ونستكمل
أخي الحبيب منشق، طبعا سنستمر، لأجل التضحيات الكثيرة التي قمها الكثيرون منا لأجل الحرية والعقل، إذا خسرنا العالم وكسبنا أنفسنا فهو نعم المكسب
عواطف متركزة على الآخرين
الكثير من العواطف المتركزة على الداخل الناتجة عن نبذ الاعتقاد الديني هي كأمواج تصدم سفينة شعور المرء بالنفس، لكن عملية إزالة السم تسبّب أيضًا عواطف متوجهة خارجيًّا تؤدي إلى إعادة تفحص المرء لعلاقات معينة. هذه العواطف المتعلقة بالعلاقة بين الأشخاص نتيجة لقيام العقل بفحص تشخيصي وبحث عن السبب الذي جعله يقبل على نحو خاطئ الاعتقاد الديني في المقام الأول. يعطي العقل الإشارة لبدء بحثه عن حل المشاكل المؤدية إلى التحير والإرباك المزعج بسبب كون افتراضات وعقائد أساسية نُبِذَتْ. جزء آخر من العملية يتضمن تحري العقل عن الكيفية التي قام بها بالضبط بأخطاء في تقييم جودة المعلومات التي وثق بها على نحو كافٍ ليدمجها في هويته. بافتراض أن الشخص قد رُبِيّ على دينٍ، فإن المتهمين الأكثر احتمالًا بالتسبب في فشل العقل في هذا الخصوص هم الناس الذين قد وضع ثقته فيهم لتوصيل معلومات صحيحة له عن العالم بحيث سمح العقل بإهمال طلبه المعتاد للأدلة على التأكيدات على هذا الأساس.
الشعور بالخيانة
يعتمد مستوى ودرجة الشعور بالخيانة التي سيشعر بها المرء عند نبذ الاعتقاد الديني على مستوى اللوم الذي يقرره ويلقيه المرء على شخص معين في تلقينه الدينَ. بعض الناس في حياة المرء قد يكونون أبرياء وغير ملومين في زرع افتراضات الاعتقاد الديني [في ذهن الشخص] ولا ضمان صحتها، بينما ربما كان آخرون مساعدين في تلك العملية. إذا كان شخصٌ قد شجَّع قصديًّا آخرَ على قبول دين [وأفكاره]، فإن بعض مشاعر الخيانة من جانب ذلك الشخص محتملة. إن استنتج المرء أكثر من ذلك بأن ذلك الشخص قد شجعه قصديًّا على الاقتناع بالدين بدون اعتقاده هو نفسه به أو لاكتساب أفضلية ساخرة، فإن الشعور بالخيانة قد يتنامى إلى إحساس بالإساءة بسبب الاستغلال المُدرَك. على هذا الأساس، فإنه ليس غير شائع لتاركي الاعتقاد الديني أن يمروا بفترة من الغضب والشعور بالاستياء اتجاه رجال الدين الخاصين بدينه السابق بسبب تشجيعهم له على ممارسة الدين، وترويج الاعتقاد الديني، وإن المكسب الشخصي من قبول المرء لكليهما واضح.
باكتساب المرء لتقدير جديد لما يعنيه أن يكون حيًّا الآن لأن افتراضات الاعتقاد الديني قد نُبِذَت، فيمكن أن يشعر المرء بأنه قد سُرِق منه وقت ثمين من قِبَلِ من يحكم بأنهم ينبغي أنهم يدركون على نحو معقول [أو بعضهم] أو ربما بالفعل يعرفون أن الاعتقاد الديني قد بُنِيَت أسسه على قواعد وأسس باطلة. إنه طبيعيٌّ أن يشعر المرء بالازدارء اتجاه الناس الذين قد شجعوه على أن يكون متدينًا اعتمادًا وبناءً على قصدهم المُدرَك [يعني مع علمهم بزيف الدين كحال بعض أمكر القسس والشيوخ المسلمين وسائر رجال الدين_م]، لكن القرار عما إذا سيقطع المرء علاقاته مع ناسٍ على أساس سلوكياتهم السابقة ليس شيئًا يُقَرَّر في لحظة غضبٍ. إن الشعور بإساءة الخيانة والاستغلال من قد اكتسبوا ذات يوم أشد الثقة يتسبب في عاصفة عاطفية ستهيمن على وتشوش قدرة المرء على التفكير بصفاء ووضوح. سيأتي وقتٌ لإعادة تقييم العلاقات وتقرير أيها يتم إنهاؤه بناءً على تقريرات المرء لعدم وقوع ملامة أو وجود نية قصدية لدى الأشخاص، بعد إعادة الصنع الناجح للهوية وتصفية العناصر الأكثر ضررًا في مخزون المرء العاطفي.
