شبكة الإلحاد العربيُ  

العودة   شبكة الإلحاد العربيُ > ملتقيات في نقد الإيمان و الأديان > العقيدة الاسلامية ☪ > مواضيع مُثبتةْ

 
 
أدوات الموضوع اسلوب عرض الموضوع
قديم 04-05-2015, 03:24 AM لؤي عشري غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [11]
لؤي عشري
باحث ومشرف عام
الصورة الرمزية لؤي عشري
 

لؤي عشري is on a distinguished road
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى لؤي عشري
افتراضي

يومالرجيع

جاء في البخاري:

3045 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ أَسِيدِ بْنِ جَارِيَةَ الثَّقَفِيُّ وَهُوَ حَلِيفٌ لِبَنِي زُهْرَةَ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشَرَةَ رَهْطٍ سَرِيَّةً عَيْنًا وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيَّ جَدَّ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَانْطَلَقُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْهَدَأَةِ وَهُوَ بَيْنَ عُسْفَانَ وَمَكَّةَ ذُكِرُوا لِحَيٍّ مِنْ هُذَيْلٍ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو لَحْيَانَ فَنَفَرُوا لَهُمْ قَرِيبًا مِنْ مِائَتَيْ رَجُلٍ كُلُّهُمْ رَامٍ فَاقْتَصُّوا آثَارَهُمْ حَتَّى وَجَدُوا مَأْكَلَهُمْ تَمْرًا تَزَوَّدُوهُ مِنْ الْمَدِينَةِ فَقَالُوا هَذَا تَمْرُ يَثْرِبَ فَاقْتَصُّوا آثَارَهُمْ فَلَمَّا رَآهُمْ عَاصِمٌ وَأَصْحَابُهُ لَجَئُوا إِلَى فَدْفَدٍ وَأَحَاطَ بِهِمْ الْقَوْمُ فَقَالُوا لَهُمْ انْزِلُوا وَأَعْطُونَا بِأَيْدِيكُمْ وَلَكُمْ الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ وَلَا نَقْتُلُ مِنْكُمْ أَحَدًا قَالَ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ أَمِيرُ السَّرِيَّةِ أَمَّا أَنَا فَوَاللَّهِ لَا أَنْزِلُ الْيَوْمَ فِي ذِمَّةِ كَافِرٍ اللَّهُمَّ أَخْبِرْ عَنَّا نَبِيَّكَ فَرَمَوْهُمْ بِالنَّبْلِ فَقَتَلُوا عَاصِمًا فِي سَبْعَةٍ فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ بِالْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ مِنْهُمْ خُبَيْبٌ الْأَنْصَارِيُّ وَابْنُ دَثِنَةَ وَرَجُلٌ آخَرُ فَلَمَّا اسْتَمْكَنُوا مِنْهُمْ أَطْلَقُوا أَوْتَارَ قِسِيِّهِمْ فَأَوْثَقُوهُمْ فَقَالَ الرَّجُلُ الثَّالِثُ هَذَا أَوَّلُ الْغَدْرِ وَاللَّهِ لَا أَصْحَبُكُمْ إِنَّ لِي فِي هَؤُلَاءِ لَأُسْوَةً يُرِيدُ الْقَتْلَى فَجَرَّرُوهُ وَعَالَجُوهُ عَلَى أَنْ يَصْحَبَهُمْ فَأَبَى فَقَتَلُوهُ فَانْطَلَقُوا بِخُبَيْبٍ وَابْنِ دَثِنَةَ حَتَّى بَاعُوهُمَا بِمَكَّةَ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ فَابْتَاعَ خُبَيْبًا بَنُو الْحَارِثِ بْنِ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ وَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ قَتَلَ الْحَارِثَ بْنَ عَامِرٍ يَوْمَ بَدْرٍ فَلَبِثَ خُبَيْبٌ عِنْدَهُمْ أَسِيرًا فَأَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عِيَاضٍ أَنَّ بِنْتَ الْحَارِثِ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهُمْ حِينَ اجْتَمَعُوا اسْتَعَارَ مِنْهَا مُوسَى يَسْتَحِدُّ بِهَا فَأَعَارَتْهُ فَأَخَذَ ابْنًا لِي وَأَنَا غَافِلَةٌ حِينَ أَتَاهُ قَالَتْ فَوَجَدْتُهُ مُجْلِسَهُ عَلَى فَخِذِهِ وَالْمُوسَى بِيَدِهِ فَفَزِعْتُ فَزْعَةً عَرَفَهَا خُبَيْبٌ فِي وَجْهِي فَقَالَ تَخْشَيْنَ أَنْ أَقْتُلَهُ مَا كُنْتُ لِأَفْعَلَ ذَلِكَ وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ أَسِيرًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ خُبَيْبٍ وَاللَّهِ لَقَدْ وَجَدْتُهُ يَوْمًا يَأْكُلُ مِنْ قِطْفِ عِنَبٍ فِي يَدِهِ وَإِنَّهُ لَمُوثَقٌ فِي الْحَدِيدِ وَمَا بِمَكَّةَ مِنْ ثَمَرٍ وَكَانَتْ تَقُولُ إِنَّهُ لَرِزْقٌ مِنْ اللَّهِ رَزَقَهُ خُبَيْبًا فَلَمَّا خَرَجُوا مِنْ الْحَرَمِ لِيَقْتُلُوهُ فِي الْحِلِّ قَالَ لَهُمْ خُبَيْبٌ ذَرُونِي أَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ فَتَرَكُوهُ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ لَوْلَا أَنْ تَظُنُّوا أَنَّ مَا بِي جَزَعٌ لَطَوَّلْتُهَا اللَّهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدًا مَا أُبَالِي حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِمًا عَلَى أَيِّ شِقٍّ كَانَ لِلَّهِ مَصْرَعِي وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الْإِلَهِ وَإِنْ يَشَأْ يُبَارِكْ عَلَى أَوْصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ فَقَتَلَهُ ابْنُ الْحَارِثِ فَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ سَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ لِكُلِّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ قُتِلَ صَبْرًا فَاسْتَجَابَ اللَّهُ لِعَاصِمِ بْنِ ثَابِتٍ يَوْمَ أُصِيبَ فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ خَبَرَهُمْ وَمَا أُصِيبُوا وَبَعَثَ نَاسٌ مِنْ كُفَّارِ قُرَيْشٍ إِلَى عَاصِمٍ حِينَ حُدِّثُوا أَنَّهُ قُتِلَ لِيُؤْتَوْا بِشَيْءٍ مِنْهُ يُعْرَفُ وَكَانَ قَدْ قَتَلَ رَجُلًا مِنْ عُظَمَائِهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ فَبُعِثَ عَلَى عَاصِمٍ مِثْلُ الظُّلَّةِ مِنْ الدَّبْرِ فَحَمَتْهُ مِنْ رَسُولِهِمْ فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى أَنْ يَقْطَعَ مِنْ لَحْمِهِ شَيْئًا

ورواه أحمد 8097 وعبد الرزاق في مصنفه (9730) .ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن حبان (7039) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (4191) و17/ (463) ، والمزي في ترجمة عمرو بن أَبي سفيان من "تهذيب الكمال" 22/45-46. وأخرجه البخاري (4086) من طريق هشام بن يوسف، عن معمر، به.

