شبكة الإلحاد العربيُ  

العودة   شبكة الإلحاد العربيُ > ملتقيات في نقد الإيمان و الأديان > العقيدة الاسلامية ☪ > مواضيع مُثبتةْ

إضافة رد
 
أدوات الموضوع اسلوب عرض الموضوع
قديم 04-14-2015, 10:22 PM لؤي عشري غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [21]
لؤي عشري
باحث ومشرف عام
الصورة الرمزية لؤي عشري
 

لؤي عشري is on a distinguished road
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى لؤي عشري
افتراضي

وَحَدّثَنِى مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ عَمّتِهِ، عَنْ أُمّهَا، قَالَتْ: بِعْنَا طُعْمَةَ الْمِقْدَادِ بْنِ عَمْرٍو مِنْ خَيْبَرَ خَمْسَةَ عَشَرَ وَسْقًا شَعِيرًا مِنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِى سُفْيَانَ بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ.
بِسْمِ اللّهِ الرّحْمَنِ الرّحِيمِ: هَذَا مَا أَعْطَى مُحَمّدٌ رَسُولُ اللّهِ لأَبِى بَكْرِ بْنِ أَبِى قُحَافَةَ مِائَةَ وَسْقٍ، وَلِعَقِيلِ بْنِ أَبِى طَالِبٍ مِائَةً وَأَرْبَعِينَ وَلِبَنِى جَعْفَرِ بْنِ أَبِى طَالِبٍ خَمْسِينَ وَسْقًا، وَلِرَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ مِائَةَ وَسْقٍ وَلأَبِى سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطّلِب ِ مِائَةَ وَسْقٍ وَلِلصّلْتِ بْنِ مَخْرَمَةَ بْنِ الْمُطّلِبِ ثَلاثِينَ وَسْقًا، وَلأَبِى نَبْقَةَ خَمْسِينَ وَسْقًا، وَلِرُكَانَةَ بْنِ عَبْدِ يَزِيدَ خَمْسِينَ وَسْقًا، وَلِلْقَاسِمِ بْنِ مَخْرَمَةَ بْنِ الْمُطّلِبِ خَمْسِينَ وَسْقًا، وَلِمِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ بْنِ عَبّادٍ وَأُخْتِهِ هِنْدٍ ثَلاثِينَ وَسْقًا، وَلِصَفِيّةَ بِنْتِ عَبْدِ الْمُطّلِبِ أَرْبَعِينَ وَسْقًا، وَلِبُحَيْنَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُطّلِبِ ثَلاثِينَ وَسْقًا، وَلِضُبَاعَةَ بِنْتِ الزّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطّلِبِ أَرْبَعِينَ وَسْقًا، وَلِلْحُصَيْنِ وَخَدِيجَةَ، وَهِنْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ مِائَةَ وَسْقٍ، وَلأُمّ الْحَكَمِ بِنْتِ الزّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطّلِبِ ثَلاثِينَ وَسْقًا، وَلأُمّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِى طَالِبٍ أَرْبَعِينَ وَسْقًا، ولِجُمَانَةَ بِنْتِ أَبِى طَالِبٍ ثَلاثِينَ وَسْقًا، وَلأُمّ طَالِبٍ بِنْتِ أَبِى طَالِبٍ ثَلاثِينَ وَسْقًا، وَلِقَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ بْنِ الْمُطّلِبِ خَمْسِينَ وَسْقًا، وَلأَبِى أَرْقَمَ خَمْسِينَ وَسْقًا، وَلِعَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْر ٍ أَرْبَعِينَ وَسْقًا، وَلأَبِى بَصْرَةَ أَرْبَعِينَ وَسْقًا، وَلابْنِ أَبِى حُبَيْشٍ ثَلاثِينَ وَسْقًا، وَلِعَبْدِ اللّهِ بْنِ وَهْبٍ وَابْنَيْهِ خَمْسِينَ وَسْقًا، لابْنَيْهِ أَرْبَعِينَ وَسْقًا، وَلِنُمَيْلَةَ الْكَلْبِىّ مِنْ بَنِى لَيْثٍ خَمْسِينَ وَسْقًا، وَلأُمّ حَبِيبَةَ بِنْتِ جَحْشٍ ثَلاثِينَ وَسْقًا، وَلِمَلْكَانَ بْنِ عِبْدَةَ ثَلاثِينَ وَسْقًا، وَلِمُحَيّصَةَ بْنِ مَسْعُودٍ ثَلاثِينَ وَسْقًا.
وَأَوْصَى رَسُولُ اللّهِ ÷ لِلرّهَاوِيّينَ بِطُعْمَةٍ مِنْ خُمُسِ خَيْبَرَ بِجَادّ مِائَةِ وَسْقٍ وَلِلدّارِيَيْنِ بِجَادّ مِائَةِ وَسْقٍ وَهُمْ عَشَرَةٌ مِنْ الدّارِيّينَ قَدِمُوا مِنْ الشّامِ إلَى رَسُولِ اللّهِ ÷ فَأَوْصَى لَهُمْ بِطُعْمَةِ مِائَةِ وَسْقٍ هَانِئُ بْنُ حَبِيبٍ وَالْفَاكِهُ بْنُ النّعْمَانِ وَجَبَلَة بْنُ مَالِكٍ وَأَبُو هِنْدِ بْنِ بَرّ وَأَخُوهُ الطّيّبُ بْنُ بَرّ سَمّاهُ رَسُولُ اللّهِ ÷ عَبْدَ اللّهِ وَتَمِيمُ بْنُ أَوْسٍ وَنُعَيْمُ بْنُ أَوْسٍ، وَيَزِيدُ بْنُ قَيْسٍ، وَعَزِيزُ بْنُ مَالِكٍ سَمّاهُ رَسُولُ اللّهِ ÷ عَبْدَ الرّحْمَنِ وَأَخُوهُ مُرّةُ بْنُ مَالِكٍ وَأَوْصَى لِلأَشْعَرِيّينَ بِجَادّ مِائَةِ وَسْقٍ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهّابِ بْنُ أَبِى حَيّةَ، قَالَ: حَدّثَنَا ابْنُ الثّلْجِىّ، قَالَ: حَدّثَنَا الْوَاقِدِىّ، قَالَ: حَدّثَنِى مَعْمَرٌ، عَنْ الزّهْرِىّ، عَنْ عُبَيْدِ اللّهِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُتْبَةَ، قَالَ: لَمْ يُوصِ رَسُولُ اللّهِ ÷ إلاّ بِثَلاثَةِ أَشْيَاءَ لَلدّارِيَيْنِ بِجَادّ مِائَةِ وَسْقٍ وَلِلأَشْعَرِيّينَ بِجَادّ مِائَةِ وَسْقٍ وَلِلرّهَاوِيّين بِجَادّ مِائَةِ وَسْقٍ وَأَنْ يَنْفُذَ جَيْشُ أُسَامَةَ ابْنِ زَيْدٍ، وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ ÷ عَقَدَ لَهُ إلَى مَقْتَلِ أَبِيهِ، وَأَلاّ يَتْرُكَ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ دِينَانِ.
قَالُوا: ثُمّ اسْتَشَارَ رَسُولُ اللّهِ ÷ جِبْرِيلَ فِى قَسْمِ خُمُسِ خَيْبَرَ فَأَشَارَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْسِمَهُ فِى بَنِى هَاشِمٍ وَبَنِى الْمُطّلِبِ وَبَنِى عَبْدِ يَغُوثَ.
وَحَدّثَنِى مَعْمَرٌ، عَنْ الزّهْرِىّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيّبِ قَالَ: قَالَ جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ: لَمّا قَسَمَ رَسُولُ اللّهِ ÷ ذَوِى الْقُرْبَى بِخَيْبَرَ مِنْ بَنِى هَاشِمٍ وَبَنِى الْمُطّلِبِ مَشَيْت أَنَا وَعُثْمَانُ بْنُ عَفّانَ حَتّى دَخَلْنَا عَلَى رَسُولِ اللّهِ ÷، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللّهِ هَؤُلاءِ إخْوَانُنَا مِنْ بَنِى الْمُطّلِبِ لا نُنْكِرُ فَضْلَهُمْ لِمَكَانِك الّذِى وَضَعَك اللّهُ بِهِ مِنْهُمْ أَفَرَأَيْت إخْوَانَنَا مِنْ بَنِى الْمُطّلِبِ، إنّمَا نَحْنُ وَهُمْ مِنْك بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ أَعْطَيْتهمْ وَتَرَكَتْنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: “إنّ بَنِى الْمُطّلِبِ لَمْ يُفَارِقُونِى فِى الْجَاهِلِيّةِ وَالإِسْلامِ، دَخَلُوا مَعَنَا فِى الشّعْبِ، إنّمَا بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطّلِبِ شَىْءٌ وَاحِدٌ وَشَبّكَ رَسُولُ اللّهِ ÷ بَيْنَ أَصَابِعِهِ”.
قَالُوا: وَكَانَ عَبْدُ الْمُطّلِبِ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ يُحَدّثُ، قَالَ: اجْتَمَعَ الْعَبّاسُ ابْنُ عَبْدِ الْمُطّلِبِ وَرَبِيعَةُ بْنُ الْحَارِثِ فَقَالا: لَوْ بَعَثْنَا هَذَيْنِ الْغُلامَيْنِ - لِى وَلِلْفَضْلِ بْنِ عَبّاسٍ - إلَى رَسُولِ اللّهِ ÷ فَكَلّمَاهُ فَأَمّرَهُمَا عَلَى هَذِهِ الصّدَقَاتِ فَأَدّيَا مَا يُؤَدّى النّاسُ وَأَصَابَا مَا يُصِيبُونَ مِنْ الْمَنْفَعَةِ. فَبُعِثَ بِى وَالْفَضْلِ فَخَرَجْنَا حَتّى جِئْنَا رَسُولَ اللّهِ ÷ فَسَبَقْنَاهُ وَانْصَرَفَ إلَيْنَا مِنْ الظّهْرِ، وَقَدْ وَقَفْنَا لَهُ عِنْدَ حُجْرَةِ زَيْنَبَ فَأَخَذَ بِمَنَاكِبِهِمَا، فَقَالَ: أَخْرِجَا مَا تُسِرّانِ فَلَمّا دَخَلَ دَخَلا عَلَيْهِ فَكَلّمَاهُ، فَقَالا: يَا رَسُولَ اللّهِ جِئْنَاك لِتُؤَمّرَنَا عَلَى هَذِهِ الصّدَقَاتِ فَنُؤَدّى مَا يُؤَدّى النّاسُ وَنُصِيبُ مَا يُصِيبُونَ مِنْ الْمَنْفَعَةِ. فَسَكَتَ وَرَفَعَ رَأْسَهُ إلَى سَقْفِ الْبَيْتِ، ثُمّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا، فَقَالَ: “إنّ الصّدَقَةَ لا تَحِلّ لِمُحَمّدٍ وَلا لآلِ مُحَمّدٍ إنّمَا هِىَ أَوْسَاخُ النّاسِ”.
اُدْعُ لِى مَحْمِيَةَ بْنَ جَزْءٍ الزّبَيْدِىّ وَأَبَا سُفْيَانَ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطّلِبِ، فَقَالَ لِمَحْمِيَةَ: زَوّجْ هَذَا ابْنَتَك - لِلْفَضْلِ. وَقَالَ لأَبِى سُفْيَانَ: زَوّجْ هَذَا ابْنَتَك - لِعَبْدِ الْمُطّلِبِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ، وَقَالَ لِمَحْمِيَةَ: أَصْدِقْ عَنْهُمَا مِمّا عِنْدَك مِنْ الْخُمُسِ وَكَانَ يَكُونُ عَلَى الْخُمُسِ. فَكَانَ ابْنُ عَبّاسٍ يَقُولُ: قَدْ دَعَانَا عُمَرُ إلَى أَنْ يَنْكِحَ فِيهِ أَيَامَانَا وَيَخْدِمُ مِنْهُ عَائِلَنَا، وَيُقْضَى مِنْهُ غَارِمُنَا، فَأَبَيْنَا عَلَيْهِ إلاّ أَنْ يُسَلّمَهُ كُلّهُ وَأَبَى ذَلِكَ عَلَيْنَا.
حَدّثَنِى مُصْعَبُ بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزّبَيْرِ، أَنّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعَلِيّا عَلَيْهِمْ السّلامُ جَعَلُوا هَذَيْنِ السّهْمَيْنِ عَلَى الْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: فِى السّلاحِ وَالْعُدّةِ فِى سَبِيلِ اللّهِ. وَكَانَتْ تِلْكَ الطّعْمَةُ تُؤْخَذُ بِصَاعِ رَسُولِ اللّهِ ÷ فِى حَيَاتِهِ وَفِى خِلافَةِ أَبِى بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَمُعَاوِيَةَ، رَضِىَ اللّهُ عَنْهُمْ حَتّى كَانَ يَحْيَى بْنُ الْحَكَمِ فَزَادَ فِى الصّاعِ سُدُسَ الْمُدّ فَأَعْطَى لِلنّاسِ بِالصّاعِ الّذِى زَادَ، ثُمّ كَانَ أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ فَزَادَ فِيهِ فَأَعْطَاهُمْ بِذَلِكَ، وَكَانَ مَنْ مَاتَ مِنْ الْمُطْعِمِينَ، أَوْ قُتِلَ فِى حَيَاةِ رَسُولِ اللّهِ ÷ وَأَبِى بَكْرٍ، فَإِنّهُ يَرِثُهُ تِلْكَ الطّعْمَةَ مِنْ وِرْثِ مَالِهِ، فَلَمّا وَلِىَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ قَبَضَ طُعْمَةَ كُلّ مَنْ مَاتَ، وَلَمْ يُوَرّثْهُ فَقَبَضَ طُعْمَةَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، وَقَبَضَ طُعْمَةَ جَعْفَرِ بْنِ أَبِى طَالِبٍ، وَكَلّمَهُ فِيهِ عَلِىّ ابْنُ أَبِى طَالِبٍ فَأَبَى، وَقَبَضَ طُعْمَةَ صَفِيّةَ بِنْتِ عَبْدِ الْمُطّلِبِ، فَكَلّمَهُ الزّبَيْرُ فِى ذَلِكَ حَتّى غَالَظَهُ فَأَبَى عَلَيْهِ بُرْدَهُ، فَلَمّا أَلَحّ عَلَيْهِ، قَالَ: أُعْطِيك بَعْضَهُ. قَالَ الزّبَيْرُ: لا وَاَللّهِ لا تُخَلّفْ تَمْرَةً وَاحِدَةً تَحْبِسُهَا عَنّى فَأَبَى عُمَرُ تَسْلِيمَهُ كُلّهُ إلَيْهِ.
قَالَ الزّبَيْرُ: لا آخُذُهُ إلاّ جَمِيعًا فَأَبَى عُمَرُ وَأَبَى أَنْ يَرُدّ عَلَى الْمُهَاجِرِينَ. وَقَبَضَ طُعْمَةَ فَاطِمَةَ فَكَلَمْ فِيهَا فَأَبَى أَنْ يَفْعَلَ. وَكَانَ يُجِيزُ لأَزْوَاجِ رَسُولِ اللّهِ ÷ مَا صَنَعْنَ فَمَاتَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ فِى خِلافَتِهِ فَخَلّى بَيْنَ وَرَثَتِهَا وَبَيْنَ تِلْكَ الطّعْمَةِ وَأَجَازَ مَا صَنَعْنَ فِيهِ مِنْ بَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ وَوَرِثَ ذَلِكَ كُلّ مَنْ وَرّثَهُنّ وَلَمْ يَفْعَلْ بِغَيْرِهِنّ. وَأَبَى أَنْ يُجِيزَ بَيْعَ مَنْ بَاعَ تِلْكَ الطّعْمَةِ وَقَالَ: هَذَا شَيْءٌ لا يُعْرَفُ إذَا مَاتَ الْمُطْعِمُ بَطَلَ حَقّهُ فَكَيْفَ يَجُوزُ بَيْعُهُ؟ إلاّ أَزْوَاجَ رَسُولِ اللّهِ ÷ فَإِنّهُ أَجَازَ مَا صَنَعْنَ فَلَمّا وَلِىَ عُثْمَانُ كَلّمَ فِى تِلْكَ الطّعْمَةِ فَرَدّ عَلَى أُسَامَةَ وَلَمْ يَرُدّ عَلَى غَيْره. فَكَلّمَهُ الزّبَيْرُ فِى طُعْمَةِ صَفِيّةَ أُمّهِ فَأَبَى يَرُدّهُ وَقَالَ: أَنَا حَاضِرُك حِينَ تَكَلّمَ عُمَرُ وَعُمَرُ يَأْبَى عَلَيْك يَقُولُ: “خُذْ بَعْضَهُ”، فَأَنَا أُعْطِيك بَعْضَهُ الّذِى عَرَضَ عَلَيْك عُمَرُ أَنَا أُعْطِيك الثّلُثَيْنِ وَأَحْتَبِسُ الثّلُثَ، فَقَالَ الزّبَيْرُ: لا وَاَللّهِ لا تَمْرَةً وَاحِدَةً حَتّى تُسَلّمَهُ كُلّهُ أَوْ تَحْتَبِسَهُ.
حَدّثَنِى شُعَيْبُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمّا تُوُفّىَ أَبُو بَكْرٍ رَضِىَ اللّهُ عَنْهُ، كَانَ وَلَدُهُ وَرَثَتُهُ يَأْخُذُونَ طُعْمَتَهُ مِنْ خَيْبَرَ، مِائَةَ وَسْقٍ فِى خِلافَةِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَوَرِثَتْ امْرَأَتُهُ أُمّ رُومَانَ بِنْتُ عَامِرِ بْنِ عُوَيْمِرٍ الْكِنَانِيّةُ، وَحَبِيبَةُ بِنْتُ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَبِى زُهَيْرٍ، فَلَمْ يَزَلْ جَارِيًا عَلَيْهِنّ حَتّى كَانَ زَمَنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَوْ بَعْدَهُ فَقُطِعَ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ: سَأَلْت إبْرَاهِيمَ بْنَ جَعْفَرٍ عَمّنْ أَعْطَى رَسُولُ اللّهِ ÷ مِنْ خُمُسِ خَيْبَرَ، فَقَالَ: لا تَسْأَلْ عَنْهُ أَحَدًا أَبَدًا أَعْلَمَ مِنّى، كَانَ مَنْ أُعْطِىَ مِنْهُ طُعْمَةٌ جَرَتْ عَلَيْهِ حَتّى يَمُوتَ ثُمّ يَرِثُهُ مِنْ وَرَثَتِهِ يَبِيعُونَ وَيُطْعِمُونَ وَيَهَبُونَ كَانَ هَذَا عَلَى عَهْدِ أَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ، قُلْت: مِمّنْ سَمِعْت ذَلِكَ؟ قَالَ: مِنْ أَبِى وَغَيْرِهِ مِنْ قَوْمِى. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ: فَذَكَرْت لِعَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ هَذَا الْحَدِيثَ، فَقَالَ أَخْبَرَنِى مَنْ أَثِقُ بِهِ أَنّ عُمَرَ كَانَ يَقْبِضُ تِلْكَ الطّعْمَةَ إذَا مَاتَ الْمَيّتُ فِى حَيَاةِ أَزْوَاجِ النّبِىّ ÷ وَغَيْرِهِنّ. ثُمّ يَقُولُ تُوُفّيَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ فِى سَنَةِ عِشْرِينَ فِى خِلافَةِ عُمَرَ فَقَبَضَ طُعْمَتِهَا، فَكَلّمَ فَأَبَى أَنْ يُعْطِيَهَا الْوَرَثَةَ، قَالَ: إنّمَا كَانَتْ مِنْ النّبِىّ ÷ طُعْمَةً مَا كَانَ الْمَرْءُ حَيّا، فَإِذَا مَاتَ فَلا حَقّ لِوَرَثَتِهِ، قَالَ: فَكَانَ الأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ فِى خِلافَةِ عُمَرَ حَتّى تُوُفّىَ ثُمّ وَلِىَ عُثْمَانُ. وَكَانَ النّبِىّ ÷ أَطْعَمَ زَيْدَ ابْنَ حَارِثَةَ طُعْمَةً مِنْ خَيْبَرَ لَمْ يَكُنْ لَهُ بِهَا كِتَابٌ فَلَمّا تُوُفّىَ زَيْدٌ جَعَلَهَا النّبِىّ ÷ لأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ. قُلْت: فَإِنّ بَعْضَ مَنْ يَرْوِى يَقُولُ كَلّمَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عُمَرَ وَعُثْمَانَ فِى طُعْمَةِ أَبِيهِ فَأَبَى، قَالَ مَا كَانَ إلاّ كَمَا أَخْبَرْتُك. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ: هَذَا الأَمْرُ.
ما يرويه ابن إسحاق هنا هو نفس مرويات الواقدي ولو باختصار نسبيًّا، فلا داعي لإملال القارئ بتكرار ذات الكلام عن أنصبة زوجات وأقارب وأتباع محمد من المسروقات من الأراضي وعوائد غلات الأرض، سأكتفي بتكرار فقرات هي الأهم هنا من ابن إسحاق:
ثم قَسَم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الكَتِيبة، وهى وادي خاص، بين قرابته وبين نسائه، وبين رجال المسلمين ونساء أعطاهم منها، فقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة ابنتَه مئتىْ وَسْقٍ، ولعلى بن أبي طالبٍ منه مئة وسْق، ولأسامة بن زيد مئتىْ وَسْق، وخمسين وَسْقاً من نَوًى، ولعائشة أم المؤمنين مئتي وسْق، ولأبىٍ بكر بن أبي قحافة مِئة وسْق، ولعقيل بن أبي طالب مئة وَسْق وأربعين وسْقا، ولبني جعفر خمسين وسْقاً. ولربيعة بن الحارث مئة وَسْق وللصَّلْت بن مَخْرَمة وابنيه مئة وسْق، للصلت منها أربعون وسْقا....إلخ إلخ ولنسائه صلى الله عليه وسلم سبع مئة وسْق.
قال ابن هشام: قمح وشعير وتمر ونَوًى وغير ذلك، قسَّمه على قدر حاجتهم، وكانت الحاجة في بني عبد المطلب أكثر، ولهذا أعطاهم أكثر.
ذكر ما أعطى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه من قمح خيبر
قسم لهن مئة وسق وثمانين وسقا، ولفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة وثمانين وسْقا، ولأسامة بن زيد أربعين وسْقاً، وللمقداد بن الأسود خمسة عشر وسْقاً، ولأم رُمَيْثة خمسة أوُسق شهد عثمان بن عفان، وعباس وكتب.
قال ابن إسحاق: وحدثني صالح بن كَيْسان، عن ابن شهاب الزُّهْري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عُتْبة ابن مسعود قال: لم يوص رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عند موته إلا بثلاث، أوصى للرَّهاويِّين بحاد مئة وَسْق من خيبر، وللداريِّين بحاد مئة وسق من خيبر، وللسَّبائيين، وللأشعريين بحاد مئة وسْق من خيبر، وأوصى بتنفيذ بَعْث أسامة بن زيد بن حارثة؛ وألا يُترك بجزيرة العرب دينان.
لقد اغتنى محمد من خلال ما امتلكه من أملاك مستولى عليها من خيبر وعوائد نصف خيرات وادي القرى وفدك اليهوديتين، ومنها أعطى لزوجاته ولأقاربه وأنفق على التسليح وأحسن لبعض أتباعه الفقراء وأقاربه وهذا يصب في مصلحة انتشار دعوته، تقول كتب السيرة أنه في حجة الوداع ذبح عن نسائه في الهدي للكعبة البقر كما ذكر ابن إسحاق في سرده لها والبخاري 1709 وأحمد 25838، ألا ينبغي أن تكون قصص الأحاديث من أنه مات مدينًا ليهودي لا يملك شيئًا محض نكت وفكاهات ساذجة بالنسبة لنا إذن.
روى البخاري:
1709 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَتْ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تَقُولُ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِي القَعْدَةِ، لاَ نُرَى إِلَّا الحَجَّ، فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنْ مَكَّةَ «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ إِذَا طَافَ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ أَنْ يَحِلَّ»، قَالَتْ: فَدُخِلَ عَلَيْنَا يَوْمَ النَّحْرِ بِلَحْمِ بَقَرٍ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ قَالَ: نَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَزْوَاجِهِ، قَالَ: يَحْيَى، فَذَكَرْتُهُ لِلْقَاسِمِ، فَقَالَ: أَتَتْكَ بِالحَدِيثِ عَلَى وَجْهِهِ
وروى مسلم:
[ 1211 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد وزهير بن حرب جميعا عن بن عيينة قال عمرو حدثنا سفيان بن عيينة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة رضى الله تعالى عنها قالت خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ولا نرى إلا الحج حتى إذا كنا بسرف أو قريبا منها حضت فدخل علي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي فقال أنفست يعني الحيضة قالت قلت نعم قال إن هذا شيء كتبه الله على بنات آدم فاقضي ما يقضي الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تغتسلي قالت وضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نسائه بالبقر
وروى أحمد بن حنبل:
25838 - حَدَّثَنَا بَهْزٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَبَّيْنَا بِالْحَجِّ، ....إلخ قَالَتْ: وَذَبَحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نِسَائِهِ الْبَقَرَ يَوْمَ النَّحْرِ ، ...إلخ الحديث
وأخرجه الطيالسي (1413) ، وأبو داود (1782)
وتقول عائشة زوج محمد كما روى البخاري:
4242 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا حَرَمِيٌّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُمَارَةُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «لَمَّا فُتِحَتْ خَيْبَرُ قُلْنَا الآنَ نَشْبَعُ مِنَ التَّمْرِ»
4243 - حَدَّثَنَا الحَسَنُ، حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «مَا شَبِعْنَا حَتَّى فَتَحْنَا خَيْبَرَ»
أن تشبع بنهب غيرك ومعاناته لهو تصرف أناني لا إنساني وإجرامي.
نلاحظ كما جاء في الكثير من كتب التاريخ أن عمر سارع لإلغاء فكرة الخمس لأقارب محمد وصار يعطيهم عطاء من بيت المال فقط، لأنه أميل للاشتراكية والتوزيع العادل للثروات المنهوبة والجزية المنهوبة بين المسلمين، وهذا يلزمنا بالقول هنا أن فكرة الخمس لم تكن تشريعًا عادلًا ولا دستوريًّا، لذلك ألغاها عمر بن الخطاب رغم نص القرآن عليها ورغم اتباعه الشديد للقرآن وسنة محمد.
وروى البخاري عن هذه المسألة وذكر خلافًا ماليًّا وقع بين عليّ ابن عم محمد والعباس أحد أعمام محمد وعلي:
7305 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَوْسٍ النَّصْرِيُّ، وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ذَكَرَ لِي ذِكْرًا مِنْ ذَلِكَ، فَدَخَلْتُ عَلَى مَالِكٍ فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: انْطَلَقْتُ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى عُمَرَ أَتَاهُ حَاجِبُهُ يَرْفَا، فَقَالَ: هَلْ لَكَ فِي عُثْمَانَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَالزُّبَيْرِ، وَسَعْدٍ يَسْتَأْذِنُونَ، قَالَ: نَعَمْ، فَدَخَلُوا فَسَلَّمُوا وَجَلَسُوا، فَقَالَ: هَلْ لَكَ فِي عَلِيٍّ، وَعَبَّاسٍ، فَأَذِنَ لَهُمَا، قَالَ العَبَّاسُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، اقْضِ بَيْنِي وَبَيْنَ الظَّالِمِ اسْتَبَّا، فَقَالَ الرَّهْطُ: - عُثْمَانُ وَأَصْحَابُهُ -: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ اقْضِ بَيْنَهُمَا، وَأَرِحْ أَحَدَهُمَا مِنَ الآخَرِ، فَقَالَ: اتَّئِدُوا، أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لاَ نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ» يُرِيدُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفْسَهُ؟ قَالَ الرَّهْطُ: قَدْ قَالَ ذَلِكَ، فَأَقْبَلَ عُمَرُ عَلَى عَلِيٍّ، وَعَبَّاسٍ فَقَالَ: أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمَانِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَلِكَ؟ قَالاَ: نَعَمْ، قَالَ عُمَرُ: فَإِنِّي مُحَدِّثُكُمْ عَنْ هَذَا الأَمْرِ، إِنَّ اللَّهَ كَانَ خَصَّ رَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا المَالِ بِشَيْءٍ لَمْ يُعْطِهِ أَحَدًا غَيْرَهُ، فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ} [الحشر: 6] الآيَةَ، فَكَانَتْ هَذِهِ خَالِصَةً لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ وَاللَّهِ مَا احْتَازَهَا دُونَكُمْ، وَلاَ اسْتَأْثَرَ بِهَا عَلَيْكُمْ، وَقَدْ أَعْطَاكُمُوهَا وَبَثَّهَا فِيكُمْ حَتَّى بَقِيَ مِنْهَا هَذَا المَالُ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَتِهِمْ مِنْ هَذَا المَالِ، ثُمَّ يَأْخُذُ مَا بَقِيَ فَيَجْعَلُهُ مَجْعَلَ مَالِ اللَّهِ، فَعَمِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ حَيَاتَهُ، أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ: هَلْ تَعْلَمُونَ ذَلِكَ؟ فَقَالُوا: نَعَمْ، ثُمَّ قَالَ لِعَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ: أَنْشُدُكُمَا اللَّهَ، هَلْ تَعْلَمَانِ ذَلِكَ؟ قَالاَ: نَعَمْ، ثُمَّ تَوَفَّى اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَبَضَهَا أَبُو بَكْرٍ فَعَمِلَ فِيهَا بِمَا عَمِلَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنْتُمَا حِينَئِذٍ - وَأَقْبَلَ عَلَى عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ - تَزْعُمَانِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ فِيهَا كَذَا، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ فِيهَا صَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ، ثُمَّ تَوَفَّى اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ، فَقُلْتُ: أَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ، فَقَبَضْتُهَا سَنَتَيْنِ أَعْمَلُ فِيهَا بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ جِئْتُمَانِي وَكَلِمَتُكُمَا عَلَى كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، وَأَمْرُكُمَا جَمِيعٌ، جِئْتَنِي تَسْأَلُنِي نَصِيبَكَ مِنَ ابْنِ أَخِيكِ، وَأَتَانِي هَذَا يَسْأَلُنِي نَصِيبَ امْرَأَتِهِ مِنْ أَبِيهَا، فَقُلْتُ: إِنْ شِئْتُمَا دَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا عَلَى أَنَّ عَلَيْكُمَا عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ، لَتَعْمَلاَنِ فِيهَا بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبِمَا عَمِلَ فِيهَا أَبُو بَكْرٍ، وَبِمَا عَمِلْتُ فِيهَا مُنْذُ وَلِيتُهَا، وَإِلَّا فَلاَ تُكَلِّمَانِي فِيهَا، فَقُلْتُمَا: ادْفَعْهَا إِلَيْنَا بِذَلِكَ، فَدَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا بِذَلِكَ، أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ، هَلْ دَفَعْتُهَا إِلَيْهِمَا بِذَلِكَ؟ قَالَ الرَّهْطُ: نَعَمْ، فَأَقْبَلَ عَلَى عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ، فَقَالَ: أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ، هَلْ دَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا بِذَلِكَ؟ قَالاَ: نَعَمْ، قَالَ: أَفَتَلْتَمِسَانِ مِنِّي قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ، فَوَالَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ، لاَ أَقْضِي فِيهَا قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، فَإِنْ عَجَزْتُمَا عَنْهَا فَادْفَعَاهَا إِلَيَّ، فَأَنَا أَكْفِيكُمَاهَا
نلاحظ كذلك كما قلنا التوزيع الإقطاعي للأراضي ففي حين بعض الصحابة كان لكل منهم سهم وأملاك كالزبير، آخرون كان لهم سهم واحد لجميعهم كسهم اللفيف مثلًا. فعصر محمد عصر إقطاعي وقد سار على هذا النهج وسنعود إلى هذه النقطة عند ذكر كتابات محمد للقبائل وزعمائها من خلال الطبقات الكبير لابن سعد.
اضطر اليهود لقبول شروط محمد ومنها أنه يخرجهم من أرضهم متى أراد، ليطردوا من وطنهم بشكل عنصري، وهو ما حدث على يد عمر بن الخطاب لاحقًا:
يروي البخاري:
2338 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ المِقْدَامِ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا مُوسَى، أَخْبَرَنَا نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَجْلَى اليَهُودَ، وَالنَّصَارَى مِنْ أَرْضِ الحِجَازِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا ظَهَرَ عَلَى خَيْبَرَ أَرَادَ إِخْرَاجَ اليَهُودِ مِنْهَا، وَكَانَتِ الأَرْضُ حِينَ ظَهَرَ عَلَيْهَا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِلْمُسْلِمِينَ، وَأَرَادَ إِخْرَاجَ اليَهُودِ مِنْهَا، فَسَأَلَتِ اليَهُودُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُقِرَّهُمْ بِهَا، أَنْ يَكْفُوا عَمَلَهَا، وَلَهُمْ نِصْفُ الثَّمَرِ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نُقِرُّكُمْ بِهَا عَلَى ذَلِكَ مَا شِئْنَا»، فَقَرُّوا بِهَا حَتَّى أَجْلاَهُمْ عُمَرُ إِلَى تَيْمَاءَ وَأَرِيحَاءَ
ورواه مسلم 3965 و3966 و3967 وأحمد بن حنبل 6368 و16417
يقول ابن إسحاق:
وحاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم، أهلَ خيبر في حصنيهم الوَطيح والسلالم، حتى إذا أيقنوا بالهَلكة، سألوه أن يسيِّرهم وأن يحقن لهم دماءَهم. ففعل. وكان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قد حاز الأموالَ كلَّها: الشَّقَّ ونَطاةَ والكَتيبة وجميع حصونهم، إلا ما كان من ذينك الحصنين.
فلما سمع بهم أهل فَدَك قد صنعوا ما صنعوا، بعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه أن يسيِّرهم، وأن يحقن دماءَهم، ويخلُّوا له الأموالَ، ففعل.
وكان فيمن مشى بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبينهم في ذلك مُحَيِّصَة ابن مسعود، أخو بني حارثة.
فلما نزل أهل خيبر على ذلك، سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعاملهم في الأموال على النصف، وقالوا: نحن أعلم بها منكم، وأعمر لها. فصالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على النصف، على أنا إذا شئنا أن نخرجكم أخرجناكم، فصالحه أهل فدك على مثل ذلك، فكانت خيبر فيئاً بين المسلمين، وكانت فدك خالصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنهم لم يَجْلبوا عليها بخيل ولا ركاب.
ويقول:
فأخبرنى ابن شهاب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم افتتح خَيْبر عَنْوَةً بعد القتال، وكانت خيبر مما أفاء الله عز وجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، خمَّسها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقَسَمها بين المسلمين، ونزل من نزل من أهلها على الجلاءِ بعد القتال، فدعاهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إن شئتم دفعت إليكم هذه الأموال على أن تعملوها، وتكون ثمارُها بينَنا وبينكم، وأقركم ما أقركم الله، فقبلوا، فكانوا يعملونها. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث عبد الله بن رَوَاحة، فيُقسم ثمرَها، ويعدِل عليهم في الخَرْص، فلما توفى الله نبيه صلى الله عليه وسلم، أقرها أبو بكر رضى الله تعالى عنه، بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بأيديهم، على المعاملة التي عاملهم عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى توفى؛ ثم أقرها عمر رضى الله عنه صدراً من إمارته.
ثم بلغ عمرَ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في وجعه الذي قبضه الله فيه: لا يجتمعن بجزيرة العرب دينان؛ ففحص عمر ذلك، حتى بلغه الثبتُ، فأرسل إلى يهود، فقال: إن الله عز وجل قد أذن في جلائكم، قد بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يجتمعنَّ بجزيرة العرب دينان، فمن كان عنده عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليهود فليأتنى به، أنْفذه له ومن لم يكن عنده عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليهود، فليتجهز للجلاء، فأجلى عمر من لم يكن عنده عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم.
قال ابن إسحاق: وحدثني نافع، مولى عبد الله بن عمر، عن عبد الله بن عمر قال: خرجت أنا والزبير والمِقْداد بن الأسْوَد إلى أموالنا بخيبر نتعاهدها، فلما قَدِمنا تفرقنا في أموالنا، قال: فعُدِيَ عليَّ تحتَ الليل، وأنا نائم على فراشى، ففُدِعت يدايَ من مِرْفَقَيّ، فلما أصبحت استصرخ علىَّ صاحباي، فأتيانى فسألانى: من صنع هذا بك؟ فقلت: لا أدري؟ قال: فأصلحا من يدي، ثم قَدِما بي على عمر رضى الله عنه فقال: هذا عمل يهود، ثم قام في الناس خطيبا فقال: أيها الناس، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عامل يهود خيبر على أنا نخرجهم إذا شئنا، وقد عَدُوا على عبد الله بن عمر فَفدَعوا يديْه، كما قد بلغكم، مع عَدْوِهم على الأنصاري قبله، لا نشك أنهم أصحابه، ليس لنا هناك عدوٌّ غيرُهم، فمن كان له مال بخيبر فليلحق به، فإنى مخرج يهود فأخرجهم.
عمر يقسم وادي القرى: قال ابن إسحاق: فحدثني عبد الله بن أبي بكر، عن عبد الله بن مَكْنَف، أخى بني حارثة، قال: لما أخرج عمر يهود من خيبر ركب في المهاجرين والأنصار، وخرج معه جبار ابن صَخْر بن أمية بن خنساء، أخو بني سَلَمة، وكان خارص أهل المدينة وحاسبهم - ويزيد بن ثابت، وهما قَسَما خيبر بين أهلها، على أصل جماعة السهمان، التي كانت عليها.
وكان ما قَسَم عمرُ بن الخطاب من وادي القرى، لعثمانَ بنِ عفان خَطرٌ، ولعبد الرحمن بن عوف خَطَر، ولعُمر بن أبي سَلَمة خَطَرٌ،..إلخ إلخ، فهذا ما بلغنا من أمر خيبر ووادي القرى ومقاسمهما.
قال ابن هشام: الخطر: النصيب. ويقال: أخطر لى فلان خَطَراً.
ويقول الواقدي:
وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ ÷ لَمّا فَتَحَ خَيْبَرَ سَأَلَهُ الْيَهُودُ فَقَالُوا: يَا مُحَمّدُ نَحْنُ أَرْبَابُ النّخْلِ وَأَهْلُ الْمَعْرِفَة بِهَا. فَسَاقَاهُمْ رَسُولُ اللّهِ ÷ خَيْبَرَ عَلَى شَطْرٍ مِنْ التّمْرِ وَالزّرْعِ وَكَانَ يَزْرَعُ تَحْتَ النّخْلِ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: “أُقِرّكُمْ عَلَى مَا أَقَرّكُمْ اللّهُ”، فَكَانُوا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللّهِ ÷ حَتّى تُوُفّىَ وَأَبِى بَكْرٍ، وَصَدْرٍ مِنْ خِلافَةِ عُمَرَ وَكَانَ يَبْعَثُ عَبْدَ اللّهِ بْنَ رَوَاحَةَ يَخْرُصُ عَلَيْهِمْ النّخْلَ فَكَانَ يَخْرُصُهَا فَإِذَا خَرَصَ قَالَ: إنْ شِئْتُمْ فَلَكُمْ وَتَضْمَنُونَ نِصْفَ مَا خَرَصْت، وَإِنْ شِئْتُمْ فَلَنَا وَنَضْمَنُ لَكُمْ مَا خَرَصْت. وَإِنّهُ خَرَصَ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ أَلْفَ وَسْقٍ فَجَمَعُوا لَهُ حُلِيّا مِنْ حُلِىّ نِسَائِهِمْ فَقَالُوا: هَذَا لَك، وَتَجَاوَزْ فِى الْقَسْمِ. فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ، وَاَللّهِ إنّكُمْ لَمِنْ أَبْغَضِ خَلْقِ اللّهِ إلَىّ وَمَا ذَاكَ يَحْمِلُنِى أَنْ أَحِيفَ عَلَيْكُمْ. قَالُوا: بِهَذَا قَامَتْ السّمَوَاتُ وَالأَرْضُ فَكَانَ عَبْدُ اللّهِ بْنَ رَوَاحَةَ يَخْرُصُ عَلَيْهِمْ، فَلَمّا قُتِلَ يَوْمَ مُؤْتَةَ بَعَثَ رَسُولُ اللّهِ ÷ أَبَا الْهَيْثَمِ بْنَ التّيهَانِ يَخْرُصُ عَلَيْهِمْ، وَيُقَالُ: جَبّارُ بْنُ صَخْرٍ، فَكَانَ يَصْنَعُ بِهِمْ مِثْلَ مَا كَانَ يَصْنَعُ عَبْدُ اللّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، وَيُقَالُ: الّذِى خَرَصَ بَعْدَ ابْنِ رَوَاحَةَ عَلَيْهِمْ فَرْوَةُ بْنُ عَمْرٍو. قَالُوا: وَجَعَلَ الْمُسْلِمُونَ يَقَعُونَ فِى حَرْثِهِمْ وَبَقْلِهِمْ بَعْدَ الْمُسَاقَاةِ وَبَعْدَ أَنْ صَارَ لِيَهُودَ نِصْفُهُ فَشَكَتْ الْيَهُودُ ذَلِكَ إلَى رَسُولِ اللّهِ ÷ فَدَعَا رَسُولُ اللّهِ ÷ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ، وَيُقَالُ: عَبْدَ الرّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، فَنَادَى: إنّ الصّلاةَ جَامِعَةٌ وَلا يَدْخُلْ الْجَنّةَ إلاّ مُسْلِمٌ. فَاجْتَمَعَ النّاسُ، فَقَامَ رَسُولُ اللّهِ ÷: “فَحَمِدَ اللّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمّ قَالَ: إنّ الْيَهُودَ شَكَوْا إلَىّ أَنّكُمْ وَقَعْتُمْ فِى حَظَائِرِهِمْ وَقَدْ أَمّنّاهُمْ عَلَى دِمَائِهِمْ وَعَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاَلّذِى فِى أَيْدِيهِمْ مِنْ أَرَاضِيِهِمْ وَعَامَلْنَاهُمْ وَإِنّهُ لا تَحِلّ أَمْوَالُ الْمُعَاهَدِينَ إلاّ بِحَقّهَا، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ لا يَأْخُذُونَ مِنْ بِقَوْلِهِمْ شَيْئًا إلاّ بِثَمَنٍ، فَرُبّمَا قَالَ الْيَهُودِىّ: لِلْمُسْلِمِ أَنَا أُعْطِيكَهُ بَاطِلاً فَيَأْبَى الْمُسْلِمُ إلاّ بِثَمَنٍ”.
حوّل محمد مالكي الأراضي بقهره ونهبه إلى عمال فلاحين عليها فقط، في سلوك إجرامي عنصري، واللافت للنظر جوهر الديانات التوحيدية الهوسية التكفيرية العنصري رغم أي تعاليم، فالكراهية والهمجية هي الأساس وهو ديدن المسلمين منذ كانوا فانظر كيف كانوا يقعون في نصيب اليهود المتفق عليه، وقارن هذا بتحويل مقبرة اليهود في بساتين المعادي بمصر إلى مزبلة تقريبًا واستحلال كثير منهم لنهب المسيحيين وسرقتهم على مر التاريخ من مواطني دولهم.
يقول ابن قيم الجوزية في زاد المعاد:
ومنها: جواز إجلاء أهل الذِّمةِ من دار الإسلام إذا اسْتُغنِىَ عنهم، كما قال النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نُقِرُّكُم مَا أَقَرَّكمُ اللهُ"، وقال لكبيرهم: "كَيْفَ بكَ إذا رَقَصَتْ بِكَ رَاحِلَتُكَ نَحْوَ الشَّام يَوْماً ثُمَّ يَوْماً" ، وأجلاهم عمرُ بعد موته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهذا مذهبُ محمد بن جرير الطبرى، وهو قولٌ قوى يسوغُ العملُ به إذا رأى الإمامُ فيه المصلحةَ.
ولا يُقال: أهل خَيْبَر لم تكن لهم ذِمة، بل كانُوا أهلَ هُدنة، فهذا كلام لا حاصِل تحته، فإنهم كانوا أهلَ ذِمة، قد أمِنوا بها على دمائهم وأموالهم أماناً مستمراً، نعم لم تكن الجزيةُ قد شُرِعَت، ونزل فرضُها، وكانوا أهلَ ذِمة بغير جزية، فلما نزل فرضُ الجزية، استُؤنِفَ ضربُها على مَن يُعقد له الذِّمة مِن أهل الكِتاب والمجوس، فلم يكن عدمُ أخذ الجزية منهم، لكونهم ليسوا أهلَ ذِمة، بل لأنها لم تكن نزل فرضُها بعد.
وأما كونُ العقد غيرَ مؤبَّد، فذاك لمدة إقرارهم فى أرض خَيْبَر، لا لمدة حقنِ دمائهم، ثم يستبيحها الإمامُ متى شاء، فلهذا قال: "نُقِرُّكُمْ ما أقرَّكمُ اللهُ أَوْ مَا شَئْنَا" ، ولم يقل: نحقِنُ دماءكم ما شئنا، وهكذا كان عقدُ الذمة لقُريظة والنَّضير عقداً مشروطاً، بأن لا يُحاربوه، ولا يُظاهِرُوا عليه، ومتى فعلوا، فلا ذِمة لهم، وكانوا أهلَ ذِمة بلا جزية، إذ لم يكن نزلَ فرضُها إذ ذاك، واستباحَ رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْىَ نسائهم وذرارِيهم، وجعل نقضَ العهد سارياً فى حق النِّساء والذُرِّية، وجعل حُكم الساكت والمقر حُكمَ الناقِضِ والمحارب، وهذا موجبُ هَدْيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى أهل الذِّمة بعد الجزية أيضاً، أن يسرىَ نقضُ العهد فى ذُرِّيتهم إلخ
فمن تلك السيرة الإجرامية لمحمد استخرج الفقاء نهجًا عنصريًّا فهم يرون أنه من الشريعة طرد غير المسلمين من بيوتهم وأوطانهم بأسلوب التفرقة العنصرية على غرار النازية والصهيونية والأبارت هيد في جنوب أفريقيا. وسنتحدث عن إجلاء عمر لغير المسلمين في آخر الكتاب في موضعه.
ووقع في السنن الكبرى للبيهقي:
18168-.....فلما كان زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه غشوا المسلمين وألقوا بن عمر من فوق بيت ففدعوا يديه فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه من كان له سهم من خيبر فليحضر حتى نقسمها بينهم فقسمها بينهم فقال رئيسهم لا تخرجنا دعنا نكون فيها كما أقرنا رسول الله صلى الله عليه و سلم وأبو بكر رضي الله عنه فقال عمر رضي الله عنه لرئيسهم أتراه سقط عني قول رسول الله صلى الله عليه و سلم كيف بك إذا رقصت بك راحلتك نحو الشام يوما ثم يوما ثم يوما وقسمها عمر رضي الله عنه بين من كان شهد خيبر من أهل الحديبية
وفي تاريخ المدينة لابن شبة:
حَدَّثَنَا الْحِزَامِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: «خَيْبَرُ كَانَ بَعْضُهَا عَنْوَةً، وَبَقِيَّتُهَا صُلْحًا، وَالْكَثِيبَةُ أَكْثَرُهَا عَنْوَةً، وَفِيهَا صُلْحٌ» قَالَ مَالِكٌ: أَوَّلُ مَنْ جَلَّى أَهْلَ خَيْبَرَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ لَهُ رَئِيسٌ مِنْ رُؤَسَائِهِمْ: أَتُجَلِّينَا وَقَدْ أَقَرَّنَا مُحَمَّدٌ؟ فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَتُرَانِي نَسِيتُ قَوْلَهُ: كَيْفَ بِكَ لَوْ قَدْ رَقَصَتْ بِكَ قَلُوصُكَ نَحْوَ الشَّامِ لَيْلَةً بَعْدَ لَيْلَةٍ؟ فَقَالَ: إِنَّمَا كَانَتْ هُزَيْلَةً مِنْ أَبِي الْقَاسِمِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كَذَبْتَ، كَلَّا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّهُ لَفَصْلٌ وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ
عدد القتلى من اليهود في تلك الغزوة:
في تلك الغزوة على هؤلاء اليهود الأقلية فقط، يقول الواقدي:
وَقُتِلَ مِنْ الْيَهُودِ ثَلاثَةٌ وَتِسْعُونَ رَجُلاً.
ناهيك عن المعارك الضارية الكبيرة العدوانية لما ازداد عددهم كمؤتة وذات السلاس وحنين والطائف وفتح اليمن وبعد موت محمد حروب المسلمين مع أتباع مدعي النبوة الآخرين ورافضي دفع الزكاة للدولة مع بقائهم على الإسلام وحروبهم لإزاحة الروم من الشرق واحتلاله واحتلال فارس (إيران)...إلخ بحور من الدماء خاضوا فيها حاملين الراية من بعد الفرس والروم الشرقيين والغربيين، فلنعجب من مزاعم دعاتهم كعمرو خالد من عدم كثرة قتلى حروب محمد إذن!
قصة المرأة الخيبرية التي وضعت السم لمحمد
جاء في البخاري:
2617 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الحَارِثِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ يَهُودِيَّةً أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَاةٍ مَسْمُومَةٍ، فَأَكَلَ مِنْهَا، فَجِيءَ بِهَا فَقِيلَ: أَلاَ نَقْتُلُهَا، قَالَ: «لاَ»، فَمَا زِلْتُ أَعْرِفُهَا فِي لَهَوَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
شرح: (أعرفها) أعرف أثرها. (لهوات) جمع لهاة وهي ما يبدو من الفم عند التبسم وقيل هي اللحمة التي بأعلى الحنجرة من أقصى الفم
يقول ابن إسحاق:
فلما اطمأنَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أهدت له زينبُ بنت الحارث، امرأة سَلاَّم بن مِشْكَم، شاةً مَصْلِية، وقد سألت أي عضو من الشاة أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل لها: الذراع؛ فأكثرت فيها من السم، ثم سَمَّت سائَر الشاة، ثم جاءت بها. فلما وضعتها بين يديْ رسول الله صلى الله عليه وسلم، تناول الذراعَ، فلاك منها مُضغةً. فلم يُسِغْها، ومعه بشر بن البراء بن معرور، قد أخذ منها كما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم، َ فأما بشر فأساغها، وأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فلفظها، ثم قال: إن هذا العظم ليُخبرني أنه مسموم، فاعترفت فقال: ما حملك على ذلك؟ قالت: بلغت من قومى ما لم يَخفَ عليك، فقلت: إن كان مَلكا استرحتُ منه، وإن كان نبياً فسيُخْبَر، قال: فتجاوز عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومات بشر من أكلته التي أكل.
قال ابن إسحاق: وحدثني مَرَوان بن عثمان ابن أبي سعيد بن المُعَلَّى، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قال في مرضه الذي تُوفي فيه، ودخلت أم بشر بنت البراء بن معرور تعوده: يا أمَّ بشر، إن هذا الأوان وجدتُ فيه انقطاع أبهري من الأكلة التي أكلت مع أخيك بخيبر قال: فإن كان المسلمون ليرون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات شهيداً، مع ما أكرمه الله به من النبوة.
مصلية: مشوية
الأبهر: عرق من عرقين يخرجان من القلب ومنهما تتشعب العروق كلها.
وروى الواقدي القصة فقال:
قَالُوا: لَمّا فَتَحَ رَسُولُ اللّهِ ÷ خَيْبَرَ وَاطْمَأَنّ جَعَلَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ الْحَارِثِ تَسْأَلُ أَىّ الشّاةِ أَحَبّ إلَى مُحَمّدٍ؟ فَيَقُولُونَ: الذّرَاعُ وَالْكَتِفُ، فَعَمَدَتْ إلَى عَنْزٍ لَهَا فَذَبَحَتْهَا، ثُمّ عَمَدَتْ إلَى سُمّ لابَطِىّ قَدْ شَاوَرَتْ الْيَهُودَ فِى سُمُومٍ فَأَجْمَعُوا لَهَا عَلَى هَذَا السّمّ بِعَيْنِهِ فَسَمّتْ الشّاةَ وَأَكْثَرَتْ فِى الذّرَاعَيْنِ وَالْكَتِفَيْنِ، فَلَمّا غَابَتْ الشّمْسُ صَلّى رَسُولُ اللّهِ ÷ الْمَغْرِبَ وَانْصَرَفَ إلَى مَنْزِلِهِ وَيَجِدُ زَيْنَبَ جَالِسَةً عِنْدَ رَحْلِهِ فَيَسْأَلُ عَنْهَا، فَقَالَتْ: أَبَا الْقَاسِمِ هَدِيّةٌ أَهْدَيْتهَا لَك، وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ ÷ يَأْكُلُ الْهَدِيّةَ، وَلا يَأْكُلُ الصّدَقَةَ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللّهِ ÷ بِالْهَدِيّةِ، فَقَبَضْت مِنْهَا وَوَضَعْت بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمّ قَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷ لأَصْحَابِهِ وَهُمْ حُضُورٌ أَوْ مَنْ حَضَرَ مِنْهُمْ: “اُدْنُوا فَتَعَشّوْا”، فَدَنَوَا فَمَدّوا أَيْدِيَهُمْ وَتَنَاوَلَ رَسُولُ اللّهِ ÷ الذّرَاعَ، وَتَنَاوَلَ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ عَظْمًا، وَأَنْهَشَ رَسُولُ اللّهِ ÷ مِنْهَا نَهْشًا وَانْتَهَشَ بِشْرٌ، فَلَمّا ازْدَرَدَ رَسُولُ اللّهِ ÷ أَكْلَتَهُ ازْدَرَدَ بِشْرٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: “كُفّوا أَيْدِيَكُمْ فَإِنّ هَذِهِ الذّرَاعَ تُخْبِرُنِى أَنّهَا مَسْمُومَةٌ”. فَقَالَ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ: قَدْ وَاَللّهِ يَا رَسُولَ اللّهِ وَجَدْت ذَلِكَ مِنْ أَكْلَتِى الّتِى أَكَلْتهَا، فَمَا مَنَعَنِى أَنّ أَلْفِظَهَا إلاّ كَرَاهِيَةَ أُنَغّصَ إلَيْك طَعَامَك، فَلَمّا تَسَوّغْتَ مَا فِى يَدِك لَمْ أَرْغَبْ بِنَفْسِى عَنْ نَفْسِك، وَرَجَوْت أَلاّ تَكُونَ ازْدَرَدْتهَا وَفِيهَا نَعْىٌ. فَلَمْ يَرْمِ بِشْرٌ مِنْ مَكَانِهِ حَتّى عَادَ لَوْنُهُ كَالطّيْلَسَانِ وَمَاطَلَهُ وَجَعُهُ سَنَةً لا يَتَحَوّلُ إلاّ مَا حُوّلَ ثُمّ مَاتَ مِنْهُ.
وَيُقَالُ: لَمْ يَقُمْ مِنْ مَكَانِهِ حَتّى مَاتَ، وَعَاشَ رَسُولُ اللّهِ ÷ بَعْدَ ذَلِكَ ثَلاثَ سِنِينَ.
وَدَعَا رَسُولُ اللّهِ ÷ بِزَيْنَبَ، فَقَالَ: “سَمَمْت الذّرَاعَ”؟ فَقَالَتْ: مَنْ أَخْبَرَك؟ قَالَ: “الذّرَاعُ”، قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: “وَمَا حَمَلَك عَلَى ذَلِكَ”؟ قَالَتْ: قَتَلْت أَبِى وَعَمّى وَزَوْجِى، وَنِلْت مِنْ قَوْمِى مَا نِلْت، فَقُلْت: إنْ كَانَ نَبِيّا فَسَتُخْبِرُهُ الشّاةُ مَا صَنَعْت، وَإِنْ كَانَ مَلِكًا اسْتَرَحْنَا مِنْهُ فَاخْتَلَفَ عَلَيْنَا فِيهَا، فَقَالَ قَائِلٌ: رِوَايَةً أَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللّهِ ÷ فَقُتِلَتْ، ثُمّ صُلِبَتْ. وَقَالَ قَائِلٌ: رِوَايَةً عَفَا عَنْهَا. وَكَانَ نَفَرٌ ثَلاثَةٌ قَدْ وَضَعُوا أَيْدِيَهُمْ فِى الطّعَامِ وَلَمْ يَسِيغُوا مِنْهُ شَيْئًا، فَأَمَرَ رَسُولُ اللّهِ ÷ أَصْحَابَهُ فَاحْتَجَمُوا أَوْسَاطَ رُءُوسِهِمْ مِنْ الشّاةِ وَاحْتَجَمَ رَسُولُ اللّهِ ÷ تَحْتَ كَتِفِهِ الْيُسْرَى، وَيُقَالُ: احْتَجَمَ عَلَى كَاهِلِهِ حَجَمَهُ أَبُو هِنْدٍ بِالْقَرْنِ وَالشّفْرَةِ.
وَقَالُوا: وَكَانَتْ أُمّ بِشْرِ بْنِ الْبَرَاءِ تَقُولُ دَخَلْت عَلَى رَسُولِ اللّهِ ÷ فِى مَرَضِهِ الّذِى مَاتَ فِيهِ وَهُوَ مَحْمُومٌ فَمَسِسْته، فَقُلْت: مَا وَجَدْت مِثْلَ مَا وُعِكَ عَلَيْك عَلَى أَحَدٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: “كَمَا يُضَاعَفُ لَنَا الأَجْرُ كَذَلِكَ يُضَاعَفُ لَنَا الْبَلاءُ، زَعَمَ النّاسُ أَنّ بِرَسُولِ اللّهِ ذَاتُ الْجَنْبِ مَا كَانَ اللّهُ لِيُسَلّطَهَا عَلَىّ إنّمَا هِىَ هَمْزَةٌ مِنْ الشّيْطَانِ، وَلَكِنّهُ مِنْ الأَكْلَةِ الّتِى أَكَلْت أَنَا وَابْنُك يَوْمَ خَيْبَرَ، مَا زَالَ يُصِيبُنِى مِنْهَا عِدَادٌ حَتّى كَانَ هَذَا أَوَانَ انْقِطَاعٍ أَبْهَرِىّ”، فَمَاتَ رَسُولُ اللّهِ ÷ شَهِيدًا، وَيُقَالُ: إنّ الّذِى مَاتَ فِى الشّاةِ مُبَشّرُ بْنُ الْبَرَاءِ. وَبِشْرٌ أَثْبَتُ عِنْدَنَا، وَهُوَ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ.
قَالَ عَبْدُ اللّهِ: سَأَلْت إبْرَاهِيمَ بْنَ جَعْفَرٍ عَنْ قَوْلِ زَيْنَبَ ابْنَةِ الْحَارِثِ: قَتَلْت أَبِى، قَالَ: قُتِلَ يَوْمَ خَيْبَرَ أَبُوهَا الْحَارِثُ، وَعَمّهَا يَسَارٌ، وَكَانَ أَخْبَرَ النّاسِ هُوَ الّذِى أُنْزِلَ مِنْ الشّقّ، وَكَانَ الْحَارِثُ أَشْجَعَ الْيَهُودِ، وَأَخُوهُ زُبَيْرُ قُتِلَ يَوْمئِذٍ فَكَانَ زَوْجُهَا سَيّدَهُمْ وَأَشْجَعَهُمْ سَلاّمَ بْنَ مِشْكَمٍ، كَانَ مَرِيضًا وَكَانَ فِى حُصُونِ النّطَاةِ فَقِيلَ لَهُ: إنّهُ لا قِتَالَ فِيكُمْ فَكُنْ فِى الْكَتِيبَةِ. قَالَ: لا أَفْعَلُ أَبَدًا. فَقُتِلَ وَهُوَ مَرِيضٌ وَهُوَ أَبُو الْحَكَمِ الّذِى يَقُولُ فِيهِ الرّبِيعُ بْنُ أَبِى الْحُقَيْقِ:
وَلَمّا تَدَاعَوْا بِأَسْيَافِهِمْ
وَكُنّــــا إذَا مَـــا دَعَـــــوْنَا بِـــهِ


