![]() |
|
|
|
رقم الموضوع : [1] |
|
عضو برونزي
![]() |
الفصل الأول: بروس المحبط وسقوط الأحلام
في مدينة بوفالو، نيويورك، حيث تتسلل رطوبة الصيف عبر النوافذ المفتوحة، تمتزج رائحة العشب المقصوص حديثًا بأصوات صفارات المصانع البعيدة، كأن المدينة نفسها تعيش في تناقض دائم بين الهدوء والفوضى. الشوارع المزدحمة تصطف بها مبانٍ من الطوب الأحمر، وأضواء النيون في المحلات الصغيرة تومض بوهن، كأنها تحاول يائسة إضفاء الحياة على مدينة عالقة في روتينها. في هذا العالم الرتيب، يعيش بروس نولان، مراسل تلفزيوني في أوائل الأربعينيات، يحلم بأن يكون نجم قناة "wkbw"، المذيع الرئيسي الذي يقدم الأخبار بابتسامة واثقة وصوت يأسر الجماهير. بروس، ذو الشعر الأسود المصفف بعناية مبالغ فيها – كأنه يحاول تعويض إحباطه الداخلي بمظهر خارجي لامع – يملك ابتسامة ساخرة تخفي ألمًا عميقًا. عيناه البنيتان تلمعان بنور المزاح، لكن خلفهما يكمن شعور بأن الحياة خذلته. هو رجل عادي يحب إضحاك الناس، سواء بتقاريره الميدانية المرحة أو نكاته السريعة، لكنه يشعر أن حياته عالقة في حلقة لا نهائية من الفشل، كأنه عالق في فيلم كوميدي لن يُعرض أبدًا. شقته الصغيرة، التي يشاركها مع صديقته غريس كونيلي، هي مرآة لواقعه. الأثاث، المجمع من متاجر التوفير، يتألف من أريكة بنية متآكلة، طاولة قهوة متصدعة، وتلفزيون قديم يصدر طنينًا خافتًا عند تشغيله. الجدران مزينة بصور فوتوغرافية تذكر بأيام أكثر تفاؤلاً: بروس وغريس في رحلة تخييم، يضحكان تحت شمس مشرقة؛ بروس في أول يوم له في القناة، يرتدي بدلة زرقاء رخيصة ويبتسم بثقة لم تعد موجودة. هناك أيضًا لوحة صغيرة رسمتها غريس، معلمة روضة ذات شعر أشقر مجعد يتساقط على كتفيها كشلال ذهبي، وعيون خضراء دافئة تشع بالأمل حتى في أحلك اللحظات. غريس هي النور في حياة بروس – صبورة، محبة، ومؤمنة بالله بشكل يثير استغراب بروس أحيانًا. لكن إيمانها الراسخ وابتسامتها الهادئة تصطدمان بشكوك بروس المستمرة حول الحياة والإله الذي يراه مسؤولًا عن مصائبه. "لماذا أنا دائمًا أحصل على النهاية القصيرة من العصا؟" يتمتم لها أحيانًا، لكنها ترد بلطف: "ربما العصا ليست قصيرة، بروس. ربما أنت لا ترى الطول الكامل." يبدأ الفيلم يومًا سيئًا بشكل استثنائي، كأن القدر قرر أن يضع بروس تحت مجهر المصائب. يستيقظ متأخرًا بعد ليلة من النقاشات المحبطة مع غريس حول مستقبلهما – تريد التزامًا، زواجًا، أسرة، بينما هو يصر على أن "النجاح الكبير" سيأتي أولًا. يرتدي بدلة رمادية مملة، ربطة عنقه مائلة قليلاً كأنها تعكس فوضى روحه، ويتوجه إلى مخبز محلي لتغطية تقرير ميداني عن ذكرى تأسيسه السنوية. المخبز، وهو مكان صغير برائحة الكعك الطازج وجدران مزينة بصور عائلية بالأبيض والأسود، يبدو وكأنه سجن لأحلام بروس. يقف أمام الكاميرا، يحاول إضفاء البهجة على تقريره بمزاحاته المعتادة: "هذه الكعكة كبيرة بما يكفي لإطعام بوفالو بأكملها... أو على الأقل، فريق الهوكي!" لكن الابتسامة