ولنتأمل في هذا، أرسل محمد سرية للتجسس على قوافل قريش، أو غالباً للتجسس على هذيل بالذات وليس قريش، ، فتنبه هؤلاء للمسلمين، وقد كان لأتباع محمد سمعة سيئة كقاطعي طريق وناهبين لا تختلف عن سمعة بني طيء في اليمن وقتئذٍ، فقاموا بقتل الجواسيس، كما نرى لا يمكننا لوم قوم يحمون أنفسهم من أمة معتدية من شأنها أن تنهبهم وتسفك دماء رجالهم وفتيانهم الصغار، وتستعبد أطفالهم ونساءهم.

لكن كتاب السيرة النبوية يروون قصة أخرى محاولة منهم لتجميل صورة الإسلام، وإذا اختلفت الروايات فأحدها كاذب لغرض ما، لا محالة، فيقول الواقدي:

يقول الواقدي:
لَمّا قُتِلَ سُفْيَانُ بْنُ خَالِدِ بْنِ نُبَيْحٍ الْهُذَلِىّ مَشَتْ بَنُو لِحْيَانَ إلَى عَضَلٍ وَالْقَارّةِ، فَجَعَلُوا لَهُمْ فَرَائِضَ عَلَى أَنْ يَقْدَمُوا عَلَى رَسُولِ اللّهِ ÷ فَيُكَلّمُوهُ فَيُخْرِجَ إلَيْهِمْ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِهِ يَدْعُونَهُمْ إلَى الإِسْلامِ، فَنَقْتُلَ مَنْ قَتَلَ صَاحِبَنَا وَنَخْرُجَ بِسَائِرِهِمْ إلَى قُرَيْشٍ بِمَكّةَ فَنُصِيبَ بِهِمْ ثَمَنًا؛ فَإِنّهُمْ لَيْسُوا لِشَىْءٍ أَحَبّ إلَيْهِمْ مِنْ أَنْ يُؤْتَوْا بِأَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمّدٍ يُمَثّلُونَ بِهِ، وَيَقْتُلُونَهُ بِمَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ بِبَدْرٍ، فَقَدِمَ سَبْعَةُ نَفَرٍ مِنْ عَضَلٍ وَالْقَارّةِ وَهُمَا حَيّانِ إلَى خُزَيْمَةَ مُقِرّيْنِ بِالإِسْلامِ فَقَالُوا لِرَسُولِ اللّهِ ÷: إنّ فِينَا إسْلامًا فَاشِيًا، فَابْعَثْ مَعَنَا نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِك يُقْرِئُونَنَا الْقُرْآنَ وَيُفَقّهُونَنَا فِى الإِسْلامِ. فَبَعَثَ مَعَهُمْ سَبْعَةَ نَفَرٍ مَرْثَدُ بْنُ أَبِى مَرْثَدٍ الْغَنَوِىّ، وَخَالِدُ بْنُ أَبِى الْبُكَيْرِ، وَعَبْدُ اللّهِ بْنُ طَارِقٍ البَلَوِىّ حَلِيفٌ فِى بَنِى ظَفَرٍ، وَأَخَاهُ لأُمّهِ مُعَتّبُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَلِيفٌ فِى بَنِى ظَفَرٍ وَخُبَيْبُ بْنُ عَدِىّ بْنِ بَلْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، وَزَيْدُ بْنُ الدّثِنّة مِنْ بَنِى بَيَاضَةَ، وَعَاصِمُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ أَبِى الأَقْلَحِ. وَيُقَالُ: كَانُوا عَشْرَةً وَأَمِيرُهُمْ مَرْثَدُ بْنُ أَبِى مَرْثَدٍ؛ وَيُقَالُ: أَمِيرُهُمْ عَاصِمُ ابْنُ ثَابِتِ بْنِ أَبِى الأَقْلَحِ. فَخَرَجُوا حَتّى إذَا كَانُوا بِمَاءٍ لهُذَيْل - يُقَالُ لَهُ: الرّجِيعُ قَرِيبٌ مِنْ الْهَدّةِ - خَرَجَ النّفَرُ فَاسْتَصْرَخُوا عَلَيْهِمْ أَصْحَابَهُمْ الّذِينَ بَعَثَهُمْ اللّحْيَانِيّونَ فَلَمْ يُرَعْ أَصْحَابُ مُحَمّدٍ ÷ إلاّ بِالْقَوْمِ مِائَةُ رَامٍ وَفِى أَيْدِيهمْ السّيُوفُ. فَاخْتَرَطَ أَصْحَابُ النّبِىّ ÷ أَسْيَافَهُمْ ثُمّ قَامُوا، فَقَالَ الْعَدُوّ: مَا نُرِيدُ قِتَالَكُمْ وَمَا نُرِيدُ إلاّ أَنْ نُصِيبَ مِنْكُمْ مِنْ أَهْلِ مَكّةَ ثَمَنًا، وَلَكُمْ عَهْدُ اللّهِ وَمِيثَاقُهُ لا نَقْتُلُكُمْ. ....إلخ القصة.

ويقول ابن هشام:

قال ابن اسحاق: فقالوا: يا رسول الله، إن فينا اسلاما، فابعث معنا نفرا من اصحابك يفقهوننا في الدين، ويُقرئوننا القرآن، ويعلموننا شرائع الإسلام. فبعث رسولُ الله صلى الله عليه وسلم نفرا ستةً من اصحابه....إلخ

ويذكر شعرًا لحسان بن ثابت قد نتأكد منه من صحة شيء مما جاء في كتب السيرة،منه:

حسان يهجو هذيل لقتلهم خبيبا: وقال حسان أيضا يهجو هذيلا فيما صنعوا بخبيب بن عدى:
أبلغ بني عمرو بأن أخاهُم ... شَراهُ امرؤ قد كان للغدرِ لازمَا (2)
شراه زُهير بنُ لأغَرِّ وجامعٌ ... وكانا جميعا يركبان المَحارمَا
أجرتُم فلما أن أجرتم غدرتم ... وكنتم بأكتافِ الرجيعِ لَهَاذِمَا (3)
فليت خُبَيْبا لم تخنْه أمانة ... وليت خُبيبا كان بالقومِ عالمَا

قال ابن هشام: زهير بن الأغر وجامع الهذليان اللذان باعا خُبيبا.