فَكَانَ الطّعَانُ دَعَوْنَا سَلامَا
سَقَيْنَا سَرَاةَ الْعَـــــدُوِ السمَامَــــا


وَهُوَ كَانَ صَاحِبُ حَرْبِهِمْ وَلَكِنّ اللّهَ شَغَلَهُ بِالْمَرَضِ.
__________________________________
ملاحظة: لكن قد يوهم ذكر الواقدي لسلام بن مشكم في الحصن بالغلط، لأني وجدت في تاريخ الطبري والإصابة في تمييز الصحابة والاستعياب في معرفة الأصحاب وأسد الغابة وغيرهم أنه كان الزوج الأول لصفية بنت حيي (وكلاهما من بني قريظة الذين حينما أجلاهم محمد ذهبوا إلى خيبر وصاروا من زعمائها حتى حين) ثم مات فتزوجها كنانة، وفي الطبري:
وكانت قبله تحت سلام بْن مشكم بْن الحكم بْن حارثة بْن الخزرج بْن كعب بْن الخزرج، وتوفي عنها وخلف عليها كنانة بْن الربيع بْن أبي الحقيق، فقتله محمد بن مسلمه بأمر النبي
لكن ابن سعد في الطبقات الكبير له رأي مختلف وهو أن سلام بن مشكم طلقها وليس مات عنها:
وكانت صفية تزوجها سلام بن مشكم القرظي ثم فارقها فتزوجها كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق النضري فقتل عنها يوم خيبر.
ويقول خير الدين الزركلي في كتاب (الأعلام):
صفية بنت حيي بن أخطب، من الخزرج: من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كانت في الجاهلية من ذوات الشرف. تدين باليهودية، من أهل المدينة. تزوجها سلام ابن مشكم القرظي، ثم فارقها فتزوجها كنانة ابن الربيع النضري، وقتل عنها يوم خيبر. وأسلمت، فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إلا أن ما تتفق عليه الكتب ومنها ابن هشام أن اليهودية واضعة السم هي زينبُ بنت الحارث، امرأة سَلاَّم بن مِشْكَم.
وروى مسلم في صحيحه:
[ 2190 ] حدثنا يحيى بن حبيب الحارثي حدثنا خالد بن الحارث حدثنا شعبة عن هشام بن زيد عن أنس أن امرأة يهودية أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة مسمومة فأكل منها فجيء بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألها عن ذلك فقالت أردت لأقتلك قال ما كان الله ليسلطك على ذاك قال أو قال علي قال قالوا ألا نقتلها قال لا قال فما زلت أعرفها في لهوات رسول الله صلى الله عليه وسلم
[ 2190 ] وحدثنا هارون بن عبد الله حدثنا روح بن عبادة حدثنا شعبة سمعت هشام بن زيد سمعت أنس بن مالك يحدث أن يهودية جعلت سما في لحم ثم أتت به رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحو حديث خالد
وروى البخاري (4428) معلَّقًا:
قَالَ يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ عُرْوَةُ: قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ: «يَا عَائِشَةُ مَا أَزَالُ أَجِدُ أَلَمَ الطَّعَامِ الَّذِي أَكَلْتُ بِخَيْبَرَ، فَهَذَا أَوَانُ وَجَدْتُ انْقِطَاعَ أَبْهَرِي مِنْ ذَلِكَ السُّمِّ»
وروى أحمد بن حنبل:
23933 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا رَبَاحٌ، عَنْ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أُمِّهِ، أَنَّ أُمَّ مُبَشِّرٍ دَخَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَجَعِهِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ، فَقَالَتْ: بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ، مَا تَتَّهِمُ بِنَفْسِكَ ؟ فَإِنِّي لَا أَتَّهِمُ إِلَّا الطَّعَامَ الَّذِي أَكَلَ مَعَكَ بِخَيْبَرَ، وَكَانَ ابْنُهَا مَاتَ قَبْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " وَأَنَا لَا أَتَّهِمُ غَيْرَهُ، هَذَا أَوَانُ قَطْعِ أَبْهَرِي "
رجاله ثقات، وقد اختلف فيه على الزهري. وأخرجه أبو داود (4514) عن أحمد بن حنبل، بهذا الإسناد. إلا أنه قال فيه: عن أمه أم مبشر، ولا يصح هذا، فإن أم مبشر لم تكن زوجاً لعبد الله بن كعب ولا لكعب بن مالك. وجاء عقبه: قال أبو سعيد ابن الأعرابي: كذا قال: "عن أمه"، والصواب: عن أبيه، عن أم مبشر وأخرجه عبد الرزاق (19815) عن معمر، عن الزهري، عن ابن لكعب بن مالك، أن أم مبشر قالت للنبي ص... فذكره.
وأخرجه أبو داود 4508، وفي (4513) من طريق عبد الرزّاق، عن معمر، عن الزهري، عن ابن لكعب بن مالك، عن أبيه: أن أم مبشر..إلخ وأخرجه الحاكم 3/219 عن القطيعي راوي "المسند"، عن عبد الله بن أحمد، عن أبيه، به - غير أنه قال فيه: عن أبيه، عن أم مبشر، فجعله من حديث أم مبشر، وهكذا أورده الحافظ ابن حجر في "الفتح" 8/131 عن الحاكم. وقال الحاكم: هذا صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 7/131: وصله البزار والحاكم (3/58) من طريق عنبسة بن خالد، عن يونس، بهذا الإسناد. روى ابن سعد (في "الطبقات" 2/202-203) عن شيخه الواقدي بأسانيد متعددة في قصة الشاة التي سُمَّت له بخيبر
ومن روايات سنن أبي داود:
4511 - حدثنا وهب بن بقية ثنا خالد عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم أهدت له يهودية بخيبر شاة مصلية نحو حديث جابر قال فمات بشر بن البراء بن معرور الأنصاري فأرسل إلى اليهودية " ما حملك على الذي صنعت ؟ " فذكر نحو حديث جابر فأمر بها رسول الله صلى الله عليه و سلم فقتلت ولم يذكر أمر الحجامة . حسن صحيح
ولو أن معظم القصص في أبي داوود ومسلم وغيرهما تقول أنه تركها ولم يقتلها
والروايات كثيرة عن مرض محمد في كل كتب الحديث، مثلًا هذه الرواية للبخاري:
5648 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنِ الحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُوعَكُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ لَتُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا؟ قَالَ: «أَجَلْ، إِنِّي أُوعَكُ كَمَا يُوعَكُ رَجُلاَنِ مِنْكُمْ».... إلخ
وروى أحمد بن حنبل:
27079 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ حُذَيْفَةَ، عَنْ عَمَّتِهِ فَاطِمَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: أَتَيْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعُودُهُ فِي نِسَاءٍ، فَإِذَا سِقَاءٌ مُعَلَّقٌ نَحْوَهُ يَقْطُرُ مَاؤُهُ عَلَيْهِ مِنْ شِدَّةِ مَا يَجِدُ مِنْ حَرِّ الْحُمَّى، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوْ دَعَوْتَ اللهَ فَشَفَاكَ، فَقَالَ: رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ بَلَاءً الْأَنْبِيَاءَ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ "
وأخرجه ابن سعد 8/325-326، والنسائي في "الكبرى" (7496) و (7613) و(7482) ، والطبراني في "الكبير" 24/ (629) ، والحاكم 4/404
وجاء في شرح على السير لابن هشام لطه عبد الرؤوف سعد عن كتب الفقه والحديث:
فأما المرأة التي سمته، فقال ابن إسحاق: صفح عنها، وقد روى أبو داود أنه قتلها، ووقع في كتاب شرف المصطفى أنه قتلها وصلبها، وهي زينب بنت الحارث بن سلام، وقال أبو داود: وهى أخت مرحب اليهودي، وروى أيضاً مثل ذلك ابن إسحاق. ووجه الجمع بين الروايتين أنه عليه السلام صفح عنها، أولا لأنه كان صلى الله عليه وسلم لا ينتقم لنفسه، فلما مات بشر بن البراء من تلك الأكلة، قتلها، وذلك أن بشراً لم يزل معتلا من تلك الأكلة حتى مات منها بعد عام، وقال النبي صلى الله عليه وسلم عند موته: "ما زالت أكلة خيبر تعادني، فهذا أوان قطعت أبهري! وتعادنى، أي تعتادنى المرة بعد المرة.
لا أدري كيف خان محمد ذكاؤه وبداهته ليظن ان امرأة من قوم قتل منهم وسبى النساء ونهب، ستعطيه هدية بنية صافية، ولا سيما وهي موتورة منكودة بقتل أبيها وزوجها وغيرهما، لقد وضعت في الشاة سمًّا يميت متسبّبًا بالحمى، لابطيّ من لبط الرجل أي حُمَّ، وكان رهانها أنه لو كان نبيًّا كما يزعم فسيعرف (طبعًا كل هذه المفاهيم عن النبوة والله الخرافي محض أوهام وضلالات لكن لنتابع السرد)، لقد انتهس محمد نهسة صغيرة فقط ثم شعر بالقلق الغريزي، أما صاحبه تابعه فتقول رواية أنه مات فورًا وفي رواية أقسى أنه ظل سنة لا يستطيع الحركة ثم مات، على كلٍ إن لم يكن محمد مات بفعل الشيخوخة أو أي مرض وبائي، وإن صحت مزاعم الروايات فقد مات بعد ثلاث سنوات بفعل سم اليهودية معانيًا حتى آخر لحظاته من الحمى معاناة طويلة وقتلًا بطيئًا، على الأقل هم جنوا على شخص واحد ممن آذوهم وأهانوهم وأبادوهم وأجلوهم عن وطنهم العربي كيهود عرب وحجازيين في شبه جزيرة العرب، أما هو فقد جنى بدعاواه العنصرية المعادية للإخاء الإنساني على الكثيرين من يهود ومسيحيين ووثنيين وأتباع مدعي نبوة آخرين كمسلمة الحنفي. على كلٍ القصة برهان على عدم صحة خرافة نبوة محمد وكل النبوات أكاذيب خزعبلات يقينًا عامة. أما قوله لم يكن ينتقم لنفسه فإنه كثيرًا ما فعل بالقول في مكة وبالأفعال في يثرب حينما امتلك القوة بحيث لم يسمح حتى بحرية الكلام كما سنشرح في مواضع أخرى.
لاحقًا كما سنذكر في آخر هذا الكتاب قام عمر بن الخطاب بنفي كل يهود ومسيحيي ومجوس وصابئة شبه الجزيرة العربية، استكمالًا لسياسة محمد ونهجه العنصري في النفي والإقصاء وعدم تحمل وجود الآخر في حد ذاته، ولقد زعم وزعم المسلمون أن هذا بوصية عنصرية من محمد كذلك وهو على فراش الموت، وإن صح هذا فحتى موته ظل ينضح بالشر والحقد وكره إخوانه في الإنسانية ويحرض ضدهم، وما هذا بنموذج محتذى، وعما بعد هذا ذكر لنا الواقدي:
حَدّثَنِى ابْن أَبِى سَبْرَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِى عَمْرٍو، قَالَ: نَزَلْت بِأَرِيحَا زَمَنَ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَإِذَا حَىّ مِنْ الْيَهُودِ، وَإِذَا رَجُلٌ يَهْدِجُ مِنْ الْكِبَرِ، فَقَالَ: مِمّنْ أَنْتُمْ؟ فَقُلْنَا: مِنْ الْحِجَازِ، فَقَالَ الْيَهُودِىّ: وَاشَوْقَاه إلَى الْحِجَازِ أَنَا ابْنُ الْحَارِثِ الْيَهُودِىّ فَارِسُ خَيَابِرَ قَتَلَهُ يَوْمَ خَيْبَرَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمّدٍ يُقَالُ لَهُ: أَبُو دُجَانَةَ يَوْمَ نَزَلَ مُحَمّدٌ خَيْبَرَ، وَكُنّا مِمّنْ أَجْلَى عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ إلَى الشّامِ. فَقُلْت: أَلا تُسْلِمُ؟ قَالَ: أَمَا إنّهُ خَيْرٌ لِى لَوْ فَعَلْت، وَلَكِنْ أُعَيّرُ تُعَيّرُنِى الْيَهُودُ تَقُولُ أَبُوك ابْنُ سَيّدِ الْيَهُودِ لَمْ يَتْرُكْ الْيَهُودِيّةَ قُتِلَ عَلَيْهَا أَبُوك وَتُخَالِفُهُ؟.



  رد مع اقتباس
قديم 04-22-2015, 12:22 AM لؤي عشري غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [22]
لؤي عشري
باحث ومشرف عام
الصورة الرمزية لؤي عشري
 

لؤي عشري is on a distinguished road
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى لؤي عشري
افتراضي

استدراكات وتصويبات

كما ذكرت للقراء الأعزاء هذه مسودة للجزء الأول، وهو عن مغازي ومخازي محمد وأصحابه، وقد تعجلت لأشارك الإخوة الأعزاء بتلك الدراسة وبها بعض أسباب تركي للإسلام لمساوئه، ستحتلف قليلا حتما الإصدارة النهائية للكتاب حينما أنتهي منه

وقد قلت أن جبل بن جوال الثعلبي في عدة مواضع بكتابي وثني، وهذا خطأ مني فهو يهودي عربي من بني ذبيان وقد أسلم واتبع محمد في زمن متزامن مع خيبر

وهذه إضافات وتعديلات على ملاحظتنا عنه في غزوة خيبر:

نقرأ من الواقدي كذلك أن محمدًا أعطى يهودًا من أسهم تقسيم الغنائم من الأراضي وغيرها، والأغلب أنها مكافأة مقابل خيانات:
فَكَانَتْ سُهْمَانُ الْمُسْلِمِينَ الّتِى أَسْهَمَهَا رَسُولُ اللّهِ ÷ فِى النّطَاةِ أَوْ فِى الشّقّ ثَلاثَةَ أَسْهُمٍ فَوْضَى لَمْ تُعْرَفْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللّهِ ÷ وَلَمْ تُحَدّ وَلَمْ تُقْسَمْ إنّمَا لَهَا رُؤَسَاءُ مُسَمّوْنَ لِكُلّ مِائَةِ رَأْسٍ يُعْرَفُ يُقْسَمُ عَلَى أَصْحَابِهِ مَا خَرَجَ مِنْ غَلّتِهَا، فَكَانَ رُؤَسَاؤُهُمْ فِى الشّقّ وَالنّطَاةِ: عَاصِمُ بْنُ عَدِىّ، وَعَلِىّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ عَلَيْهِ السّلامُ وَعَبْدُ الرّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللّهِ رِضْوَانُ اللّهِ عَلَيْهِمْ. وَسَهْمُ بَنِى سَاعِدَةَ وَسَهْمُ بَنِى النّجّارِ لَهُمْ رَأْسٌ وَسَهْمُ حَارِثَةَ بْنِ الْحَارِثِ وَسَهْمُ أَسْلَمَ وَغِفَارٍ، وَسَهْمُ بَنِى سَلَمَةَ - وَكَانُوا أَكْثَرَ وَرَأَسَهُمْ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ - وَسَهْمُ عُبَيْدَةَ رَجُلٌ مِنْ الْيَهُودِ،
وفي موضع آخر يقول:
تَسْمِيَةُ سُهْمَانِ الْكَتِيبَةِ
خُمُسُ رَسُولِ اللّهِ ÷ وَحْدَهُ وَسُلالِم، وَالْجَاسِمَيْنِ وَسَهْمَا النّسَاءِ وَسَهْمَا مَقْسَمٍ - وَكَانَ يَهُودِيّا - وَسَهْمَا عَوَانٍ وَسَهْمُ غِرّيث، وَسَهْمُ نُعَيْمٍ وَهُوَ اثْنَا عَشَرَ سَهْمًا.
وفي موضع ثالث يقول:
وَأَعْطَى رَسُولُ اللّهِ ÷ جَبَلَة بْنَ جَوّالٍ الثّعْلَبِىّ كُلّ دَاجِنٍ بِخَيْبَرَ، وَيُقَالُ أَعْطَاهُ كُلّ دَاجِنٍ فِى النّطَاةِ، وَلَمْ يُعْطِهِ مِنْ الْكَتِيبَةِ وَلا مِنْ الشّقّ شَيْئًا.
ولو أن ابن إسحاق يقول أن المعطى شخص آخر:
قال ابن إسحاق: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيما بلغني، قد أعطى ابن لُقَيْم العَبْسى، حين افتتح خيبر، ما بها من دجاجة أو داجن
وجاء في الإصابة في تمييز الصحابة:
لقيم الدجاج ذكره الجاحظ في كتاب الحيوان وقال انه مدح النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة خيبر بشعر منه % رميت نطاة من الرسول بفيلق % شهباء ذات مناكب وفقار قال فوهب له النبي صلى الله عليه وسلم دجاج خيبر عن آخرها فمن حينئذ قيل لقيم الدجاج ذكر ذلك أبو عمرو الشيباني والمدائني عن صالح بن كيسان قلت قصته مذكور في السيرة لابن إسحاق لكنه قال بن لقيم فيحتمل ان يكون وافق اسمه اسم أبيه
والأمر التراجيدي المأساوي هنا أن المذكور هو جبل بن جوال الثعلبي من قبيلة بني ذبيان العربية وكان من يهود العرب، وله شعر كثير في رثاء يهود بني النضير وبني قريظة عند إسحاق والواقدي ذكرنا بعضه في كتابنا هذا، ومن الواضح أنه خانهم وأنه ممن سهل اقتحام الحصون أو على الأقل دعم محمد إعلاميًّا بمدحه بالشعر، ولهذا كافؤوه بدواجن حصن النطاة، وهو ما يدل على توزيع غير عادل للغنائم حسب رغبة الزعيم محمد، ووجدت في كتاب أسد الغابة:
جبلبن جوال بن صفوان بن بلال بن أصرم بن إياس بن عبد غنم بن جحاش ابن بجالة بن مازن بن ثعلبة بن سعد بن ذبيان الشاعر الذبياني ثم الثعلبي ذكره ابن إسحاق أخبرنا أبو جعفر عبيد الله بن علي بن علي بإسناده عن يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق قال ثم استنزلوا يعني بني قريظة فحبسهم وذكر الحديث في قتلهم وقال فقال جبل بن جوال الثعلبي كذا قال يونس لعمرك ما لام ابن أخطب نفسه ولكنه من يخذل الله يخذل قال وبعض الناس يقول حيي بن أخطب قالها ونسبه هشام بن الكلبي مثل النسب الذي ذكرناه وقال كان يهوديا فأسلم ورثى حيي بن أخطب وقال الدارقطني وأبو نصر وذكراه فقالا له صحبة وهو جبل
ووقع في الإصابة في تمييز الصحابة:
جبل بتفح الجيم الموحدة بن جوال بن صفوان بن بلال بن أصرم بن إياس بن عبد غنم بن جحاش بن بخالة بن مازن بن ثعلبة بن سعد بن ذبيان الشاعر الذبياني ثم الثعلبي قال الدار قطني في الؤتلف له صحبة وقال هشام بن الكلبي كان يهوديا مع بني قريظة فأسلم ورثي حيي بن أخطب بأبيات منها % لعمرك مالام بن أخطب نفسه % ولكنه من يخذل الله يخذل وكذا ذكر بن إسحاق في المغازي الأبيات له قال وبعض الناس يقول إنها لحيي بن أخطب نفسه وذكر أبو عبيد القاسم بن سلام أنه من ذرية الفطيون بن عامر بن ثعلبة وقال المرزباني في معجم الشعراء كان يهوديا فأسلم وهو القائل لما فتح النبي صلى الله عليه وسلم خبير % رميت نطاة من النبي بفيلق % شهباء ذات مناقب وفقار وفي ديوان حسان بن ثابت صنعه أبي سعيد السكري عن بن حبيب قال وقال حسان بن ثابت يجيب جبل بن جوال الثعلبي وكان يهوديا فأسلم بعد على قوله..إلخ


وهذا شاهد أضفناه على قصة أبي الشحم اليهودي:



وللقصة شاهد في المعجم الأوسط للطبراني:
4512 - حدثنا عبدان بن محمد المروزى قال نا قتيبة بن سعيد قال نا سحبل بن محمد عن أبيه عن أبى حدرد الأسلمى قال كان ليهودى علي أربعة دراهم فلزمنى ورسول الله صلى الله عليه وسلم يريد الخروج إلى خيبر فاستنظرته إلى أن أقدم فقلت لعلنا أن نغنم شيئا فجاء بى إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال النبى صلى الله عليه وسلم أعطه حقه مرتين فقلت يا رسول الله إنك تريد الخروج إلى خيبر ولعل الله أن يرزقنا بها غنائم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطه حقه وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قال الشيء ثلاث مرات لم يراجع قال وعلي إزار وعلى رأسي عصابة فلما خرجت قلت اشتري مني هذا الإزار فاشتراه بالدراهم التى له على فأتزرت بالعصابة التى على رأسى فمرت امرأة عليها شملة فألبستنى إياها





-------------------------


وهذه مقدمة للكتاب ولعلي لست من أهل الخطابة والبيان:





مقدمة الكتاب
أكتب كتابي هذا في نقد الإسلام من خلال نصوصه عن سيرة محمد وأصحابه ونص القرآن والأحاديث، شارعًا في صياغة وتأليف هذا الجزء الأول المخصَّص لسرد ونقد وكشف جرائم محمد وصحبه الحربية ضد الإنسانية وحقوق البشر، وما ارتكبوه من بشاعات، على أن يتلوه جزء آخر يتناول نقدًا لنصوص القرآن والأحاديث من الجوانب الأخرى.

حقيقةً كان تركي القاطع للإسلام بعد دراستي وكشفي له، واتباعي ومناصرتي المخلصة للفكر الحر والعقلانية أو اللادينية الإلحاد منذ العام 2006م، ومنذ ذلك الوقت_رغم مروري بظروف سيئة ببلد تحوط مواطنيه العامة تلك الظروف، ناهيك عن شخص مضطهد ملفوظ من أسرته ومجتمعه الديني لمواجهته للخرافات والتعصب ونشره الفكر النقدي والكتب العلمية_ألفت الكثير من الكتب في نقد الأديان، ولعلي ضيعت وقتًا لا بأس به في نقد ودراسة الكتابين اليهودي والمسيحي في بحثين ضخمين باسمي المستعار القديم (راهب العلم) الذي نشرته في منتدى الملحدين وقتئذٍ، ونشره لي موقع الحوار المتمدن بل ومواقع لا تنتمي إلى تياري الفكري بالضبط كموقع العدميين العرب، بل وموقع غير إلحادي مثل موقع النورانيين! على أي حال منذ ذلك الوقت وكتابتي لكتاب شامل في نقد الإسلام من خلال نقد لكل نصوصه الأساسية بشكل مدمج مضفِّر لكل تلك النصوص معًا وفق المواضيع كان حلمًا كبيرًا لي وربما لكثيرين غيري لا سيما من موقع الملحدين العرب (طيب الذكر المغلق كما يبدو بلا عودة)، إلا أن الإسلام تميز بكثرة وتوزع نصوصه وضخامتها أكثر بكثير حتى من حجم التاناخ أو الكتاب العبراني المقدس، ووجدت أنك لا يسعك نقد القرآن دون ربطه بمعانيه ومقاصده وأسباب نزوله وخلفياته من أحداث سيرة محمد وأفعاله وأفعال أصحابه، بالتالي لتأليف كتاب قوي متين الحجج والأدلة والمعلومات يحتاج من ينتقد الإسلام برأيي لدراسة كتب السيرة ومنها بالأخص السيرة النبوية لابن هشام عن ابن إسحاق وكتاب المغازي للواقدي والطبقات الكبير لابن سعد، مع تدعيمهم بالشواهد والأحاديث من كتب الحديث فهناك شواهد للواقدي مثلًا من مسند أحمد ولابن إسحاق من البخاري ومسلم وأحمد وغيرهم، مع دراسة نقدية في الجزء الثاني التالي للقرآن مع التفسير وأسباب النزول والأحاديث من جهة تعاليم العنف فيه وربطها بأحداث الإجرام المحمدي في السيرة وما في القرآن من أخطاء علمية وتأريخية وخرافات وخزعبلات وكيف أن محمدًا هو أول من خالف الشريعة التي وضعها وغيرها من أمور نذكرها في الجزء الثاني.
لضخامة المواضيع وتشعبها في دراستي عن الإسلام، ومحاولتي (مع زملاء آخرين كابن المقّع العراقي أحيانًا) تغطية جوانب لم يقم بها المسيحيون العرب والأوربيون المستشرقون في دراساتهم، رأينا أن ليس غيرنا كعرب متعمقين في علم الأديان مع إجادة اللغة العربية واطلاعنا الجيد على نصوص الإسلام والكتاب المقدس والأبوكريفا والهاجادة الربينية يمكنه القيام بها، إن دراستي مع ابن المقفع العزيز المحترم بعنوان (أصول أساطير الإسلام من الهاجادة وأبوكريفا العهد القديم) ودراستي (أصول أساطير الإسلام من الأبوكريفا المسيحية والهرطقات) والتي ضمنتها بدورها مواضيع غير مواضيعي من ابن المقفع وابن الوراق وابن الراوندي والغريب المنسي وغيرهما من زملاء وأساتذة أفاضل، هما بمثابة فصل من كتاب (نقد الإسلام الشامل)، لكن نظرًا لكبر موضوعهما احتاجا لإفراد كتابين مستقلين لهما، ربما تكشف هذه العوامل للقارئ سبب تأخري في تأليف وصياغة هذا الكتاب على أهميته والحاجة الملحة له.