لو صادف المرء مشاعر الكره الحقيقي أثناء تقييمه للشعور بالخيانة، فإن ضروريٌّ أن يواجهها فوريًّا, بعدما يدرك المرء بأنه قد تمت خيانته، قد يظهر الكره بسبب اشمئزاز طبيعي من البشر بسبب أفعالهم التي استغلت ثقته بطرق شريرة أو قاسية. رغم ذلك، فإن الكره آكلٌ ومؤذٍ للشخص الذي يستمر فيه، وإن وجوده في منظمة عواطف الشخص يشكل حالة طوارئ تبيح إيقاف كل الجهد العاطفي الآخر حتى تُصحَّح.
عدم الثقة (الارتياب)
بناءً على كم الشعور بالخيانة التي يشعر بها المرءُ ممن قد وضع قديمًا ثقته الاعتيادية الروتينية فيهم، فقد تحدث مشاعر الارتياب الشديد في الآخرين، خاصةً الشخصيات السلطوية. وبخلاف المشاعر الأخرى المناقشة سابقًا، فإن مستوى أساسي ذا أحد أدنى من الارتياب في الآخرين عقلاني وصحي في حياة الشخص، إن تجلى على نحو عقلانيّ وقام على مخاوف ودواعي قلق معقولة. رغم ذلك، فإن الارتياب الذي سيمر به الشخص خلال تلك المرحلة الانتقالية يُرجَّح أن يتمادى كثيرًا ويقارب كره الجنس البشري. فإن شخصًا ما في خضم عملية إزالة افتراضات الاعتقاد الديني من هويته سيميل إلى المبالغة في تقدير عدد الناس المتورطين في الأمر بخصوص ما يدركه على أنه خداعه واستغفاله الممنهَج، وهي مبالغة طبيعية في عملية التصحيح.
من خلال الافتراض المركزي الأساسي للإيمان، يشجَّع الاعتقاد الديني على نحوٍ غير مبرر وغير قابل للدفاع عنه على الثقة الزائفة في محترفيه ونظرته الكونية. عندما ينبذه شخصٌ كباطل، فإن المشاعر الناتجة يمكن أن تسمم كامل البئر [تفسد كامل الأمر] فيما يتعلق برغبة الشخص في وضع الثقة في أي أحد عدا الذين يعرفهم بحميمية وعلى نحوٍ وثيق. إنه لمهمٌّ أن نتذكر أن الاعتقاد الديني يظهر بطلانه بوضوح دائمًا حالما يواجه المرء بتحدٍّ منظّم ويترك افتراضاته. رغم ذلك، فإن الاعتقاد الديني يبدو مختلفًا جدًّا من المنظور الداخليّ، وقد يتمادى مزاج المرء إلى حد بعيد في عدم الثقة بإدراك المرء أن معظم المؤمنين الدينيين هم على الأرجح صادقون ويعتقدون بإخلاصٍ بأن سلوكياتهم سليمة.
تصور بندولًا معلقًا إلى سقف حجرة. بدون تدخل، فإنه سيبقى معلقًا إلى الأسفل ويظل ثابتًا. تصور بالإضافة إلى ذلك أن البندول مربوط إلى أقصى جانب منحنى حركته بحيث لا يمكنه التحرك. عند قطع الحبل الذي يثبِّت البندول في مكانه فإنه سيندفع إلى أقصى الطرف الآخر ويتأرجح ذهابًا وإيابًا، ويفقد ببطء حركته المتوافقة حتى يتوقف آخر الأمر. إن ارتياب المرء في هذا الوضع يتبع نمطًا مشابهًا. بسبب كون الإيمان عنصرًا أساسيًّا للاعتقاد الديني، فإن بندول ثقة الشخص يكون مربوطًا على نحوٍ زائف مصطنَع بأقصى درجاته من السذاجة وسهولة التصديق فيما يتعلق بدينه. عندما يهجر شخصٌ الاعتقاد الديني، فإن ثقته تنقلب إلى عدم ثقة وارتياب تامٍّ تقريبًا، حتى يصل آخر الأمر إلى النقطة حيث ينتهي العزم [القوة الدافعة] الخاصة بانهيار الاعتقاد الديني. عند تلك اللحظة، يكون المرء قد تحرر لاتخاذ قرارات عن استحاق الناس للثقة على أساس شخصياتهم والخبرات السابقة وسمعتهم العامة، بدون اضطراب انهيار الاعتقاد الديني الذي كان لا يزال يثير الاضطراب في داخله.
عمومًا، فإن هناك مشاعر داخلية ستنتج عن ترك الاعتقاد الديني، وليس معنى ذلك أن كل شخص سيلاقيها كلها بلا ريب، بل بالأحرى أنها تمثل أعلى مستويات ردود الفعل العاطفية في النفس. إن ما سيشعر ويمر به أي شخص معيَّن سيكون فريدًا وفقًا لظروفه، والتزامه وتكرسه الديني، والأوضاع الاجتماعية، والسن، والخلفية الأسرية...إلخ. بالتالي، فإن النصائح العمومية أعلاه لا يمكن تخصيصها للتنبؤ بالخبرات المحدَّدة لشخصٍ. عوضًا عن ذلك، فإنها تهدف إلى دعم وشحذ قوى الشخص لمواجهة أقصى صدمة محتملة.
