شبكة الإلحاد العربيُ  

العودة   شبكة الإلحاد العربيُ > ملتقيات في الإلحاد > حول المادّة و الطبيعة ✾ > الأرشيف

إضافة رد
 
أدوات الموضوع اسلوب عرض الموضوع
قديم 09-01-2013, 12:09 AM السيد مطرقة11 غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [11]
السيد مطرقة11
█▌ الإدارة▌ ®█
الصورة الرمزية السيد مطرقة11
 

السيد مطرقة11 is on a distinguished road
افتراضي

المساهمة الكوانتية


في كل مرة يُجرى فيها قياس ما، فإن شيئاً ما يُسجل بطريقة ما. فإذا لم يكن ثمة تسجيل قد اُخترع، وإذا لم يكن ثمة تغيير يحدث، فلم تكن لتُجرى القياسات أو تُسجل. قد لا يبدو هذا الأمر واضحاً للوهلة الأولى، فلنجر تجربة: قِسْ درجة حرارة كوب من الماء. ضعْ ميزان حرارة في الماء وسجِّل كم ارتفع مستوى الزئبق فيه. ولكي يحصل هذا لا بد أن يكون بعض من حرارة الماء قد اُستخدم لرفع درجة حرارة الزئبق وتمدده في ميزان الحرارة. بتعبير آخر، إن تبادلاً للطاقة بين الماء وميزان الحرارة ضروري قبل أن نتمكن من القول إننا سجّلنا قياساً.

وماذا عن موقع صاروخ وسرعته؟. الأمواج الكهرومغناطيسية ترتد عن الصاروخ، فيلتقطها صحن الرادار، ومن ثم يعالجها إلكترونياً. والإشارات المرتدة تجعل من مسألة تحديد موقع الصاروخ مسألة سهلة. وهذه الإشارات ذاتها يمكن أن تُستخدم أيضاً في معرفة السرعة التي يتحرك بها الصاروخ -تُعرف التقنية المُستخدمة لهذه الغاية بزحزحة دوبلر، وهي تغير طفيف في تذبذب الإشارة المنعكسة. (وزحزحة دوبلر هذه هي الظاهرة ذاتها التي تسمعها حين تتغير طبقة صوت صفارة الإنذار عندما تقترب سيارة إسعاف أو شرطة ثم تمضي مسرعة إلى البعيد). ولأن إشعاع الرادار كان قد ارتد عن الصاروخ فهذا يعني أن تبادلاً للطاقة قد جرى بينهما. بطبيعة الحال، يكون كم الطاقة في هذه الحالة كماً مهملاً بالكامل حين مقارنته بطاقة الصاروخ المنطلق.
ليس للمثال الذي تفكرون فيه أهمية، ففي كل مرة يُجرى فيها قياس ما، فإن نوعاً ما من تبادل الطاقة يحدث-ارتفاع أو انخفاض مستوى الزئبق في ميزان الحرارة، تكتكات عداد جيجر، الإشارات الكهربائية الواردة من مسبار والتي تكتبُ على ذاكرة حاسوب، حركة قلم على ورقة. نحن لا نقلق حيال حجم تبادل الطاقة في عالم المقاسات الكبيرة الذي نحيا فيه. فكمية الحرارة اللازمة لرفع مستوى الزئبق في ميزان حرارة أقل من أن ننشغل بها عند مقارنتها بالطاقة الناتجة عن قدر من ماء يغلي. أضف إلى ذلك أن ثمة على الدوام إمكانا لجعل القياسات أكثر دقة ولحساب نتائج مشوِّشة ومعادلتها.