نفس الحالة مع كتاب (تفنيد البشارات المزعومة بمحمد ويسوع في كتاب اليهود) فقد كان في خطتي الأولى أن لا يكون سوى فصل من الكتاب، ولكبره جعلته كتابًا ومبحثًا مستقلًا في حد ذاته.

في بداية تشككي في الإسلام ودراستي له بعمق، صُدِمت بما كنت عاميًا عنه فيه من تاريخ حروب ومغازي محمد، فشخصيته المليئة بأمور كثيرة يمكن التعليق عليها ونقدها وثلبها، فالتعاليم العنصرية ضد النساء، وضد غير المسلمين، وكيف أن القرآن كان يتم صياغته وتعديله وفقًا لمقترحات وطلبات أصحاب محمد في زمنه، وكبر اختلافات قراآت القرآن عن بعضها المعروفة بالسبع والثلاثة الشواذ أو العشرة، ناهيك عن مصاحف الصحابة التي أحرقها عثمان لكن الكتب الإسلامية احتفظت لنا بروايات من بعض اختلافاتها بما فيه البخاري ومسلم وأحمد وغيرهم وليس فقط كتاب المصاحف للسجستاني وكتب التفسير، وأمور كثيرة تحتاج مني لمباحث مطولة في كتابي المزمع هذا. عندما أوشكت على ترك الإسلام مذهولًا مما اكتشفت طرحت أسئلتي على علمائهم وكل مافعلوه هو تأكيد كل طعوني ضد دينهم وعدم إنكارها وأذكر منها طعني في سماح الإسلام بزواج الرجل من طفلة بنص القرآن، أو في إحدى الحالات أنكروا وتهربوا ثم اعترفوا بلامبالاة ووقاحة يحسدون عليها حينما سردت عليهم الإكراه الديني للوثنيين على الإسلام وفق سورة التوبة وأحداث السيرة المحمدية، فبعدما تملصوا وأنكروا فواجهتهم بالنصوص الخاصة بدين الإسلام قالوا لي هذا هو ديننا ولا حرية للوثنيين بل السيف أو يسلموا، والجزية لأهل الكتاب فقط، ولضيق أفقهم لم يتمكنوا قط من إدراك أن شخصًا قد يختار بنزاهة فكرية وشجاعة ترك الخرافة (في حالتي دين الإسلام) واتباع العقل والعلم والقيم الليبرالية واللادينية، واعتقدوا فحسب من خلال اتصالاتي وسؤالاتي لهم وإيرادي للنصوص أني مسيحي دراس للدين أتلاعب بهم وأني يمكنني أن أدرس الدين إن شئت بتعمق وحياد، ولهؤلاء المجهَّلين المجهِّلين ولا أسميهم بغير ذلك: ناشري الجهل والخرافة الإسلامية، أقول لهم أن كتابي هو تجسيد مقترحهم!

إنني أكتب هذا الكتاب كواجبي الشخصي ورسالتي الشريفة الغير ربحية الغير مدعومة، في مواجهة قوى الجهل والفقر والظلام والتعصب والخرافة المستشرية المتغولة في الوطن العربي والشرق الإسلامي عامة لا سيما أقطار الشام ومصر والمغرب العربي إن خصصنا الفقر والطقوسية واعتماد الأخلاق الدينية الرجعية والشمولية الفكرية والاستسلام للأوهام والعزاآت الوهمية بالذكر.

يعتقد المسلمون أن الأخلاق منبعها ومقياسها دينهم بتعاليمه، وأن عليهم اعتماده كمرجع لأخلاق الإنسان، أود إثبات عدم صلاحية القرآن وسيرة محمد وسننه كمرجع أخلاقي سليم على مقياس الإنسانية والأخلاق الرفيعة على أية حال.

إن الأحوال التعليمية والثقافية والاقتصادية للشعب بدولتي مصر كمثال صارت في هذا العصر بغاية السوء، المثقفون الحقيقيون قليلون جدًّا، ناهيك عن قلة من يقرأ وأن من يقرؤون فإنهم لايتثقفون بل يتجهَّلون بقراءة خرافات وخزعبلات وأضاليل، الناس والعامة تريد سماع ما تحبه فقط وتعودت عليه، فهم بتعبير الروائي أمين معلوف يسمعون صدى أنفسهم فقط، يريدون فحسب الاقتناع بفقرهم وبؤسهم وواقعهم والعزاء الوهمي الديني ويقينه وتعزيزه، أما أن يأتي في عصر كهذا من يترجم لهم كتبًا علمية عن أصل الكون أو التطور البيولوجي ونشأة الإنسان أو كتبًا لنشر الفكر الحر والتمدن العقلاني، مثل هؤلاء لن يسمعهم إلا المتعلمون جيدًا من أهل الثقافة والعلم والناس الأرفع ذكاءً ووعيًا، أما غالبية الدهماء الأصوليون الدينيون الطقوسيون فلن يسمعوا ولن يفهموا لأن الخرافة والجهل وتربية غسيل المخ قد شلت استيعابهم ومسخت استقلالهم الشخصي وأجدبت قدرتهم على التساؤل والتفكير والنقد والمراجعة للتحرر من قيود واستعباد الخرافات والهراء، ولا أقول أن أنصار التنوير بالضرورة أن يكونوا ملحدين، فبعض التنويريين المسلمين كذلك وإن اختلفنا معهم هم جنود شرفاء في ذات الخندق التنويري كمن كتبوا محاولين التوفيق بين الدين ونظرية (حقيقة) التطور البيولوجي والسيد عدنان إبراهيم وأحمد صبحي منصور وغيرهم، لكن برأيي هؤلاء تنويرهم ناقص وحلولهم حلول مؤقتة مسكنة تحاول معالجة وتخفيف أضرار الدين وخرافاته وتحريضاته ضد إخوانهم في الإنسانية وضد العلم والحداثة، وإن الأكثر تجردًا للحق ورغبة في معرفة الحق والحقيقة واتباعها والاسترشاد بها نبراسًا ونورًا للذات في حياة المرء_سواء من الجمهور المثقف أو المفكرين الكتبة_ هم من يطلعون على كل من خرافات الدين وجرائمه مقارنة بحقائق العلم ونوره وخيره هو وقيم العلمانية الإنسانية فيتركون تلك الخزعبلات الدينية بلا رجعة ويختارون الواقعية (اللادينية) بعقلانيتها وقيمها الأسمى.

إن عنواناً كان يخطر على بالي لهذا الكتاب هو (الوجه الآخر للإسلام) أو (لهذا تركت الإسلام بلا رجعة)، فقد درجت عادة المسلمين اليوم على إظهار ما يبدو لهم من محاسن دينهم، وأود كمسلم سابق أن أعرض الوجه أو الجوانب السيئة من الإسلام التي تؤكد أنه صناعة بشرية مليئة بالعيوب والتي جعلتني أقرر تركه بلا رجعة أبداً وأختار المذهب العقلاني المعروف باللادينية أو الإلحاد، فتارة ما يتحفوننا أن الإسلام دين سلام ويغضون الطرف عن كل أوامر القرآن بالعدوان على أهل الأديان الأخرى والشعوب الأخرى، وتارة أنه الدين الوحيد الذي أنصف المرأة غاضين الطرف عن أن دينهم أكثر دين اضطهد النساء في نصوصه ومارس التمييز ضدها من سماح للرجل بممارسة الهمجية وضرب زوجته والتشكيك في مصداقية وعقل المرأة بجعل شهادتها أقل من شهادة الرجل وتقليل ميراثها، وغيرها. وتارة بأنه دين حرية العقيدة وحرية التعبير عن الرأي وتاريخ نبيهم وتاريخهم منذ القدم إلى اليوم هو تاريخ قمع الكلمة والنقد وحرية التعبير.

إن كل دين من الأديان كخرافة كان ولا زال له آثاره السلبية الرجعية على نشر الخرافات والعادات المؤذية الضارة، لكن لعل الإسلام أحد أكثر الأديان إضراراً بالبشرية منذ نشأ وحتى اليوم، حتى الهندوسية لا تضاهيه في ذلك لأن أغلب أضرارها على مجتمعها الهندي فقط، على عكس الإسلام الذي يأمر أتباعه بأنهم يجب عليهم احتلال الدول الأخرى ونهبها وفرض الجزية عليها فإن لم تستسلم فقتل الآلاف من رجالها ومواطنيها وسبي واستعباد الأطفال والنساء، إن كل عملية إرهابية في العالم يقوم بها مسلمون متبعون لأصول هذه التعاليم رغم متغيرات العصر الحديث يكون الإسلام بنصوصه مسؤولاً أولًا عنها، وكل زيجة لطفلة بما يشكل انتهاكاً لبراءتها سببه نصوص الإسلام من قرآن وحديث، وكل امرأة تتعرض لضرب وعنف وقمع في مجتمع ذكوري بطريركي (أبويّ) من أب أو أخ أو زوج فسببه تعاليم الإسلام التي تسمح وتشرعن لذلك، تأخر التعليم ومنع نشر وتدريس النظريات العلمية والعقلانية كنظرية التطور وغيرها سببه الإسلام، استسلام الشعوب لقادتها الظالمين وأصحاب العمل والمال الناهبين البخلاء مصدره تعاليم الإسلام الذي يأمر بالاستسلام للقهر والفقر والظلم، العنف الأسري والمدرسي وعنف رجال الشرطة سببه الإسلام لأنه ينص على الحدود الإسلامية وكلها عنف وأذى جسدي وليس سجناً بما يتنافى مع روح القانون المدني، وهي تنص على التدخل في حريات الأشخاص الإنسانية بما يتنافى مع أي معنى جوهري للتشريع القانوني الحديث من أن الجريمة هي ما ضر الآخرين ضررًا فعليًّا ذاتيًّا، واعتقادهم أن الله الخرافي المزعوم نفسه يمارس التعذيب في القبر وجهنم الخرافية ويأمر به الحكام والقضاة وأولي الأمر، قديماً قال بعض الغربيين (فتِّش عن المرأة)، أما أنا فأقول بلا مبالغة أنه في نصف مصائب هذا العالم علينا أن نقول بلا شك: (فتِّش عن الإسلام)، أما النصف الآخر فنابع من جشع البشر من أصحاب رؤوس الأموال والسلطات، والحماقة البشري اللامتناهية كما وصفها أينستانين العبقري. لن أقول مقوله ميسليه العنيفة عن شنق آخر إقطاعي بأحشاء آخر رجل دين لأني لست بمثل هذه الراديكالية والتحريض، وأؤمن أن التنوير والإصلاح له سبيل تنموي تعليمي اقتصادي تكنولوجي سياسي طويل.





  رد مع اقتباس
قديم 04-22-2015, 12:53 AM لؤي عشري غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [23]
لؤي عشري
باحث ومشرف عام
الصورة الرمزية لؤي عشري
 

لؤي عشري is on a distinguished road
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى لؤي عشري
افتراضي





داعش شر خلف لشر سلف، يبيح الإسلام وفق نصوصه سبي نساء أهل الكتاب الذين لا يخضعون للاحتلال والجزية والذل، ويشرع إبادة غير أهل الكتاب وسبي نسائهم واستعبادهن، واجهوا أنفسكم
فهذه هي حقيقة الإسلام من واقع نصوصه القرآنية والحديثية والسيرية ومن واقع تاريخه



  رد مع اقتباس
قديم 04-22-2015, 01:05 AM لؤي عشري غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [24]
لؤي عشري
باحث ومشرف عام
الصورة الرمزية لؤي عشري
 

لؤي عشري is on a distinguished road
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى لؤي عشري
افتراضي

نزع ملكية الأرض من يهود فدك ووادي القرى
والاستيلاء على أراضيهم
وأسرع يهود فدك وهم أضعف بكثير إلى الاستسلام، يقول ابن إسحاق في السيرة لابن هشام:
قال ابن إسحاق: فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من خَيْبر قذف الله الرعب في قلوب أهل فَدَك، حين بلغهم ما أوقع الله تعالى بأهل خيبر، فبعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصالحونه على النصف من فَدَك، فقدمت عليه رسلُهم بخيبر، أو بالطائف، أو بعد ما قدم المدينة، فقبل ذلك منهم، فكانت فدك لرسول الله صلى الله عليه وسلم خالصة، لأنه لم يوجَفْ عليها بخيل ولا ركاب.
....وحاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم، أهلَ خيبر في حصنيهم الوَطيح والسلالم، حتى إذا أيقنوا بالهَلكة، سألوه أن يسيِّرهم وأن يحقن لهم دماءَهم. ففعل. وكان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قد حاز الأموالَ كلَّها: الشَّقَّ ونَطاةَ والكَتيبة وجميع حصونهم، إلا ما كان من ذينك الحصنين.
فلما سمع بهم أهل فَدَك قد صنعوا ما صنعوا، بعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه أن يسيِّرهم، وأن يحقن دماءَهم، ويخلُّوا له الأموالَ، ففعل.
وكان فيمن مشى بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبينهم في ذلك مُحَيِّصَة ابن مسعود، أخو بني حارثة.
فلما نزل أهل خيبر على ذلك، سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعاملهم في الأموال على النصف، وقالوا: نحن أعلم بها منكم، وأعمر لها. فصالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على النصف، على أنا إذا شئنا أن نخرجكم أخرجناكم، فصالحه أهل فدك على مثل ذلك، فكانت خيبر فيئاً بين المسلمين، وكانت فدك خالصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنهم لم يَجْلبوا عليها بخيل ولا ركاب.
.....كانت الكتيبة خُمس الله، وسهم النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وسهم ذوي القُرْبَى واليتامى والمساكين، وطُعْمَ أزواجِ النبى صلى الله عليه وسلم، وطُعْمَ رجال مشوا بين رسول الله صلى الله عليه وسلموبين أهل فَدَك بالصلح؛ منهم مُحَيِّصَة بن مسعود، أعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثين وَسْقاً من شعير، وثلاثين وَسْقاً من تمر
ويقول الواقدي:
بَابُ شَأْنِ فَدَكَ
قَالُوا: لَمّا أَقْبَلَ رَسُولُ اللّهِ ÷ إلَى خَيْبَرَ فَدَنَا مِنْهَا، بَعَثَ مُحَيّصَةَ بْنَ مَسْعُودٍ إلَى فَدَكَ يَدْعُوهُمْ إلَى الإِسْلامِ وَيُخَوّفُهُمْ أَنْ يَغْزُوَهُمْ كَمَا غَزَا أَهْلَ خَيْبَرَ وَيَحِلّ بِسَاحَتِهِمْ. قَالَ مُحَيّصَةُ: جِئْتهمْ فَأَقَمْت عِنْدَهُمْ يَوْمَيْنِ وَجَعَلُوا يَتَرَبّصُونَ، وَيَقُولُونَ: بِالنّطَاةِ عَامِرٌ وَيَاسِرٌ وَأُسَيْرٌ وَالْحَارِثُ وَسَيّدُ الْيَهُودِ مَرْحَبٌ، مَا نَرَى مُحَمّدًا يَقْرَبُ حَرَاهُمْ إنّ بِهَا عَشَرَةُ آلافِ مُقَاتِلٍ. قَالَ مُحَيّصَةُ: فَلَمّا رَأَيْت خُبْثَهُمْ أَرَدْت أَرْحَلُ رَاجِعًا، فَقَالُوا: نَحْنُ نُرْسِلُ مَعَك رِجَالاً يَأْخُذُونَ لَنَا الصّلْحَ - وَيَظُنّونَ أَنّ الْيَهُودَ تَمْتَنِعُ. فَلَمْ يَزَالُوا كَذَلِكَ حَتّى جَاءَهُمْ قَتْلُ أَهْلِ حِصْنِ نَاعِمٍ وَأَهْلِ النّجْدَةِ مِنْهُمْ فَفَتّ ذَلِكَ أَعْضَادَهُمْ وَقَالُوا لِمُحَيّصَةَ: اُكْتُمْ عَنّا مَا قُلْنَا لَك وَلَك هَذَا الْحُلِىّ لِحُلِىّ نِسَائِهِمْ جَمَعُوهُ كَثِيرًا، فَقَالَ مُحَيّصَةُ: بَلْ أُخْبِرُ رَسُولَ اللّهِ ÷ بِاَلّذِى سَمِعْت مِنْكُمْ، فَأَخْبَرَ النّبِىّ ÷ بِمَا قَالُوا: قَالَ مُحَيّصَةُ: وَقَدِمَ مَعِى رَجُلٌ مِنْ رُؤَسَائِهِمْ، يُقَالُ لَهُ: نُونُ بْنُ يُوشَعَ فِى نَفَرٍ مِنْ الْيَهُودِ، صَالَحُوا رَسُولَ اللّهِ ÷ أَنْ يَحْقِنَ دِمَاءَهُمْ وَيُجَلّيَهُمْ وَيُخَلّوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الأَمْوَالِ. فَفَعَلَ وَيُقَالُ: عَرَضُوا عَلَى النّبِىّ ÷ أَنْ يَخْرُجُوا مِنْ بِلادِهِمْ وَلا يَكُونُ لِلنّبِىّ ÷ عَلَيْهِمْ مِنْ الأَمْوَالِ شَيْءٌ وَإِذَا كَانَ جُذَاذُهَا جَاءُوا فَجَذّوهَا، فَأَبَى النّبِىّ ÷ أَنْ يَقْبَلَ ذَلِكَ، وَقَالَ لَهُمْ مُحَيّصَةُ: مَا لَكُمْ مَنَعَةٌ وَلا رِجَالٌ وَلا حُصُونٌ لَوْ بَعَثَ رَسُولُ اللّهِ ÷ إلَيْكُمْ مِائَةَ رَجُلٍ لَسَاقُوكُمْ إلَيْهِ، فَوَقَعَ الصّلْحُ بَيْنَهُمْ أَنّ لَهُمْ نِصْفَ الأَرْضِ بِتُرْبَتِهَا لَهُمْ وَلِرَسُولِ اللّهِ ÷ نِصْفُهَا، فَقَبِلَ رَسُولُ اللّهِ ÷ ذَلِكَ، وَهَذَا أَثْبَتُ الْقَوْلَيْنِ. فَأَقَرّهُمْ رَسُولُ اللّهِ ÷ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَبْلُغْهُمْ فَلَمّا كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ وَأَجْلَى يَهُودَ خَيْبَرَ، بَعَثَ عُمَرُ إلَيْهِمْ مَنْ يُقَوّمُ أَرْضَهُمْ، فَبَعَثَ أَبَا الْهَيْثَمِ بْنَ التّيهَانِ، وَفَرْوَةَ ابْنَ عَمْرِو بْنِ حَيّانَ بْنِ صَخْرٍ وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، فَقَوّمُوهَا لَهُمْ النّخْلَ وَالأَرْضَ فَأَخَذَهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ وَدَفَعَ إلَيْهِمْ نِصْفَ قِيمَةِ النّخْلِ بِتُرْبَتِهَا، فَبَلَغَ ذَلِكَ خَمْسِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ أَوْ يَزِيدُ - كَانَ ذَلِكَ الْمَالُ جَاءَهُ مِنْ الْعِرَاقِ - وَأَجَلاهُمْ عُمَرُ إلَى الشّامِ. وَيُقَالُ: بَعَثَ أَبَا خيثمة الْحَارِثِىّ فَقَوّمَهَا.
..... وَأَسْهَمَ لِمَنْ شَهِدَ خَيْبَرَ مِنْ النّاسِ مِمّنْ لَمْ يَشْهَدْ الْحُدَيْبِيَةَ. وَأَسْهَمَ لِرُسُلٍ كَانُوا يَخْتَلِفُونَ إلَى أَهْلِ فَدَكَ، مُحَيّصَة بْنُ مَسْعُودٍ الْحَارِثِىّ وَغَيْرُهُ فَأَسْهَمَ لَهُمْ رَسُولُ اللّهِ ÷ وَلَمْ يَحْضُرُوا.
لم تكن المسألة إذن سوى صراع القوة واستعمال البلطجة، لم يكن هؤلاء قد فعلوا أي شيء للمسلمين أتباع محمد، وقد استولى على أملاكهم وأراضيهم ونهبها بعدما حاول إجبارهم على دينه ودعوته من خلال رسله ومنهم محيصة، ولما أرادوا ألا يستولي على أملاكهم وإن كان يخشى منهم شيئًا ما أولا لا يريد بقاءهما في وطنهم، فعلى الأقل يتركون عمالًا على أراضيهم ويأتون للحصاد كل عام، فرفض لك ورد محيصة عليهم باستقوائه لقلة عددهم وعتادهم يدل على شريعة كشريعة الغاب قائمة على البقاء للأقوى، دون أي احترام للأعراف الاجتماعية باحترام الملكيات الخاصة وعدم جواز سرقتها ونهبها. تشريع القرآن ينص على أن ما استولى عليه المسلمون بدون حرب يكون ملكًا لمحمد فقط له فيه حرية التصرف {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (6) مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (7)} الحشر: 6-7، ثم يموه رواتهم بالحكايات الطريفة عن فقر محمد!
يروي الواقدي:
فَلَمّا أَتَى رَسُولُ اللّهِ ÷ الصّهْبَاءَ سَلَكَ عَلَى بُرْمَةَ حَتّى انْتَهَى إلَى وَادِى الْقُرَى يُرِيدُ مَنْ بِهَا مِنْ الْيَهُودِ. وَكَانَ أَبُو هَرِيرَةَ يُحَدّثُ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللّهِ ÷ مِنْ خَيْبَرَ إلَى وَادِى الْقُرَى، وَكَانَ رِفَاعَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ الْجَذَامِىّ قَدْ وَهَبَ لِرَسُولِ اللّهِ ÷ عَبْدًا أَسْوَدَ يُقَالُ لَهُ: مِدْعَمٌ، وَكَانَ يُرَحّلُ لِرَسُولِ اللّهِ ÷.
فَلَمّا نَزَلُوا بِوَادِى الْقُرَى انْتَهَيْنَا إلَى الْيَهُودِ وَقَدْ ضَوَى إلَيْهَا أُنَاسٌ مِنْ الْعَرَبِ، فَبَيْنَا مِدْعَمٌ يَحُطّ رَحْلَ النّبِىّ ÷ وَقَدْ اسْتَقْبَلَتْنَا الْيَهُودُ بِالرّمْىِ حَيْثُ نَزَلْنَا، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى تَعْبِيَةٍ وَهُمْ يَصِيحُونَ فِى آطَامِهِمْ فَيَقْبَلُ سَهْمٌ عَائِرٌ فَأَصَابَ مِدْعَمًا فَقَتَلَهُ فَقَالَ النّاسُ: هَنِيئًا لَك الْجَنّةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: “كَلاّ وَاَلّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ إنّ الشّمْلَةَ الّتِى أَخَذَهَا يَوْمَ خَيْبَرَ مِنْ الْمَغَانِمِ لَمْ يُصِبْهَا الْمُقْسِمُ تَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا”، فَلَمّا سَمِعَ بِذَلِكَ النّاسُ جَاءَ رَجُلٌ إلَى النّبِىّ ÷ بِشِرَاكٍ أَوْ بِشِرَاكَيْنِ، فَقَالَ النّبِىّ ÷: “شِرَاكٌ مِنْ نَارٍ، أَوْ شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ”.
وَعَبّى رَسُولُ اللّهِ ÷ أَصْحَابَهُ لِلْقِتَالِ وَصَفّهُمْ وَدَفَعَ لِوَاءَهُ إلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، وَرَايَةً إلَى الْحُباَبِ بْنِ الْمُنْذِرِ، وَرَايَةً إلَى سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، وَرَايَةً إلَى عَبّادِ بْنِ بِشْرٍ، ثُمّ دَعَاهُمْ رَسُولُ اللّهِ ÷ إلَى الإِسْلامِ وَأَخْبَرَهُمْ إنْ أَسْلَمُوا أَحْرَزُوا أَمْوَالَهُمْ وَحَقَنُوا دِمَاءَهُمْ وَحِسَابَهُمْ عَلَى اللّهِ. فَبَرَزَ رَجُلٌ مِنْهُمْ وَبَرَزَ إلَيْهِ الزّبَيْرُ بْنُ الْعَوَامّ فَقَتَلَهُ ثُمّ بَرَزَ آخَرُ فَبَرَزَ إلَيْهِ الزّبَيْرُ فَقَتَلَهُ ثُمّ بَرَزَ آخَرُ فَبَرَزَ لَهُ عَلِىّ عَلَيْهِ السّلامِ فَقَتَلَهُ ثُمّ بَرَزَ آخَرُ فَبَرَزَ لَهُ أَبُو دُجَانَةَ فَقَتَلَهُ ثُمّ بَرَزَ آخَرُ فَبَرَزَ لَهُ أَبُو دُجَانَةَ فَقَتَلَهُ حَتّى قَتَلَ رَسُولُ اللّهِ ÷ مِنْهُمْ أَحَدَ عَشَرَ رَجُلاً، كُلّمَا قَتَلَ رَجُلٌ دَعَا مَنْ بَقِىَ إلَى الإِسْلامِ، وَلَقَدْ كَانَتْ الصّلاةُ تَحْضُرُ يَوْمئِذٍ فَيُصَلّى رَسُولُ اللّهِ ÷ بِأَصْحَابِهِ ثُمّ يَعُودُ فَيَدْعُوهُمْ إلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ فَقَاتَلَهُمْ حَتّى أَمْسَوْا وَغَدَا عَلَيْهِمْ فَلَمْ تَرْتَفِعْ الشّمْسُ قَيْدَ رُمْحٍ حَتّى أَعْطَوْا بِأَيْدِيهِمْ وَفَتَحَهَا عَنْوَةً وَغَنّمَهُ اللّهُ أَمْوَالَهُمْ وَأَصَابُوا أَثَاثًا وَمَتَاعًا كَثِيرًا. وَأَقَامَ رَسُولُ اللّهِ ÷ بِوَادِى الْقُرَى أَرْبَعَةَ أَيّامٍ وَقَسَمَ مَا أَصَابَ عَلَى أَصْحَابِهِ بِوَادِى الْقُرَى، وَتَرَكَ النّخْلَ وَالأَرْضَ بِأَيْدِى الْيَهُودِ وَعَامَلَهُمْ عَلَيْهَا. فَلَمّا بَلَغَ يَهُودُ تَيْمَاءَ مَا وَطِئَ بِهِ رَسُولُ اللّهِ ÷ خَيْبَرَ وَفَدَكَ وَوَادِى الْقُرَى، صَالَحُوا رَسُولَ اللّهِ ÷ عَلَى الْجِزْيَةِ وَأَقَامُوا بِأَيْدِيهِمْ أَمْوَالِهِمْ. فَلَمّا كَانَ زَمَنُ عُمَرَ رَضِىَ اللّهُ عَنْهُ أَخَرَجَ يَهُودَ خَيْبَرَ وَفَدَكَ، وَلَمْ يَخْرُجْ أَهْلُ تَيْمَاءَوَوَادِى الْقُرَى، لأَنّهُمَا دَاخِلَتَانِ فِى أَرْضِ الشّامِ، وَيَرَى أَنّ مَا دُونَ وَادِى الْقُرَى إلَى الْمَدِينَةِ حِجَازٌ وَأَنّ مَا وَرَاءَ ذَلِكَ مِنْ الشّامِ. وَانْصَرَفَ رَسُولُ اللّهِ ÷ مِنْ وَادِى الْقُرَى رَاجِعًا بَعْدَ أَنْ فَرَغَ مِنْ خَيْبَرَ وَمِنْ وَادِى الْقُرَى وَغَنّمَهُ اللّهُ
كما نرى هي إذن حرب تعصبية لإكراه اليهود على اتباع محمد فالسيف بيد من يدعوهم لدينه من أتباعه، ولو أسلموا لما سرقهم ونهبهم، ثم لما ينجح في ذلك استولى على أراضيهم والكثير من أموالهم وممتلكاتهم نهبًا له ولأتباعه، وجعلهم عمالًا على أرض هي في الأساس ملك لهم!
والغزوة لها ذكر في كتب الحديث كذلك، فروى البخاري:
4234 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ حَدَّثَنِي ثَوْرٌ قَالَ حَدَّثَنِي سَالِمٌ مَوْلَى ابْنِ مُطِيعٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ افْتَتَحْنَا خَيْبَرَ وَلَمْ نَغْنَمْ ذَهَبًا وَلَا فِضَّةً إِنَّمَا غَنِمْنَا الْبَقَرَ وَالْإِبِلَ وَالْمَتَاعَ وَالْحَوَائِطَ ثُمَّ انْصَرَفْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى وَادِي الْقُرَى وَمَعَهُ عَبْدٌ لَهُ يُقَالُ لَهُ مِدْعَمٌ أَهْدَاهُ لَهُ أَحَدُ بَنِي الضِّبَابِ فَبَيْنَمَا هُوَ يَحُطُّ رَحْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَهُ سَهْمٌ عَائِرٌ حَتَّى أَصَابَ ذَلِكَ الْعَبْدَ فَقَالَ النَّاسُ هَنِيئًا لَهُ الشَّهَادَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِي أَصَابَهَا يَوْمَ خَيْبَرَ مِنْ الْمَغَانِمِ لَمْ تُصِبْهَا الْمَقَاسِمُ لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا....إلخ الحديث
ورواه مسلم:
[ 115 ] حدثني أبو الطاهر قال أخبرني بن وهب عن مالك بن أنس عن ثور بن زيد الدؤلي عن سالم أبي الغيث مولى بن مطيع عن أبي هريرة ح وحدثنا قتيبة بن سعيد وهذا حديثه حدثنا عبد العزيز يعني بن محمد عن ثور عن أبي عن أبي الغيث عن أبي هريرة قال خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى خيبر ففتح الله علينا فلم نغنم ذهبا ولا ورقا غنمنا المتاع والطعام والثياب ثم انطلقنا إلى الوادي ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد له وهبه له رجل من جذام يدعى رفاعة بن زيد من بني الضبيب فلما نزلنا الوادي قام عبد رسول الله صلى الله عليه وسلم يحل رحله فرمي بسهم فكان فيه حتفه فقلنا هنيئا له الشهادة يا رسول الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلا والذي نفس محمد بيده إن الشملة لتلتهب عليه نارا أخذها من الغنائم يوم خيبر لم تصبها المقاسم ...إلخ الحديث
وهي في السيرة لابن هشام:
قال ابن إسحاق: فما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر انصرف إلى وادي القُرَى، فحاصر أهلَه ليالى، ثم انصرف راجعًا إلى المدينة
قال ابن إسحاق: فحدثني ثَوْر بن يزيد، عن سالم، مولى عبد الله بن مُطيع، عن أبي هريرة، قال: فلما انصرفنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خيبر إلى وادي القرى نزلنا بها أصيلًا مع مغرب الشمس، ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم غلام له أهداه له رفاعة بن زيد الجذامى، ثم الضَّبِينى. إلخ القصة
واستسلم يهود تيماء بالتالي على أن يدفعوا جزية ، يقول الواقدي:
فَلَمّا بَلَغَ يَهُودُ تَيْمَاءَ مَا وَطِئَ بِهِ رَسُولُ اللّهِ ÷ خَيْبَرَ وَفَدَكَ وَوَادِى الْقُرَى، صَالَحُوا رَسُولَ اللّهِ ÷ عَلَى الْجِزْيَةِ وَأَقَامُوا بِأَيْدِيهِمْ أَمْوَالِهِمْ.
وقد كان حظهم أفضل قليلًا لأنهم في نواحي على حدود الشام وتعتبر منها فلم يجليهم عمر عن موطنهم كما فعل مع اليهود الحجازيين.
أعمال سبي (استعباد) النساء في غزوة ذات الرقاع
بعض علماء المسلمين يرون أنها بعد غزوة خيبر كما يقول البخاري في الصحيح وابن القيم في زاد المعاد وابن حجر في فتح الباري، خاصة لوجود رواية من أبي هريرة أنه حضرها وهذا لم يسلم ويدخل يثرب إلا بعد خيبر فانظر مسند أحمد 8260 وخرجه أبو داود (1240) ، والنسائي 3/173-174، وابن خزيمة (1361)، والبخاري 4132وبه ذكر ابن عمر وهو لم يجز للقتال إلا بعد يوم الخندق، وهذه الغزوة لو صدقنا القصة الإسلامية، كانت دفاعًا عن يثرب من هجوم لقبلية غطفان بضربها استباقًا، إلا أني أود التعليق بدءً من هنا على أعمال استعباد النساء والأطفال في الحروب القديمة لتلك الأزمان الهمجية، سواء عند العرب مسلمين ووثنيين، والفرس والروم وغيرهم، فمسلمو اليوم يتصورون تلك الأزمنة على أنها أزمنة الفضيلة والعصر الذهبي، حسنًا إنها ليست كذلك:
يقول الواقدي:
قَالُوا: قَدِمَ قَادِمٌ بِجَلَبٍ لَهُ فَاشْتَرَى بِسُوقِ النّبَطِ وَقَالُوا: مِنْ أَيْنَ جَلَبْت جَلَبَك؟ قَالَ: جِئْت مِنْ نَجْدٍ وَقَدْ رَأَيْت أَنْمَارًا وَثَعْلَبَةَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ جُمُوعًا، وَأَرَاكُمْ هَادِينَ عَنْهُمْ.
فَبَلَغَ النّبِىّ ÷ قَوْلُهُ، فَخَرَجَ فِى أَرْبَعِمِائَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَقَالَ قَائِلٌ: كَانُوا سَبْعَمِائَةٍ أَوْ ثَمَانَمِائَةٍ، وَخَرَجَ رَسُولُ اللّهِ ÷ مِنْ الْمَدِينَةِ، حَتّى سَلَكَ عَلَى الْمَضِيقِ، ثُمّ أَفْضَى إلَى وَادِى الشّقَرَةِ فَأَقَامَ بِهِ يَوْمًا، وَبَثّ السّرَايَا فَرَجَعُوا إلَيْهِ مَعَ اللّيْلِ وَخَبّرُوهُ أَنّهُمْ لَمْ يَرَوْا أَحَدًا وَقَدْ وَطِئُوا آثَارًا حَدِيثَةً.
ثُمّ سَارَ رَسُولُ اللّهِ ÷ فِى أَصْحَابِهِ حَتّى أَتَى مَحَالّهُمْ فَيَجِدُونَ الْمَحَالّ لَيْسَ فِيهَا أَحَدٌ، وَقَدْ ذَهَبَتْ الأَعْرَابُ إلَى رُءُوسِ الْجِبَالِ وَهُمْ مُطِلّونَ عَلَى النّبِىّ ÷. وَقَدْ خَافَ النّاسُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَالْمُشْرِكُونَ مِنْهُمْ قَرِيبٌ وَخَافَ الْمُسْلِمُونَ أَنْ يُغِيرُوا عَلَيْهِمْ وَهُمْ غَارّونَ. وَخَافَتْ الأَعْرَابُ أَلاّ يَبْرَحَ رَسُولُ اللّهِ ÷ حَتّى يَسْتَأْصِلَهُمْ. وَفِيهَا صَلّى رَسُولُ اللّهِ ÷ صَلاةَ الْخَوْفِ.
فَحَدّثَنِى رَبِيعَةُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِى نُعَيْمٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ، قَالَ: فَكَانَ أَوّلَ مَا صَلّى يَوْمَئِذٍ صَلاةُ الْخَوْفِ وَخَافَ أَنْ يُغِيرُوا عَلَيْهِ وَهُمْ فِى الصّلاةِ وَهُمْ صُفُوفٌ.
وعند ابن هشام:
قال ابن إسحاق: ثم أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة بعدَ غزوة بني النَّضِير شهرَ ربيع الآخر وبعضَ جمَادَى، ثم غزا نجدا يريد بني محارِب وبنى ثعلبة من غَطفَان، واستعمل على المدينة أبا ذَرٍّ الغِفاريَّ؛ ويقال: عُثمان بن عفان، فيما قال ابن هشام.
قال ابن اسحاق: فلقى بها جمعا عظيما من غَطفَان، فتقارب الناس، ولم يكن بينهم حرب، وقد خاف الناسُ بعضَهم بعضا، حتى صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس صلاة الخوف ثم انصرف بالناس.
أما عن أعمال سبي النساء فيقول الواقدي:
وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ ÷ قَدْ أَصَابَ فِى مَحَالّهِمْ نِسْوَةً وَكَانَ فِى السّبْىِ جَارِيَةٌ وَضِيئَةٌ كَانَ زَوْجُهَا يُحِبّهَا، فَلَمّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللّهِ ÷ رَاجِعًا إلَى الْمَدِينَةِ حَلَفَ زَوْجُهَا لَيَطْلُبَن مُحَمّدًا، وَلا يَرْجِعُ إلَى قَوْمِهِ حَتّى يُصِيبَ مُحَمّدًا، أَوْ يُهْرِيقَ فِيهِمْ دَمًا، أَوْ تَتَخَلّصُ صَاحِبَتَهُ.
فَبَيْنَا رَسُولُ اللّهِ ÷ فِى مَسِيرِهِ عَشِيّةَ ذَاتِ رِيحٍ فَنَزَلَ فِى شِعْبٍ اسْتَقْبَلَهُ فَقَالَ: “مَنْ رَجُلٌ يَكْلَؤُنَا اللّيْلَةَ”؟ فَقَامَ رَجُلانِ عَمّارُ بْنُ يَاسِرٍ وَعَبّادُ بْنُ بِشْرٍ، فَقَالا: نَحْنُ يَا رَسُولَ اللّهِ نَكْلَؤُك، وَجَعَلَتْ الرّيحُ لا تَسْكُنُ وَجَلَسَ الرّجُلانِ عَلَى فَمِ الشّعْبِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: أَىّ اللّيْلِ أَحَبّ إلَيْك، أَنْ أَكْفِيَك أَوّلَهُ فَتَكْفِينِى آخِرَهُ؟ قَالَ اكْفِنِى أَوّلَهُ. فَنَامَ عَمّارُ بْنُ يَاسِرٍ، وَقَامَ عَبّادُ بْنُ بِشْر ٍ يُصَلّى، وَأَقْبَلَ عَدُوّ اللّهِ يَطْلُبُ غِرّةً وَقَدْ سَكَنَتْ الرّيحُ فَلَمّا رَأَى سَوَادَهُ مِنْ قَرِيبٍ قَالَ: يَعْلَمُ اللّهُ إنّ هَذَا لَرَبِيئَةُ الْقَوْمِ فَفَوّقَ لَهُ سَهْمًا فَوَضَعَهُ فِيهِ فَانْتَزَعَهُ فَوَضَعَهُ ثُمّ رَمَاهُ بِآخَرَ فَوَضَعَهُ فِيهِ فَانْتَزَعَهُ فَوَضَعَهُ، ثُمّ رَمَاهُ الثّالِثَ فَوَضَعَهُ فِيهِ فَلَمّا غَلَبَ عَلَيْهِ الدّمُ رَكَعَ وَسَجَدَ، ثُمّ قَالَ لِصَاحِبِهِ: اجْلِسْ فَقَدْ أَتَيْت، فَجَلَسَ عَمّارٌ فَلَمّا رَأَى الأَعْرَابِىّ أَنّ عَمّارًا قَدْ قَامَ عَلِمَ أَنّهُمْ قَدْ نَذَرُوا بِهِ. فَقَالَ عَمّارٌ: أَىْ أَخِى، مَا مَنَعَك أَنْ تُوقِظَنِى بِهِ فِى أَوّلِ سَهْمٍ رَمَى بِهِ؟ قَالَ: كُنْت فِى سُورَةٍ أَقْرَأهَا وَهِىَ سُورَةُ الْكَهْفِ، فَكَرِهْت أَنْ أَقْطَعَهَا حَتّى أَفْرُغَ مِنْهَا، وَلَوْلا أَنّى خَشِيت أَنْ أُضَيّعَ ثَغْرًا أَمَرَنِى بِهِ رَسُولُ اللّهِ ÷ مَا انْصَرَفْت وَلَوْ أُتِىَ عَلَى نَفْسِى، وَيُقَالُ: الأَنْصَارِىّ عُمَارَةُ بْنُ حَزْمٍ. قَالَ ابْنُ وَاقِدٍ: وَأَثْبَتُهُمَا عِنْدَنَا عَمّارُ بْنُ يَاسِرٍ.
ويقول ابن هشام:
قال ابن اسحاق: وحدثني عمى: صَدقة بن يَسار، عن عَقيل بن جابر، عن جابر بن عبدالله الأنصاري، قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة ذات الرقاع من نخل، فأصاب رجل امرأةَ رجل من المشركين فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم قافلا، أتى زوجُها وكان غائبا، فلما أخبر الخبر حلف لا ينتهى حتى يُهَرِيق في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم دما فخرج يتبع أثَرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلا، فقال: من رجل يكلؤنا ليلتَنا هذه؟....إلخ القصة
هذا هو حال تلك الأزمنة، المهزوم تؤخذ منه أمواله ونساؤه لتصير أملاكًا للمنتصرين كإذلال له، وتوزَّع على الجنود ليتصرفوا فيها بالتملك والاستغلال الجنسي والتخديم أو للبيع كأنهن مواشي، فلا يمكن اعتبار عصر الإسلام وممارساته التقليدية المعتادة بالنسبة لقيم عصره أمورًا إصلاحية أو تتفق مع حقوق الإنسان ومواثيق منع الاستعباد والعبودية المعاصرة.
والقصة رواها أحمد بن حنبل عن ابن إسحاق:
14704 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قِرَاءَةً حَدَّثَنِي صَدَقَةُ بْنُ يَسَارٍ، عَنْ عَقِيلِ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ، فَأُصِيبَتْ امْرَأَةٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ....إلخ الحديث
14865 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي صَدَقَةُ بْنُ يَسَارٍ، عَنْ عَقِيلِ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَارِيِّ، فِيمَا يَذْكُرُ مِنْ اجْتِهَادِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْعِبَادَةِ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: عَبْدُ اللهِ، قَالَ: أبي وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي غَزْوَةٍ مِنْ نَجْدٍ، فَأَصَابَ امْرَأَةَ رَجُلٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ - إِلَى نَجْدٍ، فَغَشِينَا دَارًا مِنْ دُورِ الْمُشْرِكِينَ، قَالَ: فَأَصَبْنَا امْرَأَةَ رَجُلٍ مِنْهُمْ، قَالَ: ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاجِعًا، وَجَاءَ صَاحِبُهَا، وَكَانَ غَائِبًا، فَذُكِرَ لَهُ مُصَابُهَا، فَحَلَفَ لَا يَرْجِعُ حَتَّى يُهْرِيقَ فِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَمًا، قَالَ: فَلَمَّا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ، نَزَلَ فِي شِعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ، وَقَالَ: " مَنْ رَجُلَانِ يَكْلَآَنَا فِي لَيْلَتِنَا هَذِهِ مِنْ عَدُوِّنَا ؟ "...إلخ الحديث
ورواها أبو داود 198 في سننه وابن خزيمة في صحيحه 1/ 36 وابن حبان في صحيحه 1093 ووالحاكم في مستدركه 1/ 156-157 وفي سنن البيهقي 1/ 140 و9/150 . وأخرجه ابن خزيمة (36) ، والدارقطني 1/223- 224، والحاكم 1/156-157، 150، وعلقه البخاري في كتاب الوضوء 175 مختصراً، فقال: ويذكر عن جابر: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان في غزوة ذات الرقاع، فرمي بسهم فنزفه الدم قركع وسجد ومضى في صلاته.
وسنلاحظ من نص تالٍ أن محمدًا كانت بعض إبله منهوبة من ذات الرقاع، فياله من رجل يزعم النبوة وهو ككل بدو ذلك الزمن ينهبون ويسطون على بعضهم البعض، وما أشبهه بمقدسي أنبياء اليهود المجرمين الذين هم قدوته يقتفي آثارهم الدنسة.



