بل أنت المطالب بالدليل على أنه يستحق أن نعتبره بشر ونلتزم الحياد الفكري معه، أنت المطالب بدليل إيجابي أن عدم فعل ذلك مع هذا الشخص بالذات هو عجز. أنت الآن تنطلق من مقدمة أن جميع وجهات النظر تستحق أن نعاملها "بحياد" ونعطيها أهمية، من أين لك هذه المقدمة؟ كيف تلزمنا بها؟ هل تعتنقها بشكل دوغمائي مثلا أم ماذا؟ قبل أن تطالبني بمبرر للاستثناء، قدم أنت دليل إيجابي على القاعدة.
في الحقيقة أستطيع أن أجيب عنك، مصدر هذه المعاملة "الحيادية" هو التزام أخلاقي فيما بيننا نحن الأشخاص الأخلاقيون، مبني على قاعدة المعاملة بالمثل التي شرحت أبعادها المنطقية في ردي السابق. لكن هذا بحد ذاته يبرر استثناء "مُنكر الأخلاق" منها وعدم إعطاءه قيمة، يعني المبدأ الذي يوجب هذه القاعدة هو نفسه يُشتق منه مبرر استثناء ذلك الشخص من القاعدة. وهذا هو الإلزام المطلوب.
لا يتوفر مثل هذا الإلزام في حالة التفاح والموز أو ما شابه من أمثلة. الذي يستخدم هذا الإقصاء في مسائل مثل التفاح والموز فهذا أصلا يضعه في نفس خانة الشخص اللاأخلاقي الذي استخدمته في المثال (لأنه يسلب بشرية الآخرين بلا مبرر مُلزم) وبالتالي فهو صار من يستحق الإقصاء ورأيه لم يعد يهم. المشكلة هنا أنك تفترض سلفا وبنوع من المصادرة على المطلوب أن هذه الحالات متساوية وأن من يُقصي بناء على الخلاف في جذر الأخلاق فهو كمن يقصي بناء على الخلاف في المفاضلة بين الفاكهة. من أين لك هذه المقدمة كي تُلزمني بها؟ أنت من تحتاج لتبريرها وليس العكس.
تحياتي لك
|