عرض مشاركة واحدة
قديم 06-08-2015, 05:25 PM لؤي عشري غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [8]
لؤي عشري
باحث ومشرف عام
الصورة الرمزية لؤي عشري
 

لؤي عشري is on a distinguished road
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى لؤي عشري
افتراضي

النبوءة المزعومة السادسة عشرة [للمسلمين]: يأتي إلى هَيكلِه الرّبُّ الذي تَطلبونَهُ

جاء في ملاخي3

1«هأَنَذَا أُرْسِلُ مَلاَكِي فَيُهَيِّئُ الطَّرِيقَ أَمَامِي. وَيَأْتِي بَغْتَةً إِلَى هَيْكَلِهِ السَّيِّدُ الَّذِي تَطْلُبُونَهُ، وَمَلاَكُ الْعَهْدِ الَّذِي تُسَرُّونَ بِهِ. هُوَذَا يَأْتِي، قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ» 2وَمَنْ يَحْتَمِلُ يَوْمَ مَجِيئِهِ؟ وَمَنْ يَثْبُتُ عِنْدَ ظُهُورِهِ؟ لأَنَّهُ مِثْلُ نَارِ الْمُمَحِّصِ، وَمِثْلُ أَشْنَانِ الْقَصَّارِ. 3فَيَجْلِسُ مُمَحِّصًا وَمُنَقِّيًا لِلْفِضَّةِ. فَيُنَقِّي بَنِي لاَوِي وَيُصَفِّيهِمْ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، لِيَكُونُوا مُقَرَّبِينَ لِلرَّبِّ، تَقْدِمَةً بِالْبِرِّ. 4فَتَكُونُ تَقْدِمَةُ يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمَ مَرْضِيَّةً لِلرَّبِّ كَمَا فِي أَيَّامِ الْقِدَمِ وَكَمَا فِي السِّنِينَ الْقَدِيمَةِ. 5«وَأَقْتَرِبُ إِلَيْكُمْ لِلْحُكْمِ، وَأَكُونُ شَاهِدًا سَرِيعًا عَلَى السَّحَرَةِ وَعَلَى الْفَاسِقِينَ وَعَلَى الْحَالِفِينَ زُورًا وَعَلَى السَّالِبِينَ أُجْرَةَ الأَجِيرِ: الأَرْمَلَةِ وَالْيَتِيمِ، وَمَنْ يَصُدُّ الْغَرِيبَ وَلاَ يَخْشَانِي، قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ. 6لأَنِّي أَنَا الرَّبُّ لاَ أَتَغَيَّرُ فَأَنْتُمْ يَا بَنِي يَعْقُوبَ لَمْ تَفْنُوا.

زعم المسلمون أنها إشارة لرحلة إسراء محمد إلى "المسجد الأقصى" وهو الاسم المضحك الذي أطلقه محمد على أطلال أو المكان الذي كان به يوماً الهيكل أو المعبد الذي بناه سليمان! ومعناه المسجد الأبعد أو الأكثر بعداً! فيا لها من عقول أصابتها الخرافة واتباعها بعدم تحري فهم النصوص اليهودية الخرافية.

واضح أن الذي سيأتي لهيكل اليهود حسب اعتقادهم هو الله نفسه، يعني حسب معتقدهم كالأيام الأسطورية القديمة حسب التوراة والأسفار التاريخية بنزول السكينة أو الشكينة ومجد الإله الوهمي وسلامه على الهيكل اليهودي، والنص يتكلم عن تطهير الله وتنقيته لبني لاوي نسل الكهانة القديم عندهم، ما علاقة محمد والإسلام بأي شيء من كل هذا الكلام.

رحلة محمد المزعومة هي خرافة أثبتنا أنها مأخوذة بحذافيرها من سفر صعود بولس وسفر صعود إبراهيم، في بحثنا عن أصول الإسلام من الهاجادة والأبوكريفا اليهودية والمسيحية، باحثون كثر أثبتوا تناقضها مثل بحث ناهد محمود متولي (فيبي)، لم يره أحد من مواطني القدس اليهود هناك، لم يره أحد، يدعي أنه زار المعبد في القدس أورشليم وهو مهدوم مزال منذ سنة 70م، أحاديث تقول زاره بالجسد وأخرى تقول بالرؤيا، ويزعمون أن من رآه هناك وانتظروه هم خيالات وأوهام أرواح أو أجساد مبعوثة للأنبياء صلوا وراءه حيث أمهم بالصلاة! فأي فائدة لكل هذه الترهات الإسلامية. التي تحاول التمحك والتماهي مع ترهات يهودية أقدم منها؟!
أما رسول العهد فهناك نص صريح على أنه إيليا (إلياس باليونانية) عائداً من السماء حسب الخرافة اليهودية، ومنذ القدم اعتقدوا باعتقادات خارقة عنه، حتى قبل التقاليد الهاجادية والتلمودية، جاء في ملاخي 4:
5 هانذاارسلاليكمإيلياالنبيقبلمجيءيومالرباليومالعظيموالمخوف. 6فيردقلبالآباءعلىالابناءوقلبالابناءعلىآبائهملئلاآتيوأضربالارضبلعن