لو أن امرئً مر بكل بكل الأنماط السلبية للمشاعر بدرجة عالية، فسيكون من المضمون التفكير في أن ذلك الفرد كان متكرِّسًا بدرجة عالية كبيرة في دينه، وأقنع آخرين بالمشاركة على الأرجح، ويرجح أنه أعطى الدين نفسَه كمًّا كبيرًا من وقته وماله. بعبارة أخرى، فإن مستوى استثمار وتكرس المرء المالي والاجتماعي المُدْرَك سيتناسب طرديًّا مباشرةً مع عدد وقوة العواطف السلبية التي سيواجهها عند تركه. لكونه اكتشافًا غير مفاجئ، فإن المرء ينبغي أن يتعاطف مع المتدينين ذوي الحماس، في ضوء هذا المفهوم. إلى درجة أنه عندما يكون لديهم أي تلميح لخطإ الاعتقاد الديني، فإنهم يشعرون كذلك بأن التحول العاطفيّ الذي ينتظرهم لو اختاروا مقاومته سيكون قاسيًا على نحوٍ استثنائيٍّ.
التأثيرات الخارجية على الشخص
ناهيك عن جهد الشخص الاستبطاني للعمل على تحقيق توازنه العاطفي، فإن خروجه من الاعتقاد الديني قد يكون له نتائج اجتماعية قد تسبب خلافًا إضافيًّا، خاصةً في محيط أسرة ومجتمع الشخص القريب. إن قرر المرء التوقف عن مشاركة الآخرين [في حضورهم] بيت [مُتعبَّدَ] الصلاة المعتاد أو الانسحاب من صلوات الأسرة، فإنه لن يستطيع الامتناع عن لفت نظر الآخرين إلى تغيره الداخليّ، وإن أسرته ومجتمعه المحلي هم الأشخاص الذين في أفضل موضعٍ لكلٍّ من إدراك تلك الرسالة وتكليف الشخص الثمن بسبب توصيله إياها. بالنسبة للبعض، فهذه احتمالية مرعبة. إن مستوى القلق والخوف بصدد إفشاء القرار بعدم الانخراط في الاعتقاد الديني بعد الآن سيتناسب طرديًّا مباشرة مع مدى تحمس أسرة ومجتمع المرء بخصوص دينهم، خاصةً لو كانت هذه المجموعات لها درجة عالية من التجانس فيما يتعلق بانتماآتهم. [في مجتمعات ذات أغلبيات إلحادية كالنمسا والسويد والنرويج والدنمارك وإسكتلندا وهونج كونج والكوريتين واليابان يولد الشخص في أسرة ملحدة من الأول أو في أسر دينية غير متدينة على الأغلب بطبيعة المجتمع فلا تكون هناك مشكلة، وفي مجتمعات أخرى ذات نسب إلحادية كبيرة ما بين 25-45% من الملحدين كفرانس وبريطانيا وجرمانيا [ألمانيا] وأستراليا وغيرها لا تكون مشكلة كبيرة في أغلب الحالات، لكن المشكلة ستظهر على نحو رهيب في الأوساط الدينية المتشددة كالدول الإسلامية والأوساط المسيحية الشرقية، وفي الغرب وربما إسرائيل كاستثناء في بعض مجتمعات المتشددين الحريديم من اليهود والمورمونيين والمسلمين، قد تصل الخطورة إلى القتل أو فقدان عمل ما أو السجن أو القطيعة الاجتماعية والخسائر الاجتماعية الفادحة ومقاطعة المجتمع التامة للشخص كأنه مجذوم، وفي حالة أمركا لا يكون الأمر بهذه الخطورة لكن له تبعات اجتماعية كبيرة فقط، كلما كان المجتمع متنوعًا وغير متدين في نفس الوقت وبدون تعصب كحال مجتمع استراليا مثلًا فيغلب ألا توجد مشكلة، أما في تركيبة متجانسة كالشعب المصري ذي التركيبة السنية الإسلامية-المسيحية الأرثوذكسية المتسم بالأصولية وانعدام الفكر الحر تكون التبعات شديدة للغاية غالبًا وفادحة وأحيانًا ذات درجات متنوعة من الخطورة أو القطيعة الاجتماعية، وفي حال مجتمعات طائفية تتسم بالتعصب كالعراق وسوريا ولبنان فالنتائج لا تقل فداحة رغم وجود تنوع لكنه مع انغلاق وتعصب_المترجم]
لو أن المرء يعيش في قرية أو بلدة صغيرة حيث ينتمي [أو يذهب] كل شخص إلى نفس بيت الصلاة [المتعبَّد، الكنيسة، المسجد، المعبد]، فإن إمكانية انسحابه من الدين مروعة ومثبطة للهمة. لو أن الشخص فرد في أسرة كثيرًا ما تتكلم عن دينها وبتعابير متحمسة متوهجة، فإن تهديد علاقة انتماء المرء لأكثر المجموعات حميمية قد يكون خانقًا [مُسكِتًا]. أما إن كان المرء يعيش في مدينة كبيرة حيث هناك تنوع واسع من الانتماآت الدينية أو أن أسرته تقدم فقط صلوات شفوية شكلية عرَضية من آنٍ إلى آخر للاعتقاد الديني بأي نحوٍ، فإن الضغط الخارجي سيكون أقل أهمية بكثير. في الجزء الثالث، سنفحص بعض الجوانب المعيَّنة لتفاعلات المجموعة أو المجموعات لكي نتدارس كيفية عمل المجموعات على ممارسة ضغط مستتر على الأفراد لكي يبدل رأيه وسلوكه في هذا الصدد.