على وجهه متكلفة، وعيناه تتجولان بعصبية، كأنه يبحث عن مخرج. في منتصف اليوم، يتلقى بروس خبرًا مدمرًا: إيفان باكستر، منافسه المتعجرف ذو الشعر الأشقر المصفف بجل لامع والابتسامة المصطنعة التي تبدو كإعلان تجاري، حصل على وظيفة المذيع الرئيسي في القناة. إيفان، الذي يعامل بروس بازدراء خفي، يتباهى بالخبر في غرفة الأخبار، يرتدي بدلة زرقاء لامعة ويوزع النكات المملة التي يضحك عليها الزملاء بدافع المجاملة. بروس يشعر وكأن الأرض تنهار تحته – هذا كان حلمه، المنصب الذي عمل من أجله سنوات، سُرق منه بابتسامة إيفان المغرورة. في استوديو التلفزيون، أثناء تقرير مباشر آخر، ينهار بروس أمام الكاميرا. الغضب والإحباط يتفجران كبركان، فيطلق سيلًا من الشتائم المضحكة والمحرجة: "هذه الوظيفة؟ مجرد مهزلة! والأخبار؟ من يهتم بكعكة سخيفة؟!" الاستوديو يتجمد، المنتجون يصرخون في سماعاتهم، وبروس يُطرد على الفور، حقيبته في يده وكرامته في الحضيض. في طريق عودته إلى الشقة، تحت سماء رمادية تمطر بغزارة، تتعطل سيارته القديمة – فورد بينتو متهالكة تصدر أصواتًا كأنها تتوسل الرحمة. المطر يبلل بدلته، شعره يلتصق بجبهته، وغضبه يصل إلى ذروته. يخرج من السيارة، يقف في منتصف الشارع المبلل، ويصرخ إلى السماء: "حسنًا، يا الله! إذا لم تكن معجبًا بي، فلماذا لا تتخلص مني؟!" صوته يتردد في الفراغ، المطر يضرب وجهه كصفعات، والبرق يومض في الأفق كأنه يسخر منه. لكن فجأة، يلاحظ لافتة مضيئة على جانب الطريق، نصفها محطم، تومض بعبارة "اتصل الآن" ورقم هاتف غامض. بروس يحدق فيها، قلبه ينبض بشكل أسرع، كأن السماء، بطريقة ما, سمعت صراخه. يمسح الماء عن وجهه، يتمتم: "ما الذي يحدث هنا؟" ويعود إلى سيارته، مترددًا بين الفضول والشك، غير مدرك أن هذه اللافتة هي دعوة إلى مغامرة ستغير حياته. الفصل الثاني: لقاء مع الإله بعد يومه الكارثي، يجد بروس نولان نفسه محاصرًا بحلقة من الإشارات الغريبة التي تبدو كأنها تلاحقه. جهاز البيجر القديم الذي يحمله في جيبه – بقايا من أيام عمله المبكرة في القناة – يهتز باستمرار، يعرض رقمًا غامضًا مكونًا من سبعة أرقام لا يتعرف عليه. في البداية، يتجاهله، يرميه في درج شقته المزدحم بالأوراق والفواتير، لكن الرقم يعود، يظهر على لافتات عشوائية في شوارع بوفالو، على إيصالات القهوة، وحتى على شاشة التلفزيون أثناء انقطاع إعلاني. الرطوبة الصيفية للمدينة، الممزوجة برائحة الأسفلت المبلل بعد المطر، تضيف إلى شعوره بالضيق، كأن العالم نفسه يتآمر لدفعه إلى حافة الجنون. "حسنًا، من يلعب معي؟" يتمتم بروس، وهو يمسح العرق عن جبهته، شعره الأسود المبلل يلتصق بجلده. بدافع مزيج من الفضول والإحباط، يقرر متابعة الرقم، يتصل به من هاتف عمومي صدئ في زاوية شارع مزدحم، ليتلقى رسالة آلية غامضة: "توجه إلى أومني بريزنتس، شارع إلم السابع. نحن ننتظرك." يقود بروس سيارته المتهالكة عبر شوارع بوفالو المكتظة، حيث تمتزج أضواء النيون الباهتة مع الضباب الخفيف الذي