  رد مع اقتباس
قديم 04-22-2015, 01:08 AM لؤي عشري غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [25]
لؤي عشري
باحث ومشرف عام
الصورة الرمزية لؤي عشري
 

لؤي عشري is on a distinguished road
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى لؤي عشري
افتراضي

سَرِيّةُ عمر بن الخطاب إلى تُرْبَةَ في شعبان سنة سبع
يقول الواقدي:
حَدّثَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِى بَكْرِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللّهِ ÷ عُمَرَ رَضِىَ اللّهُ عَنْهُ فِى ثَلاثِينَ رَجُلاً إلَى عَجُزِ هَوَازِنَ بِتُرَبَةَ فَخَرَجَ عُمَرُ رَضِىَ اللّهُ عَنْهُ وَمَعَهُ دَلِيلٌ مِنْ بَنِى هِلالٍ فَكَانُوا يَسِيرُونَ اللّيْلَ وَيَكْمُنُونَ النّهَارَ وَأَتَى الْخَبَرُ هَوَازِنَ فَهَرَبُوا، وَجَاءَ عُمَرُ مُحَالّهُمْ فَلَمْ يَلْقَ مِنْهُمْ أَحَدًا. وَانْصَرَفَ رَاجِعًا إلَى الْمَدِينَةِ حَتّى سَلَكَ النّجْدِيّةَ، فَلَمّا كَانَ بِالْجَدْرِ، قَالَ الْهِلالِىّ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطّابِ رَضِىَ اللّهُ عَنْهُ: هَلْ لَك فِى جَمْعٍ آخَرَ تَرَكْته مِنْ خَثْعَمَ، جَاءُوا سَائِرِينَ قَدْ أَجْدَبَتْ بِلادُهُمْ؟ فَقَالَ عُمَرُ: لَمْ يَأْمُرْنِى رَسُولُ اللّهِ ÷ بِهِمْ إنّمَا أَمَرَنِى أَصْمَدُ لِقِتَالِ هَوَازِنَ بِتُرَبَةَ. فَانْصَرَفَ عُمَرُ رَاجِعًا إلَى الْمَدِينَةِ.
تُرْبَةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكّةَ سِتّ لَيَالٍ.
ينبغي أن نلاحظ ونسجل باهتمام أن هذه محاولة اعتداء وعدوان على هوازن، وتلك القبيلة لم تكن قد قامت بأي عدوان أو تعرض لمحمد وأتباعه على الإطلاق، لكنه أرسل سريته باعتبار أنه اتخذ وفق القرآن الذي يصوغ به تعاليمه منهج العنف ضد جميع من هم غير أتباعه، لهذا لنا أن نعتبر معارك حنين والطائف بعد ذلك دفاعًا شرعيًّا من الوثنيين من قبيلتي هوازن وثقيف عن أنفسهم. وهكذا كان المسلمون الأوائل الصحابة المقدسون للمسلمين المعاصرين السذج مجموعة من قطاع الطرق وشذاذ الآفاق، أتباع أيديلوجية خرجت من رحم مناخ صحراوي لقبائل همجية كانت تنهب بعضها بعضًا ذوي أخلاق كأخلاق الضباع المتناهشة أو أسوأ.
سَرِيّةُ أبي بكر في شعبان إلى نَجْد، سنة سبع
إلى هوازن أو بني كلاب أو بني فزارة
جاء في الطبقات الكبير لمحمد بن سعد:
ثم سرية أبي بكر الصديق إلى بني كلاب بنجد ناحية ضرية في شعبان سنة سبع من مهاجر رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
أخبرنا هاشم بن القاسم الكناني، أخبرنا عكرمة بن عمار، أخبرنا إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه قال: غزوت مع أبي بكر إذ بعثه النبي، صلى الله عليه وسلم، علينا فسبى ناسا من المشركين فقتلناهم، فكان شعارنا: أمت أمت! قال: فقتلت بيدي سبعة أهل أبيات من المشركين.
أخبرنا هاشم بن القاسم، أخبرنا عكرمة بن عمار، أخبرنا إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه قال: بعث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أبا بكر إلى فزارة وخرجت معه حتى إذا ما دنونا من الماء عرس أبو بكر، حتى إذا ما صلينا الصبح أمرنا فشننا الغارة فوردنا الماء، فقتل أبو بكر من قتل ونحن معه؛ قال سلمة: فرأيت عنقا من الناس فيهم الذراري فخشيت أن يسبقوني إلى الجبل فأدركتهم فرميت بسهم بينهم وبين الجبل، فلما رأوا السهم قاموا فإذا امرأة من فزارة فيهم عليها قشع من أدم، معها ابنتها من أحسن العرب، فجئت أسوقهم إلى أبي بكر فنفلني أبو بكر ابنتها فلم أكشف لها ثوبا حتى قدمت المدينة، ثم باتت عندي فلم أكشف لها ثوبا حتى لقيني رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في السوق فقال: يا سلمة هب لي المرأة! فقلت: يا نبي الله والله لقد أعجبتني وما كشفت لها ثوبا! فسكت حتى إذا كان من الغد لقيني رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في السوق ولم أكشف لها ثوبا فقال: يا سلمة هب لي المرأة لله أبوك! قال: فقلت هي لك يا رسول الله! قال: فبعث بها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إلى أهل مكة ففدى بها أسرى من المسلمين كانوا في أيدي المشركين.
ورواه مسلم:
[ 1755 ] حدثنا زهير بن حرب حدثنا عمر بن يونس حدثنا عكرمة بن عمار حدثني إياس بن سلمة حدثني أبي قال غزونا فزارة وعلينا أبو بكر أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا فلما كان بيننا وبين الماء ساعة أمرنا أبو بكر فعرسنا ثم شن الغارة فورد الماء فقتل من قتل عليه وسبى وأنظر إلى عنق من الناس فيهم الذراري فخشيت أن يسبقوني إلى الجبل فرميت بسهم بينهم وبين الجبل فلما رأوا السهم وقفوا فجئت بهم أسوقهم وفيهم امرأة من بني فزارة عليها قشع من آدم قال القشع النطع معها ابنة لها من أحسن العرب فسقتهم حتى أتيت بهم أبا بكر فنفلني أبو بكر ابنتها فقدمنا المدينة وما كشفت لها ثوبا فلقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم في السوق فقال يا سلمة هب لي المرأة فقلت يا رسول الله والله لقد أعجبتني وما كشفت لها ثوبا ثم لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغد في السوق فقال لي يا سلمة هب لي المرأة لله أبوك فقلت هي لك يا رسول الله فوالله ما كشفت لها ثوبا فبعث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة ففدى بها ناسا من المسلمين كانوا أسروا بمكة
وجاء في مسند أحمد برقم (16502) و (16537) ، ومختصراً برقم (16505) وانظر (16497) . وأخرجه النسائي في "الكبرى" (8665) ، وابن ماجه (2846) ، وأبو عوانة 4/127-129، 129-130، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (3916) و (3917) ، وفي "شرح معاني الآثار" 3/209 و3/260، وابن حبان (4860) ، والطبراني في "الكبير" (6237) و (6238) ، والحاكم 3/36، والبيهقي في "السنن" 9/129 من طرق عن عكرمة بن عمار، بهذا الإسناد.
قال السندي: قوله: فعرسنا، من التعريس: وهو نزول المسافر آخر الليل. قوله: فشنَّينا، أي: فرقنا النهب عليهم من جميع الجهات، والياء فيه مقلوبة من النون. قوله: عُنُق، بضمتين: جماعة من الناس. قوله: قشع، بكسر القاف وفتحها، وسكون الشين، أي: جلد يابس. قوله: أَدَم، بفتحتين، أي: جلد. قوله: فنفَّلني، بتشديد الفاء، أي: أعطاني زيادة على السهم. قوله: فما كشفت: كناية عن عدم الجماع . قوله: "لله أبوك"، قال أبو البقاء. هو في حكم القسم. انتهى. وتحقيقه أن النسبة إلى الله تعالى تعظيم للشيء، فالمعنى أن أباك عظيم حيث أتى بولد مثلك، فرجع في الحقيقة إلى مدح الولد.
وروى أحمد بن حنبل:
16498 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: " كَانَ شِعَارُنَا لَيْلَةَ بَيَّتْنَا فِي هَوَازِنَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَمَّرَهُ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَمِتْ أَمِتْ "، وَقَتَّلْتُ بِيَدَيَّ لَيْلَتَئِذٍ سَبْعَةً أَهْلَ أَبْيَاتٍ (1)
__________
(1) إسناده صحيح على شرط مسلم كسابقه. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (8862) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإسناد. وأخرجه مطولاً ومختصراً ابن سعد 4/305، وابن أبي شيبة 12/503، وأبو داود (2596) و (2638) ، والنسائي في "الكبرى" (8665) ، وابن ماجه (2840) ، وابن حبان (4744) و (4747) و (4748) ، والطبراني في "الكبير" (6239) ، وابن عدي 5/1912 و1912-1913، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" ص155، والحاكم 2/107، والبيهقي في "السنن" 6/361 و9/79، والبغوي في "شرح السنة" (2699) من طرق عن عكرمة، به. وعند ابن ماجه: تسعة أو سبعة أبيات، وعند الطبراني: تسعة، وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي! مع أن عكرمة بن عمار- وإن احتجَّ به مسلم- قد روى له البخاري تعليقاً. وأخرجه ابن أبي شيبة 12/503، والدارمي 2/219 من طريق وكيع، عن أبي العُمَيْس، عن إياس، به، ولفظه: كان شعارنا مع خالد بن الوليد: أمت.ورواه أحمد (16502) و (16505) و (16537) .
16505 - حَدَّثَنَا قُرَّانُ بْنُ تَمَّامٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ الْيَمَامِيِّ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: " خَرَجْتُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ فِي غَزَاةِ هَوَازِنَ فَنَفَّلَنِي جَارِيَةً فَاسْتَوْهَبَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَعَثَ بِهَا إِلَى مَكَّةَ فَفَدَى بِهَا أُنَاسًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ".
وروى أبو داوود:
2596 - حدثنا هناد عن ابن المبارك عن عكرمة بن عمار عن إياس بن سلمة عن أبيه قال غزونا مع أبي بكر رضي الله عنه زمن النبي صلى الله عليه و سلم فكان شعارنا أمت أمت. حسن صحيح
وقع شيء من الخلط في روايتهم لهذه الغزوة، فقصة المرأة التي استعبدها سلمة بن الأكوع أي سباها من الغارة على القبيلة المعتدى عليها، متكررة بشكل مختلف في سرية أو غارة زيد بن حارثة على فزارة وقتله لأم قرفة، ففيها نفس القصة مع ابنة أم قرفة، وفي القصة الأولى مضمون قبيح حيث تتضمن استعباد البشر للتهادي بهن أي قصة بنت أم قرفة التي أصر محمد بإلحاح على نزعها من سلمة وإهدائها لخاله، أما القصة الثانية التي هي هاهنا فأرجح أنها مزيفة وضعت لمحاولة تحسين صورة محمد، فإرسال فتاة فزارية لقريش لن يفدي ويبادل أسرى مسلمين في أسر قريش، لأن كتب التاريخ لم تذكر أي تحالف معقود بين قريش وفزارة، على غرار حلف الفضول أو الأحابيش أو الحلف مع بني بكر، وكون فزارة تعاونت مع قريش في موقعة الخندق (الأحزاب) ضد يثرب ومحمد فهذا حدث وتعاون عارض وليس حلفًا دائمًا، فالقصة المذكورة بلا معنى إلا إن كان محمد قدم الفتاة المسكينة كهدية وجارية مستعبدة لأحد القرشيين مقابل تحرير الأسرى المزعومين من قريش، وإلا في الواقع لم يكن هناك أي أسرى مسلمين ذكرتهم كتب السيرة بيدهم.
ونلاحظ أن الواقدي في مخطوطة كتابه المطبوعة لم يذكر عند ذكره لتلك الغزوة قصة سلمة قط، وإنما ذكرها تلميذه ابن سعد في الطبقات الكبير.
سَرِيّةُ بَشِيرِ ببن سَعْد إلى بني مُرَّة في فَدَكَ في شعبان سنة سبع
الغزوة مذكورة في ابن هشام والبخاري ومسلم، وسنورد من الواقدي أولًا:
حَدّثَنِى عَبْدُ اللّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللّهِ ÷ بَشِيرَ بْنَ سَعْدٍ فِى ثَلاثِينَ رَجُلاً إلَى بَنِى مُرّةَ بِفَدَكَ. فَخَرَجَ، فَلَقِىَ رِعَاءَ الشّاءِ، فَسَأَلَ أَيْنَ النّاسُ؟ فَقَالُوا: هُمْ فِى بِوَادِيهِمْ، وَالنّاسُ يَوْمئِذٍ شَاتُونَ لا يَحْضُرُونَ الْمَاءَ فَاسْتَاقَ النّعَمَ وَالشّاءَ وَعَادَ مُنْحَدِرًا إلَى الْمَدِينَةِ، فَخَرَجَ الصّرِيخُ فَأَخْبَرَهُمْ فَأَدْرَكَهُ الدّهْمُ مِنْهُمْ عِنْدَ اللّيْلِ فَبَاتُوا يُرَامُونَهُمْ بِالنّبْلِ حَتّى فَنِيَتْ نَبْلُ أَصْحَابِ بَشِيرٍ وَأَصْبَحُوا وَحَمَلَ الْمُرّيُونَ عَلَيْهِمْ فَأَصَابُوا أَصْحَابَ بَشِيرٍ وَوَلّى مِنْهُمْ مَنْ وَلّى. وَقَاتَلَ بَشِيرٌ قِتَالاً شَدِيدًا حَتّى ضُرِبَ كَعْبُهُ وَقِيلَ قَدْ مَاتَ وَرَجَعُوا بِنَعَمِهِمْ وَشَاءَهُمْ. وَكَانَ أَوّلَ مَنْ قَدِمَ بِخَبَرِ السّرِيّةِ وَمُصَابِهَا عُلْبَةُ بْنُ زَيْدٍ الْحَارِثِىّ، وَأُمْهِلَ بَشِيرُ بْنُ سَعْدٍ وَهُوَ فِى الْقَتْلَى، فَلَمّا أَمْسَى تَحَامَلَ حَتّى انْتَهَى إلَى فَدَكَ، فَأَقَامَ عِنْدَ يَهُودِىّ بِفَدَكَ أَيّامًا حَتّى ارْتَفَعَ مِنْ الْجِرَاحِ ثُمّ رَجَعَ إلَى الْمَدِينَةِ.
وَهَيّأَ رَسُولُ اللّهِ ÷ الزّبَيْرَ بْنَ الْعَوَامّ، فَقَالَ: سِرْ حَتّى تَنْتَهِىَ إلَى مُصَابِ أَصْحَابِ بَشِيرٍ، فَإِنْ ظَفّرَك اللّهُ بِهِمْ فَلا تَبْقَ فِيهِمْ. وَهَيّأَ مَعَهُ مِائَتَىْ رَجُلٍ وَعَقَدَ لَهُ اللّوَاءَ فَقَدِمَ غَالِبُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ مِنْ سَرِيّةٍ قَدْ ظَفِرَ اللّهُ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷ لِلزّبَيْرِ بْنِ الْعَوَامّ: “اجْلِسْ”، وَبَعَثَ غَالِبَ بْنَ عَبْدِ اللّهِ فِى مِائَتَىْ رَجُلٍ فَخَرَجَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ فِى السّرِيّةِ حَتّى انْتَهَى إلَى مُصَابِ بَشِيرٍ وَأَصْحَابِهِ وَخَرَجَ مَعَهُ عُلْبَةُ ابْنُ زَيْدٍ.
حَدّثَنِى أَفْلَحُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ مُحَمّدِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: كَانَ مَعَ غَالِبٍ عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو أَبُو مَسْعُودٍ وَكَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَعُلْبَةُ بْنُ زَيْدٍ؛ فَلَمّا دَنَا غَالِبٌ مِنْهُمْ بَعَثَ الطّلائِعَ فَبَعَثَ عُلْبَةَ بْنَ زَيْدٍ فِى عَشَرَةٍ يَنْظُرُ إلَى جَمَاعَةِ مُحَالّهِمْ حَتّى أَوْفَى عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ ثُمّ رَجَعَ إلَى غَالِبٍ فَأَخْبَرَهُ. فَأَقْبَلَ غَالِبٌ يَسِيرُ حَتّى إذَا كَانَ مِنْهُمْ بِمَنْظَرٍ الْعَيْنِ لَيْلاً، وَقَدْ اُجْتُلِبُوا وَعَطَنُوا وَهَدَءُوا، قَامَ فَحَمِدَ اللّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمّ قَالَ: “أَمّا بَعْدُ فَإِنّى أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللّهِ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنْ تُطِيعُونِى وَلا تَعْصُونِى وَلا تُخَالِفُوا لِى أَمْرًا، فَإِنّهُ لا رَأْى لِمَنْ لا يُطَاعُ. ثُمّ أَلّفَ بَيْنَهُمْ”، فَقَالَ: “يَا فُلانُ أَنْتَ وَفُلانٌ يَا فُلانُ أَنْتَ وَفُلانٌ - لا يُفَارِقُ كُلّ رَجُلٍ زَمِيلَهُ - وَإِيّاكُمْ أَنْ يَرْجِعَ إلَىّ أَحَدُكُمْ فَأَقُولُ أَيْنَ فُلانٌ صَاحِبُك؟ فَيَقُولُ: لا أَدْرِى؛ وَإِذَا كَبّرَتْ فَكَبّرُوا. قَالَ: فَكَبّرَ وَكَبّرُوا، وَأَخْرَجُوا السّيُوفَ”. قَالَ: فَأَحَطْنَا بِالْحَاضِرِ وَفِى الْحَاضِرِ نَعَمٌ وَقَدْ عَطَنُوا مَوَاشِيَهُمْ فَخَرَجَ إلَيْنَا الرّجَالُ فَقَاتَلُوا سَاعَةً فَوَضَعْنَا السّيُوفَ حَيْثُ شِئْنَا مِنْهُمْ وَنَحْنُ نَصِيحُ بِشِعَارِنَا: أَمِتْ أَمِتْ وَخَرَجَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ فِى إثْرِ رَجُلٍ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ: نَهِيكُ بْنُ مِرْدَاسٍ فَأَبْعَدَ وَحَوَيْنَا عَلَى الْحَاضِرِ وَقَتَلْنَا مَنْ قَتَلْنَا، وَمَعَنَا النّسَاءُ وَالْمَاشِيَةُ فَقَالَ أَمِيرُنَا: أَيْنَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ؟ فَجَاءَ بَعْدَ سَاعَةٍ مِنْ اللّيْلِ فَلامَهُ أَمِيرُنَا لائِمَةً شَدِيدَةً وَقَالَ: أَلَمْ تَرَ إلَى مَا عَهِدْت إلَيْك؟ فَقَالَ: إنّى خَرَجْت فِى إثْرِ رَجُلٍ جَعَلَ يَتَهَكّمُ بِى، حَتّى إذَا دَنَوْت وَلَحَمْته بِالسّيْفِ قَالَ: لا إلَهَ إلاّ اللّهُ، فَقَالَ أَمِيرُنَا: أَغْمَدْت سَيْفَك؟ قَالَ: لا وَاَللّهِ مَا فَعَلْت حَتّى أَوْرَدْته شَعُوبَ، قَالَ: قُلْنَا: وَاَللّهِ بِئْسَ مَا فَعَلْت وَمَا جِئْت بِهِ تَقْتُلُ امْرَأً يَقُولُ: لا إلَهَ إلاّ اللّهُ فَنَدِمَ وَسَقَطَ فِى يَدَيْهِ. قَالَ: وَاسْتَقْنَا النّعَمَ وَالشّاءَ وَالذّرّيّةَ وَكَانَتْ سِهَامُهُمْ عَشَرَةُ أَبْعِرَةً كُلّ رَجُلٍ أَوْ عِدْلهَا مِنْ الْغَنَمِ. وَكَانَ يُحْسَبُ الْجَزُورُ بِعَشَرَةٍ مِنْ الْغَنَمِ.
وَحَدّثَنِى شِبْلُ بْنُ الْعَلاءِ، عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ حُوَيّصَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: كَانَ أَمِيرُنَا آخَى بَيْنِى وَبَيْنَ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىّ. قَالَ أُسَامَةُ: فَلَمّا أَصَبْته وَجَدْت فِى نَفْسِى مِنْ ذَلِكَ مَوْجِدَةً شَدِيدَةً حَتّى رَأَيْتنِى وَمَا أَقْدِرُ عَلَى أَكْلِ الطّعَامِ حَتّى قَدِمْت الْمَدِينَةَ، فَأَتَيْت رَسُولَ اللّهِ ÷ فَقَبّلَنِى وَاعْتَنَقَنِى وَاعْتَنَقْته، ثُمّ قَالَ لِى: يَا أُسَامَةُ خَبّرْنِى عَنْ غَزَاتِك. قَالَ: فَجَعَلَ أُسَامَةُ يُخْبِرُهُ الْخَبَرَ حَتّى انْتَهَى إلَى صَاحِبِهِ الّذِى قَتَلَ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: “قَتَلْته يَا أُسَامَةُ وَقَدْ قَالَ: لا إلَهَ إلاّ اللّهُ”؟ قَالَ: فَجَعَلْت أَقُولُ يَا رَسُولَ اللّهِ إنّمَا قَالَهَا تَعَوّذًا مِنْ الْقَتْلِ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: “أَلا شَقَقْت قَلْبَهُ فَتَعْلَمَ أَصَادِقٌ هُوَ أَمْ كَاذِبٌ”؟ قَالَ أُسَامَةُ: لا أَقْتُلُ أَحَدًا يَقُولُ لا إلَهَ إلاّ اللّهُ. قَالَ أُسَامَةُ: وَتَمَنّيْت أَنّى لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْت إلاّ يَوْمئِذ
حَدّثَنِى مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنْ الزّهْرِىّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللّيْثِىّ، عَنْ عُبَيْدِ اللّهِ ابْنِ عَدِىّ بْنِ الْجَبّارِ، عَنْ الْمِقْدَادِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قُلْت: يَا رَسُولَ اللّهِ أَرَأَيْت رَجُلاً مِنْ الْكُفّارِ يُقَاتِلُنِى، وَضَرَبَ إحْدَى يَدِىّ بِالسّيْفِ فَقَطَعَهَا، ثُمّ لاذَ مِنّى بِشَجَرَةٍ فَقَالَ: أَسْلَمْت لِلّهِ، أَقْتُلُهُ بَعْدَ أَنْ قَالَهَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: “لا تَقْتُلْهُ” قَالَ: فَإِنّى قَتَلْته فَمَاذَا؟ قَالَ: “فَإِنّهُ بِمَنْزِلَتِك الّتِى كُنْت بِهَا قَبْلَ أَنْ تَقْتُلَهُ، وَأَنْتَ بِمَنْزِلَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ كَلِمَتَهُ، الّتِى قَالَ”.
للأمانة فإن بني مرة من بطون غطفان وكانوا قد تحالفوا مع قريش في معركة الخندق، لكني أرى كل هذا القتل والسبي واستعباد النساء والنهب والعدوان الذين اعتاد المسلمون أتباع محمد القيام به شيئًا مقززًا دمويًّا دنيئًا، كل هذا الغل والشر والظلم والإثم والتلوث، وربما لم يخطئ بنو مرة حينما بادؤوا بالاشتراك في معركة الخندق، بل خطؤهم جميعًا التخاذل أمام كيان دموي معادٍ للإنسانية وأسوأ من الوثنيين عرب الجزيرة بكل همجيتهم وقسوتهم المسطورة في كتب التاريخ كالكامل لابن الأثير! كذلك نرى عنصر الحرب الدينية والإكراه الديني بازغة برائحة زنخة نتنة في قصة أسامة بن زيد، أي سخافة محمدية أن يظن أن رجلًا مهدَّدًا بسلاح يمكن أن يسلم باقتناع حقًّا، هذا هو أسلوب إرهابييهم ومتطرفيهم إلى اليوم!
وروى البخاري:
6872 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ حَدَّثَنَا أَبُو ظَبْيَانَ قَالَ سَمِعْتُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يُحَدِّثُ قَالَ بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْحُرَقَةِ مِنْ جُهَيْنَةَ قَالَ فَصَبَّحْنَا الْقَوْمَ فَهَزَمْنَاهُمْ قَالَ وَلَحِقْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ رَجُلًا مِنْهُمْ قَالَ فَلَمَّا غَشِينَاهُ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ فَكَفَّ عَنْهُ الْأَنْصَارِيُّ فَطَعَنْتُهُ بِرُمْحِي حَتَّى قَتَلْتُهُ قَالَ فَلَمَّا قَدِمْنَا بَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَقَالَ لِي يَا أُسَامَةُ أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا كَانَ مُتَعَوِّذًا قَالَ أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا عَلَيَّ حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ
هنا برواية البخاري خطأ يجب ألا يشوشنا، فالغزوة والغارة كانت على أرض بني مرة، وقتل فيها حليف لهم من الحُرقة من جهينة، وليس أنها كانت غزوة على جهينة، خاصة أنهم حلفاء محمد وموادعوه منذ بدايات هجرته ليثرب. ويقول ابن إسحاق ضمن ما قاله عنها:
قال ابنُ إسحاق: وغزوة غالب بن عبد الله الكلبي كلب ليث - أرض بني مُرة، فأصاب بها مرداس بن نَهيك، حليفا لهم من الحُرَقة، من جُهينة، قتله أسامة بن زيد، ورجل من الأنصار. قال ابن هشام: الحُرَقة، فيما حدثني أبو عبيدة
وروى مسلم:
[ 96 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو خالد الأحمر ح وحدثنا أبو كريب وإسحاق بن إبراهيم عن أبي معاوية كلاهما عن الأعمش عن أبي ظبيان عن أسامة بن زيد وهذا حديث بن أبي شيبة قال بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية فصبحنا الحرقات من جهينة فأدركت رجلا فقال لا إله إلا الله فطعنته فوقع في نفسي من ذلك فذكرته للنبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أقال لا إله إلا الله وقتلته قال قلت يا رسول الله إنما قالها خوفا من السلاح قال أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا فما زال يكررها علي حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ قال فقال سعد وأنا والله لا أقتل مسلما حتى يقتله ذو البطين يعني أسامة قال قال رجل ألم يقل الله { وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله } فقال سعد قد قاتلنا حتى لا تكون فتنة وأنت وأصحابك تريدون أن تقاتلوا حتى تكون فتنة
[ 96 ] حدثنا يعقوب الدورقي حدثنا هشيم أخبرنا حصين حدثنا أبو ظبيان قال سمعت أسامة بن زيد بن حارثة يحدث قال بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحرقة من جهينة فصبحنا القوم فهزمناهم ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلا منهم فلما غشيناه قال لا إله إلا الله فكف عنه الأنصاري وطعنته برمحي حتى قتلته قال فلما قدمنا بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي يا أسامة أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله قال قلت يا رسول الله إنما كان متعوذا قال فقال أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله قال فما زال يكررها علي حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم
[ 97 ] حدثنا أحمد بن الحسن بن خراش حدثنا عمرو بن عاصم حدثنا معتمر قال سمعت أبي يحدث أن خالد الأثبج بن أخي صفوان بن محرز حدث عن صفوان بن محرز أنه حدث أن جندب بن عبد الله البجلي بعث إلى عسعس بن سلامة زمن فتنة بن الزبير فقال اجمع لي نفرا من إخوانك حتى أحدثهم فبعث رسولا إليهم فلما اجتمعوا جاء جندب وعليه برنس أصفر فقال تحدثوا بما كنتم تحدثون به حتى دار الحديث فلما دار الحديث إليه حسر البرنس عن رأسه فقال إني أتيتكم ولا أريد أن أخبركم عن نبيكم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بعثا من المسلمين إلى قوم من المشركين وأنهم التقوا فكان رجل من المشركين إذا شاء أن يقصد إلى رجل من المسلمين قصد له فقتله وإن رجلا من المسلمين قصد غفلته قال وكنا نحدث أنه أسامة بن زيد فلما رفع عليه السيف قال لا إله إلا الله فقتله فجاء البشير إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله فأخبره حتى أخبره خبر الرجل كيف صنع فدعاه فسأله فقال لم قتلته قال يا رسول الله أوجع في المسلمين وقتل فلانا وفلانا وسمى له نفرا وإني حملت عليه فلما رأى السيف قال لا إله إلا الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أقتلته قال نعم قال فكيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة قال يا رسول الله استغفر لي قال وكيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة قال فجعل لا يزيده على أن يقول كيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة
[ 95 ] حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث ح وحدثنا محمد بن رمح واللفظ متقارب أخبرنا الليث عن بن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن عبيد الله بن عدي بن الخيار عن المقداد بن الأسود أنه أخبره أنه قال يا رسول الله أرأيت إن لقيت رجلا من الكفار فقاتلني فضرب إحدى يدي بالسيف فقطعها ثم لاذ مني بشجرة فقال أسلمت لله أفأقتله يا رسول الله بعد أن قالها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقتله قال فقلت يا رسول الله إنه قد قطع يدي ثم قال ذلك بعد أن قطعها أفأقتله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقتله فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال
الرواية الأخيرة حسب مسلم عن المقداد، وليست عن أسامة بن زيد، بخلاف رواية الواقدي.
وروى قصة الغزوة أحمد بن حنبل 21745 و21802 و6382 و19937 وأخرجه البخاري (4269) و (6872) ، ومسلم (96) (159) ، وابن أبي عاصم في "الديات" ص 34، وأبو عوانة (195) ، وابن حبان (4751) ، وابن منده في "الإيمان" (63) ، والبيهقي في "الدلائل" 4/297، والواحدي في "أسباب النزول". وأخرجه البزار في "مسنده" (2612) ، والنسائي في "الكبرى" (8595) ، وأبو عوانة (195) و (196) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (3229) وأخرجه الطيالسي (626) ، وابن أبي عاصم في "الديات" ص 35، والبزار (2611) ، والطبراني في "الكبير" (392)، والبيهقي في "الدلائل" 4/297، وابن الأثير في "أسد الغابة" 1/80، والذهبي في "سير أعلام النبلاء" 2/505، والحاكم في المستدرك 3/116
سَرِيّةُ غالب بن عبد الله إلى بني عبد بن ثعلبةَ في المَيْفعة

في رمضان سنة سبع

يقول الواقدي:
حَدّثَنِى عَبْدُ اللّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ ابْنِ أَبِى عَوْنٍ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ، قَالَ: لَمّا قَدِمَ رَسُولُ اللّهِ ÷ مِنْ غَزْوَةِ الْكُدْرِ أَقَامَ أَيّامًا مَا شَاءَ اللّهُ أَنْ يُقِيمَ فَقَالَ لَهُ يَسَارٌ مَوْلاهُ: يَا رَسُولَ اللّهِ إنّى قَدْ عَلِمْت غِرّةً مِنْ بَنِى عَبْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ فَأَرْسَلَ مَعِى إلَيْهِمْ. فَأَرْسَلَ مَعَهُ النّبِىّ ÷ غَالِبَ بْنَ عَبْدِ اللّهِ فِى مِائَةٍ وَثَلاثِينَ رَجُلاً، خَرَجَ بِهِمْ يَسَارٌ فَظَعَنَ بِهِمْ فِى غَيْرِ الطّرِيقِ حَتّى فَنِيَتْ أَزْوَادُهُمْ وَجَهَدُوا، وَاقْتَسَمُوا التّمْرَ عَدَدًا، فَبَيْنَا الْقَوْمُ ذَاتَ لَيْلَةٍ بَعْدَمَا سَاءَ ظَنّهُمْ بِيَسَارٍ وَظَنّ الْقَوْمُ أَنّ إسْلامَهُ لَمْ يَصِحّ وَقَدْ انْتَهَوْا إلَى مَكَانٍ قَدْ فَحَصَهُ السّيْلُ فَلَمّا رَآهُ يَسَارٌ كَبّرَ، قَالَ: وَاَللّهِ قَدْ ظُفِرْتُمْ بِحَاجَتِكُمْ اُسْلُكُوا فِى هَذَا الْفَحْصِ حَتّى يَنْقَطِعَ بِكُمْ. فَسَارَ الْقَوْمُ فِيهِ سَاعَةٍ بِحِسّ خَفِىّ لا يَتَكَلّمُونَ إلاّ هَمْسًا حَتّى انْتَهَوْا إلَى ضِرْسٍ مِنْ الْحَرّةِ، فَقَالَ يَسَارٌ لأَصْحَابِهِ: لَوْ صَاحَ رَجُلٌ شَدِيدُ الصّوْتِ لأَسْمَعَ الْقَوْمَ فَارْتَأَوْا رَأْيَكُمْ، قَالَ غَالِبٌ: انْطَلِقْ بِنَا يَا يَسَارٍ أَنَا وَأَنْتَ وَنَدَعُ الْقَوْمَ كَمِينًا، فَفَعَلا، فَخَرَجْنَا حَتّى إذَا كُنّا مِنْ الْقَوْمِ بِمَنْظَرِ الْعَيْنِ سَمِعْنَا حِسّ النّاسِ وَالرّعَاءِ وَالْحُلُبِ فَرَجَعَا سَرِيعَيْنِ فَانْتَهَيَا إلَى أَصْحَابِهِمَا، فَأَقْبَلُوا جَمِيعًا حَتّى إذَا كَانُوا مِنْ الْحَىّ قَرِيبًا، وَقَدْ وَعَظَهُمْ أَمِيرُهُمْ غَالِبٌ وَرَغّبَهُمْ فِى الْجِهَادِ وَنَهَاهُمْ عَنْ الإِمْعَانِ فِى الطّلَبِ وَأَلّفَ بَيْنَهُمْ، وَقَالَ: إذَا كَبّرْت فَكَبّرُوا، فَكَبّرَ وَكَبّرُوا جَمِيعًا مَعَهُ وَوَقَعُوا وَسَطَ مَحَالّهِمْ فَاسْتَاقُوا نَعَمًا وَشَاءَ وَقَتَلُوا مِنْ أَشَرَف لَهُمْ وَصَادَفُوهُمْ تِلْكَ اللّيْلَةَ عَلَى مَاءٍ يُقَالُ لَهُ: الْمَيْفَعَةُ. قَالَ: وَاسْتَاقُوا النّعَمَ فَحَدَرُوهُ إلَى الْمَدِينَةِ، وَلَمْ يُسْمَعْ أَنّهُمْ جَاءُوا بِأَسْرَى.
والميفعة ناحيةَ نجد
عملية نهب وإغارة لا لبس فيها، ذكر ابن إسحاق والواقدي في أوائل الغزوات غزوة محمد بذي أمر لجمع من غطفان (وثعلبة حسب إضافة الواقدي)كما حكوا إن صحت قصتهم الإسلامية، لكن هل يتخذ هذا كمبرر للعدوان والسرقة؟! محمد بنواياه وأفعاله العدوانية وقطع الطرق والنهب كان هو من استعدى الكثيرين ضده وضد يثرب ممن لم يكونوا أعداء للأوس والخزرج قبل ذلك.
النقض الثالث لصلح الحديبية في عمرة القضاء
ذكرنا في حديثنا عن صلح الحديبية نقض محمد والمسلمين له مرتين حينما آوى النساء المسلمات القرشيات المهاجرات، وحينما لم يسلم المسلمين القرشيين وتركهم يشكلون تهديدًا لقوافل قريش بما يجعل المعاهدة مهدورة منقوضة على يده.
ويكشف لنا الواقدي مخالفة ثالثة قد يعتبرها البعض ترتقي إلى نقض العهد:
حَدّثَنِى ابْنُ أَبِى حَبِيبَةَ، عَنْ دَاوُد بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ، أَنّ النّبِىّ ÷ خَطَبَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَجَعَلَتْ أَمْرَهَا إلَى الْعَبّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطّلِبِ، فَزَوّجَهَا النّبِىّ ÷ وَهُوَ مُحْرِم.
حَدّثَنِى هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِىّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيّبِ، قَالَ: لَمّا حَلّ رَسُولُ اللّهِ ÷ تَزَوّجَهَا.
حَدّثَنِى عُبَيْدُ اللّهِ بْنُ مُحَمّدٍ، قَالَ: فَلَمّا كَانَ عِنْدَ الظّهْرِ يَوْمَ الرّابِعِ أَتَى سُهَيْلُ ابْنُ عَمْرٍو، وُحَوَيْطِبَ بْنَ عَبْدِ الْعُزّى - وَرَسُولُ اللّهِ ÷ فِى مَجْلِسٍ مِنْ مَجَالِسِ الأَنْصَارِ يَتَحَدّثُ مَعَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ - فَقَالَ: قَدْ انْقَضَى أَجَلُك، فَاخْرَجْ عَنّا، فَقَالَ النّبِىّ ÷: “وَمَا عَلَيْكُمْ لَوْ تَرَكْتُمُونِى فَأَعْرَسْت بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ، فَصَنَعْت لَكُمْ طَعَامًا”؟ فَقَالا: لا حَاجَة لَنَا فِى طَعَامِك، اخْرَجْ عَنّا نَنْشُدُك اللّهَ يَا مُحَمّدُ وَالْعَهْدُ الّذِى بَيْنَنَا وَبَيْنَك إلاّ خَرَجْت مِنْ أَرْضِنَا؛ فَهَذِهِ الثّلاثُ قَدْ مَضَتْ وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ ÷ لَمْ يَنْزِلْ بَيْتًا، وَضُرِبَتْ لَهُ قُبّةٌ مِنْ الأَدَمِ بِالأَبْطَحِ فَكَانَ هُنَاكَ حَتّى خَرَجَ مِنْهَا، لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ سَقْفِ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِهَا.
نص الصلح كان ينص على ألا يمكث أكثر من ثلاثة أيام فقط، لكنه تعمد كسره كأنما يستعرض قوته لأن ذلك هو ما يعجب الرعاع والأعراب والجهال فيزداد أتباعه لأنهم يتبعون الأقوى والأعنف.
لكن ابن هشام يروي رواية مختلفة:
قال ابن إسحاق: وحدثني أبانُ بن صالح وعبد الله بن أبي نَجيح، عن عطاء بن أبي رَباح ومجاهد أبي الحجاج، عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة بنت الحارث في سفره ذلك وهو حَرَامٌ، وكان الذي زوجه إياها العباسُ بن عبد المطلب.
قال ابن هشام: وكانت جَعلَتْ أمرَها إلى أختها أمِّ الفضل، وكانت أمُّ الفضل تحتَ العباس فجعلت أمُّ الفضل أمرَها إلى العباس، فزوجها رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بمكة، وأصدقها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعمائة درهم.
قال ابن إسحاق: فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ثلاثاً، فأتاه حُوَيْطب ابن عبد العُزَّى بن أبي قيس بن عبد وُدِّ بن نصر بن مالك بن حِسْل، في نفر من قريش، في اليوم الثالث، وكانت قريش قد وكَّلته بإخراج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة فقالوا له: إنه قد انقضى أجلُك، فاخرجْ عنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلمّ: وما عليكم لو تركتموني فأعرست بينَ أظهرِكم، وصنعنا لكم طعاماً فحضرتموه، قالوا: لا حاجةَ لنا في طعامك، فاخرجْ عنا. فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخلَّف أبا رافع مولاه على ميمونة، حتى أتاه بها بسَرِف فبنى بها رسولُ الله ّصلى الله عليه وسلم هنالك، ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلمّ إلى المدينة في ذي الحجة.