بغض النظر عن الموقف الذي سيجد فيه المرء نفسه من جهة أسرته ومجتمعه فيما يتعلق بقضية رفضه للاعتقاد الديني، فإن النبذ الاجتماعي ودرجات أقل أخرى من الإدانة الاجتماعية تمثل مشاكل خطرة للأفراد، خاصة لو أنه طفلٌ أو شابٌّ راشد. لكي تبقى مستمرة، فإن الأديان تحتاج إلى ربط الناس سويًّا في مجموعات لكي تصطنع وضعًا حيث ستستقبل افتراضات الاعتقاد الديني ومعتقداتها تقوية وتعزيزًا تفتقده في الحياة العملية. فبدون تعزيز منتظم [لزعم] صحة هذه الاعتقادات من قِبَلِ رجل دينٍ وكذلك المجتمع ككل، فإنها ستميل إلى التعرض للهجر والإهمال، ولذلك فإنه ليس غير منطقي أن نتوقع تعاملًا قاسيًا فظًّا مع الأعضاء الهاجرين الذين اختاروا البقاء في المجتمع [مشكلة في المجتمعات المتدين فقط كما أشرت-المترجم]. فبأخذ كل شيء بعين الاعتبار، فإن هجرهم الناجح والخالي من المشاكل بسلامٍ من الدين سيشكِّل تهديدًا ضمنيًّا لوحدة المجموعة.
اعتبار المرء معزولًا، إن ضغط مثل هذا الموقف على الفرد مُشْكِل، لكن عندما يؤخذ في الاعتبار بتزامنه مع الضغوط العاطفية المشار إليها سابقًا التي سيحتاج المرء لمكافحتها كنتيجة للعملية الجارية في داخله والخاصة به، فإن الموقف سيصير جديًّا حقًّا. في هذا الموقف، فإن النبذ الاجتماعي يفاقم ويزيد كل الحواجز العاطفية الداخلية للشخص، وقصديًّا أو غير ذلك فهذا يحقق هدف زيادة صعوبتها وعرقلتها بفاعلية قاسية. بالتخريب المحتمل للهياكل الداعمة التأييدية الأشرية والمجتمعية، فإن الضغط على الفرد ليطابق آراءَه مع تلم المجموعة يصل إلى ذروته.
وبما أن الحاجة أم الاختراع، فإنه لا يُتوقَّع أن يتحمل الأشخاص العاديون بهذا القدر. في موقف حيث يعاني الشخص اضطرابًا داخليًّا خاصًّا به مع إزالة هياكل تأييده، فإن الأمر يحتاج من الشخص عزيمة استثنائية ليكون قادرًا على إيجاد الإرادة للاستمرار في قراره بالخروج من الدين، وقد يكون قرارًا مدروسًا جيدًا رغم ذلك.
باعتبار ما هو على المحك والاحتمالية العالية لعدم مقدرة الشخص على ترك أسرته أو مجتمعه ببساطة، فإن الشخص يحتاج إلى القيام بقرار شخصي من تقديره. ما هي التكاليف والفوائد لخضوعه للاقتراحات بأن يتدين لكي يخفف بعض الضغط الاجتماعي المستعمَل [ضده]؟ هل يشعر بالحاجة إلى مشاركة الناس المحيطين به فيما يدرك أنه خطأ بالمشاركة في وممارسة الاعتقاد الديني؟ هل يحتاج إلى قبول أسرته ومجتمعه لكي يكون سعيدًا؟ ستتغير إجابات المرء على هذه الأسئلة مع الوقت، ربما بشدة، وإن محاولة الإجابة عليها أثناء مضي المرء في تحوله العاطفي سيكون تعجُّلًا ومجازفة غير ضرورية.
