![]() |
|
|
|
رقم الموضوع : [1] |
|
█▌ الإدارة▌ ®█
![]() ![]() ![]() ![]() |
تحية طيبة ..... في الدياليكتيك جواد البشيتي الدياليكتيك Dialectic هو المنهج الفلسفي في الفهم والتفسير الذي لا يَعْدِله منهجاً لجهة شيوعه وانتشاره، والذي بفضل الفكر الماركسي والأحزاب القائلة به تحوَّل إلى ما يشبه "الثقافة الفلسفية الشعبية ـ العالمية"، فليس المثقَّفون الماركسيون فحسب، وإنَّما العامَّة من الناس، أخذوا وقالوا به؛ ولكن من غير أن يتمثَّلوه كما يتمثَّل الجسم الغذاء. لقد أخفقوا، في غالبيتهم العظمى، في جعله، أو اتِّخاذه، "أداةً معرفية"، مُسْتَنْفِدين جهدا عظيما في حِفْظ واستظهار "المُخْتَصَر (غير المفيد)" من "مبادئه وقوانينه ومفاهيمه"، فإذا تحدَّاهم هذا الواقع أو ذاك أن يَسْتَخْدموا الدياليكتيك، أو ما حفظوه منه، في البحث والتحليل أظهروا عجزا عن الإتيان بشيء جديد يُعْتَد به، مُذكِّرين فحسب بالأمثلة التي أوردتها مؤلَّفات فلسفية ماركسية، وكأنَّ استخدام المنهج الدياليكتيكي من الصعوبة بمكان! إنَّ الدياليكتيك، في جوهره، ليس سوى النظر إلى الأشياء والظواهر، نشوءاً وتطوُّراً وزوالاً، على أنَّها "الأضداد في وحدتها وصراعها"، فـ "التطوُّر"، في كل شيء، إنَّما هو "صراع (أو ثمرة صراع) ضدين متَّحِدين اتِّحاداً لا انفصام فيه". في وَصْفِكَ لـ "التطوُّر"، تقول، ولا بدَّ لكَ من أن تقول، إنَّ هذا الشيء "كان".. فـ "أصبح".. كان "حاراً"، فأصبح "بارداً". كان "متمدِّداً"، فأصبح "متقلِّصاً". كان "ساكناً"، فأصبح "متحرِّكاً". كان "مضيئاً"، فأصبح "مُظْلِماً". كان "سريعاً"، فأصبح "بطيئاً". في وَصْفِكَ هذا إنَّما تصف "التغيير" الذي اعترى الشيء في "صفاته وخواصه". وأنتَ لو أمعنتَ النظر في الصفتين، أو الخاصيتين، اللتين تَذْكرهما بَعْد كلمتي "كان" و"أصبح" لما شقَّ عليكَ أن تستنتج أنَّ تطوُّر الشيء ليس سوى تحوُّله إلى نقيضه، وأنَّ التطوُّر في الشيء ذاته ليس سوى تحوُّل صفة من صفاته، أو خاصية من خواصه، إلى نقيضها، فهل تستطيع، مثلا، أن تَصِفَ "التطوَّر" إذا ما قُلْتَ إنَّ هذا الشيء كان "حاراً"، فأصبح "بطيئاً"؟! في وعيْنا وثقافتنا ومعرفتنا، وفي لغتنا، نرى بعضا من الأضداد في وضوح، فـ "الحياة" و"الموت" ضدان؛ وكذلك "الحار" و"البارد"، "التمدُّد" و"التقلُّص"، "التجاذب" و"التنافر"، "النور" و"الظلمة"، .. إلخ. ولكن، غالبية الأضداد ليست بهذا الوضوح، فنضطَّر، بالتالي، إلى التعبير عنها لغويا بحرف "لا"، فنضعه في صدر الكلمة ليدلَّ على الفقد، أو الانقطاع، أو الكف، أو التلاشي. إننا نُدْخِل هذا الحرف في تركيب بعض الكلمات للتعبير عن الأضداد، فنقول، مثلا، "لا مركزي"، أو "لا نهائي"، أو "لا إنساني".. إلخ. نقول إنَّ "البارد" هو ضد "الحار"، ولا نقول إنَّ الـ "لا حار" هو ضد "الحار"، فهذان الضدان إنَّما