليهودى عندما يقرأ التوراة ,وأرى أن الانسان أسير أوهامه فيستطيع أن يطوع عقله ليقبل ما يُريد أن يقبله فهو يَستدعى مشاعر الطمأنينة عندما يتعامل مع كتاباته المقدسة بدليل أن أى دينى لا يحمل تلك المشاعر عندما يمسك كتب الآخرين ويقرأها ,,عالعموم القرآن لم يترك هذه الحالة التوصيفية كما هى بل يستدعى نقيضها تماماً لتجده فى آية أخرى بسورة الأنفال يجعل الوجل والخوف مُصاحب للمؤمنين ( انما المؤمنون الذين اذا ذكر الله وَجلت قلوبهم ) وبالطبع وجل القلب غير طمأنينتة , فالوجل حسب لغتنا العربية هو الخوف والفزع ,فما معنى هذا التناقض والتخبط الذى طال توصيف حالة شعورية , فالوجل والخوف والفزع مُناقض تماما لطمأنينة القلوب .!
أتصور أن محمد أراد أن يضع كل شئ فى العملية الإيمانية من باب التحبيب والتعظيم والترهيب والهيمنة فى سبيل تجييش المؤمنين بداخلها فلم يكتفى بكون الإيمان مانح الطمأنينة ليجعله تحت الخوف والفزع فى سبيل خلق حالة نفسية للمؤمن فلا يحيد عن المنظومة الإيمانية ولكنه أفسده هكذا بهذا التناقض ,لذا من يرفض هذا التفسير المتواضع فعليه ان يحدد هل الإيمان طمأنينة للقلوب أم خوف وفزع .

- تناقض فى سرد مشهد تاريخى .
نعلم قصة عصا موسى التى تحولت لحية فى الفلكلور والميثولوجيا التوراتية لينقلها القرآن إلى تراثه ولكن لابد ان يكون للقرآن رأى آخر ليُربك المؤمنين به فهو يُقر بأن العصا تحولت لحية فى أكثر من آية ففى الشعراء 32 ( فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ ) وكذلك قوله ( وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ ) الأعراف117 ليؤكد أنها ثعبان يتلقف ما يأفكون ,وكذلك قوله ( فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى )طه20- إذن نحن أمام عصا تحولت لحية يؤكدها قوله فى آية الشعراء بثعبان "مبين "أى واضح ولكن بعد هذه الروايات والتأكيدات نجد التخبط يهل علينا بآية سورة النمل 10 عندما يستعيض عن الثعبان المبين بالجان ( وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ) ولتلاحظ أن إلقاء العصا فى سورة طه أنتج حية تسعى بينما فى سورة النمل جان فى هيئة عصا .. فى الحقيقة ليس لدىّ تفسير عن سببية هذا التناقض كما تناولت فى الأمثلة السابقة حيث تأثير الجمهور فى إنتاج النص فنحن أمام مشهد قصصى لا يحتاج التناقض فى سرده لحدث ومشهد واحد .!

-إتقاء الله حق تقاته أم ما إستطعتم تقواه .
يطل علينا التناقض والتردد بشكل فج فى آيتين آخريتين أحدهما يأمر فيها الله المؤمنين أن يتقوه حق تقاته ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِوَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون) 3/102ال عمران . وآية أخرى يأمر بتقوته بقدر ما يستطيعون ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْرًا لِّأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) التغابن 16. فهل يتقى المؤمنون الله حق تقاته أم بقدر إستطاعتهم !
شئ غريب بالفعل ,فالله له رؤية ونهج ومنهج وحكم يريده وهذا محدد منذ الأزل فرضاً ,ويعلم جيداً ما يريده كما يعلم بإمكانيات البشر كونه عالم الغيب وحده فإما يريد من المؤمنين أن يتقوه حق تقاته أو ما إستطاعوا فإذا كان يُريد حق تقاته فلا داعى لما إستطعتم ,وكذلك لو يرضى بما إستطاعوا تقواه فلا معنى أن يأمر بحق تقاته وهذا يعطينا معنى واضح لبشرية النص لن يسعفها فكرة النسخ لأنه ستصيب الله بالتردد والغفلة والعجز والجهل عن معرفة الغيب وتحديد مشيئته وإرادته ولكن الحدث الذى صاحب الآية سيمنحنا رؤية واضحة بأننا أمام نصوص بشرية لحماً ودماً وإنفعالاًً يتم صياغتها وفقا لإرادة ومزاج الجمهور وبشكل ساذج فيذكر لنا الطبرى: حدثني يونس بن عبد الأعلى قال أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته " آل عمران : 102 قال : جاء أمر شديد , قالوا : ومن يعرف قدر هذا أو يبلغه ؟ فلما عرف الله أنه قد اشتد ذلك عليهم نسخها عنهم وجاء بالآية الأخرى : " اتقوا الله ما استطعتم" .!
وفى أسباب التنزيل للسيوطى : روى أحمد ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة قال: لما أورد محمد قوله وإنْ تُبْدوا ما في أنفسِكم أو تُخْفوه يحاسِبْكم بهِ اللهُ اشتدّ ذلك على أصحابه، فأتوا محمداً ثم جثوا على الرُّكب فقالوا: قد أنزل عليك هذه الآية ولا نطيقها. فقال: أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم: سمعنا وعصينا، بل قولوا سمعنا وأطعنا. غفرانك ربنا وإليك المصير . فلما فعلوا ذلك نسخها الله بقوله: لا يكلّف الله نفساً إلا وسعها , فمن هنا ترى أن محمد كان يتقلّب مع قومه ويدور معهم حسب ميولهم وأهوائهم ليرضيهم وهو من أنواع السياسة . فبالذمة ده كلام !!.. أية تنزل فلا تجد قبول من الجمهور فيتم حذفها وإستبدالها بآية أخرى فألسنا أمام كتابات بشرية لم تعتنى بأى درجة من الكياسة .

- التناقض والإختلاف فى آيتين متجاورتين وفقا لميول الجمهور أيضا .
( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ • الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) الأنفال65-66
هاتان آيتان متتاليتان فى سورة الأنفال هما 65 و66 لنشهد تناقض غريب وعجيب فالآية 65 تذكر أن 20 مقاتلاً إسلاميا يغلبون مئتين من الكفار ومائة يغلبون ألفاً أى بنسبة 1: 10 ثم تأتى الآية الأخرى المجاورة لها والملتصقة بها تماماً لتغير النسبة وتجعلها بنسبة ا: 2 فمائة مقاتل يغلبون مئتين فلا نجد من يندهش أمام هذه النصوص ولا تتحرك آليات دماغه لتقول ماهذا التناقض الفج ؟!
الفقهاء أحسوا بالورطة فأخرجوا الحل السحرى بالناسخ والمنسوخ فالآية الثانية نسخت الأولى ليتصوروا أن هكذا تم حل الإشكالية ولكن هاتين الآيتين تصف الله بعدم المعرفة والجهل والتسرع وما يؤكد هذا هو قوله ((الآنَ)) خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ ((وَعَلِمَ)) أن فيكم ضعفا , فمعرفة الله تمت فى حينها " الآن " والإدراك تم فى حينه " علم " أى أن علمه ومعرفته حادثة جاءت بعد الحدث فقد عرف " الآن" بينما المُفترض أن هذه المعلومة مُدركة منذ الأزل بحكم أن الله مطلق المعرفة وعالم الغيب ومدون لها فى اللوح المحفوظ .!
بالطبع نسب الآيتان لله سيصيب فكرة الإله بالخلل الشديد فنحن أمام إله يجهل الحدث وليس لديه معرفة كلية ليصدر حكمه ثم يلغيه بعد أن شاهد التجربة أمامه أم لنا أن نرى المشهد برؤية موضوعية منطقية عقلية ,فالنبى أراد شحذ نفوس مقاتليه وتوسم فيهم خيراً كثيراً وآمالاًً عريضة بقدرتهم على قتال الكافرين بنسبة 1: 10 فتلى عليهم هذه الآية وعندما أثبت له الواقع والأقربون صعوبة هذا قام بتخفيض النسبة إلى 2:1 .!
ألم يفكر أحد أن تلك الآيتان تثبتان أننا أمام فكر بشرى مُتردد ومُتسرع يريد تشجيع مقاتليه فنسب إلى الله فكرة أن المجاهدين يقاتلون عشرة أمثالهم وعندما وجد أن هذا مبالغ فيه خفض النسبة إلى 1:2 فالأمور بسيطة لا تطلب إلا شوية وحى ولنرتب الأمور على مزاجنا وفقا لحال المقاتلين وإحباطهم , كذلك لم يفطن أحد أن الآيتين متلاصقتين متجاورتين لأتصور أن الآية الأولى 65ذكرها النبى وعرضها على أصحابه ومقاتليه ليجد إحباط فالنسبة مغالٍ فيها وقد تعطى نتائج وخيمة فيتراجع ويدخل خيمته معدلاً النسبة إلى 1: 2 ويخرج بالآية الثانية66. ,,والغريب أنه لم يجد أى غضاضة أن يغير النسبة ويحتفظ بالآية 65 كما هى فلا مشكلة فقد نسخها أو بمعنى آخر نسخها الله ..أمور تمر بسهولة وغرابة ولكن أين العقل الذى يتوقف .!
ألسنا أمام كتابات بشرية لحما ودما وإنفعالاً وهوى .

دمتم بخير وإلى لقاء مع الجزء السادس .
-"من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته " حلم الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع




:: توقيعي ::: ( ذهبت إلى الغار .. غار حراء .. غار محمد وإلهه وملاكه .. إلى الغار العابس اليابس البائس اليائس ، ذهبت إليه استجابة للأوامر .
دخلت الغار ، دخلته .. صدمت .. ذهلت .. فجعت .. خجلت ، خجلت من نفسي وقومي وديني وتاريخي وإلهي ونبيي ومن قراءاتي ومحفوظاتي ..!
أهذ هو الغار.. غار حراء .. هو الذي لجأ واختبأ فيه الإله كل التاريخ !
  رد مع اقتباس
قديم 09-14-2014, 01:24 PM ترنيمه غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [5]
ترنيمه
عضو برونزي
الصورة الرمزية ترنيمه
 

ترنيمه is on a distinguished road
افتراضي

زهايمر-تناقضات فى الكتابات المقدسة-جزء سادس


-الأديان بشرية الفكر والهوى والهوية (35)

الفكر الإيمانى يصيب العقل البشرى بالجمود والتخدير والضمور فلا يتوقف أمام كل ما يقذف أمامه من خرافات فبدلاً أن يضعها على مذبح العقل يستسلم لها ليمرر جمل من سُم إبرة فلا يغمض له جفن .. العقل الإيمانى لا يريد أن يصدق أن الأديان فكر بشرى بكل ملابساته وخيالاته ومعارفه وأطروحاته لذا جاءت أساطيره ومعطياته هشة متناقضة مع كل العلم والمعرفة والمنطق الذى توصل له الإنسان .
فى هذه السلسلة من " تناقضات فى النصوص المقدسة " لا نعتنى بحجم الهراء والتهافت التى تطرحه الأديان وتناقضها مع العلم والعقل والمنطق بل سنعتنى بإيضاح بشرية النص من خلال تضارب وتناقض النصوص مع بعضها البعض لنجد أنفسنا امام كتابات متناقضة مهلهلة غير متماسكة الطرح لتأتى رواية هنا تناقض رواية هناك مما يعطى إثبات أننا أمام نصوص بشرية مشوشة لم تمتلك أى قسط من التركيز والتماسك ووضوح الرؤية .

فلنتناول قصة الخلق التى وردت فى القرآن والكتاب المقدس لنجد تناقض غريب وتخبط شديد فى الطرح بالرغم أنها القصة المحورية الأولى وحجر الزاوية المؤسس للإيمان الدينى بالإله لذا سنتناول هنا التضارب والتخبط والتناقض فى النصوص ولن نعتنى بتناول تلك المشاهد بمنظور علمى ليكون الإعتناء بهذا الأمر فى سلسلة "خرافات الأديان" بفضح تهافتها ولن يخلو الحال من فضح النصابون الملفقون المروجين للخرافة .

* تناقض فى قصة الخلق بالقرآن .
تحتوي النصوص الإسلامية التي تصف خلق الكون والحياة على نوعين من التناقض , تناقضات للنصوص مع بعضها البعض وهذا ما سنعتنى به وتناقضات النصوص مع العلم الحديث.وكما ذكرنا اننا سنتغافل عنها هنا على وعد بالإعتناء به لاحقا .
- فى سورة البقرة 29( هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعًا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات وهو بكل شئ ٍ عليم).
هنا نرى ان الله خلق مافى الارض جميعا , وكلمة " جميعا" تعنى ان الله خلق الاشجار والبحار والانهار والجبال وكل مافى الارض جميعاً بدون إستثناء ثم استوى الى السماء وسواها.
إذن هذه الآية تنص على الترتيب الآتى:
1- خلق الأرض.
2- خلق ما في الأرض " جميعا "
3- ((ثم )) خلق السماوات و ما فيها.

- فى سور النازعات (أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمَاء بَنَاهَا{27} رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا {28} وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا {29} وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا {30} أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءهَا وَمَرْعَاهَا {31} وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا {32} مَتَاعاً لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ )
تنص هذه الآيات هنا على أن الخلق جرى بالترتيب التالى :
أولا - خلق السماوات و ما فيها.
ثانيا- خلق الأرض و ما فيها.
أى إن الله سوى السماء أولا ليصبح هناك ليل وضحى ثم بعد ذلك دحا الارض بقوله (وَالْأَرْضَ ((بَعْدَ ذَلِكَ)) دَحَاهَا ) و خلق الماء والمرعى فى الارض وأرسى الجبال . ولكن هذا يناقض مع البقرة 29 التى تقول ان الله هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ (((جَمِيعاً))) أى بما فيها من ماء ومرعى وجبال قبل خلق السماء.

- فى سورة فصلت .( قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أنداداً ذلك رب العالمين * وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين ((( ثم))) استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعاً أو كرهاً قالتا أتينا طائعين * فقضاهن سبع سموات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظاً ذلك تقدير العزيز العليم)
تنص الآيات على أن الخلق جرى بالترتيب التالى :
1- خلق الأرض.
2- خلق ما في الأرض.
3- خلق السماوات و ما فيها.
فهنا الله خلق الارض أولا ووضع فيها الرواسى ثم سوى السماء بينما فى النازعات يقول ان الله سوى السماء أولا ثم جعل الرواسى فى الارض بقوله(وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا) ..فهل الله خلق كل مافى الارض جميعا من ماء ومرعى وجبال ثم سوى السماء بحسب ( البقرة 29 ) أم أن الله سوى السماء أولا ثم خلق ما فى الارض من ماء ومرعى وجبال حسب النازعات 27 فأليس الماء والمرعى والجبال هى أشياء فى الارض والله قد خلقهم أولا حسب البقرة 29 , فالله خلق مافى الارض جميعا ثم سوى السماء لكن فى النازعات نجد ان الله سوى السماء أولا ويقول كلمة (وبعد ذلك) دحاها أى الأرض ليخرج منها الماء والمرعى والجبال .!

- هل الله خلق الجبال التى هى الرواسى أولا قبل خلق السماء (وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا) كما فى سورة فصلت آم السماء كانت أولا قبل الجبال (وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا) كما فى سورة النازعات .
أليس هذا هو التناقض بعينه فهنا نجد مابين سورة البقرة و سورة النازعات اختلافا كثيرا والغريب قول القرآن (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) – لا يا سيدى توجد اختلافات جمة وهذا أول الغيث .!

- ألا نلاحظ شيئا أن أيام الخلق فى فصلت ثمانية أيام بدلا من سته فهى يومان لخلق الأرض وأربعة أيام لإرساء الرواسى وتقدير الأقوات ويومان لخلق السبع سموات والنجوم ! ..وألا نلاحظ شيئا آخر أن خلق الأرض التى لا تمثل أكثر من حبة رمل فى صحراء الكون الرهيب كما نعلم إستغرق أربعة أيام لمن يهوى ضمهما أو يومين +أربعة أيام كما فى النص بينما خلق السماء التى تحتوى على ملايين المجرات ومليارات النجوم استغرق يومين فقط بينما المنطق يطلب عكس هذا تماماً.