:: توقيعي :::


أهم شيء هو ألا تتوقف عن السؤال. أينشتاين

  رد مع اقتباس
قديم 09-01-2013, 12:09 AM السيد مطرقة11 غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [12]
السيد مطرقة11
█▌ الإدارة▌ ®█
الصورة الرمزية السيد مطرقة11
 

السيد مطرقة11 is on a distinguished road
افتراضي

إلا أن الأمور مختلفة تماماً في العالم الكوانتي. فلكي نقوم بملاحظة كوانت أو تسجيل قياس بأي طريقة كانت، فإن كوانتاً واحداً على الأقل من الطاقة يكون قد تم تبادله بين جهاز القياس والموضوع الكوانتي. لكن ولأن الكوانتا غير قابل للتجزئة، لا يمكن تفتيته أو تقسيمه. فإننا نعجز في لحظة الملاحظة عن معرفة ما إذا كان الكوانت قد جاء من جهاز القياس أم من الموضوع الكوانتي. فالموضوع وجهاز القياس يكونان مرتبطين، أثناء إجراء القياس، بشكل لا يمكن اختزاله.

ففي اللحظة التي يُجرى فيها قياس ما ويُسجل، يُشكّلُ كل من الموضوع الكوانتي وجهاز القياس كُلاً لا يقبل التحليل. المُراقِب والمُراقَب واحد. والطريقة الوحيدة التي يمكن لهما الانفصال عبرها هي إن تمكنّا من شطر كوانت إلى جزأين-يبقى أحد الجزأيّن في جهاز القياس ويبقى الجزء الآخر في الموضوع الكوانتي. إلا أننا لا نستطيع القيام بذلك. لذا، فإن جهاز القياس والمنظومة الكوانتية ملتحمان بواسطة كوانت واحد على الأقل. ما يُضاف إلى ذلك، أن طاقة هذا الكوانت ليست كماً مهملاً عند مقارنتها بطاقة المنظومة الكوانتية.



:: توقيعي :::


أهم شيء هو ألا تتوقف عن السؤال. أينشتاين

  رد مع اقتباس
قديم 09-01-2013, 12:09 AM السيد مطرقة11 غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [13]
السيد مطرقة11
█▌ الإدارة▌ ®█
الصورة الرمزية السيد مطرقة11
 

السيد مطرقة11 is on a distinguished road
افتراضي

ذلك يعني أنه في كل مرة يحاول العلماء فيها ملاحظة العالم الكوانتي، فإنهم يُدخلون التشوش عليه. ولكون كوانت واحد على الأقل لا بد مشمول على الدوام، فليس من طريقة يمكن من خلالها اختزال حجم هذا التشوّش. فملاحظاتنا للكون، ومساعينا لجمع المعرفة، ليست بعد الآن موضوعية على وجه الدقة لأننا في سعينا إلى معرفة الكون، نعمل على إدخال التشوش عليه. العلم يتفاخر بموضوعيته، لكن الطبيعة تخبرنا اليوم أننا لن نرى عالماً كوانتياً نقياً صرفاً وموضوعياً. في كل فعل من أفعال الملاحظة تدخلُ الذاتُ المُلاحِظةُ إلى الكون فتشوشه بطريقة لا يمكن ردها.

العلم يشبه عملية تصوير سلسلة من اللقطات وأنت تدير ظهرك للشمس. لا أهمية للطريقة التي تتحرك بها، فظلك سيسقط في الأحوال كافة على المشهد الذي تصوّره. ولا أهمية لما تفعله، فلن تستطيع قط أن تمحو نفسك من المشهد المُصوَّر.
استخدم الفيزيائي جون ويلر تشبيهاً هو لوح زجاج النافذة. فعلى مدار قرون نظر العلم إلى الكون بطريقة موضوعية، كما لو كنّا مفصولين عنه بلوح من الزجاج. فجاءت نظرية الكوانتا لتحطم هذا الزجاج إلى الأبد. فمن خلالها وصلنا إلى ملامسة الكون. وبدلاً من كوننا للكون مراقبين موضوعيين أصبحنا فيه مشاركين.