يتشكل بعد المطر. يصل إلى مبنى مهجور في وسط المدينة، لوحة متآكلة تحمل اسم "أومني بريزنتس" معلقة بشكل مائل فوق المدخل. المبنى يبدو كأنه شبح من عصر صناعي مضى: جدرانه من الطوب المتشقق مغطاة بالكتابات العشوائية، النوافذ مكسورة أو مغطاة بألواح خشبية، ورائحة الطلاء القديم والغبار تملأ الهواء بنكهة النسيان. المدخل متهالك، الأرضية الخرسانية متصدعة وملطخة ببقع زيت قديمة، وصوت خطوات بروس يتردد في الردهة الفارغة كأنها تنادي شيئًا غير مرئي. "هذا مكان للأشباح، لا للإجابات," يتمتم، ابتسامته الساخرة تخفي قلقًا ينمو في صدره. لكنه يتقدم، مدفوعًا بشعور غريب بأن هذه الزيارة قد تكون أكثر من مجرد مزحة. في الطابق السابع، يجد بروس رجلاً يرتدي زي عامل نظافة أبيض نظيف بشكل غريب، يكنس الأرضية بنعومة ويغني لحنًا خافتًا يبدو مألوفًا لكنه لا يستطيع تحديده. الرجل، ذو بشرة داكنة وعيون حكيمة تلمع بمزيج من المكر والرحمة، يرفع رأسه ويبتسم لبروس كأنه يعرفه منذ الأزل. "أنا سمعت شكواك، بروس," يقول، صوته عميق وهادئ، كأنه يتردد من السماء نفسها، يحمل إيقاعًا يهدئ الأعصاب ويثير الرهبة في آن واحد. بروس، الساخر كعادته، يضحك ضحكة عصبية، يفرك شعره المبعثر، ويقول: "نعم، بالتأكيد، وأنت بالطبع الرجل الذي يدير الكون!" لكن الرجل، الذي يكشف لاحقًا أنه الله (مورغان فريمان)، لا يفقد ابتسامته. يضع المكنسة جانبًا، يمشي نحو بروس بخطوات واثقة، ويقول: "لنقل إنني أدير بعض الأمور الكبيرة." لإثبات قوته، يبدأ الله في إظهار عجائب صغيرة تجعل فك بروس يسقط. يشير بيده، فتومض الأضواء الفلورية في الغرفة كنجوم متفجرة، ثم تهدأ بنعومة غريبة. يرفع إصبعًا، فيجد بروس نفسه يطفو في الهواء، قدماه تتأرجحان كدمية معلقة بخيوط غير مرئية. "ما الذي تفعله؟!" يصرخ بروس، صوته مزيج من الذعر والدهشة، لكن الله يضحك بلطف: "أنا فقط أظهر لك البطاقة التعريفية الخاصة بي." ثم يكشف الله عن معرفته بحياة بروس الشخصية – يذكر لحظات من طفولته، مثل اليوم الذي كسر فيه دراجته وهو في السابعة، أو المرة الأولى التي قبل فيها غريس تحت شجرة في الحديقة. بروس، الذي اعتاد على الشك في كل شيء، يجد نفسه عاجزًا عن الكلام، عيناه تتسعان كأنهما تريان الوجود نفسه لأول مرة. ثم يقدم الله عرضًا مذهلاً يغير قواعد اللعبة: يمنح بروس قواه الإلهية لمدة أسبوع، ليرى إن كان يستطيع إدارة العالم بشكل أفضل. "أنت تعتقد أنني أفسد الأمور؟ حسنًا، جرب يدك," يقول الله، عيناه تلمعان بتحدٍ مرح. لكن هناك قاعدتان: "لا يمكنك التلاعب بالإرادة الحرة، ولا يمكنك إخبار أحد أنك الله." بروس، مفتونًا ومتشككًا في الوقت ذاته، يشعر بقشعريرة تسري في جسده، كأن تيارًا كهربائيًا ينبض في عروقه. "هل هذا حقيقي؟" يسأل، صوته بالكاد يتجاوز الهمس. الله يومئ، يربت على كتفه كأب حنون، ويقول: "اذهب، بروس. أرني ما لديك." يغادر بروس المبنى، خطواته مترددة على الأرضية المتشققة، لكنه يشعر بقوة غريبة تتدفق فيه – طاقة لا يستطيع