ويفسره John Gill هكذا على أنه ليس ملاكاً للهلاك أو من السماء كما قال بعض مفسري اليهود:

in answer to the question put in the last verse of the preceding chapter Mal 2:17, "Where [is] the God of judgment?" intimating that He would quickly appear, and previous to His coming send His messenger or angel; not the angel of death to destroy the wicked, as Jarchi thinks; nor an angel from heaven, as Kimchi; nor Messiah the son of Joseph; as Aben Ezra; nor the Prophet Malachi himself, as Abarbinel; but the same that is called Elijah the prophet,Mal 4:5

أما راشي الحبر اليهودي ففسرها بأنه ملاك لإزالة الأشرار من الطريق، وقوله ملاك العهد أي الذي ينتقم لخرق العهد (المزعوم) مع الله. وقد عرضنا رأياً مهماً عن كون الملاك الذي يرسل أمام الله أو الشعب الإسرائيلي في الأساطير القديمة كما في كتب التكوين والخروج والتثنية ويشوع كان دوماً ملاك إهلاك للشعوب الأخرى التي يحاربها ويحتلها بنو إسرائيل بزعمهم، وذلك في معرض ردنا على المسيحيين على نفس النص، تحت عنوان (هأنا أرسل ملاكي).

من تفسير راشي:

Behold I send My angel: to put the wicked away.
and he will clear a way: of the wicked.
the Lord Whom you seek: The God of justice.
and the angel of the covenant: who avenges the revenge of the covenant.


النبوءة المزعومة السابعة عشرة [للمسلمين]: كتاب تذكرة

جاء في ملاخي3: 13-18 حسب ترجمة فانديك وبستاني:

13«أَقْوَالُكُمُ اشْتَدَّتْ عَلَيَّ، قَالَ الرَّبُّ. وَقُلْتُمْ: مَاذَا قُلْنَا عَلَيْكَ؟ 14قُلْتُمْ: عِبَادَةُ اللهِ بَاطِلَةٌ، وَمَا الْمَنْفَعَةُ مِنْ أَنَّنَا حَفِظْنَا شَعَائِرَهُ، وَأَنَّنَا سَلَكْنَا بِالْحُزْنِ قُدَّامَ رَبِّ الْجُنُودِ؟ 15وَالآنَ نَحْنُ مُطَوِّبُونَ الْمُسْتَكْبِرِينَ وَأَيْضًا فَاعِلُو الشَّرِّ يُبْنَوْنَ. بَلْ جَرَّبُوا اللهَ وَنَجَوْا».
16حِينَئِذٍ كَلَّمَ مُتَّقُو الرَّبِّ كُلُّ وَاحِدٍ قَرِيبَهُ، وَالرَّبُّ أَصْغَى وَسَمِعَ، وَكُتِبَ أَمَامَهُ سِفْرُ تَذْكَرَةٍ لِلَّذِينَ اتَّقُوا الرَّبَّ وَلِلْمُفَكِّرِينَ فِي اسْمِهِ. 17«وَيَكُونُونَ لِي، قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ، فِي الْيَوْمِ الَّذِي أَنَا صَانِعٌ خَاصَّةً، وَأُشْفِقُ عَلَيْهِمْ كَمَا يُشْفِقُ الإِنْسَانُ عَلَى ابْنِهِ الَّذِي يَخْدِمُهُ. 18فَتَعُودُونَ وَتُمَيِّزُونَ بَيْنَ الصِّدِّيقِ وَالشِّرِّيرِ، بَيْنَ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ وَمَنْ لاَ يَعْبُدُهُ.

وحسب الترجمة العربية المشتركة وترجمة بين السطور عبري عربي:

13وقالَ الرّبُّ: ((جرتُم عليَ بكلامِكُم وتقولونَ: ماذا تكلَّمنا علَيكَ؟ 14تكلَّمتُم قائِلينَ: عِبادةُ اللهِ باطلةٌ، وما المَنفعةُ في حِفْظِنا شعائِرَهُ وفي سَيرِنا بلا لومِ أمامَ الرّبِّ القديرِ؟ 15ونحنُ نرى أنَّ المُتَجبِّرينَ هُمُ السُّعَداءُ، وفاعِلي الشَّرِّ هُمُ الذينَ يَنجحونَ. يُجرِّبونَ اللهَ ويَنجونَ)).16وهُنا تكَلَّمَ خائفُو الرّبِّ، الواحدُ معَ الآخرِ، وأصغى الرّبُّ وسمِعَ كلامَهُم. وكتَبَ الرّبُّ أمامَهُ كتابًا يُذكِّرُهُ بخائِفيهِ والذينَ يُقدِّرونَ اَسمَهُ. 17وقالَ الرّبُّ القديرُ: ((هؤلاءِ يكونونَ لي يومَ تَسجيلِ الأُمَمِ، وأُشفِقُ علَيهِم كما يُشفِقُ الإنسانُ على اَبنهِ الذي يَخدِمُهُ، 18ويَعودونَ يُمَيِّزونَ بَينَ الصِّدِّيقِ والشِّرِّيرِ، بَينَ الذي يعبدُ اللهَ والذي لا يعبُدُهُ)).