- ننهى التناقض فى سرد أسطورة الخلق بحديث نبوى يتناقض ما كل ما تم ذكره فى القرآن ليزيد الأمور إضطرابا.!
روى مسلم في صحيحه الحديث التالي من كتاب صفة القيامة و الجنة و النار- باب ابتداء الخلق و خلق آدم عليه السلام . (عن أبي هريرة قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فقال "خلق الله، عز وجل، التربة يوم السبت. وخلق فيها الجبال يوم الأحد. وخلق الشجر يوم الاثنين. وخلق المكروه يوم الثلاثاء. وخلق النور يوم الأربعاء. وبث فيها الدواب يوم الخميس. وخلق آدم، عليه السلام، بعد العصر من يوم الجمعة. في آخر الخلق. في آخر ساعة من ساعات الجمعة. فيما بين العصر إلى الليل.)
بداية نلاحظ أن أيام الخلق هي الأيام الأسبوع المعتادة و ليست الأيام التى تم مطها لتقدر بألف سنه أو خمسين ألف سنه وفق تطويع المفسرين المحدثين للتغطية على تناقض قصص الخلق القرآنية مع العلم الحديث من حيث عمر الكون والحياة ولكن لهذا الإشكاليات لها مقال آخر كما ذكرت .
نلاحظ هنا أن عدد أيام الخلق هنا سبعة لتبدأ عملية الخلق يوم السبت و لتستمر حتى آخر ساعة من ساعات يوم الجمعة وهذا يناقض نصوص القرآن الدالة على أنها ستة أيام .! كما نلاحظ استغراق خلق الأرض وما فيها ستة أيام بإعتبار خلق النور كناية عن خلق السماوات وما فيها تم فى يوم واحد وفق الحديث وهذا يناقض آيات فصلت مناقضة تامة. ولنلاحظ أنه لا يمكن الجمع بأى حال من الأحوال بين ترتيب الخلق فى الحديث و بين ترتيبات الخلق المذكورة فى القرآن كما جاء في آيات فصلت و آية البقرة وآيات النازعات .

- قبل ان ننصرف إلى أسطورة الخلق فى الكتاب المقدس هل لنا أن نتوقف أمام هذا المشهد الجانبى فى سيناريو الخلق فالكل يؤمن بقصة خلق الانسان من طين وأمر الله للملائكة أن يسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس ( وإذا قلنا للملائكة إسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس ) الكهف 50. بالرغم أن أحدا لم يتوقف أمام أن إبليس وفق هذه الآية من الجن بينما الخطاب موجه للملائكة ولكننا سننصرف عن ذلك لنجد القرآن في آية أخرى يقول " ولقد خلقناكم ((((ثم))) صورناكم ((((ثم)))) قلنا للملائكة اسجدوا لآدم "الأعراف- فهل خلق الله آدم ثم أمر الملائكة بالسجود له كما فى آية الكهف أم أنه خلق آدم وذريته ( خلقناكم , صورناكم ) ولتلاحظ (((( ثم )))) ثم أمر الملائكة بالسجود كما في آية سورة الأعراف.!

* تناقضات فى قصة الخلق بالكتاب المقدس .
- الكتاب المقدس يرد قصة الخلق فى إصحاحين متتالين من سفر التكوين لنجد تناقض بين الإصحاح الأول والثاني يختص بحياة النباتات. فيذكر تكوين 1: 11 أن الله خلق النباتات والزرع في اليوم الثالث. (وَقَالَ اللهُ: لِتُنْبِتِ الأَرْضُ عُشْباً وَبَقْلاً يُبْزِرُ بِزْراً وَشَجَراً ذَا ثَمَرٍ يَعْمَلُ ثَمَراً كَجِنْسِهِ بِزْرُهُ فِيهِ عَلَى الأَرْض. وَكَانَ كَذَلِكَ. 12فَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ عُشْباً وَبَقْلاً يُبْزِرُ بِزْراً كَجِنْسِهِ وَشَجَراً يَعْمَلُ ثَمَراً بِزْرُهُ فِيهِ كَجِنْسِهِ. وَرَأَى اللهُ ذَلِكَ أَنَّهُ حَسَنٌ. 13وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْماً ثَالِثاً )ولكن في تكوين 2: 5 يقول : ( كل شجر البرية لم يكن بعد في الارض وكل عشب البرية لم ينبت بعد لأن الرب الاله لم يكن قد امطر على الارض ولا كان انسان ليعمل الارض) أى ان الله لم يخلق النباتات قبل خلق الإنسان فهل خلق الله النباتات في اليوم الثالث قبل أن يخلق الإنسان كما فى تكوين 1، أم بعد خلق الإنسان كما فى تكوين 2.!
هل لنا ان نشير سريعا إلى إشكالية تلح على البوح ,فخلق النباتات جاء قبل خلق الشمس وهو ما يتناقض مع أى علم يدركه طالب فى المرحلة الإبتدائية , فالنبات يعتمد فى حياته على عملية التمثيل الضوئى كما نعرف ولكن سندع هذا بالتفصيل فى خرافات الاديان كما ذكرنا .

- تناقض آخر فى خلق النور والظلام فقد خلقهما الله فى اليوم الأول فنقرأ في افتتاحية سفر التكوين 1 :3( وَقَالَ اللهُ: لِيَكُنْ نُورٌ فَكَانَ نُورٌ. وَرَأَى اللهُ النُّورَ أَنَّهُ حَسَنٌ. وَفَصَلَ اللهُ بَيْنَ النُّورِ وَالظُّلْمَةِ. وَدَعَا اللهُ النُّورَ نَهَاراً وَالظُّلْمَةُ دَعَاهَا لَيْلاً. "وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْماً وَاحِداً.”). بينما نقرأ في نفس الإصحاح 1: 14 انهما خلقا فى اليوم الرابع ( وَقَالَ اللهُ: «لِتَكُنْ أَنْوَارٌ فِي جَلَدِ السَّمَاءِ لِتَفْصِلَ بَيْنَ النَّهَارِ وَاللَّيْلِ، وَتَكُونَ لآيَاتٍ وَأَوْقَاتٍ وَأَيَّامٍ وَسِنِينٍ. وَتَكُونَ أَنْوَارًا فِي جَلَدِ السَّمَاءِ لِتُنِيرَ عَلَى الأَرْضِ». وَكَانَ كَذلِكَ.فَعَمِلَ اللهُ النُّورَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ: النُّورَ الأَكْبَرَ لِحُكْمِ النَّهَارِ، وَالنُّورَ الأَصْغَرَ لِحُكْمِ اللَّيْلِ، وَالنُّجُومَ. وَجَعَلَهَا اللهُ فِي جَلَدِ السَّمَاءِ لِتُنِيرَ عَلَى الأَرْضِ، وَلِتَحْكُمَ عَلَى النَّهَارِ وَاللَّيْلِ، وَلِتَفْصِلَ بَيْنَ النُّورِ وَالظُّلْمَةِ. وَرَأَى اللهُ ذلِكَ أَنَّهُ حَسَنٌ.وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْمًا رَابِعًا. ) فألم يخلق الله النور فى اليوم الأول !

- تناقض آخر يختص بخلق الحيوانات. فيذكر تكوين 1: 24-25 أن الله خلق الحيوانات في اليوم السادس قبل أن يخلق الإنسان. ( قال الله لتخرج الارض ذوات انفس حية كجنسها بهائم و دبابات و وحوش ارض كاجناسها و كان كذلك فعمل الله وحوش الارض كاجناسها و البهائم كاجناسها و جميع دبابات الارض كاجناسها و راى الله ذلك انه حسن ) ولكن في تكوين 2: 19 يذكرأن الله خلق الحيوانات بعد أن خلق الإنسان.( و جبل الرب الاله من الارض كل حيوانات البرية و كل طيور السماء فاحضرها الى ادم ليرى ماذا يدعوها و كل ما دعا به آدم ذات نفس حية فهو اسمها) . ولكن قد يقول قائل أن الحيوانات كانت موجودة قبل خلق الإنسان وان الله قدمها لآدم بعد ذلك ولكن لم يفطن هذا القائل لبداية آية 2: 19 ( وجبل الرب الاله من الارض كل حيوانات البرية و كل طيور السماء) فجبل تعنى خلق .!

- في إصحاح 1 بسفر التكوين يذكر أن الله خلق الإنسان ذكراً وأنثى، ولكن فى إصحاح 2 من نفس السفر يقول إن الله خلق آدم ثم خلق حواء. ففي.تكوين 1: 26ـ 27 » ( وَقَالَ اللهُ: نَعْمَلُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا كَشَبَهِنَا، فَيَتَسَلَّطُونَ عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى الْبَهَائِمِ، وَعَلَى كُلِّ الأَرْضِ، وَعَلَى جَمِيعِ الدَّبَّابَاتِ الَّتِي تَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ. 27فَخَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. فخلق الله الانسان على صورته على صورة الله خلقه ذكرا و انثى خلقهم عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ. وهذا يعنى ان خلق آدم وحواء هو حالة من الخلق المستقل ذكراً وانثى على صورته ولكن في نفس السفر بالإصحاح الثاني: 18ـ 22 (وَقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ: لَيْسَ جَيِّدًا أَنْ يَكُونَ آدَمُ وَحْدَهُ، فَأَصْنَعَ لَهُ مُعِينًا نَظِيرَهُ. 19وَجَبَلَ الرَّبُّ الإِلهُ مِنَ الأَرْضِ كُلَّ حَيَوَانَاتِ الْبَرِّيَّةِ وَكُلَّ طُيُورِ السَّمَاءِ، فَأَحْضَرَهَا إِلَى آدَمَ لِيَرَى مَاذَا يَدْعُوهَا، وَكُلُّ مَا دَعَا بِهِ آدَمُ ذَاتَ نَفْسٍ حَيَّةٍ فَهُوَ اسْمُهَا. 20فَدَعَا آدَمُ بِأَسْمَاءٍ جَمِيعَ الْبَهَائِمِ وَطُيُورَ السَّمَاءِ وَجَمِيعَ حَيَوَانَاتِ الْبَرِّيَّةِ. وَأَمَّا لِنَفْسِهِ فَلَمْ يَجِدْ مُعِينًا نَظِيرَهُ. 21فَأَوْقَعَ الرَّبُّ الإِلهُ سُبَاتًا عَلَى آدَمَ فَنَامَ، فَأَخَذَ وَاحِدَةً مِنْ أَضْلاَعِهِ وَمَلأَ مَكَانَهَا لَحْمًا. 22وَبَنَى الرَّبُّ الإِلهُ الضِّلْعَ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْ آدَمَ امْرَأَةً وَأَحْضَرَهَا إِلَى آدَمَ. ) وهذا يعنى ان خلق حواء جاء من آدم .
يبحث المفسرون المسيحيون عن منفذ للخروج من تلك الإشكالية التى تذكر ان الله خلق آدم وحواء ذكراً وأنثى على صورته ثم فى موضع آخر خلق حواء من ضلع آدم ليقولون أن الإصحاح الأول ذكر الخلق بشكل إجمالى بينما تتطرق الإصحاح الثانى للتفصيل والإيضاح وذكر كيفية خلق حواء .
للقارئ ان يحكم بعقله فى هذه النقطة ولكننا لن نمررها بدون تأمل يلح على الخربشة لتضع الجميع فى حرج ,فالمسيحية التى تصدع بالقول أن الرب أعطى المرأة كل الكرامة نجد وفق أسطورة خلق حواء من ضلع لآدم أن هذا المشهد جاء بعد ان خلق الله الحيوانات وطابور العرض أمام السيد آدم ليسميهم فلم يجلب هذا السرور على آدم ليضطر الرب أن يخلق حواء أى أن المرأة جاءت فى نهاية القائمة بعد خلق الحيوانات والبهائم والطيور التى لم تجلب السرور والبهجة على السيد آدم ليضطر الرب أن يخلق المرأة .

هل لنا ان نقول بأن نصوص القرآن والكتاب المقدس نصوص إلهية أم نصوص بشرية مُغرقة فى بشريتها وهواها وتشوشها وتعانى من حالة زهايمر فلم تمتلك أى قدرة على التركيز .

دمتم بخير.
-"من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته" - حلم الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع .



:: توقيعي ::: ( ذهبت إلى الغار .. غار حراء .. غار محمد وإلهه وملاكه .. إلى الغار العابس اليابس البائس اليائس ، ذهبت إليه استجابة للأوامر .
دخلت الغار ، دخلته .. صدمت .. ذهلت .. فجعت .. خجلت ، خجلت من نفسي وقومي وديني وتاريخي وإلهي ونبيي ومن قراءاتي ومحفوظاتي ..!
أهذ هو الغار.. غار حراء .. هو الذي لجأ واختبأ فيه الإله كل التاريخ !
  رد مع اقتباس
قديم 09-28-2014, 02:53 AM ترنيمه غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [6]
ترنيمه
عضو برونزي
الصورة الرمزية ترنيمه
 

ترنيمه is on a distinguished road
افتراضي

سوبر ماركت أم تناقضات أم موائمات .


- تناقصات قرآنية - جزء سابع
-الأديان بشرية الفكر والهوى والهوية (36)

شاهدت بالأمس برنامج على قناة "الحرة " يحاور فيه مقدمه ثلاث شبان مسلمين أمريكيين عن رؤيتهم وحياتهم ومشاكلهم فى المجتمع الامريكى ليسترعى انتباهى تكرارهم لمقولة الإسلام دين سلام وانهم يحاولون أن ينشروا هذه الرؤية وسط رفاقهم ليجدوا ممانعة وفهم مغاير .. لم أعتبر هؤلاء الشباب برؤيتهم المثالية عن الاسلام كدين سلام كاذبون أو مراوغون أو مدلسون فهذا واقع حال وفكر الكثير من المسلمين البسطاء فهم ينظرون لدينهم كدين محبة وسلام لأنهم يريدون ذلك وهذا شئ طبيعى يؤطره الإنتماء والهوية والتشبع بقيم العصر والحضارة فيرون نصوص وتراث دينهم جميلا بالرغم اغفالهم الكثير والكثير من النصوص العنيفة سواء جهلاً أو إنتقاءاً , فالمسلم قد يجهل فى معظم الأحيان تراثه أو ينتقى مايراه طيباً ويغفل عن الباقى كحال المسيحى حين يهمل أكثر من نصف الكتاب المقدس من نصوص وحشية عنصرية لينتقى مايراه جميلا فى العهد الجديد .المؤمنون عموماً ودوماً يتعاملون مع نصوصهم وتراثهم كالتعامل مع السوبر ماركت .

الإسلام مثل السوبر ماركت تستطيع أن تجد كل ما تريده وفق ذوقك ومزاجك الخاص فهناك كريم لإزالة الشعر وكريم آخر لتغذية بويصلات الشعر ,فإذا كنت تريد آيات سوفت فستجد وإن كنت لا أعدك أن تنال المزيد فهى سلعة قليلة ولم يعد عليها إقبال إلا من أصحاب النزعات الطيبة الذين للأسف قل حضورهم ,أما إذا كنت تبحث عن آيات حراقة ساخنة متبلة بكل أصناف البهارات والشطة والليمون فستجد الكثير ويبدو أنها سلعة رائجة تجد إقبالاً شديداً من الذين يعشقون الإثارة والتصادم والعنف ولهم حجتهم بأن تلك الآيات الحراقة هى الباقية أما الآيات السوفت فقد فقدت صلاحيتها لينبهون أصحابها إلى أن الإسلام تجاوزها .!
فى السوبر ماركت سيجد جميع أصحاب الأمزجة والأهواء مُبتغاهم فستجد المسلمون الودعاء الذين تشربوا بعض مفردات الحضارة والمدنية الحديثة يقبلون على أصناف محددة وسيجد أصحاب الجلاليب القصيرة الذين يصبغون شعورهم ولحاهم باللون البرتقالى مبتغاهم فى أقسام أخرى كثيرة..ستجد فى السوبر ماركت زبائن أمثال الأستاذ جمال البنا ومصطفى راشد وكذلك ستجد ممثلى لداعش والقاعدة وجبهة النصرة والسلفية بكل أطيافها فالجميع سيجد مُبتغاه من منتجات هذا السوبر ماركت وسيتعاملون مع منتجاته بثقة .

مقالنا هذا يمكن أن يندرج تحت سلسلة مقالات " تناقضات فى الكتابات المقدسة " لما تحتويه من الشئ ونقيضه , فما يقره ويدعو له هنا يناقضه فى موضع آخر وهذا يدعونا للخربشة فى عقل ووعى ومنطق وضمير المسلم عند تعاطيه مع هذه التناقضات فمن المفترض أنها كلام الله أى دستوره ونهجه ومنهاجه فكيف يقول هنا شئ ويناقضه هناك فأليس هذا دستور صالح لكل زمان ومكان . فأى نهج على المسلم إتباعه.!

