عند هذا الحد من قصتنا كانت تعمر الأرض خلايا تحيا بسلام في المحيطات. وكان يمكن لهذا النمط من الحياة أن يستمر. فما الذي بعث التطور الحيوي من جديد باتجاه التعقيد؟ لقد سممت هذه الخلايا نفسها بالفضلات التي كانت تطرحها. وكان لا بد لها من التجمع لأسباب كثيرة والعيش في تجمعات متكافلة لتقاوم افتقار البيئة أو فسادها أو القناصة إلخ. وهكذا أدت الحياة الجماعية إلى ولادة أولى أشكال متعددات الخلايا البسيطة. إنها أولى العضويات البحرية من ديدان واسفنجيات وغيرها. لقد تم هذا التطور خلال عدة مئات آلاف السنين فقط، وبعدها بدأ التطور يتسارع. وشيئاً فشيئاً تصبح القصة مألوفة لنا أكثر فأكثر؛ فلدينا منذ الآن كائنات نعرف سلالاتها أو أحافيرها. وكان التطور التالي بالتأكيد هو الجنس. لقد نمت شجرة الحياة وتفرعت في ثلاثة فروع رئيسية هي: فرع الفطريات والسرخسيات والطحالب والنباتات الزهرية؛ وفرع الديدان والرخويات والقشريات والعنكبوتيات والحشرات؛ وفرع الأسماك والزواحف وحبليات الظهر ثم الطيور والضفدعيات والثدييات...لقد ولد الجنس وفق إحدى النظريات من الكائنات التي تأكل أفراد نوعها. فعندما تأكل الخلايا بعضها بعضاً يمكن أن تندمج فيها مورثات أنواع أخرى. وكانت هذه الظاهرة موجودة عند البكتريا. ومع ازدياد تعقيد العضويات أصبحت مزودة بخلايا متخصصة بالتكاثر، هي الخلايا الإنتاشية التي يحتوي كل منها على نصف خلايا مورثات عضويته، وهكذا تعمم الجنس.