ما إن رأى المسلمون المفتشون عن أي كلمة بلهفة، ترجمة المترجم بالكلمات المعتادة العربية مستعملاً كلمة (تذكرة)، حتى تشبثوا و(شبطوا) بها، لأن قرآن محمد يصف نفسه بتذكرة أو تارة ذكرى للمؤمنين والمذَّكرين. وهنا لو سايرنهم في زعمهم أن النص يقول أن الله في تلك اللحظة الخرافية كتب القرآن للمستقبل، يكون كلام الله المزعوم ومعرفته حادثة وليست أزلية، على غرار جدال السنة والمعتزلة حول خلق القرآن وكلام الله، أزلي أم حادث؟!

لكن سياق النص واضح، ولا يدل على ما يزعمون، البشر يتشكون من شكهم في عدالة الإله الخرافي، فيؤكد لهم أن كل شيء مكتوب في الزبر (الكتب) الخرافية، وأن أسماء أهل الجنة الوهمية مكتوبة في سفر الحياة. أو ما يسميه القرآن (إن كتاب الأبرار لفي عليين)، ويؤكد الله المزعوم أن مكافأتهم يوم تسجيل الأمم أي يوم الحساب الخرافي.
قبل أن نستشهد ببعض التفاسير الإنجليزية والعربية لنص ملاخي، نقول أن هذا السفر المكتوب به أسماء أهل الفردوس حسب الخرافة والأسطورة ورد كثيراً، سواء في نصوص اليهودية أو تبعاً لها نصوص المسيحية والإسلام:

خروج32: 31-33 (31فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى الرَّبِّ، وَقَالَ: «آهِ، قَدْ أَخْطَأَ هذَا الشَّعْبُ خَطِيَّةً عَظِيمَةً وَصَنَعُوا لأَنْفُسِهِمْ آلِهَةً مِنْ ذَهَبٍ. 32وَالآنَ إِنْ غَفَرْتَ خَطِيَّتَهُمْ، وَإِلاَّ فَامْحُنِي مِنْ كِتَابِكَ الَّذِي كَتَبْتَ». 33فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «مَنْ أَخْطَأَ إِلَيَّ أَمْحُوهُ مِنْ كِتَابِي.)

مزمور69: 27-28 (27اِجْعَلْ إِثْمًا عَلَى إِثْمِهِمْ، وَلاَ يَدْخُلُوا فِي بِرِّكَ. 28لِيُمْحَوْا مِنْ سِفْرِ الأَحْيَاءِ، وَمَعَ الصِّدِّيقِينَ لاَ يُكْتَبُوا.)

مزمور139: 16 (16رَأَتْ عَيْنَاكَ أَعْضَائِي، وَفِي سِفْرِكَ كُلُّهَا كُتِبَتْ يَوْمَ تَصَوَّرَتْ، إِذْ لَمْ يَكُنْ وَاحِدٌ مِنْهَا.)

دانيال7: 10 (10نَهْرُ نَارٍ جَرَى وَخَرَجَ مِنْ قُدَّامِهِ. أُلُوفُ أُلُوفٍ تَخْدِمُهُ، وَرَبَوَاتُ رَبَوَاتٍ وُقُوفٌ قُدَّامَهُ. فَجَلَسَ الدِّينُ، وَفُتِحَتِ الأَسْفَارُ.)

دانيال10: 21 (21وَلكِنِّي أُخْبِرُكَ بِالْمَرْسُومِ فِي كِتَابِ الْحَقِّ. وَلاَ أَحَدٌ يَتَمَسَّكُ مَعِي عَلَى هؤُلاَءِ إِلاَّ مِيخَائِيلُ رَئِيسُكُمْ.)

دانيال12: 1-2 (1«وَفِي ذلِكَ الْوَقْتِ يَقُومُ مِيخَائِيلُ الرَّئِيسُ الْعَظِيمُ الْقَائِمُ لِبَنِي شَعْبِكَ، وَيَكُونُ زَمَانُ ضِيق لَمْ يَكُنْ مُنْذُ كَانَتْ أُمَّةٌ إِلَى ذلِكَ الْوَقْتِ. وَفِي ذلِكَ الْوَقْتِ يُنَجَّى شَعْبُكَ، كُلُّ مَنْ يُوجَدُ مَكْتُوبًا فِي السِّفْرِ. 2وَكَثِيرُونَ مِنَ الرَّاقِدِينَ فِي تُرَابِ الأَرْضِ يَسْتَيْقِظُونَ، هؤُلاَءِ إِلَى الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ، وَهؤُلاَءِ إِلَى الْعَارِ لِلازْدِرَاءِ الأَبَدِيِّ.)

وفي الأسفار المسيحية:

رؤيا يوحنا3: (5مَنْ يَغْلِبُ فَذلِكَ سَيَلْبَسُ ثِيَابًا بِيضًا، وَلَنْ أَمْحُوَ اسْمَهُ مِنْ سِفْرِ الْحَيَاةِ، وَسَأَعْتَرِفُ بِاسْمِهِ أَمَامَ أَبِي وَأَمَامَ مَلاَئِكَتِهِ.)

