مذكرات إله,

[السيد مطرقة11]

مذكرات إله,

أتخيل لو أنني كنت كائنا كاملا, لامحدودا, أزليا, أبديا, كلي العلم و القدرة, محيطا بكل شيء, و لا أحتاج لأي شيء- فما هو أول ما سأهتم بفعله؟؟

ياله من سؤال ساذج!.. بالطبع سأخلق كونا - هذا بديهي ,أليس كذلك؟!

لو كنت إلها كاملا لا يحتاج لشيء فسأقوم فورا بخلق كونا هائلا متسعا.. و سأجعله يحتوي على ملايين ملايين المجرات و النجوم و الكواكب الفارغة غير المأهولة و التي تدور في مداراتها و تدور و تدور بلا توقف..

ثم سأختار نقطة صغيرة صغيرة من هذا الكون الهائل, و أخلق فيها كائنات تافهة ضعيفة محدودة الحواس و العقل, و سأطالب تلك الكائنات بأن تصدق وجودي دون أن تراني.. ما رأيكم في تلك الفكرة الرائعة؟!

سأتوقع من تلك الكائنات التافهة محدودة الإدراك أن تؤمن بي إيمانا يقينيا لا يقبل الشك, و أن يخضعوا لي و يعبدونني و يقدسوا ذكري, بل ويستمروا في تمجيدي و التسبيح بحمدي ليل نهار و ذكر محاسني و نعمي عليهم.. والويل كل الويل لمن يرفض منهم تنفيذ هذا الأمر.. و الويل كذلك لكل من يتوجه بالعبادة إلى اسم آخر مختلف عن اسمي.. أف لا شيء يغضبني مثل هذا الفعل! , و في تلك الحالة لا مانع عندي من التخلص من تلك الكائنات التافهة جميعا عن طريق إغراقهم بالكامل , و خلق أجيالا جديدة تعبدني و تمجدني وحدي بما أستحقه و بما أنا أهل له..

و ربما ثاني شيء سأهتم بفعله في كوني العملاق هو أن أختار قبيلة بدائية صغيرة من بدو الصحراء الأميين الرحل الذين يعيشون في العصر البرونزي, ثم سأجعلهم محور اهتمامي الأكبر.. سأترك العالم كله بحضاراته العظيمة, و سأركز جهدي كله حصريا مع تلك القبيلة التافهة الجاهلة المتخلفة: سأخاطبهم طول الوقت و أرعاهم و أحميهم و أشرع لهم القوانين و أنصرهم في حروبهم ضد القبائل المتخلفة الأخرى, و سأهتم شخصيا بأفعالهم اليومية مثل ماذا يأكلون و متى ينامون و كيف يمارسون الجنس..إلخ

و ثالث ما سأفعله لاحقا أنني ربما أفكر في اختيار فتاة عذراء من تلك القبيلة, و أجعلها تحمل مني, و في نفس الوقت تحمل بي, ثم تلدني.. و حين أكبر سأجعل البشر يضربونني و يعذبوني و يبصقوا في وجههي, ثم يقتلونني قتلا.. لماذا أقوم بذلك؟ طبعا لأن هذا هو الشيء الوحيد الذي يمكنني فعله كي أقنع نفسي أن أغفر ذنوب البشر, و التي كنت أنوي أن أعاقبهم عليها أشد العقاب!

و بما أن أفكاري الرائعة لا تنتهي, فإن رابع ما قد أفكر في القيام به هو أن أرسل ملاكا إلى راعي غنم أمي في صحراء شبه الجزيرة العربية في القرن السابع للميلاد.. و من ثم سأقوم بتقسيم البشرية بشكل مطلق إلى مجموعتين متمايزتين: المجموعة الأولى تمثل الذين سيصدقون أن الملاك كلم الرجل في الكهف- و هؤلاء هم الفئة المهتدية و هم أحبابي و أهلي, و يوم القيامة سأضعهم في حديقة كبيرة جميلة حيث سأقضي الأبدية أتفرج عليهم يأكلون و يشربون الخمر و يمارسون الجنس مع النساء و الغلمان المخلدين.. و المجموعة الثانية هم الأوغاد الملاعين الأشرار الذين رفضوا تصديق أن الملاك كلم الرجل في الكهف- و هؤلاء الأوغاد طبعا هم شر الخلق, و يوم القيامة سأستمتع بتعذيبهم بأبشع الوسائل و لن أرحم توسلاتهم- إذ كيف أخلقهم و أرعاهم و أنعم عليهم بالكثير من النعم, ثم بعد ذلك يرفضون تصديق أن ملاكا كلم رجلا في كهف في الصحراء ربما قبل ولادتهم بقرون؟؟ ياللشر و ياللغرور و ياللجحود!

أما ما سأفعله خامسا فهو.. و لكن مهلا, أظن أنني قد فعلت ما يكفي..
في الحقيقة لن أفعل شيئا بعد الآن- سأقضي آلاف السنين الباقية من حياة الكون لا أتدخل فيه مطلقا و لا أقوم بأي شيء مهم.. سأراقب الناس يتنافسون و يتصارعون و يختلفون حتى في فهم رسالاتي و كتبي و آياتي و يقتل بعضهم بعضا من أجل هذا.. سأراقب بصمت الحروب و المجاعات و الأمراض و الإغتصاب و التعذيب و الظلم- و الذي بالمناسبة يحدث كثير منه بسبب تدخلاتي العبقرية السابقة- و لن أمنعه.. و على كل حال لو شعرت بالحاجة للتدخل فربما بين الحين و الآخر أقوم بكتابة اسمي باللغة العربية على جسد بقرة أو على ثمرة فاكهة , أو ربما أطبع صورة وجه ابني الحبيب (و هو أنا أيضا!) على فطيرة تفاح , و لندع الكائنات التافهة تتولى أمر نفسها لحين إشعار آخر..

[انونيموس]

اشهد أن لا اله على الاطلاق
الاله الوهمي هو اله تافه ومنحط اخلاقيا