![]() |
التصور الإلحادي المادي والمعرفة الضرورية
لقد شهد تصور الأفكار الفطرية innate ideas ازدهارا – كرؤية فلسفية – في القرن السابع عشر بدافع أن بعض المفاهيم لا يمكن أن تكون محض تجريد من الواقع المادي الملموس. وكان من أشهر مناصري هذا التصور هو رينيه ديكارت ونحوه من العقلانيين. وفي المقابل كانت مدرسة التجريبيين مثل ديفيد هيوم وجون لوك وجورج بيركلي ترى أن المفاهيم الذهنية كلها بلا استثناء هي استناد إلى الحس و التجربة وأن العقل والذي عند الميلاد يكون صفحة بيضاء tabula rasa يقوم بتجريد تلك المفاهيم من الواقع المادي. وأفكار ديفيد هيوم هذه كانت إرهاصا بظهوراتجاه الوضعية المنطقية logical positivism الذي تم تطويره بواسطة أعضاء ما يعرف بدائرة فيينا أو تجريبيي فيينا وكذلك معيار أو مبدأ البرهنة verification principle الذي يعتبر أبرز ملامح هذا الاتجاه، والذي يقول بأن الدعوى statement يكون لها معنى إذا قبلت الصحة أو الخطأ من خلال التجربة والملاحظة أو إعمال المنطق. فكل دعوى لا تقبل التصحيح والتخطئة من خلال التجربة والملاحظة أو لا يعلم صحتها أو بطلانها بالضرورة فهي دعوى لا معنى لها meaningless.
وقد تعرض هذا الاتجاه للنقد من قبل كثير من الفلاسفة مثل كوين و كارل بوبر وتوماس كون وغيرهم ما أدى في نهاية المطاف إلى انهيار الوضعية المنطقية كاتجاه فلسفي حتى قال أحد مناصري الفلسفة الوضعية المنطقية وهو ألفرد آير بلهجة ساخرة أن أن أهم خلل في فلسفة الوضعية المنطقية أنها كلها تقريبا خاطئة! ولعل أحد أبرز مظاهر الخلل في تلك الفلسفة هو أبرز ملمح فيها وهو "معيار البرهنة"، فهو ينقض نفسه، لأنه دعوى لا يمكن معرفة صحتها أو بطلانها لا بالضرورة من العقل ولا بالتجربة والملاحظة!. فعلى أصولهم فإن الدعوى المحورية في تلك الفلسفة بلا معنى. وكذلك من الإشكالات التي يثيرها ذلك الاتجاه الفلسفي هو النظريات العلمية التي لا يمكن التحقق من صحتها لا لأجل أن هذا غير ممكن من حيث المبدأ ولكن لأسباب تقنية. ولكن بالعودة لمفهوم الأفكار الفطرية، فإن التسليم بوجودها ضروري لضمان صحة قواعد المنطق والرياضيات. وإلا لو كانت قواعد المنطق والرياضيات تجريد من الواقع فهذا لا يضمن صحتها بل يجعلها أمرا محتملا وإن غلب على الظن صحته لأن تجريد القواعد من التجربة والحس هو استقراء والذي مهما بلغ عدد الأمثلة الجزئية التي يتم استنباطه منها يظل الاحتمال قائما أن هناك مثال ينقض هذا الاستقراء لم تتم ملاحظته بعد. وهذا يجعل من قواعد الرياضيات والمنطق مجرد انشاء ذهني mental construct لا دليل على أن له وجود موضوعي في الواقع. لأنه كاستنباط إن كان صحيحا في نفس الأمر فنحن لا نملك دليلا قاطعا على ذلك يجعل من هذا الانشاء العقلي علما ضروريا وإن كان في نفس الأمر غير صحيح فالحال أسوأ. ولذلك فإن الالحاد المادي الذي يرى أنه لا وجود إلا للمادة لا يمكنه أن يجد ضامن لصحة قواعد الرياضيات والمنطق لان البرهان لديه مرتبط بالحس والتجربة والتي لا يمكن أن تقدم ضمانة للعلم الضروري. فلضمان أن للرياضيات و المنطق طبيعة مطلقة أي وجود موضوعي أزلي أبدي لابد من التسليم بوجود كائن أزلي أبدي مُوجِب بالذات لأن كل شيء في الوجود يراعي قواعد المنطق والرياضيات. أو