  رد مع اقتباس
قديم 04-22-2015, 01:14 AM لؤي عشري غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [26]
لؤي عشري
باحث ومشرف عام
الصورة الرمزية لؤي عشري
 

لؤي عشري is on a distinguished road
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى لؤي عشري
افتراضي

سَرِيّةُ ابْنِ أَبِي الْعَوْجَاءِ السّلَمِيّ إلى بني سليم
فِى ذِى الْحَجّةِ سَنَةَ سَبْعٍ

يقول الواقدي:

حَدّثَنِى مُحَمّدٌ، عَنْ الزّهْرِىّ، قَالَ: لَمّا رَجَعَ رَسُولُ اللّهِ ÷ مِنْ عُمْرَةِ الْقَضَاءِ سَنَةَ سَبْعٍ - رَجَعَ فِى ذِى الْحَجّةِ سَنَةَ سَبْعٍ - بَعَثَ ابْنَ أَبِى الْعَوْجَاءِ السّلَمِىّ فِى خَمْسِينَ رَجُلاً، فَخَرَجَ إلَى بَنِى سُلَيْمٍ. وَكَانَ عَيْنٌ لِبَنِى سُلَيْمٍ مَعَهُ فَلَمّا فَصَلَ مِنْ الْمَدِينَةِ خَرَجَ الْعَيْنُ إلَى قَوْمِهِ فَحَذّرَهُمْ وَأَخْبَرَهُمْ فَجَمَعُوا جَمْعًا كَثِيرًا. وَجَاءَهُمْ ابْنُ أَبِى الْعَوْجَاءِ وَالْقَوْمُ مُعَدّونَ لَهُ فَلَمّا رَآهُمْ أَصْحَابُ رَسُولِ اللّهِ ÷ وَرَأَوْا جَمْعَهُمْ دَعَوْهُمْ إلَى الإِسْلامِ فَرَشَقُوهُمْ بِالنّبْلِ وَلَمْ يَسْمَعُوا قَوْلَهُمْ، وَقَالُوا: لا حَاجَةَ لَنَا إلَى مَا دَعَوْتُمْ إلَيْهِ. فَرَامُوهُمْ سَاعَةً وَجَعَلَتْ الأَمْدَادُ تَأْتِى حَتّى أُحْدِقُوا بِهِمْ مِنْ كُلّ نَاحِيَةٍ فَقَاتَلَ الْقَوْمُ قِتَالاً شَدِيدًا حَتّى قُتِلَ عَامّتُهُمْ وَأُصِيبَ صَاحِبُهُمْ ابْنُ أَبِى الْعَوْجَاءِ جَرِيحًا مَعَ الْقَتْلَى، ثُمّ تَحَامَلَ حَتّى بَلَغَ رَسُولَ اللّهِ ÷.

ويقول ابن إسحاق:

وغزوة أبي العَوْجاء السُّلَمى أرض بني سُلَيم، أصيب بها هو وأصحابه جميعًا

يعتبرها المسلمون بطولة وتساميًا، لكنه من الخسة والسيكوباتية والإرهاب بمكان أن يغزو الرجل قبيلته وأهله فيقتل وينهب ويخطف نساءهم متعاونًا مع أغراب عنهم ما أمكنه! نعم بنو سليم كانوا حلفاء لقريش ومن الممكن أن يدفع المسلمون من خلال تاريخهم الذي كتبوه على هواهم من وجهة نظر واحدة إسلامية أن بني سليم هم المبادؤون بالعدوان في غزوات أخرى كغزوة محمد للكدر وغزوه بحران، لكن بوسعنا أن نرى السيف بيد والدعوة الدينية باليد الأخرى، حرب للإكراه الديني والإجبار وإبادة الرافضين لاتباع دينهم لا شك فيها.































غَزْوَةُ غَالِبِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ إلَى بني الملوح بالْكَدِيدِ، فِى صَفَرٍ سَنَةَ ثَمَانٍ

وَالْكَدِيدُ وَرَاءَ قُدَيْدٍ.

جاء في مغازي الواقدي:

حَدّثَنَا الْوَاقِدِىّ، قَالَ: حَدّثَنَا عَبْدُ اللّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَبِى عَوْنٍ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ الْجُهَنِىّ، عَنْ جُنْدُبِ بْنِ مَكِيثٍ الْجُهَنِىّ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللّهِ ÷ غَالِبَ بْنَ عَبْدِ اللّهِ اللّيْثِىّ أَحَدَ بَنِى كَلْبِ بْنِ عَوْفٍ فِى سَرِيّةٍ كُنْت فِيهِمْ وَأَمَرَهُ أَنْ يَشُنّ الْغَارَةَ عَلَى بَنِى الْمُلَوّحِ بِالْكَدِيدِ، وَهُمْ مِنْ بَنِى لَيْثٍ، فَخَرَجْنَا حَتّى إذَا كُنّا بِقُدَيْدٍ لَقِينَا الْحَارِثَ بْنَ مَالِكِ بْنِ الْبَرْصَاءِ فَأَخَذْنَاهُ فَقَالَ: إنّمَا جِئْت أُرِيدُ الإِسْلامَ. فَقُلْنَا: لا يَضُرّك رِبَاطُ لَيْلَةٍ إنْ كُنْت تُرِيدُ الإِسْلامَ وَإِنْ يَكُنْ غَيْرُ ذَلِكَ نَسْتَوْثِقُ مِنْك. فَشَدَدْنَاهُ وَثَاقًا، وَخَلّفْنَا عَلَيْهِ رَجُلاً مِنّا يُقَالُ لَهُ: سُوَيْدُ بْنُ صَخْرٍ، وَقُلْنَا: إنْ نَازَعَك فَاحْتَزْ رَأْسَهُ.
ثُمّ سِرْنَا حَتّى أَتَيْنَا الْكَدِيدَ عِنْدَ غُرُوبِ الشّمْسِ فَكَمَنّا نَاحِيَةَ الْوَادِى، فَبَعَثَنِى أَصْحَابُ رَبِيئَةٍ لَهُمْ فَخَرَجْت فَأَتَيْت تَلاّ مُشْرِفًا عَلَى الْحَاضِرِ يُطْلِعُنِى عَلَيْهِمْ حَتّى إذَا أَسْنَدْت فِيهِ وَعَلَوْت عَلَى رَأْسِهِ انْبَطَحْت، فَوَاَللّهِ إنّى لأَنْظُرُ إذْ خَرَجَ رَجُلٌ مِنْهُمْ مِنْ خِبَاءٍ لَهُ فَقَالَ لامْرَأَتِهِ: وَاَللّهِ إنّى لأَرَى عَلَى هَذَا التّلّ سَوَادًا مَا رَأَيْته عَلَيْهِ صَدْرَ يَوْمِى هَذَا، فَانْظُرِى إلَى أَوْعِيَتِك لا تَكُونُ الْكِلابُ أَخَذْت مِنْهَا شَيْئًا. فَنَظَرَتْ فَقَالَتْ: وَاَللّهِ مَا أَفْقِدُ مِنْ أَوْعِيَتِى شَيْئًا. فَقَالَ: نَاوِلِينِى قَوْسِى وَنَبْلِى فَنَاوَلَتْهُ قَوْسَهُ وَسَهْمَيْنِ مَعَهَا، فَأَرْسَلَ سَهْمًا، فَوَاَللّهِ مَا أَخْطَأَ بِهِ جَنْبِى، فَانْتَزَعْته فَوَضَعْته وَثَبَتَ مَكَانِى. ثُمّ رَمَانِى الآخَرَ فَخَالَطَنِى بِهِ أَيْضًا، فَأَخَذْته فَوَضَعْته وَثَبَتَ مَكَانِى. فَقَالَ لامْرَأَتِهِ: وَاَللّهِ لَوْ كَانَ زَائِلَةً لَتَحَرّكَ بَعْدُ لَقَدْ خَالَطَهُ سَهْمَاىَ لا أَبَا لَك إذَا أَصْبَحْت فَاتّبِعِيهَا؛ لا تَمْضُغُهُمَا الْكِلابُ.
ثُمّ دَخَلَ خِبَاءَهُ وَرَاحَتْ مَاشِيَةُ الْحَىّ مِنْ إبِلِهِمْ وَأَغْنَامِهِمْ فَحَلَبُوا وَعَطَنُوا، فَلَمّا اطْمَأَنّوا وَهَدَءُوا شَنَنّا عَلَيْهِمْ الْغَارَةَ فَقَتَلْنَا الْمُقَاتِلَةَ وَسَبَيْنَا الذّرّيّةَ وَاسْتَقْنَا النّعَمَ وَالشّاءَ فَخَرَجْنَا نَحْدُرُهَا قِبَلَ الْمَدِينَةِ حَتّى مَرَرْنَا بِأَبِى الْبَرْصَاءِ فَاحْتَمَلْنَاهُ وَاحْتَمَلْنَا صَاحِبَنَا. وَخَرَجَ صَرِيخُ الْقَوْمِ فِى قَوْمِهِمْ فَجَاءَنَا مَا لا قِبَلَ لَنَا بِهِ وَنَظَرُوا إلَيْنَا وَبَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ الْوَادِى وَهُمْ مُوَجّهُونَ إلَيْنَا، فَجَاءَ اللّهُ الْوَادِىَ مِنْ حَيْثُ شَاءَ بِمَاءٍ مَلأَ جَنْبَيْهِ وَاَيْمُ اللّهِ مَا رَأَيْنَا قَبْلَ ذَلِكَ سَحَابًا وَلا مَطَرًا، فَجَاءَ بِمَا لا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَجُوزُهُ فَلَقَدْ رَأَيْتهمْ وُقُوفًا يَنْظُرُونَ إلَيْنَا وَقَدْ أَسْنَدْنَا فِى الْمُشَلّلِ وَفُتْنَاهُمْ فَهُمْ لا يَقْدِرُونَ عَلَى طَلَبِنَا، فَمَا أَنْسَى رَجَزَ أَمِيرِنَا غَالِبٍ.....إلخ
ثُمّ قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ. فَحَدّثَنِى عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ مُحَمّدِ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ عُمَرَ الأَسْلَمِىّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنْت مَعَهُمْ وَكُنّا بَضْعَةَ عَشَرَ رَجُلاً، شِعَارُنَا: أَمِتْ أَمِتْ.

وذكرها ابن إسحاق مع اختلاف بسيط في الألفاظ، في ابن هشام ج4:

غزوة غالب بن عبد الله الليثي بني الملوَّح: وكان من حديثها أن يعقوبَ بن عُتبة بن المغيرة بن الأخنس، حدثني عن مُسلم بن عبد الله بن خُبَيْب الجهني، عن المنذِر، عن جُندَب بن مُكيث الجهني، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم غالب بن عبد الله الكلبي، كلب بن عوف ابن ليث، في سَرِيَّة كنتُ فيها، وأمَره أن يشن الغارة عليّ بني الملوَّح، وهم بالكَديد، فخرجنا، حتى إذا كنا بقديد لقينا الحارث بن مالك، وهو ابن البَرْصاء الليثى، فأخذناه، فقال: إني جئت أريد الإسلام، ما خرجتُ إلا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا له: إن تك مسلما فلن يضيرك رباطُ ليلة، وإن تك على غير ذلك كنا قد استوثقنا منك، فشددناه رباطاً، ثم خلفنا عليه رجلا من أصحابنا أسود، وقلنا له: إن عازَّك (1) فاحتز رأسه.
قال: ثم سرنا حتى أتَيْنا. الكديد عند غروب الشمس، فكنا في ناحية الوادي، وبعثنى أصحابى ربيئة (2) لهم، فخرجت حتى اتي تلاُّ مشرفا على الحاضر (3)، فأسْنَدْت فيه (4)، فعلوت على رأسه. فنظرت إلى الحاضر، فواللّه إني لمنبطح على التلِّ، إذ خرج رجلٌ منهم من خِبائه، فقال لامرأته: إني لأرى على التلِّ سواداً ما رأيتُه في أولِ يومى، فانظري إلى أوعيتك هل تفقدين منها شيئاً، لا تكون الكلابُ جَرَّت بعضَها؟ قال: فنظرتْ، فقالت: لا، واللّه ما أفقد شيئاً قال: فناولينى قَوْسى وسهمين، فناولته، قال: فأرسل سهما، فواللّه ما أخطأ جنبى، فأنزعه، فأضعه، وثبتُّ مكانى، قال: ثم أرسل الآخر، فوضعه في منكبى، فأنزعه فأضعه، وثبَتُّ مكانى، فقال لامرأته: لو كان ربيئة لقوم لقد تحرك، لقد خالطه سهماي لا أبا لك، إذا أصبحتِ فابتغيهما، فخذيهما، لا يمضغهما علىَّ الكلابُ. قال: ثم دخل.
قال: وأمهلناهم، حتى إذا اطمأنوا وناموا، وكان في وجه السَّحر، شننا عليهم الغارة، قال: فقتَلْنا، واسْتَقنا النعم، وخرج صريخ القوم، فجاءنا دَهْم (5) لا قِبل لنا به، ومضينا بالنعم، ومررنا بابن البرصاء وصاحبه، فاحتملناهما معنا، قال: وأدركنا القوم حتى قربوا منا، قال: فما بيننا وبينهم إلا وادي قديد، فأرسل الله الوادي بالسيل من حيث شاء تبارك وتعالى، من غير سحابة نراها، ولا مطر، فجاء بشيء ليس لأحدٍ به قوة، ولا يقدر على أن يجاوزَه، فوقفوا ينظرون إلينا، وإنا لنسوق نَعَمهم، ما يستطيع منهم رجل أن يُجيزَ إلينا، ونحن نحدوها سِراعاً، حتى فُتناهم، فلم يقدروا على طلبنا. قال: فقدمنا بها على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن إسحاق: وحدثني رجل من أسلم، عن رجل منهم: أن شعار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان تلك الليلة: أمِتْ أَمِتْ.
__________
(1) عازَّك: غالبك.
(2) الربيئة: الطليعة الذي يتجسس الأخبار.
(3) الحاضر: من ينزلون على الماء.
(4) أسندت: ارتفعت.
(5) الدهم: الجماعة الكثيرة.

وقصة هذه السرية أو الغارة الإجرامية رواها بأسانيدهم عن ابن إسحاق:
أحمد بن حنبل في المسند 15844 وأبو داوود 2678 والحاكم في المستدرك 2571 والبيهقي في سننه الكبرى 17923 وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"2591، والطبراني في "الكبير"1726، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/208، ولو أن أسانيدهم فيها ضعف لكن هنا المجال تأريخي وليس في أحكام شرائع الإسلام، فلا بأس من الاستشهاد بها على الطريقة الإخبارية التأريخية.

وبعض لفظ رواية أحمد بن حنبل كأنه حلقة وسطى بين ألفاظ ابن هشام والواقدي، ففيه مثلًا: فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ: وَاللهِ لَقَدْ خَالَطَهُ سَهْمَايَ، وَلَوْ كَانَ زَائِلَةً لَتَحَرَّكَ

وما نجده هنا غارة على قوم لم يتحركوا بأي عدوان على المسلمين من قبل، بل بادءهم المسلمون بالعنف والنهب، وحسب رواية الواقدي فقد كان هناك خطف واستعباد أي سبي لنساء وأطفال كذلك، ونجد أعمال الإرهاب والإكراه الديني تسير على قدمٍ وساق لدرجة أسر رجل رغم أنه غالبًا كان في طريقه ليتبع ديانة محمد!











سَرِيّةُ شُجَاعِ بْنِ وَهْبٍ فِى رَبِيعٍ الأَوّلِ سَنَةَ ثَمَانٍ إلَى هوازن في السي من أرض بَنِى عَامِرِ بْنِ الْمُلَوّحِ

جاء في كتاب المغازي للواقدي:

حَدّثَنِى الْوَاقِدِىّ، قَالَ: حَدّثَنِى ابْنُ أَبِى سَبْرَةَ، عَنْ إسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ أَبِى فَرْوَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللّهِ ÷ شُجَاعَ بْنَ وَهْبٍ فِى أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ رَجُلاً إلَى جَمْعٍ مِنْ هَوَازِنَ بِالسّىّ وَأَمَرَهُ أَنْ يُغِيرَ عَلَيْهِمْ فَخَرَجَ فَكَانَ يَسِيرُ اللّيْلَ وَيَكْمُنُ النّهَارَ حَتّى صَبّحَهُمْ وَهُمْ غَارّونَ وَقَدْ أَوْعَزَ إلَى أَصْحَابِهِ قَبْلَ ذَلِكَ أَلا يُمْعِنُوا فِى الطّلَبِ فَأَصَابُوا نَعَمًا كَثِيرًا وَشَاءَ فَاسْتَاقُوا ذَلِكَ كُلّهُ حَتّى قَدِمُوا الْمَدِينَةَ وَاقْتَسَمُوا الْغَنِيمَةَ، وَكَانَتْ سِهَامَهُمْ خَمْسَةَ عَشَرَ بَعِيرًا؛ كُلّ رَجُلٍ وَعَدَلُوا الْبَعِيرَ بِعَشَرَةٍ مِنْ الْغَنَمِ وَغَابَتْ السّرِيّةُ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً.
قَالَ ابْنُ أَبِى سَبْرَةَ: فَحَدّثْت هَذَا الْحَدِيثَ مُحَمّدَ بْنَ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عُثْمَانَ، فَقَالَ: كَانُوا قَدْ أَصَابُوا فِى الْحَاضِرِ نِسْوَةً فَاسْتَاقُوهُنّ وَكَانَتْ فِيهِنّ جَارِيَةٌ وَضِيئَةٌ فَقَدِمُوا بِهَا الْمَدِينَةَ، ثُمّ قَدِمَ وَفْدُهُمْ مُسْلِمِينَ فَلَمّا قَدِمُوا كَلّمُوا رَسُولَ اللّهِ ÷ فِى السّبْىِ فَكَلَمْ النّبِىّ ÷ شُجَاعًا وَأَصْحَابَهُ فِى رَدّهِنّ فَسَلّمُوهُنّ وَرَدّوهُنّ إلَى أَصْحَابِهِنّ.
قَالَ ابْنُ أَبِى سَبْرَةَ: فَأَخْبَرْت شَيْخًا مِنْ الأَنْصَارِ بِذَلِكَ، فَقَالَ: أَمّا الْجَارِيَةُ الْوَضِيئَةُ فَكَانَ شُجَاعُ بْنُ وَهْبٍ قَدْ أَخَذَهَا لِنَفْسِهِ بِثَمَنٍ فَأَصَابَهَا، فَلَمّا قَدِمَ الْوَفْدُ خَيّرَهَا، فَاخْتَارَتْ الْمَقَامَ عِنْدَ شُجَاعِ بْنِ وَهْبٍ فَلَقَدْ قُتِلَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ وَهِىَ عِنْدَهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْهَا وَلَدٌ. فَقُلْت لابْنِ أَبِى سَبْرَةَ: مَا سَمِعْت أَحَدًا قَطّ يَذْكُرُ هَذِهِ السّرِيّةَ. فَقَالَ ابْنُ أَبِى سَبْرَةَ: لَيْسَ كُلّ الْعِلْمِ سَمِعْته. قَالَ: أَجَلْ وَاَللّهِ. فَقَالَ ابْنُ أَبِى سَبْرَةَ: لَقَدْ حَدّثَنِى إسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ سَرِيّةً أُخْرَى. ....إلخ

ويقول ابن كثير الدمشقي في السيرة النبوية له:

وَقَدْ تَكُونُ هَذِهِ السَّرِيَّةُ هِيَ الْمَذْكُورَةُ فِيمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ [في مسنده في كتاب الجهاد] 1506 (408 في ترتيب السندي)- أخبرنا مالك عن نافع عن بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم بعث سرية فيها عبد الله بن عمر قبل نجد فغنموا إبلا كثيرة فكانت سهمانهم اثني عشر بعيرا أو أحد عشر بعيرا ثم نفلوا بعيرا بعيرا

أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ أَيْضا من حَدِيث اللَّيْث وَمن حَدِيث عبد اللَّهِ كُلُّهُمْ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ بِنَحْوِهِ. (انتهى بتصرف)

فروى البخاري:

4338 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً قِبَلَ نَجْدٍ فَكُنْتُ فِيهَا فَبَلَغَتْ سِهَامُنَا اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا وَنُفِّلْنَا بَعِيرًا بَعِيرًا فَرَجَعْنَا بِثَلَاثَةَ عَشَرَ بَعِيرًا

3134 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ سَرِيَّةً فِيهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قِبَلَ نَجْدٍ فَغَنِمُوا إِبِلًا كَثِيرَةً فَكَانَتْ سِهَامُهُمْ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا أَوْ أَحَدَ عَشَرَ بَعِيرًا وَنُفِّلُوا بَعِيرًا بَعِيرًا

وروى مسلم:

[ 1749 ] حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن نافع عن بن عمر قال بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية وأنا فيهم قبل نجد فغنموا إبلا كثيرة فكانت سهمانهم اثنا عشر بعيرا أو أحد عشر بعيرا ونفلوا بعيرا بعيرا

[ 1749 ] وحدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث ح وحدثنا محمد بن رمح أخبرنا الليث عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية قبل نجد وفيهم بن عمر وأن سهمانهم بلغت اثني عشر بعيرا ونفلوا سوى ذلك بعيرا فلم يغيره رسول الله صلى الله عليه وسلم

[ 1749 ] وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا علي بن مسهر وعبد الرحيم بن سليمان عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية إلى نجد فخرجت فيها فأصبنا إبلا وغنما فبلغت سهماننا اثني عشر بعيرا اثني عشر بعيرا ونفلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعيرا بعيرا

وروى نحوه أحمد بن حنبل 4579 بإسناد صحيح على شرط الشيخين وأبو داوود (2741) و (2742) و (2743) و (2744) وابن أبي شيبة 14/455 وعبد الرزاق (9336) والحميدي (694). وأبو عوانة 4/104-108، والبيهقي في "السنن" 6/312، وابنُ عبد البر في "التمهيد" 14/42 و14/37، 39. وابن الجارود (1074) ، وأبو يعلى (5826)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/241 ، وابن حبان (4832) و (4834) ، والطبراني في "الكبير" (13426)

محمد وأتباعه ساروا بالعنف والنهب والقتل وخطف النساء واستعبادهن على أساس تبرير ذلك بمزاعم دينية، وأن هناك إلهًا يبرر لهم تلك الأفعال الإجرامية الدنسة، وكما قال بعض علماء النفس كـ كولن ولسون في التاريخ الإجرامي للجنس البشري أن أول الطريق لارتكاب المذابح ضد الآخرين ألا تعتبرهم مثلك وبشرًا مثلك على قدم المساواة والتماهي. اتبع محمد وصحبه نهجه الذي وضعه لإكراه الوثنيين على دينه قهرًا وإبادة من يرفضه، واضطر أفراد القبيلة لاتباع ديانة محمد غصبًا ليستنقذوا نساءهم، بعدما كانت هؤلاء النساء كذلك تعرضن للانتهاكات والاعتداآت الجنسية. ومرة أخرى هذا عدوان على هوازن لثاني مرة نلاحظه، ما يجعل تحركهم بعد اقتحام محمد وأتباعه لمكة تصرفًا دفاعيًّا بحتًا في ما يُعرف بمعركتي حنين والطائف.






















غَزْوَةُ كَعْبِ بْنِ عُمَيْرٍ الْغِفَارِىّ فِى سَنَةِ ثَمَانٍ فِى رَبِيعٍ الأَوّلِ
إلَى بني قضاعة بذَاتِ أَطْلاحٍ

وَأَطْلاحُ نَاحِيَةُ الشّامِ مِنْ الْبَلْقَاءِ عَلَى لَيْلَةٍ.

جاء في كتاب المغازي للواقدي:

قَالَ الْوَاقِدِىّ: حَدّثَنِى مُحَمّدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ، عَنْ الزّهْرِىّ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللّهِ ÷ كَعْبَ بْنَ عُمَيْرٍ الْغِفَارِىّ فِى خَمْسَةَ عَشَرَ رَجُلاً حَتّى انْتَهَوْا إلَى ذَاتِ أَطْلاحٍ مِنْ أَرْضِ الشّامِ، فَوَجَدُوا جَمْعًا مِنْ جَمْعِهِمْ كَثِيرًا، فَدَعَوْهُمْ إلَى الإِسْلامِ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَشَقُوهُمْ بِالنّبْلِ. فَلَمّا رَأَى ذَلِكَ أَصْحَابُ النّبِىّ ÷ قَاتَلُوهُمْ أَشَدّ الْقِتَالِ حَتّى قَتَلُوا، فَأَفْلَتْ مِنْهُمْ رَجُلٌ جَرِيحٌ فِى الْقَتْلَى، فَلَمّا بَرَدَ عَلَيْهِ اللّيْلُ تَحَامَلَ حَتّى أَتَى رَسُولُ اللّهِ ÷ فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ، فَشَقّ ذَلِكَ عَلَى رَسُولِ اللّهِ ÷ وَهُمْ بِالْبَعْثِ إلَيْهِمْ فَبَلَغَهُ أَنّهُمْ قَدْ سَارُوا إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ فَتَرَكَهُمْ.
حَدّثَنِى ابْنُ أَبِى سَبْرَةَ، عَنْ الْحَارِثِ بْنِ الْفُضَيْلِ قَالَ: كَانَ كَعْبٌ يَكْمُنُ النّهَارَ وَيَسِيرُ اللّيْلَ حَتّى دَنَا مِنْهُمْ فَرَآهُ عَيْنٌ لَهُمْ فَأَخْبَرَهُمْ بِقِلّةِ أَصْحَابِ النّبِىّ ÷ فَجَاءُوا عَلَى الْخُيُولِ فَقَتَلُوهُمْ.

وجاء في ابن هشام ج4، عن ابن إسحاق سرد لاسمها فقط:

وغزوة كعب بن عُمَيْر الغِفاري ذات أطْلاح، إلى أرض الشام، أصيب بها هو وأصحابه جميعا

من غير الواضع الانتماء القبلي للمجموعة التي حاول أصحاب محمد العدوان عليها، وقد يكونون مسيحيين كذلك فلا داعي لأن ننسى أن تشريع الجزية من أهل الكتاب لم يوضع في القرآن إلا سنة 9ه في سورة التوبة، وقبل ذلك لم تكن الأمور والتعاملات واضحة معهم! حزن محمد وهكذا يحزن أي شخص لمقتل ناسه وأعزائه، لكن إن القاعدة الذهبية أن تحب لغيرك ما تحب لنفسك وتحب لباقي الناس ما تحبه لقومك وتكره لهم ما تكره لنفسك وقومك.

كما نرى كان محمد يقترب من الشام منذ فترة مبكرة ربما حتى قبل تنامي قوته إلى أقصاها وقبل سيطرته على كل إقليم شبه جزيرة العرب مما يكشف عن نوايا توسعية وأطماع لبدو شبه جزيرة العرب للخروج من تلك الصحارى القاحلة ووضع اليد على الأماكن الخصيبة المزدهرة في الشام والعراق ومصر وغيرها. ويكشف لنا كذلك عن أمر آخر وهو الحقد والشر. فالمسلمون الأصوليون أسوأ جيرة دولية قد تحصل عليها دولة.















سرية زيد بن حارثة إلى مدين

لم يذكرها إلا ابن هشام، ولم يذكر وقت حدوثها، لذا وضعناها قبل مؤتة، لأن فيها قُتل المجرم المحمدي زيد بن حارثة، ونرجح أنها حدثت في 7 أو 8 ه.

قال ابن هشام: وسرية زيد ابن حارثة إلى مَدْيَن. ذكر ذلك عبد الله بن حسن بن حسن، عن أمه فاطمة بنت الحسين بن عليٍّ عليهم رضوان الله، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث زيدَ بن حارثة نحو مَدْين، ومعه ضُمَيْرة مولى علي بن أبي طالب رضوان الله عليه، وأخ له. قالت: فأصاب سبياً من أهل مِيناء، وهى السواحل، وفيها جُمَّاع من الناس فبيعوا، ففُرق بينهم، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يبكون، فقال: ما لهم؟ فقيل: يا رسول الله، فُرق بينهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تبيعوهم إلا جميعا.

وجاء في سنن سعيد بن منصور/ باب تفريق السبي بين الوالد وولده والقرابات:

2661 - حدثنا سعيد قال : حدثنا أبو شهاب عن محمد بن إسحاق عن عبد الله بن الحسن عن أمه فاطمة بنت حسين قالت: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة إلى مدينة مقنا قال سعيد مقنا هي مدين فأصاب منهم سبايا منهم ضيمر مولى علي فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببيعهم فخرج إليهم وهم يبكون فقال لهم : مما يبكون قالوا : فرقنا بينهم وهم أخوة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تفرقوا بينهم بيعوهم جميعا






  رد مع اقتباس
قديم 04-22-2015, 01:23 AM لؤي عشري غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [27]
لؤي عشري
باحث ومشرف عام
الصورة الرمزية لؤي عشري
 

لؤي عشري is on a distinguished road
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى لؤي عشري
افتراضي

ما يمكنني قوله هنا هو تلك الحكمة القديمة عند اليهود: مراحم الأشرار قاسية، فالحقيقة إن الرحمة والعدل إما يكونا كاملين فلا يكون هناك استعباد وظلم ونخاسة للبشر من الأساس، وإلا فهو غير موجود، أما فعل محمد هذا فهو تأثر بكونه كان يتيمًا بلا أب ولا أم حيث توفيا عنه صغيرًا.
غَزْوَةُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ إلَى مُؤْتَةَ سَنَةَ ثَمَانٍ

يقول الواقدي في تبرير هذه الغزوة والغارة:

حَدّثَنَا الْوَاقِدِىّ، قَالَ: حَدّثَنِى رَبِيعَةُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللّهِ ÷ الْحَارِثَ بْنَ عُمَيْرٍ الأَزْدِىّ ثُمّ أَحَدَ بَنِى لَهَبٍ، إلَى مَلِكِ بُصْرَى بِكِتَابٍ فَلَمّا نَزَلَ مُؤْتَةَ عَرَضَ لَهُ شُرَحْبِيلُ بْنُ عَمْرٍو الْغَسّانِىّ فَقَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: الشّامَ. قَالَ: لَعَلّك مِنْ رُسُلِ مُحَمّدٍ؟ قَالَ: نَعَمْ أَنَا رَسُولُ رَسُولِ اللّهِ. فَأَمَرَ بِهِ فَأُوثِقَ رِبَاطًا، ثُمّ قَدّمَهُ فَضَرَبَ عُنُقَهُ صَبْرًا.
وَلَمْ يُقْتَلْ لِرَسُولِ اللّهِ ÷ رَسُولٌ غَيْرَهُ فَبَلَغَ رَسُولَ اللّهِ ÷ الْخَبَرُ فَاشْتَدّ عَلَيْهِ وَنَدَبَ النّاسَ وَأَخْبَرَهُمْ بِمَقْتَلِ الْحَارِثِ وَمَنْ قَتَلَهُ فَأَسْرَعَ النّاسُ وَخَرَجُوا فَعَسْكَرُوا بِالْجَرْفِ، وَلَمْ يُبَيّنْ رَسُولُ اللّهِ ÷ الأَمْرَ

سأعتبر نفسي الآن محامي عن هؤلاء السكان الشاميين المسيحيين القدماء (مؤتة في الأردن حاليًّا)، وأقدم طعوني وشكوكي على التبرير الإسلامي: سبق وأن قام محمد بإرسال رسله إلى كل ملوك المناطق والممالك المجاورة وكان للشام آنذاك ملكان اثنان من بني غسان أحدهما بالشام القديمة أو تخوم الشام وهو الحارث بن أبي شمر الغساني، والآخر ببُصرى وهو جبلة بن الأيهم الغساني، وكانت سنة كل الملوك والدول وقانونهم الدولي احترام السفراء وعدم التعرض لهم، وقصة إرساله الرسل إلى الملوك بدعوته الدينية مذكورة في البخاري وابن هشام ج4 والطبقات الكبير لمحمد بن سعد ج1 والسيرة النبوية لابن كثير وزاد المعاد ج3، فيروي البخاري:

4553 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى عَنْ هِشَامٍ عَنْ مَعْمَرٍ ح و حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو سُفْيَانَ مِنْ فِيهِ إِلَى فِيَّ قَالَ انْطَلَقْتُ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنِي وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَبَيْنَا أَنَا بِالشَّأْمِ إِذْ جِيءَ بِكِتَابٍ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى هِرَقْلَ قَالَ وَكَانَ دَحْيَةُ الْكَلْبِيُّ جَاءَ بِهِ فَدَفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى فَدَفَعَهُ عَظِيمُ بُصْرَى إِلَى هِرَقْلَ...إلخ ..... قَالَ ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَهُ فَإِذَا فِيهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ سَلَامٌ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الْإِسْلَامِ أَسْلِمْ تَسْلَمْ وَأَسْلِمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الْأَرِيسِيِّينَ وَ {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَنْ لَا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ إِلَى قَوْلِهِ اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الْكِتَابِ ارْتَفَعَتْ الْأَصْوَاتُ عِنْدَهُ وَكَثُرَ اللَّغَطُ وَأُمِرَ بِنَا فَأُخْرِجْنَا.....إلخ الحديث

ورواه مسلم في صحيحه كذلك برقم 1773

وروى أحمد بن حنبل بمثله:

2370 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَمِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ، أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إِلَى قَيْصَرَ يَدْعُوهُ إِلَى الْإِسْلامِ، وَبَعَثَ كِتَابَهُ مَعَ دِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ، وَأَمَرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى، لِيَدْفَعَهُ إِلَى قَيْصَرَ، فَدَفَعَهُ عَظِيمُ بُصْرَى إِلَى قَيْصَرَ وَكَانَ قَيْصَرُ، لَمَّا كَشَفَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْهُ جُنُودَ فَارِسَ مَشَى مِنْ حِمْصَ إِلَى إِيلْيَاءَ عَلَى الزَّرَابِيِّ تُبْسَطُ لَهُ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ: فَلَمَّا جَاءَ قَيْصَرَ كِتَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ حِينَ قَرَأَه....إلخ الحديث

ورواه البخاري (2936) و(7) و(2978) و(3174) و(5980) و(6260) و(7196)، والترمذي (2717) ، وابن منده في "الإيمان" (143) ، والبيهقي في "الدلائل" 4/381-383، وأحمد بن حنبل (2371) و(2372) .

هنا البخاري ومسلم وأحمد يؤكدون لنا أنه بعد صلح الحديبية كانت هناك رسالة للدعوة الدينية أرسلها محمد إلى ملك بُصرى من سوريا ومنه إلى هركليوز ملك الروم.
ويروي مسلم في صحيحه:

[ 1774 ] حدثني يوسف بن حماد المعني حدثنا عبد الأعلى عن سعيد عن قتادة عن أنس أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى كسرى وإلى قيصر وإلى النجاشي وإلى كل جبار يدعوهم إلى الله تعالى وليس بالنجاشي الذي صلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم

وجاء في السيرة النبوية لابن كثير عن أحداث سنة 6 ه بعد صلح الحديبية:

قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَفِيهَا فِي ذِي الْحِجَّةِ مِنْهَا بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِتَّةَ نَفَرٍ مُصْطَحِبِينَ حَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى الْمُقَوْقِسِ صَاحِبِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ. وشجاع بن وهب ابْن أَسد بن جذيمة شَهِدَ بَدْرًا إِلَى الْحَارِثِ بْنِ أَبِي شِمْرٍ الغساني يَعْنِي ملك عرب النَّصَارَى، وَدِحْيَةَ بْنَ خَلِيفَةَ الْكَلْبِيَّ إِلَى قَيْصَرَ، وَهُوَ هِرَقْلُ مَلِكُ الرُّومِ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ حُذَافَةَ السَّهْمِيَّ إِلَى كِسْرَى مَلِكِ الْفُرْسِ، وَسَلِيطَ بْنَ عَمْرٍو الْعَامِرِيَّ إِلَى هَوْذَةَ بْنِ عَلِيٍّ الْحَنَفِيِّ، وَعَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيَّ إِلَى النَّجَاشِيِّ مَلِكِ النَّصَارَى بِالْحَبَشَةِ وَهُوَ أَصْحَمَة بن الْحر.

ويقول ابن سعد في الطبقات الكبير ج1/ عنوان: ذِكْرُ بِعْثَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرُّسُلَ بِكُتُبِهِ إِلَى الملوك يدعوهم إلى الْإِسْلَام:

قَالُوا: وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شُجَاعَ بْنَ وَهْبٍ الأَسَدِيَّ. وَهُوَ أَحَدُ السِّتَّةِ. إِلَى الْحَارِثِ بْنِ أَبِي شِمْرٍ الْغَسَّانِيِّ يَدْعُوهُ إِلَى الإِسْلامِ وَكَتَبَ مَعَهُ كِتَابًا. قَالَ شُجَاعٌ: فَأَتَيْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ بِغَوْطَةِ دِمَشْقَ. وَهُوَ مَشْغُولٌ بِتَهْيِئَةِ الإِنْزَالِ وَالأَلْطَافِ لِقَيْصَرَ. وَهُوَ جَاءٍ مِنْ حِمْصَ إِلَى إِيلِيَاءَ. فَأَقَمْتُ عَلَى بَابِهِ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلاثَةً فَقُلْتُ لِحَاجِبِهِ: إِنِّي رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَيْهِ. فَقَالَ: لا تَصِلُّ إِلَيْهِ حَتَّى يَخْرُجَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا...إلخ. وَخَرَجَ الْحَارِثُ يَوْمًا فَجَلَسَ وَوَضَعَ التَّاجَ عَلَى رَأْسِهِ. فَأَذِنَ لِي عَلَيْهِ. فَدَفَعْتُ إِلَيْهِ كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَرَأَهُ ثُمَّ رَمَى بِهِ وَقَالَ: مَنْ يُنْتَزِعُ مِنِّي مُلْكِي؟ أَنَا سَائِرٌ إِلَيْهِ وَلَوْ كَانَ بِالْيَمَنِ جِئْتُهُ. عَلَيَّ بِالنَّاسِ! فَلَمْ يَزَلْ يَفْرِضُ حَتَّى قَامَ.
وَأَمَرَ بِالْخُيُولِ تُنْعِلُ. ثُمَّ قَالَ: أَخْبِرْ صَاحِبَكَ مَا تَرَى. وَكَتَبَ إِلَى قَيْصَرَ يُخْبِرُهُ خَبَرِي وَمَا عَزَمَ عَلَيْهِ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ قَيْصَرُ: أَلا تَسِيرُ إِلَيْهِ وَالْهَ عَنْهُ وَوَافِنِي بِإِيلِيَاءَ. فَلَمَّا جَاءَهُ جَوَابُ كِتَابِهِ دَعَانِي فَقَالَ: مَتَى تُرِيدُ أَنْ تَخْرُجَ إِلَى صَاحِبِكَ؟ فَقُلْتُ: غَدَا. فَأَمَرَ لِي بِمِائَةِ مِثْقَالٍ ذَهَبٍ. وَوَصَّلَنِي مُرَى. وَأَمَرَ لِي بِنَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ وَقَال: أَقْرِئْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنِّي السَّلامَ.

بل وهناك وخبر مزعوم عن إسلام جبلة بن الأيهم يرويه ابن سعد:

قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى جَبَلَةَ بْنِ الأَيْهَمِ مَلِكِ غَسَّانَ يَدْعُوهُ إِلَى الإِسْلامِ. فَأَسْلَمَ وَكَتَبَ بِإِسْلامِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَهْدَى لَهُ هَدِيَّةً وَلَمْ يَزَلْ مُسْلِمًا حَتَّى كَانَ فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. فَبَيْنَمَا هُوَ فِي سُوقِ دِمَشْقَ إِذْ وطيء رَجُلا مِنْ مُزَيْنَةَ. فَوَثَبَ الْمُزَنِيُّ فَلَطَمَهُ. فَأُخِذَ وَانْطُلِقَ بِهِ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ. فَقَالُوا: هَذَا لَطَمَ جَبَلَةَ. قَالَ: فَلْيَلْطِمْهُ. قَالُوا: وَمَا يُقْتَلُ؟ قَالَ: لا. قَالُوا: فَمَا تُقْطَعُ يَدُهُ؟ قَالَ: لا. إِنَّمَا أَمَرَ اللَّهُ. تَبَارَكَ وَتَعَالَى. بِالْقَوَدِ. قَالَ جَبَلَةُ: أَوَتَرَوْنَ أَنِّي جَاعِلٌ وَجْهِي نِدًّا لِوَجْهِ جَدْيٍ جَاءَ مِنْ عُمْقٍ! بِئْسَ الدِّينُ هَذَا! ثُمَّ ارْتَدَّ نَصْرَانِيًّا وَتَرَحَّلَ بِقَوْمِهِ حَتَّى دَخَلَ أَرْضَ الرُّومِ. فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ فَشَقَّ عَلَيْهِ وَقَالَ لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ: أَبَا الْوَلِيدِ. أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ صَدِيقَكَ جَبَلَةَ بْنَ الأَيْهَمِ ارْتَدَّ نَصْرَانِيًّا؟ قَالَ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. وَلِمَ؟ قَالَ: لَطَمَهُ رَجُلٌ مِنْ مُزَيْنَةَ. قَالَ: وَحُقَّ لَهُ. فَقَامَ إِلَيْهِ عُمَرُ بِالدِّرَّةِ فَضَرَبَهُ بِهَا.

وعلى أي الحال الخبر أسطورة فقط ولعلنا نستخلص أنه أحسن الرد والوفادة للرسول من محمد، وجاء في الأعلام لخير الدين الزركلي عنه: جبلة بن الايهم بن جبلة الغساني، من آل جفنة: آخر ملوك الغساسنة في بادية الشام. عاش زمنا في العصر الجاهلي، وقاتل المسلمين في دومة الجندل (سنة 12 ه)ـ وحضر وقعة اليرموك (سنة 15 ه)ـ وهو على مقدمة عرب الشام من لخم وجذام وغيرهما، في جيش الروم، وانهزم الروم، وجبلة معهم. ثم أسلم، وهاجر إلى المدينة (في رواية ابن خلدون) وارتد فيها، وخرج إلى بلاد الروم. وفي رواية البلاذري أنه ارتد في الشام

وأقصى الردود الممكنة كان مجرد تهديد من الحارث بن أبي شمر فقط لمحمد لأنه اغتاظ من قوله في الرسالة كما يورد ابن كثير:
"سَلَامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى وَآمَنَ بِهِ، وَأَدْعُوكَ إِلَى أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ يبْقى لَك ملكك." فَقَدِمَ شُجَاعُ بْنُ وَهْبٍ فَقَرَأَهُ عَلَيْهِ فَقَالَ: وَمن ينْزع ملكى! إنى سأسير إِلَيْهِ.
ومع ذلك نهاه هركليوز (هرقل) عن أي عدوان أو مشاكل مع عرب الصحراء العربية لأن الدخول بجيش مسيحي شامي أو رومي هناك ليس له جدوى ونفع (آنذاك فلم يكن اكتشف البترول بعد)، وعاد ملك بُصرى فأكرم الرسول المرسل من محمد وأعطاه هدية تعبر عن المودة وحسن العلاقة التي يريد تأسيسها، وكان رد فعل كسرى ملك فارس هو تمزيق الرسالة فقط، وباقي الملوك أحسنوا استقبال السفراء ولم يتعرض أحد لأي سفير.