:: توقيعي :::


أهم شيء هو ألا تتوقف عن السؤال. أينشتاين

  رد مع اقتباس
قديم 09-01-2013, 12:10 AM السيد مطرقة11 غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [14]
السيد مطرقة11
█▌ الإدارة▌ ®█
الصورة الرمزية السيد مطرقة11
 

السيد مطرقة11 is on a distinguished road
افتراضي

مِجهر هايزنبرغ


لمّا تنتهِ بعدُ روايتنا لغرائب الكوانتا. فثمة خطوة واحدة نخطوها بعدُ- خطوة لم يستطع آينشتاين أن يقبلها قط، خطوة لها تضمنات تخص الطبيعة الدقيقة للواقع. خطوة بزغت أثناء جدال جرى بين بوهر وهايزنبرغ حول تفسير مبدأ اللاتعين.
ففي الأيام الأولى لنظرية الكوانتا حاول فيرنر هايزنبرغ أن يشرح جذور اللاتعين قدر ما حاولتُ أنا في هذا النص الحالي، بتشبيهه بالطريقة التي يُستخدم بها الرادار للتيقن من موقع وسرعة صاروخ ما. في عالم المقاسات الكبيرة حيث الصواريخ والنيازك، يُستخدم تيارٌ مستمر من الإشارات الرادارية، إلا أن هايزنبرغ كان يفكر بنوع مثالي من المجاهر يمكنها أن تُستخدم في دراسة إلكترون واحد. مثل هذا المِجهر سيستخدم حداً أدنى من التشويش-فوتوناً واحداً، كوانتاً واحداً من الضوء، في كل مرة.
أولاً، يُحددُ فوتونٌ واحدٌ سرعةَ الإلكترون ومن ثم تُدوّن النتيجة. وبعدها، يُحددُ فوتونٌ واحدٌ موقعَ الإلكترون ومن ثم تُدون النتيجة. لكن بقياس هذا الموقع، يتلقى الإلكترون تأثيراً من قِبل الفوتون، فيُغيّر سرعته. بشكل تبادلي، بقياس السرعة، يَحرف الفوتونُ المؤثِّرُ الإلكترونَ عن مساره، وبذا يزحزحه عن موقعه. بتعبير آخر، أشار هايزنبرغ إلى أنه حالما تحاول قياس موضع الإلكترون، فإنك تغير سرعته، وما أن تحاول أن تقيس سرعة الإلكترون، فإنك تغير موقعه. ثمة على الدوام عنصر من اللاتعين غير قابل للاختزال يشمل السرعة والموقع[1].



:: توقيعي :::


أهم شيء هو ألا تتوقف عن السؤال. أينشتاين

  رد مع اقتباس
قديم 09-01-2013, 12:10 AM السيد مطرقة11 غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [15]
السيد مطرقة11
█▌ الإدارة▌ ®█
الصورة الرمزية السيد مطرقة11
 

السيد مطرقة11 is on a distinguished road
افتراضي

يُحاجج هايزنبرغ في أن اللاتعين ينشأ بهذه الطريقة. إنه حصيلة التشوشات التي نُحدثها عندما نسعى إلى استجواب العالم الكوانتي. ولأن الكوانت غير قابل للتجزئة، فإن تجنب هذا اللاتعين متعذر جملةً. نَحَتَ الفيزيائي الفرنسي برنارد ديسبانا مصطلح "عالم مُحجَّب" للإشارة إلى هذه الخاصية. وقد لاحظَ أن العالم الكوانتي، بطبيعته ذاتها، محتجب ومختفٍ عنّا. ولا أهمية لمدى ما يمكن أن تكون عليه تجاربنا من دقة، فالطبيعة النهائية لهذا الواقع لا يمكن قط رفع النقاب عنها بالكامل.