هما من الأضداد الواضحة لدينا (وفي لغتنا). أمَّا الأضداد التي لا يمكننا التعبير عنها لغويا في وضوح مماثِل كمثل ضد "المركزي" فنضطَّر إلى التعبير عنها باستخدام حرف "لا"، فضد "المركزي" إنَّما هو الـ "لا مركزي". الشيء قبل أن يتحوَّل، وحتى يتحوَّل، إلى "نقيضه" لا بدَّ له من أن يتغيَّر في بعضٍ من صفاته وخواصه.. لا بدَّ له، مثلا، من أن يتحوَّل من "حار" إلى "بارد"، ومن "متمدِّد" إلى "متقلَّص". أمَّا تحوُّله إلى "نقيضه" فلا معنى له سوى "الزوال ـ النشوء"، فهذا الشيء "يزول" لـ "ينشأ" عن زواله "شيء آخر"، فالشيء A يزول، فينشأ عن زواله الشيء B. ولا معنى له، أيضا، إلا إذا امتلكَ الشيء B من الصفات والخواص ما يجعله مضاداً ونقيضاً للشيء A. هذا "النجم" نشأ، فتطوَّر، ثمَّ زال. ولكن، ما معنى "زواله"؟ هل معناه أن لا شيء آخر، أو أشياء أُخرى، قد نشأ، أو نشأت، عن زواله؟ كلا، ليس "العدم" معنى زواله. أمْعِن النظر الآن في الشيء الذي نشأ عن زوال هذا النجم. أمْعِن النظر في صفاته وخواصه. إنَّ هذا الشيء الجديد الذي نشأ عن زوال النجم لا بدَّ له من أن يملك من الصفات والخواص ما يؤكِّد أنَّ النجم في زواله قد تحوَّل إلى نقيضه، أي إلى شيء مضاد ومناقِض له في بعض الصفات والخواص. قد يتحوَّل هذا النجم إلى "ثقب أسود" Black Hole. لو عَقَدتَّ مقارنة بين النجم و"الثقب الأسود"، أي لو بحثتَ عن أوجه التشابه والاختلاف بينهما، لتوصَّلْتَ أوَّلا إلى الصفات والخواص المشترَكة بينهما، ولتوصَّلْتَ، من ثمَّ، إلى الصفات والخواص المختلفة بينهما، والتي لو أمْعَنْتَّ النظر فيها لاكتشفْتَ "التضاد" في هذا "الاختلاف". هل يمكن النظر إلى "الثقب الأسود" على أنه شيء لن يزول أبدا؟ كلا، ليس ممكنا، فهذا الشيء ("الثقب الأسود") لا بدَّ له من الزوال، فكل ما نشأ، وينشأ، ينبغي له الزوال. و"العدم" ليس معنى "زواله". زواله إنَّما معناه تحوُّله إلى "نقيضه"، أي إلى شيء مضاد ومناقِض له في بعض الصفات والخواص. إنَّكَ، بفضل الدياليكتيك، تستطيع أن تقول، أولا، وكأنَّكَ تَعْلَم عِلْم اليقين، إنَّ هذا "الثقب الأسود" سيزول حتما، وسينشأ عن زواله شيء آخر، أو أشياء أُخرى. وتستطيع أن تقول، من ثمَّ، إنَّ المضاد والمناقِض لـ "الثقب الأسود"، في الصفات والخواص الجوهرية والتي تميِّزه من غيره، هو الذي سينشأ، حتما، عن زواله. لقد انبثق "النجم" من "سحابة"، معظمها من غاز الهيدروجين. هذه "السحابة" زالت، فنشأ "النجم" عن زوالها. هذا "النشوء"، وذاك "الزوال"، إنَّما هما "الزمن ذاته"، فـ "النشوء" هو ذاته "زوال"، و"الزوال" هو ذاته "نشوء". ولمزيدٍ من الوضوح والتوضيح، أقول إنَّ "نشوء" و"زوال" الشيء ليسا من "التغيير" الذي يعتري "الشيء"، فالشيء إنَّما "يتغيَّر"، و"يتطوَّر"، "بَعْد" نشوئه، و"قبل" زواله. "السحابة" تلك تحوَّلت إلى "نجم"، أي