قال ابن اسحاق: وقال حسان بن ثابت أيضًا:

إنْ سرَّك الغدرُ صِرفا لا مِزاجَ له ... فاتِ الرجيعَ فسَلْ عن دارِ لِحْيانِ
قوم تواصَوْا بأكلِ الجارِ بينَهم ... فالكلبُ والقردُ والإنسانُ مِثلانِ
لو ينطق التيْسُ يوما قام يخطبُهم ... وكان ذا شرفٍ فيهم وذا شانِ

قال ابن هشام: وأنشدني أبو زيد الأنصارى قوله:

لو ينطق التيسُ يوما قال يخطبُهم ... وكان ذا شرفٍ فيهم وذا شأن

قال ابن اسحاق: وقال حسان بن ثابت أيضا يهجو هُذَيلا:

سألت هُذَيل رسولَ الله فاحشةً ضلتْ هُذيلٌ بماسالتْ ولم تُصِبِ
سألوا رسولَهمُ ما ليس معطِيَهُم حتى الممات وكانوا سُبةَ العربِ
# ولن ترى لهذيْل داعيا أبدا يدعو لمَكرَمةٍ عن منزِلِ الحربِ
# لقد أرادوا خلالَ الفُحْشِ وَيْحَهُمُ وأن يُحلوا حراما كان في الكتبِ

وقال حسان بن ثابت أيضا يهجو هُذَيلا:

# لعَمْرِى لقد شانتْ هُذَيلَ بنَ مُدْرِكِ أحاديثُ كانت في خُبيبٍ وعاصمِ
________________
(1) دلوك: غروك.
(2) شراه: باعه.
(3) اللهاذم. السيوف القاطعة.
# أحاديثُ لحْيان صَلَوْا بقبيحِها ولحيان جَرَّامون شر الجرائمِ (1)
# أناس هم من قومِهم في صميمِهم بمنزلةِ الزِّمْعانِ دُبْرُ القوادم (2)
# همُ غدروا يومَ الرجيعِ وأسلمتْ أمانتُهم ذا عفةٍ ومكارَمِ
# رسولَ رسولِ الله غدرا ولم تكن هُذيل تَوَقَّى مُنكراتِ المحارمِ
# فسوف يَرَوْن النصرَ يوما عليهمُ بقتلِ الذي تَحميه دونَ الحرائمِ (3)
# أبابيلُ دَبْر شُمُّسٍ دونَ لحمِه حمتْ لحمَ شَهَّادٍ عِظامَ الملاحمِ
# لعل هذيلا إن يَرَوْا بمصَابِه مصارعَ قتلَى أو مَقاما لمأتم
# ونوقع فيهم وقعةً ذاتَ صَوْلةٍ يُوافِى بها الركبانُ أهلَ المواسمِ
# بأمرِ رسولِ الله أن رسولَه رأى رأيَ ذي حَزْمٍ بلحْيانَ عالمِ
# قُبَيِّلَة ليس الوفاءُ يهمهم ... وان ظُلموا لم يدفعوا كف ظالمِ
# إذا الناسُ حَلُّوا بالقضاءِ رأيتَهم ... بمجرى مَسيلِ الماءِ بينَ المخارِمِ (4)
# مَحَلُّهمُ دارُ البوارِ ورأيهم ... إذا نابهم أمرٌ كرأيِ البهائم

وقال حسان بن ثابت يهجو هُذيلا:

# لحَىلله لِحْيانا فليست دماؤهم لنا من قَتيلَيْ غُدْرةٍ بوفاءِ
# هُموُ قتلوا يومَ الرجيع ابنَ حُرةٍ أخا ثِقةٍ في وُدِّه وَصَفاء
# فلو قُتلوا يومَ الرجيع باسرِهم بذي الدَّبْرِ ما كانوا له بكِفاءِ (5)

من الصعب تبين أي القصتين أصح، وشخصياً فإني أميل إلى الأولى، ولعلها أكثر مصداقية، لكن القمني يميل إلى الثانية قليلاً، والسبعة المذكورون مشهورون كمقاتلين في بعض السرايا وبدر وأحد. والخلاصة أن الجو الذي ترعرع به الإسلام كان جوًّا مسموماً مليئًا بالتعصب القبليّ والدينيّ، فحارب كلا الفريقين بعضهما، دون أي تبصر، ونشأ الإسلام كأحد أكثر الأديان عنفًا

__________
(1) صلوا بقبيحها: أصابهم شرها. جرامون: كسابون.
(2) الزمعان: جمع زمعة، شعرة مدلاة في مؤخر رجل الشاة أو غيرها. والدبر: الخلف.
(3) يريد عاصم بن الأقلح فقد حمته الزنابير.
(4) المخارم: مسايل الماء.
(5) ذو الدبر: هو عاصم بن الأقلح.
نتيجةً لذلك. يقول القمني أن _حسب الواقدي ومحمد بن سعد_كان قبل تلك الأحداث في السنة الثالثة هجرية جمعت هذيل جموعاً لمحمد فأرسل محمد من اغتيال قائدهم خالد بن سفيان بن نبيح الهذلي على يد من أرسله محمد وأنهم لذلك انتقموا في يوم الرجيع، لكن لنلاحظ أن المحبر لابن حبيب يجعل سرية عبد الله بن أنيس لقتل خالد بن سفيان بن نبيح سنة 5ه بعد حادثتي الرجيع في آخر 3ه وبئر معونة سنة4ه! وكما نرى لقد عبث كتبة المسلمين كثيرًا فتلاعبوا بتلك التواريخ وترتيبها ناهيك عن تفاصيل الأحداث نفسها، فالمنتصر يكتب التاريخ كما يُقال، وأفراد الرواة لم يتحلوا بأمانة كاملة حتمًا وحاولوا بناء قصصهم على تبرير هجمات المسلمين بأنهم وجدوا قوم فلان أو علان (كبني سليم أو هذيل أو غطفان أو أسد بقطن) يجمعون جموعاً ضدهم فبادروهم بالهجوم وكالعادة في كل مرة كانوا ينهبون الأنعام والأغنام من تلك القبائل!


















قصة بئر معونة

هذه القصة كما لاحظ القمني وغيره لها عدة روايات متناقضة عن سبب إرسال محمد لسبعين أو أربعين رجلاً _على اختلاف الروايات_من شباب أتباعه إلى نجد، ولعل أصحها التالي:

روى البخاري:

بَاب الْعَوْنِ بِالْمَدَدِ

3064 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ وَسَهْلُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَاهُ رِعْلٌ وَذَكْوَانُ وَعُصَيَّةُ وَبَنُو لَحْيَانَ فَزَعَمُوا أَنَّهُمْ قَدْ أَسْلَمُوا وَاسْتَمَدُّوهُ عَلَى قَوْمِهِمْ فَأَمَدَّهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعِينَ مِنْ الْأَنْصَارِ قَالَ أَنَسٌ كُنَّا نُسَمِّيهِمْ الْقُرَّاءَ يَحْطِبُونَ بِالنَّهَارِ وَيُصَلُّونَ بِاللَّيْلِ فَانْطَلَقُوا بِهِمْ حَتَّى بَلَغُوا بِئْرَ مَعُونَةَ غَدَرُوا بِهِمْ وَقَتَلُوهُمْ فَقَنَتَ شَهْرًا يَدْعُو عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَبَنِي لَحْيَانَ قَالَ قَتَادَةُ وَحَدَّثَنَا أَنَسٌ أَنَّهُمْ قَرَءُوا بِهِمْ قُرْآنًا أَلَا بَلِّغُوا عَنَّا قَوْمَنَا بِأَنَّا قَدْ لَقِيَنَا رَبَّنَا فَرَضِيَ عَنَّا وَأَرْضَانَا ثُمَّ رُفِعَ ذَلِكَ بَعْدُ