:: توقيعي :::


أهم شيء هو ألا تتوقف عن السؤال. أينشتاين

  رد مع اقتباس
قديم 09-01-2013, 12:10 AM السيد مطرقة11 غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [16]
السيد مطرقة11
█▌ الإدارة▌ ®█
الصورة الرمزية السيد مطرقة11
 

السيد مطرقة11 is on a distinguished road
افتراضي

تلاشي الواقع الكوانتي


عند هذه النقطة توقفت المسألة إلى أن جاء دور نيلز بوهر. فبينما كان فيزيائيون، أمثال فيرنر هايزنبرغ وولفغانغ باولي وإيروين شرويدنغر وماكس بورن، يعملون على الصيغة الرياضية للنظرية الجديدة، كان نيلز بوهر يفكر حول ما تعنيه النظرية فعلياً. ولهذا فقد دعا هايزنبرغ إلى كوبنهاغن وواجهه بالدلالة الأعمق لـ"تجربة المِجهر".
حاجج بوهر في أن تفسير هايزنبرغ بدأ بافتراض أن للإلكترون بالفعل موقعا وسرعة وأن إجراء القياس هو إحدى هاتين الخاصيتين التي تشوش الأخرى. بتعبير آخر، يزعم بوهر أن هايزنبرغ افترض وجود واقع أساسي ثابت؛ أن الموضوعات الكوانتية تمتلك خاصيات -كتلك التي تمتلكها الأشياء العادية في عالمنا هذا تماماً- وأن فعل الملاحظة يتدخل في واحدة من هاتين الخاصيتين.
ومضى يُحاجج في أن نقطة انطلاق هايزنبرغ خاطئة، إذ تفترض أن للإلكترون خاصيات داخلية. وأن قولنا أن للإلكترون موقعا وسرعة هو قول ذو معنى في عالم المقاسات الكبيرة فقط. والحقيقة أن مفاهيم من قبيل السببية والموقع المكاني والسرعة والمسار تنطبق في فيزياء المقاسات الكبيرة فقط. ولا يمكن استيرادها إلى عالم الكوانتا.



:: توقيعي :::


أهم شيء هو ألا تتوقف عن السؤال. أينشتاين

  رد مع اقتباس
قديم 09-01-2013, 12:10 AM السيد مطرقة11 غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [17]
السيد مطرقة11
█▌ الإدارة▌ ®█
الصورة الرمزية السيد مطرقة11
 

السيد مطرقة11 is on a distinguished road
افتراضي

حجة بوهر كانت من القوة بحيث أجرت دموع هايزنبرغ فعلاً. في حين كان هايزنبرغ قد حاجج في أن فعل النظر إلى الكون يشوش الخاصيات الكوانتية، كان موقف بوهر أكثر ثباتاً بكثير. إذ قال: إن كل فعل لإجراء قياس هو فعل استجواب للكون. والرد الذي يتلقاه المرء على هذا الاستجواب يعتمد على كيفية تأطير هذا السؤال- ألا وهو، كيف يُجرى القياس؟. فبدلاً من محاولة رفع الغطاء عن خاصية كوانتية أساسية، فإن الخاصيات التي نلاحظها تكون، في معنى بعينه، حصيلة لفعل القياس ذاته. أنت تطرح سؤالاً بهذه الطريقة أما الطبيعة فقد أُطرتْ لتقدم إجابة محددة. اطرحْ السؤال بطريقة أخرى وسيأتيك الجواب مختلفاً. وبدلاً من تشويش الكون، يأتي الجواب على هيئة قياس كوانتي هو شكل من الخلق المشترك بين الملاحِظ والملاحَظ.
لنأخذ، على سبيل المثال، مسار صاروخ في عالم المقاسات الكبيرة. ها أنت تلاحظ الصاروخ في النقطة "آ". والآن أشح بنظرك عنه وبعدها ببرهة عاود النظر إليه وستراه في النقطة "ب". ورغم أنك لم تكن تنظر إلى الصاروخ حين كان يقطع المسافة بين "آ" و"ب"، فما زال افتراض أن الصاروخ كان بالفعل في مكان ما بين النقطتين افتراضا منطقيا بالكامل. فأنت تفترض أن للصاروخ في كل لحظة من الزمن موقعاً ومساراً محددين بدقة في الفضاء بصرف النظر عن حقيقة أنك لم تكن تنظر إليه!.
إلا أن الأمر يختلف في العالم الكوانتي. يمكن أيضاً ملاحظة إلكترون في النقطة "آ" ومن ثم، فيما بعد، في النقطة "ب". لكن في الحالة الكوانتية لا يمكننا أن نتحدث عن مسار يقطعه الإلكترون من "آ" إلى "ب"، كما لا يمكن للمرء أن يقول إنه لم يزل للإلكترون، عندما لم يكن مُلاحَظاً، سرعة وموقع.