وفي20: (11ثُمَّ رَأَيْتُ عَرْشًا عَظِيمًا أَبْيَضَ، وَالْجَالِسَ عَلَيْهِ، الَّذِي مِنْ وَجْهِهِ هَرَبَتِ الأَرْضُ وَالسَّمَاءُ، وَلَمْ يُوجَدْ لَهُمَا مَوْضِعٌ! 12وَرَأَيْتُ الأَمْوَاتَ صِغَارًا وَكِبَارًا وَاقِفِينَ أَمَامَ اللهِ، وَانْفَتَحَتْ أَسْفَارٌ، وَانْفَتَحَ سِفْرٌ آخَرُ هُوَ سِفْرُ الْحَيَاةِ، وَدِينَ الأَمْوَاتُ مِمَّا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي الأَسْفَارِ بِحَسَبِ أَعْمَالِهِمْ. 13وَسَلَّمَ الْبَحْرُ الأَمْوَاتَ الَّذِينَ فِيهِ، وَسَلَّمَ الْمَوْتُ وَالْهَاوِيَةُ الأَمْوَاتَ الَّذِينَ فِيهِمَا. وَدِينُوا كُلُّ وَاحِدٍ بِحَسَبِ أَعْمَالِهِ. 14وَطُرِحَ الْمَوْتُ وَالْهَاوِيَةُ فِي بُحَيْرَةِ النَّارِ. هذَا هُوَ الْمَوْتُ الثَّانِي. 15وَكُلُّ مَنْ لَمْ يُوجَدْ مَكْتُوبًا فِي سِفْرِ الْحَيَاةِ طُرِحَ فِي بُحَيْرَةِ النَّارِ.)

وفي 5: (1وَرَأَيْتُ عَلَى يَمِينِ الْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ سِفْرًا مَكْتُوبًا مِنْ دَاخِل وَمِنْ وَرَاءٍ، مَخْتُومًا بِسَبْعَةِ خُتُومٍ. 2وَرَأَيْتُ مَلاَكًا قَوِيًّا يُنَادِي بِصَوْتٍ عَظِيمٍ:«مَنْ هُوَ مُسْتَحِقٌ أَنْ يَفْتَحَ السِّفْرَ وَيَفُكَّ خُتُومَهُ؟»)

وفي10: (2وَمَعَهُ فِي يَدِهِ سِفْرٌ صَغِيرٌ مَفْتُوحٌ. فَوَضَعَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْبَحْرِ وَالْيُسْرَى عَلَى الأَرْضِ)

وفي13: (8فَسَيَسْجُدُ لَهُ جَمِيعُ السَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ، الَّذِينَ لَيْسَتْ أَسْمَاؤُهُمْ مَكْتُوبَةً مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ فِي سِفْرِ حَيَاةِ الْخَرُوفِ الَّذِي ذُبِحَ. 9مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ!)

وفي القرآن:

{كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ (7) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ (8) كِتَابٌ مَرْقُومٌ (9) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (10) الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (11) وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12) إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (13) كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14) كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (15) ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ (16) ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (17) كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (18) وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ (19) كِتَابٌ مَرْقُومٌ (20) يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ (21) إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (22) عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (23) تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (24)} المطففين

{فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (7) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (8) وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا (9) وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ (10) فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا (11) وَيَصْلَى سَعِيرًا (12) إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا (13) إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ (14)} الانشقاق

{وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ} الأنعام

{وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (13) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (14)} الإسراء

{كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا (79) وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا (80} مريم

{إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآَثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ (12)} يس

{لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (181) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (182)} آل عمران

{وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (28) هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (29) فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (30) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْمًا مُجْرِمِينَ} جاثية

{إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18)} ق

وفي البخاري مثلاً:

4949 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْأَعْمَشِ قَالَ سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ عُبَيْدَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَنَازَةٍ فَأَخَذَ شَيْئًا فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِهِ الْأَرْضَ فَقَالَ مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنْ النَّارِ وَمَقْعَدُهُ مِنْ الْجَنَّةِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابِنَا وَنَدَعُ الْعَمَلَ قَالَ اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ أَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاءِ فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ ثُمَّ قَرَأَ { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى } الْآيَةَ

3208 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ قَالَ إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكًا فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ وَيُقَالُ لَهُ اكْتُبْ عَمَلَهُ وَرِزْقَهُ وَأَجَلَهُ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ فَإِنَّ الرَّجُلَ مِنْكُمْ لَيَعْمَلُ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ كِتَابُهُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ وَيَعْمَلُ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ

وفي صحيح مسلم 2643 و2647 نفس الأحاديث وأخرى مشابهة لها بنفس المفهوم. وعند طائفة الشيعة حديثكتابأصحاباليمينوكتابأصحابالشمال، مثلاُ فيبصائرالدرجات،وعنهنقلبحارالأنوارج18ص144حديث95

أما عن تفسير آدم كلارك لنص ملاخي فهو أن عباد الله تكلموا مع بعض مجتمعين مقوين إيمان بعضهم البعض بالنصيحة والتشجيع المتبادل، مذكرين بصفاته الوهمية الجميلة ككلية المعرفة والعدل إلخ، مؤمنين أو مقدرين لاسمه أي كان اسمه مقدساً لديهم ومصدراً للتأمل المهذب للنفوس، فكتب الله تقديراً لهم أسماء المسجلين لدخول الفردوس، وهو تشبيه أو تلميح لسجلات الملوك قديماً التي كانوا يكتبون فيها أسماء من لهم مكافآت لخدمات قدموها.