وروى أحمد بن حنبل:

12402 - حَدَّثَنَا هَاشِمٌ، وَعَفَّانُ، الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ ثَابِتٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَكَتَبَ كِتَابًا بَيْنَ أَهْلِهِ، فَقَالَ: اشْهَدُوا يَا مَعْشَرَ الْقُرَّاءِ، قَالَ ثَابِتٌ: فَكَأَنِّي كَرِهْتُ ذَلِكَ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا حَمْزَةَ: لَوْ سَمَّيْتَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ: وَمَا بَأْسُ ذَلِكَ أَنْ أَقُولَ لَكُمْ قُرَّاءٌ، أَفَلَا أُحَدِّثُكُمْ عَنْ إِخْوَانِكُمُ الَّذِينَ كُنَّا نُسَمِّيهِمْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقُرَّاءَ، فَذَكَرَ أَنَّهُمْ كَانُوا سَبْعِينَ، فَكَانُوا إِذَا جَنَّهُمُ اللَّيْلُ، انْطَلَقُوا إِلَى مُعَلِّمٍ لَهُمْ بِالْمَدِينَةِ، فَيَدْرُسُونَ فِيهِ الْقُرْآنَ حَتَّى يُصْبِحُوا، فَإِذَا أَصْبَحُوا فَمَنْ كَانَتْ لَهُ قُوَّةٌ اسْتَعْذَبَ مِنَ الْمَاءِ، وَأَصَابَ مِنَ الْحَطَبِ، وَمَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ سَعَةٌ اجْتَمَعُوا، فَاشْتَرَوْا الشَّاةَ ، فَأَصْلَحُوهَا فَيُصْبِحُ ذَلِكَ مُعَلَّقًا بِحُجَرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا أُصِيبَ خُبَيْبٌ، بَعَثَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَوْا عَلَى حَيٍّ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، وَفِيهِمْ خَالِي حَرَامٌ، فَقَالَ حِرَامٌ لِأَمِيرِهِمْ: دَعْنِي فَلْأُخْبِرْ هَؤُلَاءِ أَنَّا لَسْنَا إِيَّاهُمْ نُرِيدُ، حَتَّى يُخَلُّوا وَجْهَنَا، - وَقَالَ عَفَّانُ: فَيُخَلُّونَ وَجْهَنَا -، فَقَالَ لَهُمْ حَرَامٌ: إِنَّا لَسْنَا إِيَّاكُمْ نُرِيدُ، فَاسْتَقْبَلَهُ رَجُلٌ بِالرُّمْحِ، فَأَنْفَذَهُ مِنْهُ، فَلَمَّا وَجَدَ الرُّمْحَ فِي جَوْفِهِ قَالَ: اللهُ أَكْبَرُ فُزْتُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ . قَالَ: فَانْطَوَوْا عَلَيْهِمْ فَمَا بَقِيَ مِنْهُمْ أَحَدٌ، فَقَالَ أَنَسٌ: " فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَدَ عَلَى شَيْءٍ قَطُّ ، وَجْدَهُ عَلَيْهِمْ، فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّمَا صَلَّى الْغَدَاةَ رَفَعَ يَدَيْهِ فَدَعَا عَلَيْهِمْ "، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا أَبُو طَلْحَةَ يَقُولُ لِي: هَلْ لَكَ فِي قَاتِلِ حَرَامٍ ؟ قَالَ: قُلْتُ لَهُ: مَا لَهُ فَعَلَ اللهُ بِهِ وَفَعَلَ قَالَ: مَهْلًا، فَإِنَّهُ قَدْ أَسْلَمَ، وَقَالَ عَفَّانُ: رَفَعَ يَدَهُ يَدْعُو عَلَيْهِمْ، وقَالَ أَبُو النَّضْرِ: رَفَعَ يَدَيْهِ.

حديث صحيح على شرط مسلم

12064 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدٍ، وَابْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْمَعْنَى، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَاهُ رِعْلٌ، وَذَكْوَانُ، وَعُصَيَّةُ، وَبَنُو لِحْيَانَ فَزَعَمُوا أَنَّهُمْ قَدْ أَسْلَمُوا، فَاسْتَمَدُّوهُ عَلَى قَوْمِهِمْ، فَأَمَدَّهُمْ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ بِسَبْعِينَ مِنَ الْأَنْصَارِ - قَالَ أَنَسٌ: كُنَّا نُسَمِّيهِمْ فِي زَمَانِهِمُ الْقُرَّاءَ كَانُوا يَحْطِبُونَ بِالنَّهَارِ، وَيُصَلُّونَ بِاللَّيْلِ - فَانْطَلَقُوا بِهِمْ حَتَّى إِذَا أَتَوْا بِئْرَ مَعُونَةَ، غَدَرُوا بِهِمْ، فَقَتَلُوهُمْ . " فَقَنَتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهْرًا فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ يَدْعُو عَلَى هَذِهِ الْأَحْيَاءِ: رِعْلٍ، وَذَكْوَانَ، وَعُصَيَّةَ، وَبَنِي لِحْيَانَ " قَالَ: قَالَ قَتَادَةُ: وَحَدَّثَنَا أَنَسٌ: أَنَّهُمْ قَرَءُوا بِهِ قُرْآنًا، - وَقَالَ ابْنُ جَعْفَرٍ فِي حَدِيثِهِ: إِنَّا قَرَأْنَا بِهِمْ قُرْآنًا - " بَلِّغُوا عَنَّا قَوْمَنَا، أنَّا قَدْ لَقِينَا رَبَّنَا، فَرَضِيَ عَنَّا وَأَرْضَانَا "، ثُمَّ رُفِعَ ذَلِكَ بَعْدُ . وَقَالَ ابْنُ جَعْفَرٍ: ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ، أَوْ رُفِعَ (1)
__________
(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين.
وأخرجه البخاري (3064) و(4088)، وأبو يعلى (3159) من طريق ابن أبي عدي، بهذا الإسناد. وقرن به البخاريُ سهل بن يوسف. وأخرجه ابن سعد 2/53، والبخاري (4090) ، وأبو عوانة 5/44، وأبو يعلى (2921) ، والبيهقي في "السنن" 2/199، وفي "الدلائل" 3/348 من طرق عن سعيد بن أبي عروبة، به.، والحازمي في "الاعتبار" ص86 من طريق عبد الوارث بن سعيد، عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس نحوه. ويتكرر بنحوه في مسند أحمد برقم (13683) من طريق قتادة، وبرقم (13462) من طريق حميد بن أبي حميد الطويل، وبرقم (12402) من طريق ثابت البناني، وبرقم (13195) من طريق إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة. وفي حديث حميد: أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قنت خمسة عشر يوماً.
والشطر الأول برقم (12087) من طريق عاصم الأحول، وبرقم (13255) من طريق إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة. ومختصراً بقصة قنوت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ودعائه على هذه الأحياء برقم (12150) من طريق قتادة، وبرقم (12655) من طريق عاصم الأحول، وبرقم (12152) من طريق لاحق بن حميد أبي مجلز، وبرقم (13724) من طريق موسى بن أنس.