هناك الكثير على المحك مما لا يسمح باتخاذ قرار متسرع بدون القيام بتقييم صادق لماهية نوع المخاطرة التي يقبلها المرء بمخالفته وخرقه للاعتقاد الديني علنًا. فبالنظر إلى نقاش الشعور بالخيانة في المقطع السابق، فقد حكمنا بالحذر منه لتجنب إنهاء العلاقات مع الناس الذين يشعر المرء بأنه خين من قِبَلِهم بسبب مناصرتهم للاعتقاد الديني بينما لا يزال المرء في حالة اضطراب عاطفي. في هذا المقطع (الفقرة)، فإننا نوسع تلك النصيحة إلى التوصية [كذلك] بأن يكون المرء حذرًا في تقييم احتمالية إنهاء الآخرين لعلاقاتهم به على أساس تركه ما كان قديمًا دينَهم المشترَك.
أيًّا ما كان ما سيقرر المرء فعله بخصوص إخبار الناس في أسرته ومجتمعه بصدد فقدانه الاعتقادَ الديني، فإنه ينبغي أن يعرف أنه يقوم بمجازفة في كلا الاختيارين. فإن يختَرْ إخبار الناس يجازفْ بالتعرض لنبذ اجتماعي وعقوبات أخرى من جماعاته الاجتماعية ذات الصلة به. أما إن يقررْ عدم إخبار أي أحد يجازفْ بتعرضه لاضطراب داخلي ذاتي بسبب المشاركة في أنشطة يجدها سخيفة منافية للعقل إن لم تكن ضارّة تمامًا بحياة الشخص. كل ما يحتاجه المرء للتقرير قبل أن يقوم بقراره هو [تحديد] أين تقع أولوياته.
حتى اليوم، ما زلت لم أشغل نفسي بإخبار بعض الناس في أسرتي أني ملحدٌ ببساطة لأن ذلك ليس ذا علاقة بعلاقتنا، وحتى لو كان له علاقة، فإن تخميني هو أنهم سيفكرون في أنفسهم "ومن يبالي؟!"، وشعرت مع آخرين بآراء الغير دينية على الأرجح وافتتحت الموضوع مع الوقت وبطريقتي. معظمهم اتفقوا معي، وبعضهم كانوا غير مبالين، وقليلون لم يحبوا الأمر. على نحو واضح، فإن بإيراد وإثارة موضوع الدين بأسلوبٍ غير تقديسيّ ولا محترِم، فإن المرء يخرق تابو اجتماعي، مما يمكن أن يكون له نتائج لا يمكن التنبؤ بها. للأسف، فإن إعطاء نصائح فردية مخصصة فيما يتعلق بالتعامل السليم مع هذه الأمور غير ممكن بدون الحصول أولًا على معلومات شخصية عن حياة الشخص وقواه الداخلية وموارده [قدرته على التصرف] وأولوياته، وينبغي أن يميل المرء إلى جانب السلامة لو أن عدم استقرار كبير في حياته يبدو وشيكًا.
التقنيات والقوى الداخلية العاطفية
بعض تلك العواطف المناقَشة قادرة على الهيمنة على الشخص لفترات طويلة من الزمن، والقراءة عنها هنا وتوقعها هو خط الدفاع الأول للمرء. رغم ذلك، فإن التوقع جيد فقط في موازنة الصدمة الأولية للنظام، وسيحتاج الأمر إلى مشاركة الجهد العاطفي على نحو سليم في العملية. وحيث أن المرء لم يعد يمكنه أن يستعمل من بعدُ الاعتقادَ الديني وأساطيره المرافقة له كمنظومة دعمٍ، فإنه يجب أن ينشئ تقنيات بديلة للإحلال محله. عمومًا، فإن فترة التعافي تستلزم تطويرًا وتمرينًا لآليات التحمل التي قد ضمرت وتوقف نموها، والتي قد تعرضت للإهمال والهجر بسبب اعتقاد المرء السابق بإلهٍ كان يعتبر كلية قدرته وخيريته مسلَّمة وبديهية. على نحو واضح، فلن يحتاج المرء لحشد مستوى التحمل الذي كان سيحتاجه في حالٍ أخرى [عدم إيمانه] لأجل حادث مزلزل للنفس، عندما يعتقد بأن مصالحه وأسرته وأحباءه يحميهم كائن مثل هذا. أما بدون الدين، فتحتاج عواطف المرء أن تنضج وتصير تحت تحكمه، وبينما قد تساعد محض قوة الإرادة الشخص على قطع معظم الطريق، فلا ينبغي أن يشعر المرء أن عليه أن يمضي فيه وحده تمامًا أو أنه قد فشل بالبحث عن مساعدة إضافية.
اكتساب الانضباط العاطفي
أولًا وقبل كل شيء، فإن ملاقاة العواطف السلبية وقوتها المتزايدة على نحو محتمل ينبغي أن تُعتبَر كفرصة عوضًا عن اعتبارها أزمة. عندما يشعر المرء بالبهجة أو الفرح فإنها خبرةٌ [أو شعور] رائع، لكن يصعُب أن يقال عن المرء أنه قد تعلم أي شيء منه. إن الألم والانزعاج [التعب] العاطفي ليس شيئًا يُخاف منه. في الحقيقة، فإنها كثيرًا ما تحتوي على حقائق شخصية هامة ضمنها وداخلها، ولن يكتشفها المرء أبدًا حتى يمكنه التمكن من التغلب على خوفه ويفهم الشعور بالمشاعر التي ترافقها.