تفسيرها، كأن النجوم نفسها استقرت في قلبه. الريح تهب خارج المبنى، تحمل رائحة المطر الجديد، وفي تلك اللحظة، يدرك بروس أن حياته لن تكون كما كانت أبدًا. الفصل الثالث: قوى إلهية وفوضى كوميدية في شوارع بوفالو، نيويورك، حيث تمتزج رائحة الأسفلت المسخن بشمس الصيف مع أصوات بوق السيارات وضحكات الأطفال في الحدائق العامة، يتحول بروس نولان إلى طفل في متجر حلوى كوني، يحمل في يديه قوى إلهية لا حدود لها. بعد لقائه المذهل مع الله، يخرج بروس من مبنى "أومني بريزنتس" وهو يشعر بنبض غريب في عروقه، كأن الكون نفسه يسري في جسده. شعره الأسود المصفف، الذي اعتاد أن يكون رمزًا لمحاولاته الفاشلة للظهور بمظهر مثالي، يتمايل الآن مع الريح كأنه يحمل هالة من الثقة الجديدة. عيناه البنيتان تلمعان بنور المغامرة، وابتسامته الساخرة تتحول إلى غمزة واثقة. "إذا كنت إلهًا، فلنبدأ العرض!" يتمتم لنفسه، وهو يمشي في الشارع، يشعر وكأن كل خطوة تهز الأرض تحت قدميه. يبدأ بروس بتجربة قواه على نطاق صغير، كأنه يكتشف لعبة جديدة. يقف أمام سيارته القديمة، فورد بينتو المتهالكة التي كانت مصدر إحراجه لسنوات، طلاؤها الأحمر الباهت مليء بالخدوش، ومحركها يصدر أصواتًا كأنها سعال مزمن. يشير بيده بثقة مبالغ فيها، كما لو كان ساحرًا في فيلم خيالي، وفجأة، تتحول السيارة إلى مرسيدس فضية لامعة، مصابيحها الأمامية تلمع كعيون قطة في الظلام، والجلد الداخلي يعطر الهواء برائحة الفخامة. بروس يضحك بصوت عالٍ، يقفز إلى المقعد، ويقود عبر شوارع بوفالو، يشعر وكأنه ملك المدينة. "هذا ما كنت أتحدث عنه!" يصرخ، الموسيقى الصاخبة تنطلق من مكبرات السيارة، وهو يلوح للمارة المذهولين. في شقته المتواضعة، يواصل بروس مغامرته الإلهية. يفتح خزانة ملابسه، التي كانت مليئة بقمصان مملة وبدلات رخيصة، ويحولها إلى مجموعة من الملابس الفاخرة: بدلات مصممة، قمصان حريرية، وأحذية لامعة تبدو كأنها من عرض أزياء. ينظر إلى نفسه في المرآة، يعدل ربطة عنقه الجديدة، ويقول: "بروس نولان، أنت نجم!" لكن وسط هذا الانتشاء، غريس كونيلي تدخل الشقة، تحمل حقيبة مليئة برسومات أطفال الروضة. شعرها الأشقر المجعد مربوط بعشوائية، وعيناها الخضراء الدافئة تلمعان بالتعب والحب. "تبدو... مختلفًا," تقول، تحاول الابتسام، لكن صوتها يحمل لمحة من القلق. بروس، منشغلًا بقواه، يتجاهل نبرتها، يقبلها بسرعة، ويقول: "انتظري حتى تري ما يمكنني فعله!" لكنه لا يلاحظ الظل الذي يمر على وجهها، كأنها تشعر بمسافة تنمو بينهما. في العمل، يستخدم بروس قواه للثأر من إيفان باكستر، منافسه المتعجرف الذي سرق حلمه بمنصب المذيع الرئيسي. في استوديو قناة "wkbw"، حيث تملأ الأضواء الساطعة ورائحة المكياج الرخيص الهواء، يقف إيفان أمام الكاميرا، يرتدي بدلة زرقاء مصممة ويبتسم بثقة مبالغ فيها. لكن بروس، مختبئًا خلف الكواليس، يستخدم قواه لإذلاله. يشير بإصبعه، فيبدأ إيفان بالتصرف بشكل مضحك: يتلعثم في كلماته، يتحدث بصوت كرتوني، وفجأة يبدأ في