وذكر رسل محمد للملوك أورده ابن هشام في أواخر ج4، وفيه يقول:

وبعث شجاع بن وهب الأسدي إلى الحارث بن أبي شِمْر الغَسَّاني، ملك تخوم الشام. قال ابن هشام: بعث شُجاعَ بن وهب إلى جبلة بن الأيهم الغساني

وابن قيم الجوزية في زاد المعاد ج3 تحت عنوان فصل: ذكر هَدْيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى مكاتباته إلى الملوك وغيرهم (وهو ينقله غالبًا من طبقات ابن سعد أو كتاب ما مفقود الآن للواقدي، وهو بعدما يذكر الرسل للمقوقس أو كيرس صاحب مصر والنجاشي وهرقل وكسرى وملوك اليمامة وعمان وهوذة، يختم بذكر الغساني ملك الشام القديمة أو الداخلية ويؤكد لنا تاريخ الإرسال):

فصل: فى كتابه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الحارث بن أبى شِمْرِ الغَسَّان
وكان بدمشق بغُوطتها، فكتب إليه كتاباً مع شجاع بن وهب مَرْجِعَه مِن الحُدَيْبِية: "بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، مِنْ محمَّدٍ رَسُولِ اللهِ، إلى الحارث ابن أبى شِمْرٍ: سَلامٌ عَلَى مَنِ اتَّبعَ الهُدَى، وآمَنَ باللهِ وصَدَّقَ، وإنى أدْعُوكَ إلى أن تُؤْمِنَ باللهِ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، يبقى لَكَ مُلْكُكَ"

هذا حدث سنة 6 وانتهى محمد من إرسال الدعوة الدينية، ما الذي سيضطره لتكرار نفس الدعوة لأحدهم بعد رفضها بلجاجة؟! القصة عليها علامة استفهام، فكل هؤلاء محمد راسلهم وكما قلنا لن يكون هناك داعٍ لمراسلة أحدهم مرة أخرى والإلحاح معه، ولم يقتل أحد منهم قط أحدًا من رسله بل أحسنوا وفادتهم وأجازوهم بالهدايا لهم أو لمحمد أو كليهما حسب عوايد الملوك القدماء.

ثم إن محمد وصحبه قاموا بعدة اعتداآت ضد المسيحيين الشوام وفي أطراف جزيرة العرب على حدود الشام مثل دومة الجندل وذات أطلاح، فلماذا لا يكون لهم الحق أن يعتبروه جاسوسًا لتخريب الدولة والعدوان على المواطنين الآمنين بفعل إرهابيين، أو محرض على اتباع ديانة تدعو للعنف والإرهاب والنهب وسفك الدماء وتخريب الدولة؟! مع ذلك لا ننكر تعصب أهل ذلك الزمان عصر القرون الوسطى عصر الجهل والتعصب إما الديني أو القبلي والقومي أو كليهما، ولا شك لم يكن المسيحيون سيتركون محمد يدعو بدعوته وسطهم، ولا محمد كان سيترك المسيحيون يفعلون المثل بأرضه يثرب أو ما صار ممالك إسلامية تابعة له روحيًّا آنذاك، وكذلك الوثنيون منذ القدم منذ أيام الحنفاء المستقلين عن الأديان كزيد بن عمرو بن نفيل والمتنصرين حيث قاوموا تبشيرهم، نحتاج إذن أن ندين العصر الوسيط المظلم كله بكل أديانه الخرافية، ونعود فنسأل سؤالين هل كان القاتل المذكور ملكًا على الشام فنعتبر فعله يعبر عن سياسة الدولة والإجابة هي لا فملكا الشام آنذاك كانا اثنين من بني غسان أحدهما بالشام القديمة أو تخوم الشام وهو الحارث بن أبي شمر الغساني، والآخر ببُصرى وهو جبلة بن الأيهم الغساني، والشخص المذكر تصرفه تصرف فردي فهل سعى محمد ليكون لا لوم عليه أن يرفع المسألة الظلامة لهرقل أو لأحد ملكي الشام فلو لم يأتوه بحقه يكون لديه حجة حتى، وبعد فمحمد لم يؤذ أو ينتقم من القاتل_إن قلنا بصحة القصة_بل قام بجيشه بغارة وحرب عصابات ونهبوا المواطنين الفلاحين المساكين وخطفوا بعض نسائهم للاستعباد على ما سنعرض أدناه. وكل ما لديهم تبريرات للتوسع والاحتلال الاستعماري ونهب ثروات الأمم والدول الأخرى.

أوصى محمد أصحابه قبل رحيلهم للهجوم على الشام بوصيته التي تعتبر تشريع القتال والنهب والفتح الإسلامي، وقد ذكرها هنا الواقدي، ونوردها من صحيح مسلم:

[ 1731 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع بن الجراح عن سفيان ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا يحيى بن آدم حدثنا سفيان قال أملاه علينا إملاء ح وحدثني عبد الله بن هاشم واللفظ له حدثني عبد الرحمن يعني بن مهدي حدثنا سفيان عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمر أميرا على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرا ثم قال أغزو باسم الله في سبيل الله قاتلوا من كفر بالله أغزو ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال أو خلال فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ثم ادعهم إلى الإسلام فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين فإن أبوا أن يتحولوا منها فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين فإن هم أبوا فسلهم الجزية فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم فإن هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه فلا تجعل لهم ذمة الله ولا ذمة نبيه ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك فإنكم أن تخفروا ذممكم وذمم أصحابكم أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة رسوله وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله فلا تنزلهم على حكم الله ولكن أنزلهم على حكمك فإنك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا قال عبد الرحمن هذا أو نحوه وزاد إسحاق في آخر حديثه عن يحيى بن آدم قال فذكرت هذا الحديث لمقاتل بن حيان قال يحيى يعني أن علقمة يقوله لابن حيان فقال حدثني مسلم بن هيصم عن النعمان بن مقرن عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه

وذكرها الواقدي مع اختلافات بسيطة في الألفاظ:

حَدّثَنِى ابْنُ أَبِى سَبْرَةَ، عَنْ إسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ، عَنْ رَافِعِ بْنِ إسْحَاقَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرَقْمَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ ÷ قَالَ: “أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللّهِ وَبِمَنْ مَعَكُمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا، أَوْ قَالَ: اُغْزُوا بِسْمِ اللّهِ فِى سَبِيلِ اللّهِ فَقَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاَللّهِ لا تَغْدِرُوا وَلا تَغْلُوا وَلا تَقْتُلُوا وَلَيَدًا، وَإِذَا لَقِيت عَدُوّك مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إلَى إحْدَى ثَلاثٍ فَأَيّتُهُنّ مَا أَجَابُوك إلَيْهَا فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَاكْفُفْ عَنْهُمْ اُدْعُهُمْ إلَى الدّخُولِ فِى الإِسْلامِ فَإِنْ فَعَلُوا فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَاكْفُفْ عَنْهُمْ ثُمّ اُدْعُهُمْ إلَى التّحَوّلِ مِنْ دَارِهِمْ إلَى دَارِ الْمُهَاجِرِينَ فَإِنْ فَعَلُوا فَأَخْبِرْهُمْ أَنّ لَهُمْ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُهَاجِرِينَ وَإِنْ دَخَلُوا فِى الإِسْلامِ وَاخْتَارُوا دَارَهُمْ فَأَخْبِرْهُمْ أَنّهُمْ يَكُونُونَ كَأَعْرَابِ الْمُسْلِمِينَ يَجْرِى عَلَيْهِمْ حُكْمُ اللّهِ وَلا يَكُونُ لَهُمْ فِى الْفَيْءِ وَلا فِى الْقِسْمَةِ شَيْءٌ إلاّ أَنْ يُجَاهِدُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ أَبَوْا فَادْعُهُمْ إلَى إعْطَاءِ الْجِزْيَةِ فَإِنْ فَعَلُوا فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَاكْفُفْ عَنْهُمْ فَإِنْ أَبَوْا فَاسْتَعِنْ بِاَللّهِ وَقَاتِلْهُمْ وَإِنْ أَنْتَ حَاصَرْت أَهْلَ حِصْنٍ أَوْ مَدِينَةٍ فَأَرَادُوك أَنْ تَسْتَنْزِلَهُمْ عَلَى حُكْمِ اللّهِ فَلا تَسْتَنْزِلَهُمْ عَلَى حُكْمِ اللّهِ وَلَكِنْ أَنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِك، فَإِنّك لا تَدْرِى أَتُصِيبُ حُكْمَ اللّهِ فِيهِمْ أَمْ لا، وَإِنْ حَاصَرَتْ أَهْلَ حِصْنٍ أَوْ مَدِينَةٍ فَأَرَادُوك عَلَى أَنْ تَجْعَلَ لَهُمْ ذِمّةَ اللّهِ وَذِمّةَ رَسُولِهِ فَلا تَجْعَلْ لَهُمْ ذِمّةَ اللّهِ وَلا ذِمّةَ رَسُولِهِ وَلَكِنْ اجْعَلْ لَهُمْ ذِمّتَك وَذِمّةَ أَبِيك وَذِمّةَ أَصْحَابِك، فَإِنّكُمْ إنْ تَخْفِرُوا ذِمّتَكُمْ وَذِمَمَ آبَائِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَخْفِرُوا ذِمّةَ اللّهِ وَذِمّةَ رَسُولِهِ”.

نلاحظ هنا تعليمات محمد بعدم إعطاء عهد صلح باسم الله أو محمد أو الدين منعًا للإحراج، لكي يتمكنوا من الخفر والغدر كيفما شاؤوا، وذكرنا نماذج من غدرهم على مر التاريخ لما ذكرنا صلح الحديبية ونقضه.
أما تشريعاتهم في ذلك كما وردت من أفعال محمد وسنته الإجرامية وخلفائه من بعده، وحسبما وردت مستنبطة من سيرة محمد في كتاب (أحكام أهل الذمة) لابن قيم الجوزية و(زاد المعاد) وغيرهما من كتب الفقه الإجرامية التحريضية العنصرية فلا تختلف عن التشريع التوراتي ذي الأيديلوجيا العنصرية الإجرامية، كما ورد في سفر التثنية 20: 10- 14

(10«حِينَ تَقْرُبُ مِنْ مَدِينَةٍ لِكَيْ تُحَارِبَهَا اسْتَدْعِهَا إِلَى الصُّلْحِ، 11فَإِنْ أَجَابَتْكَ إِلَى الصُّلْحِ وَفَتَحَتْ لَكَ، فَكُلُّ الشَّعْبِ الْمَوْجُودِ فِيهَا يَكُونُ لَكَ لِلتَّسْخِيرِ وَيُسْتَعْبَدُ لَكَ. 12وَإِنْ لَمْ تُسَالِمْكَ، بَلْ عَمِلَتْ مَعَكَ حَرْبًا، فَحَاصِرْهَا. 13وَإِذَا دَفَعَهَا الرَّبُّ إِلهُكَ إِلَى يَدِكَ فَاضْرِبْ جَمِيعَ ذُكُورِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. 14وَأَمَّا النِّسَاءُ وَالأَطْفَالُ وَالْبَهَائِمُ وَكُلُّ مَا فِي الْمَدِينَةِ، كُلُّ غَنِيمَتِهَا، فَتَغْتَنِمُهَا لِنَفْسِكَ، وَتَأْكُلُ غَنِيمَةَ أَعْدَائِكَ الَّتِي أَعْطَاكَ الرَّبُّ إِلهُكَ.)

أو كما في الترجمة العربية المشتركة: (10وإذا اَقتَرَبتُم مِنْ مدينةٍ لِتُحارِبوها فاَعْرُضوا علَيها السِّلْمَ أوَّلاً، 11فإذا اَستَسلَمَت وفتَحَت لكُم أبوابَها، فجميعُ سُكَّانِها يكونونَ لكُم تَحتَ الجزيةِ ويخدِمونكُم. 12وإنْ لم تُسالِمْكُم، بل حارَبَتكُم فحاصَرتُموها 13فأسلَمَها الرّبُّ إلهُكُم إلى أيديكُم، فاَضْرِبوا كُلَ ذكَرٍ فيها بِحَدِّ السَّيفِ. 14وأمَّا النِّساءُ والأطفالُ والبَهائِمُ وجميعُ ما في المدينةِ مِنْ غَنيمةٍ، فاَغْنَموها لأنْفُسِكُم وتمَتَّعوا بِغَنيمةِ أعدائِكُمُ التي أعطاكُمُ الرّبُّ إلهُكُم.)

حقيقة لا يختلف التشريع الإسلامي الإجرامي عن ذلك وهكذا مارسوا جرائمهم القذرة من النهب والسلب وتخريب ما لا ينالونه وخطف واستعباد الأطفال والنساء، هم فقط إضافة إلى الجزية والخراج على الأمم المستسلمة بلا حرب، أضافوا قاعدة أنهم في الدول المقتحمة صلحًا يتركون كنائسها ومعابدها والمقتحمة أو المفتوحة بالحرب إضافة إلى النهب والتخريب والقتل للرجال وسبي آلاف النساء والأطفال يقومون بهدم كنائسها ومعابدها. وجاء في أحكام أهل الذمة:

الْأَمْصَارُ الَّتِي أَنْشَأَهَا الْمُشْرِكُونَ وَمَصَّرُوهَا، ثُمَّ فَتَحَهَا الْمُسْلِمُونَ عَنْوَةً وَقَهْرًا بِالسَّيْفِ، فَهَذِهِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُحْدَثَ فِيهَا شَيْءٌ مِنَ الْبِيَعِ وَالْكَنَائِسِ. وَأَمَّا مَا كَانَ فِيهَا مِنْ ذَلِكَ قَبْلَ الْفَتْحِ فَهَلْ يَجُوزُ إِبْقَاؤُهُ أَوْ يَجِبُ هَدْمُهُ؟ فِيهِ قَوْلَانِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ، وَهُمَا وَجْهَانِ لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ:
أَحَدُهُمَا: يَجِبُ إِزَالَتُهُ وَتَحْرُمُ تَبْقِيَتُهُ؛ لِأَنَّ الْبِلَادَ قَدْ صَارَتْ مِلْكًا لِلْمُسْلِمِينَ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُقَرَّ فِيهَا أَمْكِنَةُ شِعَارِ الْكُفْرِ، كَالْبِلَادِ الَّتِي مَصَّرَهَا الْمُسْلِمُونَ، وَلِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «لَا تَصْلُحُ قِبْلَتَانِ بِبَلَدٍ» ". وَكَمَا لَا يَجُوزُ إِبْقَاءُ الْأَمْكِنَةِ الَّتِي هِيَ شِعَارُ الْفُسُوقِ كَالْخَمَّارَاتِ وَالْمَوَاخِيرِ، وَلِأَنَّ أَمْكِنَةَ الْبِيَعِ وَالْكَنَائِسِ قَدْ صَارَتْ مِلْكًا لِلْمُسْلِمِينَ، فَتَمْكِينُ الْكُفَّارِ مِنْ إِقَامَةِ شِعَارِ الْكُفْرِ فِيهَا كَبَيْعِهِمْ وَإِجَارَتِهِمْ إِيَّاهَا لِذَلِكَ، وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِالْجِهَادِ حَتَّى يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لَهُ، وَتَمْكِينُهُمْ مِنْ إِظْهَارِ شِعَارِ الْكُفْرِ فِي تِلْكَ الْمَوَاطِنِ جَعَلَ الدِّينَ لَهُ وَلِغَيْرِهِ، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الصَّحِيحُ.

.... يَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَالصَّحَابَةَ مَعَهُ أَجْلَوْا أَهْلَ خَيْبَرَ مِنْ دُورِهِمْ وَمَعَابِدِهِمْ بَعْدَ أَنْ أَقَرَّهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْإِقْرَارُ تَمْلِيكًا لَمْ يَجُزِ إِخْرَاجُهُمْ عَنْ مِلْكِهِمْ إِلَّا بِرِضًا أَوْ مُعَاوَضَةٍ.
وَلِهَذَا لَمَّا أَرَادَ الْمُسْلِمُونَ أَخْذَ كَنَائِسِ الْعَنْوَةِ الَّتِي خَارِجَ دِمَشْقَ فِي زَمَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ صَالَحَهُمُ النَّصَارَى عَلَى تَرْكِهَا وَتَعْوِيضِهِمْ عَنْهَا بِالْكَنِيسَةِ الَّتِي زِيدَتْ فِي الْجَامِعِ، وَلَوْ كَانُوا قَدْ مَلَكُوا تِلْكَ الْكَنَائِسَ بِالْإِقْرَارِ لَقَالُوا لِلْمُسْلِمِينَ: كَيْفَ تَأْخُذُونَ أَمْلَاكَنَا قَهْرًا وَظُلْمًا؟ بَلْ أَذْعَنُوا إِلَى الْمُعَاوَضَةِ لَمَّا عَلِمُوا أَنَّ لِلْمُسْلِمِينَ أَخْذَ تِلْكَ الْكَنَائِسِ مِنْهُمْ، وَأَنَّهَا غَيْرُ مِلْكِهِمْ كَالْأَرْضِ الَّتِي هِيَ بِهَا.
فَبِهَذَا التَّفْصِيلِ تَجْتَمِعُ الْأَدِلَّةُ، وَهُوَ اخْتِيَارُ شَيْخِنَا، وَعَلَيْهِ يَدُلُّ فِعْلُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ أَئِمَّةِ الْهُدَى، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ هَدَمَوَقَدْ أَفْتَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ الْمُتَوَكِّلَ بِهَدْمِ كَنَائِسِ السَّوَادِ وَهِيَ أَرْضُ الْعَنْوَةِ.

...... وَهَذِهِ كَانَتْ سِيرَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَهْلِ الْأَرْضِ؛ كَانَ يُقَاتِلُ مَنْ حَارَبَهُ إِلَى أَنْ يَدْخُلَ فِي دِينِهِ أَوْ يُهَادِنَهُ أَوْ يَدْخُلَ تَحْتَ قَهْرِهِ بِالْجِزْيَةِ، وَبِهَذَا كَانَ يَأْمُرُ سَرَايَاهُ وَجُيُوشَهُ إِذَا حَارَبُوا أَعْدَاءَهُمْ كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ، فَإِذَا تَرَكَ الْكُفَّارُ مُحَارَبَةَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَسَالَمُوهُمْ وَبَذَلُوا لَهُمُ الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ كَانَ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةً لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ وَلِلْمُشْرِكِينَ.
أَمَّا مَصْلَحَةُ أَهْلِ الْإِسْلَامِ فَمَا يَأْخُذُونَهُ مِنَ الْمَالِ الَّذِي يَكُونُ قُوَّةً لِلْإِسْلَامِ مَعَ صَغَارِ الْكُفْرِ وَإِذْلَالِهِ، وَذَلِكَ أَنْفَعُ لَهُمْ مِنْ تَرْكِ الْكُفَّارِ بِلَا جِزْيَةٍ.


ويقول الواقدي:

وَمَضَى الْمُسْلِمُونَ مِنْ الْمَدِينَةِ، فَسَمِعَ الْعَدُوّ بِمَسِيرِهِمْ عَلَيْهِمْ قَبْلَ أَنْ يَنْتَهُوا إلَى مَقْتَلِ الْحَارِثِ بْن عُمَيْرٍ فَلَمّا فَصَلَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ الْمَدِينَةِ سَمِعَ الْعَدُوّ بِمَسِيرِهِمْ فَجَمَعُوا الْجَمُوعَ. وَقَامَ فِيهِمْ رَجُلٌ مِنْ الأَزْدِ يُقَالُ لَهُ: شُرَحْبِيلُ بِالنّاسِ وَقَدّمَ الطّلائِعَ أَمَامَهُ وَقَدْ نَزَلَ الْمُسْلِمُونَ وَادِىَ الْقُرَى وَأَقَامُوا أَيّامًا، وَبَعَثَ أَخَاهُ سَدُوسَ وَقُتِلَ سَدُوسُ وَخَافَ شُرَحْبِيلُ بْنُ عَمْرٍو فَتَحَصّنَ وَبَعَثَ أَخًا لَهُ يُقَالُ لَهُ: وَبْرُ بْنُ عَمْرٍو. فَسَارَ الْمُسْلِمُونَ حَتّى نَزَلُوا أَرْضَ مَعَانٍ مِنْ أَرْضِ الشّامِ، فَبَلَغَ النّاسُ أَنّ هِرَقْلَ قَدْ نَزَلَ مَآبَ مِنْ أَرْضِ الْبَلْقَاءِ فِى بَهْرَاءَ وَوَائِلٍ وَبَكْرٍ وَلَخْمٍ وَجُذَامَ فِى مِائَةِ أَلْفٍ عَلَيْهِمْ رَجُلٌ مِنْ بَلِىّ يُقَالُ لَهُ مَالِكٌ.

لقد عرف أهل الشام ومعهم الروم البيزنطيون بتحرك عرب شبه الجزيرة المسلمين على نحو مبكر فاستعدوا لهم وصدوهم بشكل معقول، ويبدو أن الفارق العددي والعسكري كان راجحًا بقوة لجند الشام، ولكننا قد نشك في الأعداد المذكورة وقصة قدوم هركليوز، فأعداد كهذه كانت ستقضي على الثلاثة آلاف مسلم قضاء سريعًا بصرف النظر عن أي خيالات ومزاعم دينية إسلامية عن تفوقهم الخرافي بالإيمان! وابن إسحاق يورد نفس القصة لكنه يجعلهم مئة ألف من الروم ومئة ألف من القبائل المسيحية العربية لخم وجذام والقين وبهراء وبلى وعليهم رجل من بلى من بطن إراشة يدعى مالك بن زافلة.

يقول الواقدي:

فَلَمّا بَلَغَ ذَلِكَ الْمُسْلِمِينَ أَقَامُوا لَيْلَتَيْنِ لِيَنْظُرُوا فِى أَمْرِهِمْ وَقَالُوا: نَكْتُبُ إلَى رَسُولِ اللّهِ ÷ فَنُخْبِرُهُ الْخَبَرَ، فَإِمّا يَرُدّنَا وَإِمّا يَزِيدُنَا رِجَالاً. فَبَيْنَا النّاسُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ أَمْرِهِمْ جَاءَهُمْ ابْنُ رَوَاحَةَ فَشَجّعَهُمْ ثُمّ قَالَ: وَاَللّهِ مَا كُنّا نُقَاتِلُ النّاسَ بِكَثْرَةِ عَدَدٍ وَلا بِكَثْرَةِ سِلاحٍ، وَلا بِكَثْرَةِ خُيُولٍ إلاّ بِهَذَا الدّينِ الّذِى أَكْرَمْنَا اللّهُ بِهِ. انْطَلِقُوا وَاَللّهِ لَقَدْ رَأَيْتنَا يَوْمَ بَدْرٍمَا مَعَنَا إلاّ فَرَسَانِ وَيَوْمَ أُحُدٍ فَرَسٌ وَاحِدٌ وَإِنّمَا هِىَ إحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ إمّا ظُهُورٌ عَلَيْهِمْ فَذَلِكَ مَا وَعَدَنَا اللّهُ وَوَعَدَنَا نَبِيّنَا، وَلَيْسَ لِوَعْدِهِ خُلْفٌ وَإِمّا الشّهَادَةُ فَنَلْحَقُ بِالإِخْوَانِ نُرَافِقُهُمْ فِى الْجِنَانِ فَشَجّعَ النّاسَ عَلَى مِثْلِ قَوْلِ ابْنِ رَوَاحَةَ.

وقبلها يحكي كذلك:

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ: وَكَانَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ يَقُولُ: كُنْت فِى حِجْرِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ رَوَاحَةَ فَلَمْ أَرَ وَالِىَ يَتِيمٍ كَانَ خَيْرًا مِنْهُ خَرَجْت مَعَهُ فِى وَجْهِهِ إلَى مُؤْتَةَ، وَصَبّ بِى وَصَبَبْت بِهِ فَكَانَ يُرْدِفُنِى خَلْفَ رَحْلِهِ فَقَالَ ذَاتَ لَيْلَةٍ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بَيْنَ شُعْبَتَىْ الرّحْلِ وَهُوَ يَتَمَثّلُ أَبْيَاتَ شِعْرٍ:
إذَا بَلّغْتِنِى وَحَمَلْت رَحْلِى
فَزَادُك أَنْعُمٌ وَخَلاك ذَمّ
وَآبَ الْمُسْلِمُونَ وَغَادَرُونِى
هُنَـــــالِكَ لا أُبَالِـــى طَلْعَ نَخْـلٍ


مَسَافَةَ أَرْبَعٍ بَعْدَ الْحِسَاءِ
وَلا أَرْجِعْ إلَى أَهْلِى وَرَائِى
بِأَرْضِ الشّامِ مُشْتَهَى الثّوَاءِ
وَلا نَخْـــــلٍ أَسَـــافِلُهَــــا رِوَاءِ

فَلَمّا سَمِعْت هَذِهِ الأَبْيَاتَ بَكَيْت، فَخَفَقَنِى بِيَدِهِ وَقَالَ: مَا يَضُرّك يَا لُكَعُ أَنْ يَرْزُقَنِى اللّهُ الشّهَادَةَ فَأَسْتَرِيحَ مِنْ الدّنْيَا وَنَصَبِهَا وَهُمُومِهَا وَأَحْزَانِهَا وَأَحْدَاثِهَا. وَيَرْجِعُ بَيْنَ شُعْبَتَىْ الرّحْلِ، ثُمّ نَزَلَ نَزْلَةً مِنْ اللّيْلِ فَصَلّى رَكْعَتَيْنِ وَعَاقَبَهُمَا دُعَاءً طَوِيلاً ثُمّ قَالَ لِى: يَا غُلامُ، فَقُلْت: لَبّيْكَ، قَالَ: هِىَ إنْ شَاءَ اللّهُ الشّهَادَةُ”.

ويقول ابن إسحاق فيما يقول:

قال ابن إسحاق: ثم مضى الناس فحدثني عبد الله بن أبي بكر أنه حُدث عن زيد بن أرقم، قال: كنتُ يتيماً لعبد الله بن رواحة في حجره، فخرج بي في سفره ذلك مُرْدِفي على حقيبة رحْله فواللّه إنه ليسير ليلة إذ سمعته وهو ينشد أبياته هذه:
إذا أدَّيْتنِي وحَمَلْتِ رحْلي مسيرةَ أربعٍ بعد الحِساءِ
فشأنُك انعمٌ وخَلاكِ ذم ولا أرجعْ إلى أهلي ورائي
وجاء المسلمون وغادَروني بأرضِ الشامِ مُشْتَهِيَ الثَّوَاءِ
وردك كل ذي نسبٍ قريبٍ إلى الرحمنِ منقطعَ الإخاءِ
هنالك لا أبالي طَلْعَ بَعْلٍ ولا نَخْلٍ أسافلُها رِوَاء
فلما سمعتهنَّ منه بكيت. قال: فخفقني بالدَّرة، وقال: ما عليك يا
لُكَع أن يرزقني الله شهادةً وترجع بين شُعْبتي الرحْل!
.... وحدثني يحيى بن عَبَّاد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه عَبَّاد، قال: حدثني أبي الذي أرضعني وكان أحد بني مرة بن عوف، وكان في تلك الغزوة غزوة مؤتة قال: واللّه لكأني أنظر إلى جعفر حين اقتحم عن فرس له شقراء ثم عقرها ثم قاتل حتى قُتل وهو يقول:
يا حبَّذا الجنةُ واقترابُها طيَبةً وبارداً شرابُها
والرومُ قد دنا عذابُها ... كافرة بعيدة أنسابُها
عليَّ إذا لاقيتُها ضِرَابُها
قال ابن هشام: وحدثني من أثق به من أهل العلم: أن جعفَر بن أبي طالب أخذ اللواء بيمينه فقُطعت، فأخذه بشماله فقُطعت، فاحتضنه بعَضُدَيْه حتى قتُل رضى الله عنه، وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة، ...إلخ. ويقال: إن رجلاً من الروم ضربه يومئذ ضربةً، فقطعه بنصْفَين.

قال ابن إسحاق: وحدثني يحيى بن عَبَّاد بن عبد الله بن الزبير: عن أبيه عباد قال: حدثني أبي الذي أرضعني، وكان أحد بني مُرة بن عوف، قال: فلما قُتل جعفر أخذ عبد الله بن رَوَاحة الرايةَ، ثم تقدم بها، وهو على فرسه، فجعل يستنزل نفسَه، ويتردد بعضَ التردد، ثم قال:

أقسمْتُ يا نفسُ لَتَنْزِلِنَّه، ... لتَنْزِلِنَّ أو لتكْرَهِنَّهْ
إن أجْلَبَ الناسُ وشَدُّوا الرَّنَّهْ ... ما لي أراكِ تكرهينَ الجنَّهْ
قد طالَ ما قد كنتِ مُطمئنه ... هل أنتِ إلا نُطْفةٌ في شَنَّهْ
وقال أيضاً:
يا نفسُ إلا تُقْتَلِي تموتى ... هذا حِمامُ الموْتِ قد صَليتِ
وما تمنَّيتِ فقد أعْطِيتِ ... إن تفعلى فعلَهما هُدِيتِ
يريد صاحبيه: زيدا وجعفرا، ثم نزل.

حينما نقرأ في هذه الغزوة وغيرها من ابن هشام والواقدي وغيرهما مدى حماسة هؤلاء للقتل أو أن يموتوا بدعوى وعدهم بجنات وهمية، نستهجن ونسخر من هذا العداء لإخوتهم في الجنس البشري وعدائهم للحياة في مقابل أوهام وضلالات على كفة الميزان الأخرى! وأورد ابن هشام كذلك شعرًا ارتجله كل من جعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة قبل مقتلهما في الغارة يدور حول نفس هذه الفكرة ولمن شاء يرجع له.

لقد انتهى الأمر بمقتل ثلاثة قادة من المسلمين وبعض أفراد الجيش، واستطاع خالد بن الوليد بمهارته العسكرية الانسحاب قبل فنائهم جميعًا في مجزرة تصيبهم، ويحكي لنا ابن هشام والواقدي وأصحاب كتب الحديث كيف شرع أهل يثرب المتعصبون يحثون التراب على أفراد الجيش المنسحب واصفين إياهم بالفُرَّار، حتى رد محمد لهم كرامتهم ووصفهم بالكرار، باعتبار أنه وسائرهم يعتبرون الهجوم على الآخرين جهادًا وصفة حسنة!

روى ابن إسحاق في السيرة النبوية وأخرجه عنه البيهقي في دلائل النبوة:

قال: وجعل الناس يَحْثُون على الجيش الترابَ، ويقولون: يا فُرار، فررتم في سبيل الله! قال: فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليسوا بالفُرَّار، ولكنهم الكُرَّار إن شاء الله تعالى

وورد بإسناد ضعيف عند أحمد بن حنبل:

5895 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، وَأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ قَالَا: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَرِيَّةٍ ، فَلَمَّا لَقِينَا الْعَدُوَّ انْهَزَمْنَا فِي أَوَّلِ عَادِيَةٍ، فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فِي نَفَرٍ لَيْلًا فَاخْتَفَيْنَا، ثُمَّ قُلْنَا: لَوْ خَرَجْنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاعْتَذَرْنَا إِلَيْهِ، فَخَرَجْنَا، فَلَمَّا لَقِينَاهُ قُلْنَا: نَحْنُ الْفَرَّارُونَ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: "بَلْ أَنْتُمُ الْعَكَّارُونَ ، وَأَنَا فِئَتُكُمْ" قَالَ أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ: "وَأَنَا فِئَةُ كُلِّ مُسْلِمٍ"

5591 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كُنَّا فِي سَرِيَّةٍ فَفَرَرْنَا، فَأَرَدْنَا أَنْ نَرْكَبَ الْبَحْرَ، ثُمَّ أَتَيْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، نَحْنُ الْفَرَّارُونَ، فَقَالَ: " لَا، بَلْ أَنْتُمْ أَوْ أَنْتُمُ الْعَكَّارُونَ "

52 - حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ يَعْنِي الطَّحَّانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَقِينَا الْعَدُوَّ فَحَاصَ الْمُسْلِمُونَ حَيْصَةً ، فَكُنْتُ فِيمَنْ حَاصَ ، فَدَخَلْنَا الْمَدِينَةَ قَالَ: فَتَعَرَّضْنَا لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ خَرَجَ لِلصَّلَاةِ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ نَحْنُ الْفَرَّارُونَ قَالَ: " بَلْ أَنْتُمُ الْعَكَّارُونَ إِنِّي فِئَةٌ لَكُمْ "

ورواه البخاري بإسناد ضعيف في (الأدب المفرد):

972 - حدثنا موسى قال حدثنا أبو عوانة عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن بن عمر قال: كنا في غزوة فحاص الناس حيصة قلنا كيف نلقى النبي صلى الله عليه وسلم وقد فررنا فنزلت إلا متحرفا لقتال فقلنا لا نقدم المدينة فلا يرانا أحد فقلنا لو قدمنا فخرج النبي صلى الله عليه وسلم من صلاة الفجر قلنا نحن الفرارون قال أنتم العكارون فقبلنا يده قال أنا فئتكم. ضعيف

وروى الحاكم في المستدرك:

4355 - فحدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا أحمد بن عبد الجبار ثنا يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال : حدثني عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت لامرأة سلمة بن هشام بن المغيرة ما لي لا أرى سلمة يحضر الصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع المسلمين قالت : والله ما يستطيع أن يخرج كلما خرج صاح به الناس : يا فرار أفررتم في سبيل الله عز وجل حتى قعد في بيته فما يخرج وكان في غزوة مؤتة مع خالد بن الوليد رضي الله عنه
هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه

وأصله في السيرة لابن إسحاق كذلك

حزن محمد كثيرًا على موت ابن عمه جعفر، ويقول الواقدي:

حَدّثَنِى مَالِكُ بْنُ أَبِى الرّجّالِ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ أَبِى بَكْرِ بْنِ حَزْمِ، عَنْ أُمّ عِيسَى ابْنِ الْحَزّارِ، عَنْ أُمّ جَعْفَرٍ بِنْتِ مُحَمّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ جَدّتِهَا أَسَمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ، قَالَتْ: أَصْبَحْت فِى الْيَوْمِ الّذِى أُصِيبَ فِيهِ جَعْفَرٌ وَأَصْحَابُهُ، فَأَتَانِى رَسُولُ اللّهِ ÷ وَلَقَدْ هَيّأْت أَرْبَعِينَ مِنّا مِنْ أُدْمٍ وَعَجَنْت عَجِينِى، وَأَخَذْت بَنِىّ فَغَسَلْت وُجُوهَهُمْ وَدَهَنْتهمْ؟ فَدَخَلَ عَلَىّ رَسُولُ اللّهِ ÷ فَقَالَ: يَا أَسَمَاءُ أَيْنَ بَنُو جَعْفَرٍ؟ فَجِئْت بِهِمْ إلَيْهِ فَضَمّهُمْ وَشَمّهُمْ ثُمّ ذَرَفَتْ عَيْنَاهُ فَبَكَى، فَقُلْت: أَىْ رَسُولَ اللّهِ لَعَلّك بَلَغَك عَنْ جَعْفَرٍ شَىْءٌ؟ فَقَالَ نَعَمْ قُتِلَ الْيَوْمَ. قَالَتْ: فَقُمْت أَصِيحُ وَاجْتَمَعَ إلَىّ النّسَاءُ. قَالَتْ: فَجَعَلَ رَسُولُ اللّهِ ÷ يَقُولُ: “يَا أَسَمَاءُ لا تَقُولِى هُجْرًا وَلا تَضْرِبِى صَدْرًا”، قَالَتْ: فَخَرَجَ رَسُولُ اللّهِ ÷ حَتّى دَخَلَ عَلَى ابْنَتِهِ فَاطِمَةَ، وَهِىَ تَقُولُ: وَاعَمّاهُ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: “عَلَى مِثْلِ جَعْفَرٍ فَلْتَبْكِ الْبَاكِيَةُ” ثُمّ قَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: “اصْنَعُوا لآلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا، فَقَدْ شُغِلُوا عَنْ أَنْفُسِهِمْ الْيَوْمَ”.

حَدّثَنِى مُحَمّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى يَعْلَى، قَالَ: سَمِعْت عَبْدَ اللّهِ بْنَ جَعْفَرٍ يَقُولُ: أَنَا أَحْفَظُ حِينَ دَخَلَ رَسُولُ اللّهِ ÷ عَلَى أُمّى فَنَعَى لَهَا أَبِى، فَأَنْظُرُ إلَيْهِ وَهُوَ يَمْسَحُ عَلَى رَأْسِى وَرَأْسِ أَخِى، وَعَيْنَاهُ تُهَرَاقَانِ الدّمُوعَ حَتّى تَقْطُرَ لِحْيَتُهُ. ثُمّ قَالَ: “اللّهُمّ إنّ جَعْفَرًا قَدْ قَدِمَ إلَى أَحْسَنِ الثّوَابِ فَاخْلُفْهُ فِى ذُرّيّتِهِ بِأَحْسَنِ مَا خَلَفْت أَحَدًا مِنْ عِبَادِك فِى ذُرّيّتِهِ”، ثُمّ قَالَ: “يَا أَسَمَاءُ أَلا أُبَشّرُك”؟ قَالَتْ بَلَى، بِأَبِى أَنْتَ وَأُمّى، قَالَ: “فَإِنّ اللّهَ عَزّ وَجَلّ جَعَلَ لِجَعْفَرٍ جَنَاحَيْنِ يَطِيرُ بِهِمَا فِى الْجَنّةِ”، قَالَتْ: بِأَبِى وَأُمّى يَا رَسُولَ اللّهِ فَأَعْلَمَ النّاسَ ذَلِكَ، فَقَامَ رَسُولُ اللّهِ ÷ وَأَخَذَ بِيَدِى، يَمْسَحُ بِيَدِهِ رَأْسِى حَتّى رَقِىَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَأَجْلَسَنِى أَمَامَهُ عَلَى الدّرَجَةِ السّفْلَى، وَالْحُزْنُ يُعْرَفُ عَلَيْهِ فَتَكَلّمَ فَقَالَ: “إنّ الْمَرْءَ كَثِيرٌ بِأَخِيهِ وَابْنُ عَمّهِ أَلا إنّ جَعْفَرًا قَدْ اُسْتُشْهِدَ، وَقَدْ جَعَلَ اللّهُ لَهُ جَنَاحَيْنِ يَطِيرُ بِهِمَا فِى الْجَنّةِ”، ثُمّ نَزَلَ رَسُولُ اللّهِ ÷ فَدَخَلَ بَيْتَهُ وَأَدْخَلَنِى، وَأَمَرَ بِطَعَامٍ فَصُنِعَ لأَهْلِى، وَأَرْسَلَ إلَى أَخِى فَتَغَدّيْنَا عِنْدَهُ وَاَللّهِ غَدَاءٌ طَيّبًا مُبَارَكًا. عَمِدَتْ سَلْمَى خَادِمَتُهُ إلَى شَعِيرٍ فَطَحَنَتْهُ ثُمّ نَسَفَتْهُ ثُمّ أَنْضَجَتْهُ وَأَدْمَتْهُ بِزَيْتٍ وَجَعَلَتْ عَلَيْهِ فُلْفُلاً. فَتَغَدّيْت أَنَا وَأَخِى مَعَهُ فَأَقَمْنَا ثَلاثَةَ أَيّامٍ فِى بَيْتِهِ نَدُورُ مَعَهُ كُلّمَا صَارَ فِى إحْدَى بُيُوتِ نِسَائِهِ ثُمّ رَجَعْنَا إلَى بَيْتِنَا......

حَدّثَنِى عُمَرُ بْنُ أَبِى عَاتِكَةَ، عَنْ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِىَ اللّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: لَمّا قَدِمَ نَعْىُ جَعْفَرٍ عَرَفْنَا فِى رَسُولِ اللّهِ ÷ الْحُزْنَ، قَالَتْ: قَدِيمًا مَا ضَرّ النّاسَ التّكَلّفُ. فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ إنّ النّسَاءَ قَدْ عَنَيْنَنَا بِمَا يَبْكِينَ. قَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: “فَارْجِعْ إلَيْهِنّ فَأَسْكِتْهُنّ فَإِنْ أَبَيْنَ فَاحْثُ فِى أَفْوَاهِهِنّ التّرَابَ”، فَقُلْت فِى نَفْسِى: أَبْعَدَك اللّهُ مَا تَرَكْت نَفْسَك، وَمَا أَنْتَ بِمُطِيعِ رَسُولِ اللّهِ ÷.

وهذا المشهد عن عطف محمد على بني جعفر وحزنه عليه نقله لنا ابن إسحاق كذلك في السيرة مطابقًا للواقدي، ورواه أحمد بن حنبل في المسند برقم 1751 مختصرًا:

1751 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: لَمَّا جَاءَ نَعْيُ جَعْفَرٍ حِينَ قُتِلَ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اصْنَعُوا لِآلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا، فَقَدْ أَتَاهُمْ أمْرٌ يَشْغَلُهُمْ - أَوْ أتَاهُمْ مَا يَشْغَلُهُمْ "

إسناده حسن، في إسناده خالد والد جعفر- وهو ابن سارة- روى عنه اثْنان، وذكره ابن حبان في"الثقات" وحسن له الترمذي حديثه هذا، وصححه الحاكم، وأخرجه الشافعي 1/216، وعبد الرزاق (6665) ، والحميدي (537) ، وأبو داود (3132) ، وابن ماجه (1610) ، والترمذي (998) ، وأبو يعلى (6801) ، والحاكم 1/372، والبيهقي 4/61، والبغوي (1552) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. قال الترمذي: حسن صحيح، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.

