فلعله فاتك استاذنا ان تطلع علي فلسفه ملا صدرا و لعل فيها شفاء العليل
الموجودات عنده مدركات عقليه
و علميا انصب إهتمام أينشتاين حول معرفة البنية الخاصة للموضوع الخارجي، فهو لا يرى هذا (الموضوع) جسماً أو ذاتاً لها وجود، بل يعتقد إستناداً إلى التحليل العلمي أن أي جسم تتمثل حقيقته بمجموعة حوادث متشابكة هي التي تعطي صفة ما نعبّر عنه بـ «الجسم» الذي يتألف منه الكون، وأن كل حادثة تحدث مرة واحدة في نقطة مكانية ولحظة زمنية واحدة لا تتكرر، في الوقت الذي لا توجد حادثة وحيدة منعزلة، كما لا توجد حادثة بسيطة، إذ الحادثة من جهة التحليل تعبّر عن مركّب آخر من الحوادث، وهكذا.. وحيث أن الحوادث تحدث في مجاميع على هيئة نسيج مسلسل يرتبط بعضه بالبعض الآخر، أشبه بالقطعة الموسيقية أو بصورة فلم على شاشة السينما، إنما يوهمنا وكأنه شيء واحد ثابت له هويته وديمومته الخاصة.
لا شك أن هذا التصور للحادثة يفوق الإدراك الحسي، إذ لا توجد هناك حادثة بسيطة يمكن إدراكها بشكل منفصل، لهذا اعتبرها أينشتاين أمراً مجرداً أو استدلالاً من سلسلة طويلة لمقدمات رياضية، فلا توصف إلا وصفاً رياضياً مجرداً.
ولم يتوقف الحال عند مد نظرية «الحادثة» لأينشتاين، من عالم الكون والطبيعة الجسمية إلى عالم الذرة، بل أعقب ذلك مد آخر فيه خطورة جسيمة على دنيا الطبيعة والمادة، فقد قام فيلسوف العلم المعاصر برتراند رسل بسحب بساط «الحادثة» ليغطي به «الإحساس الذهني» مضافاً إلى المادة والطبيعة، فهو يذهب إلى أن المادة الخارجية لما كانت تسبب لنا الإحساس في حواسنا، وحيث أن المادة والإحساس يتألفان معاً من حوادث، فلو أنّا أفرغنا الحادثة من محتواها فسوف لا يعد بإمكاننا أن نقطع ونتيقن فيما إذا كانت مادة أو عقل، بإعتبارها تناسبهما(ماهر عبد القادر محمد علي: مشكلات الفلسفة، ص41 و46. كذلك: من نظريات العلم المعاصر إلى المواقف الفلسفية، ص61 و79ـ80)
يقول الاستاذ يحيي محمد :البساط الذي سحبه برتراند رسل للحادثة إلى ما يغطي عالم الإحساس والعقل، يجعل من التفكير العلمي المعاصر لا ينظر إلى عالمي العقل والمادة نظرة تعددية ثنائية، فهما يعبّران عن طبيعتين من سنخ واحد هو الحادثة. كما أن الإعتقاد بأن حقيقة الأمر الخارجي ليس هو الجسم أو الهوية، بل مجاميع مسلسلة من الحوادث المتشابكة، وحيث أن الحادثة في نهاية التحليل هي أمر مجرد لا يقبل الحس، وإذا ما أضفنا إلى ذلك التصور الموجي للحادثة، وكذلك «السلوك الحر» للجسيم.. إذا ما أخذنا بجميع هذه الإعتبارات أصبحت النتيجة تقترب بشكل بيّن من وحدة الوجود الروحية أو العقلية
الأمر الذي يعني الوقوع مرة أخرى في حوض النظام المعرفي الوجودي. ذلك أن هذا النظام يؤكد على مثل هذه الوحدة إلى الدرجة التي تصبح فيه الطبيعة صورة عقلية مستنسخة من العقل لا العكس، إذ لما كانت الطبيعة مؤلفة من صورة ومادة، والمادة ليست بشيء لأنها - عند ذلك النظام – مجرد قابلية لتشكلات الصور، تصبح حقيقة الأمر الخارجي بصورته، والصورة هي درجة من درجات الإدراك؛ لقاعدة إتحاد العاقل بالمعقول والمدرِك بالمدرَك، الشيء الذي يعني في نهاية المطاف أن الصورة الخارجية للطبيعة إنما هي عقل متنزل.
|