إصدار أصوات حيوانات غريبة أمام الملايين. الاستوديو ينفجر بالضحك، والمنتجون يصرخون في حالة ذعر، بينما يعود بروس إلى دائرة الضوء، يقدم تقريرًا ميدانيًا مضحكًا يجعل الجماهير تعشقه مجددًا. "هذا هو بروس نولان!" يصرخ في الميكروفون، وهو يشعر بأنه يتحكم أخيرًا بمصيره. لكن قواه الإلهية لا تتوقف عند تحقيق رغباته الشخصية – بل تتحول إلى فوضى عارمة في المدينة. في لحظة طيش، يقرر بروس جعل الجميع يفوزون في اليانصيب، ظنًا أنه سيجعل بوفالو مكانًا أسعد. لكنه يتسبب في انهيار اقتصادي صغير: آلاف الأشخاص يتقاسمون الجائزة، فيحصل كل منهم على بضعة دولارات فقط، مما يؤدي إلى مظاهرات غاضبة خارج مكاتب اليانصيب. في محاولة لخلق ليلة رومانسية مع غريس, يحرك بروس القمر ليجعله أقرب إلى الأرض, مضيئًا السماء بضوء فضي ساحر. يأخذها إلى مطعم فاخر، حيث الشموع ترقص على الطاولات والنبيذ يتدفق، لكن قرب القمر يتسبب في مد عالٍ غير متوقع, فيغرق شوارع بوفالو بالمياه, وتتحول المدينة إلى بحيرة مؤقتة. المواطنون يصرخون، السيارات تطفو، وبروس يضحك بعصبية: "حسنًا، ربما بالغت قليلاً!" وسط هذه الفوضى المرحة, يبدأ بروس في إهمال غريس, الشخص الوحيد الذي كان يهم حقًا. بينما هو منشغل بتحويل حياته إلى عرض هوليوودي, تستمر غريس في عملها كمعلمة روضة, ترسم مع الأطفال وتساعدهم في صنع قلوب من الورق المقوى. لكن عيناها الخضراء, التي كانت يومًا مليئة بالبريق, تبدآن في فقدان لمعانهما. في إحدى الليالي, في شقتهما الصغيرة, تحاول غريس فتح نقاش حول مستقبلهما. تجلس على الأريكة, ترتدي قميصًا قطنيًا بسيطًا, وشعرها مربوط بعشوائية. "بروس, متى سنتحدث عنا؟ عن الزواج, الأطفال؟" تسأل, صوتها يحمل رجاءً رقيقًا. لكن بروس, منشغلًا بقواه, يتهرب, عيناه تتجنبان عينيها. "أنا أحاول جعل حياتنا أفضل, غريس!" يقول, وهو يشير إلى سيارته الجديدة وملابسه الفاخرة. غريس تنظر إليه بحزن, دمعة صغيرة تتجمع في زاوية عينها. "أنا لا أريد العالم, بروس. أريدك أنت," تقول, ثم تستدير, تاركة وراءها صمتًا ثقيلًا. بروس, غارقًا في غروره الجديد, لا يرى الصدع الذي بدأ يتشكل في علاقتهما, ولا يدرك أن قواه الإلهية قد تجعله يفقد الشيء الوحيد الذي يجعل حياته تستحق العيش. الفصل الرابع: انهيار العالم والإدراك شوارع بوفالو، نيويورك، التي كانت يومًا مسرحًا لتجارب بروس الإلهية المرحة، تتحول الآن إلى فوضى عارمة، كأن المدينة نفسها تتمرد على طيشه. السماء الرمادية، المثقلة بسحب ثقيلة، تعكس مزاج المدينة: مظاهرات غاضبة تملأ الميادين، سيارات الشرطة تصدر صفاراتها في كل زاوية، ورائحة الدخان من إطارات محترقة تمتزج مع رطوبة الصيف الخانقة. بروس نولان، الذي كان يومًا مراسلًا تلفزيونيًا يحلم بالشهرة، أصبح الآن إلهًا متعثرًا، غارقًا في قواه التي تحولت من لعبة ممتعة إلى عبء لا يطاق. شعره الأسود، الذي كان مصففًا بعناية في أيام نجاحه المزيف، يتساقط الآن بعشوائية على جبهته، وعيناه البنيتان، التي كانت تلمع بالغرور، تحملان الآن نظرة الإرهاق والذعر. لقد بدأ يسمع ملايين الصلوات – أصوات بشرية تنهمر عليه كموجات عاصفة في بحر هائج، تطالب بكل شيء: "أريد المال!"