وهناك رواية أخرى للبخاري:

4088 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعِينَ رَجُلًا لِحَاجَةٍ يُقَالُ لَهُمْ الْقُرَّاءُ فَعَرَضَ لَهُمْ حَيَّانِ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ رِعْلٌ وَذَكْوَانُ عِنْدَ بِئْرٍ يُقَالُ لَهَا بِئْرُ مَعُونَةَ فَقَالَ الْقَوْمُ وَاللَّهِ مَا إِيَّاكُمْ أَرَدْنَا إِنَّمَا نَحْنُ مُجْتَازُونَ فِي حَاجَةٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَتَلُوهُمْ فَدَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ شَهْرًا فِي صَلَاةِ الْغَدَاةِ وَذَلِكَ بَدْءُ الْقُنُوتِ وَمَا كُنَّا نَقْنُتُ قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ وَسَأَلَ رَجُلٌ أَنَسًا عَنْ الْقُنُوتِ أَبَعْدَ الرُّكُوعِ أَوْ عِنْدَ فَرَاغٍ مِنْ الْقِرَاءَةِ قَالَ لَا بَلْ عِنْدَ فَرَاغٍ مِنْ الْقِرَاءَةِ

لو أخذنا بإحدى روايات ابن حنبل، تكون هذه الواقعة بعد واقعة يوم الرجيع، وليس قبلها كما في معظم بل كل كتب السيرة، فهو يقول عن سببها (فلما قُتِل خبيب) وهذا الأخير من المعلوم قتله في حادثة يوم الرجيع، وبالتالي قد نستنتج أن محمد كان أرسل السبعين للانتقام من بني هذيل فقابلهم وعارضهم قوم من بني سليم.
ولو أخذنا بالقصة الأخرى عند أحمد بن حنبل والبخاري يكون محمد أرسلهم للحرب ومعاونة قوم من بني سليم خدعوه وزعموا أنهم أسلموا ويريدون الاستعانة بجند من عنده للنهب والسلب والتخريب، ما جعله يطمع ماديًا وإستيراتيجيًا ويرسل السبعين ولاسيما وأن بني سليم طالما بادؤوه بالعدوان والمشاكسات باعتبارهم حلفاء قريش قوم محمد. وفي كلا القصتين كان الغرض عسكريًا لا سلميًا، وفي تلك المرحلة من الإسلام لم يكن من سلم ربما إلا بعد صلح الحديبية سنة 7 هـ لمدة عام كامل تقريبًا. ويستنكر القمني أن يُخدَع محمدٌ مرتين بنفس الأسلوب ومتتاليتان، فهو ليس ساذجًا.

ولكن الواقدي وابن هشام يرويان قصة مختلفة، فإحدى القصص الثلاث صادقة واثنتان كاذبتان بلا ريب، يقول الواقدي:

غَزْوَةُ بِئْرِ مَعُونَةَ
فِى صَفَرٍ عَلَى رَأْسِ سِتّةٍ وَثَلاثِينَ شَهْرًا
حَدّثَنِى مُحَمّدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ، وَعَبْدُ الرّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَمَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ، وَأَفْلَحُ بْنُ سَعِيدٍ، وَابْنُ أَبِى سَبْرَةَ، وَأَبُو مَعْشَرٍ، وَعَبْدُ اللّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، وَكُلّ قَدْ حَدّثَنِى بِطَائِفَةٍ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ، وَبَعْضُ الْقَوْمِ كَانَ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضٍ وَغَيْرُ هَؤُلاءِ الْمُسَمّينَ وَقَدْ جَمَعْت كُلّ الّذِى حَدّثُونِى، قَالُوا: قَدِمَ عَامِرُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جَعْفَرٍ أَبُو الْبَرَاءِ مَلاعِبَ الأَسِنّةِ عَلَى رَسُولِ اللّهِ ÷ فَأَهْدَى لِرَسُولِ اللّهِ ÷ فَرَسَيْنِ وَرَاحِلَتَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: “لا أَقَبْلُ هَدِيّةَ مُشْرِكٍ” فَعَرَضَ رَسُولُ اللّهِ ÷ عَلَيْهِ الإِسْلامَ، فَلَمْ يُسْلِمْ، وَلَمْ يُبْعِدْ، وَقَالَ: يَا مُحَمّدُ إنّى أَرَى أَمْرَك هَذَا أَمْرًا حَسَنًا شَرِيفًا؛ وَقَوْمِى خَلْفِى، فَلَوْ أَنّك بَعَثْت نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِك مَعِى لَرَجَوْت أَنْ يُجِيبُوا دَعْوَتَك وَيَتّبِعُوا أَمْرَك، فَإِنْ هُمْ اتّبَعُوك فَمَا أَعَزّ أَمْرَك، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: “إنّى أَخَافُ عَلَيْهِمْ أَهْلَ نَجْدٍ”. فَقَالَ عَامِرٌ: لا تَخَفْ عَلَيْهِمْ أَنَا لَهُمْ جَارٍ أَنْ يَعْرِضَ لَهُمْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ.
وَكَانَ مِنْ الأَنْصَارِ سَبْعُونَ رَجُلاً شَبَبَةً يُسَمّونَ الْقُرّاءَ كَانُوا إذَا أَمْسَوْا أَتَوْا نَاحِيَةً مِنْ الْمَدِينَةِ فَتَدَارَسُوا وَصَلّوْا، حَتّى إذَا كَانَ وِجَاهَ الصّبْحِ اسْتَعْذَبُوا مِنْ الْمَاءِ وَحَطِبُوا مِنْ الْحَطَبِ، فَجَاءُوا بِهِ إلَى حِجْرِ رَسُولِ اللّهِ ÷، وَكَانَ أَهْلُوهُمْ يَظُنّونَ أَنّهُمْ فِى الْمَسْجِدِ، وَكَانَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ يَظُنّونَ أَنّهُمْ فِى أَهْلِيهِمْ، فَبَعَثَهُمْ رَسُولُ اللّهِ ÷، فَخَرَجُوا فَأُصِيبُوا فِى بِئْرِ مَعُونَةَ، فَدَعَا رَسُولُ اللّهِ ÷ عَلَى قَتَلَتِهِمْ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً.
وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِىّ: كَانُوا سَبْعِينَ، وَيُقَالُ: إنّهُمْ كَانُوا أَرْبَعِينَ وَرَأَيْت الثّبْتَ عَلَى أَنّهُمْ أَرْبَعُونَ، فَكَتَبَ رَسُولُ اللّهِ ÷ مَعَهُمْ كِتَابًا، وَأَمّرَ عَلَى أَصْحَابِهِ الْمُنْذِرَ بْنَ عَمْرٍو السّاعِدِىّ، فَخَرَجُوا حَتّى كَانُوا عَلَى بِئْرِ مَعُونَةَ، وَهُوَ مَاءٌ مِنْ مِيَاهِ بَنِى سُلَيْمٍ، وَهُوَ بَيْنَ أَرْضِ بَنِى عَامِرٍ وَبَنِى سُلَيْمٍ وَكِلا الْبَلَدَيْنِ يُعَدّ مِنْهُ.
فَحَدّثَنِى مُصْعَبُ بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِى الأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ، قَالَ: خَرَجَ الْمُنْذِرُ بِدَلِيلٍ مِنْ بَنِى سُلَيْمٍ يُقَالُ لَهُ: الْمُطّلِبُ، فَلَمّا نَزَلُوا عَلَيْهَا عَسْكَرُوا بِهَا وَسَرّحُوا ظَهْرَهُمْ، وَبَعَثُوا فِى سَرْحِهِمْ الْحَارِثَ بْنَ الصّمّةِ وَعَمْرَو بْنَ أُمَيّةَ، وَقَدّمُوا حَرَامَ ابْنَ مِلْحَانَ بِكِتَابِ رَسُولِ اللّهِ ÷ إلَى عَامِرِ بْنِ الطّفَيْلِ فِى رِجَالٍ مِنْ بَنِى عَامِرٍ، فَلَمّا انْتَهَى حَرَامٌ إلَيْهِمْ لَمْ يَقْرَءُوا الْكِتَابَ، وَوَثَبَ عَامِرُ بْنُ الطّفَيْلِ عَلَى حَرَامٍ فَقَتَلَهُ، وَاسْتَصْرَخَ عَلَيْهِمْ بَنِى عَامِرٍ، فَأَبَوْا، وَقَدْ كَانَ عَامِرُ بْنُ مَالِكٍ أَبُو بَرَاءٍ خَرَجَ قَبْلَ الْقَوْمِ إلَى نَاحِيَةِ نَجْدٍ، فَأَخْبَرَهُمْ أَنّهُ قَدْ أَجَارَ أَصْحَابَ مُحَمّدٍ فَلا يَعْرِضُوا لَهُمْ، فَقَالُوا: لَنْ يُخْفَرَ جِوَارُ أَبِى بَرَاءٍ، وَأَبَتْ عَامِرٌ أَنْ تَنْفِرَ مَعَ عَامِرِ بْنِ الطّفَيْلِ، فَلَمّا أَبَتْ عَلَيْهِ بَنُو عَامِرٍ اسْتَصْرَخَ عَلَيْهِمْ قَبَائِلَ مِنْ سُلَيْمٍ - عُصَيّةَ وَرِعْلاً - فَنَفَرُوا مَعَهُ وَرَأّسُوهُ، فَقَالَ عَامِرُ بْنُ الطّفَيْلِ: أَحْلِفُ بِاَللّهِ مَا أَقْبَلُ هَذَا وَحْدَهُ فَاتّبَعُوا إثْرَهُ حَتّى وَجَدُوا الْقَوْمَ قَدْ اسْتَبْطَئُوا صَاحِبَهُمْ، فَأَقْبَلُوا فِى إثْرِهِ، فَلَقِيَهُمْ الْقَوْمُ وَالْمُنْذِرُ مَعَهُمْ فَأَحَاطَتْ بَنُو عَامِرٍ بِالْقَوْمِ وَكَاثَرُوهُمْ، فَقَاتَلَ الْقَوْمُ حَتّى قُتِلَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللّهِ ÷. وَبَقِىَ الْمُنْذِرُ بْنُ عَمْرٍو، فَقَالُوا لَهُ: إنْ شِئْت آمَنّاك. فَقَالَ: لَنْ أُعْطِىَ بِيَدِى، وَلَنْ أَقْبَلَ لَكُمْ أَمَانّا، حَتّى آتِىَ مَقْتَلَ حَرَامٍ، ثُمّ بَرِئَ مِنّى جِوَارُكُمْ، فَآمَنُوهُ حَتّى أَتَى مَصْرَعَ حَرَامٍ ثُمّ بَرِئُوا إلَيْهِ مِنْ جِوَارِهِمْ، ثُمّ قَاتَلَهُمْ حَتّى قُتِلَ فَذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللّهِ ÷: “أَعْنَقَ لِيَمُوتَ”.
وَأَقْبَلَ الْحَارِثُ بْنُ الصّمّةِ، وَعَمْرُو بْنُ أُمَيّةَ بِالسّرْحِ، وَقَدْ ارْتَابَا بِعُكُوفِ الطّيْرِ عَلَى مَنْزِلِهِمْ، أَوْ قَرِيبٍ مِنْ مَنْزِلِهِمْ، فَجَعَلا يَقُولانِ: قُتِلَ وَاَللّهِ أَصْحَابُنَا؛ وَاَللّهِ مَا قَتَلَ أَصْحَابَنَا إلاّ أَهْلُ نَجْدٍ فَأَوْفَى عَلَى نَشَزٍ مِنْ الأَرْضِ، فَإِذَا أَصْحَابُهُمْ مَقْتُولُونَ وَإِذَا الْخَيْلُ وَاقِفَةٌ، فَقَالَ الْحَارِثُ بْنُ الصّمّةِ لعمرو بْنِ أُمَيّةَ: مَا تَرَى؟ قَالَ: أَرَى أَنْ أَلْحَقَ بِرَسُولِ اللّهِ ÷ فَأُخْبِرَهُ الْخَبَرَ.
فَقَالَ الْحَارِثُ: مَا كُنْت لأَتَأَخّرَ عَنْ مَوْطِنٍ قُتِلَ فِيهِ الْمُنْذِرُ، فَأَقْبَلا لِلْقَوْمِ، فَقَاتَلَهُمْ الْحَارِثُ حَتّى قَتَلَ مِنْهُمْ اثْنَيْنِ، ثُمّ أَخَذُوهُ فَأَسَرُوهُ وَأَسَرُوا عَمْرَو بْنَ أُمَيّةَ، وَقَالُوا لِلْحَارِثِ: مَا تُحِبّ أَنْ نَصْنَعَ بِك، فَإِنّا لا نُحِبّ قَتْلَك؟ قَالَ: أَبْلِغُونِى مَصْرَعَ الْمُنْذِرِ وَحَرَامٍ، ثُمّ بَرِئَتْ مِنّى ذِمّتُكُمْ، قَالُوا: نَفْعَلُ، فَبَلَغُوا بِهِ، ثُمّ أَرْسَلُوهُ، فَقَاتَلَهُمْ فَقَتَلَ مِنْهُمْ اثْنَيْنِ، ثُمّ قُتِلَ فَمَا قَتَلُوهُ حَتّى شَرَعُوا لَهُ الرّمَاحَ فَنَظَمُوهُ فِيهَا، وَقَالَ عَامِرُ بْنُ الطّفَيْلِ لِعَمْرِو بْنِ أُمَيّةَ، وَهُوَ أَسِيرٌ فِى أَيْدِيهِمْ، وَلَمْ يُقَاتِلْ: إنّهُ قَدْ كَانَتْ عَلَى أُمّى نَسَمَةٌ فَأَنْتَ حُرّ عَنْهَا وَجَزّ نَاصِيَتَهُ.