يتبع ....



:: توقيعي :::


أهم شيء هو ألا تتوقف عن السؤال. أينشتاين

  رد مع اقتباس
قديم 09-01-2013, 12:10 AM السيد مطرقة11 غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [18]
السيد مطرقة11
█▌ الإدارة▌ ®█
الصورة الرمزية السيد مطرقة11
 

السيد مطرقة11 is on a distinguished road
افتراضي

الواقع ما بعد الحداثي

تحدث باولي عن الحاجة إلى الفيزياء لمواجهة المستويات الذاتية من المادة وللتفاهم مع اللاعقلانية في الطبيعة. والأمر كما لو أن الفيزياء في العقود الأولى من القرن العشرين كانت تستبق ما عُرف بنزعة ما بعد الحداثة و"موت المؤلف".
اعتبرتْ التصورات الأولى عن الأدب أن لكتاب أو قصيدة ما صفة موضوعية؛ إن الكتاب أو القصيدة يحمل المعاني التي أبدعها المؤلف، وأن مسؤولية القارئ هي أن يستنطق هذه المعاني أثناء فعل القراءة. فعندما نقرأ في المدرسة مسرحية لشكسبير أو نحلل قصيدة لميلتون، يُطلب منا أن نرفع الغطاء عن الصور الذهنية المتعددة وعن التشبيهات وعن مجازات التعبير التي تعمل كمفاتيح للمعنى الجوهري المقصود من جانب المؤلف. تقترح المقاربة ما بعد الحداثية أن القراءة أكثر من فعل إبداعي يخلق به القراء ويولِّدون المعاني من خلال خبراتهم الخاصة وتاريخهم في القراءة.
وعلى المنوال ذاته يكتب المؤلف من داخل سياق التاريخ الأدبي برمته وعبر التداعيات المتعددة للغة. وإذن فليس المؤلف بعد الآن الصوت النهائي للتأليف، "المنجب الوحيد" الحقيقي. وليس القارئ بعد الآن المتلقي السلبي للمعلومات وحسب بل هو الآن مَنْ يهب النص حياته.
عندما تحدث آينشتاين عن الرب الطيب كان يملك في ذهنه تصوراً عن التأليف مشابها لما كان في الفترة الأولى من تاريخ النقد الأدبي؛ أي، عن شخص يشبه مؤلف روايات من العصر الفكتوري. فالله خلق الكون من عدم ويمكننا نحن، بوصفنا مخلوقاته، أن نتوصل إلى فهم خطة الخلق الإلهية. الخطة هذه موضوعية وموجودة باستقلال عن أفكارنا وآمالنا ورغباتنا. والحد الذي تبقى معه هذه الخطة محجوبة عنّا هو مقياس لقصورنا البشري كقراء للكتاب الإلهي للخلق.
أما بوهر وزملاؤه في كوبنهاغن فقد تبنّوا موقفاً قريباً من موقف القارئ ما بعد الحداثي. فـ"خاصيات" الإلكترون ليست موضوعية وموجودة بشكل مستقل، بل تنشأ عن فعل الملاحظة ذاته. ودون فعل الملاحظة هذا، أو دون هذه "القراءة" الإبداعية، لا يمكن القول إن "خاصيات" الإلكترون توجد بذاتها. وهذا هو جذر القطيعة الفعلية بين بوهر وآينشتاين.