تعالوا نتعرف على منتجات السوير ماركت لنجد ان الكل يحظى على مُبتغاه وعلى الذين يرفضون إعتباره سوبر ماركت فليعصروا أدمغتهم ليجدوا حلاً للتناقضات .ففى سورة الحِجر 15: 85 آية جميلة ( إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الجَمِيلَ ) فهى دعوة طيبة للصفح والتسامح ولكن ما تلبث أن تبددها وتناقضها آية سورة التوبة 9: 73 ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الكُفَّارَ وَالمُنَافِقِينَ وَا غْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ المَصِيرُ) - فهل التعاطى مع الكفار والمشركين يكون بالصفح أم بالجهاد والإغلاظ عليهم .!
الذين لا يرون القرآن نص بشرى سياسى فلهم ان يبرروا هذا التناقض وماهو الأسلوب الذى يجب إتباعه مع الكافرين أما من يريد أن يُدرك سبب التناقض فهذا يرجع ببساطة أن الآية الأولى جاءت فى مرحلة تكوين الإسلام التى لم تطلب التصادم أما الآية الثانية فجاءت فى مرحلة التمكين والقوة والسيادة والحضور المحمدي ولكن وفقاً للمنطق الإلهى فمن المفترض أن الله يرسل رسالة محددة غير ملتبسة للمسلمين فى كل زمان ومكان , فهل يريد الصفح الجميل أم الجهاد والإغلاظ عليهم .

كذلك نجد موقف متناقض من الكفار فى سورة الأحزاب 33: 48 (وَلاَ تُطِعِ الكَافِرِينَ وَالمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَّكَلْ عَلَى اللهِ وَكَفَى بِاللهِ وَكِيلاً) ليناقضها تماما ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ المُؤْمِنِينَ عَلَى القِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مَائَتَيْن ) سورة الأنفال 8: 65- ففى الآية الأولى دعوة إلى عدم طاعة الكافرين و الإنصراف عن أذاهم بسلام وليتوكل المؤمنين على الله ويكفيهم هذا فالله وكيلهم ,وفى الآية الثانية دعوة صريحة للنبى بتحريض المؤمنين على قتال الكافرين لنكرر مرة ثانية السؤال أليس هذا تناقضاً طالما ترفضون فكرة أن الآيات بشرية جاءت فى خضم تفاعلات سياسية , ولنزيد الحرج لنسأل أيهما ستتبع هل تدع الكافرين لحالهم أم ستقاتلهم .

فى السوبر ماركت تجد بضاعة لا إكراه فى الدين إستشهادا بآية سورة البقرة2: 256 ( َلا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالعُرْوَةِ الوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) وبلاشك أنها من الآيات الجميلة فى القرآن وأرى ان الكثيرين من المسلمين المتحضرين يرددونها وكذلك آية ( وَلَوْ شَاءَ اللهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ ) سورة الأنعام 6: 107 فهاتان الآيتان تدعوان لعدم الإكراه فى الدين وتؤكدا حرية الإيمان فلست عليهم بوكيل ولكن ما يلبث أن يتبدد كل هذا أمام آية سورة البقرة 2: 193 التى توجد على الرف المقابل فى السوبرماركت (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلهِ) وآية سورة التوبة 29 ( قَاتِلُوا الذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلاَ بِاليَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الحَقِّ مِنَ الذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) .!

فى سورة يونس99 آية أخرى صريحة بعدم إكراه الناس على الإيمان(وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ) وكذلك آية ( لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ) سورة البقرة 2: 272وآية (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ) الكافرون 6 -فهذه آيات طيبات لكنها تتناقض وتنهار أمام آيات اخرى على الرف المجاور ففى سورة محمد ( إذا لقِيتُمُ الذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الوَثَاقَ ) وكذلك آية سورة التوبة 29:9 ( قَاتِلُوا الذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلاَ بِاليَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الحَقِّ مِنَ الذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ) -وكذلك آية سورة التوبة 73 (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الكُفَّارَ وَالمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ المَصِيرُ ) وكذلك حديث نبى الاسلام ( أمرت أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إلاه إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله تعالى ) فهل هناك إكراه على الإيمان أم لا .؟!

نجد أيضا آيات عن الصفح فى جانب من السوبر ماركت (قُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ البَلَاغُ وَاللهُ بَصِيرٌ بِالعِبَادِ ) سورة آل عمران 3: 20 كذلك ( لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ) سورة البقرة 2: 272 فهى آيات طيبة عن الصفح التى لم يعد يقبل عليها أحد فيبدو ان الجمهور يعشق الآيات الحراقة مثل : ( وَدُّوا لوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيّاً وَلَا نَصِيراً ) سورة النساء 4: 89 فى الأولى تدعو النبى للإنصراف عن مهمة الهداية وفى الثانية تدعو للسيف أن يعمل والقتل حيثما تجدوهم ليطل التناقض مرة اخرى .

على نفس المنوال تجد آية سورة آل عمران 20. ( قُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ البَلَاغُ وَاللهُ بَصِيرٌ بِالعِبَادِ ) أى دعهم وشأنهم فما عليك إلا البلاغ ولكن يبدو إنك لم تلتفت لآية فى الرف المجاور حيث قهرهم بالسيف ( فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ المُؤُمِنين ) سورة النساء 4: 84 وكذلك (قَاتِلُوا الذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلاَ بِاليَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الحَقِّ مِنَ الذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ) سورة التوبة29 فأليست تلك متناقضات وإذا حاول البعض أن يُسعفها فستجده يقول ببراءة الأطفال فى عينيه إن الدعوة للصبر والصفح والتسامح عندما كان الإسلام ضعيفاً والآيات الأخرى عندما إمتلك الإسلام زمام القوة لنقول له نتفق معك تماماً فى توصيفك بل هكذا هو تحليلنا أيضا فالآيات تأتى مواكبة ومفصلة للمشهد السياسى ولكن فلنسأل أى بضاعة من السوبر ماركت ستتعاطى معها .؟!

كذلك تجد التعاطى مع اليهود والنصارى يحدوه التناقض ففى سورة المائدة 5: 69 (إِنَّ الذِينَ آمَنُوا وَالذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُون ) فهنا وضع الله اليهود والنصارى والصابئة مع المسلمين فى مرتبة واحدة من حيث المصير فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون طالما آمنوا بالله واليوم الآخر وعملوا صالحاً ولكن هذه الآية تتناقض مع سورة آل عمران ( مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِين ) سورة آل عمران 3: 85. فهل هم خاسرون أم لا ولكنك لم تفطن أن الآية الاولى فى قسم التصالح بالسوبر ماركت والثانية بقسم التصادم لتبقى المشكلة أيهما للتعاطى مع بقاء التناقض كما هو .؟!

فى السوبر ماركت تجد السلعة ونقيضها فمثلا هناك سلعة تتعامل مع اليهود والنصارى بتبجيل واحترام لإيمانهم بينما تجاورها سلعة أخرى تجعلهم فى أسفل السافلين فمثال السلعة الأولى ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) البقرة62:2 ولم يكتفى الامر عند هذا الحد فهناك توصية من الله لمحمد التعامل مع تلك السلعة وإعتماد جودتها فيقول ( فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ) يونس94:10 وهذا يعنى ان السلعة طيبة ومعتمدة الصلاحية من الله لدرجة إنه يوجه لإستعمالها حينما ينتابه الشك ..ويجدر الإنتباه ونحن فى هذا السياق ان ندعو للتأمل فى هذا النبى الذى يشك ويستكثرون على البسطاء التفكير والشك .!
الغريب أن الله بعد أن أعطى التوكيل لأهل الكتاب كأصحاب إيمان قلب الطاولة فى النساء 4 :44 ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ) . فقد اصبحوا سريعا أصحاب ضلالة وليسوا أصحاب حق كذلك فى المائدة 5: 77( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا) - وتلك الآية التقيلة من آل عمران 3: 69( وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تشعرون .) - ثم الضربة القاضية ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ) المائدة 5 :51.كذلك (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ ) الممتحنة 1:60 فقد انقلب الحال من أهل حق وهداية ومانحى الفهم إلى ضلالة وفى زمرة أهل البراء .
فى قسم الاحاديث بالسوبر ماركت نجد قول محمد ( من آذى ذميا فقد آذانى ) ولكن يوجد على نفس الرف ( لاَ تَبْدَءُوا الْيَهُودَ وَلاَ النَّصَارَى بِالسَّلاَمِ فَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ فِي طَرِيقٍ فَاضْطَرُّوهُ إِلَى أَضْيَقِهِ ) رواه مسلم - فهل عدم إبداء السلام وتضييق الطريق على اليهود والنصارى وأخذ الجزية صاغرون أى أذلاء مهانون لايخضع لبند إيذاء أهل الذمة ؟!. ولنتوقف امام هذا التناقض فى المواقف وما يتبعه من تعاطى الزبائن معه فهل اليهود والنصارى أهل إيمان ولا يحزنون أم اهل ضلالة ويحزنون .

إذا أراد المسلم أن يظهر الإسلام على أنه دين لا عدوان فيه ، تراه يمد يده من على رف بالسوير ماركت ليخرج آية سورة الأنعام (وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ) الأنعام 151.وآية سورة البقرة (وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِين) البقرة190. وإذا أراد الغلظة والعدوانية فالأمور سهلة فما عليه سوى ان يمد يده للرف المجاور ليستخرج الكثير من النصوص منها ( فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد ) سورة التوبة:5 ليطل علينا التناقض مرة اخرى ولن يجدى قول بعض الملفقين ان آيات القتال دفاعية فكثير منها عدوانية وبادئة بالعدوان ويكفى قول محمد : (من لم يغزو فقد مات ميتة الجاهلية ) فالغزو هو إعتداء بكل معنى الكلمة .

(وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) بالرغم أنها آية لا تدعو للسلام بشكل مباشر فهى تسمح فقط للميل للسلم عندما يبادر العدو بذلك إلا أن التناقض حل بها ففى التوبة 5 (فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ) – وكذلك ( وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً ) التوبة: 36- ليقول قتادة وعِكرمة: نسخت براءة كلَّ موادعة، حتى يقولوا لا إله إلا الله. كما يؤكد ابن عباس بأن الناسخ لها ( فَلاَ تَهِنُوا وَتَدْعُوا إلَى السَّلْم ) - كذلك نسختها آية سورة التوبة 29 (وقاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الأخر...) النيسابورى ص 176-177 .. إذا كانت تلك الآية منسوخة حالها كحال كل آيات الصفح والتسامح فلماذا يقبل عليها بعض الزبائن فى السوبر ماركت وإذا نفينا قصة الناسخ والمنسوخ التى يلفظها البعض فهى تجعل كل منتجات الإسلام فى العنف والقتل والنبذ فكيف إذن تفسرون هذا التناقض .ولكننا نغيثكم بالقول أن الآية الأولى جاءت فى ظرف سياسى يطلب السلم والهدنه أما الآيات الأخرى فجاءت من موضع القوة فلا مكان للسلم لنقول أليس هذا نص بشرى دما ً ولحماً يأتى إنفعالاً ومواكباً لحدث .؟!

إذن نحن أمام تناقضات واضحة تعطى موقفين مغايرين لنفس الحدث فمرة تجده متسامحاً مسالماً ومرات تجده عنيفاً متصادماً مجحفاً عصبياً وحتى لا ينسى أحد فنحن أمام حكم ونهج ودستور إلهى صالح لكل زمان ومكان فأى طريق نمتثل ونتعامل ونتعاطى فى الحياة ,فالأمور لا يجب أن تكون مزاجية ذات هوى لتختار نهج وتنصرف عن الآخر وهذا ما دعى أصحاب الأصناف الحراقة أن يستندوا لحسن إختيارهم بالإتكاء على فقه الناسخ والمنسوخ لتكون كل آيات التسامح والصفح فاقدة الصلاحية مع إنتهاء زمن إستخدامها مما يجعلها غير مفيدة للإستهلاك .

يمكن أن تتبدد هذه التناقضات عندما نضع القطار على قضبانه أى نتعامل مع الآيات كفكر بشرى جاء متلائماً ومتوائماً مع مشهد سياسى طلب هذه الآية لينصرف عنها ويغير إتجاهه منتجاً آية أخرى ذات وضعية سياسية مغايرة . لذا لا سبيل للتعاطى مع السوبر ماركت إلا بإعتبار أن كل منتجاته بشرية جائت ملائمة مع زمانها بتفاعلاته وأذواق أصحابه لذا يجب أن ينظر المسلم بإهتمام وبدقة لتاريخ وظروف الإنتاج فكل سلعة جاءت مواكبة لظرف محدد , فالآيات السوفت نتاج حالة سياسية طلبت الترفق وعدم التصادم والآيات الحراقة جاءت فى خضم إنتصار وتصاعد وقوة المشروع السياسى لتقلب الطاولة على الآيات السوفت وعلى من يعترض على ذلك فليبرر التناقضات التى عرضناها هنا وفى ابحاث سابقة .

إشكالية الإسلام هى الفوضى فى سلع السوبر ماركت حيث الجمهور ليس لديه الوعى عن كيفية التعامل مع السلع , وما هى السلع الصالحة والفاسدة , وما هو تاريخ وظروف انتاجها وتاريخ انتهاء صلاحيتها , وما السلع التى تمنح الفائدة وما السلع التى تجلب الأذى والضرر لتكون الأمور مزاجية عشوائية إنتقائية وفقاً لرؤية الزبون وخلفيته الحضارية وما يروقه .

هناك مشكلة لدى زبائن السوبر ماركت فالمندفعين للسلع السوفت عندما تلفت انتباههم أن هناك سلع حراقة ذات توابل عالية فلا يحذروك من هذه السلع كونها فاسدة ومضرة بالصحة بالرغم أن الإقبال عليها كبير ليشيدوا بحلاوة السلع السوفت كمنتجات متميزة فى السوبرماركت .. ما أعنيه أننا لا نجد أحد يحاول التوقف امام النصوص العنيفة فى التراث الإسلامى التى تجد للأسف هوى لدى شرائح من المسلمين فى إزدياد أو للدقة أصحاب الصوت العالى فلا يتم نزع فتيل الإنفجار عنها مكتفيا بأن هناك تراث طيب ومن هنا نجد الإزدواجية لدى المسلم فلا يقف موقف حاسم من تراث التطرف والإرهاب ولا يجتثه بل يعطيه ظهره لتواصل تلك السلع فى الإنتشار .

مشكلة أخرى تواجهنا وهى إصرار المشرفين على السوبر ماركت من مؤسسات ومرجعيات وقامات إسلامية على الترويج للسلع الحراقة بالسوبر ماركت ليتم تشكيل ذوق الزبون ودفعه لإستهلاكها لذا يلزم وقفة جادة مع تلك الإدارة فهى تساهم بشكل كبير فى خلق التطرف والتزمت والإرهاب .

مازلت أكرر أن المسلمين يقبلون على السلعة وفقا لحالتهم النفسية والمزاجية ودرجة تطورهم الموضوعى لأقول أن هناك بشر ذو نفسية محبطة بشعة يبحثون فى أقسام السوبر الماركت عن السلع البشعة التى تستهويهم ليحققوا من خلالها بشاعتهم وهناك بشر أصحاب نفسية طيبة إنسانية متصالحة مع مجتمعها تقبل على السلع الناعمة ,فالسلعة لا تنادى أحد أن يضعها فى عربة مشترياته ومن هنا لا يكون حل إشكالية الإسلام مع العصر فى الدعوة إلى غلق الأقسام التى تعرض سلع حراقة فإن توهمت النجاح فى الحظر التام فسيتم بيعها والإقبال عليها فى السوق السوداء لذا من الأجدى البحث عن سبب إندفاع البشعون لأقسام البشاعة ومحاولة معالجة نفسيتهم من خلال تطوير المجتمع مع الضرب بشدة على يد من يروج للسلع الضارة بالصحة ويحث للتعاطى معها فهى تلقى إقبالا فى حالات الجذر والتخبط المجتمعى وغياب الذوق العام فلا مشكلة من وجودها بالسوبرماركت شريطة توعية وتثقيف الزبائن بانها غير صالحة مع تطوير الظروف الموضوعية بالطبع.

الإسلام الآن فى مفترق طرق وعلى المحك ورغم هذه العتمة فأتصور أن هناك حل لخروج المجتمعات الإسلامية من أزمتها فمن الأهمية بمكان ظهور فكر إسلامى حداثى جرئ وقوى يُحذر ويُنفر من أقسام السوبر ماركت التى تتصادم مع الإنسانية والحضارة وهذا ليس من الصعوبة بمكان فقد فعلها المسيحيون واليهود ليعتبروا كل النصوص العنيفة بالكتاب المقدس فى سياق ظرفه وزمانه التاريخى وغير صالحة للإستحضار ولإستهلاك الآدمى ليقتصر سوبر ماركتهم على السلع المفيدة الصالحة ولأعتقد أن هذا ليس صعب المنال ومستحيل على المسلمين بل على العكس فالفكر الإسلامى يتيح هذا فإذا كانوا المسيحيون واليهود من تلقاء ذاتهم أهملوا النصوص ولم يعودوا يستنطقونها بإعتبار أنها متصادمة مع العصر والحضارة فمن بال أولى أن يفعلها المسلمون فلديهم فقه كامل إسمه " أسباب التنزيل" يعتنى بشرح سبب تنزيل الآيات التى جاءت لمعالجة حدث بعينه لتجد النص يختص بهذا المشهد ولا يعتنى بغيره بل من الصعوبة بمكان تعميمه ولكن إشكالية المسلمين هو تصنيم النص والكلمة والحرف لتصل لتقديس نصوص ومواقف وسلوكيات الرعيل الاول والإمتثال لأقوالهم وسلوكياتهم ونهجهم بل بتمظهرات شخصياتهم وحياتهم .