فمع أخذ كل شيء بعين الاعتبار، ما هي عواطف المرء؟ إنها توصيل المخ للإحساس الذاتي استجابةً للمثيرات، وأكثرها كراهةً كثيرًا ما يتألف من العناصر اللاواعية [ما دون الوعي] للمخ والتي تسرِّب إشارات إلى الجزء الواعي بالتعبير عن الخوف والإحراج والذعر...إلخ. بعبارة أخرى، فإنها تمثل معلوماتٍ عن النفس، وإن استكشاف معالمها وسبب ظهورها على السطح في بيئات معينة هي مهارة غائبة على نحو مؤسف عن التعليم الحديث. بالتأكيد، فإن القيمة الاجتماعية للتعليم المركِّز في التحليل والخبرة الفنية التقنية ودقة التفكير لا جدال فيها، لكن من يحققون أعلى مستوى من الإنجاز هم من يكتسبون كلًّا من الانضباط الفكري والعاطفي. لاحظ أنه لا ينبغي فهم التعبير "انضباط عاطفي" على أنه حالة روبوتية [آلية] حيث يكبح المرء نفسه فيها من الشعور بأي شيء. في الواقع، فإنها العكس تمامًا.
باعتبارها نقيضًا للتوقف [عن الإحساس]، فإن الانضباط العاطفي يُحقَّق عندما يكافح المرء بفاعلية أكثر مشاعره إزعاجًا لكي يوقفها ويفك شفرة المعلومات التي تنقلها إلى الجزء الواعي من العقل. إن اكتساب الانضباط العاطفي هو مهمة في المرور بالمشاعر السلبية، وسبب عدم التناظر [بينها وبين المشاعر الإيجابية] هو لأن المرء لا يتهرب عامةً من المشاعر الإيجابية أو يستكشف سبب حدوثها. في الواقع، سيواجه الشخص مشكلة ومعضلة لو حاول تقرير ما قد جعله سعيدًا وحاول إعادة صنع تلك البيئة [التي جعلته سعيدًا] بقدر ما يمكن. رغم ذلك، فإن الناس لا تحب الشعور بالألم العاطفي، والسخرية وشر البلية ما يضحك [ومن المضحكات المبكيات] أنه بتجنبهم العملية الكاملة لمثل تلك العواطف فإنهم يحكمون على أنفسهم بجعل تكرر حدوثها أكثر.
فباعتبار كل شيء، لا يمكن للمرء أن يتعلم أن يتطور عاطفيًّا أو يتغلب على الأمور التي تزعجه لو أنه يفشل في تبين المعلومات العميقة عن سبب كون هذه الأمور تجرحه من الأساس، وإن مشاعر المرء السلبية تمثل لحظة تدق فيها الفرصة الباب بلا انقطاع، إلا أن قليلين يميزونها كفرصة. فتمامًا كما يعرف المرءُ أن الألم البدني له مصدر محدد في الجسد وجرعات مناسبة من التصرف العلاجي للعلاج، فإن المرء يجب أن يتعلم أن يعيد فهم وتفسير الألم العاطفي كحزم كهربية عصبية من المعلومات التي تسبح في النهر الخارج من لا وعيه [ما دون الوعي الخاص به]، والذي سيكون إدراكه شيئًا نفيسًا رغم الألم البغيض لاسترجاعها. إن فرص التعلم عن النفس وتحسينها تحيط بالمرء تمامًا عندما يترك الاعتقاد الديني، ويجب أن تُنتهَز بنشاط [وحماس].
ما هو الندم؟ إنه شعور كئيب يدل على حزن الشخص على الإخفاقات الماضية المُدرَكة ويحتوي على وصفة كامنة للفعل لانتهاز الفرص المشابهة إن وعندما تأتي مرة أخرى. ما هو الإحراج أو الارتباك؟ إنه شعور محرق يلوي معدن تقدير المرء لنفسه ويشير إلى وجود الخوف وافتقاد الأمان في تصور المرء لذاته. إن هذه المشاعر كريهة وأحيانًا على نحوٍ لا يُحتمَل، ورغم الحاجة الواضحة إليها، فإن امتلاك رباطة الجأش والإرادة لفحصها في حينها هو فنٌّ يوجد قلة من الناس هم من يفهمونه حتى.