وأخرجه أحمد بن حنبل مطولًا ذاكرًا كيفية حزنه وعطفه على بني جعفر بإسناد ضعيف إلى محمد بن إسحاق برقم 27086 ، وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" 24/ (380) ، والمِزِّي في "تهذيب الكمال" (في ترجمة أمِّ عون بنت محمد بن جعفر بن أبي طالب) وأخرجه ابن ماجه (1611) ، والطبراني 24/ (381) - ويونُس بن بُكير - فيما أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 4/370- عنه، وأخرجه عبد الرزاق (6666)

وروى ابن أبي شيبة:

38129- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ مَهْدِيِّ بْنِ مَيْمُونٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ ، قَالَ : لَمَّا جَاءَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَبَرُ قَتْلِ زَيْدٍ ، وَجَعْفَرٍ ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ رَوَاحَةَ نَعَاهُمْ إِلَى النَّاسِ ، وَتَرَكَ أَسْمَاءَ حَتَّى أَفَاضَتْ مِنْ عَبْرَتِهَا : ثُمَّ أَتَاهَا فَعَزَّاهَا ، وَقَالَ : ادْعِي لِي بَنِي أَخِي ، قَالَ : فَجَاءَتْ بِثَلاَثَةِ بَنِينَ ، كَأَنَّهُمْ أَفْرُخٌ ، قَالَتْ : فَدَعَا الْحَلاَقَ فَحَلَقَ رُؤُوسَهُمْ ، فَقَالَ : أَمَّا مُحَمَّدٌ فَشَبِيهُ عَمِّنَا أَبِي طَالِبٍ ، وَأَمَّا عَوْنُ اللهِ فَشَبِيهُ خَلْقِي وَخُلُقِي ، وَأَمَّا عَبْدُ اللهِ فَأَخَذَ بِيَدِهِ فَشَالَهَا ، ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ بَارِكْ لِعَبْدِ اللهِ فِي صَفْقَةِ يَمِينِهِ ، قَالَ : فَجَعَلَتْ أُمُّهُمْ تُفْرِحُ لَهُ ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : أَتَخْشَيْنَ عَلَيْهِمَ الضَّيْعَةَ وَأَنَا وَلِيُّهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ؟.

38123- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ زَكَرِيَّا ، عَنِ الشَّعْبِيِّ زَعَمَ ؛ أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قُتِلَ يَوْمَ مُؤْتَةَ بِالْبَلْقَاءِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : اللَّهُمَّ اُخْلُفْ جَعْفَرًا فِي أَهْلِهِ بِأَفْضَلَ مَا خَلَفْت عَبْدًا مِنْ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ.

أما قصة الرجل الذي اشتكى من نياحة النساء فرواها البخاري والمسلم، واللفظ لمسلم:

[ 935 ] وحدثنا بن المثنى وابن أبي عمر قال بن المثنى حدثنا عبد الوهاب قال سمعت يحيى بن سعيد يقول أخبرتني عمرة أنها سمعت عائشة تقول لما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرف فيه الحزن قالت وأنا أنظر من صائر الباب شق الباب فأتاه رجل فقال يا رسول الله إن نساء جعفر وذكر بكاءهن فأمره أن يذهب فينهاهن فذهب فأتاه فذكر أنهن لم يطعنه فأمره الثانية أن يذهب فينهاهن فذهب ثم أتاه فقال والله لقد غلبننا يا رسول الله قالت فزعمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اذهب فاحث في أفواههن من التراب قالت عائشة فقلت أرغم الله أنفك والله ما تفعل ما أمرك رسول الله صلى الله عليه وسلم وما تركت رسول الله صلى الله عليه وسلم من العناء

وأخرجه البخاري (1299) و (1305) و (4263) ، ومسلم (935) ، وأبو داود (3122) ، والنسائي في "المجتبى" 4/14-15، وفي "الكبرى" (1974) ، وابن حبان (3147) ، والبيهقي في "السنن" 4/59 من طرق عن يحيى بن سعيد، به. ورواها أحمد بن حنبل عن ابن إسحاق برقم 26363 وأخرجه ابن سعد 4/40، وابن أبي شيبة 3/392، وابن راهويه (969) ، والحاكم 3/209 من طرق عن محمد بن إسحاق، وأخرجه أحمد من طريق آخر غير ابن إسحاق برقم 24313

المثير للاستهجان أنه حتى بعد وفاة ناس من أحبائه بسبب تحريضاته الشريرة العدوانية يستمر في توزيع العزاآت والمواساة الوهمية! أعني قصة تعويض الله الخرافي لجعفر بجناحين بدل طرفيه المبتورين في المعركة ودخوله الجنة الوهمية ليطير كالفراشة أو جنية الأسنان! أين الضمير الإنساني واحترام عقول البشر عند هذا الرجل، لكن اللوم ليس عليه بل على عقول السذج التي تقبل بقصص أطفال وتأخذها على محمل الجد وموضع التنفيذ والاعتماد.

وقصة خرافة الجناحين التي اخترعها محمد تلك مذكورة في ابن هشام والواقدي وفي بعض كتب الحديث ومنها البخاري 4264 و3709 ومصنف ابن أبي شيبة 19711 و32864 و38130 المستدرك للحاكم 4348 و4937 والمعجم الكبير للطبراني 378 و1467 و1468 و1473 و12112 ومسند أبي يعلى 6464 ولو أن معظم الأسانيد هنا ما عدا البخاري يضعفها علماؤهم، وهي مشهورة في كتب تراجم الصحابة كالإصابة والاستيعاب وأسد الغابة

روى البخاري:

3709 - حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَانَ إِذَا سَلَّمَ عَلَى ابْنِ جَعْفَرٍ قَالَ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ ذِي الْجَنَاحَيْنِ

وروى ابن أبي شيبة:

19711- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ ، عَنْ قُطْبَةَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ ، قَالَ : أُرِيهِمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي النَّوْمِ , فَرَأَى جَعْفَرًا مَلَكًا ذَا جَنَاحَيْنِ , مُضَرَّجًا بِالدِّمَاءِ , وَزَيْدًا مُقَابِلُهُ عَلَى السَّرِيرِ ، وَابْنَ رَوَاحَةَ جَالِسٌ مَعَهُمْ , كَأَنَّهُمَا مُعْرِضَانِ عَنْهُ.

ومصادرنا تقول أنه رغم انهزامهم قاموا ببعض السرقات والنهب وزعموا أنهم قاموا بسبي (خطف واستعباد) بعض النساء العربيات من الشام، يقول ابن هشام:

قال ابن إسحاق:
وقد كان قُطبْةُ بن قَتادة العُذْرِيُّ الذي كان على مَيمنة المسلمين، قد حمل على مالك بن زافلة فقتله، فقال قُطبة بن قَتادة:
طعنت ابنَ زافلة، بن الإِرا ... شِ برُمْحٍ مضى فيه ثم انحَطَمْ
ضربتُ على جِيدِه ضَرْبةً ... فمالَ كما مالَ غُصْنُ السّلَمْ
وسُقنا نساءَ بني عمِّه ... غداةَ رَقُوقَيْن سَوْقَ النَّعَمْ

ويقول الواقدي:

حَدّثَنِى سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: أَنَا أَطّلِعُ مِنْ صَيْرِ الْبَاب فَأَسْمَعُ هَذَا. حَدّثَنِى عَبْدُ اللّهِ بْنُ مُحَمّدٍ، عَنْ ابْنِ عَقِيلٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ، قَالَ: أُصِيبَ بِهَا نَاسٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَغَنِمَ الْمُسْلِمُونَ بَعْضَ أَمْتِعَةِ الْمُشْرِكِينَ فَكَانَ مِمّا غَنِمُوا خَاتَمًا جَاءَ بِهِ رَجُلٌ إلَى رَسُولِ اللّهِ ÷ فَقَالَ: قَتَلْت صَاحِبَهُ يَوْمئِذٍ فَنَفّلَهُ رَسُولُ اللّهِ ÷ إيّاهُ.

حَدّثَنِى بُكَيْر بْنُ مِسْمَارٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيّةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَضَرْت مُؤْتَةَ، فَبَارَزْت رَجُلاً يَوْمئِذٍ فَأَصَبْته، وَعَلَيْهِ يَوْمئِذٍ بَيْضَةٌ لَهُ فِيهَا يَاقُوتَةٌ فَلَمْ يَكُنْ هَمّى إلاّ الْيَاقُوتَةُ فَأَخَذْتهَا، فَلَمّا انْكَشَفْنَا وَانْهَزَمْنَا رَجَعْت بِهَا الْمَدِينَةَ، فَأَتَيْت بِهَا رَسُولَ اللّهِ ÷ فَنَفّلَنِيهَا فَبِعْتهَا زَمَنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطّابِ رَضِىَ اللّهُ عَنْهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ، فَاشْتَرَيْت بِهَا حَدِيقَةَ نَخْلٍ بِبَنِى خَطْمَةَ.

وروى الطبراني في المعجم الأوسط:

420 - حدثنا أحمد بن خليد قال حدثنا إسماعيل بن عبد الله بن زرارة الرقي قال حدثنا شريك عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله قال: بارز عقيل بن أبي طالب رجلًا يوم مؤتة فقتله فنفله رسول الله خاتمه وسلبه لم يرو هذا الحديث عن بن عقيل إلا شريك تفرد به إسماعيل بن عبد الله بن زرارة

وها هو بطل مغوار من فرسان الروم البيزنطيين ولعله من قادة الجيش وما قدمه شهيدًا في سبيل الدفاع عن كرامة بشر من إخوته في الإنسانية ومن أبناء ملته المسيحيين من العرب، لكي يمنع عنهم غزاة جزيرة العرب أن يسرقوهم أو يؤذوهم أو يسبوا نساءهم، وبعد قتله بالغدر من ظهره سارعوا إلى نهب دروعه وملابسه وسلاحه، يقول الواقدي:

وَقَالَ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ الأَشْجَعِىّ: لَقِينَاهُمْ فِى جَمَاعَةٍ مِنْ قُضَاعَةَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ نَصَارَى الْعَرَبِ، فَصَافّونَا فَجَعَلَ رَجُلٌ مِنْ الرّومِ يَسُلّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَيُغْرِى بِهِمْ عَلَى فَرَسٍ أَشْقَرَ عَلَيْهِ سِلاحٌ مُذَهّبٌ وَلِجَامٌ مُذَهّبٌ فَجَعَلْت أَقُولُ فِى نَفْسِى: مِنْ هَذَا؟ وَقَدْ رَافَقَنِى رَجُلٌ مِنْ أَمْدَادِ حِمْيَرَ، فَكَانَ مَعَنَا فِى مَسِيرِنَا ذَلِكَ لَيْسَ مَعَهُ سَيْفٌ إذْ نَحَرَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ جَزُورًا فَسَأَلَهُ الْمَدَدِىّ طَائِفَةً مِنْ جِلْدِهِ وَهَبَهُ لَهُ فَبَسَطَهُ فِى الشّمْسِ وَأَوْتَدَ عَلَى أَطْرَافِهِ أَوْتَادًا، فَلَمّا جَفّ اتّخَذَ مِنْهُ مَقْبِضًا وَجَعَلَهُ دَرَقَةً. فَلَمّا رَأَى ذَلِكَ الْمَدَدِىّ مَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الرّومِىّ بِالْمُسْلِمِينَ كَمَنْ لَهُ خَلْفَ صَخْرَةٍ فَلَمّا مَرّ بِهِ خَرَجَ عَلَيْهِ فَعَرْقَبَ فَرَسُهُ فَقَعَدَ الْفَرَسُ عَلَى رِجْلَيْهِ وَخَرّ عَنْهُ الْعِلْجُ وَشَدّ عَلَيْهِ فَعَلاهُ بِسَيْفِهِ فَقَتَلَهُ.

ووردت القصة في مسند أحمد:

23987 - حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ قَالَ: حَدَّثَنَا صَفْوَانُ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ جُبَيْرٍ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ قَالَ: غَزَوْنَا غَزْوَةً إِلَى طَرَفِ الشَّامِ، فَأُمِّرَ عَلَيْنَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، قَالَ: فَانْضَمَّ إِلَيْنَا رَجُلٌ مِنْ أَمْدَادِ حِمْيَرَ، فَأَوَى إِلَى رَحْلِنَا لَيْسَ مَعَهُ شَيْءٌ إِلَّا سَيْفٌ، لَيْسَ مَعَهُ سِلَاحٌ غَيْرَهُ، فَنَحَرَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ جَزُورًا، فَلَمْ يَزَلْ يَحْتَالُ حَتَّى أَخَذَ مِنْ جِلْدِهِ كَهَيْئَةِ الْمِجَنِّ حَتَّى بَسَطَهُ عَلَى الْأَرْضِ، ثُمَّ وَقَدَ عَلَيْهِ، حَتَّى جَفَّ، فَجَعَلَ لَهُ مُمْسِكًا كَهَيْئَةِ التُّرْسِ، فَقُضِيَ أَنْ لَقِينَا عَدُوَّنَا فِيهِمْ أَخْلَاطٌ مِنَ الرُّومِ وَالْعَرَبِ مِنْ قُضَاعَةَ، فَقَاتَلُونَا قِتَالًا شَدِيدًا، وَفِي الْقَوْمِ رَجُلٌ مِنَ الرُّومِ عَلَى فَرَسٍ لَهُ أَشْقَرَ وَسَرْجٍ مُذَهَّبٍ، وَمِنْطَقَةٍ مُلَطَّخَةٍ ذَهَبًا، وَسَيْفٌ مِثْلُ ذَلِكَ، فَجَعَلَ يَحْمِلُ عَلَى الْقَوْمِ، وَيُغْرِي بِهِمْ، فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ الْمَدَدِيُّ يَحْتَالُ لِذَلِكَ الرُّومِيِّ حَتَّى مَرَّ بِهِ فَاسْتَقْفَاهُ، فَضَرَبَ عُرْقُوبَ فَرَسِهِ بِالسَّيْفِ فَوَقَعَ، ثُمَّ أَتْبَعَهُ ضَرْبًا بِالسَّيْفِ حَتَّى قَتَلَهُ، فَلَمَّا فَتَحَ اللهُ الْفَتْحَ، أَقْبَلَ يَسْأَلُ لِلسَّلَبِ، وَقَدْ شَهِدَ لَهُ النَّاسُ بِأَنَّهُ قَاتِلُهُ، فَأَعْطَاهُ خَالِدٌ بَعْضَ سَلَبِهِ، وَأَمْسَكَ سَائِرَهُ، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى رَحْلِ عَوْفٍ ذَكَرَهُ، فَقَالَ لَهُ عَوْفٌ: ارْجِعْ إِلَيْهِ فَلْيُعْطِكَ مَا بَقِيَ، فَرَجَعَ إِلَيْهِ، فَأَبَى عَلَيْهِ، فَمَشَى عَوْفٌ حَتَّى أَتَى خَالِدًا، فَقَالَ: أَمَا تَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالسَّلَبِ لِلْقَاتِلِ ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَمَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَدْفَعَ إِلَيْهِ سَلَبَ قَتِيلِهِ ؟ قَالَ خَالِدٌ: اسْتَكْثَرْتُهُ لَهُ، قَالَ عَوْفٌ: لَئِنْ رَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَأَذْكُرَنَّ ذَلِكَ لَهُ، فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ بَعَثَهُ عَوْفٌ، فَاسْتَعْدَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَعَا خَالِدًا وَعَوْفٌ قَاعِدٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا يَمْنَعُكَ يَا خَالِدُ أَنْ تَدْفَعَ إِلَى هَذَا سَلَبَ قَتِيلِهِ ؟ " قَالَ: اسْتَكْثَرْتُهُ لَهُ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: " ادْفَعْهُ إِلَيْهِ " . قَالَ: فَمَرَّ بِعَوْفٍ، فَجَرَّ عَوْفٌ بِرِدَائِهِ، فَقَالَ: أَنْجَزْتُ لَكَ مَا ذَكَرْتُ لَكَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَمِعَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتُغْضِبَ، فَقَالَ: " لَا تُعْطِهِ يَا خَالِدُ، هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُو أُمَرَائِي ؟ إِنَّمَا مَثَلُكُمْ وَمَثَلُهُمْ كَمَثَلِ رَجُلٍ اشْتَرَى إِبِلًا، وَغَنَمًا فَرَعَاهَا، ثُمَّ تَحَيَّنَ سَقْيَهَا فَأَوْرَدَهَا حَوْضًا، فَشَرَعَتْ فِيهِ، فَشَرِبَتْ صَفْوَةَ الْمَاءِ، وَتَرَكَتْ كَدَرَهُ، فَصَفْوُهُ أَمْرُهُمْ لَكُمْ وَكَدَرُهُ عَلَيْهِمْ "

إسناه صحيح على شرط مسلم. ورواه أحمد كذلك برقم 23997

وفي صحيح مسلم:

[ 1753 ] وحدثني أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن سرح أخبرنا عبد الله بن وهب أخبرني معاوية بن صالح عن عبد الرحمن بن جبير عن أبيه عن عوف بن مالك قال قتل رجل من حمير رجلا من العدو فأراد سلبه فمنعه خالد بن الوليد وكان واليا عليهم فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم عوف بن مالك فأخبره فقال لخالد ما منعك أن تعطيه سلبه قال استكثرته يا رسول الله قال ادفعه إليه فمر خالد بعوف فجر بردائه ثم قال هل أنجزت لك ما ذكرت لك من رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستغضب فقال لا تعطه يا خالد لا تعطه يا خالد هل أنتم تاركون لي أمرائي إنما مثلكم ومثلهم كمثل رجل استرعي إبلا أو غنما فرعاها ثم تحين سقيها فأوردها حوضا فشرعت فيه فشربت صفوه وتركت كدره فصفوه لكم وكدره عليهم

[ 1753 ] وحدثني زهير بن حرب حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا صفوان بن عمرو عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن عوف بن مالك الأشجعي قال خرجت مع من خرج مع زيد بن حارثة في غزوة مؤتة ورافقني مددي من اليمن وساق الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه غير أنه قال في الحديث قال عوف فقلت يا خالد أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالسلب للقاتل قال بلى ولكني استكثرته

وروى الطبراني في المعجم الكبير:

84 - ثنا أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة ثنا أبو المغيرة ثنا صفوان ( ح ) وحدثنا أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة الحوطي ثنا أبي ثنا إسماعيل بن عياش عن صفوان بن عمرو عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن عوف بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه و سلم لم يخمس السلب وأن مدديا كان رقيقا له في غزوة مؤتة في طرف الشام فلقوا العدو فجعل الرومي منهم يشتد على المسلمين وهو على فرس أشقر وسرج مذهب ومنطقة منطحة بذهب وسيف معلى من ذهب فيغزي بهم فيلطف له ذلك المددي حتى مر به فعرقب فرسه فوقع كم علاه بالسيف فقتله فلما هزم الله الروم قامت البينة للمددي أنه قتله فأعطاه خالد سيفه وخمس ماله قال عوف : فكلمت خالد بن الوليد فقلت أما تعلم أن رسول الله صلى الله عليه و سلم فضى بالسلب للقاتل ؟ قال بلى ولكني استكثرته قال عوف : وكأن بيني وبينه كلام فقلات والله لأخبرن رسول الله صلى الله عليه و سلم خبرك قال عوف : فلما اجتمعنا عند النبي صلى الله عليه و سلم ذكر عوف ما كان منه فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( ما منعك أن تدفع إليه ؟ ) فقال خالد : استكثرته قال : ( ادفعه إليه ) قال عوف : فقلت كيف رأيت يا خالد أم أنجز لك ما وعدتك ؟ فغضب رسول الله صلى الله عليه و سلم وقال لخالد : ( لا تعطه ) وقال : ( ما أنتم بتاركي لي امرائي )

ورواه الطبراني برقم 89 بلفظ مقارب للفظ صحيح مسلم، وأخرجه البزار في "مسنده" (2746)، والطبراني في "مسند الشاميين" (949) ، وأبو الشيخ في "طبقات المحدثين بأصبهان" (223) ، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" 1/336-337 من طريق أبي المغيرة، بهذا الإسناد - وهو عند بعضهم مختصر.

غزوة مؤتة لها ذكر في البخاري 4260 و4261 و4265 و4266 ومسلم 1753 و1754 وأحمد 2317 و23987 و23997 وغيرها.




  رد مع اقتباس
قديم 04-22-2015, 01:34 AM لؤي عشري غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [28]
لؤي عشري
باحث ومشرف عام
الصورة الرمزية لؤي عشري
 

لؤي عشري is on a distinguished road
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى لؤي عشري
افتراضي

غَزْوَة عَمْرِو بْنُ الْعَاصِ إلَى ذَاتِ السّلاسِلِ فِى جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ

يقول ابن إسحاق في السيرة النبوية:

وغزوة عمرو بن العاص ذات السلاسل من أرض بني عُذْرَة. وكان من حديثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه يستنفر العرب إلى الشام، وذلك أن أمَّ العاص بن وائل كانت امرأة من بَلى، فبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم يستألفهم لذلك، حتى إذا كان على ماء بأرض جُذام يقال له السَّلسل، وبذلك سُميت تلك؟ الغزوة غزوة ذات السلاسل، فلما كان عليه خاف فبعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستمده، فبعث إليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة بن الجراح في المهاجرين الأوَّلين، فيهم أبو بكر وعمر...إلخ

ما نفهمه من هذا أن محمدًا كان يريد ضم العرب الذين على أطراف الشام ليتعاونوا معه على احتلال الشام وأخذها من يد الاحتلال الرومي ليحلوا مكانه وينهبوا ثرواته، يعني حرب عدوانية ككل غاراته الأخرى على أطراف الشام كدومة الجندل وذات أطلاح ومدين (المقنا أو ميناء) ومؤتة.

لكن الواقدي يروي لنا رواية أخرى تبريرية بسيناريو متكرر كثيرًا عنده وعند ابن إسحاق:

قَالُوا: بَلَغَ رَسُولَ اللّهِ ÷ أَنّ جَمْعًا مِنْ بَلِىّ وَقُضَاعَةَ قَدْ تَجَمّعُوا يُرِيدُونَ أَنْ يَدْنُوَا إلَى أَطْرَافِ رَسُولِ اللّهِ ÷ فَدَعَا رَسُولُ اللّهِ ÷ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ فَعَقَدَ لَهُ لِوَاءً أَبْيَضَ وَجَعَلَ مَعَهُ رَايَةً سَوْدَاءَ وَبَعَثَهُ فِى سَرَاةِ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ - فِى ثَلاثِمِائَةِ - عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَصُهَيْبُ ابْنُ سِنَانٍ، وَأَبُو الأَعْوَرِ سَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِى وَقّاصٍ. وَمِنْ الأَنْصَارِ: أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ وَعَبّادُ بْنُ بِشْرٍ وَسَلَمَةُ بْنُ سَلامَةَ، وَسَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ. وَأَمَرَهُ أَنْ يَسْتَعِينَ بِمِنْ مَرّ بِهِ مِنْ الْعَرَبِ، وَهِىَ بِلادُ بَلِىّ وَعُذْرَةَ وَبَلْقَيْن، وَذَلِكَ أَنّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ كَانَ ذَا رَحِمٍ بِهِمْ. كَانَتْ أُمّ الْعَاصِ بْنُ وَائِلٍ بَلَوِيّةً فَأَرَادَ رَسُولُ اللّهِ ÷ يَتَأَلّفُهُمْ بِعَمْرٍو. فَسَارَ وَكَانَ يَكْمُنُ النّهَارَ وَيَسِيرُ اللّيْلَ وَكَانَتْ مَعَهُ ثَلاثُونَ فَرَسًا، فَلَمّا دَنَا مِنْ الْقَوْمِ بَلَغَهُ أَنّ لَهُمْ جَمْعًا كَثِيرًا، فَنَزَلَ قَرِيبًا مِنْهُمْ عِشَاءً وَهُمْ شَاتُونَ فَجَمَعَ أَصْحَابُهُ الْحَطْبَ يُرِيدُونَ أَنْ يَصْطَلُوا - وَهِىَ أَرْضٌ بَارِدَةٌ - فَمَنَعَهُمْ فَشَقّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ حَتّى كَلّمَهُ فِى ذَلِكَ بَعْضُ الْمُهَاجِرِينَ فَغَالَظَهُ فَقَالَ عَمْرٌو: أُمِرْت أَنْ تَسْمَعَ لِى وَتُطِيعَ قَالَ فَافْعَلْ وَبَعَثَ رَافِعُ بْنُ مَكِيثٍ الْجُهَنِىّ إلَى رَسُولِ اللّهِ ÷ يُخْبِرُهُ أَنّ لَهُمْ جَمْعًا كَثِيرًا وَيَسْتَمِدّهُ بِالرّجَالِ فَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرّاحِ وَعَقَدَ لَهُ لِوَاءً وَبَعَثَ مَعَهُ سَرَاةَ الْمُهَاجِرِينَ - أَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِىَ اللّهُ عَنْهُمَا - وَالأَنْصَارَ، وَأَمَرَهُ رَسُولُ اللّهِ ÷ أَنْ يَلْحَقَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ. فَخَرَجَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِى مِائَتَيْنِ وَأَمَرَهُ أَنْ يَكُونَا جَمِيعًا وَلا يَخْتَلِفَا.

لو صح هذا فمحمد هو السبب في هذا بأفعاله، فلو صح أن كل هذه العداوات والتحركات نشأت منذ أن سيطر على حكم يثرب، فهذا نتاج سياسة خارجية سيئة وعداونية، وهو الذي شرع في العدوان على القبائل المسيحية في أطراف الشام كدومة الجندل التي نلاحظ من إلقائنا نظرة على خريطة توزع القبائل العربية في (أطلس السيرة النبوية_للدكتور شوقي خليل_ص37_دار الفكر_دمشق) أنها قريبة جدًا لمكان سكن قبيلة قضاعة، وذات أطلاح التي هجمت فيها سرية أصحاب محمد على قضاعة نفسها، وباعتبار أن الهجوم خير وسيلة للدفاع كإستيراتيجية فلا يمكننا لومهم لو تحركوا لرد ودفع العدوان عليهم.

أيضًا نلاحظ أن المسلمين عرب شبه الجزيرة كانوا يتحرقون للخروج من صحرائهم إلى جنات الشام حتى قبل اكتمال قوتهم وسيطرتهم على كامل قوة شبه جزيرتهم، لذلك كانوا يمنون بخسائر في تلك الغزوات المبكرة على الشام ونرى هنا أن عمرو بن العاص يجد الأمر خطيرًا وعدد القوة المضادة له كبيرًا بفارق عددي خطير وجوهري لدرجة منعه جيشه من إشعال النيران للطبخ والتدفئة لكي لا يعلم عرب الشام بمكانهم. قوة الجيش كله بعد الدعم الوارد هي خمسئة، وهذا عدد لقوات تصلح لغارة أو مغارة سريعة مفاجئة فقط، وليس مواجهة عسكرية معقولة مع قوات عرب الشام المسيحيين والروم البيزنطيين.

روى الحاكم النيسابوي في المستدرك على الصحيحين:

4357 - حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا أحمد بن عبد الجبار ثنا يونس بن بكير عن ابن إسحاق عن المنذر بن ثعلبة عن عبد الله بن بريدة عن أبيه رضي الله عنهما قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص في غزوة ذات السلاسل وفيهم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما فلما انتهوا إلى مكان الحرب أمرهم عمرو أن لا ينوروا نارا فغضب عمر وهم أن ينال منه فنهاه أبو بكر رضي الله عنه وأخبره أنه لم يستعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم عليك إلا لعلمه بالحرب فهدأ عنه عمر رضي الله عنه
هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. صحيح

وحسب الواقدي لم يكن هناك سوى مناوشات بين الفريقين، ويقول أن عمرو بن العاص فرق جموعهم أينما تجمعت:

فَآبَ إلَى عَمْرٍو جَمَعَ - فَصَارُوا خَمْسَمِائَةِ - فَسَارَ اللّيْلُ وَالنّهَارُ حَتّى وَطِئَ بِلادَ بَلِىّ وَدَوّخَهَا، وَكُلّمَا انْتَهَى إلَى مَوْضِعٍ بَلَغَهُ أَنّهُ كَانَ بِهَذَا الْمَوْضِعِ جَمَعَ فَلَمّا سَمِعُوا بِهِ تَفَرّقُوا، حَتّى انْتَهَى إلَى أَقْصَى بِلادِ بَلِىّ وَعُذْرَةَ وَبَلْقَيْن، وَلَقِىَ فِى آخِرِ ذَلِكَ جَمْعًا لَيْسَ بِالْكَثِيرِ فَقَاتَلُوا سَاعَةً وَتَرَامَوْا بِالنّبْلِ وَرُمِىَ يَوْمئِذٍ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ بِسَهْمٍ فَأُصِيبَ ذِرَاعُهُ. وَحَمَلَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِمْ فَهَرَبُوا، وَأَعْجَزُوا هَرَبًا فِى الْبِلادِ وَتَفَرّقُوا، وَدَوّخَ عَمْرٌو مَا هُنَاكَ وَأَقَامَ أَيّامًا لا يَسْمَعُ لَهُمْ بِجَمْعٍ وَلا بِمَكَانٍ صَارُوا فِيهِ وَكَانَ يَبْعَثُ أَصْحَابَ الْخَيْلِ فَيَأْتُونَ بِالشّاءِ وَالنّعَمِ وَكَانُوا يَنْحَرُونَ وَيَذْبَحُونَ لَمْ يَكُنْ فِى ذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَمْ تَكُنْ غَنَائِمُ تُقْسَمُ إلاّ مَا ذُكِرَ لَهُ.

ونلاحظ مجددًا أن الجيش الإسلامي كان يحوي الكثير من الخلعاء وقطاع الطرق المحترفين الذين انضموا له ليمارسوا عملًا مزدهرًا لهم، يقول ابن إسحاق:

قال: وكان من الحديث في هذه الغزاة، أن رافع بن أبي رافع الطائى، وهو رافع بن عُمَيرة، كان يحدث فيما بلغنى عن نفسه، قال: كنت امرأً نصرانياً، وسُميت سرجس، فكنت أدَلَّ الناس وأهداهم بهذا الرَّمل، كنت أدفن الماءَ في بيض النعام بنواحي الرمل في الجاهلية، ثم أغير على إبل الناس، فإذا أدخلتها الرملَ غَلبتُ عليها، فلم يستطع أحد أن يطلبني فيه، حتى أمرَّ بذلك الماء الذي خبأت في بيض النعام فأستخرجه، فأشرب منه فلما أسلمتُ خرجتُ في تلك الغزوة التي بَعث فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو ابن العاص إلى ذات السلاسل....إلخ

ونفس القصة ذكرها الواقدي:

وَكَانَ رَافِعُ بْنُ أَبِى رَافِعٍ الطّائِىّ يَقُولُ كُنْت فِيمَنْ نَفَرَ مَعَ أَبِى عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرّاحِ وَكُنْت رَجُلاً أُغِيرُ فِى الْجَاهِلِيّةِ عَلَى أَمْوَالِ النّاسِ فَكُنْت أَجْمَعُ الْمَاءَ فِى الْبَيْضِ - بَيْضِ النّعَامِ - فَأَجْعَلُهُ فِى أَمَاكِنَ أَعْرِفُهَا، فَإِذَا مَرَرْت بِهَا وَقَدْ ظَمِئْت اسْتَخْرَجْتهَا فَشَرِبْت مِنْهَا. فَلَمّا نَفَرْت فِى ذَلِكَ الْبَعْثِ....إلخ

وجاء في الإصابة في تمييز الصحابة:

رافع بن عمرو بن جابر بن حارثة بن عمرو بن مخضب أبو الحسن الطائي السنبسي ويقال بن عميرة وقد ينسب لجده وقيل هو رافع بن أبي رافع قال مسلم وأبو أحمد الحاكم له صحبة روى الطبراني من طريق الأعمش عن سليمان بن ميسرة عن طارق بن شهاب عن رافع بن أبي رافع الطائي قال لما كانت غزوة ذات السلاسل استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص على جيش فيهم أبو بكر فذكر الحديث بطوله وأخرجه بن خزيمة من طريق طلحة بن مصرف عن سليمان عن طارق عن رافع الطائي قال وكان رافع لصا في الجاهلية وكان يعمد إلى بيض النعام فيجعل الماء فيه فيخبؤه في المفاوز فلما اسلم كان دليل المسلمين

ومما قال عنه ابن سعد في الطبقات الكبير 6 / 67 - 68 :

كان يقال له : رافع الخير توفي في آخر خلافة عمر ، وقد غزا في ذات السلاسل ولم ير النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وهو كان دليل خالد بن الوليد حين توجه من العراق إلى الشام فسلك بهم المفازة .

أنعم وأكرم! فهؤلاء هم أصحاب محمد وأتباعه لنعرف قدرهم وأخلاقهم!

شواهد لغزوة ذات السلال:

روى البخاري:

بَاب غَزْوَةُ ذَاتِ السُّلَاسِلِ وَهِيَ غَزْوَةُ لَخْمٍ وَجُذَامَ قَالَهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ يَزِيدَ عَنْ عُرْوَةَ هِيَ بِلَادُ بَلِيٍّ وَعُذْرَةَ وَبَنِي الْقَيْنِ
4358 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السُّلَاسِلِ قَالَ فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ عَائِشَةُ قُلْتُ مِنْ الرِّجَالِ قَالَ أَبُوهَا قُلْتُ ثُمَّ مَنْ قَالَ عُمَرُ فَعَدَّ رِجَالًا فَسَكَتُّ مَخَافَةَ أَنْ يَجْعَلَنِي فِي آخِرِهِمْ
ورواه البخاري 3662 ومسلم 2384 وأحمد بن حنبل 17811

روى أحمد بن حنبل:

42 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ : وَأَخْبَرَنِي يَزِيدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ ذِي عَصْوَانَ الْعَنْسِيُّ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّخْمِيِّ عَنْ رَافِعٍ الطَّائِيِّ رَفِيقِ أَبِي بَكْرٍ فِي غَزْوَةِ السُّلاسِلِ، قَالَ : وَسَأَلْتُهُ عَمَّا قِيلَ مِنْ بَيْعَتِهِمْ ، فَقَالَ - وَهُوَ يُحَدِّثُهُ عَمَّا تَكَلَّمَتْ بِهِ الْأَنْصَارُ وَمَا كَلَّمَهُمْ بِهِ، وَ وَمَا كَلَّمَ بِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ الْأَنْصَارَ ، وَمَا ذَكَّرَهُمْ بِهِ مِنْ إِمَامَتِي إِيَّاهُمْ بِأَمْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ - : فَبَايَعُونِي لِذَلِكَ، وَقَبِلْتُهَا مِنْهُمْ، وَتَخَوَّفْتُ أَنْ تَكُونَ فِتْنَةٌ ، وتَكُونُ بَعْدَهَا رِدَّةٌ.

إسناده جيد وتفرد به الإمام أحمد

1698 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَيْشَ ذَاتِ السَّلاسِلِ، فَاسْتَعْمَلَ أَبَا عُبَيْدَةَ عَلَى الْمُهَاجِرِينَ، وَاسْتَعْمَلَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ عَلَى لْأَعْرَابِ، فَقَالَ لَهُمَا: تَطَاوَعَا، قَالَ: وَكَانُوا يُؤْمَرُونَ أَنْ يُغِيرُوا عَلَى بَكْرٍ، فَانْطَلَقَ عَمْرٌو، فَأَغَارَ عَلَى قُضَاعَةَ لِأَنَّ بَكْرًا أَخْوَالُهُ . فَانْطَلَقَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعْمَلَكَ عَلَيْنَا، وَإِنَّ ابْنَ فُلانٍ قَدِ ارْتَبَعَ أَمْرَ الْقَوْمِ، وَلَيْسَ لَكَ مَعَهُ أَمْرٌ، فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: " إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَمَرَنَا أَنْ نَتَطَاوَعَ "، فَأَنَا أُطِيعُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنْ عَصَاهُ عَمْرٌو.

رجاله ثقات رجال الصحيح، إلا أنه مرسل، عامر- وهو ابن شراحيل الشعبي- لم يدرك القصة فحكاها مرسلة. داود: هو ابن أبي هند. وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 6/206 وقال: رواه أحمد، وهو مرسل، ورجاله رجال الصحيح.
وارتبع أمر القوم: أي انتظر أن يؤَمر عليهم.

15952 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ أَبِي النَّجُودِ (2) ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ حَسَّانَ الْبَكْرِيِّ، قَالَ: قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ، " فَإِذَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَبِلَالٌ قَائِمٌ بَيْنَ يَدَيْهِ مُتَقَلِّدٌ السَّيْفَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "، وَإِذَا رَايَاتٌ سُودٌ، وَسَأَلْتُ مَا هَذِهِ الرَّايَاتُ ؟ فَقَالُوا: عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ قَدِمَ مِنْ غَزَاةٍ.

إسناده ضعيف لانقَطاعه، عاصم بن أبي النجود لم يدرك الحارث بن حسان، بينهما أبو وائل شقيق بن سلمة، كما في الإسناد الآتي. ونبه على انقطاعه ابنُ عبد البر في "الاستيعاب" 2/231، والمِزِّي في "تهذيب الكمال" في ترجمة الحارث بن حسان وابن كثير في "السيرة النبوية" 4/165. وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3328) و (3329) من طريق الإمام أحمد.

3 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَّامٌ أَبُو الْمُنْذِرِ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ حَسَّانَ قَالَ: مَرَرْتُ بِعَجُوزٍ بِالرَّبَذَةِ مُنْقَطِعٌ بِهَا، مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، قَالَ: فَقَالَتْ: أَيْنَ تُرِيدُونَ ؟ قَالَ: فَقُلْتُ: نُرِيدُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: فَاحْمِلُونِي مَعَكُمْ فَإِنَّ لِي إِلَيْهِ حَاجَةً . قَالَ: فَدَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا هُوَ غَاصٌّ بِالنَّاسِ، وَإِذَا رَايَةٌ سَوْدَاءُ تَخْفِقُ ، فَقُلْتُ: مَا شَأْنُ النَّاسِ الْيَوْمَ ؟ قَالُوا: هَذَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُ أَنْ يَبْعَثَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَجْهًا....إلخ الحديث

إسناده حسن، وأخرجه ابنُ الأثير في "أسد الغابة" 1/386، 387 من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد. وسياقه أتم. وأخرجه مختصراً بذكر دخول مسجد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابنُ سعد في "الطبقات" 6/35، والنسائي في "الكبرى" (8607) ، ومطولاً الطبراني في "الكبير" (3325) من طريق عفان، به. وأخرجه مطولاً ومختصراً الترمذي (3273) ، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1667) ، والطبراني في "الكبير" (3325) و (3326)

وروى أبو داوود في سننه:

334 - حدثنا ابن المثنى أخبرنا وهب بن جرير أخبرنا أبي قال سمعت يحيى بن أيوب يحدث عن يزيد بن أبي حبيب عن عمران بن أبي أنس عن عبد الرحمن بن جبير [ المصري ] عن عمرو بن العاص قال: احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك فتيممت ثم صليت بأصحابي الصبح فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه و سلم فقال " يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب ؟ " فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال وقلت إني سمعت الله يقول { ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما } فضحك رسول الله صلى الله عليه و سلم ولم يقل شيئا
[ قال أبو داود عبد الرحمن بن جبير مصري مولى خارجة بن حذافة وليس هو ابن جبير بن نفير ] . صحيح

335 - حدثنا محمد بن سلمة [ المرادي ] أخبرنا ابن وهب عن ابن لهيعة وعمرو بن الحارث عن يزيد بن أبي حبيب عن عمران بن أبي أنس عن عبد الرحمن بن جبير عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص أن عمرو بن العاص كان على سرية وذكر الحديث نحوه قال فغسل مغابنه وتوضأ وضوءه للصلاة ثم صلى بهم فذكر نحوه ولم يذكر التيمم
قال أبو داود وروى هذه القصة عن الأوزاعي عن حسان بن عطية قال فيه " فتيمم " . صحيح

ورواه عبد الرزاق في "المصنف" (878) والحاكم في المستدرك 629 والدارقطني 1/178 وابن المنذر في "الأوسط" 2/27، وابن حبان (1315) ، والدارقطني 1/179، والبيهقي 1/226، والمزي في ترجمة عبد الرحمن بن جبير من "التهذيب" 17/32-33، وفي ترجمة أبي قيس 34/208، وابن حجر في "التغليق" 2/188-191، وأحمد بن حنبل 17812.

وروى الطبراني في المعجم الكبير عن اللص رافع الطائي:

4469 - حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا إبراهيم بن أبي معاوية حدثني أبي عن الأعمش عن سليمان بن ميسرة عن طارق بن شهاب عن رافع بن أبي رافع الطائي قال: لما كانت غزوة ذات السلاسل استعمل رسول الله صلى الله عليه و سلم عمرو بن العاص على جيش فيهم أبو بكر رضي الله عنه

وهناك شاهد في مسند أحمد عن قصة أخرى (الجزور) في ابن هشام والواقدي في رقم 23978 إسناده جيد. وأخرجه يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 2/338، ومن طريقه البيهقي في "دلائل النبوة" 4/405، و6/308، وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 3/283، وأخرجه الطبراني 18/ (131)












غَزْوَةُ الْخَبَطِ أو سيف البحر أَمِيرُهَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرّاحِ
فِى رَجَبٍ سَنَةَ ثَمَانٍ

روى الواقدي:

قَالَ الْوَاقِدِىّ: حَدّثَنِى دَاوُد بْنُ قَيْسٍ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمّدٍ الأَنْصَارِىّ مِنْ وَلَدِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمّاسٍ، وَخَارِجَةُ بْنُ الْحَارِثِ وَبَعْضُهُمْ قَدْ زَادَ فِى الْحَدِيثِ قَالُوا: بَعَثَ رَسُولُ اللّهِ ÷ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرّاحِ فِى سَرِيّةٍ فِيهَا الْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ، وَهُمْ ثَلاثُمِائَةِ رَجُلٍ إلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ إلَى حَىّ مِنْ جُهَيْنَةَ؛ فَأَصَابَهُمْ جَوْعٌ شَدِيدٌ فَأَمَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِالزّادِ فَجَمَعَ حَتّى إذَا كَانُوا لَيَقْتَسِمُونَ التّمْرَةَ فَقِيلَ لِجَابِرٍ: فَمَا يُغْنِى ثُلُثُ تَمْرَةٍ؟ قَالَ: لَقَدْ وَجَدُوا فَقْدَهَا. قَالَ: وَلَمْ تَكُنْ مَعَهُمْ حَمُولَةٌ إنّمَا كَانُوا عَلَى أَقْدَامِهِمْ وَأَبَاعِرَ يَحْمِلُونَ عَلَيْهَا زَادَهُمْ، فَأَكَلُوا الْخَبَطَ وَهُوَ يَوْمئِذٍ ذُو مَشْرَةٍ حَتّى إنّ شِدْقَ أَحَدِهِمْ بِمَنْزِلَةِ مِشْفَر الْبَعِيرِ الْعَضّة، فَمَكَثْنَا عَلَى ذَلِكَ حَتّى قَالَ قَائِلُهُمْ: لَوْ لَقِينَا عَدُوّا مَا كَانَ بِنَا حَرَكَةٌ إلَيْهِ لِمَا بِالنّاسِ مِنْ الْجَهْدِ، فَقَالَ قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ: مَنْ يَشْتَرِى مِنّى تَمْرًا بِجُزُرٍ يُوَفّينِى الْجُزُرَ هَاهُنَا وَأُوَفّيهِ التّمْرَ بِالْمَدِينَةِ؟ فَجَعَلَ عُمَرُ يَقُولُ: وَاعَجَبَاهُ لِهَذَا الْغُلامِ لا مَالَ لَهُ يُدَانُ فِى مَالِ غَيْرِهِ فَوَجَدَ رَجُلاً مِنْ جُهَيْنَةَ، فَقَالَ قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ: بِعْنِى جُزُرًا وَأُوَفّيك سِقَةً مِنْ تَمْرِ بِالْمَدِينَةِ، قَالَ الْجُهَنِىّ: وَاَللّهِ مَا أَعْرِفُك، وَمَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا قَيْسُ بْنُ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ دُلَيْمٍ. قَالَ الْجُهَنِىّ: مَا أَعَرَفْتنِى بِنَسَبِك أَمّا إنّ بَيْنِى وَبَيْنَ سَعْدٍ خُلّةً سَيّدُ أَهْلِ يَثْرِبَ، فَابْتَاعَ مِنْهُمْ خَمْسَ جُزُرٍ كُلّ جَزُورٍ بِوَسْقَيْنِ مِنْ تَمْرٍ يَشْرِطُ عَلَيْهِ الْبَدَوِىّ، تَمْرٍ ذَخِيرَةٍ مُصَلّبَةٍ مِنْ تَمْرِ آلِ دُلَيْمٍ، قَالَ: يَقُولُ قَيْسٌ: نَعَمْ. فَقَالَ الْجُهَنِىّ: فَأَشْهِدْ لِى. ...إلخ القصة

ووقع في لفظ ابن سعد في الطبقات:

قَالُوا: بَعَثَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا عُبَيدة بْن الجراح فِي ثلاثمائة رَجُل مِن المهاجرين والأنصار. وفيهم عُمَر بْن الْخَطَّاب. إلى حي مِن جهينة بالقبلية مما يلي ساحل البحر. وبينها وبين المدينة خمس ليال.