لابد ان يعى المسلمين مقولة محمد " انتم اعلم بشئون دنياكم" للخروج من النفق المظلم ليكون تعاطيهم مع النص وفق عصرهم فإذا توافق مع دنياهم أقروا ببقاءه وإذا تصادم مع العصر لفظوه وابتعدوا عنه .

لن ينصلح حال المسلمين إلا بالوقوف بقوة أمام أقسام السوبر ماركت المتصادمة مع الحياة والعصر والتحذير من التعاطى معها مثلما يتم التحذير من التدخين على علب السجائر فهى مُضرة ولم تعد صالحة للإستعمال والإستهلاك الآدمى وليكتفوا ببعض السلع التى تفيد بغض النظر عن كونها قليلة ولكن ليس بكثرة الطعام ينصلح الحال وليس فى الدسامة وكثرة البهارات جدوى فقد يكون تعظيم تلك السلع البسيطة كفيل أن تضع المسلمين على طريق الصحة والتحضر .

أرى من الأهمية بمكان إنشاء سوبر ماركت جديد بإسم العلمانية يقدم سلع واضحة المعالم والإمكانيات موضحاً أنها إنتاج بشرى خالص وتعتمد على تطور المجتمع الموضوعى وخبرة علماء الإجتماع فى تحديد المواصفات الصحية للمجتمعات مع الشفافية فتاريخ صلاحيتها ليس أزلية حتى تفرض منتجات أخرى إنتاجها الجديد .

دمتم بخير.
-"من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته" - حلم الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع .




:: توقيعي ::: ( ذهبت إلى الغار .. غار حراء .. غار محمد وإلهه وملاكه .. إلى الغار العابس اليابس البائس اليائس ، ذهبت إليه استجابة للأوامر .
دخلت الغار ، دخلته .. صدمت .. ذهلت .. فجعت .. خجلت ، خجلت من نفسي وقومي وديني وتاريخي وإلهي ونبيي ومن قراءاتي ومحفوظاتي ..!
أهذ هو الغار.. غار حراء .. هو الذي لجأ واختبأ فيه الإله كل التاريخ !
  رد مع اقتباس
قديم 10-01-2014, 09:22 PM ترنيمه غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [7]
ترنيمه
عضو برونزي
الصورة الرمزية ترنيمه
 

ترنيمه is on a distinguished road
افتراضي

تناقضات الأحاديث مع القرآن-تناقضات فى الكتابات المقدسة جزء ثامن


- تناقضات فى الكتابات المقدسة-جزء ثامن .
- الأديان بشرية الفكر والهوى والهوية (37) .

هذا الجزء الثامن من سلسلة " تناقضات فى الكتابات المقدسة "والتى تتعامل مع التناقضات والتضاربات البينة فى نصوص القرآن والكتاب المقدس فلا يعنيها التعامل مع الخرافات والمغالطات العلمية والغير منطقية بل تعتنى بتضارب النصوص وتناقضها ليذكر قول وحُكم فى آية ليناقضها فى آية أخرى بل تصل الأمور إلى أن ينال التناقض المعلومات الخبرية السردية لنجد الإختلاف يحل بها أيضا لنؤكد من خلال تلك السلسلة أننا أمام كتابات بشرية لحماً ودماً وخيالاً وإبداعاً لم تخلو من الهوى وضعف التركيز والإنفعال والتهافت .
فى هذا الجزء نتناول تناقضات الأحاديث النبوية ونظرا لدسامة الخلافات والتناقضات وتنوعها ما بين تناقض الأحاديث مع النص القرآنى , والأحاديث مع بعضها البعض إلى تهافت الأحاديث لتنال من العقل والمنطق والفطرة السوية كما يقولون لذا فسنجزأ هذا البحث على عدة مقالات وسنعتنى هنا بتناقض الأحكام والمناهج فى الأحاديث عن نهج القرآن وأوامره ونواهيه وتحريماته وحلاله وتقريراته .

* لا إكراه ومن بدل دينه فإقتلوه .
هناك تناقض واضح بين القرآن والحديث بخصوص حرية العبادة فالقرآن فى أية البقرة 256 (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ) وفى الكهف 29 (فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ) ولكن لمحمد حديث ( من بدل دينه فإقتلوه ) ليظهر التناقض جلياً بين الحرية والإكراه.
حاول شيوخ التبرير والتلفيق أن يحلوا تلك المشكلة بذكر أن آية "لا إكراه فى الدين" جاءت فى الكفار بينما حديث (من بدل دينه فإقتلوه) تخص المسلمين الذين يرتدون عن دين الإسلام ليظهر بالطبع تهافتهم وتدليسهم فبداية هم تغافلوا (فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ) وهى واضحة المعنى والدلالة والعمومية كذلك هم يعتبرون المسلمين فصيل بشرى منزوع عنه حق الحرية وإذا كنا نتحدث عن الإكراه فهناك الكثير من الآيات التى تدعو للإسلام قهراً وأشهرها آية سورة التوبة 29 ( قَاتِلُوا الذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلاَ بِاليَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الحَقِّ مِنَ الذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) .
أليس إكراه المسلم على البقاء فى الإسلام هو إكراه أيضا بينما الآية صريحة وواضحة وذات عمومية ( لا إكراه فى الدين ) علاوة على أن الآيات التى تناولت المرتدين فى القرآن لما تذكر أى عقاب دنيوى عليهم ففى المائدة 54 ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) وفى البقرة 217( وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) كذلك فى النساء 137 ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْراً لَّمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً )
ومن هنا نرى ان حديث من بدل دينه فإقتلوه إستن حكم يتناقض مع القرآن ذاته بينما القرآن لم يذكر اى عقاب دنيوى .

* حد الزنا بين الجلد والرجم .
يعتقد المسلمون أن حد الزنا ذو قصاصين أحدهما يختص بالغير محصن وعقوبته الجلد بينما يأتى الرجم كعقاب المحصن بينما حكم القرآن واضح ومحدد فى هذه النقطة فعقوبة الجلد لم تفرق بين المحصن وغير المحصن أى المتزوج وغير المتزوج ففى سورة النور 2( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ ) ولكن هناك آية أخرى عقابية ولكن تخص المرأة الزانية ولم تقترب من الرجل الزانى .! (وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً )لنساء 4
قبل ان نتناول التناقض بين القرآن والحديث فحرى أن نمر على هذا التناقض القرآنى ففى الآية الأولى النور 2 حدد مئة جلدة للزانى والزانية ,وفى الآية الثانية النساء 4 إختص بعقاب آخر للزانية بحبسها فى البيت حتى الموت وأغفل الزانى فهل نخرجهن من البيوت ونقيم عليهن الحد أم نمسكهن في البيوت حتى يتوفاهن الله .؟!
بالرغم من هذا التناقض القرآنى فالرجم غير مذكور فى كل القرآن , فالحد محدد بالجلد أو الإمساك حتى الموت فمن أين جاء حد الرجم إذا كان القرآن لم يذكره وحدد الحكم بوضوح فى الجلد لنجد أن محمد إستن فكرة الرجم ومررها بلا سند قرآنى لندخل فى تناقض بين الحديث والقرآن ..(روى عبادة بن الصامت أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: "خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلاً: "البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام، والثيب بالثيب" الجلد و الرجم" ) رواه مسلم وأبو داود.
وهناك من لم يقتنع بحكم الحديث فقط وأراد تدعيمه بآية قرآنية ولأنها غير موجودة فما كان منه إلا أن قام بتأليفها وهي( الشيخ والشيخة فارجموهما البتة نكالا من الله ) وقالوا بأن هذه الآية نُسخت تلاوتها ولم يُنسخ حكمها !
(حدثني أبو الطاهر وحرملة بن يحيى قالا حدثنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب قال أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أنه سمع عبد الله بن عباس يقول قال عمر بن الخطاب وهو جالس على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله قد بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق وأنزل عليه الكتاب فكان مما أنزل عليه آية الرجم قرأناها ووعيناها وعقلناها فرجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل ما نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله وإن الرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف ).
لا يجرؤ أحد أن يثير قصة الداجن الذى أكل آيتى الرجم ورضاع الكبير من تحت سرير عائشة- (فعن أبو سلمة يحيى بن خلف حدثنا عبد الأعلى عن محمد بن إسحق عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة عن عائشة قالت لقد نزلت آية الرجم ورضاعة الكبير عشرا ولقد كان في صحيفة تحت سريري فلما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وتشاغلنا بموته دخل داجن فأكلها .)
فهذه القصة شديدة الإحراج ,فالداجن الملعون قد أكل آيات وعبث بها ,فهل يا ترى إكتفى بهذا القدر وهل من اللائق أن يوضع القرآن تحت السرير كما يثير حديث رضاع الكبير حرج بالغ فى نفوس المسلمين ليلفظوه فلم يعد حديث بل آية إلهية علاوة على أنها تنال من زعم حفظ القرآن من العبث والتحريف وتُظهر عجز الله عن حفظ كتابه فقد أكلها الداجن لتثير شكوك حول تحريف القرآن فليس كل مافى القرآن كاملا فهناك نقصان وفق هذه الرواية علاوة أن هذه القصة ستصدر التناقض إلى القرآن ذاته حيث هناك آيتان حُكم أحدهما الجلد والأخرى الرجم ,فأيهما صحيح .

*الله يُحلل والنبى يُحرم .!
(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ ٱ-;-لأَخِ وَبَنَاتُ ٱ-;-لأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ ٱ-;-لرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ ٱ-;-للاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِّن نِّسَآئِكُمُ ٱ-;-للاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ ٱ-;-لَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ ٱ-;-لأُخْتَيْنِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ ٱ-;-للَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً . وَٱ-;-لْمُحْصَنَاتُ مِنَ ٱ-;-لنِّسَآءِ إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ ٱ-;-للَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَّا وَرَاءَ ذَٰ-;-لِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُمْ } ( سورة النساء : 23 و24)
أية سورة النساء 23 ذكرت مجموعة من التحريمات إفتتحها بقول إلهى صارم " حرمت عليكم " أى كل ماذكره هو فقط المُحرم وفيما عدا ذلك فهو محلل مؤكداً ذلك بخاتمة الآية ( وَأُحِلَّ لَكُمْ مَّا وَرَاءَ ذَٰ-;-لِكُم ) .
فالكلام واضح وجلى بأن الله " يحلل " كل ما عدا الذي ورد ذكره في النص والمسلم مُلزم بالإحتكام بما ورد في القرآن ولكن محمد كان له رأى آخر فقد حرم الزواج من زوجة على عمتها أو خالتها فجاء في صحيح البخاري باب النكاح :(لا تنكح المرأة على عمتها) أى قوله لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها وفي رواية :( لا تنكح العمة على بنت الأخ ولا ابنة الأخت على الخالة ) صحيح مسلم – النكاح - باب ‏ ‏تحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها في النكاح .

* مخالفة محمدية مع القرآن في حكم الإشهاد على الطلاق .
(فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا )
بالرغم ان هذه الآية ليست لوغاريتماً فلنا ان نقرأ تفسيرها من جابر بن موسى بن عبد القادر الجزائري :(وأشهدوا ذوي عدل منكم: أي اشهدوا على الطلاق وعلى المراجعة رجلين عدلين منكم أي من المسلمين فلا يشهد كافر ) ..وفى البيهقى وأشهدوا ذوي عدل منكم .قال أمروا أن يشهدوا عند الطلاق والرجعة
بينما يلغى الحديث هذا الشرط المحدد فى القرآن ففى كِتَاب الطَّلَاقِ ـ بَابُ الرَّجُلِ يُرَاجِعُ، وَلَا يُشْهِدُ ح 2186 – ( حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ هِلَالٍ، أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَهُمْ، عَنْ يَزِيدَ الرِّشْكِ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ، سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ، ثُمَّ يَقَعُ بِهَا، وَلَمْ يُشْهِدْ عَلَى طَلَاقِهَا، وَلَا عَلَى رَجْعَتِهَا، فَقَالَ:« طَلَّقْتَ لِغَيْرِ سُنَّةٍ، وَرَاجَعْتَ لِغَيْرِ سُنَّةٍ، أَشْهِدْ عَلَى طَلَاقِهَا، وَعَلَى رَجْعَتِهَا، وَلَا تَعُدْ" ) حكم الألباني : صحيح

*الله يُحرم والنبى يُحلل
يخبرنا البخاري أن الرسول كان يباشر الحائض ، ويغتسل وإيّاها في إناءٍ واحدٍ، ويقبّلها وكل هذا وهو صائم حدثنا ‏ ‏إسماعيل بن خليل ‏قال أخبرنا ‏علي بن مسهر ‏قال أخبرنا ‏أبو إسحاق هو الشيباني ‏عن ‏عبد الرحمن بن الأسود ‏عن ‏أبيه ‏عن عائشة ‏ ‏قالت : " ‏كانت إحدانا إذا كانت حائضا فأراد رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏أن يباشرها ‏ ‏أمرها أن تتزر في ‏‏فور ‏حيضتها ثم يباشرها قالت وأيكم يملك ‏إربه كما كان النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يملك ‏ ‏إربه ) !
( حدثنا ‏أبو النعمان ‏ ‏قال حدثنا عبد الواحد ‏قال حدثنا ‏الشيباني ‏قال حدثنا ‏عبد الله بن شداد ‏قال سمعت ‏ميمونة ‏تقول:" ‏كان رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏إذا أراد أن يباشر امرأة من نسائه أمرها فاتزرت وهي حائض")
( حدثنا ‏ ‏يحيى بن بكير ‏ ‏حدثنا ‏الليث ‏عن ‏جعفر بن ربيعة ‏عن ‏الأعرج ‏قال حدثني ‏أبو سلمة بن عبد الرحمن ‏أن ‏عائشة ‏رضي الله عنها ‏قالت : " ‏حججنا مع النبي ‏صلى الله عليه وسلم ‏فأفضنا يوم النحر فحاضت ‏صفية ‏فأراد النبي ‏صلى الله عليه وسلم ‏منها ما يريد الرجل من أهله فقلت يا رسول الله إنها حائض قال حابستنا هي قالوا يا رسول الله أفاضت يوم النحر قال اخرجوا ").
(حدثنا ‏ ‏سليمان بن حرب ‏قال عن ‏شعبة ‏عن ‏الحكم ‏عن ‏إبراهيم ‏عن ‏الأسود ‏عن ‏عائشة ‏رضي الله عنها ‏قالت :كان النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يقبل ‏ويباشر ‏وهو صائم وكان أملككم ‏ ‏لإربه)
وفي قبلة الصائم:( عن زينب بنت أم سلمة،عن أمها قالت: بينما أنا مع رسول الله في الخميلة، إذ حضت، فانسللت، فأخذت ثياب حيضتي، فقال: ما لك أنفست، قلت: نعم، فدخلت معه في الخميلة، وكانت هي ورسول الله يغتسلان من إناء واحد، وكان يقبلها وهو صائم) كل هذه المشاهد والسلوكيات تناقض تناقضاً صريحاً مع النص القرآنى: (فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ)البقرة 222. علاوة على النهى عن عدم إتيان النساء عند الصيام .

* أين وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى .!
فى صحيح مسلم (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبَّادِ بْنِ جَبَلَةَ بْنِ أَبِى رَوَّادٍ حَدَّثَنَا حَرَمِىُّ بْنُ عُمَارَةَ حَدَّثَنَا شَدَّادٌ أَبُو طَلْحَةَ الرَّاسِبِىُّ عَنْ غَيْلاَنَ بْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « يَجِىءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ نَاسٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِذُنُوبٍ أَمْثَالِ الْجِبَالِ فَيَغْفِرُهَا اللَّهُ لَهُمْ وَيَضَعُهَا عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى ) صحيح مسلم - (8 / 104)ح7187
هذه الرؤية المغرقة فى الإستعلاء والإجحاف والتى لا تتوافق مع أى مفهوم للعدالة الإلهية يرفضها القرآن نفسه بقوله ( وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) .