، "أرجوك، اجعلها تحبني!"، "دمّر عدوي!" الصلوات تملأ رأسه، كأنها ألف ميكروفون يصرخون في آن واحد، مما يجعله يترنح في شقته الصغيرة، يمسك رأسه ويتمتم: "كفى! توقفوا!" في محاولة يائسة للسيطرة على هذا الطوفان، يعامل بروس الصلوات كما يعامل بريده الإلكتروني في أيام عمله القديمة. يجلس أمام جهاز كمبيوتر قديم في شقته، شاشته الخضراء تومض بضوء باهت، ويبدأ في تنظيم الصلوات كما لو كانت رسائل غير مرغوب فيها. "حسنًا، دعونا ننهي هذا بسرعة," يقول، وهو يضغط على زر "الرد على الكل" بنقرة واحدة، فيرد على كل صلاة بـ"نعم" تلقائيًا. للحظة، يشعر بالرضا، كأنه أتقن لعبة إلهية. لكن النتائج كارثية. بوفالو تغرق في الفوضى: الناس الذين فازوا باليانصيب يتحولون إلى حشود غاضبة عندما يكتشفون أن الجائزة مقسمة إلى مبالغ زهيدة؛ طلبات الحب تتحول إلى علاقات فوضوية؛ وحتى رغبات الانتقام تؤدي إلى مشاجرات عشوائية في الشوارع. شاشات التلفزيون في المدينة تعرض تقارير عن انهيار الخدمات، وصوت المذيعين يرتجف وهم يحاولون تفسير الفوضى: "بوفالو تشهد أسوأ أزمة في تاريخها!" بروس، واقفًا في شقته، يحدق في التلفزيون، وجهه شاحب، ويدرك أن قواه ليست لعبة – بل قنبلة موقوتة. مرهقًا ومذعورًا، يعود بروس إلى مبنى "أومني بريزنتس"، الذي يبدو الآن أكثر غموضًا من ذي قبل. الردهة المتهالكة، برائحة الطلاء القديم والغبار، تبدو كمدخل إلى بُعد آخر. يجد الله (مورغان فريمان) واقفًا في غرفة بيضاء شاسعة، يرتدي زي عامل النظافة الأبيض النظيف، وابتسامته الحكيمة لا تزال تلمع في عينيه. "لقد أفسدت الأمر، أليس كذلك؟" يقول الله، صوته عميق وهادئ، يحمل مزيجًا من العتاب والرحمة. بروس، الذي فقد ثقته المعتادة، يصرخ: "لا أستطيع التعامل مع هذا! الصلوات، الفوضى... كيف تفعل هذا كل يوم؟!" الله يضحك بلطف، ثم يأخذه في جولة في "غرفة الملفات" – مكان رمزي شاسع، جدرانه مغطاة بأدراج لا نهائية تمتد إلى الأفق، كل درج يحمل اسم إنسان وكل لحظة من حياته. الغرفة مضاءة بنور خافت يبدو كأنه ينبعث من لا مكان، ورائحة الورق القديم تملأ الهواء. الله يفتح درجًا عشوائيًا، يكشف عن شريط حياة امرأة عجوز، ويقول: "إدارة العالم ليست لعبة، بروس. كل صلاة لها وزن، وكل اختيار له عواقب." في تلك اللحظة، يطلب بروس من الله أن يريه صلاة غريس. الله يفتح درجًا آخر، ويظهر مشهد على شاشة غير مرئية: غريس في شقتهما الصغيرة، تجلس على الأريكة البنية المتآكلة، تحيط بها رسومات أطفال الروضة. شعرها الأشقر المجعد يتساقط على وجهها، وعيناها الخضراء مليئتان بالدموع. تصلي بهدوء، صوتها يرتجف: "أرجوك، ساعدني على نسيان بروس. ساعدني على المضي قدمًا." قلب بروس ينفطر، كأن سكينًا غير مرئية اخترقت صدره. يدرك، لأول مرة، أن قواه الإلهية، التي استخدمها لتحقيق أحلامه