للأسف، لا يقدم المجتمع الحديث المعاصر تدريبًا كافيًا لكيف ينبغي أن يواجه الشخص ويفسر ويفهم عواطفه، وهو حذف وإغفال لشيء يفسر على نحو كامل تقريبًا كيفية احتفاظ الأديان بأي موطئ قدم وتواجد في العالم في ضوء السخافة ومنافاة العقل الموضوعية لتأكيدتها [مزاعمها] الفكرية. مع كون الناس غير متعلمين لكيفية التعامل مع عواطفهم، فإن الأديان تحوز احتكارًا إلى حدٍّ ما على بنيوات [آليات] الدعم العاطفي، وإن يكن معيبًا متصدعًا بقدر ما هو عليه. إن آليات اكتساب المعرفة الخاصة بالتفكير القائم على العقلانية هي أدوات بارعة على نحو مذهل، صممها وحسَّنَها بعض من أكثر الناس استحقاقًا للتذكر في البشرية، لكنها لا يمكنها جعل الشخص متكاملًا [تكوين شخصية الشخص] وحدها. لتحقيق الشخص لتكامل شخصيته فإن قوة فكره يجب أن تُتمها المشاركة السليمة لعواطفه.
تصور قضيبي سكة حديدية متوازيين يمتدان عبر المسافة. كلما نظرنا إلى هذين الخطين المتمايزين المنفصلين على مدى أبعد، فإنهما يظهران كأنهما يميلان باتجاه بعضهما البعض حتى يلتحما في الأفق. كذلك هي طبيعة هذين العنصرين المتكاملين المتممين لبعضهما الخاصين بهوية الشخص. إلا أنهما في كثير من النواحي يكونان نقيضين كاملين ومتنافسين شرسين، لكن حالما يطورهما المرء بصرامة منسَّقة، سوف يدرك أن لديهما السمة المتناقضة الخاصة بالتلاقي عند ذروة الإنجاز. بعبارة أخرى، فإن المنظور الذي يحصل عليه المرء من السيطرة على أحدهما يحمل تشابهًا مذهلًا للمنظور المحقَّق بالسيطرة على الآخر، وهو اندماج عجيب إلا أنه مبهجٌ بالفعل.
إن أصعب جانب من تحقيق الانضباط العاطفي هو أن المرء يجب أن يكون صادقًا تمامًا مع نفسه بصدد كيف ولماذا شعر بأمور معينة، وهي ليست مهمة سهلة. لا أحد يحب الاعتراف بعيوبه الشخصية أو طبيعته الأقل [قيمةً]، لكن القدرة على فعل ذلك هي تحديدًا ما يعمل على التطهير منها وحجبها عن الظهور في سلوكيات الشخص. إن مصدرًا إضافيًّا آخر للتشوش والارتباك هو أن لا أحد يمكنه حقًّا مساعدة شخص حينما يقوم بمهمة الاستبطان [فحص أفكاره ومشاعره الذاتية]، وليس معنى ذلك أنه لا يمكن المساهمة بشيء من المصادر الخارجية، بل بالأحرى والأكثر تحديدًا أن جوهر المسألة سيكمن دائمًا داخل الشخص نفسه. إن يكن لا يريد مواجهة أكثر الجوانب إيلامًا من ملف حياته العاطفي، فلا أحد آخر سيقدر على فعل ذلك نيابةً عنه.
مجددًا [نقول]، أن الهدف من جهد الشخص العاطفي هو إكمال نضج واتحاد النفس. إن تقنيات اكتساب المعرفة الخاصة بالتفكير القائم على العقلانية تقدم أفضل الوسائل لتحليل القضايا المتعلقة بالحقائق، على وجه الخصوص فيما يتعلق بالواقع الموضوعي، وتقدم تقنية اعتراض المعلومات [لفك شفرتها ومعانيها] الخاصة بالانضباط العاطفي أفضل الوسائل لتقييم المسائل المتعلقة بالقيم والتقييمات الذاتية، خاصة فيما يتعلق بالنفس. عندما تنضج هاتان القوتان وتندمجان سويًّا، فإن الشخص سيحوز السيطرة والسيادة على كلٍّ من عالميه الداخليّ والخارجيّ، وستكون قدرته الكامنة في ذلك الوضع درامية [هائلة].
بالتأكيد، فإن الاعتقاد الديني يخرج هذه العملية عن مسارها ويسلب الشخص الفرص لاستبطان ذاتي مفيد مثمر بسبب تقيات الدعم العاطفي التي يقدمها. بالتأكيد، فإن الشعائر الدينية كالصلاة والاجتماعات تزود براحة عاطفية على المدى القصير، حتى لو كانت تلك الراحة المؤقتة مُنِحَت عن طريق زيفٍ وجاءت بالثمن الغالي من الاعتباطية والتحكمية الفكرية. بغض النظر عن ذلك، فإن تقنيات وتضمينات الاعتقاد الديني تبلِّد وتُبرِّر أسوأ مشاعر الشخص بأشياء خارج النفس، وبينما قد تعمل على تماسك الشخص لبرهة، فإنها لا تقدم أي عون ومعروف له على المدى الطويل. فبدون مواجهة المشاعر السلبية بأمانة وترك التذرعات، فإنها مقدَّرٌ لها أن يتكرر حدوثها. وعندما ستقتضي الانتقام الكريه [من الشخص بتفاقمها] لأجل تجاهلها، فعلى نحو مؤسف لن يدرك معظم الناس أبدًا أنها تمثل وسيلة أخرى يتواصل بها الجسد أجزاؤه مع بعضها لكي يعبر عن الألم الذي يتوسل به من الجزء الواعي من العقل لكي ينتبه ويريحه.