*محمد يدخل المسلم الجنه حتى وإن زنا وسرق .
حديث أَبي ذَرٍّ ( قَالَ: أَتَيْتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ أَبْيَضُ وَهُوَ نائِمٌ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ وَقَدِ اسْتَيْقَظَ، فَقالَ: "ما مَنْ عَبْدٍ قَالَ لا إِلهَ إِلاّ اللهُ ثُمَّ ماتَ عَلى ذَلِكَ إِلاّ دَخَلَ الْجَنَّةَ قُلْتُ: وَإِنْ زَنى وَإِنْ سَرَقَ قَالَ: وَإِنْ زَنى وَإِنْ سَرَقَ، قُلْتُ: وَإِنْ زَنى وَإِنْ سَرَقَ قَالَ: وَإِنْ زَنى وَإِنْ سَرَقَ، قُلْتُ: وَإِنْ زَنى وَإِنْ سَرَقَ قَالَ: وَإِنْ زَنى وَإِنْ سَرَقَ عَلى رَغْمِ أَنْفِ أَبي ذَرٍّ وَكانَ أَبُو ذَرٍّ إِذا حَدَّثَ بِهذا قَالَ وَإِنْ رَغِمَ أَنْفُ أَبي ذَرٍّ." ) !
تروي الأحاديث عن محمد قوله سوف يخرج من النار كل من قال لا إله إلا الله ولوْ زنا ولو سرق رغم أنف أبي ذر هكذا يقول الحديث وهو مايخالف أى منطق كما يتناقض مع صريح القرآن بقوله ( إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيراً) والمنافقون هم الذين يقولون لا إله إلا الله في كل مناسبة وتنطق ألسنتهم بما يخالف سرائرهم وسلوكهم وهم في الدرك الأسفل من النار فلن يجدوا لهم نصيراً بصريح القرآن.

* التعامل مع أهل الكتاب .
هناك تناقض بين القرآن والحديث فيما يخص التعامل مع أهل الكتاب والآخر ففى القرآن (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم ان تبروهم وتقسطوا اليهم ان الله يحب المقسطين ) فهو هنا يأمر ببر الآخر الغيرمسلم طالما لم يقاتلوكم ولم يخرجوكم من دياركم فى إشارة إلى التعامل مع فكرة المواطنة بالرغم أن هناك آيات ومؤاخذات كثيرة تنفى ذلك فيما يعرف بآيات البراء ولكن سنتجاوز عن هذا لنجد محمد يتناقض تماماً مع آية البر تلك ليحث على عكسها ( لا تبدؤوا اليهود ولا النصارى بالسلام . فإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه) الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم

* الله يقول لن يراه المنافق ومحمد يقول سيراه.
(عن أبي هريرة أن ناسا قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، هل نرى ربنا يوم القيامة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر؟ قالوا: لا يا رسول الله، قال: هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب؟ قالوا لا يا رسول الله ، قال: فإنكم ترونه كذلك، يجمع الله الناس يوم القيامة فيقول: من كان يعبد شيئا فليتبعه، فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس، ويتبع من كان يعبد القمر القمر، ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت، وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها، فيأتيهم الله في صورة غير صورته التي يعرفون، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: نعوذ بالله منك، هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا، فإذا جاء ربنا عرفناه، فيأتيهم الله في صورته التي يعرفون، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا، فيتبعونه )متفق عليه . البخاري ومسلم:الإيمان؛ معرفة طريق الرؤيا
الحديث السابق يتفق مع القرآن بالنسبة لرؤية المؤمنين لله فى يوم القيامة (وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة) (القيامة : 22) ولكنه يتضارب ويتناقض مع إقرار القرآن بعدم رؤية المنافقين والكفار لله ( كلا إنهم يومئذ عن ربهم لمحجوبون) المطففون : 15 وكذلك فى النساء 87 (فَما لَكُمْ في ٱ-;-لْمُنَٰ-;-فِقِينَ فِئَتَيْنِ وَٱ-;-للَّهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُوٓ-;-ا۟-;- ۚ-;- أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُوا۟-;- مَنْ أَضَلَّ ٱ-;-للَّهُ ۖ-;- وَمَن يُضْلِلِ ٱ-;-للَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُۥ-;- سَبِيلًۭ-;- وَدُّوا۟-;- لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا۟-;- فَتَكُونُونَ سَوَآءً )

* وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ ..
من التناقضات بين القرآن والحديث أن القرآن ذكر بقول واضح وفاصل بل نفى نفياً قاطعاً قدرة النبى على سماع من فى القبور من خلال ثلاث آيات في غاية الوضوح .الآية الأولى تقول ( إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ) 80 النمل ، والاية الثانية ( فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ) الروم 52، والاية الثالثة (وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ) فاطر 22.
هنا كلام واضح وصريح بأن محمد لا يمكنه سماع الموتى ومن في القبور ولكن نجد في الأحاديث العكس تماما فمثلا يقول بن كثير في كتاب البداية والنهاية ( قال ابن إسحاق: وحدثني يزيد بن رومان، عن عروة، عن عائشة قالت: لما أمر رسول الله بالقتلى أن يطرحوا في القليب، طرحوا فيه إلا ما كان من أمية بن خلف، فإنه انتفخ في درعه فملأها فذهبوا ليخرجوه فتزايل لحمه، فأقروه وألقوا عليه ما غيبه من التراب والحجارة. فلما ألقاهم في القليب، وقف عليهم فقال: يا أهل القليب هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا، فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقا. قالت: فقال له أصحابه: يا رسول الله أتكلم قوما موتى؟ فقال: لقد علموا أن ما وعدهم ربهم حق .)
وفى رواية أخرى قال ابن إسحاق: وحدثني حميد الطويل، عن أنس بن مالك قال: سمع أصحاب النبي رسول الله من جوف الليل، وهو يقول: «يا أهل القليب، يا عتبة بن ربيعة، ويا شيبة بن ربيعة، ويا أمية بن خلف، ويا أبا جهل بن هشام - فعدد من كان منهم في القليب - هل وجدتم ما وعد ربكم حقا؟ فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقا».فقال المسلمون: يا رسول الله أتنادي قوما قد جيفوا؟ فقال: «ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، ولكنهم لا يستطيعون أن يجيبوني»).رواه الإمام أحمد، عن ابن أبي عدي، عن حميد، عن أنس.
نلاحظ أن محمد كلم قتلى المشركين بعد ثلاثة ايام من قتلهم وقد أصبحو جيفاً ، وقد إستغرب أصحابه هذا الأمر وسألوه كيف تخاطب موتى لا يسمعون , فأكد لهم انهم اشد سمعا من الصحابة الأحياء انفسهم ويبدو انه نسى الآيات الثلاث السابقة.

** أحاديث غير لائقة وتتناقض مع ألف باء قرآن وعقيدة وفقه وذوق .
* حديث يقدم رخصة بالزنى .!
يروى البخاري عن النبي قوله:( أيما رجل وامرأة توافقا فعشرة ما بينهما ثلاث ليال فان أحبا أن يتزايدا أو يتتاركا )!.( البخاري: ج7 ، ص 16).
النبي هنا يشرع للعلاقة الجنسية بدون زواج ويلاحظ هنا أنها خارج أدبيات زواج المتعة التى يرفضها أهل السنه ويقرها الشيعة فهو يحدد مدة ثلاث أيام ليال للتجربة وهذا بكل المقاييس والأعراف الإسلامية يعتبر زنى وغير مقبول حسب آيات القرآن نفسه فأليس هذا قمة التناقض بين الحديث والقرآن .

* إنتبه لكل إمرئ حظ من الزنا .!
(إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنى, أدرك ذلك لا محالة ) !!- باب قدر على ابن آدم حظه من الزنا - كذلك ( حدثنا إسحق بن إبراهيم وعبد بن حميد واللفظ لإسحق قالا أخبرنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس قال ما رأيت شيئا أشبه باللمم مما قال أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة فزنا العينين النظر وزنا اللسان النطق والنفس تمنى وتشتهي والفرج يصدق ذلك أو يكذبه قال عبد في روايته ابن طاوس عن أبيه سمعت ابن عباس
بفض النظر عن مستويات وأشكال الزنا فهذا الحديث وفقًا لضوابط العقل ومعايير الإسلام وموازين القرآن يجعله محل غرابة وصدمة لأنه يلغى مبدأ الحرية الشخصية وحرية الإختيار التي قررها القرآن كقوله ( بل الإنسان على نفسه بصيرة ) سورة القيامة 75 : 14 - و( وما أصابك من سيئة فمن نفسك)سورة النساء 4 : 97 -و( وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقطنون) سورة الروم 30 : 36
هذا الحديث يرسخ الجبرية ويسقط مبدأ المساءلة فالإثم لم يقترفه الشخص بإرادته بل من حظه وقدره ,فما دام حظه من الزنا قد قُدر عليه فأين يهرب من قدره؟!,

* هل الشيطان يصدر ريح ويظرط ام لا.؟!
يذكرالبخاري في كتاب الآذان: (إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع التأذين، فإذا قضي النداء أقبل حتى إذا ثوب بالصلاة أدبر حتى إذا قضي التثويب أقبل..)، هنا الشيطان يصدر(ريحاً)، وفي حديثٍ آخر في احد أبواب التهجّد: (ذكر عند النبي رجل، فقيل: ما زال نائما حتى أصبح، ما قام إلى الصلاة، فقال النبى :بال الشيطان في أذنه ( حدثنا مسدد قال حدثنا أبو الأحوص قال حدثنا منصور عن أبي وائل عن عبد الله رضي الله عنه قال ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقيل ما زال نائما حتى أصبح ما قام إلى الصلاة فقال بال الشيطان في أذنه) وفي حديثٍ: يملك شعرةً يداعب بها مؤخرّة المصلي كي يشكّ في وضوءه وهلم جراً، في لغةٍ غارقة فى الخرافة والفنتازيا رغم أن القرآن قد وضّح خصائص وأفعال الشيطان في أكثر من خمسين موقعاً بالقرآن ليس منها إطلاق الريح والتظريط والتبول فى أذن المؤمن أو العبث فى مؤخرة المصلّين فهو وفق القرآن عدو مبين للإنسان (إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ) البقرة 209 أو يعدُ بالفقر ويأمر بالفحشاء (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) البقرة 268.أو يوقع العداوة والبغضاء (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ) المائدة 91 أو يزين سوء الأعمال (وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) الأنعام 43.أو يوسوس للناس (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا) الأعراف 29.أو يفتن فتنة الشيطان (يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ) الأعراف 27.أو يزرع الشقاق (مِن بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) يوسف 100.أو يضل عن ذكر الله (لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا) الفرقان 29
لا نرى فى النص القرآنى أى وصف للشيطان بإطلاق الريح والتظريط والتبول أو العبث فى مؤخرة المصلّين .

* مسحور أم غير مسحور.
تحفل الأحاديث بكل ما هو غريب ومثير وللغرابة بل الكثير منها تسئ لنبى الإسلام نفسه(فعن عَائِشَةَ قَالَتْ : "سُحِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى كَانَ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّيْءَ وَمَا يَفْعَلُهُ , حَتَّى كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ دَعَا , وَدَعَا ثُمَّ قَالَ : أَشَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ أَفْتَانِي فِيمَا فِيهِ شِفَائِي ؟ أَتَانِي رَجُلانِ فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ , فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلآخَرِ : مَا وَجَعُ الرَّجُلِ ؟ قَالَ : مَطْبُوبٌ ؟ قَالَ : وَمَنْ طَبَّهُ ؟ قَالَ : لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ . قَالَ : فِيمَا ذَا ؟ قَالَ : فِي مُشُطٍ وَمُشَاقَةٍ وَجُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ . قَالَ فَأَيْنَ هُوَ ؟ قَالَ : فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ . فَخَرَجَ إِلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لِعَائِشَةَ حِينَ رَجَعَ : نَخْلُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ . فَقُلْتُ : اسْتَخْرَجْتَهُ ؟ فَقَالَ : لا , أَمَّا أَنَا فَقَدْ شَفَانِي اللَّهُ , وَخَشِيتُ أَنْ يُثِيرَ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ شَرًّا , ثُمَّ دُفِنَتْ الْبِئْرُ حديثا) رواه البخاري (3268) ومسلم (2189) .. هذا الحديث يتعارض مع القران فكيف يسحر الرسول المعصوم وذلك وفقا لقوله (وَقالَ الظّالِـمُونَ إنْ تَتّبِعُونَ إلاّ رَجُلاً مَسْحُورا ) فالله هنا ينفى عن الرسول تهمة السحر وعائشة تقول انه سُحر !!

على هذا النحو يوجد المزيد والمزيد من الأحاديث التى تتناقض مع القرآن بالرغم أن القائل محمد وأنا لا أميل لجانب بإعتباره صائبا والآخر منحرفا محرفاً مدسوساً فهكذا هى نصوص وروايات وإبداعات بشرية الفكر والهوى وليدة ظروفها الموضوعية وحظوظها من المعرفة لتدور فى إطار مشروع إجتماعى سياسى يفرض متطلباته طالباً النفعية والمصلحة والتوازنات متعاملاً مع الحدث فى حينه كما لم تخلو الأمور من حالة مزاجية إنفعالية فرضت نفسها على إخراج النص لتقع فى تناقضات لم تفطن إليها ليعتريها عدم التركيز والغفلة أو فلنقل لا يعنيها هذا التناقض فهى رؤية بشرية تتوائم مع الحدث والمشهد وما تطلبه من رؤى ومعالجات.

بالرغم أن هذه السلسلة تعتنى بقضية إثبات بشرية الأديان فهناك رؤى تفرض ذاتها وهى أهمية فرز وتنقية التراث الإسلامى من هذه الحمولة الثقيلة من تناقض الأفكار والمواقف المتصادمة واللامنطقية وذلك بمحاولة إيجاد صيغة أقل وطأة لا تتناقض مع العصر وهذا أضعف الأمنيات المُبتغاة فى ظل رغبات حثيثة متهافتة متشرنقة تجد سلواها بالتمرغ فى الخرافة والتحليق فى فكر القدماء.

دمتم بخير وعذراً على الإطالة .
-"من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته" - حلم الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع .




:: توقيعي ::: ( ذهبت إلى الغار .. غار حراء .. غار محمد وإلهه وملاكه .. إلى الغار العابس اليابس البائس اليائس ، ذهبت إليه استجابة للأوامر .
دخلت الغار ، دخلته .. صدمت .. ذهلت .. فجعت .. خجلت ، خجلت من نفسي وقومي وديني وتاريخي وإلهي ونبيي ومن قراءاتي ومحفوظاتي ..!
أهذ هو الغار.. غار حراء .. هو الذي لجأ واختبأ فيه الإله كل التاريخ !
  رد مع اقتباس
قديم 11-11-2014, 09:20 PM ترنيمه غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [8]
ترنيمه
عضو برونزي
الصورة الرمزية ترنيمه
 

ترنيمه is on a distinguished road
افتراضي

زهايمر2- تناقضات فى الكتابات المقدسة-جزء تاسع .


-الأديان بشرية الفكر والهوى(41) .

عندما نقول أن الأديان إنتاج فكر بشرى فلا يكون قولنا هذا إدعاء أو تجنى بل حقيقة يمكن تلمسها بدون عناء بدءاً من دراسة الأساطير والقصص التى تدعى وتروج لوجود كائنات ميتافزيقية خرافية كإله وشيطان وجن وعفاريت وملائكة دون أن تقدم أى إثبات على وجودها بالرغم من عظم وذيوع القصص المَروية من خلال ميديا هائلة روجت لها .. كما لا تكتفى بشرية الأديان عند حجم القصص الخرافية بل تقذف لنا بحجم لا بأس به من المغالطات العلمية التى يفضحها العلم الحديث وهذا يعنى أننا أمام تصورات ورؤى إنسان قديم عن الوجود هكذا كانت حدود معرفته وتصوراته ,كما يضاف إلى ذلك أن الأديان قدمت منظومات تشريعية وسلوكية وفكرية تتعاطى مع واقعها وتؤطر لمجتمعها ولا تتناسب مع أنساق مجتمعاتنا الحديثة .
فى ظل هذه التضاريس الواضحة المعالم نستطيع أن نؤكد أن الأديان نتاج فكر بشرى له رؤيته وخيالاته وتصوراته وعلاقاته الخاصة لم تفلت من تحقيق رؤية سياسية إجتماعية غلفت نفسها بالمقدس فيكون الإله والطقس رمز الهوية لتحقيق مصالح سياسية نخبوية وقومية تظهر بجلاء فى بعض المعتقدات كما فى التراث العبرانى والإسلامى ليهيأ لك أن المشروع السياسى هو حجر الزاوية الذى تم البناء عليه ليتأسس ما يُعرف بالدين .
سنضيف فى هذا البحث ملمح أخر يُثبت أن الأديان نتاج فكر بشرى لم يفلح بساطة وتواضع مُسطريه الإفلات من التناقض لنجد الإختلاف كامن بين نصوصه حيث الشئ وضده حاضر والغريب فى الأمر أن الأمور تفتقد لأى درجة من التركيز العقلى لتصل إلى تضارب الأخبار فما يقوله كشكل خبرى هنا يناقضه فى موضع آخر ليحق لنا القول أن الحالة الذهنية لمؤلف النص قد أصابها الزهايمر .
سنتناول النص الدينى فى الكتب المقدسة لنُبرز التناقض فى كتاباته ولن يكون سبيلنا الإتكاء على نصوص غامضة أو حالة إلتباس تستنتج التناقض , فالتناقض من الفجاجة والوضوح تجعله لا يقبل أى تأويل أو مرواغة فهو فى تصريحات إلهية تصرح بشئ فى موضع وتنفيه فى موضع آخر.. سأعرض فى هذا الجزء مجموعة من هذه التناقضات والتضاربات ولن أسترسل كثيرا فى التعقيب حيث الآيات تعبر عن نفسها بجلاء .