بعبارة أخرى كائن أزلي أبدي يدبر الأمور وفق سنن معينة هي ما نطلق عليه قواعد المنطق والرياضيات بحيث أن قواعد المنطق والرياضيات هي كيفية تدبيره للأمور أزلا وأبدا وبالتالي هي خواص يتسم بها فعله وتدبيره وتستمد مطلقيتها منه لأن تدبيره على هذا النحو هو صفة ذات أي أن الكائن الأزلي من صفاته الذاتية أنه يدبر ويصرف الأمور وفق سنن معينة هي ما نسميه قواعد المنطق والرياضيات. وأن هذا الكائن هو من فطر أذهاننا على أن تبصر تلك القواعد المطلقة. أما الملحد فغايته أن يزعم بلا دليل أن أمخاخنا تطورت بشكل عشوائي لكي تدرك تلك القواعد المطلقة وأن قوى الانتخاب الطبيعي قامت بانتخاب الأفراد التي تطورت أمخاخها على هذا النحو. ومجرد بقائنا ليس دليلا على أن ذلك حدث بالفعل لأن إدراك قواعد المنطق والرياضيات على أنها علم ضروري ليس شرطا للبقاء. فالكائن يمكنه أن يكون صالحا للبقاء بتصور قواعد المنطق والرياضيات على أنها استقراء (أمر يغلب على الظن صحته) لأن العبرة في النهاية أن يتصرف وفقا لها وان تكون نموذج ذهني تقريبي عن الواقع صحيح في اطار معين هو نطاق تفاعل الكائن(الآدمي في هذه الحالة) مع الواقع. فعلى سبيل المثال الفيزياء الكلاسيكية هي نموذج ذهني تقريبي للواقع وهو دقيق في اطار معين وهو نطاق السرعات المحدودة و الاجسام التي نتفاعل معها في الحياة اليومية ولها في هذا النطاق تطبيقات نافعة. لكن عندما انفتح الانسان على آفاق أخرى كعالم الجسيمات الذرية والتحت ذرية بما فيه من سرعات فائقة أو الفضاء الكوني الشاسع بما فيه من أجرام هائلة فإن هذا النموذج لم يعد صالحا ولا يحقق الفائدة. وبشهادة الواقع فنحن نتصرف وفق ما يغلب على ظنونا ولا نشترط اليقين فضلا عن كوننا نرى قواعد المنطق والرياضيات صحيحة يعني أننا لم نحتك بظواهر تجافي تلك القواعد وبالتالي لسنا بحاجة لبقائنا على الأقل حتى هذه اللحظة لنموذج أكثر دقة إن كان هناك شيء كهذا لنتفاعل مع واقعنا على نحو يمكننا من البقاء. |
أحب هذا النوع من المواضيع التي يمكن فيها الحديث عن الفلسفة بعيدا عن تأويلات عقيمة لنصوص ميتة
لكنني أختلف معك يا زميلي في أربع مواضع أولا كلام الناس، لا بيقدم و لا يأخر :15: لماذا لا نكتب وفق فهمنا نحن بدل من نقل قول فلان او علان؟ لكن ما علينا ثانيا، انت قلت اقتباس:
ثالثا، قولك اقتباس:
طبعا هذا النوع من التفكير الذي تنتقده هو من اعطاك هذا الحاسوب الذي به تكلمنا. فيزياء الكم، و ان كانت حقيقة فهي تخالف العقل و المنطق و القواعد الفطرية التي تعتد انت بها و أخيرا زميلي العزيز هل انت من كتب الموضوع؟ :18: |
اقتباس:
كيف قفزت الى هذه النتيجة هكذا؟ اقتباس:
اما الباقي فلا اجد فيه ما يستحق الرد صراحة ليس بسبب سخافته او قلة معناه بل بسبب ان لا شيء فيه ينقض الالحاد |
انا لم اقل ان التطور زعم بلا دليل
بل قلت الزعم ان أمخاخنا تطورت لتدرك قواعد المنطق والرياضيات كمعرفة ضرورية. فهذا زعم بلا دليل. وان كنت لا تدرك الفارق بين الامرين فلا تتعب نفسك في نقاش فوق قدرتك على الاستيعاب |
اقتباس:
|
اقتباس:
|
اقتباس:
لي عودة للمناقشة المفصلة في هذا الموضوع |
اقتباس:
يستخدم اسلوب بايس في القواعد العلمية، ببساطة، طبقا لبايس، النظرية العلمية لا يمكن تصدقيها، ولكن مع زيادة الادلة، موانع عدم تصديقها تقل (بمعني لو لدي نظريتان احدهم مؤيدة بالتجارب والاخري لا، موانع عدم تصديقي لنظرية 1 اقل من نظرية 2)... بالنسبة للتطور والمخ، دائما المؤمنين يلجؤون لمغالطة ان التطور يحدث لهدف واحد. قديما شاركت في عمل يخص NSGA-II algorithim وهذا النموذج هو متعدد الاهداف، بمعني ليس هناك هدف واحد. الصراع بين البشر والحيونات، ونتيجة لضعف البشر، عندما يقف منتصب، يعرض اجزاء مهمة للكائنات المفترسة، تطلب منه ان يعيش في جماعات، وايضا يطور ذكاء، حتي يتغلب علي مشاكل كثيرة. لذلك ببساطة التطور لا يعمل من اجل هدف واحد، وهو فقط البقاء، ولكن هناك عدة اهداف، multi-objective ولذلك ليس من السهل تخيل عقليا ما يحدث. ببساطة، العلوم ليست عقلية مثل الرياضيات لا يمكن ان تعقل العلوم، الكم وضح بان تصوراتنا العقلية لا تصلح مع الواقع... https://www.il7ad.org/vb/picture.php...&pictureid=196 |
ليس هذا موضوعنا
|
للتوضيح عن التطور وتعدد الاهداف...
احد النماذج الشهيرة، يستخدم الفيروسات، او يحاكي عمل الفيروسات، فالفيروس هنا يقدم ضغط علي التطور، كما في نموذج: NSGA-II وهذا يؤدي الي زيادة التعقيد، فالكائنن ليس مهم فقط ان يكون كفؤ امام الاعداء واسرع (predator - prey algorithm) ولكن ايضا الفيروس يختار جينات معينة قادرة علي مقاومة الامراض، قادرة علي البقاء. لذلك عدم فهم الفترة الزمنية والضعوط علي التطور، يجعل من الصعب فهم التعقيد في الكائنات الحية. ببساطة، هناك ضغوط كثيرة علي الكائن الحي للاستمرار، وتمرير جيناتة: 1. الامراض 2. البيئة وندرة الغزاء والتنافس مع الكائتات الاخري 3. التنافس الجنسي، ........ عوامل كثيرة، عندما ننظر لنظرية التطور نجد نماذج هائلة ممكن الاستادة منها مثل NSGA-II مستوحي من التطور، وايضا هناك نماذج مستوحاة من عمل الفيروسات ونماذج مستوحاة من الفريسة-والمفترس. هذا فقط ما اعرفة، وانا بعيد عن الاحياء، ولكن في الاحياء اكثر من ذلك، هناك تنافس جنسي، وتنافس اجتماعي، وخاصة مع تعلم البشر التحدث، وهذا حدث منذ 40 الف عام، هذا غير اشياء كثيرة.... المهم البشر هم انجح الكائنات الحية، والعقل البشري معقد، شديد التعقيد، ولكن لم يتم خلقة، ببساطة نحن نشاهد زيادة حجم المخ مع الزمن: https://www.il7ad.org/vb/picture.php...5&pictureid=49 شاهد حجم المخ زاد مع الزمن، قديما كان حجم المخ اقل من الشيمبانزي الحالي، وكانت قدرات كائن مثل اردي، اقل من الشيمبانزي الموجود حاليا... ببساطة من يتحجج بعدم امكانية تعقل كيف يظهر عقل البشر مع الزمن، هو لم يدرس النظريات الحديثة ويحاول نقد النظريات العلمية باسلوب عقلي وهذا لا يصح، فالعلوم ليست عقلية مثل الرياضيات، وهناك اشياء لا يمكن تخيلها عقليا، ولكنها حقيقية او واقع... العلوم ليست عقلية، ولكن تجريبية، ولا تنخدعوا بكلام المؤمنين عن الرياضيات والخلط بينها وبين العلوم... تحياتي https://www.il7ad.org/vb/picture.php...&pictureid=463 |
| الساعة الآن 03:03 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd
diamond
.::♡جميع المشاركات والمواضيع المكتوبة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ,, ولاتعبر عن وجهة نظر إدارة المنتدى ♡::. 