Mal
3:16 Verse 16. They that feared the Lord] There were a few godly in the land, who, hearing the language and seeing the profligacy of the rebels above, concluded that some signal mark of God's vengeance must fall upon them; they, therefore, as the corruption increased, cleaved the closer to their Maker. There are three characteristics given of this people, viz.:- 1. They feared the Lord. They had that reverence for Jehovah that caused them to depart from evil, and to keep his ordinances. 2. They spake often one to another. They kept up the communion of saints. By mutual exhortation they strengthened each other's hands in the Lord. 3. They thought on his name. His name was sacred to them; it was a fruitful source of profound and edifying meditation. The name of God is God himself in the plenitude of his power, omniscience, justice, goodness, mercy, and truth. What a source for thinking and contemplation! See how God treats such persons: The Lord hearkened to their conversation, heard the meditations of their hearts; and so approved of the whole that a book of remembrance was written before the Lord-all their names were carefully registered in heaven. Here is an allusion to records kept by kings, Es 6:1, of such as had performed signal services, and who should be the first to be rewarded.

ويرى John Gill أن الكتابة مجرد تشبيه كما يقول آدم كلارك، وإلا فإن علم الله الخرافي كلي لا يحتاج للتسجيل لذاكرته:

and a book of remembrance was written before him; in allusion to kings that keep registers, records, annals, and chronicles, as memorials of matters of moment and importance: see Ezr 4:15 Es 2:23: otherwise there is no forgetfulness in God; he bears in his own eternal mind a remembrance of the persons, thoughts, words, and actions of his people, and which he will disclose and make mention of another day.

أما تفسير أنطونيوس فكري فيقول:

الآيات (13-15): "أقوالكم أشتدّت عليّ قال الرب. وقلتم ماذا قلنا عليك. قلتم عبادة الله باطلة وما المنفعة من إننا حفظنا شعائره وأننا سلكنا بالحزن قدام رب الجنود. والآن نحن مطوّبون المستكبرين وأيضاً فاعلو الشر يبنون بل جربوا الله ونجوا. "
كما أن هناك من الشعب من قد إلتزم بنداء النبي إلا أن هناك من إزداد استهزاؤه، بل ربما شددوا أيادي بعضهم البعض في التجديف والله يترك الكل ينموا معاً الحنطة والزوان. وفي (13) أقوالكم اشتدت علىَّ أي كنت قاسية لا تلين وملحة لا تكف. وفي ترجمات أخرى "أقوالكم جريئة علىَّ. هم قالوا كلمات بوقاحة على ملك الملوك واعترضوا على أحكامه أو هم عيروه ولم يخجلوا مما قالوه، وتكلموا بجرأة وكبرياء "وعلى القدير تجبروا" (أي25:15). ماذا قلنا عليك= كلمة قلنا في العبرية جاءت بصورة فعل متبادل، بمعنى أنهم كانوا يتبادلون الكلام على الله. وهم بهذا القول إما يخففون مما قالوه بمنطق "وماذا يضير الله لو كنا قد قلنا كذا وكذا" أو هم ينكرون ما قالوه، ويطالبون النبي بإقامة الدليل. وفي (14) قلتم عبادة الله باطلة=أي أنها تُخضِع الناس للآلام والأحزان، وقد عبدنا الله، فأين الثروات والمكاسب التي حققناها. وأننا سلكنا بالحزن قدام رب الجنود= مع أن الله يريد لشعبه أن يفرح، ولكنهم هم بخرافاتهم جعلوا عبادة الله أمراً شاقاً. والمعنى أنهم يطالبون الله بخيرات زمنية في مقابل عبادتهم. وفي (15) يكررون نفس الكلام بصورة أخرى أن فاعلي الشر هم الذين يستفيدون ويبنون أي تكون لهم ثروات وأن الذين جربوا الله نجوا. مع أن نجاح الأشرار وقتي (مز18:73،19). نطوب المستكبرين= هم بنظرتهم القاصرة ظنوا أن نجاح الأشرار أبدي فطوبوهم.