وابن سيد الناس في عيون الأثر يتوافق مع رواية الواقدي ومحمد بن سعد.

هذه الغزوة كانت عدوانًا صرفًا، لا شك فيه، لأن جهينة لم يحاربوا المسلمين ولا تعرضوا لهم قط بأي موطن، بل وهي من نقض العهد، وهو شيمة أصيلة من شيم الأصوليين المسلمين، لأن أحمد بن حنبل روى أنهم وادعوا محمدًا منذ السنة الأولى لهجرته إلى يثرب:

1539 - حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمُتَعَالِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأُمَوِيُّ، قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ: وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الْمُجَالِدُ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلاقَةَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ جَاءَتْهُ جُهَيْنَةُ، فَقَالُوا: إِنَّكَ قَدْ نَزَلْتَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا فَأَوْثِقْ لَنَا حَتَّى نَأْتِيَكَ وَتُؤْمِنَّا، فَأَوْثَقَ لَهُمْ فَأَسْلَمُوا، قَالَ: فَبَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَجَبٍ، وَلا نَكُونُ مِائَةً، وَأَمَرَنَا أَنْ نُغِيرَ عَلَى حَيٍّ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ إِلَى جَنْبِ جُهَيْنَةَ، فَأَغَرْنَا عَلَيْهِمْ وَكَانُوا كَثِيرًا، فَلَجَأْنَا إِلَى جُهَيْنَةَ فَمَنَعُونَا، وَقَالُوا: لِمَ تُقَاتِلُونَ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ، فَقُلْنَا: إِنَّمَا نُقَاتِلُ مَنِ أخْرَجَنَا مِنَ الْبَلَدِ الْحَرَامِ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ...إلخ الحديث

إسناده ضعيف، المجالد- وهو ابن سعيد- ضعيف، وزياد بن عِلاقة ثم يسمع من سعد. وأخرجه ابن أبي شيبة 14/123 و351-352، والبيهقي في "دلائل النبوة" 3/15 من طريق حماد بن أسامة، والدورقي (131) ، والبيهقي 3/14 من طريق يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، والبزار (1757- كشف الأستار)

ورواه ابن أبي شيبة بإسناد مرسل وفيه ضعف برقم 37806 (37666)


وروى ابن أبي شيبة شهادة هامة:

36918- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ زَكَرِيَّا ، قَالَ : أَوَّلُ مَنْ أَلَّفَ من الْقَبَائِلِ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم جُهَيْنَةُ.

36933- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُتْبَةَ ، يَعْنِي الْمَسْعُودِيَّ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ : كَانَ أَوَّلُ مَنْ أَفْشَى الْقُرْآنَ بمكة مِنْ فِي رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ابْنَ مَسْعُودٍ ، وَأَوَّلُ مَنْ بَنَى مَسْجِدًا صُلِّيَ فِيهِ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ , وَأَوَّلُ مَنْ أَذَّنَ بِلاَلٌ ، وَأَوَّلُ مَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللهِ سَعْدُ بْنُ مَالِكَ ، وَأَوَّلُ مَنْ قُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِهْجَعٌ ، وَأَوَّلُ مَنْ عَدَا بِهِ فَرَسُهُ فِي سَبِيلِ اللهِ الْمِقْدَادُ ، وَأَوَّلُ حَيٍّ أَدَّوْا الصَّدَقَةَ مِنْ قِبَلِ أَنْفُسِهِمْ بَنُو عُذْرَةَ ، وَأَوَّلُ حَيٍّ أَلَّفُوا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم جُهَيْنَةُ.

36947- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ ، عَنْ زَكَرِيَّا ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، قَالَ : إنَّ أَوَّلَ حَيٍّ أَلَّفُوا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم جُهَيْنَةُ.

37758- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ : كَانَ أَوَّلُ مَنْ أَفْشَى الْقُرْآنَ بِمَكَّةَ مِنْ فِي رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ ، وَأَوَّلُ مَنْ بَنَى مَسْجِدًا يُصَلَّى فِيهِ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ ، وَأَوَّلُ مَنْ أَذَّنَ بِلاَلٌ ، وَأَوَّلُ مَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللهِ سَعْدُ بْنُ مَالِكَ ، وَأَوَّلُ مَنْ قُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِهْجَعٌ ، وَأَوَّلُ مَنْ عَدَا بِهِ فَرَسُهُ فِي سَبِيلِ اللهِ الْمِقْدَادُ ، وَأَوَّلُ حَيٍّ أَدَّى الصَّدَقَةَ مِنْ قِبَلِ أَنْفُسِهِمْ بَنُو عُذْرَةَ ، وَأَوَّلُ حَيٍّ أُلِّفُوا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم جُهَيْنَةُ.

ورواه الطبراني في المعجم الكبير 8961

وهناك خرق وانتهاك آخر، لأن الشريعة المحمدية الإسلامية أخذت بتشريع الوثنيين قبلهم فيما يتعلق بالأشهر الحرم، ورجب منها فهذا انتهاك لحرمة الشهر المقدس المحرم فيه القتال حسب تعاليمهم وهو من غدرهم ونقضهم المعهود.

أما البخاري فروى على نحو مختلف:

4360 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْثًا قِبَلَ السَّاحِلِ وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ وَهُمْ ثَلَاثُ مِائَةٍ فَخَرَجْنَا وَكُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ فَنِيَ الزَّادُ فَأَمَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِأَزْوَادِ الْجَيْشِ فَجُمِعَ فَكَانَ مِزْوَدَيْ تَمْرٍ فَكَانَ يَقُوتُنَا كُلَّ يَوْمٍ قَلِيلٌ قَلِيلٌ حَتَّى فَنِيَ فَلَمْ يَكُنْ يُصِيبُنَا إِلَّا تَمْرَةٌ تَمْرَةٌ فَقُلْتُ مَا تُغْنِي عَنْكُمْ تَمْرَةٌ فَقَالَ لَقَدْ وَجَدْنَا فَقْدَهَا حِينَ فَنِيَتْ ثُمَّ انْتَهَيْنَا إِلَى الْبَحْرِ فَإِذَا حُوتٌ مِثْلُ الظَّرِبِ فَأَكَلَ مِنْهَا الْقَوْمُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ لَيْلَةً ثُمَّ أَمَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِضِلَعَيْنِ مِنْ أَضْلَاعِهِ فَنُصِبَا ثُمَّ أَمَرَ بِرَاحِلَةٍ فَرُحِلَتْ ثُمَّ مَرَّتْ تَحْتَهُمَا فَلَمْ تُصِبْهُمَا

4361 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ الَّذِي حَفِظْنَاهُ مِنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَ مِائَةِ رَاكِبٍ أَمِيرُنَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ نَرْصُدُ عِيرَ قُرَيْشٍ فَأَقَمْنَا بِالسَّاحِلِ نِصْفَ شَهْرٍ فَأَصَابَنَا جُوعٌ شَدِيدٌ حَتَّى أَكَلْنَا الْخَبَطَ فَسُمِّيَ ذَلِكَ الْجَيْشُ جَيْشَ الْخَبَطِ فَأَلْقَى لَنَا الْبَحْرُ دَابَّةً يُقَالُ لَهَا الْعَنْبَرُ فَأَكَلْنَا مِنْهُ نِصْفَ شَهْرٍ وَادَّهَنَّا مِنْ وَدَكِهِ حَتَّى ثَابَتْ إِلَيْنَا أَجْسَامُنَا فَأَخَذَ أَبُو عُبَيْدَةَ ضِلَعًا مِنْ أَضْلَاعِهِ فَنَصَبَهُ فَعَمَدَ إِلَى أَطْوَلِ رَجُلٍ مَعَهُ قَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً ضِلَعًا مِنْ أَضْلَاعِهِ فَنَصَبَهُ وَأَخَذَ رَجُلًا وَبَعِيرًا فَمَرَّ تَحْتَهُ قَالَ جَابِرٌ وَكَانَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ نَحَرَ ثَلَاثَ جَزَائِرَ ثُمَّ نَحَرَ ثَلَاثَ جَزَائِرَ ثُمَّ نَحَرَ ثَلَاثَ جَزَائِرَ ثُمَّ إِنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ نَهَاهُ وَكَانَ عَمْرٌو يَقُولُ أَخْبَرَنَا أَبُو صَالِحٍ أَنَّ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ قَالَ لِأَبِيهِ كُنْتُ فِي الْجَيْشِ فَجَاعُوا قَالَ انْحَرْ قَالَ نَحَرْتُ قَالَ ثُمَّ جَاعُوا قَالَ انْحَرْ قَالَ نَحَرْتُ قَالَ ثُمَّ جَاعُوا قَالَ انْحَرْ قَالَ نَحَرْتُ ثُمَّ جَاعُوا قَالَ انْحَرْ قَالَ نُهِيتُ
5494 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو قَالَ سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ بَعَثَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَ مِائَةِ رَاكِبٍ وَأَمِيرُنَا أَبُو عُبَيْدَةَ نَرْصُدُ عِيرًا لِقُرَيْشٍ فَأَصَابَنَا جُوعٌ شَدِيدٌ حَتَّى أَكَلْنَا الْخَبَطَ فَسُمِّيَ جَيْشَ الْخَبَطِ وَأَلْقَى الْبَحْرُ حُوتًا يُقَالُ لَهُ الْعَنْبَرُ فَأَكَلْنَا نِصْفَ شَهْرٍ وَادَّهَنَّا بِوَدَكِهِ حَتَّى صَلَحَتْ أَجْسَامُنَا قَالَ فَأَخَذَ أَبُو عُبَيْدَةَ ضِلَعًا مِنْ أَضْلَاعِهِ فَنَصَبَهُ فَمَرَّ الرَّاكِبُ تَحْتَهُ وَكَانَ فِينَا رَجُلٌ فَلَمَّا اشْتَدَّ الْجُوعُ نَحَرَ ثَلَاثَ جَزَائِرَ ثُمَّ ثَلَاثَ جَزَائِرَ ثُمَّ نَهَاهُ أَبُو عُبَيْدَةَ

وهكذا مثله هي الروايات في كل كتب الحديث من مسلم 1935 وأحمد وابن أبي شيبة وغيرهم

لاحظنا سابقًا في سرية غالب بن عبد الله الليثي إلى أرض فدك إلى بني مرة من غطفان، كما روى المؤرخان ابن إسحاق والواقدي، أن البخاري ومسلم وأحمد قالوا أنها إلى الحرقات من الجهينة، ووقعا في الغلط، ولا داعي لأن ننسى أنهما متخصصان في الحديث والشرائع والبخاري لقبوه بأمير المؤمنين في الحديث، لكن ابن إسحاق هو من لقب بأمير المؤمنين في السير والمغازي، وهنا في ذكر غزوة الخبط وقعوا في خطأ وخلط فظنوها سرية لرصد قافلة لقريش، وهذا محال لأن البخاري في صحيحه في كتاب المغازي وابن كثير في السيرة النبوية والبيهقي في دلائل النبوة يجعلونها في فترة متأخرة بعد صلح الحديبية وبعد مؤتة، وهذا غير ممكن لوجود صلح وقتئذٍ بين المسلمين وقريش فلم تكن هناك وقتها تحركات كتلك، وهو ما لاحظه ابن كثير واستشكله :

قُلْتُ: وَمُقْتَضَى أَكْثَرِ هَذِهِ السِّيَاقَاتِ أَنَّ هَذِهِ السَرِيَّةِ كَانَتْ قَبْلَ صُلْحِ الْحُدَيْبِيَة، وَلَكِن أوردناها هَا هُنَا تَبَعًا لِلْحَافِظِ الْبَيْهَقِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ، فَإِنَّهُ أَوْرَدَهَا بَعْدَ مُؤْتَةَ وَقَبْلَ غَزْوَةِ الْفَتْحِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فكان رأيه رد تاريخها بسبب ذلك إلى فترة ما قبل الصلح، وهو نفس ما فعله ابن حبيب في المحبَّر فعليًّا فجعلها في سنة 4 ه ربما ليحل المشكلة ويوفق بين نصوص كتب الحديث بغلطتها تلك والتاريخ، لكن الحقيقة أن ما قاله الواقدي ومحمد بن سعد هنا هو الصواب باعتبار تخصصهما وتكرسهما لهذا المجال التأريخي.
لم تسفر هذه الغزوة عن أي شيء، وكان هناك عدم إعداد جيد لمؤونة الجيش إما لضعف الموارد أو لسوء التخطيط، فجاع وأسغب حتى أكل أوراق شجر الخبط، وتقوت تمرة تمرة، وأحد كرمائهم لما كادوا يفنون بالمجاعة اشترى أربعة جمال من رجل صادفوه بالدين وبسعر مبالغ فيه هو أربعة حوائط أي بساتين نخل من مال أبيه لما يعود إلى يثرب، وفيها القصة المشهورة عندهم عن عثورهم على جثة حوت طازجة على البحر أكلوا منها لفترة وحين وملحوا بعضها للرحلة وعادوا.





















سرية خَضِرَةَ أو الغابة
أَمِيرُهَا أَبُو قَتَادَةَ فِى شَعْبَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ

ذكرها أحمد بن حنبل في المسند والواقدي في المغازي وابن إسحاق في السيرة لابن هشام والبيهقي في دلائل النبوة عن ابن إسحاق، وقال الواقدي وَخَضِرَةُ نَاحِيَةُ نَجْدٍ عَلَى عِشْرِينَ مِيلاً عِنْدَ بُسْتَانِ ابْنِ عَامِرٍ.


قال الواقدي:

حَدّثَنَا الْوَاقِدِىّ، قَالَ: حَدّثَنِى مُحَمّدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ أَبِى حَثْمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ أَبِى حَدْرَدٍ الأَسْلَمِىّ: تَزَوّجْت ابْنَةَ سُرَاقَةَ بْنِ حَارِثَةَ النّجّارِىّ وَكَانَ قُتِلَ بِبَدْرٍ فَلَمْ أُصِبْ شَيْئًا مِنْ الدّنْيَا كَانَ أَحَبّ إلَىّ مِنْ مَكَانِهَا، فَأَصْدَقْتهَا مِائَتَىْ دِرْهَمٍ فَلَمْ أَجِدْ شَيْئًا أَسُوقُهُ إلَيْهَا فَقُلْت: عَلَى اللّهِ وَعَلَى رَسُولِهِ الْمِعْوَلُ. فَجِئْت النّبِىّ ÷ فَأَخْبَرْته، فَقَالَ: “كَمْ سُقْت إلَيْهَا”؟ قُلْت: مِائَتَىْ دِرْهَمٍ. فَقَالَ: “لَوْ كُنْتُمْ تَغْتَرِفُونَهُ مِنْ نَاحِيَةَ بَطِحَانَ مَا زِدْتُمْ”. فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللّهِ أَعْنِى فِى صَدَاقِهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: “مَا وَافَقَتْ عِنْدَنَا شَيْئًا أُعِينُك بِهِ وَلَكِنّى قَدْ أَجَمَعْت أَنْ أَبَعَثَ أَبَا قَتَادَةَ فِى أَرْبَعَةَ عَشَرَ رَجُلاً فِى سَرِيّةٍ، فَهَلْ لَك أَنْ تَخْرُجَ فِيهَا؟ فَإِنّى أَرْجُو أَنْ يُغْنِمَك اللّهُ مَهْرَ امْرَأَتِك”. فَقُلْت: نَعَمْ فَخَرَجْنَا فَكُنّا سِتّةَ عَشَرَ رَجُلاً بِأَبِى قَتَادَةَ وَهُوَ أَمِيرُنَا، وَبَعَثَنَا إلَى غَطَفَان نَحْوَ نَجْدٍ، فَقَالَ: “سِيرُوا اللّيْلَ وَاكْمُنُوا النّهَارَ وَشُنّوا الْغَارَةَ وَلا تَقْتُلُوا النّسَاءَ وَالصّبْيَانَ”. فَخَرَجْنَا حَتّى جِئْنَا نَاحِيَةَ غَطَفَان، فَهَجَمْنَا عَلَى حَاضِرٍ مِنْهُمْ عَظِيمٍ. قَالَ: وَخَطَبَنَا أَبُو قَتَادَةَ وَأَوْصَانَا بِتَقْوَى اللّهِ عَزّ وَجَلّ وَأَلّفَ بَيْنَ كُلّ رَجُلَيْنِ وَقَالَ: لا يُفَارِقُ كُلّ رَجُلٍ زَمِيلَهُ حَتّى يُقْتَلَ أَوْ يَرْجِعَ إلَىّ فَيُخْبِرُنِى خَبَرَهُ وَلا يَأْتِنِى رَجُلٌ فَأَسْأَلُ عَنْ صَاحِبِهِ فَيَقُولُ: لا عِلْمَ لِى بِهِ وَإِذَا كَبّرْت فَكَبّرُوا، وَإِذَا حَمَلْت فَاحْمِلُوا، وَلا تُمْعِنُوا فِى الطّلَبِ. فَأَحَطْنَا بِالْحَاضِرِ فَسَمِعْت رَجُلاً يَصْرُخُ: يَا خَضِرَةَ فَتَفَاءَلَتْ، وَقُلْت: لأُصِيبَنّ خَيْرًا وَلأَجْمَعَنّ إلَىّ امْرَأَتِى وَقَدْ أَتَيْنَاهُمْ لَيْلاً. قَالَ: فَجَرّدَ أَبُو قَتَادَةَ سَيْفَهُ وَجَرّدْنَا سُيُوفَنَا، وَكَبّرَ وَكَبّرْنَا مَعَهُ فَشَدَدْنَا عَلَى الْحَاضِرِ فَقَاتَلَ رِجَالٌ، وَإِذَا بِرَجُلٍ طَوِيلٍ قَدْ جَرّدَ سَيْفَهُ صَلْتًا، وَهُوَ يَمْشِى الْقَهْقَرَى وَيَقُولُ: يَا مُسْلِمُ هَلُمّ إلَى الْجَنّةِ فَاتّبَعْته، ثُمّ قَالَ: إنّ صَاحِبَكُمْ لَذُو مَكِيدَةٍ وَإِنّ أَمْرَهُ هُوَ الأَمْرُ، وَهُوَ يَقُولُ: الْجَنّةَ الْجَنّةَ يَتَهَكّمُ بِنَا، فَعَرَفْت أَنّهُ مُسْتَقْبِلٌ فَخَرَجْت فِى أَثْرِهِ وَهُوَ يَقُولُ صَاحِبِى: لا تَبْعُدْ فَقَدْ نَهَانَا أَمِيرُنَا أَنْ نُمْعِنَ فِى الطّلَبِ، فَأَدْرَكْته فَرَمَيْته عَلَى جُرَيْدَاءِ مَتْنِهِ، ثُمّ قَالَ: اُدْنُ يَا مُسْلِمُ إلَى الْجَنّةِ فَرَمَيْته حَتّى قَتَلْته بِنَبْلِى، ثُمّ وَقَعَ مَيّتًا فَأَخَذْت سَيْفَهُ. وَجَعَلَ زَمِيلِى يُنَادِى: أَيْنَ تَذْهَبُ؟ إنّى وَاَللّهِ إنْ ذَهَبْت إلَى أَبِى قَتَادَةَ فَسَأَلَنِى عَنْك أَخْبَرْته. قَالَ: فَلَقِيته قَبْلَ أَبِى قَتَادَةَ فَقُلْت: أَسَأَلَ أَمِيرِى عَنّي؟ فَقَالَ: نَعَمْ وَقَدْ تَغَيّظَ عَلَىّ وَعَلَيْك.
وَأَخْبَرَنِى أَنّهُمْ جَمَعُوا الْغَنَائِمَ - وَقَتَلُوا مَنْ أَشْرَفَ لَهُمْ - فَجِئْت أَبَا قَتَادَةَ فَلامَنِى فَقُلْت: قَتَلْت رَجُلاً كَانَ مِنْ أَمْرِهِ كَذَا وَكَذَا، فَأَخْبَرْته بِقَوْلِهِ كُلّهِ. ثُمّ اسْتَقْنَا النّعَمَ وَحَمَلْنَا النّسَاءَ وَجُفُونُ السّيُوفِ مُعَلّقَةٌ بِالأَقْتَابِ. فَأَصْبَحْت - وَبَعِيرِى مَقْطُورٌ - بِامْرَأَةٍ كَأَنّهَا ظَبْىٌ فَجَعَلَتْ تُكْثِرُ الالْتِفَاتَ خَلْفَهَا وَتَبْكِى، قُلْت: إلَى أَىّ شَيْءٍ تَنْظُرِينَ؟ قَالَتْ: أَنْظُرُ وَاَللّهِ إلَى رَجُلٍ لَئِنْ كَانَ حَيّا لِيَسْتَنْقِذَنَا مِنْكُمْ. فَوَقَعَ فِى نَفْسِى أَنّهُ الّذِى قَتَلْته فَقُلْت: قَدْ وَاَللّهِ قَتَلْته، وَهَذَا سَيْفُهُ مُعَلّقٌ بِالْقَتَبِ إلَى غِمْدِهِ. فَقَالَتْ: هَذَا وَاَللّهِ غِمْدُ سَيْفِهِ فَشِمْهُ إنْ كَانَ صَادِقًا. قَالَ: فَشِمْته فَطَبَقَ. قَالَ: فَبَكَتْ وَيَئِسَتْ. قَالَ ابْنُ أَبِى حَدْرَدٍ: فَقَدِمْنَا عَلَى النّبِىّ ÷ بِالنّعَمِ وَالشّاءِ.
فَحَدّثَنِى أَبُو مَوْدُودٍ، عَنْ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ أَبِى حَدْرَدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمّا رَجَعْت مِنْ غَزْوَةِ خَضِرَةَ وَقَدْ أَصَبْنَا فَيْئًا، سَهْمَ كُلّ رَجُلٍ اثْنَا عَشَرَ بَعِيرًا، دَخَلْت بِزَوْجَتِى فَرَزَقَنِى اللّهُ خَيْرًا.
وَحَدّثَنِى عَبْدُ اللّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: غَابُوا خَمْسَ عَشَرَةَ لَيْلَةً وَجَاءُوا بِمِائَتِى بَعِيرٍ وَأَلْفِ شَاةٍ وَسَبَوْا سَبْيًا كَثِيرًا. وَكَانَ الْخُمُسُ مَعْزُولاً، وَكَانَ سُهْمَانُهُمْ اثْنَىْ عَشَرَ بَعِيرًا، يَعْدِلُ الْبَعِيرَ بِعَشْرٍ مِنْ الْغَنَمِ.
حَدّثَنِى ابْن أَبِى سَبْرَةَ، عَنْ إسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللّهِ، عَنْ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ ابْنِ أَبِى حَدْرَدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَصَبْنَا فِى وَجْهِنَا أَرْبَعَ نِسْوَةٍ فِيهِنّ فَتَاةٌ كَأَنّهَا ظَبْىٌ مِنْ الْحَدَاثَةِ وَالْحَلاوَةِ شَيْءٌ عَجَبٌ وَأَطْفَالٌ مِنْ غِلْمَانٍ وَجِوَارٍ فَاقْتَسَمُوا السّبْىَ وَصَارَتْ تِلْكَ الْجَارِيَةُ الْوَضِيئَةُ لأَبِى قَتَادَةَ. فَجَاءَ مَحْمِيَةُ بْنُ جَزْءٍ الزّبَيْدِىّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ إنّ أَبَا قَتَادَةَ قَدْ أَصَابَ فِى وَجْهِهِ هَذَا جَارِيَةً وَضِيئَةً وَقَدْ كُنْت وَعَدْتنِى جَارِيَةً مِنْ أَوّلِ فَيْءٍ يَفِيءُ اللّهُ عَلَيْك. قَالَ: فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللّهِ ÷ إلَى أَبِى قَتَادَةَ فَقَالَ: “مَا جَارِيَةٌ صَارَتْ فِى سَهْمِك”؟ قَالَ: جَارِيَةٌ مِنْ السّبْىِ هِىَ أَوْضَأُ ذَلِكَ السّبْىِ أَخَذْتهَا لِنَفْسِى بَعْدَ أَنْ أَخْرَجْنَا الْخُمُسَ مِنْ الْمَغْنَمِ. قَالَ: “هَبْهَا لِى”. فَقَالَ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللّهِ. فَأَخَذَهَا رَسُولُ اللّهِ ÷ فَدَفَعَهَا إلَى مَحْمِيَةَ بْنِ جَزْءٍ الزّبَيْدِىّ.

كما نرى، أعمال نهب وسطو، وخطف واستعباد ونخاسة للنساء والأطفال وتهادي بهم، وقتل للناس، ، فهذا هو العصر الذي يروجونه على أنه العصر الذهبي والنموذجي، فأي نموذج هذا، وقصة المرأة االمخطوفة المقيدة إلى جمل مقطور إلى جمل يركبه خاطفها وبكائها ولهفتها ورعبها مساقة للاستعباد والسبي والذل بالخدمة والاغتصاب والتفرقة عن أهلها وانهيار أملها بأن يأتي رجلها خطيبها أو زوجها أو حبيبها لينقذها ثم صدمتها المزدوجة بموته حزنًا عليه وعلى نفسها، صورة تراجيدية مأساوية لدرجة قاسية للمعاناة الإنسانية على يد بعض بني الإنسان. وهو النموذج الذي لا نرجو عودته قط، ونعمل كبشر متحضرين_أعني المتحضرين من البشر_على اختلاف عقائدنا على الحيلولة دونه بكل قوتنا. محمد كان المحرض على أفعال كهذه تحت رعياته وشرعنته الدينية لاستعباد وقسوة القرون الوسطى والقديمة عصور الظلام والعنف والتخلف وانحدار الأخلاق الحقيقية، وتوزيعه الغنائم والنساء السبايا على جنوده كان عامل الإغراء الكبير لانتشاار واتباع هذا الدين في فترته الأولى، فمحمد لبث بمكة 13 عامًا ولم يحقق نجاحًا كالذي حققه لدعوته ودولته بعد هذه الأفعال الإجرامية، إن روما لو لم تكن تعطي جندها أجورًا وغنائم لما حازت توسعاتها كذلك، وهي سنة التاريخ الإجرامي للجنس البشري. أما حينما كان الأمر مجرد دعوة لدين جديد دون إغراآت بل عوامل اضطهاد وثني لم يكن الأمر مغريًا إلا للقليل من الأفراد فقط وكان الإسلام سينتشر ببطء شديد كالمسيحية والبودية ولم يكن سينتشر كثيرًا في الواقع دون السيف بسبب تمسكه بتقاليد وثنية شامانية خرافية غريبة عن باقي البشر كالقرابة من الرضاعة والحج وغيرها.

وروى أحمد بن حنبل:

23882 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَبِي عَوْنٍ، عَنْ جَدَّتِهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي حَدْرَدٍ الْأَسْلَمِيّ، أَنَّهُ ذَكَرَ: أَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً، فَأَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَعِينُهُ فِي صَدَاقِهَا، فَقَالَ: " كَمْ أَصْدَقْتَ ؟ " قَالَ: قُلْتُ: مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، قَالَ: " لَوْ كُنْتُمْ تَغْرِفُونَ الدَّرَاهِمَ مِنْ وَادِيكُمْ هَذَا مَا زِدْتُمْ، مَا عِنْدِي مَا أُعْطِيكُمْ " قَالَ: فَمَكَثْتُ ثُمَّ دَعَانِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَعَثَنِي فِي سَرِيَّةٍ بَعَثَهَا نَحْوَ نَجْدٍ، فَقَالَ: " اخْرُجْ فِي هَذِهِ السَّرِيَّةِ لَعَلَّكَ أَنْ تُصِيبَ شَيْئًا فَأُنَفِّلَكَهُ " قَالَ: فَخَرَجْنَا حَتَّى جِئْنَا الْحَاضِرَ مُمْسِينَ، قَالَ: فَلَمَّا ذَهَبَتْ فَحْمَةُ الْعِشَاءِ، بَعَثَنَا أَمِيرُنَا رَجُلَيْنِ رَجُلَيْنِ، قَالَ: فَأَحَطْنَا بِالْعَسْكَرِ، وَقَالَ: إِذَا كَبَّرْتُ وَحَمَلْتُ، فَكَبِّرُوا وَاحْمِلُوا، وَقَالَ: حِينَ بَعَثَنَا رَجُلَيْنِ رَجُلَيْنِ: لَا تَفْتَرِقَا، وَلَأَسْأَلَنَّ وَاحِدًا مِنْكُمَا عَنْ خَبَرِ صَاحِبِهِ فَلَا أَجِدُهُ عِنْدَهُ، وَلَا تُمْعِنُوا فِي الطَّلَبِ، قَالَ: فَلَمَّا أَرَدْنَا أَنْ نَحْمِلَ سَمِعْتُ رَجُلًا مِنَ الْحَاضِرِ صَرَخَ: يَا خَضْرَةُ، فَتَفَاءَلْتُ بِأَنَّا سَنُصِيبُ مِنْهُمْ خَضْرَةً، قَالَ: فَلَمَّا أَعْتَمْنَا، كَبَّرَ أَمِيرُنَا وَحَمَلَ، وَكَبَّرْنَا وَحَمَلْنَا، قَالَ: فَمَرَّ بِي رَجُلٌ فِي يَدِهِ السَّيْفُ فَاتَّبَعْتُهُ، فَقَالَ لِي صَاحِبِي: إِنَّ أَمِيرَنَا قَدْ عَهِدَ إِلَيْنَا أَنْ لَا نُمْعِنَ فِي الطَّلَبِ فَارْجِعْ، فَلَمَّا رَأَيْتُ إِلَّا أَنْ أَتَّبِعَهُ، قَالَ: وَاللهِ لَتَرْجِعَنَّ أَوْ لَأَرْجِعَنَّ إِلَيْهِ، وَلَأُخْبِرَنَّهُ أَنَّكَ أَبَيْتَ، قَالَ: فَقُلْتُ: وَاللهِ لَأَتَّبِعَنَّهُ، قَالَ: فَاتَّبَعْتُهُ حَتَّى إِذَا دَنَوْتُ مِنْهُ، رَمَيْتُهُ بِسَهْمٍ عَلَى جُرَيْدَاءِ مَتْنِهِ فَوَقَعَ، فَقَالَ: ادْنُ يَا مُسْلِمُ إِلَى الْجَنَّةِ، فَلَمَّا رَآنِي لَا أَدْنُو إِلَيْهِ وَرَمَيْتُهُ بِسَهْمٍ آخَرَ، فَأَثْخَنْتُهُ رَمَانِي بِالسَّيْفِ فَأَخْطَأَنِي، وَأَخَذْتُ السَّيْفَ فَقَتَلْتُهُ بِهِ، وَاحْتَزَزْتُ بِهِ رَأْسَهُ، وَشَدَدْنَا فَأَخَذْنَا نَعَمًا كَثِيرَةً وَغَنَمًا، قَالَ: ثُمَّ انْصَرَفْنَا، قَالَ: فَأَصْبَحْتُ فَإِذَا بَعِيرِي مَقْطُورٌ بِهِ بَعِيرٌ عَلَيْهِ امْرَأَةٌ جَمِيلَةٌ شَابَّةٌ، قَالَ: فَجَعَلَتْ تَلْتَفِتُ خَلْفَهَا فَتُكَبِّرُ، فَقُلْتُ لَهَا: إِلَى أَيْنَ تَلْتَفِتِينَ ؟ قَالَتْ: إِلَى رَجُلٍ وَاللهِ إِنْ كَانَ حَيًّا خَالَطَكُمْ، قَالَ: قُلْتُ، وَظَنَنْتُ أَنَّهُ صَاحِبِي الَّذِي قَتَلْتُ،: قَدْ وَاللهِ قَتَلْتُهُ، وَهَذَا سَيْفُهُ، وَهُوَ مُعَلَّقٌ بِقَتَبِ الْبَعِيرِ الَّذِي أَنَا عَلَيْهِ، قَالَ: وَغِمْدُ السَّيْفِ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مُعَلَّقٌ بِقَتَبِ بَعِيرِهَا، فَلَمَّا قُلْتُ ذَلِكَ لَهَا، قَالَتْ: فَدُونَكَ هَذَا الْغِمْدَ فَشِمْهُ فِيهِ إِنْ كُنْتَ صَادِقًا، قَالَ: فَأَخَذْتُهُ فَشِمْتُهُ فِيهِ فَطَبَقَهُ، قَالَ: فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِكَ بَكَتْ، قَالَ: فَقَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْطَانِي مِنْ ذَلِكَ النَّعَمِ الَّذِي قَدِمْنَا بِهِ.
وفي "أطراف المسند" 6/125: يستعينه بدل يستفتيه الوارد في نسخ "المسند" عندنا، قال السندي: قوله: يستفتيه، كذا في نسخ "المسند" من الاستفتاء، وفي غير "المسند": يستعينه من الاستعانة، وهو الأظهر.

إسناده ضعيف لإبهام جَدَّةِ عبد الواحد بن أبي عون، وباقي رجاله ثقات رجال الصحيح غير عبد الواحد بن أبي عون فمن رجال ابن ماجه، وأخرج له البخاري تعليقاً. يعقوب: هو ابن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، وعبد الله بن جعفر: هو المَخْرَمي.

وله شواهد أخرى وأجزاء منه في أحمد 15706 و15707 وأخرجه ابن الأثير في "أسد الغابة" 6/70 من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني في "الكبير" 22/ (882) و (883) و(884) وفي في "الأوسط" (7559)، والطيالسي (1300) ، وسعيد بن منصور في "السنن" (604) ، وابن أبي شيبة 4/189، وابن سعد في "الطبقات" 4/310، والحاكم في المستدرك(2730) (2/178)، والبيهقي في "السنن" 7/235

ربما لا تختلف روايته عن الواقدي سوى في طريقة قتل الرجل الذي رماه المسلم بالسهام من بعيد.

أما ابن إسحاق فيورد هذا السياق التبريري المعتاد:

قال ابن إسحاق: وغزوة ابن أبي حدرد الاًسلمي الغابة. وكان من حديثها فيما بلغني، عمن لا أتهم، عن ابن أي حَدْرد، قال. تزوجْتُ امرأة من قومى؟ وأصدقتها مائتى درهمِ، قال: فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم أستعينه على نكاحى فقال: وكم أصدقت؟ فقلت: مائتى درهم يا رسول الله، قال: سبحان الله، لو كنتم تأخذون الدراهم من بطن وادٍ ما زدتم. واللّه ما عندي ما أعينك به. قال: فلبثت أياما، وأقبل رجل من بني جُشَم، يقال له: رفاعة بن قَيْس، أو قَيْس بن رفاعة، في عظيم من بني جُشَم، حتى نزل بقومه ومن معه بالغابة، يريد أن يجمع قيساً على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان ذا اسم في جُشَم وشرف. قال: فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجلين معي من المسلمين، فقال: اخرجوا إلى هذا الرجل حتى تأتوا منه بخبر وعِلْم. قال: وقدَّم لنا شارفا (1) عجفاء فحمل عليها أحدَنا، فواللّه ما قامت به ضعفا حتى الحاضر عُشيْشِيةً (2) مع غروب الشمس. قال: كمنْت في ناحية، وأمرت صاحبىَّ، فكمنَا في ناحية أخرى من حاضر القوم؟ وقلت لهما: إذا سمعتمانى قد كبَّرت وشدَدْت في ناحية العسكر فكبرَّا وشُدا معى. قال: فواللّه إنا لكذلك ننتظر غِرَّةَ (3) القوم، أو أن نصيب منهم شيئا.
قال: وقد غشينا الليل حتى ذهبت فَحْمة العِشاء، وقد كان لهم راع قد سرَّح في هذا البلد، فأبطأ عليهم حتى تخوَّفوا عليه.
قال: فقام صاحبهم ذلك رفاعة بن قَيْس، فأخذ سيفه، فجعله في عنقه، ثم قال: واللّه لأتبعنَّ أثر راعينا هذا، ولقد أصابه شر، فقال له نفر ممن معه: واللّه لا تذهب نحن نَكْفيك؟ قال: واللّه لا يذهب إلا أنا، قالوا: فنحن معك، قال: واللّه لا يتبعني أحد منكم.
قال: وخرج حتى يمر بى. قال: فلما أمكننى نفحته بسهمى، فوضعته في فؤاده. قال: فواللّه ما تكلم، ووثبت إليه، فاحتززتُ رأسَه. قال: وشددت في ناحية العسكر، وكبَّرتُ، وشد صاحباي وكبَّرا. قال: فواللّه ما كان إلا النجاء ممن فيه، عندك، بكل ما قدروا عليه من نسائهم وأبنائهم، وما خف معهم من أموالهم.
قال: واستقنا إبلا عظيمة، وغنماً كثيرة، فجئنا بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال: وجئت برأسه أحمله معى. قال: فأعاننى رسول الله صلى الله عليه وسلم من تلك الإبل بثلاثةَ عشَر بعيراً في صَداقي فجمعْتُ إلىَّ أهلى.
__________
(1) الشارف: الناقة المسنة. عجفاء: جمعها الأعجف وعجاف على غير قياس، وإنما جمع على جحاف إما حملا على نقيضه وهو سِمَان وإما حملا على نظيره وهو ضعاف.

(2) عشيشة: تصغير عشية على غير قياس.
(3) ا لغر ة: الغفلة.

السياق كله مطعون فيه ومردود برأيي، وهو تبريري بحت فحتى اسم الزعيم الجشمي المذكور مبهم ولم يضبطه، ثم إن أحمد بن حنبل والواقدي كشفا لنا حدوث نهب لكثير من الشياه والأنعام وسبي الكثير من النساء والأطفال، فهل الذي يذهب لحرب وقتال كان ليأخذ معه نساءه واطفاله وأملاكه من الأنعام ليعرضها للخطر، إن غريزة الرجال الذكور البشريين هي حماية النساء دومًا وزعم ابن إسحاق، وتختلف روايته عن الواقدي وأحمد في أنهما ذكرا أن قتيل ابن أبي الحدرد كان رجلًا عاديًّا، أم ابن إسحاق فيزعم أن المقتول هو الزعيم الجشمي المذكور، وبرأيي أنه مبهم ووهمي، كذلك ذكرا أن السرية كانت للغارة على غطفان وهو يذكر أنها على قبيلة جشم، إن السياق عنده تبريري يحاول تلطيف صورة محمد وأصحابه لذلك كثيرًا ما لا يذكر أشياء في حين يذكرها غيره كالواقدي والطبراني في معجميه الكبير والأوسط وأحمد بن حنبل، كقصة المرأة المؤثرة تلك وأعمال سبي النساء والأطفال.






صورة مشابهة لأعمال الهمجية التي كانت تحدث في تلك الغزوات كغزوة الغابة-خضرة من سبي للنساء وسوق ومتاجرة وامتلاك لهن كالمواشي والأنعام والممتلكات



  رد مع اقتباس
قديم 04-22-2015, 01:47 AM لؤي عشري غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [29]
لؤي عشري
باحث ومشرف عام
الصورة الرمزية لؤي عشري
 

لؤي عشري is on a distinguished road
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى لؤي عشري
افتراضي








لا يختلف ما تقوم به داعش الإرهابية من دناءة واغتصاب واستعباد وتخريب
وقتل وتعذيب اليوم عن أفعال محمد والمسلمين قديمًا



  رد مع اقتباس
قديم 04-22-2015, 12:49 PM اوسركاف غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [30]
اوسركاف
عضو بلاتيني
الصورة الرمزية اوسركاف
 

اوسركاف is on a distinguished road
افتراضي

و تتوالى فضائح الرعوين اّكلى مخاطهم
لا اكاد اصدق انى كنت اتبع هذا العفن و تلك القذارة فى يوم من الأيام



:: توقيعي ::: "ليس عليك أن تكون ملحدا لتنتقد أخطاء دينك,فقط تجرأ و انطق بالحقيقة"
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدليلية (Tags)
محمد, نقد, الإجرامية, الإسلام, الشامل, حروب


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
منطق المسلم في نقد الإسلام Iam العقيدة الاسلامية ☪ 83 05-11-2019 03:18 AM
الملائكة المقاتلون في حروب الإسلام FreeMindedMan الأرشيف 14 11-11-2017 09:43 AM
للتحميل: حروب محمد الإجرامية لؤي عشري ساحة الكتب 3 07-23-2016 07:04 PM
مستويات نقد الإسلام فينيق العقيدة الاسلامية ☪ 97 01-30-2016 04:48 AM
مستويات نقد الإسلام بين الجدل والسفسطة الدفاعية أدم علي العقيدة الاسلامية ☪ 24 01-15-2016 03:06 PM