** القرآن .
* مشهد أول : يقول القرآن عن حال الكافرين فى يوم القيامة ( يوم نختم على أفواههم ) . ويقول أيضاً (هذا يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون) . ويقول ( ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون) مما يدل أن الكفار يوم القيامة ممنوعون من الكلام حتى للدفاع عن أنفسهم .
بعد هذه الآيات الصريحة التى تصف حال الكفار أنهم ممنوعون عن النطق نجد آيات أخرى تبين انهم يتكلمون ويدافعون عن أنفسهم ( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلانَا مِنَ الْجِنِّ وَالإنسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الأَسْفَلِينَ ) فصلت -كما يقول أيضاً ( ثُمَّ لَمْ تَكُن فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ وَاللّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ )الأنعام - وفي آية أخرى ( وَلَوْ تَرَىَ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النَّارِ فَقَالُواْ يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ )- الأنعام
إذن لدينا آيات تقول بإخراس الكفار عن النطق فى يوم القيامة ( يوم نختم على أفواههم ) , (هذا يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون) وآيات أخرى نجدهم ينطقون ويقولون ويتكلمون , فما معنى هذا سوى أننا أمام تناقض وتضارب شديد لن تجد ما يُسعفه أو يُبرره فهو يتناول مشهد إخباري من علم الله ,ومن المُفترض أن الله بعلمه للغيب عندما يتحدث عن مشهد يوم القيامة فسيأتى ذكره بكل جلاء ووضوح بحكم كونه عالم الغيب وكلى المعرفة وعلمه متحقق ومتيقن الحدوث، ولكننا أمام تناقض فى توصيف المشهد والإخبار عنه فما الذي يدعو الله للتضارب في وصف هذا المشهد وهل يصح ذلك في حق الإله أم أننا أمام وصف بشري لمشهد متخيل يتأثر هذا الوصف بما يعتمل في ذهنية النبى من مشاعر وإنفعالات لحظة الكتابة والتأليف لنبقى فى النهاية أمام تناقض فج واضح لن يجد المُبرر لمن يرفض مقولة بشرية النص .

* فى نفس السياق نرى مشهد ثانى عن يوم القيامة سيستدعينى لإرفاق تناقض سبق أن قدمته فى مقال سابق بغية وحدة الموضوع فنجد التناقض والزهايمر يحل ثانية بقول القرآن ( فلا أنساب بينهم يومئذٍ ولا يتساءلون ) ويؤكد هذا المشهد الرهيب ليوم القيامة فى موضع آخر بقوله ( يوم يفر المرء من أخيه، وأمه وأبيه، وصاحبته وبنيه) فهو موقف لا يلتفت المرء فيه لأخيه ولا لأمه ولا لزوجته ليعبر القرآن عن هذا بأنهم ( لا يتساءلون ).ولكننا نجد القرآن في آية أخرى يقول ( وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون ) ويقول أيضاً ( فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون ) مما يدل أن الكفار يتساءلون ويتلاومون. فهل يتساءل الكفار يوم القيامة أم لا .؟!

* لن نخرج من سياق مشهد يوم القيامة لنجد مشهد ثالث عن تناقض موقف الله من سؤال المذنبين ,فالمُفترض أن الله يسأل كل إنسان فألسنا فى يوم الدينونة لنجد قوله ( فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ) الحجر 92:15. و( تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ ) النحل 56:16. ولكن يحل التناقض كالعادة فهو لن يسأل كما فى القصص 28 ( وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ ) وفى الرحمن 55( فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ ولا جَانٌّ ) وفي رابعة يقول ( فلنسئلن الذين أرسل إليهم ولنسئلن المرسلين ). !!
هل سيُسأل البشر يوم القيامة أم لا ؟ أم أن الله متردد في هذا الشأن - يحاول أهل التأويل المراوغة بتفسير عدم سؤال المجرمين بأن الملائكة لا تسأل عنهم, لأنهم يعرفونهم بسيماهم فهكذا الأمور فى يد الملائكة تعرفهم وكأن الأشرار ذو وجوه قبيحة ولكن نسى أهل المرواغة أن السؤال لا يخص الملائكة بل الله حصراً متفرداً له فسيسأل الناس أجمعين " فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون " فالكلام واضح فما دخل الملائكة هنا ,ناهيك عن إختلال قصة العدل والمحكمة الإلهية حينما لا يُسأل الناس أجمعين .

* مشهد رابع إخبارى ليوم القيامة عن حال الكافرين لم يخلو من الزهايمر ( ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما مأواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيرا.) الاسراء 97:17. أى أنه سيحشر المذنبين عُمى بكم صم ويؤكد هذا الإبتلاء بالعمى فى موضع آخر ( مَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ,قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى ) .
واضح من الآيتين أن الله سيحشرهم يوم القيامة بكماً صُماً عُمياً لا يرون ولا يتكلمون ولا يسمعون. ولكن هناك آية أخرى تناقض هذه الصورة تماماً لتأتى بالنقيض ( فما كان جواب قومه إلا أن قالوا اقتلوه أو حرقوه فأنجاه الله من النار إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون وقال إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين ) وفى البقرة 167:2(وقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ ) وهذا يعنى أنهم سيكفرون بعضهم بعضا وسيتلاعنون فيما بينهم و يتبرأون فكيف يتلاعنون ويتبرأون وهم صم بكم وكيف يرون بعض إذا كانوا عُميّ .

* مشهد خامس لا يخلو من التناقض الغريب بمقاييس القرآن نفسه، فالله يخبرنا عن سؤاله للمشركين يوم القيامة عن سبب إشراكهم به فيقولون أن الله هو السبب في ذلك إذ لو شاء لهم عدم الشرك ما أشركوا. وهذا منطق متسق مع المنطق الإسلامى القائل بأن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء، ولكن الله يعيب عليهم هذا القول ويتهمهم بالكذب ( سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ ما أَشْرَكْنَا وَلا آَبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ) الانعام6: 148-ولكن يبدو أنه نسي ما قاله في آية سابقة بنفس السورة ( وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ ) الانعام 148 فهو يقر صراحة بأنه السبب في إشراكهم وأن الأمور وفق مشيئته ويتأكد هذا الأمر فى مواضع عدة بالقرآن( قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين) وفى الأنعام 35 ( لو شاء الله لجمعهم على الهدى) - وفى يونس 99 ( ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا ) -وفى هود : 118( ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين ) .. ليطل علينا التناقض ,فالله لا يريد هدايتهم ليبقوا فى الشرك ولكنه ينفى عن ذاته فى آية الانعام6: 148 إدعائهم أنه لولا مشيئة الله ما أشركوا هم ولا أباءهم ليصفهم بالكاذبين ,فأين كذبهم إذا كان قد أقر فى مواضع عدة بأنها مشيئته .

* مشهد سادس فى نفس السياق نجده فى سورة النساء 42 وإخباره عن الكافرين بقوله ( يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَعَصَوُاْ الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ وَلاَ يَكْتُمُونَ اللّهَ حَدِيثًا ) فهم لا يكتمون ولكن تأتى سورة الأنعام 43 لتناقضها ( وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَيْنَ شُرَكَآؤُكُمُ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ ثُمَّ لَمْ تَكُن فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ وَاللّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ ) الانعام23.

* مشهد سابع عن طعام أهل الجحيم فنجد الله يخبرنا أنه الضريع حصراً وليس أى طعام آخر ( لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إلا مِنْ ضَرِيعٍ ) الغاشية 88 : 6. ولكن يتناقض هذا فى الحاقة 69 ليجعله غسلين فقط ( وَلا طَعَامٌ إِلا مِنْ غِسْلِينٍ ) وفى موضع ثالث سيجعلهم يأكلون من شجرة الزقوم ( أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلا أَمْ شَجَرَةُالزَّقُّومِ . إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ. إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ. طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ. فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَافَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ) الصافات37 : 63- ليقول قائل أن كل هذا طعام أهل النار ولكنك لم تلاحظ الحصر بأنه الضريع ( لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ "إِلا" مِنْ ضَرِيعٍ ) وحصره أيضا للغسلين ( وَلا طَعَامٌ "إِلا" مِنْ غِسْلِينٍ ).!

* مشهد ثامن من التناقض نجده فى سورة ق الاية 21: ( بصرك اليوم حديد) لتعارضها الاية 44 من حم غسق ( خاشعون من الذل ينظرون من طرف خفي ) وتناقضها الاية 124 من سورة طه ( ومن أعرض عن ذكري.نحشره يوم القيامة أعمى ) .

* مشهد تاسع عن نسب حضور المسلمين وأهل لكتاب فى الجنه فنجد حضور أهل الكتاب فى الجنه أكبر من عدد المسلمين ( ثُلَّةٌ مِن الأوَّلين وقليلٌ مِن الآخِرين) الواقعة 56 والثلة هى الجماعة و الأولين هم اليهود والنصارى أما الآخرين فهم المسلمون
بينما فى نفس السورة تتساوى النسب ( ثُلَّةٌ مِنَ الأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الآخِريِنَ ) -ولتتناقض الآيتان مع ( مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِين ) سورة آل عمران 3: 85. أى لا ثلة ولا يحزنون .!
فهل حضور المسلمين فى الجنه أقل من الآخرين أم متساوى الحضور وهل إحصاء الله خاطئ وماموقف كل هذا من قوله ( من يبتغ غير الإسلام دينا فهو من الخاسرين) فأين ذهبت تلك الثلة من الآخرين .!

* مشهد عاشر عن الموقف من أهل الجن ليناله الزهايمر أيضا ... لنا أن نعرف أن الجِن للعبادة أيضا حسب القرآن بل منهم المؤمنون الذين لا يشركون ففى الذرايات 56( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) وفى سورة الجن ( قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا ) ولكن فى الأنعام 128 سيحشر الله كل الجن فى الجحيم ولتلاحظ "جميعا" ( وَيَوْمَ يِحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَآؤُهُم مِّنَ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَـا أَجَلَنَا الَّذِيَ أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَليمٌ .) .!

* مشهد حادى عشر يعلوه الإرتباك والتناقض عن عذاب الله للكافرين فهل هو فى الآخرة فقط أم فى الدنيا والآخرة ففى فاطر 36 ينبأ عن الآخرة فقط (وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ ) ولكن فى آل عمران 56 ينبأ عن عذابهم فى الدنيا والآخرة ( فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَأُعَذِّبُهُـمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ ) .!

* مشهد ثانى عشر يتناول تعهد الله أن يرسل لكل أمة رسولاً وأنه لن يعذب حتى يبعث رسولا ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ) وأكد حتمية ذلك فى الزمر71( وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا حتى إذا جاؤوها فُتحت أبوابها وقال خزنتها ألم يأتكم رسلٌ منكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا ). وقال كذلك فى الأنعام 130( يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا شهدنا على أنفسنا وغرتهم الحياة الدنيا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين ) الأنعام 130. وقال فى إبراهيم 4 ( وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ) . وهذا يعنى أن لكل أمة رسول و الرسول لا بد أن يكون من نفس الأمة ويتحدث لغتهم .
هل لنا أن نسأل من هم رسل الهنود والصينيين والأفارقة وجزر هاواى والأمازون فلم ينبئنا التاريخ عن أى منهم ولكن سننصرف عن ذلك فربما كان لديهم رسل ولا نعلمهم ,فالمصادرالتراثية تدعى أن الله أرسل 120 ألف رسول .! ورغما عن ذلك سيظل الحرج قائماً فالقرآن يخبرنا أن الله لم يرسل في العرب رسولاً قبل محمد فيقول ( وما آتيناهم من كُتب يدرسونها وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير) سبأ 44. ويؤكد ذلك فى السجدة 3 ( أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ ) .!

* مشهد ثالث عشر يتناول طلب الله من عبيده التقوى ففى سورة آل عمران 102 يأمر الله بتقوته تقوى كاملة ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون ) بينما فى التغابن 16 يصيبه الزهايمر فينسى ويطلب تقوى جزئية على قدر المستطاع ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْرًا لِّأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) .!

*مشهد رابع عشر خاص بالتناقض فى محاكمة البشر على نياتهم أم بما تيسر ,ففى البقرة 284 ( وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ ) وهذا يعنى ان الله سيحاسب البشر على نياتهم وما يخفونه فى صدورهم ولكن هناك آية اخرى تناقضها وتجعل الله ينصرف عن حكمه هذا ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا ) و( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ).
يمكن التعامل مع هذا التناقض بالحل السحرى المعروف بالناسخ والمنسوخ والذى يجد حرج لدى المسلمين فهى يعطى معنى وحيد بتردد الله فآية ( وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ ) عندما أطلقها النبى أصاب أصحابه ومريديه الإرتباك الشديد ليدرك النبى أنها تحتاج لتعديل ليقول: (إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم ) ويعلن عن نشر آية جديدة (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا ) ولكن هل هكذا مر التناقض , فالآية الأولى هى من الله عالم الغيب صاحب الحكم والحكمة والعدل قبل الوجود ,فهل تاهت عنه ذلك ليسارع بتعديلها أم أن محمد ألف الآيتان .

* مشهد خامس عشر التردد والتناقض فى المغفرة ففى سورة المنافقون 6 نجد أن الله يعلن أنه لن يغفر ( سَوَاء عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَـمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ) ولكن فى النساء 110 نجد الله يغفر ( وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا ) فهل هو يغفر أم لا يغفر ؟!..أتصور أن الآية الأولى جاءت كموقف إنفعالى لمحمد تجاه الكافرين والمناهضين لمشروعه ,والثانية جاءت فى موقف مغاير منهم ولكن لا يجب أن تكون الأحكام الإلهية هكذا .. أليس كذلك .

** الكتاب المقدس .
لا يخلو الكتاب المقدس من الزهايمر ولكن تتركز معظم التناقضات والمغالطات فى سرد أحداث ومعلومات تاريخية خبرية متخبطة بشكل فج مما يؤكد ان إله الكتاب المقدس يعانى من حالة زهايمر حادة أو بمعنى أدق معاناة مُسطر النص من عدم التركيز, ولنا أن نسرد بعضها .

* داود السوبرمان قتل برمحه 300 رجلا بضربة واحدة وفى رواية اخرى 800 رجلا .! .. لن نتوقف عند هذا المشهد الخرافى الذى لا يتسق مع العقل ليقتل داود برمحه هذا العدد الغفير من الرجال ولكننا سنتوقف عند عدم قدرة الكتاب المقدس على ضبط رواياته ففى سفر صموئيل الثاني 23 :8 ( هَذِهِ أَسْمَاءُ الأَبْطَالِ الَّذِينَ لِدَاوُدَ: يُشَيْبَ بَشَّبَثُ التَّحْكَمُونِيُّ رَئِيسُ الثَّلاَثَةِ. هُوَ هَزَّ رُمْحَهُ عَلَى ثَمَانِ مِئَةٍ قَتَلَهُمْ دُفْعَةً وَاحِدَةً.) بينما فى سفر أخبار الأيام الأول 11 :11 ( وَهَذَا هُوَ عَدَدُ الأَبْطَالِ الَّذِينَ لِدَاوُدَ: يَشُبْعَامُ بْنُ حَكْمُونِي رَئِيسُ الثَّوَالِثِ. هُوَ هَزَّ رُمْحَهُ عَلَى ثَلاَثِ مِئَةٍ قَتَلَهُمْ دُفْعَةً وَاحِدَةً ) .!

