توريث العقائد...
 

تحية طيبة :

فكر الإنسان و معتقده , وهو ما يجب أن يتوصل اليه بعد بحث و نظر و مسيرة طويلة , حتى هذا يتم توريثه عندنا ...
ابن السني سني , ابن الارثوذوكسي ارثوذوكسي , حتى ابن الشيوعي شيوعي !

يغلب على ظني أنها عقلية شرقية صرفة حيث يرى الاب و المجتمع من حوله ان هذا الطفل القادم الى الدنيا يجب عليه شاء ام ابى ان يكون امتدادا لمن سبقه... و الويل لمن يفكر عكس ذلك...

أعتقد أن الأمر يتعلق بطبيعة الفكر والمعتقد نفسه، أكثر من تعلقه بالعقلية الشرقية، أفكر في المسيحيين المتعصبين في الولايات المتحدة مثلا، أظن سيفعلون نفس الشيء.
أي فكر أو معتقد يرفض الاختلاف ويرى أنه هو وحده الحق المطلق، وباقي المعتقدات باطلة سيحرص صاحبه على توريث معتقده لأولاده، ولن يؤمن بحرية البحث والنظر لكي يتوصل كل شخص لما يراه أقرب إلى الصواب.

قد يكون للأمر صلة بالعقلية الأبوية (ولا أقول الشرقية فالرجل الأبيض الأوروبي صك هذا المصطلح لغايات معينة وبتجاهل تام للاختلافات بين الثقافات الصينية والهندية والفرعونية والعربية واليابانية الخ الخ..) فالأب يرغب أن يكون ابنه نسخة مكررة منه ..لهذا قد يشمل هذا الغربيين والشرقيين ..فيما يتعلق بالدين يمكن أن يكون لهذا العامل دور أكبر مع اعتقاد الأهل بأن معتقدهم هو طوق النجاة للإبن ..

اما فيما يتعلق بالأحزاب فهناك أيضا المصلحة المباشرة ..وهي ظاهرة موجودة على الساحة العربية ..في لبنان مثلا يرغب رؤساء ووجهاء الأحزاب أن يسير أبناءهم على نفس نهجهم حتى يحتفظوا بدور متنفذ لهم في الحزب مستقبلا ...وهي عقلية ذات نمط اقطاعي ..حيث تسود هذه الظاهرة في المجتمعات التي تلعب فيه العائلة دورا محوريا

في نفس الوقت رجل الأعمال لايرغب أن يتعلم ابنه شيئا عن حقوق العمال والموظفين وهل يوزع الدخل وفقا للجدارة ومصدر الثروة وأحقية توزيعها وهل عدد ساعات العمل مناسب الخ ..فلن يقبل نجيب ساويرس هذا مثلا لأحد أبناءه...

انهم يورثون كل شئ ... الحكام يورثون أبناءهم ... رؤساء الاحزاب ... ابن الشيخ شيخ كحاتم الحويني ابن ابي اسحق الحويني ... حتى التنويري شحرور صار ابنه من بعده منظرا لآراء ابيه ... لا عتب اذا على بسطاء الناس ان اصروا على توريث عقائدهم لنسلهم ...