.....فَلَمّا جَاءَ رَسُولَ اللّهِ ÷ خَبَرُ بِئْرِ مَعُونَةَ، جَاءَ مَعَهَا فِى لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ مُصَابُهُمْ، وَمُصَابُ مَرْثَدِ بْنِ أَبِى مَرْثَدٍ، وَبَعَثَ مُحَمّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللّهِ ÷ يَقُولُ: “هَذَا عَمَلُ أَبِى بَرَاءٍ، قَدْ كُنْت لِهَذَا كَارِهًا”، وَدَعَا رَسُولُ اللّهِ ÷ عَلَى قَتَلَتِهِمْ بَعْدَ الرّكْعَةِ مِنْ الصّبْحِ فِى صُبْحِ تِلْكَ اللّيْلَةِ الّتِى جَاءَهُ الْخَبَرُ، فَلَمّا قَالَ: “سَمِعَ اللّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ”، قَالَ: “اللّهُمّ اُشْدُدْ وَطْأَتَك عَلَى مُضَرًا؛ اللّهُمّ عَلَيْك بِبَنِى لِحْيَانَ وَزِعْبٍ وَرِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَعُصَيّةَ، فَإِنّهُمْ عَصَوْا اللّهَ وَرَسُولَهُ اللّهُمّ عَلَيْك بِبَنِى لِحْيَانَ وَعَضَلَ وَالْقَارّةَ; اللّهُمّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ، وَسَلَمَةَ بْنَ ابْنِ هِشَامٍ، وَعَيّاشَ بْنَ أَبِى رَبِيعَةَ، وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ غِفَارٌ غَفَرَ اللّهُ لَهَا، وَأَسْلَمَ سَالَمَهَا اللّهُ”، ثُمّ سَجَدَ، فَقَالَ: ذَلِكَ خَمْسَ عَشْرَةَ، وَيُقَالُ: أَرْبَعِينَ يَوْمًا، حَتّى نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} الآيَةُ.
وَكَانَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، يَقُولُ: يَا رَبّ سَبْعِينَ مِنْ الأَنْصَارِ يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ، وَكَانَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِىّ، يَقُولُ: قَتَلْت مِنْ الأَنْصَارِ فِى مَوَاطِنَ سَبْعِينَ سَبْعِينَ يَوْمَ أُحُدٍ سَبْعُونَ، وَيَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ سَبْعُونَ، وَيَوْمَ الْيَمَامَةِ سَبْعُونَ، وَيَوْمَ جِسْرِ أَبِى عُبَيْدٍ سَبْعُونَ، وَلَمْ يَجِدْ رَسُولُ اللّهِ ÷ عَلَى قَتْلَى مَا وَجَدَ عَلَى قَتْلَى بِئْرِ مَعُونَةَ.
وَكَانَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ يَقُولُ: أَنْزَلَ اللّهُ فِيهِمْ قُرْآنًا قَرَأْنَاهُ حَتّى نُسِخَ {بَلّغُوا قَوْمَنَا أَنّا لَقِينَا رَبّنَا فَرَضِىَ عَنّا وَرَضِينَا عَنْهُ}.
قَالُوا: وَأَقْبَلَ أَبُو بَرَاءٍ سَائِرًا، وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ هِمّ، فَبَعَثَ مِنْ الْعِيصِ ابْنَ أَخِيهِ لَبِيَدِ بْنِ رَبِيعَةَ بِهَدِيّةٍ فَرَسٍ فَرَدّهُ النّبِىّ ÷ وَقَالَ: “لا أَقَبْلُ هَدِيّةَ مُشْرِكٍ” فَقَالَ لَبِيدٌ: مَا كُنْت أَظُنّ أَنّ أَحَدًا مِنْ مُضَرَ يَرُدّ هَدِيّةَ أَبِى بَرَاءٍ. فَقَالَ النّبِىّ ÷: “لَوْ قَبِلْت هَدِيّةَ مُشْرِكٍ لَقَبِلْت هَدِيّةَ أَبِى بَرَاءٍ”.
قَالَ: فَإِنّهُ قَدْ بَعَثَ يَسْتَشْفِيكَ مِنْ وَجَعٍ بِهِ - وَكَانَتْ بِهِ الدّبَيْلَةُ، فَتَنَاوَلَ النّبِىّ ÷ جَبُوبَةً مِنْ الأَرْضِ فَتَفَلَ فِيهَا، ثُمّ نَاوَلَهُ وَقَالَ: “دُفْهَا بِمَاءٍ، ثُمّ اسْقِهَا إيّاهُ”. فَفَعَلَ فَبَرِئَ، وَيُقَالُ: إنّهُ بَعَثَ إلَيْهِ بِعُكّةَ عِسْلاً، فَلَمْ يَزَلْ يَلْعَقُهَا حَتّى بَرِئَ، فَكَانَ أَبُو بَرَاءٍ يَوْمَئِذٍ سَائِرًا فِى قَوْمِهِ يُرِيدُ أَرْضَ بَلِىّ، فَمَرّ بِالْعِيصِ، فَبَعَثَ ابْنَهُ رَبِيعَةَ مَعَ لَبِيدٍ يَحْمِلانِ طَعَامًا، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷ لِرَبِيعَةَ: “مَا فَعَلَتْ ذِمّةُ أَبِيك”؟ قَالَ رَبِيعَةُ: نَقَضَتْهَا ضَرْبَةٌ بِسَيْفٍ أَوْ طَعْنَةٌ بِرُمْحٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: “نَعَمْ”، فَخَرَجَ ابْنُ أَبِى بَرَاءٍ، فَخَبّرَ أَبَاهُ فَشَقّ عَلَيْهِ مَا فَعَلَ عَامِرُ بْنُ الطّفَيْلِ، وَمَا صَنَعَ بِأَصْحَابِ النّبِىّ ÷ وَلا حَرَكَةَ بِهِ مِنْ الْكِبَرِ وَالضّعْفِ، فَقَالَ: أَخْفِرنِى ابْنَ أَخِى مِنْ بَيْنِ بَنِى عَامِرٍ.
وَسَارَ حَتّى كَانُوا عَلَى مَاءٍ مِنْ مِيَاهِ بَلِىّ، يُقَالُ لَهُ: الْهَدْمُ، فَيَرْكَبُ رَبِيعَةُ فَرَسًا لَهُ وَيَلْحَقُ عَامِرًا، وَهُوَ عَلَى جَمَلٍ لَهُ فَطَعَنَهُ بِالرّمْحِ فَأَخْطَأَ مَقَاتِلَهُ. وَتَصَايَحَ النّاسُ فَقَالَ عَامِرُ بْنُ الطّفَيْلِ: إنّهَا لَمْ تَضُرّنِى إنّهَا لَمْ تَضُرّنِى، وَقَالَ: قَضَيْت ذِمّةَ أَبِى بَرَاءٍ. وَقَالَ عَامِرُ بْنُ الطّفَيْلِ: قَدْ عَفَوْت عَنْ عَمّى، هَذَا فِعْلَهُ وَقَالَ النّبِىّ ÷: “اللّهُمّ اهْدِ بَنِى عَامِرٍ، وَاطْلُبْ خُفْرَتِى مِنْ عَامِرِ بْنِ الطّفَيْلِ”.