* اختلاف الأوامر بعدد الحيوانات التى سيصطحبها نوح معه فى الفلك ,ففى سفر التكوين 6 :19-20 يذكر أمر الله لنوح أن يصطحب معه اثنين من كل نوع ( وَمِنْ كُلِّ حَيٍّ مِنْ كُلِّ ذِي جَسَدٍ اثْنَيْنِ مِنْ كُلٍّ تُدْخِلُ إِلَى الْفُلْكِ لإسْتِبْقَائِهَا مَعَكَ. تَكُونُ ذَكَراً وَأُنْثَى. مِنَ الطُّيُورِ كَأَجْنَاسِهَا وَمِنَ الْبَهَائِمَ كَأَجْنَاسِهَا وَمِنْ كُلِّ دَباَّبَاتِ الأَرْضِ كَأَجْنَاسِهِ. اثْنَيْنِ مِنْ كُلٍّ تُدْخِلُ إِلَيْكَ لِاسْتِبْقَائِهَا ). بينما فى سفر التكوين 7 :2-3 يأمره بسبعة ذكور وإناث ( مِنْ جَمِيعِ الْبَهَائِمِ الطَّاهِرَةِ تَأْخُذُ مَعَكَ سَبْعَةً سَبْعَةً ذَكَراً وَأُنْثَى. وَمِنَ الْبَهَائِمِ الَّتِي لَيْسَتْ بِطَاهِرَةٍ اثْنَيْنِ: ذَكَراً وَأُنْثَى. وَمِنْ طُيُورِ السَّمَاءِ أَيْضاً سَبْعَةً سَبْعَةً: ذَكَراً وَأُنْثَى. لِاسْتِبْقَاءِ نَسْلٍ عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ.) . قد يقول قائل أنه يفصل الأعداد بين البهائم الطاهرة والغير طاهرة ولكننا نلاحظ أن النص فى التكوين 6 يعمم " وَمِنْ كُلِّ حَيٍّ مِنْ كُلِّ ذِي جَسَدٍ اثْنَيْنِ .".

* حتى القصة المشهورة عن التنبؤ بسنين الجوع التى ستحل بشعب إسرائيل أيام داود الملك أصابها الزهايمر ففى سفر صموئيل الثاني 13:24 نجد التنبؤ بسبع سنين جوع ( فَأَتَى جَادُ إِلَى دَاوُدَ وَقَالَ لَهُ: «أَتَأْتِي عَلَيْكَ سَبْعُ سِنِي جُوعٍ فِي أَرْضِكَ، أَمْ تَهْرُبُ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ أَمَامَ أَعْدَائِكَ وَهُمْ يَتْبَعُونَكَ، أَمْ يَكُونُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَبَأٌ فِي أَرْضِكَ فَالآنَ اعْرِفْ وَانْظُرْ مَاذَا أَرُدُّ جَوَاباً عَلَى مُرْسِلِي ) وفى سفر أخبار الأيام الأول 21: 11-12نجد الإخبار عن ثلاث سنين ( جَاءَ جَادُ إِلَى دَاوُدَ وَقَالَ لَهُ: «هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ: اقْبَلْ لِنَفْسِكَ إِمَّا ثَلاَثَ سِنِينَ جُوعٌ, أَوْ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ هَلاَكٌ أَمَامَ مُضَايِقِيكَ وَسَيْفُ أَعْدَائِكَ يُدْرِكُكَ, أَوْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ يَكُونُ فِيهَا سَيْفُ الرَّبِّ وَوَبَأٌ فِي الأَرْضِ, وَمَلاَكُ الرَّبِّ يَعْثُو فِي كُلِّ تُخُومِ إِسْرَائِيلَ. فَانْظُرِ الآنَ مَاذَا أَرُدُّ جَوَاباً لِمُرْسِلِي ) . !

* لخبطة فى الحساب أم زهايمر إنتابت تدوين تحديد سن يهوياكين حينما حكم ,ففى سفر الملوك الثاني الإصحاح 24 ( كَانَ يَهُويَاكِينُ ابْنَ ثَمَانِي عَشَرَةَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ، وَمَلَكَ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ فِي أُورُشَلِيمَ. وَاسْمُ أُمِّهِ نَحُوشْتَا بِنْتُ أَلْنَاثَانَ مِنْ أُورُشَلِيمَ. ) بينما نجد راوية مختلفة فى سفر الأيام الثاني الإصحاح 36: 9 لعمر يهوياكين الذى حكم لنجده كان صاحب ثمان سنوات ( كَانَ يَهُويَاكِينُ ابْنَ ثَمَانِي سِنِينَ حِينَ مَلَكَ وَمَلَكَ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةَ أَيَّامٍ فِي أُورُشَلِيمَ. وَعَمِلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ ).!

* زهايمر آخر فلا تعرف هل داود أحصى الشعب بناء على أوامر الرب أم بإيعاز من الشيطان , ففى سفر صموئيل الثاني 24 :1 ( وَعَادَ فَحَمِيَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلَى إِسْرَائِيلَ فَأَهَاجَ عَلَيْهِمْ دَاوُدَ قَائِلاً: «امْضِ وَأَحْصِ إِسْرَائِيلَ وَيَهُوذَا ) بينما فى سفر أخبار الأيام الأول 21 :1 نجد رواية مختلفة عن إيعاز الشيطان لداود ( َوَقَفَ الشَّيْطَانُ ضِدَّ إِسْرَائِيلَ وَأَغْوَى دَاوُدَ لِيُحْصِيَ إِسْرَائِيلَ ) .

هل مازال أحد يتشكك فى أن الأديان بشرية الفكر والهوى بل يفتقد مؤلفيها لشئ من التركيز الذهنى .

دمتم بخير.
-"من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته" - حلم الإنسانية القادم فى عالم متحررمن الأنانية والظلم والجشع




:: توقيعي ::: ( ذهبت إلى الغار .. غار حراء .. غار محمد وإلهه وملاكه .. إلى الغار العابس اليابس البائس اليائس ، ذهبت إليه استجابة للأوامر .
دخلت الغار ، دخلته .. صدمت .. ذهلت .. فجعت .. خجلت ، خجلت من نفسي وقومي وديني وتاريخي وإلهي ونبيي ومن قراءاتي ومحفوظاتي ..!
أهذ هو الغار.. غار حراء .. هو الذي لجأ واختبأ فيه الإله كل التاريخ !
  رد مع اقتباس
قديم 01-11-2015, 09:01 AM ترنيمه غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [9]
ترنيمه
عضو برونزي
الصورة الرمزية ترنيمه
 

ترنيمه is on a distinguished road
افتراضي

زهايمر3-تناقضات فى الكتابات المقدسة-جزء عاشر


سامى لبيب
الحوار المتمدن-العدد: 4676 - 2014 / 12 / 29 - 16:04
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



-الأديان بشرية الفكر والهوى والتهافت (47) .

عندما نقول أن الأديان إنتاج فكر بشرى فلا يكون قولنا هذا إدعاء أو تجنى بل حقيقة يمكن تلمسها بدون عناء بدءاً من دراسة الأساطير والقصص التى تنسجها وتتدعى فيها بوجود كائنات ميتافزيقية خرافية كإله وشيطان وجن وعفاريت وملائكة دون أن تقدم أى إثبات على وجودها بالرغم من عظم وذيوع القصص المَروية من خلال ميديا هائلة تروج لها .. كما لا تكتفى بشرية الأديان عند حجم القصص الخرافية بل تقذف لنا بحجم لا بأس به من المغالطات العلمية التى يفضحها العلم الحديث وهذا يعنى أننا أمام تصورات ورؤى إنسان قديم عن الوجود هكذا كانت حدود معرفته وتصوراته ,كما يضاف إلى ذلك أن الأديان قدمت منظومات تشريعية وسلوكية وفكرية تتعاطى مع واقعها وتؤطر لمجتمعها لا تتناسب مع أنساق مجتمعاتنا الحديثة .
فى ظل هذه التضاريس الواضحة المعالم نستطيع أن نؤكد أن الأديان نتاج فكر بشرى له رؤيته وخيالاته وتصوراته وعلاقاته الخاصة لم تفلت من تحقيق رؤية سياسية إجتماعية غلفت نفسها بالمقدس فيكون الإله والطقس رمز الهوية لتحقيق مصالح سياسية نخبوية وقومية تظهر بجلاء فى بعض المعتقدات كما فى التراث العبرانى والإسلامى ليهيأ لك أن المشروع السياسى هو حجر الزاوية الذى تم البناء عليه ليتأسس ما يُعرف بالدين .
سنضيف فى هذا البحث ملمح أخر يُثبت أن الأديان نتاج فكر بشرى لم يفلح بساطة وتواضع مُسطريه الإفلات من التناقض لنجد الإختلاف كامن بين نصوصه حيث الشئ وضده حاضر ,والغريب أن الأمور تفتقد لأى درجة من التركيز العقلى فى تدوين النصوص لتصل إلى تضارب الأخبار والأحكام فما يقوله هنا كشكل خبرى سردى أو أمر إلهى يناقضه فى موضع آخر ليحق لنا القول أن الحالة الذهنية لمؤلف النص قد أصابها الزهايمر .
سنتناول النص الدينى فى الكتب المقدسة لنُبرز التناقضات فى كتاباته ولن يكون سبيلنا الإتكاء على نصوص غامضة أو حالة إلتباس تستنتج التناقض , فالتناقض من الفجاجة والوضوح تجعله لا يقبل أى تأويل أو مرواغة فهى تصريحات إلهية تصرح بشئ فى موضع وتنفيه فى موضع آخر.. سأعرض فى هذا الجزء العاشر مجموعة إضافية من هذه التناقضات والتضاربات والتى تميل للتخبط لتصيب أى عقل موضوعى بالحرج .

- التخبط بين التسامح والتصادم والمهادنة والشراسة .
* فى آل عمران 20 :( قلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ البَلَاغُ وَاللهُ بَصِيرٌ بِالعِبَادِ ) آية تحمل رؤية طيبة بدعوة الذين أوتو الكتاب إلى الإيمان بالإسلام فإن آمنوا فقد إهتدوا وإن رفضوا فما عليك إلا البلاغ والله له التصرف والحكم والعقاب ,ولكن سورة التوبة29 تناقض هذا المنحى تماما ( قَاتِلُوا الذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلاَ بِاليَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الحَقِّ مِنَ الذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ) فهى تطالب بقتال أهل الكتاب حتى يؤمنوا أو يدفعوا الجزية عن يد وهم صاغرون .!
تفسيرى لهذا التناقض أن الآية الاولى جاءت فى البدايات حيث الإستكانة والضعف وعدم القدرة على التصادم وعندما توفرت عوامل القوة ظهرت المخالب والشراسة والمشروع القمعى .

* الزهايمر لا يتوقف عند تلك الآيتان ففى سورة النحل 125( اُدْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلهُمْ بِالتِي هِيَ أَحْسَنُ ) أى الدعوة واضحة أن تكون بالحكمة والموعظة الحسنه والجدل الفكرى لتناقضها سورة النساء 84 ( فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ لا تُكَلَّفُ إِلا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ المُؤُمِنين على القِتال ) لينسى ماسبق وذكره عن الموعظة الحسنه والحكمة ليطالب بتحريض المؤمنين على قتالهم .

* وعلى نفس المنوال فى سورة يونس 99 ( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ) فهى تعلن أن الأمور فى مشيئة الله وتوجه سؤال إستنكارى " أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ " ليحل التناقض والزهايمر مرة ثالثة فى سورة التوبة 73( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الكُفَّارَ وَالمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ المَصِيرُ ) .

* مشهد رابع ( لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ ) وهى آية طيبة صريحة بأن لا إكراه فى الدين ولكنها تتبدد مع ( وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلهِ) .!

* مشهد خامس فى سورة المائدة 69 ( انَّ الذِينَ آمَنُوا وَالذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ولا هُمْ يَحْزَنُون) لتناقضها سورة آل عمران 85( مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِين ) ولتلاحظ أنه فى الآخرة من الخاسرين بينما فى سورة المائدة فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ولا هُمْ يَحْزَنُون . لن تجدى أى محاولة للتلفيق والترقيع فالأقوال هى أقوال إلهية فرضاً تقرر وتحكم وتعلم مسبقاً حالهم هل هم لا يحزنون أم خاسرون .
العقل والمنطق يفسر لنا هذا التناقض والزهايمر فهى نصوص بشرية جاءت موائمة للأحداث فعندما تأمل محمد أن يعتمد اليهود والنصارى مشروعه الإسلامى غازلهم بآية المائدة وعندما إنصرفوا عنه قلب الطولة ولحس كلامه بآية آل عمران.

* مشهد سادس فى سورة الأنعام 6: 107( وَلَوْ شَاءَ اللهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ ) لتناقضها سورة محمد 47 ( َإِذَا لقِيتُمُ الذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الوَثَاقَ ) . ففى آية الأنعام تجعل كونهم كافرين هى مشيئة إلهية لتأمر محمد بالإنصراف عنهم فهو ليس عليهم بحافظ ولا بوكيل بينما آية سورة محمد تلغى هذه القصة ليكون ضرب الرقاب هى المعتمدة فى التعامل مع الكفار .

* الرهبانية بدعة ولكن الرهبان أصحاب البدع مَمدُوحون .
على نفس المنوال مغازلة ثم قلب طاولة لم يفطن مبدع النص إنه هكذا يضع الله فى التناقض .ففى القرآن رفض تام للرهبانية وإعتبارها بدعة وضلاله ففى سورة الحديد 27 ( ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْأِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا ما كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ) .
ولكن نفس القرآن الذى رفض الرهبانية وإعتبرها بدعة لم يأمر بها الله ,يحتفى بالرهبان ويشيد بهم ففى المائدة 82 ( لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ ) فكيف يكونون مبتدعين على الله بإقامة الرهبانية التى لم يكلفهم بها ولا ترضيه ثم يمدحهم كل هذا المدح الجميل وأنهم الأقرب الناس مودة إلى المسلمين بل هم لا يستكبرون بالرغم أن البدعة هى قمة التكبر على الله .!!

* هدى ونور وحكم أم تحريف .
( وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ ) المائدة 43. كذلك فى نفس السورة يؤكد ان التوراة هدى ونور ( إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ ) المائدة44 ,وفى المائدة46 ( وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ) بل يأمر اهل الإنجيل بالإحتكام إليه (وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) المائدة 47.
كيف يطلب القرآن من اليهود والنصارى أن يحكموا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ من التوراة والإنجيل فعندهم التوراة فيها هدى ونور وفيها حكم الله وليحكم أهل الإنجيل به ومن لم يحكم فهم الفاسقون وفي الوقت نفسه نسب لهم القرآن تهمة التحريف وذلك في قوله( مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ ) النساء 46. و( يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ ) المائدة 13. و( يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ ) المائدة 41. فلو كانوا حرفوا فيجب أن لا يأمرهم بالإمتثال للتوراة والإنجيل إلا إذا تم التحريف فى غفوة من الله ولم يدرك ذلك أو جاء التحريف فى زمن محمد بدون أن يعلم أيضاً فلو كان التحريف قبل آياته بأن التوراة والإنجيل هدى فهذا يعنى هذيان فلم يكن هناك أى داع ومعنى لورود تلك الآيات !!.. كل هذا ينسف علمه للغيب والمعرفة الكلية وقدرته على الحفظ لتصيب الله الغفلة والغفوة والجهل ولكن يبقى تحليلنا المنطقى مفسراً بأن محمد توسم أن يعضده اليهود والنصارى ويعتمدوه كنبى فغازلهم وعندما إنصرفوا عنه قلب الطاولة ولكنه قلبها على الإله أيضاً بدون أن يدرى .