الأنانية، جعلته يفقد الشيء الوحيد الذي يهم: حب غريس. "أنا آسف..." يهمس، دموعه تتساقط على الأرضية البيضاء، لكن الله يضع يده على كتفه، يقول: "لا يزال لديك وقت لإصلاح الأمور." في لحظة يأس، يغادر بروس المبنى ويمشي تحت المطر الغزير في شوارع بوفالو. السماء تبدو كأنها تنهار، البرق يضيء المدينة بوميض قاسٍ، والمطر يضرب وجهه كصفعات. يسقط على ركبتيه في منتصف شارع مهجور، ملابسه مبللة تمامًا، ويصرخ إلى السماء: "أنا لا أريد أن أكون الله! أريد غريس!" صوته يتردد في الفراغ، وفجأة، تظهر أضواء سيارة تقترب بسرعة. قبل أن يتمكن من التحرك، تصدمه السيارة، ويغمى عليه، جسده يسقط على الأسفلت المبلل. لكنه يستيقظ في المستشفى، حيًا، محاطًا بأصوات الآلات الطبية ورائحة المعقم. عيناه تفتحان ببطء، ويدرك أن الله أعطاه فرصة أخرى – ليس كإله، بل كإنسان يمكنه أن يحب ويتعلم. الريشة البيضاء، التي سقطت من مكان ما في السماء، تطفو بجانب سريره، كتذكار بأن الإيمان والحب هما ما يجعل الحياة تستحق العيش. الفصل الخامس: التواضع والحب الحقيقي مع شروق الشمس فوق بوفالو، نيويورك، تستيقظ المدينة على إيقاع جديد. السماء، التي كانت يومًا رمادية ومحملة بالمطر والفوضى، تتلألأ الآن بضوء ذهبي ناعم، كأنها تعكس أملًا متجددًا. رائحة العشب المقصوص تمتزج مع نسيم الصباح المنعش، وأصوات بوق السيارات تتلاشى لتحل محلها ضحكات الأطفال في الحدائق القريبة. بروس نولان، الذي كان يومًا إلهًا متعثرًا يعبث بالكون، يعود الآن إلى حياته العادية، لكنه ليس الرجل نفسه. شعره الأسود، الذي كان يومًا مصففًا بعناية مبالغ فيها لإخفاء إحباطه، يتدلى الآن بعشوائية طبيعية، وعيناه البنيتان تلمعان بنور هادئ – ليس نور الغرور، بل نور الإدراك. بعد تجربته المروعة مع القوى الإلهية، وبعد أن كاد يفقد كل شيء في لحظة يأس تحت المطر، تخلى بروس عن قواه، لكنه اكتسب شيئًا أعظم: فهمًا جديدًا للحياة والحب. في مستشفى بوفالو العام، حيث استيقظ بعد الحادث، ينظر بروس إلى الريشة البيضاء التي وجدها بجانب سريره، تطفو كأنها هدية من السماء. رائحة المعقم تملأ الهواء، وصوت أجهزة المراقبة يصدر نقرات منتظمة، لكن بروس يشعر بالسلام لأول مرة منذ أشهر. يغادر المستشفى، يرتدي قميصًا قطنيًا بسيطًا وبنطال جينز، بعيدًا عن البدلات الفاخرة التي كان يتباهى بها. يقرر العودة إلى قناة "wkbw"، ليس كمذيع نجم يطمح للسيطرة على الأضواء، بل كمراسل ميداني متواضع. في تقاريره الجديدة، يعيد إحياء أسلوبه المضحك الذي يحبه الجمهور: يغطي قصصًا بسيطة مثل مهرجانات المجتمع المحلي أو إنقاذ كلب عالق في شجرة، يضيف نكاته الساخرة التي تجعل الناس يبتسمون. "هذا بروس نولان، يجلب لكم الضحك من قلب بوفالو!" يقول في إحدى التقارير، وهو يقف أمام شاحنة آيس كريم، يرتدي قبعة مهرج لإضحاك الأطفال. الجمهور يضحك، والمنتجون يبتسمون، وبروس يشعر، لأول مرة، أن دوره في الحياة ليس السيطرة، بل إسعاد الآخرين. لكن التحدي الأكبر ينتظره: إصلاح علاقته