:: توقيعي :::


أهم شيء هو ألا تتوقف عن السؤال. أينشتاين

  رد مع اقتباس
قديم 09-01-2013, 12:10 AM السيد مطرقة11 غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [19]
السيد مطرقة11
█▌ الإدارة▌ ®█
الصورة الرمزية السيد مطرقة11
 

السيد مطرقة11 is on a distinguished road
افتراضي

لقد حاجج آينشتاين ضد فكرة المصادفة المطلقة في نظرية الكوانتا، رغم أنه كان راغباً في المحصلة النهائية في الاعتراف بأن ملاحظة كوانتية لا تشوش الكون بطريقة لا يمكن التنبؤ بها وأن الانحلال النشط إشعاعياً لجُزيء ما يمكن أن يكون غير قابل للتنبؤ جملةً. لكنه لم يستطع الإقلاع عن قناعته بأن للكون وجودا متناهيا. إذ اعتقد أننا حتى إن أدخلنا التشوش على الكون عندما نراقبه، فإنه سيبقى مستقل الوجود. فللكون، بالنسبة لآينشتاين، وجود حقيقي مستقل، مثل نص مؤلَف من العصر الفكتوري. قد يكون محتجباً عنّا، لكنه ما يزال موجوداً. وقد لا نعرف الخاصيات المحددَّة لإلكترون ما عندما لا نقوم بملاحظته، لكن هذه الخاصيات تستمر في الوجود. وقد لا نعرف أين يتموضع إلكترون في اللحظة الحاضرة، لكن يجب أن يكون له مسار في الوقت الذي ينتقل فيه من "آ" إلى "ب".
ووفق صياغة آينشتاين لهذه النقطة، الكون مركّب من "عناصر الواقع المستقلة". ومما لا يمكن إنكاره أننا نشوّش الأشياء عندما نحاول أن نتحرى هذا الواقع بملاحظاتنا. لكن عندما لا نلاحظه، عندما نكون بعيدين عن منظومة كوانتية، فلابد أنها ما تزال تمتلك واقعاً موضوعياً حقيقياً وتمتلك خصائص محددة بدقة-حتى إن حدث أننا لا نعرف ماهياتها.



:: توقيعي :::


أهم شيء هو ألا تتوقف عن السؤال. أينشتاين

  رد مع اقتباس
قديم 09-01-2013, 12:10 AM السيد مطرقة11 غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [20]
السيد مطرقة11
█▌ الإدارة▌ ®█
الصورة الرمزية السيد مطرقة11
 