* هل يحل للمسلم الزواج من المسيحيات أم لا .
فى سورة المائدة :5 ( أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا۟-;- الۡ-;-كِتَابَ حِلٌّ لَّكُمۡ-;- وَطَعَامُكُمۡ-;- حِلُّ لَّهُمۡ-;- وَالمحصنات مِنَ المؤمنات وَالمحصنات مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا۟-;- الكتاب مِن قَبلكم إِذَا آتَيتموهُنَّ أُجُورَهُنَّ محصنِينَ غَير مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِى أَخدانٍ وَمَن يكفر بِالإِيمَانِ فَقَدۡ-;- حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِى الآخِرَةِ مِنَ الخاسِرِينَ ). وهذا يعنى رخصة صريحة واضحة بالزواج من نساء أهل الكتاب من اليهود والنصارى وقد فعلها نبى الإسلام بالزواج من النصرانية ماريا القبطية واليهودية صفية ليحذوا المسلمين حذوه حتى يومنا هذا علاوة على إباحة الآية لهم, ولكن فى سورة البقرة : 221 ( وَلاَ تَنكِحُوا۟-;- المشركاتِ حَتَّى يُؤۡ-;-مِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤۡ-;-مِنَةٌ خَيرٌ مِّن مُّشرِكَةٍ وَلَوۡ-;- أَعجَبَتكُمۡ-;- وَلاَ تُنكِحُوا۟-;- المشِرِكِينَ حَتَّى يُؤۡ-;-مِنُوا۟-;- وَلَعَبد مُّؤۡ-;-مِنٌ خَيرٌ مِّن مُّشرِكٍ وَلَوۡ-;- أَعجَبَكُمۡ-;- أُوۡ-;-لَٰ-;-ئِكَ يَدۡ-;-عُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدۡ-;-عُوَ إِلَى الجَنَّةِ وَالمَغفِرَةِ بِإِذۡ-;-نِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ-;- يَتَذَكَّرُونَ ) . فهذا نهى واضح وصريح وقاطع بتحريم الزواج من المشركات , والمشركات توصيف للنصارى واليهود أيضاً كما جاء فى مواضع عدة من القرآن ففى التوبة : 31 ( اتَّخَذُوا۟-;- أَحبَارَهُمۡ-;- وَرُهبانَهُمۡ-;- أَرۡ-;-بَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالمَسِيحَ ابنَ مَرۡ-;-يَمَ وَمَا أُمِرُوا۟-;- إِلاَّ لِيَعبُدُوا۟-;- إِلَهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَٰ-;-هَ إِلاَّ هُوَ سُبحَانَهُ عَمَّا يُشرِكُونَ ) وكذلك فى التوبة : 30 ( وَقَالَتِ اليَهُودُ عُزَيرٌ ابنُ اللّهِ وَقَالَتۡ-;- النَّصَارَىٰ-;- المَسِيحُ ابنُ اللّهِ ذَٰ-;-لِكَ قَوۡ-;-لُهُم بِأَفوَاهِهِمۡ-;- يُضَاهِؤُونَ قَوۡ-;-لَ الَّذِينَ كَفَرُوا۟-;- مِن قَبلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّىٰ-;- يُؤۡ-;-فَكُونَ ) وفى المائدة 72( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ) - كذلك قوله (لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ ) ..واضح أن الآيات تعلن عن كفر وشرك النصارى لذا فلا يجوز الزواج من نساءهم فماذا يفعل المسلمون هل يتزوجون منهن أم لا .
واقع الحال أن المسلمين يتزوجون من المسيحيات واليهوديات وهذا يعارض نهى الله كونهن مشركات وكافرات ولكن يمكن تفسير هذا المشهد أن الرغبات الجنسية هى الحاكمة فنساء اليهود والنصارى ذوات حُسن خاص ورغبة محمد فى التودد لليهود والنصارى فى البدايات وإقامات علاقات صهر ,علاوة على نكاح محمد لماريا القبطية لتنتج الآية الأولى التى تبيح الزواج منهن بينما حل التصادم والتنافس العقائدى لتنتج الآيات القاطعة بشرك وكفر اليهود والنصارى ورغماً عن ذلك يتم الإنصراف عن تلك الآيات فى سبيل فتح المجال أمام الرغبات الجنسية أن تتحقق وتتنوع بلا قيود .!

يمكن تفسير هذه التناقضات أننا أمام نصوص بشرية تعاملت مع مواقف سياسية تطلب الإستمالة للمشروع الإسلامى وإعتماده لذا لم تُصدر التصادم والحدة فى ظل حالة من الضعف تطلب الإستكانة أو التقية أو النفاق وعندما قويت شوكة الإسلام تبدلت المواقف لتعلن عن التصادم والقهر والهيمنة ولتخلف بعد ذلك حالة من الإزدواجية والضبابية فى تعامل المسلم مع الآخر فهل يكون مع عدم الإكراه والموعظة الحسنه أم بالقهر ,هل تكون بمنهجية داعش أم بفكر متسامح ولكن للأسف الشديد فوفقا للفقه الإسلامى فقد نُسخت كل الآيات المكية المتسامحة أو قل المهادنة لتتغلب نزعة العنف .

* يستحيل ان تعدلوا ولكن فلتتزوجوا مثنى وثلالث ورباع .
(وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ ). هذه الآية من سورة النساء 3 تبيح للمسلم رخصة الزواج مثنى وثلاث ورباع شريطة أن يعدل بين النساء وإلا الإكتفاء بواحدة ( فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً ) ولكن فى الآية 128 يقول ( ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم ) أى التقدير والمعرفة الإلهية تجزم بإستحالة أن يعدل المسلم بين النساء مؤكداً قوله ( لن تستطيعوا ,ولو حرصتم ) فهل هذه فزورة أم زهايمر أم لا شئ يقف أمام الرغبات الجنسية له ولرجاله أو يمكن تفسير هذا التناقض أن محمد منح الرخصة للمسلمين بالتعدد ليضمن بقاءهم ودعمهم وتطييب خواطرهم كما فى الآية الأولى لتأتى الآية الثانية وقد تلمسته بعض الحكمة ولكن تبقى فى النهاية الرخصة قائمة لترمى وراء ظهرها ( فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً ) و( ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم ) .

* لستن كأحد من النساء أم هناك نساء خيرا منكن .
المرة الوحيدة التي خاطب فيها القرآن المرأة كانت لنساء النبى ( يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفا ) الأحزاب 32 لنتلمس مدح وأفضلية وتمايز لنساء النبي فلستن كأحد من النساء. ولكن عندما غضب محمد من نسائه بسبب النفقة كما تروى كتب السيرة وأسباب التنزيل ، فمن السهولة بمكان تنزيل آية جاءت هذه المرة وفقا لما أشار عليه عمر بن الخطاب عندما زاره ووجده مكتئباً فنصحه أن يطلق نساءه وسوف يمنحه الله أحسن منهن , فجاءت آية موجهة لنساء النبي( عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجاً خيراً منكن مسلماتٍ مؤمناتٍ قانتاتٍ تائباتٍ سائحاتٍ ثيبٍ وأبكارا ) التحريم 5 .
كيف تكون النساء الجدد خيراً من نساء النبي وهن مثلهن مسلمات , مؤمنات , قانتات وتائبات , فكل هذه الصفات تنطبق على نساء النبي كما تنطبق على نساء أخريات معاصرات لهن ، ولكن آية الأحزاب قالت " لستن كأحد من النساء" وهذا يعنى التميز والتفرد . يضاف لذلك كيف تكون الأزواج الجدد التائبات خيراً من نساء النبي ,فالإنسان لا يتوب إلا إذا ارتكب معصيةً أو فاحشة، فكون الأزواج الجدد تائبات يعني أنهن قد ارتكبن آثاماً فلا يُعقل أن يكن أحسن من نساء النبي وأمهات جميع المؤمنين. لنفسر هذا التناقض بحالة نفسية وعاطفية ومزاجية للنبى إستدعى ان يهدد أو يغيظ نساءه ولا ننسى دور عمر بالإيعاز بذلك .

* القدر فى كتاب محفوظ منذ الأزل أم يجهز كل سنه .
( ليلة القدر خير من ألف شهر تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر) وقال في الدخان 3 ( أنا أنزلناه في ليلة مباركة ) فلليلة القدر منزلة خاصة فى الإسلام ففيها نزل القرآن في ليلة مباركة تفصل فيها الأقضية كما تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر أي من كل أمر قدر في تلك السنة فيُقدر كل أمر يقع في ذلك العام من حياة أو موت أو غير ذلك وهذا ما يهمنا ,فوفقا لتلك الآية أن أمور الخلق تقدر عاماً تلو آخر وهذا ما يخالف ويناقض الفكر الإيمانى الإسلامى فى موضع آخر بأن كل الأمور مُقدرة منذ البدء وليس كل عام ففي الحديد 22 ( ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها ) كما يقول فى إسراء 13 ( وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ) أي أن كل الأقدار والمصائب والبلايا مكتوبة من قبل في اللوح المحفوظ قبل الخلق منذ الأزل .
أتصور أن محمد أراد ان يعطى قيمة عظيمة لليلة القدر فلم يكتفى بأنها ليلة مباركة ونزل فيها القرآن ليضيف لها إنزال الأقضية ولم يفطن أن القضاء والقدر منذ الأزل فى الكتاب المحفوظ .

* ابليس طُرد من الجنه أم لا .
لن نعتنى بالمشهد الملئ بالفنتازيا والتناقض عن مشهد عصيان إبليس والصفقة التى تمت بينه وبين الله ولكن سنرصد أمر طرده من الجنه لنجد فى موضع آخر أنه مازال موجوداً حاضراً فى الجنه . فالله طرد إبليس من الجنّة حين رفض السجود لآدم بقوله( فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ) وفى سورة الحجر نقرأ ( فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين قال يا إبليس ما لك ألا تكون مع الساجدين قال لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال من حمأ مسنون , قال فاخرج منها فإنك رجيم وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين) وقوله لآدم: ( وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ.) ثم فجأة يحل الزهايمر لنرى إبليس قد عاد إلى الجنة بعد طرده منها ليغوى آدم أو قل أنه لم يبارحها ,لنجد فى سورة البقرة أن الله قد نسى أنه طرده ( فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين ) فهل طرده أم لا ..وهل إختبأ ابليس ولم يفطن الله لمكان إختباءه .!

* يريد أمة واحدة أم لا .
فى سورة المؤمنون 51-52( يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً إني بما تعملون عليم وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون ) ويؤكد أن البشر أمة واحدة فى موضع آخر بالأنبياء 92-93 ( إنّ هذه أمتكم أمةٌ واحدة وأنا ربكم فاعبدون فتقطعوا أمرهم بينهم كلٌ إلينا راجعون) ثم يفاجئنا القرآن بقوله ( ولو شاء الله لجعلكم أمةً واحدةً ولكن يُضل من يشاء ويهدي من يشاء ) النحل 93.

* الخمر بين السكر والرزق الحسن وبين الإجتناب وعمل الشيطان .
( وَإِنَّ لَكُمْ فِي ٱ-;-لأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُمْ مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَناً خَالِصاً سَآئِغاً لِلشَّارِبِينَ وَمِن ثَمَرَاتِ ٱ-;-لنَّخِيلِ وَٱ-;-لأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً إِنَّ فِي ذٰ-;-لِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ) الآية 66_67 من سورة النحل. فالله في هذه الآية يسرد لنا جملة من نِعمه التى يَمتن بها على البشر كالأنعام واللبن والسَكر(الخمر) والذي نتخذه من ثمرات الأعناب والنخيل كرزق حسن .
سنعتنى بالخمر ونتوقف عند ( وَمِن ثَمَرَاتِ ٱ-;-لنَّخِيلِ وَٱ-;-لأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً إِنَّ فِي ذٰ-;-لِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ) فالله هنا يذكر صراحة أن الخمر رزق حسن وإذا كان كذلك فهذا يتناقض مع المائدة 90 ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ). فكيف يمتن الله بالخمر على عباده كرزق حسن ويسرده ويحصيه في جملة نعمه ثم ينقلب بعدها فيجعله من عمل الشيطان .!
لن تجدى مقولة التدرج فى تحريم الخمر فهى ليست ذات علاقة بما نثيره عن قضية الخمر كرزق حسن أم من عمل الشيطان علاوة لم يصدر قول صريح بالتحريم فالقول "إجتنبوه" لا يعنى التحريم بدليل قوله ( لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى ) كذلك الخمر الملعون فى الدنيا هو شراب ومتعة الشاربين فى العالم الآخر , بل كان محمد يشرب النبيذ كما جاء فى صحيح مسلم عن ابن عباس قال : ( كان رسول الله ينبذ له الزبيب فى السقاء فيشربه يومه والغد وبعد الغد فاذا كان مساء الثالثة شربه وسقاه) ولكن كل هذا لا يعنينا فنحن بصدد التناقض فى تحول الخمر من موضع رزق حسن ونعمه من نِعم الله إلى عمل الشيطان , فألم يكن الله يعلم أنه سيقبح الخمر فلماذا سرده وأحصاه بين نعمه مع الألبان والأنعام فأليس هذا تناقض يدل على أن الكاتب يكتب اليوم ولا يعلم ما سيكتبه غدا ,وإن كنت أعزى النفور من الخمر لاحقاً كون محمد صاحب مشروع عسكرى يأمل من مقاتليه التركيز واليقظة الدائمة وهذا يفسر لنا إباحته فى الجنه .

* الأنفال لمن
الأنفال هي المسروقات التي كان يتم نهبها في الحروب وقد قال محمد أنها من نصيبه ( يَسْأَلُونَك عَنْ الْأَنْفَالِ قُلْ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ ) ولأن هذه الآية فيها تجاوز على حقوق المقاتلين كون محمد كان يريد الإستحواذ على كل الغنائم فسيتبع هذا حالة من التذمر والتململ والإنصراف عنه ليضطر مكرهاً إستبدالها بآية ( وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وللرسول) ليصير الخمس له والأربعة أخماس للمقاتلين فأليس هذا تناقض وتخبط فى قرار وحكم إلهى بل يصيب الله بعدم المعرفة والإدراك أم الآية الثانية جاءت من تأليف محمد كالأولى بعدما تلمس أن إستئئثاره على الغنائم سيصيب المقاتلين بالتذمر وينصرفون عنه .

* يندم أم لا يندم .
الزهايمر ينال أيضا إله الكتاب المقدس وإن تركزت معظم التناقضات فى السرد العددى لمشاهد تاريخية وقد تناولنا معظمها سابقا وإن كانت لا تزعج المسيحيين كونهم لا يعتنون بحرفية وقدسية النص فلا مانع لديهم من الإقرار بخطأ النسخ لذا سنتناول جزئية حالة الرب فمرة تجد الإله يندم وتارة أخرى تجده يلفظ عنه الندم ففى عدد 19:23 ( ليس الله إنساناً فيكذب. ولا ابن إنسان فيندم. هل يقول ولا يفعل أو يتكلم ولا يفي ) كذلك فى صموئيل 29:15 ( لا يكذب ولا يندم لأنه ليس إنساناً ليندم ) وأيضاً في الرسالة إلى أهل رومية 29:11 (فإن الله لا يتراجع أبداً عن هباته ودعوته) .
ولكن نفس الإله الذى يلفظ الندم عنه نجده يندم ففى سفر التكوين الإصحاح 6 ( وحدث لما أبتدأ الناس يكثرون في الأرض وولد لهم ولد , أن أبناء الله رأوا بنات الناس أنهن حسنات فأتخذوا لأنفسهم نساءً من كل ما أختاروا فقال الرب لا يدين روحي في الإنسان الى الأبد . لزيغانه هو بشر ,ورأى الرب أن شر الإنسان قد كثر في الأرض وأن كل تصور أفكار قلبه إنما هي شريرة فحزن الرب أنه عمل الإنسان في الأرض وتأسف في قلبه . فقال الرب : أمحو عن وجه الأرض الإنسان الذي خلقته) ليكرر ندمه فى سفر التكوين 8 –22( وقال الرب في قلبه : لا أعود ألعن الأرض أيضا من أجل الإنسان لأن تصور قلب الإنسان شرير منذ حداثته . ولا أعود أيضا أميت كل حي كما فعلت ) وأيضا في سفر صموئيل الأول الإصحاح 15 : 11-10( وكان كلام الرب إلى صموئيل قائلا : ندمت على أني قد جعلت شاول ملكا , لأنه لأنه رجع من ورائي ولم يقم كلامي . فاغتاظ صموئيل وصرخ إلى الرب الليل كله )
افسر هذا التناقض والزهايمر الفج أن كاتب مشاهد الله النادم هو إنسان عفوى رسم المشاهد كما يتخيلها ببساطته وسذاجته أما كاتب آيات ان الله لا يندم هو فكر إنسان لاهوتى يرسم ماهية الألوهية مصدراً تصوره الفكري عنها .

هل يوجد أحد مازال متشككاً أن الأديان بشرية الفكر والهوى والتهافت بل يفتقد مؤلفيها للفطنة وشئ من التركيز الذهنى .

دمتم بخير.
-"من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته" - حلم الإنسانية القادم فى عالم متحررمن الأنانية والظلم والجشع



:: توقيعي ::: ( ذهبت إلى الغار .. غار حراء .. غار محمد وإلهه وملاكه .. إلى الغار العابس اليابس البائس اليائس ، ذهبت إليه استجابة للأوامر .
دخلت الغار ، دخلته .. صدمت .. ذهلت .. فجعت .. خجلت ، خجلت من نفسي وقومي وديني وتاريخي وإلهي ونبيي ومن قراءاتي ومحفوظاتي ..!
أهذ هو الغار.. غار حراء .. هو الذي لجأ واختبأ فيه الإله كل التاريخ !
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدليلية (Tags)
المقدسة–, الكتابات, تناقضات, قرآنية


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تناقضات تلمودية فينيق العقيدة اليهودية ۞ و المسيحية ✟ و العقائد الأخرى 3 07-30-2016 10:34 PM
من تناقضات المسلمين ابن دجلة الخير ساحة النقد الساخر ☺ 4 03-06-2016 09:24 PM
تناقضات القرآن عين حمئة العقيدة الاسلامية ☪ 1 04-07-2015 04:54 AM
تناقضات فى الكتابات المقدسة جزء رابع ترنيمه مقالات من مُختلف الُغات ☈ 0 06-10-2014 01:35 PM
من تناقضات القرأن السيد مطرقة11 الأرشيف 9 09-01-2013 01:21 PM