تحوَّلت إلى شيء مضاد ومناقِض لها في الصفات والخواص الجوهرية. وحتى لا نفهم "الحتمية" فهما لا يتَّفِق مع "المنطق الدياليكتيكي"، نقول إنَّ كل نجم انبثق من "سحابة من الهيدروجين"؛ ولكن ليس كل "سحابة من الهيدروجين" تتحوَّل، حتما، إلى نجم، فـ "السحابة" التي استوفت شروط تحوُّلها إلى نجم هي فحسب التي تتحوَّل إلى نجم. "هذه" السحابة هي التي يمكنها، وينبغي لها، أن تتحوَّل إلى نجم. "السحابة" التي لا تتحوَّل إلى "نجم" لا بدَّ لها من أن تتحوَّل إلى شيء آخر (أو أشياء أُخرى) هو، أيضا، مضاد ومناقِض لها في صفات وخواص جوهرية أُخرى. "السحابة" المتحوِّلة إلى "نجم" إنَّما تحوَّلت إليه بـ "قوى تطورها الذاتي"، في المقام الأول، ومن حيث الأساس، فهذه السحابة الممتدة الواسعة، الرقيقة والضئيلة الكثافة، تتأثَّر دائما بقوة جاذبيتها الداخلية، فتتقلَّص وتنكمش، وتشتد كثافتها، ويُضْغَط باطنها، أو مركزها، في استمرار. وهذا الضغط المتعاظم يؤدي في آخر المطاف إلى اشتعال باطنها، فنوى ذرَّات الهيدروجين في باطنها تندمج، متحوِّلة إلى نوى ذرَّات الهيليوم. وهذا الاندماج الهيدروجيني المُنْتِِج للهيليوم يَقْتَرِن بفَقْد جزء من الكتلة. وهذا الجزء المفقود هو المتحوِّل إلى طاقة (حرارة وضوء). إنَّ النجم يُوْلَد عندما يشتعل باطن "السحابة الهيدروجينية". لقد تحوَّلت "السحابة" إلى نقيضها في كثير من صفاتها وخواصها الجوهرية. حياة "السحابة"، أي كل ما اعتراها من تغيير من لحظة نشوئها حتى لحظة زوالها، إنَّما هي "المكان" و"الزمان" اللذين فيهما أنْتَجَت "السحابة" واستَجْمَعَت ونمَّت أسباب وعوامل زوالها، أي أسباب وعوامل تحوُّلها إلى نقيضها، أي أسباب وعوامل نشوء "النجم"، فـ "تطوُّر (ونمو) الشيء" ليس سوى الإعداد والتهيئة لنشوء وظهور نقيضه. "الشيء" في تفاعُل دائم مع بيئته.. مع كل شيء من حوله. يؤثِّر ويتأثَّر، دائما، بغيره. وبهذا التفاعُل، أو تبادُل التأثر، يتطوَّر (وينمو) الشيء. وهذا التطوُّر (أو النمو) إنَّما هو ذاته "المَطْبَخ" الذي فيه تُطْبَخ أسباب وعوامل تحوُّله إلى نقيضه. لقد قُلْنا إنَّ "السحابة" تتحوَّل، حتما، إلى نقيضها بفضل قواها الذاتية، في المقام الأول، ومن حيث الأساس. أمَّا ما يقع في خارجها، أي في خارج "السحابة"، من أشياء (أي البيئة) فلا يؤثِّر في التطوُّر الذاتي لـ "السحابة" إلا "تسريعاً" أو "إبطاءً"، فـ "السحابة ذاتها" تتحوَّل سريعا إلى نجم إذا ما كانت بيئتها غنية بالأسباب والعوامل "الإيجابية"، وتتحوَّل إليه بطيئا إذا ما كانت بيئتها فقيرة بتلك الأسباب والعوامل. "العامل الخارجي"، في التطوُّر، إنَّما هو كل ما يقع في خارج الشيء، ويؤثِّر فيه، فيتأثَّر. ولكن كيف يؤثِّر "العامل الخارجي" في الشيء؟ إنَّه لا يؤثِّر في الشيء إلا بما تسمح به طبيعة هذا الشيء المتأثِّر. وهذا التأثير إنَّما يشبه تمثُّل جسم الكائن الحي للغذاء، فالإنسان الحي مثلا يأكل البطاطا؛ ولكنَّ هذا المأكول (البطاطا) ما أن يَدْخُل جسم الإنسان حتى يتحوَّل بما يسمح لهذا الجسم بالتأثُّر فيه. وهذا هو السبب الذي يجعل لـ "العامل الخارجي ذاته" تأثيرا يختلف باختلاف طبيعة الشيء المتأثِّر فيه. ولو قارَّنا في الصفات والخواص بين "الشيء" و"نقيضه"، بين "السحابة" و"النجم" مثلا، لرَأيْنا الآتي: بعضٌ من صفات وخواص "السحابة" انتقل إلى "النجم"، أي أصبح جزءا من صفاته وخواصه. بعضٌ من صفات وخواص "السحابة" لم ينتقل، أي نُفيَ في "النجم". بعضٌ من صفات وخواص "النجم" كان "جديدا"، أي لم يكن له من وجود في "السحابة". ولا شكَّ في أنَّ هذا التبويب لصفات وخواص الشيء الجديد هو خير طريقة نَدْرُس فيها تطوُّر الشيء. في الطبيعة ليس لـ "الغاية" من وجود، فالشيء لا يُوْجَد، ولا يتطوَّر، لـ "غاية ما"؛ ولكننا، مجازا ليس إلا، نقول بـ "الغاية" في الطبيعة، فما هي هذه "الغاية"؟ إنَّها "الزوال"، أي استجماع الأسباب المؤدية، حتما، إلى تحوُّل الشيء إلى نقيضه. إنَّ الشيء، ومُذْ نشوئه وولادته، يشرع، عَبْر تطوُّره ونموِّه.. عَبْر فِعْلِه وانفعاله.. عَبْر تفاعله وتبادله التأثير مع غيره، يُعِدُّ ويهيئ ويُنمِّي ويُنْضِج أسباب وعوامل زواله، أي تحوُّله إلى نقيضه، وكأنَّه لم يأتِ إلى الحياة إلا لـ "الغاية" هذه. أُنْظُر إلى هذا الكائن الحي. إنَّه يُوْلَد من أجل أن يعيش.. من أجل أن يظل على قيد الحياة. إنَّه يَفْعَل ويَنْفَعِل.. يتفاعل ويتبادل التأثير مع غيره. إننا نراه، بالتالي، ينمو ويتطوَّر؛ ولكن هل في مقدوره أن يبقى على قيد الحياة، وأن ينمو ويتطوَّر، من غير أن يُنمِّي، في الوقت نفسه، كل ما يمكن ويجب أن يؤدي إلى موته وزواله؟! هذا الكائن الحي لا يمكنه إلا أن يتفاعل مع غيره (مع بيئته بكل ما فيها) بما يبقيه على قيد الحياة، ويجعله ينمو ويتطوَّر؛ ولكنه، وهنا تكمن مصيبته، لا يستطيع أبدا أن يتفاعل إلا بما يؤدي، في الوقت نفسه، إلى إعداد وتهيئة كل الأسباب والعوامل المؤدية، حتما، إلى موته وزواله. إنَّه لا يحصل، وليس في مقدوره أن يحصل، على سبب البقاء والنمو والتطوُّر من غير أن يحصل، في الوقت نفسه، على سبب الزوال، فهذا وذاك (أي سبب الزوال وسبب البقاء) إنَّما هما شيء واحد لا يتجزأ. |
|
|
|
|
| مواقع النشر (المفضلة) |
| الكلمات الدليلية (Tags) |
| الدياليكتيك |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
| أدوات الموضوع | |
| اسلوب عرض الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه
|
||||
| الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
| مبادئ الدياليكتيك المادي | مُنْشقّ | حول المادّة و الطبيعة ✾ | 33 | 03-18-2015 08:53 PM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd
diamond