السيد مطرقة11 is on a distinguished road
افتراضي

هذه هي النقطة المأزقية التي أفضت إلى انسداد الطريق عند آينشتاين. إنها الاعتقاد الأكثر جوهرية لديه، ومفادها أن ثمة واقعا موضوعيا وراء مظاهر العالم، نزولاً منه إلى الميدان الكوانتي. نظريته في النسبية بيّنت أن وراء هذه المظاهر تقوم قوانين موضوعية تسود الواقع المادي، رغم أن هذه المظاهر تعتمد على حالة تحرُّك المراقب. هَبْ أننا لا نشوّش الكون، فإن له وجودا مستقلا عنّا كليةً. وقد أخبر زميله إبراهام بايس ذات مرة أنه يرفض الاعتقاد بأن القمر ينقطع عن الوجود عندما لا يكون خاضعاً لملاحظتنا. لكن إن صح ما يقوله بوهر، فلن يكون للكون بعد الآن معنى بالنسبة لآينشتاين.
تمضي السنوات ويلتقي آينشتاين وبوهر لمناقشة هذه النقطة تحديداً. وسيحاول آينشتاين أن يُولِّد ملاحظة مثالية ("تجربة ذهنية") تعطي معنى لفكرته عن واقع مستقل. بوهر، بدوره، سيفكر ملياً بمقترحات آينشتاين وسيجد، في نهاية المطاف، خللاً في الحجة.
لم يُقصد قط أن تكون هذه "التجارب الذهنية" مثيلة لتجارب مخبرية فعلية بل كانت بديلاً لتمارين عقلية تُستخدم لاستكشاف ما إذا كان قد تم خرق لمبدأ أساسي ما من مبادئ الفيزياء. لنأخذ قضية مبدأ اللاتعين عند هايزنبرغ للتمثيل على ذلك، يُقرر هذا المبدأ أن زوجاً من الخاصيات، مثل قوة الدفع (السرعة مضروبة بالكتلة) والموقع، لا يمكن معرفتهما سوية بيقين مطلق. لاتعين ذو صلة يشمل الزمن والطاقة. فعندما يحاول الفيزيائيون قياس الطاقة في منظومة كوانتية خلال فواصل زمنية أقصر فأقصر فإن هذه الطاقة ذاتها تصبح لامتعينة أكثر فأكثر. بالنسبة لبوهر هذا الغموض أساسي في نظرية الكوانتا، لكن الزمن والطاقة أو الموقع وقوة الدفع، بالنسبة لآينشتاين، هي حقائق realities موضوعية "تملكها" نظرية الكوانتا. واللاتعين الوحيد، وفق آينشتاين، يكمن في عجزنا أو افتقارنا للإبداع في قياس الخاصيات الموضوعية لهذه المنظومات.
وعندما التقى بوهر وآينشتاين في مؤتمر سولفاي Solvay في العام 1930، قدم آينشتاين لبوهر تجربة ذهنية أخرى. فقال، افترض أن لدينا صندوقاً مليئاً بالإشعاع وله مغلاق مؤقت ليفتح ويُغلق لجزء من الثانية. والفاصل الزمني معروف بدقة كبيرة، وخلال هذا الفاصل سينفلت من الصندوق كمٌ ضئيل من الطاقة، فوتون واحد. في هذه اللحظة كان آينشتاين قد استبق موقف بوهر القائل أنه كلما كان الفاصل الزمني أقصر، كانت معرفتنا لكم الطاقة المنفلتة أكبر في لاتعينها. ونظرية النسبية الخاصة لآينشتاين تبيّن أن الطاقة والكتلة متكافئين، كما هو مبين في الصيغة E=mc². تالياً، إذا ما وزنّا الصندوق قبل أن ينفتح المغلاق وبعدها، فسيكون أخف وزناً في عملية الوزن الثانية. هذا الاختلاف في الكتلة يُقدم مقياساً دقيقاً لكم الطاقة المنفلت. وبهذه الطريقة يتم تحديد مقياس مضبوط للطاقة خلال فاصل زمني دقيق. يحاجج آينشتاين، عند هذه النقطة، في أنه أبطل دعوى بوهر حول اللاتعين الأساسي.



:: توقيعي :::


أهم شيء هو ألا تتوقف عن السؤال. أينشتاين

  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدليلية (Tags)
نهاية, إلى, اللايقين, الموضوعي, اليقين, السببية, الواقع, واستحالة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
هل يوجد نهاية للكون أم أنه بلا نهاية ؟ مجدي ابو عيشة حول المادّة و الطبيعة ✾ 81 01-19-2018 02:02 PM
هل سقط مبدأ اللايقين لهيزنبيرج ؟! تهارقا العلوم و الاختراعات و الاكتشافات العلمية 9 12-02-2017 02:45 PM
رحلتي من اليقين إلى الشك إلى،،،،،،،، لا أدري لا أعرف ساحة التجارب الشخصـيـة ♟ 9 05-05-2017 06:10 AM
نهاية السرطان.. كشف جديد بألمانيا يرفع آمال العلماء بالقضاء على الأورام إلى الأبد ابن دجلة الخير العلوم و الاختراعات و الاكتشافات العلمية 0 06-03-2016 12:28 AM
الرحلة من الشك إلى اليقين كاره الله العقيدة الاسلامية ☪ 11 11-22-2015 02:50 AM