العَيْشُ في اللحظة
إحدى النتائج الطبيعية الحتمية لخبرة [الشعور] باتحاد وتجمع النفس هي تقدير المرء المتزايد للوقت، خاصة الوقت الذي لديه ليعيشه. فبحرق السفن الوهمية الخاصة بهروبه المستقبلي [من الموت إلى الخلود]، فإن المرء يشعر بأنه ملزَم بالفعل في الحاضر لاكتشاف العالم وعلاج العلل والمحن وجوانب الظلم التي قد يدركها. عَيْشُ اللحظةِ ليس تعبيرًا عن اللامبالاة بأي شيء قد يحدث في المستقبل، بالأحرى فإنه يعبر عن قبول الحاضر باعتباره الموقع الزمني الوحيد الذي سيوجد فيه أي أحد على الإطلاق. إن الغد لا يأتي حقًّا أبدًا، وحتى اللحظة التي مرت للتو قد مضت ولن تعود. العيش في اللحظة يدل على الاعتراف بهذا التقسيم للزمن.
إن فهم العيش في اللحظة على أنه دلالة ضمنية للامبالاة وراحة البال واتباع مذهب المتعة الحرة كليًّا هو تعامل وفهم مرفوض للتعبير في نقاشي هذا. إنه معناه هنا يتضمن تقدير الفعل أكثر من الأمل، السرعة أكثر من التردد، والصراحة والمباشرة أكثر من المراوغة والتفادي. إن عيش اللحظة هو عدم اعتبار أي لحظة كأمرٍ مسلَّم به، لأن المرء لا يلهيه التردد أبدًا عن فعله الهادف ذي العزم في أي لحظة منها فيما يتعلق بالماضي أو المستقبل. إنه تقنية لتدعيم الهدف والغرض بتقديم التأثير والإنجاز له باستمرار.
بالتأكيد، فإن المفهوم هو فكرة مثالية تخطيطية لا يمكن للمرء الوصول إليها على نحوٍ كامل لأن الناس لديهم كلٌّ من ذكريات قوية وكذلك مخاوف ضاغطة بصدد المستقبل، لكنه درسٌ عمليٌّ إدراكُ أن عيش المرء على نحو مُفْرِطٍ في جوانب حياته الماضية أو المستقبلية يسرق من حاضره. فلو اتبع امرؤٌ هذا النمط إلى الحد الأقصى فيمكن بسهولة أن يصحو ذاتَ يومٍ ويتعجب كيف قد مر به كل قطار العمر وجاوزه وفاتته كل حياته، والإجابة أن ذلك قد حدث بينما هو يتجاهلها عمليًّا.
العيش في اللحظة هو إعادة ضبط عاطفية لموازنة خسارة الضمان المتضمَّن [الوهمي] الخاص بالاعتقاد الديني أن وعي المرء لن ينقضي ويموت أبدًا. ففي وجهة النظر الكونية الدينية، فإن لحظات المرء الحاضرة تُقلَّل قيمتها إلى حد انعدام القيمة بكونها يطغى عليها انهمار لا نهائي منها [اللحظات، وهم الخلود]. فمع اعتبار كل شيء، كيف يمكن أن يهتم كثيرًا بشيء واحد عندما يكون لديه عدد لا نهائي [مزعوم] منه؟ أين القيمة؟ إن ما يعلنه الاعتقاد الديني كتقديم [زمن] على نحو لا نهائيّ يجعل الشخص من منظور أكثر واقعية يقدر فرصه للفعل في الحياة على نحوٍ أقل وأبخس على نحوٍ لا متناهٍ بتدمير التقييم الذي كان سيقيِّمه في الوضع الطبيعي لوقته وعمره المحدود.
بنبذ الاعتقاد الديني والعيش في اللحظة، فإن القيمة الطبيعية للحاضر تعود إلى التركيز الأصلي الصافي عليها، ويحتفل المرء باستعادة توازنه الطبيعي بملأ لحظاته بالأفعال الهادفة. إن أفعال المرء هي الوسيلة التي يحاول بها تقديم الإنجاز والتأثير للمعاني الخاصة به في حياته، وكون التضمينات الضرورية لهذه المعاني تمتد إلى الحاضر لا يعني على نحوِ واضح أن الشخص يفشل في عيش اللحظة. العيش في اللحظة هو تعبير عن تركيز كل أفعال وعواطف المرء في الآن والحاضر لكي يحقِّق الأهداف التي يبتغيها للغاية، أيًّا ما قد تكونه وأيَّان ومتى ما يتوقع أن يبصرها ويحققها.
|