الآيات (16-18): "حينئذ كلّم متّقو الرب كل واحد قريبه والرب أصغى وسمع وكتب أمامه سفر تذكرة للذين أتقوا الرب وللمفكرين في أسمه. ويكونون لي قال رب الجنود في اليوم الذي أنا صانع خاصة وأشفق عليهم كما يشفق الإنسان على أبنه الذي يخدمه. فتعودون وتميزون بين الصدّيق والشرير بين من يعبد الله ومن لا يعبده. "
هنا حديث عن قديسي صهيون= متقو الرب. فرأس الحكمة مخافة الله أي أن يتقي الإنسان الله. كلم متقو الرب كل واحد قريبه= تكلموا بالحب عن الله. وقارن مع كلام الأشرار مع بعضهم باستخفاف عن الله = "ماذا قلنا" آية (13). والأتقياء يتكلمون كلام للبنيان ولزيادة الإيمان والقداسة. فكلما إزداد الآخرون شراً، وجب أن نزداد نحن تقوي. وللمفكرين في إسمه= أي أن هؤلاء يتأملون في إسم الرب ومحبته من نحوهم، وهذا يؤدي للتعمق في الشركة مع الله وإثارة عواطف المحبة نحو إسمه. والرب أصغى= فالله يلاحظ كل الأحاديث الطيبة، ولا ينسى محبة شعبه= وكتب أمامه سفر تذكرة. فمن لا ينسى كوب ماء يقدمه أحد، هو بالتأكيد لن ينسى محبة شخص نحوه هو شخصياً. وفي (17) ماذا سوف يعطي الله لهؤلاء المتقين. يكونون لي في اليوم الذي أنا صانع خاصة= أي في يوم الأبدية يكونون لله، خاصة له، شعبه المحبوب المخصوص وفي ترجمات أخرى "في اليوم الذي أنا صانع كنزي الخاص" فالله يعتبر أن من أحبه وأتقاه أنه كنزه الخاص، والله سينجي الأمناء له من الدينونة كما ينجي أحد كنزه الخاص. هؤلاء "يسترهم الله في يوم سخط الرب" (صف3:2) ، وقوله يكونون لي أي أنه سوف يقدسهم بالكلية ليصبحوا له بالكلية بدون أي إهتمامات جسدية وسيفرزهم عن الذين هم ليسوا له. ويشفق عليهم كما يشفق الإنسان على إبنه الذي يخدمه= أجمل ما أخذناه هو البنوة حيث ننال نصيبنا مع أبانا الذي في السموات. ولاحظ أن كلمة أشفق عليهم تعني أن الله سيتعامل معنا ليس حسب ما نستحق بل بحسب مراحمه، ولكن لاحظ أن على الابن أن يخدم أبيه، أي نعبد الله بروح البنين. فتعودون وتميزون= هناك سيظهر الفرق بين الأبرار والأشرار، في الأبدية، فهؤلاء سيكونون في مجد، وهؤلاء يحترقون (1:4). هذا سيحدث على الرغم من أن الفرق الآن غير واضح بين الأبرار والأشرار على الأرض، ولكن في السماء سيميز الله بين الصديق والشرير، وسيرى الأبرار نتيجة برهم فيفرحون ويسبحون. وهذا الكلام موجه لمن قالوا أن الله لا يميز بين الخير والشر، وأن عبادة الله باطلة، والله يقول لهم أنه هناك سوف تدركون خطأكم. فالذين إتقوا الله يرفعهم الله من المزبلة إلى عرشه، والذين أهانوا الله يلقيهم من على كراسيهم، أي كراسي تنعمهم إلى المزبلة. وهذا ما سيحدث في ذلك اليوم حيث تنجو البقية التقية. الآن يبدو أن العناية الإلهية لا تفرق بين التقي والشرير. ولكن الفرق هناك خطير، فهو يوم التمييز الكامل بينهما.


أما تفسير تادرس يعقوب الملطي المأخوذ من كتابات أقدم مفسري المسيحيين فالحق أنه بليغ جيد للنص:

أَقْوَالُكُمُ اشْتَدَّتْ عَلَيَّ قَالَ الرَّبُّ.
وَقُلْتُمْ: مَاذَا قُلْنَا عَلَيْكَ؟ [13]
إذ انشغل الشعب بالغنىٌ المادي، تطلعوا فيما بينهم فرأوا الأشرار أغنياء، والمتكبرين يحتلون مراكز قيادية، فحسبوا ما قدموه في عبادتهم من تقدمات وذبائح لا قيمة له، بل ربما حسبوه خسارة. فقدوا ما قدموه للهيكل ولم ينالوا شيئًا، بل حلٌت بهم التجارب وسادهم الحزن.
هنا يقدم الاتهام الثامن وهو أن أقوالهم اشتدت على الرب، ويترجمها البعض أنها أقوال جريئة على الرب. ففي جسارة بلا وقارٍ تكلموا على الرب، واعترضوا عليه، وحسبوا العبادة له مضيعة للوقت وللمال، ودخول إلى حالة من الحزن والمرارة.
أنكروا ما قالوه، سواء علنًا أو خفية، بأفواههم أو بعقولهم وأفكارهم. "ماذا قلنا عليك؟" طلبوا من النبي إقامة الدليل على هذا الاتهام الموجه ضدهم. ولعلهم هنا لا ينكرون ما قالوه، لكنهم حسبوه أمرًا تافهًا لا يستحق ثورة النبي عليهم. وكأنهم يقولون: ما قلناه يُحسب كلا شيء أمام ما قالته الأمم الوثنية ضد الرب، وما مارسناه من شرور تحسب كلا شيء أمام شرور الأمم، فلماذا كل هذه الثورة؟
لم يحتملوا كلمات التوبيخ، وعوض التطلع إلى أعماقهم، ليطلبوا من الرب تطهيرهم وتقديسهم، قارنوا أنفسهم بغيرهم من الأمم فحسبوا أنفسهم أبرارًا صالحين. لهذا يُطالبنا الرسول بولس أن نقارن الروحيات بالروحيات (1 كو 2: 13).
قُلْتُمْ: عِبَادَةُ الله بَاطِلَةٌ.
وَمَا الْمَنْفَعَةُ مِنْ أَنَّنَا حَفِظْنَا شَعَائِرَهُ،
وَأَنَّنَا سَلَكْنَا بِالْحُزْنِ قُدَّامَ رَبِّ الْجُنُودِ؟ [14]
وَالآنَ نَحْنُ مُطَوِّبُونَ الْمُسْتَكْبِرِينَ،
وَأَيْضًا فَاعِلُو الشَّرِّ يُبْنَوْنَ.
بَلْ جَرَّبُوا الله وَنَجُوا. [15]
إذ قارنوا أنفسهم بالأمم الوثنية حسبوا أن العبادة لله باطلة، إذ دفعت بهم إلى الحزن، بينما يعيش المتكبرون الوثنيون الرافضون للإيمان بالله الحيّ وفاعلو الشر في سعادة فائقة، يبنون وينمون ولا يعوزهم شيء. إنهم يطوبون الأشرار ويندمون على التصاقهم بالرب والعبادة له كما لو كان مصدر حزن وكآبة.
لم يدرك هؤلاء أن علة حزنهم وعدم سعادتهم ليست عبادة الله، وإنما لأنهم يعلمون تعاليم هي وصايا الناس (مت 15: 9)، وأنهم يقتربون إلى الرب بشفاههم وقلوبهم بعيدة عنه (مت 15: 8). لم يدركوا أن سرّ شقاوتهم هو ارتباطهم بالعطايا الأرضية والراحة الزمنية. وكما يقول الرسول بولس: "إن كان لنا في هذه الحياة فقط رجاء في المسيح، فإننا أشقى جميع الناس" (1 كو 15: 19). أما من يتعبد للرب بالروح وبحكمةٍ سماويةٍ، فيدرك أن "طرق الحكمة نِعَم، وكل مسالكها سلام" (أم 3: 17).
vهذا ما يعلنه النبي عن الدينونة الأخيرة، حيث يكون فيها الأشرار غير سعداء حتى في المظهر، بل سيكونون في منتهىٌ البؤس بوضوح، ولا يكون الصالحون في معاناة من أية ضيقةٍ أو بؤسٍ ولو كان وقتيًا، إنما يتمتعون بسعادة تامة أبدية. فقد سبق فاقتبس عبارات مشابهة عن هؤلاء، إذ قال: "كل من يفعل الشر فهو صالح في عيني الرب، وهو يُسر به" (مل 2: 17). أقول هذا يحدث بسبب فهم الشريعة موسى بطريقة جسدية، لذلك تذمروا ضد الله[128].
vيضع غير الناضجين روحيًا رصيدهم بالأكثر في الوعود الزمنية، ويخدمون الله متطلعين إلى مثل هذه المكافآت. لأنه إذ يزدهر الأشرار يضطربون جدًا. لهذا فإن ملاخي يكمل - لأجل استنارتهم - مميزًا بين البركات الأبدية التي للعهد الجديد التي ينالها الصالحون وحدهم وبين البركات الزمنية المجردة التي للعهد القديم والتي غالبًا لا ينالها الأشرار. يقول: "أقوالكم قد اشتدت عليّ، يقول الرب وقلتم: ماذا قلنا عليك؟ قلتم: عبادة الله باطلة، وما المنفعة من أننا حفظنا شعائره، وأننا سلكنا بالحزن قدام رب الجنود؟ والآن ونحن ندعو المستكبرين سعداء، لأن فاعلي الشر يُبنون، وقد جربوا الله وازدهروا" (مل 3: 13-15).
vندعو المتكبرين سعداء، لأن العاملين في الشر يبنون (مل 3: 14-15). مثل هذه الشكاوى دفعت النبي أن يسأل التعجل بالدينونة الأخيرة، حيث يكون الأشرار أبعد ما يكون من التظاهر بالسعادة، إذ يكون بؤسهم ظاهرًا للكل. أما الصالحون، إذ لا يرتبكون بعد بالأحزان الزائلة، سيتمتعون بطوباوية واضحة لانهائية. قدم ملاخي توضيحًا مشابهًا للذين بتذمرهم يضايقون الرب: "كل شخص يفعل شرًا (يظن) أنه صالح في نظر الرب، وأن مثل هذا يسره". النقطة الوحيدة التي أود أن أبرزها أن مثل هذه التذمرات ضد الله هي ثمرة التفسير غير الروحي للشريعة.
القديس أغسطينوس
vأرجوكم أن تتأملوا فضيلة البار (ملاخي) وعجرفة اليهود. ذاك الذي يشعر بأنه ليس فيه خطية ينطق بحكم قاسي جدًا على نفسه عندما يقول: "أخطأنا، سلكنا كمتمردين على الناموس، فعلنا شرًا". أما الذين امتلأوا بربوات الشرور ففعلوا العكس حين قالوا: "نحن حفظناه ممجدين" (مل ٣: ١٤-١٥LXX). يسلك الأبرار عادةً بوداعة بعد ممارستهم للصلاح، والأشرار بوجهٍ عام يمجدون أنفسهم بعدما يخطئون... أقول هذا لكي ما نتجنب الخاطيء ونحاكي البار[131].
القديس يوحنا الذهبي الفم
6. تعامله معهم كبنين:

الرجوع إلى الله لا يقف عند العطاء لإخوة الرب، ولا عند الإدراك الروحي لمفهوم العبادة، وإنما يليق بالمؤمنين أن يدركوا حقيقة الله كأبٍ يترفق بهم بكونهم أبناء له، بهذا يتمتعون بروح التمييز، فيميزون الصديقين الذين يمارسون حياة البنوة لله، والأشرار الذين يعصون الآب السماوي.
حِينَئِذٍ كَلَّمَ مُتَّقُو الرَّبِّ كُلُّ وَاحِدٍ قَرِيبَهُ،
وَالرَّبُّ أَصْغَى وَسَمِعَ وَكُتِبَ أَمَامَهُ سِفْرُ تَذْكَرَة،ٍ
لِلَّذِينَ اتَّقُوا الرَّبَّ، وَلِلْمُفَكِّرِينَ فِي اسْمِهِ. [16]
إذ قدم نظرة عابدي الرب بطريقة حرفية قاتلة مع فساد سلوكهم فرأوه مصدر حزنٍ، يقدم لنا الآن نظرة متقي الرب وخائفيه والمفكرين في اسمه. هنا يربط بين التقوى أو مخافة الرب والانشغال الدائم بالله. فالذين يحملون مخافة الرب كبنين محبين له، يخشون أن يجرحوا علاقتهم به، فتُمتص كل أفكارهم ومشاعرهم وأحاسيسهم وعواطفهم في الرب وفي اسمه الحلو في أفواههم الداخلية.
الذين لهم هذه الخبرة الروحية العذبة لن يكفوا عن الشهادة لاسم الرب وعمله الخلاصي. "وكلم كل واحدٍ قريبه"، إذ "من فضلة القلب يتكلم الفم" (مت 12: 34). "والإنسان الصالح من الكنز الصالح في القلب يخرج الصالحات" (مت 12: 35).
الإنسان الروحي يتكلم، ليس فقط بشفتيه ولسانه، وإنما بسلوكه وأفكاره وملامحه شاهدًا لملكوت الله الحال فيه.
ما أروع قوله: "والرب أصغى وسمع وكتب أمامه سفر تذكرة"، فإنه يشتاق إلى حديث محبيه أتقيائه، يصغي إليهم، ويسمع كلمات قلوبهم، ويُسجل كما في سفر تذكرة،معتزًابكل كلمة ينطقون بها. يقول العريس السماوي للنفس البشرية المقدسة فيه: "قد سبيت قلبي يا أختي العروس، قد سبيت قلبي بإحدى عينيك" (نش 4: 9) "اسمعيني صوتك، أريني وجهك، فإن صوتك حلو، ووجهك جميل" (نش 2: 14).
"وكتب أمامه سفر تذكرة": هو تعبير بشري يكشف لنا بلغتنا عن اعتزاز الله بكلمات أولاده وأفكارهم المقدسة ودموعهم وتنهدات قلوبهم. وكما يقول المرتل: "اجعل أنت دموعي في زقك، أما هي في سفرك؟" (مز 56: 8).
vيقول هذا ليس كما لو أنه يوجد كتاب (سفر) في الأعالي، وأناس يكتبون، إنما يقصد بالسفر المعرفة الثمينة الدقيقة، وذلك كما يقول: "الرب سمع وكتب في سفرٍ"، وأيضًا "فَتحت الأسفار" (دا 7: 10)[132].
القديس يوحنا الذهبي الفم
وَيَكُونُونَ لِي قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ،
فِي الْيَوْمِ الَّذِي أَنَا صَانِعٌ خَاصَّةً،
وَأُشْفِقُ عَلَيْهِمْ كَمَا يُشْفِقُ الإِنْسَانُ عَلَى ابْنِهِ الَّذِي يَخْدِمُهُ. [17]
لا يعتز الله بكلمات خائفيه وأفكارهم ومشاعرهم فحسب، إنما يعتز بأشخاصهم، فينسبهم إليه بكونهم أولاده "يكونون ليّ قال رب الجنود". يحسبهم كنزه الخاص "أنا صانع خاصته"، فيدعو نفسه: "أنا إله إبراهيم، إله إسحق، إله يعقوب". هو إله كل شخصٍ يحسب الله خاصته، فيكون هو خاصة الله. من يعتز بالله ويمجده، يعتز الله به ويسكب بهاء مجده في أعماقه.



  رد مع اقتباس