مع غريس كونيلي، النور الذي كاد يفقده. في أحد أمسيات الصيف الدافئة، يتوجه بروس إلى شقتها الصغيرة، التي تقع في مبنى متواضع محاط بحدائق مليئة بالزهور الملونة. رائحة الياسمين تطفو في الهواء، وصوت الأطفال يلعبون في الشارع يخلق جوًا من الحياة البسيطة. يقف بروس أمام الباب، يرتدي قميصًا أزرق مكوى بعناية – ليس لإبهارها، بل ليظهر أنه يحترم هذه اللحظة. يطرق الباب، قلبه ينبض بسرعة، وعندما تفتح غريس، يتوقف العالم للحظة. شعرها الأشقر المجعد مربوط برباط بسيط، وعيناها الخضراء، التي كانت يومًا مليئة بالحزن، تنظران إليه بحذر. "بروس..." تقول، صوتها يحمل مزيجًا من المفاجأة والتردد. يتنفس بروس بعمق، ينظر إلى الأرض للحظة، ثم يرفع عينيه إليها. "غريس, أنا آسف," يقول، صوته يرتجف بالصدق. "حاولت أن أكون شيئًا أكبر من نفسي, لكنني أدركت أنني لا أريد العالم. أريدك أنت." غريس تتردد، عيناها تتفحصان وجهه، تبحثان عن الحقيقة. ثم، ببطء، تبتسم، عيناها تلمعان بالأمل مرة أخرى. "أنت متأخر كالعادة," تقول بنبرة مرحة، ثم تحتضنه، ويذوبان في عناق يمحو أشهر الإهمال والألم. في الأيام التالية، يبدأ بروس وغريس في إعادة بناء علاقتهما. يتشاركان لحظات بسيطة: يتناولان العشاء في مطعم محلي صغير، حيث رائحة البيتزا تملأ الهواء وضحكاتهما ترن في الزاوية؛ يتجولان في حديقة عامة، يشاهدان الأطفال يلعبون، ويتحدثان عن المستقبل – ليس المستقبل المليء بالأضواء، بل ذلك المليء بالحب والأسرة. بروس يدرك أن المعجزات الحقيقية ليست في تحريك القمر أو تغيير السيارات، بل في اللحظات الصغيرة التي تجعل القلب ينبض بالسعادة. في النهاية، في أحد شوارع بوفالو المزدحمة، حيث تمتزج أصوات الباعة الجائلين مع رائحة القهوة من المقاهي الصغيرة، يلتقي بروس بالله مرة أخيرة. الله يظهر في زي عامل النظافة الأبيض النظيف، يكنس الرصيف بنعومة، كأن العالم بأسره تحت سيطرته الهادئة. عيناه الحكيمتان تلمعان بالمكر والرحمة، وابتسامته الدافئة تشعر بروس بالأمان. "لقد تعلمت الدرس," يقول بروس، مبتسمًا بتواضع لم يكن يملكه من قبل. "الحياة ليست عن السيطرة. إنها عن الحب." الله يضحك، ضحكة عميقة تملأ الهواء بالدفء، ويربت على كتفه كأب فخور. "الآن، أنت تفهم," يقول. "اعمل معجزاتك الصغيرة, بروس." ثم يستدير، يواصل الكنس، كأن مهمته لم تنته أبدًا. الفيلم ينتهي بمشهد مشمس في بوفالو، حيث يسير بروس وغريس معًا في الشارع، يدا بيد، يضحكان على نكتة سخيفة يشاركها بروس. السماء زرقاء صافية، والزهور على الرصيف تتمايل مع النسيم، كأن المدينة نفسها تحتفل بتجددهما. في الخلفية، يظهر الله، يكنس الشارع بهدوء، يلقي نظرة أخيرة على بروس وغريس، ويبتسم كأنه يعلم أن العالم، رغم فوضاه، في أيدٍ أمينة. ريشة بيضاء تطفو في الهواء، تهبط ببطء على الرصيف، رمزًا للمعجزة التي تحدث عندما يلتقي التواضع بالحب. |
|
|
|
|
![]() |
| مواقع النشر (المفضلة) |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd
diamond