وحكى القصة ابن هشام بزيادات طفيفة، ومنها شعر لحسان بن ثابت:

قال ابن اسحاق: وقال حسان بن ثابت يحرض بني براء على عامر ابن الطُّفَيل:
بني أمِّ البنين ألم يَرُعْكم وأنتم من ذوائبِ أهلِ نجدِ
تهكمُ عامر بأبى بَرَاءٍ ليُخْفِرَه وما خدا كعمدِ
ألا أبلغْ ربيعةَ ذا المساعى فما احدثْتَ في الحَدَثان بعدي
أبوك أبو الحروبِ أبو بَرَاءٍ وخالُك ماجدٌ حَكَمُ بنُ سَعْدِ

قال ابن هشام: حكم بن سعد: من القَيْن بن جَسْر، وأم البنين: بنت عمرو بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، وهي أم أبي براء.

ويقول كذلك:

شعر كعب بن مالك في بئر معونة: وأنشدني لكعب بن مالك في يوم بئر معونة، يعيِّر بني جعفر بن كلاب:
تركتم جارَكم لبني سُلَيمٍ مخافةَ حربِهم عَجْزًا وهُونَا
فلو حبلا تناولَ من عُقَيْل لمد بحبلِها حبلاً متينَا

وجاء في المعجم الكبير للطبراني:

139 - حدثنا أحمد بن عمرو الخلال المكي ثنا محمد بن أبي عمر العدني أنا عبد الرزاق أنا معمر عن الزهري عن ابن كعب بن مالك عن أبيه قال: جاء ملاعب الأسنة إلى النبي صلى الله عليه و سلم بهدية فعرض عليه الاسلام فأبى أن يسلم فقال النبي صلى الله عليه و سلم : ( فإني لا أقبل هدية مشرك ) قال : فابعث إلى أهل نجد من شئت فأنا لهم جار فبعث إليهم بقوم فيهم المنذر بن عمرو وهو الذي كان يقال له المعتق أعتق عند الموت فاستجاش عليهم عامر بن الطفيل بني عامر فأبوا أن يطيعوه وأبوا أن يخفروا ملاعب الأسنة فاستجاش عليهم بني سليم فأطاعوه فاتبعهم بقريب من مائة رجل رام فأدركوهم ببئر معونة فقتلوهم إلا عمرو بن أمية الضمري

140 - حدثنا إسماعيل بن الحسن الخفاف المصري ثنا أحمد بن صالح ثنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك وغيره أن عامر بن جعفر الذي يدعى ملاعب الأسنة قدم على رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو مشرك فعرض عليه النبي صلى الله عليه و سلم الاسلام وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( إني لا أقبل هدية مشرك ) فقال عامر بن مالك : ابعث يا رسول الله من شئت من رسلك فأنا لهم جار فبعث رسول الله صلى الله عليه و سلم رهطا فيهم المنذر بن عمرو الساعدي يقال له اعتق ليموت عينا في أهل نجد فسمع لهم عامر بن الطفيل فاستنفر لهم بنو سليم فنفروا معه فقتلوهم ببئر معونة غير عمرو بن أمية الضمري أخذه عامر بن الطفيل فأرسله فلما قدم على رسول الله صلى الله عليه و سلم من بينهم وكان فيهم عامر بن فهيرة فزعم لي عروة أنه قتل يومئذ فلم يوجد جسده حين دفنوه يقول عروة وكانوا يرون أن الملائكة هي دفنته فقال حسان يحرض على عامر بن الطفيل :
( بني أم البنين ألم يرعكم ... وأنتم من ذوائب أهل نجد )
( تهكم عامر بأبي براء ... ليخفره وما خطأ كعمد )
فطعن ربيعة بن عامر بن مالك عامر بن الطفيل في خفرته عامر بن مالك في فخذه طعنة فقده ولم يقل يونس في حديثه عن أبيه

وانظر مصنف عبد الرزاق رقم 9741 عن الزهري، بنحو حديث الطبراني في المعجم الكبير برقم 193

والأغلب أن محمداً أرسلهم عيناً على هذيل ولمحاولة القيام بهجمة انتقامية لو وجدوا فرصة، وكانوا في جوار ملاعب الأسنة حتى يصلوا إلى مرادهم من تلك المهمة التجسسية، وعلى طريقة إرهابيي العصر الحديث اليوم بأسلوبهم من غسيل الأدمغة والشمولية الفكرية ربما كانوا يحاولون دعوة البعض، وبهذا نجمع بين الروايات جمعًا معقولاً، أما القول أن محمدًا يرسل أربعين أو سبعين رجلاً شابًّا قويًا _على اختلاف الروايات_ للدعوة الدينية، فنتفق مع سيد محمود القمني أنه أمر غير معقول، فكان يمكنه إرسال رجلين أو ثلاثة من كبار السن وهو كافٍ جدًّا للغرض. ونتفق مع القمني في وجود تخبط في الروايات_أرى أنه يعكس خبث الطوايا وتخبئة الرواة للأغراض الشريرة لتلك التحركات التي فشلت وقتئذٍ_وأن من غير المعقول أن يرسل محمدٌ ستة للدعوة الدينية فيقتلوا ثم يكرر نفس الخطأ فيرسل سبعين أو أربعين مرة أخرى بعدها مباشرة ليقتلوا هم كذلك.



  رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدليلية (Tags)
محمد, نقد, الإجرامية, الإسلام, الشامل, حروب


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
منطق المسلم في نقد الإسلام Iam العقيدة الاسلامية ☪ 83 05-11-2019 03:18 AM
الملائكة المقاتلون في حروب الإسلام FreeMindedMan الأرشيف 14 11-11-2017 09:43 AM
للتحميل: حروب محمد الإجرامية لؤي عشري ساحة الكتب 3 07-23-2016 07:04 PM
مستويات نقد الإسلام فينيق العقيدة الاسلامية ☪ 97 01-30-2016 04:48 AM
مستويات نقد الإسلام بين الجدل والسفسطة الدفاعية أدم علي العقيدة الاسلامية ☪ 24 01-15-2016 03:06 PM